المصاحف

 مصاحف روابط 9 مصاحف  // / //

ب اوه

نوشيرك بريد /الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟ /وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام  /المقحمات ا. /قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا/ المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر / /ُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما /ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022

تذكرة الحفاظ/الطبقة الخامسة عشرة والسادسة عشرة

 

الطبقة 15.

تذكرة الحفاظ/الطبقة الخامسة عشرة

الطبقة الخامسة عشرة

وعدتهم أربعون حافظًا: [1]

1033- 1/15

ابن ماكولا

الأمير الكبير الحافظ البارع أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علي بن محمد بن دلف بن الأمير الجواد أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي الجرباذقابي ثم البغدادي مصنف الإكمال وغير ذلك، وعجل بطن من بكر بن وائل ثم من ربيعة أخي مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

قال: ولدت في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة بعكبرا؛ سمع بشرى بن عبد الله الفاتني وعبيد الله بن عمر بن شاهين وأبا طالب بن غيلان وأبا الطيب الطبري وأبا منصور محمد بن محمد السواق وأحمد بن محمد العتيقي وأبا بكر بن بشران وعبد الصمد بن محمد بن مكرم وخلائق ببغداد، وأبا القاسم الحنائي وطبقته بدمشق، وأحمد بن القاسم بن ميمون المصري بمصر، وسمع بما وراء النهر وخراسان والجبال والجزيرة والسواحل ولقي الحفاظ والأعلام.

حدث عنه أبو بكر الخطيب شيخه والفقيه نصر المقدسي وأبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي ومحمد بن عبد الواحد الدقاق وشجاع الذهلي والحميدي ومحمد بن طرخان التركي وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي وأبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي وعلي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب وآخرون.

أخبرنا الحافظ أبو الحجاج القضاعي أنه قرأ بالثغر على محمد بن عبد الخالق الأموي: أخبرك علي بن المفضل الحافظ أنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ أنا أبو الغنائم النرسي الحافظ أنا أبو نصر علي بن هبة الله العجلي الحافظ -ولم أسمع منه غيره- حدثني أبو بكر أحمد بن مهدي نا أبو حازم العبدوي نا أبو عمرو بن مطر نا إبراهيم بن يوسف الهسنجاني نا أبو الفضل صاحب أحمد بن حنبل نا زهير بن حرب نا يحيى بن معين نا علي بن المديني نا عبيد الله بن معاذ نا أبي نا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة عن عائشة قالت: كن أزواج النبي ﷺ يأخذن من رءوسهن حتى يكون كالوفرة.

أنبأنيه عبد الواسع الأبهري نا أبو إسحاق بن الخشوعي نا أبو القاسم الحافظ نا أبو القاسم النسيب نا أبو بكر الخطيب، فذكره. قلت: هو أحمد بن مهدي، وزاد في آخره: قال الهسنجاني: نا عبيد الله بن معاذ، فذكره. قال الخطيب: ورواه محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل عن إبراهيم بن يوسف عن الفضل بن زياد عن أحمد.

وأنا المؤمل بن محمد وابن علان قالا: أنا الكندي أنا السيناني أنا أبو بكر الخطيب قال: كتب إلي أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني من مصر وحدثني أبو نصر علي بن هبة الله عنه أنا أحمد بن محمد بن الأزهر السمناوي أنا أحمد بن يعلى بن عيسى الوشاء أنا موسى بن عيسى بالرملة -بغدادي- سنة خمسين ومائتين نا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله، ﷺ: "إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن فيقول: من أبكى هذا اليتيم الذي واريت والديه تحت الثرى، من أسكته فله الجنة". قال الخطيب: منكر جدًّا ورجاله معروفون سوى موسى فإنه مجهول.

قلت: هو واضعه. قال شيرويه في طبقاته: كان الأمير يعرف بالوزير سعد الملك بن ماكولا، قدم رسولا مرارًا، سمعت منه وكان حافظًا متقنًا عني بهذا الشأن، ولم يكن في زمانه بعد الخطيب أحد أفضل منه، حضر مجلسه الكبار من شيوخنا وسمعوا منه. وقال الحافظ بن عساكر: وزر أبوه للقائم أمير المؤمنين وولي عمه قضاء القضاة ببغداد وهو الحسين بن علي. قال: ولدت في شهر شعبان سنة إحدى وعشرين. قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب، وقال: حتى أكشفه، وما راجعت بن ماكولا في شيء إلا وأجابني حفظًا كأنه يقرأ من كتاب.

قال أبو الحسن محمد بن مرزوق: لما بلغ الخطيب أن بن ماكولا أخذ عليه في كتابه "المؤتنف" وصنف في ذلك تصنيفًا وحضر عنده بن ماكولا سأله الخطيب عن ذلك فأنكر ولم يقر وأصرّ وقال: هذا لم يخطر ببالي؛ وقيل: إن التصنيف كان في كمه فلما مات الخطيب أظهره وهو الكتاب الملقب بمستمر الأوهام. قلت: ملكته وهو كتاب نفيس يدل على تبحر بن ماكولا وإمامته. قال بن طاهر: سمعت أبا إسحاق الحبال يمدح أبا نصر بن ماكولا ويثني عليه ويقول: دخل مصر في زي الكتبة فلم نرفع به رأسًا، فلما عرفناه كان من العلماء بهذا الشأن.

قال السمعاني: كان بن ماكولا لبيبًا حافظًا عارفًا يرشح للحفظ حتى كان يقال له الخطيب الثاني، وكان نحويًّا مجودًا وشاعرًا مبرزًا جزل الشعر فصيح العبارة صحيح النقل ما كان في البغداديين في زمانه مثله، طاف الدنيا وأقام ببغداد. قال بن النجار في ترجمة بن ماكولا: أحب العلم من الصبا وطلب الحديث وأتقن الأدب، وله النظم والنثر والمصنفات، نفذه المقتدي بالله رسولا إلى سمرقند وبخارى لأخذ البيعة له على ملكهما طمغان الخان. قال هبة الله بن المبارك بن الدواتي: اجتمعت بالأمير بن ماكولا فقال لي: خذ جزأين من الحديث فاجعل متون هذا الجزء لأسانيد الجزء الآخر ومتونه لأسانيد الأول حتى أرده إلى حالته الأولى. قال أبو طاهر بن سلفة: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب فقال: جبل لا يسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع إلى كتابه.

وأخبرنا أبو علي بن الخلال أنا جعفر أنا السلفي قال: سألت شجاعًا الذهلي عن بن ماكولا فقال: كان حافظًا فهمًا ثقة صنف كتابًا في علم الحديث. وقال مؤتمن الساجي: لم يلزم بن ماكولا طريق أهل العلم فلم ينتفع بنفسه.

قال بن عساكر: سمعت إسماعيل بن السمرقندي يذكر أن بن ماكولا كان له غلمان أتراك أحداث فقتلوه بجرجان سنة نيف وسبعين وأربعمائة. وقال بن ناصر: قتل الحافظ بن ماكولا وقد كان سافر نحو كرمان ومعه مماليكه الأتراك فقتلوه وأخذوا ماله في سنة خمس وسبعين وأربعمائة؛ هكذا نقل بن النجار. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت بن ناصر يقول: قتل بن ماكولا بالأهواز إما في سنة ست أو سبع وثمانين وأربعمائة. وقال السمعاني: خرج من بغداد إلى خوزستان وقتل هناك بعد الثمانين.

وقال أبو الفرج بن الجوزي في المنتظم: قتل سنة خمس وسبعين وقيل: سنة ست وثمانين. وقال غيره: قتل في سنة تسع وسبعين؛ وقيل: في سنة سبع وثمانين بخوزستان، حكى هذين القولين القاضي بن خلكان.

ومن شعره:

قوض خيامك عن دار أهنت بها وجانب الذل إن الذل مجتنب

وارحل إذا كانت الأوطان مضيعة فالمندل الرطب في أوطانه حطب

وله:

ولما توافقنا تباكت قلوبنا فممسك دمع يوم ذاك كساكبه

فيا كبدي الحرى ألبسي ثوب حسرة فراق الذي تهوينه فد كساك به

قلت: يعز وقوع حديث الأمير بن ماكولا، سمعت من عدة وأجازوا لنا عن أبي الحسن بن المقير، وأنبئونا عن الحافظ أبي محمد بن الأخضر، كلاهما عن محمد بن ناصر الحافظ عن كتاب أبي نصر الأمير إليه "ح" وأنبأنا أحمد بن سلامة أنبأنا الأرتاحي أنبأنا أبو الحسن بن الفراء عن بن ماكولا أنا مظفر بن الحسن الهمذاني سبط بن لال أنا جدي أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ أنا محمد بن علي بن الشاه نا أبو بكر محمد بن إبراهيم البغدادي بأنطاكية نا محمد بن عبد الرحمن بن بحير الحميري بمصر أنا خالد بن نجيح نا سفيان الثوري عن بن جريج عن فافاه عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة عن النبي ﷺ قال: "لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا". [2]

قال الشيرازي: فافاه هو أبو معاوية الضرير؛ وقال الأمير: بل هو إسماعيل الكندي شيخ لبقية. وأما الحديث ففي صحيح البخاري عن آدم وعلي في الجنائز والرقاق عن شعبة، ووقع لنا متصلا عاليًا في كتاب الألقاب للشيرازي، ووقع لنا أعلى بخمس درج أيضًا حتى كأني رويته عن الشيرازي.

134- 2/15

بن خيرون

الحافظ العالم الناقد، أبو الفضل أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون البغدادي بن الباقلاني.

سمع أبا علي بن شاذان وأبا بكر البرقاني وأحمد بن عبد الله بن المحاملي وأبا عمر بن دوست العلاف وأبا القاسم الحرفي وأبا القاسم بن بشران وأبا يعلى أحمد بن عبد الواحد وخلائق بعدهم حتى سمع من أقرانه، أجاز له أبو الحسين بن المتيم وأبو الحسن بن الصلت الأهوازي وطائفة تفرد بإجازتهم، روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب وأبو علي بن سكرة وأبو عامر العبدوي وأبو القاسم بن السمرقندي وإسماعيل بن محمد الحافظ وأبو بكر القاضي وإسماعيل بن سعد الصوفي وأبو الفضل بن ناصر وعبد الوهاب الأنماطي وأبو الفتح بن البطي وخلق كثير.

ذكره السمعاني فقال: ثقة عدل متقن واسع الرواية كتب بخطه الكثير وكان له معرفة بالحديث، سمعت أبا منصور بن خيرون يقول: كتب عمي أبو الفضل عن بن شاذان ألف جزء. سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: ما رئي مثل أبي الفضل بن خيرون لو ذكرت له كتبه وأجزاءه التي سمعها يقول لك عمن سمع وبأي طريق سمع، وكان يذكر الشيخ وما يرويه وما ينفرد به.

وقال أبو منصور: كتبوا مرة لعمي: الحافظ، فغضب وضرب عليه وقال: من أنا حتى يكتب لي: الحافظ. قلت: وأقرأ الناس بالروايات وكان تلا على أبي العلاء الواسطي وعلي بن طلحة البصري وغيرهما. قرأ عليه بن أخيه أبو منصور مؤلف "المفتاح" وأبو علي بن سكرة.

وكان يقال: هو في زمانه كيحيى بن معين في زمانه؛ إشارة إلى كلامه في شيوخ العصر جرحًا وتعديلًا مع الإنصاف. قال أبو طاهر السلفي: كان كيحيى بن معين في وقته. وقد ذكرت في "ميزان الاعتدال" كلام بن طاهر فيه بكلام مردود وأنه كان يلحق بخطه أشياء في تاريخ الخطيب وبينا أن الخطيب أذن له في ذلك وخطه فمشهور وهو بمنزلة الحواشي فكان ماذا؟

توفي في رجب سنة ثمان وثمانين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة وشهر.

وفيها مات شيخ العراق المسند الإمام رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي رئيس الحنابلة في جمادى الأولى عن ثمان وثمانين سنة، روى عن بن المتيم وطبقته، والعلامة شيخ المعتزلة أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني ببغداد وقد سمع قبل الأربعمائة وتفسيره في أكثر من ثلاثمائة مجلد، وأبو القاسم الفضل بن أبي حرب أحمد بن محمد الجرجاني ثم النيسابوري عنده بن محمش، ومقرئ المغرب أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري الشاعر، وأبو سعيد بن محمد بن علي بن أبي صالح البغوي الدباس من رواة الترمذي، وقاضي القضاة العلامة الصالح أبو بكر محمد بن المظفر الشامي الحموي ببغداد عن ثمان وستين سنة، ومسند هراة أبو سهل نجيب بن ميمون الواسطي راوية أبي علي الخالدي، والحافظ أبو عبد الله الحميدي.

أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل أنا الإمام عبد الله بن أحمد قال: قرأت على محمد بن عبد الباقي أخبركم أحمد بن الحسن بن خيرون أنا الحسن بن أحمد بن شاذان أنا عبد الله بن إسحاق الخراساني نا أحمد بن عبيد نا علي بن عاصم وعبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن نبيشة الخير قال: قال رسول الله، ﷺ: "أنا كنا نهيناكم أن تأكلوا لحومها فوق ثلاث حتى تسعكم، وقد جاء الله بالسعة فكلوا وادخروا الآن، وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله، عز وجل". [3] ليس لنبيشة الهذلي في الصحيح سواه، رواه مسلم عن بن نمير عن بن علية عن الحذاء فقال: عن أبي قلابة عن أبي المليح الهذلي ولا تأثير لهذة العلة فإنه في الصحيح أيضًا من طريق هشيم عن الحذاء عن أبي المليح نفسه، وقال: لقيت أبا المليح فحدثني به كذلك، وأخرجه النسائي أيضًا.

1035- 3/15

الحسيني

الحافظ الإمام الشريف المعظم المرتضى أبو المعالي ذو الشرفين، محمد بن محمد بن زيد بن علي العلوي البغدادي نزيل سمرقند.

سمع أبا القاسم الحرفي وأبا علي بن شاذان وأحمد بن عبد الله المحاملي وطلحة بن الصقر وأبا بكر البرقاني وعبد الملك بن بشران ومحمد بن عيسى الهمذاني وخلقًا، وتخرج بالخطيب ولازمه.

حدث عنه جعفر بن محمد المستغفري شيخه والخطيب ويوسف بن أيوب الهمذاني وزاهر بن طاهر المستملي وهبة الله بن سهل السندي وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحيري وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب، حدث هذا عنه بالإجازة، وخاتمة من سمع منه هو أبو المعالي المديني الخطيب.

قال أبو سعد السمعاني: هو أفضل علوي في عصره، له المعرفة التامة بالحديث وكان يرجع إلى عقل وافر ورأي صائب برع بالخطيب في الحديث نقل عنه الخطيب أظن في كتاب البخلاء، رزق حسن التصنيف وسكن في آخر عمره سمرقند ثم قدم بغداد وأملى بها وحدث بأصبهان ثم رد إلى سمرقند.

سمعت يوسف بن أيوب الزاهد يقول: ما رأيت علويًّا أفضل منه وأثنى عليه وكان من الأغنياء المذكورين، وكان كثير الإيثار ينفذ في العام إلى جماعة من الأئمة الألف دينار والخمسمائة دينار وأكثر إلى كل واحد فربما بلغ ذلك عشرة آلاف دينار، ويقول: هذا زكاة مالي وأنا غريب ففرقوا على من تعرفون استحقاقه وكل من أعطيتموه فاكتبوا له خطًّا وأرسلوه حتى أعطيه من عشر الغلة. قال: وكان يملك قريبًا من أربعين قرية خالصة له بنواحي كش وله في كل قرية وكيل أمين من رئيس بسمرقند. هكذا ذكر السمعاني وقد بالغ وهذا نظير ملك كبير.

ثم قال: وسمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك وكان من أصحاب الشريف، وسمعته يقول: إن الشريف أنشأ بستانًا عظيمًا فطلب صاحب ما وراء النهر الخاقان خضر أن يحضر دعوته في البستان فقال الشريف لحاجب الخاقان: لا سبيل إلى ذلك، فألح عليه فقال: لكن لا أحضر ولا أهيئ له آلة الفسق والفساد ولا أعصي الله، فغضب الملك وأراد أن يمسكه فاختفى عند وكيل له نحوًا من شهر فنودي عليه في البلاد فلم يظفروا به ثم أظهروا ندمًا على ما فعلوا ليطمئن وألح عليه أهله في الظهور فجلس على ما كان مدة ثم إن الملك نفذ إليه ليشاوره في أمر، فلما حصل عنده أخذه وسجنه واستأصل أمواله وضياعه فصبر وحمد الله، وقال: من يكون من أهل بيت رسول الله ﷺ لا بد أن يبتلى وأنا ربيت في النعمة وكنت أخاف أن يكون وقع خلل في نسبي، فلما وقع هذا فرحت وعلمت أن نسبي متصل.

قال لي أبو المعالي: فسمعنا أنهم منعوه من الطعام حتى مات جوعًا، وهو من ولد زين العابدين علي بن الحسين، . قال السمعاني: قال أبو العباس الجوهري: رأيت السيد المرتضى بعد موته وهو في الجنة وبين يديه طعام وقيل له: ألا تأكل؟ قال: لا حتى يجيء ابني فإنه غدًا يجيء، فانتبهت وذلك في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين، فقتل ولده أبو الرضى في ذلك اليوم. وكان مولد السيد المرتضى في سنة خمس وأربعمائة.

قال: واستشهد بعد سنة ست وسبعين وقيل: في سنة ثمانين، قتله الخاقان خضر بن إبراهيم، وكان السيد قد قدم إلى القائم بأمر الله رسولا من الخاقان قلت: وقع لي من تصانيفه كتاب "فرحة المتعلم" سمعناه عاليًا.

أخبرنا محمد بن هبة الله أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد أنا أبو الأسعد بن القشيري أنا أبو المعالي محمد بن محمد الحسيني الحافظ أنا الحسن بن أحمد الفارسي أنا محمد بن العباس بن نجيح أنا عبد الملك بن محمد أنا بشر بن عمر وسعيد بن عامر قالا: نا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: أتيت رسول الله ﷺ وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير.

1036- 4/15

بن مردويه الصغير

هو الحافظ الإمام المفيد أبو بكر أحمد بن محمد بن الحافظ الكبير أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني، أحد شيوخ السلفي.

لم يلحق جده وسمع أبا بكر بن أبي علي وابن عبدكويه وأبا نعيم. توفي بعد السبعين وأربعمائة في سنة ثمان، .

1037- 5/15

بن سمكويه

الإمام الحافظ المفيد، أبو الفتح محمد بن أحمد بن عبد الله بن سمكويه الأصبهاني، نزيل هراة.

أكثر وحصل الأصول، ورحل وسمع ببغداد من أبي محمد الخلال وطبقته، وبنيسابور من أبي حفص بن مسرور وطبقته، وبأصبهان من أصحاب بن المقرئ، وبشيراز من الحافظ أبي بكر بن أبي علي، وبسمرقند من مسندها بن شاهين السمرقندي؛ وصنف في الأبواب، مولده سنة تسع وأربعمائة وكان صالحًا ناسكًا يتبرك بدعائه.

روى عنه إسماعيل بن محمد الحافظ وأبو عبد الله الدقاق فقال في رسالته: كان لابن سمكُويه الكثرة الوافرة في كتب الحديث، ووهمه أكثر من فهمه، خرج إلى نيسابور بصحبة عبد العزيز النخشبي ثم رحل إلى ما وراء النهر وأقام بهراة سنين يورق صادفته بها وبيني وبينه ما كان من الحقد والحسد. قلت: توفي بنيسابور في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين السنة التي مات فيها الحبال.

1038- 6/15

الحكاك

الحافظ الإمام المفيد أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمي المكي، ويعرف بابن الحكاك.

سمع أبا ذر الهروي وأبا بكر محمد بن إبراهيم الأردستاني وأبا الحسن بن صخر وأبا نصر السجزي وطبقتهم، وببغداد بن النقور وطبقته، وخرج لابن النقور أربعة أجزاء.

قال بن النجار: كان موصوفًا بالمعرفة والحفظ والإتقان والفقه والصدق وكان يترسل من أمير مكة بن أبي هاشم إلى الخلفاء والملوك ويتولى قبض الأموال منهم ويحمل كسوة البيت. روى عنه إسماعيل بن السمرقندي وابن ناصر وصالح بن شافع الجيلي وأبو الفتح بن البطي ويحيى بن عبد الباقي الغزال.

قال السلفي: سمعت أبا الحسين بن الطيوري قال: سألت الخطيب عند قدومه من حجه: أرأيت هناك من يقيم الحديث؟ قال: لا، إلا شابًّا يقال له جعفر بن الحكاك. وقال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن جعفر بن الحكاك فقال: صحب أبا نصر السجزي وأبا ذر وكان ذا معرفة. وقال اليونارتي: كان من الفضلاء الأثبات. وقال عبد الوهاب الأنماطي: ثقة مأمون. وقال أبو علي الصدفي: قرأت عليه ببغداد كثيرًا وكان يفهم الحديث جيدًا. ولد سنة ست عشرة، ومات في صفر سنة خمس وثمانين وأربعمائة ببغداد أرخه شجاع، يكتب حديثه من مشيخة أبي الفتح بن البطي.

أخبرنا القاسم بن محمد الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم أنا عبد اللطيف بن عبد الوهاب أنا محمد بن عبد الباقي أنا جعفر بن يحيى التميمي الحكاك نا محمد بن الحسين نا محمد بن أحمد بن عبد الله نا إسحاق الدبري نا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أخبرني عبيد الله عن بن عباس أن رسول الله ﷺ خرج في شهر رمضان من المدينة معه عشرة آلاف من المسلمين حتى بلغ الكديد وهو ما بين عسفان وقديد، فأفطر وأفطر المسلمون معه فلم يصوموا من بقية رمضان شيئًا. أخرجاه من حديث عبد الرزاق.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم الطائي في سنة ثلاث وتسعين وستمائة عن أبي اليمن الكندي أنا محمد بن ناصر الحافظ أنا جعفر بن يحيى الحكاك أنا أبو الحسن محمد بن علي بن محمد الأزدي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة بمكة نا عمر بن سيف نا محمد بن دليل نا عبد الله بن خبيق قال: قال بشر بن الحارث: النظر في وجه الظالم غيظ والأحمق سخنة العين والبخيل قساوة القلب.

1039- 7/15

هبة الله بن عبد الوارث بن علي

الحافظ المفيد الجوال، أبو القاسم الشيرازي.

سمع بخراسان والعراق والحرمين واليمن ومصر والشام والجزيرة وفارس والجبال، وحدث عن أبي بكر محمد بن الحسن بن الليث الشيرازي وأحمد بن عبد الباقي بن طوق الموصلي وأبي جعفر بن المسلمة وعبد الرزاق بن شمة وأحمد بن الفضل الباطرقاني وطبقتهم، وصنف تاريخ شيراز.

قال السمعاني: كان ثقة صالحًا خيرًا كثير العبادة مشتغلا بنفسه خرج وأفاد واستفاد، انتفع الطلبة بصحبته وبقراءته، قدم بغداد في سنة سبع وخمسين، روى لنا عنه أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب المروزي وعمر بن أحمد بن الصفار وأحمد بن ياسر المقرئ وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني وإسماعيل بن محمد الحافظ وأبو بكر اللفتواني وغيرهم، سكن في الآخر مرو حتى مات. قال بن عساكر: حدث عنه الفقيه نصر المقدسي وغيث بن علي وهبة الله بن طاوس وأبو نصر اليونارتي.

ثم قال: نا بن طاوس نا هبة الله الشيرازي نا أبو زرعة أحمد بن يحيى الخطيب بشيراز إملاء نا الحسن بن سعيد المطوعي المقرئ نا أبو مسلم الكجي، فذكر حديثًا.

قال عبد الغافر في تاريخه: هو شيخ عفيف صوفي فاضل، طاف البلاد وسمع الكثير وخطه مشهور، وكان كثير الفوائد؛ قال محمد بن محمد الفاشاني: كنت إذا مضيت إلى أبي القاسم هبة الله بالرباط أخرجني إلى الصحراء وقال: اقرأ هنا فالصوفية يتبرمون ممن يشتغل بالعلم والحديث، يقولون: يشوشون علينا أوقاتنا.

قال أبو الفتيان الدهستاني: مات هبة الله بمرو سنة ست وثمانين وأربعمائة. وقال اليونارتي: مات في شهر رمضان سنة خمس وثمانين مبطونًا. وقال مؤتمن الساجي: بذل نفسه في طلب الحديث جدًّا، أخرجت له جزأين في صلاة الضحى ففرح بهما شديدًا. قال الفاشاني: قام ليلة موته سبعين مرة أو أقل، كل نوبة يغتسل في النهر إلى أن مات على طهارة.

1040- 8/15

مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبد الله بن أحمد

الحافظ الفقيه الرحال، أبو سعيد السجزي الركاب صاحب المصنفات.

سمع بسجستان من علي بن بشرى الليثي وأبي سعيد عثمان النوقاتي، وبهراة من محمد بن عبد الرحمن الدباس وسعيد بن العباس القرشي ومنصور بن محمد بن محمد الأزدي، وبنيسابور من أبي حسان محمد بن أحمد المزكي وأبي سعيد النصروي وأبي حفص بن مسرور، وببغداد من أبي طالب بن غيلان وأبي محمد الخلال وأبي القاسم التنوخي، وبأصبهان من بن ريذة صاحب الطبراني وخلق كثير.

حدث عنه محمد بن عبد العزيز العجلي وعبد الواحد بن الفضل الطوسي وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي وأبو الأسعد بن القشيري وطائفة وأبو بكر الخطيب شيخه.

قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: لم أر في المحدثين أجود إتقانًا ولا أحسن ضبطًا منه. وقال بن النجار: قدم مسعود السجزي بغداد فسمع من بشرى الفاتني -وذكر جماعة- سمع منه الصوري شيخه. وقال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي: كان متقنًا ورعًا قصير اليد، زجى عمره كذلك إلى أن ارتبطه نظام الملك ببيهق مدة ثم بطوس للاستفادة منه. وقال أحمد بن ثابت الطرقي: سمعت بن الخاضبة يقول: كان مسعود قدريا سمعته يقرؤها: "فحج آدم موسى" بالنصب. قال المؤتمن: كان يرجع إلى هداية وإتقان وحسن ضبط. قلت: توفي في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وأربعمائة.

أخبرنا أحمد بن محمد المفيد أنا يوسف بن خليل ثنا مسعود بن أبي منصور نا الحسن بن أحمد المقرئ أنا مسعود بن ناصر الركاب أنا عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد النوقاتي أنا أبي أبو عمر نا أبو بكر محمد بن إبراهيم الخياط نا أحمد بن محمد بن ياسين نا أبو غياث نا أحمد بن محمد بن دينار النيسابوري عن أزهر السمان عن بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "تفكهوا وكلوا البطيخ؛ فإن حلاوتها من الجنة". هذا حديث منكر لم يحدث به أزهر أصلا.

1041- 9/15

الحميدي

الحافظ الثبت الإمام القدوة، أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد بن يصل الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي الظاهري.

وميورقة جزيرة تجاه شرق الأندلس، سمع بالأندلس ومصر والشام والعراق والحرم وسكن بغداد وكان من كبار تلامذة بن حزم، قال: ولدت قبل سنة عشرين وأربعمائة.

حدث عن بن حزم فأكثر وعن أبي عبد الله القضاعي وأبي عمر بن عبد البر وأبي زكريا عبد الرحيم البخاري وأبي القاسم الحنائي الدمشقي وعبد الصمد بن المأمون وأبي بكر الخطيب وأبي جعفر بن المسلمة وأبي غالب بن بشران الأموي، ولم يزل يسمع ويكثر ويجد حتى كتب عن أصحاب الجوهري وابن المذهب وسمع بأفريقية كثيرًا ولقي بمكة كريمة المروزية أول رحلته، وأول رحلته كانت في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. قال محمد بن طرخان: سمعت الحميدي يقول: كنت أحمل للسماع على الكتف سنة خمس وعشرين وأربعمائة، فأول ما سمعت من الفقيه أصبغ بن راشد وكنت أفهم ما يقرأ عليه وكان تفقه على أبي محمد بن أبي زيد، أصل أبي من قرطبة من محلة تعرف بالرصافة فسكن جزيرة ميورقة فولدت فيها. وقال يحيى بن البناء: كان الحميدي من اجتهاده ينسخ بالليل في الحر، فكان يجلس في إجانة ماء يتبرد به. وقال الحسن بن محمد بن خسرو: جاء أبو بكر بن ميمون فدق على الحميدي وظن أنه قد أذن له، فدخل عليه فوجده مكشوف الفخذ فبكى الحميدي وقال: والله لقد نظرت إلى موضع لم ينظره أحد منذ عقلت.

قال الأمير بن ماكولا: لم أر مثل صديقنا الحميدي في نزاهته وعفته وورعه وتشاغله بالعلم، صنف تاريخ الأندلس. وقال يحيى بن إبراهيم السلماسي: قال أبي: لم تر عيناي مثل الحميدي في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم؛ قال: وكان ورعًا ثقة إمامًا في الحديث وعلله ورواته متحققًا في علم التحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث بموافقة الكتاب والسنة فصيح العبارة متبحرًا في علم الأدب والعربية والترسل، وله كتاب الجمع بين الصحيحين، وتاريخ الأندلس، وجمل تاريخ الإسلام، وكتاب الذهب المسبوك في وعظ الملوك، وكتاب الترسل، وكتاب مخاطبات الأصدقاء، وكتاب حفظ الجار، وكتاب ذم النميمة، وله شعر رصين في المواعظ والأمثال. قال السلفي: سألت أبا عامر العبدري عن الحميدي فقال: لا يرى قط مثله وعن مثله لا يسأل، جمع بين الفقه والحديث والأدب ورأى علماء الأندلس وكان حافظًا. وعن الحميدي قال: صيرني الشهاب شهابًا وهو كان يقصد في سماعه كثيرًا، قال أبو علي الصدفي: كان يدلني على الشيوخ وكان متقللا من الدنيا يمونه بن رئيس الرؤساء ثم جرت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه وكان يبيت عند بن رئيس الرؤساء كل ليلة، وحدثني أبو بكر بن الخاضبة أنه ما سمع يذكر الدنيا قط.

وقال بن طرخان: سمعت الحميدي يقول: ثلاثة كتب من علوم الحديث يجب الاهتمام بها؛ كتاب العلل وأحسن ما وضع فيها كتاب الدارقطني، وكتاب المؤتلف والمختلف وأحسن ما وضع فيه الإكمال للأمير بن ماكولا، وكتاب وفيات المشايخ، وليس فيه كتاب، وقد كنت أردت أن أجمع في ذلك كتابًا فقال لي الأمير: رتبه على حروف المعجم بعد أن ترتبه على السنين. قال بن طرخان: فاشتغل بالصحيحين إلى أن مات. قلت: وقد قبلنا إشارة الأمير وعملنا "تاريخ الإسلام" على ما رسم الأمير. قال الحميدي في تاريخه: أنا أبو عمر بن عبد البر أنا عبد الله بن محمد الجهني بمصنف النسائي قراءة عليه عن حمزة الكناني عنه. قال القاضي عياض: أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الأندلسي الأزدي سمع بميورقة من أبي محمد بن حزم قديمًا وكان يتعصب له ويميل إلى قوله وكان قد أصابته فيه فتنة ولما شدد على بن حزم خرج الحميدي إلى المشرق.

قلت: روى عنه يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد ومحمد بن طرخان وأبو عامر العبدري وإسماعيل بن محمد الطلحي ومحمد بن علي الجلابي والحسين بن الحسن المقدسي وأبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد بن خميس والحافظ محمد بن ناصر وإسماعيل بن السمرقندي وصديق بن عثمان التبريزي وأبو إسحاق بن نبهان الغنوي وأبو الفتح محمد بن البطي وشيخه أبو بكر الخطيب وآخرون. وكان صاحب حديث كما ينبغي علمًا وعملًا وكان ظاهريًّا ويسر ذلك بعض الإسرار. مات في سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وأمهم عليه الإمام أبو بكر الشاشي بجامع القصر ودفن بمقبرة باب أبرز بقرب قبر الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ثم إنهم نقلوه بعد سنتين إلى مقبرة باب حرب فدفن عند بشر الحافي. ونقل الحافظ بن عساكر أن الحميدي كان أوصى إلى الأجل مظفر بن رئيس الرؤساء أن يدفنه عند بشر فخالف وصيته، فلما كان بعد مدة رآه في النوم يعاتبه على تفوح، فنقله في صفر سنة إحدى وتسعين وكان كفنه جديدًا وبدنه طريًّا تفوح منه رائحة الطيب، رحمة الله عليه. ووقف كتبه.

قرأت على أبي الفهم بن أحمد السلمي أخبركم أبو محمد بن قدامة، وقرأت على أبي سعيد الحلبي أخبركم عبد اللطيف بن يوسف قال: أنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي أنا محمد بن أبي نصر الحافظ سنة خمس وثمانين وأربعمائة أنا أبو القاسم منصور بن النعمان بمصر بقراءتي ثنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق لفظًا ثنا علي بن عبد الحميد الغضائري -وهو آخر من حدث عن الغضائري- أنا عبد الله بن معاوية الجمحي نا الحماد أن حماد بن سلمة وحماد بن زيد قالا: نا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله، ﷺ: "تسحروا؛ فإن في السحور بركة". أخرجه بن ماجه من طريق حماد بن زيد، وهو غريب من حديث حماد بن سلمة، وهو في صحيح مسلم من طريق بن علية وغيره عن عبد العزيز.

ومن شعر الحميدي:

طريق الزهد أفضل ما طريق وتقوى الله بادية الحقوق

فثق بالله يكفك واستعنه يعنك وذر بنيات الطريق

وله:

لقاء الناس ليس يفيد شيئا سوى الهذيان من قيل وقال

فاقلل من لقاء الناس إلا لأخذ العلم أو إصلاح حال

وله:

كلام الله عز وجل قولي وما صحت به الآثار ديني

وما اتفق الجميع عليه بدءا وعودا فهو عن حق مبين

فدع ما صد عن هذا وخذها تكن منها على عين اليقين

1042- 10/15

بن مفوز

الحافظ المجود الإمام أبو الحسن طاهر بن مفوز بن أحمد بن مفوّز المعافري الشاطبي، تلميذ أبي عمر بن عبد البر: أكثر عنه، وكان من أثبت الناس فيه وأنقلهم عنه، وسمع من أبي العباس بن دلهاث وأبي الوليد الباجي وأبي شاكر الخطيب وأبي الفتح السنكتي السمرقندي وطبقتهم، وسمع بقرطبة من حاتم بن محمد وأبي مروان بن حيان وكان موصوفًا بالذكاء وسعة العلم، شهر بحفظ الحديث وإتقانه وكان حسن الخط كثير الضبط ذا فضل وورع وصيانة ووقار وتقوى، وأما أخوه عبد الله فكان زاهد زمانه بالأندلس. مولد طاهر في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، حدث عنه الحافظ أبو علي بن سكرة وغيره، وكانت وفاته في رابع شعبان سنة أربع وثمانين وأربعمائة، .

1043- 11/15

طاهر النيسابوري

الحافظ أبو محمد، ويقال اسمه: عبد الصمد بن أحمد بن علي السليطي.

ولد بالري ونشأ بها وطلب الحديث وكتب بخطه المضبوط الجيد ما لا يوصف. سمع أبا عبيد صخر بن محمد الطوسي بالري وعبد الكريم بن أحمد المطري بساوة وعبد الملك بن عبد الغفار البصري وخلقًا بهمذان وقدم بغداد فسمع من أبي علي بن المذهب والقاضي أبي الطيب وأبي القاسم التنوخي وانتقى على الجوهري وحدث، روى عنه بن الطيوري وابن بدران الحلواني ومحمد بن الحسين المرزوقي، وسكن همذان ومات بظاهرها. قال شيرويه: كان أحد من عني بهذا الشأن حسن العبارة كثير الرحلة صدوقا جمع شيئًا كثيرًا في سائر العلوم ما رأيت فيمن رأيت أكثر كتبًا وسماعًا منه عاجله الموت. قال يحيى بن منده: هو أحد الحفاظ صحيح النقل يفهم الحديث ويحفظه، قال أبو جعفر محمد بن أبي علي الحافظ: سمعت مسعود بن ناصر السجزي يقول: أشهد أن كل كتاب بغدادي عند عبد الصمد السليطي، كلها غارة ونهب من نهب البساسيري ببغداد لا ينتفع بها دينًا ولا دنيا، قال بن السمعاني: توفي طاهر بهمذان سنة اثنتين وثمانين أربعمائة.

1044- 12/15

بن الخاضب

ة الحافظ الإمام القدوة مفيد بغداد، أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن منصور البغدادي الدقاق.

حدث عن مؤدبه أبي طالب عمر بن محمد بن الدلو، حدثه عن أبي عمر بن حيويه في سنة ست وأربعين وأربعمائة، وحدث عن أبي جعفر بن المسلمة والحافظ عبد الرحيم بن أحمد البخاري والحافظ أبي بكر الخطيب وأبي الحسين بن النقور والصريفيني وأحمد بن علي الدينوري وإمام جامع دمشق عبد الصمد بن محمد بن تميم ومحمد بن مكي بن عثمان الأزدي صادفه ببيت المقدس وأبي الغنائم محمد بن الغراء، وقرأ الكثير وكتب وخرج وأفاد مع الديانة والعبادة وصحة القراءة وحسنها؛ روى عنه أبو علي بن سكرة محمد بن طاهر المقدسي وأبو الفتح بن البطي وآخرون، قال بن سكرة: كان محبوبًا إلى الناس كلهم فاضلا حسن الذكر ما رأيت مثله على طريقته، وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلا أعطاه أو دله عليه، وسمعت أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي الإمام يقول، وذكر شدة أصابته بمطالبة طولب بها وأنه كانت له عند ذلك خلوات يدعو ربه فيها ويناديه فقرأ على مناجاته: ولئن قلت لي يا رب: هل واليت لي وليا؟ أقول: نعم يا رب، أبو بكر بن الخاضبة، ولئن قلت: هل عاديت في عدوا؟ فأقول: نعم، يا رب ولم يسمه؛ قال: فأخبرت بن الخاضبة بقوله فقال: أعز الله الشيخ.

أخبرنا المقداد بن أبي القاسم في كتابه أنبأنا أبو البقاء عبد الله بن الحسين النحوي في كتابه سنة إحدى عشرة وستمائة أنا أبو الفتح بن البطي أنا محمد بن أحمد الحافظ أنا أبو الحسين بن المهتدي بالله ثنا عبيد الله بن محمد نا عبد الله بن محمد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا خالد بن مخلد أنا سليمان بن بلال نا أبو حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله، ﷺ: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخله الصائمون يوم القيامة لا يدخله معه أحد غيرهم، فإذا دخل آخرهم أُغلق". رواه "خ" عن خالد بن مخلد و"م" عن بن أبي شيبة.

أخبرنا أبو محمد بن محمد الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم أنا عبد اللطيف الطبري أنا بن البطي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي نا أحمد بن علي بن ثابت نا بن أبي الفوارس نا الحسين بن أحمد الهروي الصفار قال: كنت يومًا عند الشبلي فسأله بعض المتصوفة: الرجل يسمع قولا فلا يفهمه فيتواجد عليه؟ فأنشأ يقول:

رب ورقاء هتوف بالضحى ذات شجو صدحت في فنن

فبكائي ربما أرقها وبكاها ربما أرقني

ولقد أشكو فما أفهمها ولقد تشكو فما تفهمني

غير أني بالجوى أعرفها وهي أيضًا بالجوى تعرفني

قال أبو سعد بن السمعاني: نسخ بن الخاضبة صحيح مسلم بالأجرة سبع مرات.

قال بن طاهر: ما كان في الدنيا أحد أحسن قراءة للحديث من بن الخاضبة في وقته، لو سمع بقراءته إنسان يومين لما مل قراءته. قال السلفي: سألت أبا الكرم خميسًا الحوزي عن بن الخاضبة فقال: كان علامة في الأدب قدوة في الحديث جيد اللسان جامعًا لخلال الخير ما رأيت ببغداد من أهلها أحسن قراءة للحديث منه ولا أعرف بما يقوله. قال بن النجار: كان بن الخاضبة ورعًا تقيًّا زاهدًا ثقة محبوبًا إلى الناس روى اليسير. وقال علي بن محمد الفصيحي: ما رأيت في أصحاب الحديث أقوم باللغة من بن الخاضبة. وقال السلفي: سألت أبا عامر العبدري عنه فقال: كان خير موجود في وقته، وكان لا يحفظ إنما يعول على الكتب. وقال بن طاهر: سمعت بن الخاضبة، وكنت ذكرت له أن بعض الهاشميين حدثني بأصبهان أن أبا الحسين بن المهتدي بالله يرى الاعتزال، فقال: لا أدري ولكن أحكي لك، لما كان سنة الغرق وقعت داري على قماشي وكتبي ولم يكن لي شيء وكان عندي الوالدة والزوجة والبنات فكنت أنسخ وأنفق عليهن، فأعرف أني كتبت صحيح مسلم في تلك السنة سبع مرات، فلما كان ليلة من الليالي رأيت كأن القيامة قامت ومنادٍ ينادى: أين بن الخاضبة؟ فأحضرت فقيل لي: ادخل الجنة، فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجلي على الأخرى وقلت: استرحت والله من النسخ، فرفعت رأسي فإذا ببغلة في يد غلام فقلت: لمن هذه؟ قال: للشريف أبي الحسين الغريق، فلما أصبحت نعي إلينا الشريف. قال بن عساكر: سمعت أبا الفضل محمد بن محمد بن عطاف يحكي أنه طلع في بعض بني الرؤساء ببغداد أصبع زائدة، فاشتد ألمه ليلة فدخل عليه بن الخاضبة فمسح عليها وقال: أمرها يسير، فلما كانت تلك الليلة نام وانتبه فوجدها قد سقطت، أو كما قال. توفي بن الخاضبة في ثاني ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة وكانت جنازته مشهودة وختم على قبره ختمات.

وفيها مات المحدث المسند أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد بن الباقلاني الكرخي ببغداد عن ثلاث وسبعين سنة، ومقرئ بغداد أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السمرقندي عن إحدى وثمانين سنة، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن السراج البغدادي، والمحدث القاضي أبو محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني مصنف مناقب الشافعي، والمحدث المفيد أبو منصور عبد المحسن بن محمد بن علي الشيحي السفار، وإمام اللغة بالأندلس أبو مروان عبد الملك بن سراج بن عبد الله الأموي مولاهم القرطبي، ومسند أصبهان ورئيسها أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي شيخ السلفي عن بضع وتسعين سنة، ومسند هراة وزاهدها الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري، وأول سماعه في سنة سبع وأربعمائة، وشيخ المشايخ أبو منصور معمر بن أحمد بن محمد بن أحمد اللنباني الأصبهاني، وفقيه خراسان أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي الحنفي ثم الشافعي عن ثلاث وستين سنة، والعلامة ذو النون أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني الوقشي، ووقش قرية على بريد من طليطلة.

1045- 13/15

الحرمي

نزيل هراة، الإمام القدوة المفيد أبو سعد محمد بن الحسن بن محمد المكي الحافظ.

سمع بمصر من محمد بن الحسين الطفال وأبي الفتح بن باشاذ وعلي بن حمصة الحراني وعلي بن بقاء الوراق، وبمكة أبا نصر السجزي وعبد العزيز بن بندار الشيرازي، وببغداد أبا جعفر بن المسلمة والخطيب وهذه الطبقة، وكان من عباد المحدثين.

قال محمد بن أبي علي الهمذاني: كان أبو سعد الحَرَمي من الأوتاد، لم أر بعيني أحفظ منه.

وقال الواعظ أبو حامد بن الخياط: إن كان لله بهراة أحد من أوليائه فهو هذا، وأشار إلى الحرمي.

مات الحرمي بهراة في شعبان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.

وفيها مات محدث الثغر أبو العباس أحمد بن إبراهيم الرازي بن الخطاب الشافعي ووالد صاحب السداسيات، ومسند أصبهان أبو العباس أحمد بن عبد الغفار بن أشتة الكاتب، ومحدث أصبهان أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن شيرويه الأصبهاني الحافظ عن ست وسبعين سنة، ومحدث دمشق أبو الفرج سهل بن بشر الأسفراييني عن اثنتين وثمانين سنة، ومسند الوقت أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الهاشمي الزينبي النقيب عن ثلاث وتسعين سنة، والمسند أبو الفتح عبد الواحد بن علوان بن عقيل الشيباني ببغداد، ومسند العجم السلار الرئيس أبو الحسن مكي بن منصور بن محمد بن علان الكرجي، والمعمر المسند أبو الحسن هبة الله بن عبد الرزاق بن محمد الأنصاري. سمع من هلال الحفار.

أخبرنا أبو الحسين اليونيني وأبو علي الأمين قالا: أنا أبو الفضل الهمداني أنا أبو طاهر السلفي أنا المؤتمن بن أحمد، سمعت أبا سعد الحرمي الحافظ بهراة يقول: لا يصبر على الخل إلا دوده، يعني: لا يصبر على الحديث إلا أهله.

1046- 14/15

مكي بن عبد السلام بن الحسين

الحافظ الإمام أبو العباس الرميلي المقدسي، أحد الجوالين.

سمع محمد بن يحيى بن سلوان المازني وأبا عثمان بن ورقاء وعبد العزيز بن أحمد النصيبي وعبد العزيز بن الضراب وأبا القاسم بن الحنائي وعبد الباقي بن فارس وأبا جعفر بن المسلمة وأبا الغنائم بن المأمون والحسين بن أحمد الطرابلسي، ورحل إلى مصر ودمشق وطرابلس وبغداد والبصرة والكوفة وواسط والموصل وآمد وميافارقين وغير ذلك، سمع منه هبة الله الشيرازي وعمر الرواس، وحدث عنه محمد بن علي بن محمد المهرجاني بمرو وأبو سعد عمار بن طاهر بهمذان وأبو القاسم بن السمرقندي ببغداد وجمال الإسلام أبو الحسن السلمي وحمزة بن كروس بدمشق وآخرون، مولده في أول سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. قال بن النجار: مكي من الحفاظ ورحل وحصل وكان مفتيًا في مذهب الشافعي سمع بن سلوان.

قال المؤتمن الساجي: كانت الفتاوى تجيئه من مصر ومن الساحل ودمشق، وقيل: إنه شرع في تأليف تاريخ بيت المقدس ولما دخلت الفرنج وملكوا بيت المقدس في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة أسروا الرميلي ونودي عليه في البلاد ليفك بألف دينار لما عرفوا أنه من علماء المسلمين، فلم يفتكه أحد فقتل صبرًا بظاهر أنطاكية وكان صدوقًا متثبتًا يكاد أن يعد من الحفاظ. وقال غيث الأرمنازي: قتلوه بالحجارة في ثاني عشر شوال سنة اثنتين وتسعين عند بيروت. قلت: وقتلوا في بيت المقدس نحوًا من سبعين ألفًا ودام في أيديهم تسعين سنة فافتتحه السلطان صلاح الدين.

وفيها مات مقرئ دمشق أبو البركات بن طاوس عن تسع وسبعين سنة، والمسند أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف، ومسند بلخ أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد الخليلي الدهقان وله مائة سنة وسنة، والعلامة أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي بنيسابور، ومسند مصر القاضي أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي الشافعي عن ثمانٍ وثمانين سنة والمسند أبو الحسن بن أيوب ببغداد.

1047- 15/15

السمرقندي

الحافظ الإمام الرحال، أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن قاسم بن جعفر الكوخميثني.

ولد سنة تسع وأربعمائة وصحب الحافظ جعفر بن محمد المستغفري فأكثر عنه وتخرج به، سمع من عبد الصمد العاصمي وحمزة بن محمد الجعفري، وبنيسابور أبا حفص بن مسرور وأبا عثمان العابوني وأبا سعيد الكنجرودي وببخارى وبلخ، وصنف التصانيف. روى عنه إسماعيل بن محمد التيمي ووجيه الشحامي وهبة الرحمن بن القشيري ومحمد بن جامع خياط الصوف والجنيد القائني وخلق، وأكبر شيخ له منصور الكاغذي.

قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عنه فقال: إمام حافظ سمع وجمع وصنف. وقال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند: الإمام الحافظ قوام السنة أبو محمد السمرقندي نزيل نيسابور، لم يكن في زمانه في فنه مثله في الشرق والغرب، له كتاب بحر الأسانيد في صحاح المسانيد، جمع فيه مائة ألف حديث لو رتب وهذب لم يقع في الإسلام مثله وهو ثمانمائة جزء. وقال عبد الغافر الفارسي: هو عديم النظير في حفظه استوطن نيسابور وهو مكثر عن المستغفري. مات في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وله اثنتان وثمانون سنة، .

أخبرنا إسحاق بن يحيى أنا الحسن بن عباس أنا عبد الواحد بن حمويه أنا وجيه بن طاهر أنا الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أنا أبو طالب حمزة بن محمد الحافظ أنا محمد بن أحمد الحافظ نا أبو صالح الكرابيسي نا صالح بن محمد نا أبو الصلت الهروي نا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن بن عباس عن رسول الله ﷺ قال: "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأتِ عليًّا". هذا الحديث غير صحيح وأبو الصلت هو عبد السلام متهم.

1048- 16/15

البرداني

الحافظ الإمام المتقن، أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسن البغدادي.

ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة، وسمع من أبي طالب بن غيلان وأبي طالب العشاري وأبي إسحاق البرمكي وأبي محمد الجوهري وأبي الحسن القزويني وعبد العزيز بن علي الأزجي وأبي يعلى الفراء وأبي بكر الخطيب وخلق سواهم، وما أظنه رحل. قال السمعاني: كان أحد المبرزين في صنعة الحديث وكان حنبليًّا، استملى للقاضي أبي يعلى.

روى عنه إسماعيل بن محمد الحافظ. قلت: قد جمع مجلدًا في المنامات النبوية وسمعنا منتقاه على الأمين الأسدي عن الساوي عن السلفي عنه، وقد سأله السلفي عن كشف أحوال جماعة فأجاب وأجاد.

قال السلفي: كان أبو علي أحفظ وأعرف من شجاع الذهلي، وكان ثقة نبيلا له مصنفات.

قلت: وحدث عنه أيضًا الوزير علي بن مراد وأحمد بن المقرب. قرأت بخط أبي علي البرداني قال: أنا عثمان بن محمد بن دوست العلاف إجازة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وفيها مات، أنبأ أبو بكر الشافعي، فذكر حديثًا.

مات أبو علي في شوال سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.

وفيها مات محدث أصبهان المفيد الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني لم يلحق جده، والمسند أبو المعالي ثابت بن بندار البغدادي البقال المقرئ، وشيخ الحرم المحدث المفتي أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري عن ثمانين سنة، والشريف المسند أبو الفضل محمد بن عبد السلام بن أحمد الأنصاري، ومسند خراسان أبو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي النيسابوري.

أخبرنا محمد بن أبي بكر الأسدي أنا يوسف بن محمود أنا أحمد بن محمد الحافظ قال: قرأت على أبي علي أحمد بن محمد الحافظ أنا محمد بن عبد الملك أنا الحسين بن عمر أنا حامد بن شعيب نا يحيى بن أيوب العابد نا إسماعيل بن جعفر أخبرني سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أبيه عن بن عباس قال: كشف رسول الله ﷺ الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه فقال: "اللهم هل بلغت -ثلاث مرات- أنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة" الحديث.

1049- 17/15

الغساني

الحافظ الإمام الثبت محدث الأندلس أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الجياني الأندلسي.

ولد في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة وحمل عن حكيم بن محمد الحداني وحاتم بن محمد الأطرابلسي وأبي عمر بن عبد البر وأبي شاكر عبد الواحد الفيري وأبي عبد الله بن عتاب والمحدث أبي عمرو بن الحذاء وسراج بن عبد الله القاضي وأبي الوليد الباجي وأبي العباس بن دلهاث وعدة، ولم يخرج من الأندلس وكان من جهابذة الحفاظ البُصَراء بصيرًا بالعربية واللغة والشعر والأنساب، صنف في ذلك كله، ورحل الناس إليه وعوَّلوا في النقل عليه وتصدر بجامع قرطبة وأخذ عنه الأعلام. قال هذا وأكثر منه خلف بن بشكوال وقال: أنا عنه غير واحد ووصفوه بالجلالة والحفظ والنباهة والتواضع والصيانة.

قال السهيلي في الروض: حدثني أبو بكر بن طاهر عن أبي علي الغساني أن أبا عمر بن عبد البر قال له: أمانة الله في عنقك متى عثرت على اسم من أسماء الصحابة لم أذكره إلا ألحقته في كتابي يعني "الاستيعاب". وقال ابن بشكوال: سمعت الحسن بن مغيث قال: كان أبو علي من أكمل من رأيت علمًا بالحديث ومعرفة بطرقه وحفظًا لرجاله، عانى كتب اللغة وأكثر من رواية الأشعار وجمع من سعة الرواية ما لم يجمعه أحد أدركناه وصحح من الكتب ما لم يصححه غيره من الحفاظ فكتبه حجة بالغة، جمع كتابًا في رجال الصحيحين سماه "تقييد المهمل وتمييز المشكل" وهو كتاب حسن مفيد أخذه الناس عنه.

قال ابن بشكوال: سمعناه على القاضي أبي عبد الله بن الحجاج عنه، لزم بيته مدة لزمانة لحقته. قلت: روى عنه تقييده محمد بن محمد بن الحكم الباهلي شيخ السلفي والعثماني. وممن روى عنه محمد بن أحمد بن إبراهيم الجياني الملقب بالبغدادي وأبو علي بن سكرة الصدفي وأبو العلاء زهر بن عبد الملك الإيادي وعبد الله بن أحمد بن سماك الغرناطي وعبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى الأنصاري الحافظ ويوسف بن يبقى النحوي وخلائق سواهم، آخرهم مسند مراكش محمد بن عبد الله بن خليل القيسي سمع منه هذا صحيح مسلم، وبقي إلى سنة سبعين وخمسمائة. توفي الأستاذ أبو علي في ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.

أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن علي أنا أبو محمد العثماني أنا محمد بن محمد الباهلي أنا أبو علي الغساني أنا حكيم بن محمد نا أبو بكر بن إسماعيل نا أبو القاسم البغوي إملاء بمكة سنة عشر وثلاثمائة، نا هدبة بن خالد حدثنا المبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: "ما تحابّ رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبًّا لصاحبه".

1050- 18/15

عمر بن علي بن أحمد بن الليث بن أحمد بن الليث

أبو مسلم الليثي البخاري الحافظ الجوال.

سمع الكثير ونسخ واستكتب وصنف وجمع، سمع ببخارى من أبي سهل عبد الكريم بن عبد الرحمن الكلاباذي وعلي بن أحمد بن خنباج التميمي ومحمد بن محمد بن حاضر الهراس ويوسف بن منصور السياري الحافظ الصفار وعبد الملك بن علي الإمام وعدة، وبسمرقند المطهر بن محمد الخاقاني ومحمد بن جعفر الطبسي، وبكش عبد العزيز بن أحمد الحلواني، وببلخ أبا عمر محمد بن أحمد المستملي، وبغزنة المحدث المظفر بن حسين وعلي بن محمد اللبّان الدينوري والعيار، وبهراة عطاء بن أحمد وعدة، وببوشنج منصور بن العباس التميمي، وبمرو أبا عمرو محمد بن عبد العزيز القنطري وأبا غانم الكراعي، وبنيسابور بن مسرور وأبا الحسين الفارسي ومحمد بن عبد العزيز الحيري الحافظ وخلقًا، وبأصبهان عبد الرحمن بن منده وطبقته، وبهمذان محمد بن عثمان القومساني، ودخل بغداد سنة ستين فسمع عبد الصمد بن المأمون وأقرانه؛ روى عنه أبو الحسن بن الطيوري وعبد الله بن المجلي وأبو غالب بن البناء.

قال المؤتمن الساجي: كان حسن المعرفة شديد العناية بالصحيح. وقال شجاع الذهلي: كان يحفظ ويفهم ويعرف شيئًا من علم الحديث، وكان قريب الأمر في الرواية.

وقال خميس الحوزي: قال: كتبت وكتب لي عشر رواحل، وأثنى عليه أبو بكر بن الخاضبة. قال أبو زكريا بن منده: هو أحد من يدعي الحفظ إلا أنه كان يدلس وكان متعصبًا لأهل البدع أحول شرهًا وقاحًا كلما هاجت ريح قام معها، وصنف مسند الصحيحين.

كتب إلي أحمد بن سلامة عن خليل بن بدر، سمعت محمد بن عبد الواحد الدقّاق الحافظ يقول: من الحفاظ الذين شاهدتهم أبو مسلم الليثي، قدم علينا أصبهان وكان أحفظ من رأيت للكتابين جمع بين الصحيحين في أربعين مشرسة كل واحدة منها قريبة من مجلد.

وقال شيرويه الديلمي: قدم علينا ولم يقض لي السماع منه وكان يحفظ ويدلس، حدثني عنه أبو القاسم بن النضر، مات بخوزستان سنة ست وستين وأربعمائة. وقال أبو الفضل بن خيرون: مات بالأهواز سنة ثمان وستين، سمعت منه وسمع مني وكان فيه تمايل عن أهل العلم وعجب بنفسه.

1051- 19/15

أبو الفتيان

عمر بن عبد الكريم بن سعدويه بن مهمت الدهستاني الرواسي الحافظ الجوال.

سمع أبا حفص بن مسرور وأبا الحسين الفارسي وأبا عثمان الصابوني وطبقتهم بنيسابور، والقاضي أبا يعلى الحنبلي وابن المسلمة وابن النقور ببغداد، والحافظ أبا مسعود البجلي وغيره بدهستان، وسمع بدمشق ومصر ومرو والجزيرة، وسمع بحران من مبادر بن علي بن مبادر، وصنف وجمع وأكثر جدًّا وكان إمامًا مبرزًا في هذا الفن. روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب وأبو حامد الغزالي وصحح عليه الصحيحين وأبو حفص عمر بن محمد الجرجاني ومحمد بن عبد الواحد الدقاق والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي وهبة الله بن الأكفاني وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ ومحمد بن الحسن الجويني ومحمد بن يحيى فقيه نيسابور وآخرون، وروى عنه السلفي بالإجازة.

خرج من طوس إلى مرو لزيارة الإمام أبي بكر السمعاني وقد كان استدعاه ليأخذ عنه ويستفيد منه فسار فأدركته المنية بسرخس في ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسمائة كما هو مؤرخ على بلاطة قبره.

قال الحافظ أبو جعفر محمد بن علي الهمذاني: ما رأيت في تلك الديار أحفظ من أبي الفتيان، لا، بل في الدنيا كلها، كان كتابًا جوالًا دار الدنيا في طلب الحديث، لقيته بمكة ورأيت الشيوخ يثنون عليه ويحسنون القول فيه، ثم لقيته بجرجان وصار من إخواننا.

قال أبو بكر السمعاني: قال لي إسماعيل بن محمد بن الفضل بأصبهان: كان عمر خريج أبي مسعود البجلي، سمعته يقول: دخل أبو مسعود دهستان فاشترى من أبي رأسًا ودخل المسجد يأكله، فبعثني أبي إليه فقال لي: تعرف شيئًا؟ قلت: لا، فقال لأبي: سلمه إليَّ، فسلمني إليه فحملني إلى نيسابور وأفادني وانتهى أمره إلى حيث انتهى.

قال بن نقطة: سمع غير واحد من أهل العلم أن أبا الفتيان سمع من ثلاثة آلاف شيخ وستمائة شيخ. وقال خزيمة بن علي المروزي الأديب: سقطت أصابع عمر الرواسي في الرحلة من شدة البرد. وقال الدقاق في رسالته: إن عمر حدث بطوس بصحيح مسلم من غير أصله وهذا أقبح شيء عند المحدثين، وحدثني أن مولده بدهستان في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وأنه سمع منه الحافظ هبة الله بن عبد الوارث في سنة ست وخمسين، قال الرواسي: أريد أن أخرج إلى مرو وسرخس على طريقي وقد قيل: إنها مقبرة العلم فلا أدري كيف يكون حالي بها؟ فمات بها. قال بن طاهر وغيره: الرواسي نسبة إلى بيع الرءوس.

قال بن ماكولا: كتب الرواسي عني وكتبت عنه ووجدته ذكيًّا. قال السمعاني: سمعت أحمد بن محمد السرخسي يقول: لما قدم عمر الرواسي حدث بسرخس وأملى فحضره جماعة كثيرة فقال: أنا أكتب أسماء الجماعة على الأصل بخطي، وفي المجلس الثاني إذا حضرت الجماعة أثبت أسماءهم كلهم عن ظهر قلب وما أحتاج أن أسألهم؛ وقيل: كانوا نحوًا من سبعين نفسًا.

قال عبد الغافر بن إسماعيل: عمر الرواسي مشهور عارف بطرق الحديث كتب الكثير وجمع الأبواب وصنف وكان سريع الكتابة، كان على سيرة السلف مقلا معيلا، خرج من نيسابور إلى طوس فأكرمه الغزالي وأنزله عنده وقرأ عليه الصحيح ثم سرحه.

قلت: ومات معه في سنة ثلاث مسند أصبهان أبو سعد محمد بن محمد بن أحمد بن سيده المطرز عن اثنتين وتسعين سنة، ومسند بغداد أبو بكر أحمد بن المظفر بن الحسين بن سوسن التمار وله أيضًا ثنتان وتسعون سنة.

أخبرنا أبو المعالي محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي الجذامي بالإسكندرية ثنا جدي أنا أبو طاهر الحافظ قال: كتب إلي أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الحافظ نا أحمد بن محمد البجلي الحافظ ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب الزرقي -وزرق من قرى مرو- ثنا أبو حامد أحمد بن عيسى بن مهدي إملاء ثنا محمد بن رزام المروزي ثنا محمد بن أيوب الهنائي ثنا حميد بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن دلهم عن بن عباس قال: قال رسول الله، ﷺ: "من حفظ على أمتي حديثًا واحدًا كان له أجر أحد وسبعين نبيًّا صديقًا". قال أبو الفتيان: كتبه عني أبو بكر الخطيب الحافظ بصور. قلت: هذا مما تحرم روايته إلا مقرونًا بأنه مكذوب من غير تردد وقبح الله من وضعه وإسناده مظلم وفيهم بن رزام كذاب لعله آفته.

أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد عن محمد بن صاعد بن سعيد الطوسي أنا أبي أنا عمر بن أبي الحسن الحافظ إملاء بطوس أنا أحمد بن عبد الرحيم النيسابوري أنا أبو الحسين الخفاف أنا السراج ثنا قتيبة أنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس أن النبي ﷺ كان أخف الناس صلاة في تمام.

وأخبرنا بن عساكر وابن أبي عصرون عن أبي روح الهروي أنا محمد بن إسماعيل أنا المحلم بن إسماعيل أنا الخليل بن أحمد السجزي ثنا محمد بن إسحاق السراج، فذكره، رواه مسلم عن قتيبة.

1052- 20/15

شجاع بن فارس بن حسين بن فارس بن الحسين بن غريب

الحافظ الإمام، أبو غالب الذهلي الشيباني السهروردي البغدادي الحريمي.

ولد سنة ثلاثين وأربعمائة، وسمع أبا طالب بن غيلان وعبد العزيز بن علي الأزجي وأبا محمد بن المقتدر الأمين وأبا محمد الجوهري وأبا جعفر بن المسلمة وأبا بكر الخطيب فمن بعدهم إلى أن نزل وسمع من أصحاب أبي القاسم بن بشران ومن أقرانه، حدث عنه إسماعيل بن السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي وابن ناصر وعمر بن ظفر وأبو طاهر السلفي وسليمان بن جروان وآخرون.

قال أبو سعد السمعاني: نسخ بخطه كثيرًا من التفسير والحديث والفقه ما لم ينسخه أحد من الوراقين، قال لي عبد الوهاب الأنماطي: دخلت يومًا فقال لي: توبتي؛ فقلت: من أي شيء؟ قال: كتبت شعر بن الحجاج بخطي سبع مرات. قال عبد الوهاب: قلما يوجد بلد من بلاد الإسلام إلا فيه بخطه شيء. وكان مفيد وقته ببغداد ثقة سديد السيرة أفنى عمره في الطلب وكان قد عمل مسودة تاريخ بغداد، ذيل به على تاريخ الخطيب فغسله في مرض موته. قلت: للسلفي سؤالات لشجاع عن المشايخ سمعناه متصلا. مات في ثالث جمادى الأولى سنة سبع وخمسمائة.

وفيها مات المقرئ المسند أبو بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني ببغداد وهو في عشر التسعين، وشيخ المالكية أبو العباس أحمد بن محمد بن عروس ببغداد عن أربع وتسعين سنة له إجازة من بن شاذان، والعلامة مؤلف المستظهري في المذهب أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي الشافعي ببغداد وله ثمان وسبعون سنة، والعلامة شيخ الأدب أبو المظفر محمد بن أبي العباس أحمد بن محمد الأموي المعافري الأبيوردي الشاعر، وأبو بكر محمد بن عيسى اللخمي بن اللبانة شاعر الأندلس، والحافظان بن طاهر والمؤتمن الساجي.

أخبرنا أبو علي الحسن بن علي أنا أبو الحسن بن المفر "ح" وأنا محمد بن بلغزا أنا البهاء عبد الرحمن قالا: أنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن الشيباني أنا شجاع بن فارس ومحمد بن الحسين الإسكاف قالا: أنا محمد بن علي الخياط -زاد شجاع فقال: وأنا وأبو طالب العشاري وأبو سعد بن السبط قالوا- ثنا أحمد بن محمد بن دوست ثنا الحسين بن صفوان ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ثنا الحسن بن عبد العزيز عن ضمرة عن بن شوذب قال: اجتمع مالك بن دينار ومحمد بن واسع فتذاكرا العيش، فقال مالك: ما شيء أفضل من أن يكون للرجل غلة يعيش فيها؛ فقال محمد: طوبى لمن وجد غداء ولم يجد عشاء، ووجد عشاء ولم يجد غداء وهو عن الله راضٍ والله عنه راضٍ.

1053- 21/15

محمد بن طاهر بن علي

الحافظ العالم المكثر الجوال، أبو الفضل المقدسي، ويعرف بابن القيسراني الشيباني: سمع ببلده من الفقيه نصر وأبي عثمان بن ورقاء وعدة، وببغداد أبا محمد الصريفيني وأبا الحسين بن النقور وطبقتهما وبمكة الحسن بن عبد الرحمن الشافعي وسعد بن علي الزنجاني، وبمصر من أبي إسحاق الحبال، وبالثغر من الحسين بن عبد الرحمن الصفراوي، وبتنيس من علي بن الحسين بن الحداد حدثه عن جده عن الوشى"؟" عن عيسى بن حماد زغبة، وبدمشق من أبي القاسم بن أبي العلاء، وبحلب من الحسن بن مكي، وبالجزيرة من عبد الوهاب بن محمد التميمي صاحب أبي عمر بن مهدي، وبأصبهان من عبد الوهاب بن منده، وبنيسابور من الفضل بن المحب وبهراة من محمد بن أبي مسعود الفارسي، وبجرجان من إسماعيل بن مسعدة، وبآمد من قاسم بن أحمد الأصبهاني الخياط، حدثه عن بن جشنس عن بن صاعد؛ ولقي بأستراباذ علي بن عبد الملك الحفصي صاحب هلال الحفار، وببوشنج عبد الرحمن بن محمد بن عفيف، وبالبصرة عبد الملك بن شغبة، وبالدينور بن عباد صاحب أبي بكر بن لال، وبالري إسماعيل بن علي صاحب أبي زكريا المزكي، وبسرخس محمد بن المظفر حدثه عن رجل عن محمد بن حمدويه المروزي، وبشيراز علي بن محمد الشروطي، حدثه عن أبي الليث عن أبي جعفر بن البختري، ولقي بقزوين محمد بن إبراهيم العجلي صاحب أبي عمر بن مهدي، وبالكوفة أبا القاسم حسين بن محمد، وبالموصل هبة الله بن أحمد المقرئ وبمرو المهربندقشائي، وسمع بمروالروذ والرحبة ونوقان والحرمين ونهاوند وهمذان وواسط وسلوة وأسدآباذ والأنبار وأسفرايين وآمل والأهواز وبسطام وخسروجرد وغير ذلك. روى عنه شيرويه بن شهردار وأبو جعفر بن أبي علي وأبو نصر الغازي وعبد الوهاب الأنماطي وابن ناصر والسلفي وولده أبو زرعة ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي وآخرون.

قال أبو القاسم بن عساكر: سمعت محمد بن إسماعيل الحافظ يقول: أحفظ من رأيت بن طاهر، وقال أبو زكريا بن منده: كان بن طاهر أحد الحفاظ حسن الاعتقاد جميل الطريقة صدوقًا عالمًا بالصحيح والسقيم كثير التصانيف لازمًا للأثر، قال السلفي: سمعت بن طاهر يقول: كتبت الصحيحين وسنن أبي داود سبع مرات بالأجرة، وسنن بن ماجه عشر مرات بالري.

قال السمعاني: سألت أبا الحسن الكرخي الفقيه عن بن طاهر فقال: ما كان على وجه الأرض له نظير وكان داودي المذهب، قال: اخترت مذهب داود، قلت: لم؟ قال: كذا اتفق، فسألته: من أفضل من رأيت؟ فقال: سعد الزنجاني وعبد الله الأنصاري، قال أبو مسعود عبد الرحيم الحاجي: سمعت بن طاهر يقول: بلت الدم في طلب الحديث مرتين مرة ببغداد ومرة بمكة، كنت أمشي حافيًا في الحر فلحقني ذلك، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث، وكنت أحمل كتبي على ظهري، وما سألت في حال الطلب أحدًا، كنت أعيش على ما يأتي، وقيل: كان يمشي دائمًا في اليوم والليلة عشرين فرسخًا وكان قادرًا على ذلك، وقد ذكره الدقاق في رسالته فحط عليه وقال: كان صوفيا ملامتيا سكن الري ثم همذان، له كتاب "صفوة التصوف" وله أدنى معرفة بالحديث في باب شيوخ البخاري ومسلم وغيرهما. قلت: هو أحفظ منك بكثير يا هذا؛ ثم قال: وذكر لي عند الإباحة قلت: بل الرجل مسلم معظم للآثار، وإنما كان يرى إباحة السماع لا الإباحة المطلقة التي هي ضرب من الزندقة والانحلال. وقال بن ناصر: بن طاهر لا يحتج به، صنف في جواز النظر إلى المرد وكان يذهب مذهب الإباحة. قلت: معلوم جواز النظر إلى الملاح عند الظاهرية وهو منهم.

قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن بن طاهر فتوقف ثم أساء الثناء عليه، وسمعت بن عساكر يقول: جمع بن طاهر أطراف الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأخطأ في مواضع خطأً فاحشًا. قال بن ناصر: كان لحنة ذا تصحيف قرأ وإن جبينه ليتقصد عرقًا بالقاف، فقلت: بالفاء، فكابرني.

قال السلفي: كان فاضلا يعرف لكنه لحنة، قال لي المؤتمن: كان عند شيخ الإسلام بهراة، فكان الشيخ يحرك رأسه فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

قال بن طاهر: مولدي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة في شوال، وأول سماعي في سنة ستين، ودخلت إلى بغداد في سنة سبع وستين، ثم رجعت وأحرمت من بيت المقدس بحجة.

قال بن عساكر: مصنفاته كثيرة لكنه كثير الوهم، وله شعر حسن وكان لا يحسن النحو. قال المبارك بن كامل: أنشدني بن طاهر لنفسه:

ساروا بها كالبدر في هودج يميس محفوفًا بأترابه

فاستعبرت تبكي فعاتبتها خوفًا من الواشي وأصحابه

وقلت لا تبكي على هالك بعدك ما يبقى على ما به

للموت أبواب وكل الورى لا بد أن يدخل من بابه

وأحسن الموت بأهل الهوى من مات من فرقة أحبابه

قال شيرويه في تاريخ همذان: بن طاهر سكن همذان وبنى بها دارًا، وكان ثقة حافظًا عالمًا بالصحيح والسقيم حسن المعرفة بالرجال والمتون كثير التصانيف جيد الخط لازمًا للأثر بعيدًا عن الفضول والتعصب خفيف الروح قوي السير في السفر. قال شجاع الذهلي: مات بن طاهر عند قدومه بغداد من الحج يوم الجمعة في ربيع الأول. وقال أبو المعمر: في نصف ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة.

أخبرنا القاضي أبو محمد صالح بن ثامر الفرضي أنا يوسف بن خليل أنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي "ح" وأنبأنا أحمد بن أبي الخير عن الطرسوسي أنا محمد بن طاهر الحافظ لفظًا في سنة ست وخمسمائة أنا الفضل بن عبد الله المفسر أنا أبو الحسين أحمد بن محمد الزاهد ثنا أبو العباس السراج ثنا غياث بن جعفر ثنا سفيان عن عثمان بن أبي سليمان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة عن النبي ﷺ قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين قبل أن يجلس". [4] هذا حديث صحيح متفق على أن الأمر فيه أمر ندب رواه الأئمة من طريق مالك بن أنس وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وغيرهما عن عامر بن عبد الله، وروايتنا هذه غريبة والله أعلم.

1054- 22/15

بن مرزوق

هو الحافظ المتقن أبو الخير عبد الله بن مرزوق الهروي، مولى شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري.

ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. وسمع أبا عمر المليحي ومولاه أبا إسماعيل وأحمد بن أبي نصر الكوفاني وعدة بهراة، وأبا القاسم بن البسري وأبا نصر الزينبي ببغداد، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف بالطبسين، ويحيى بن الحسين الشريف بالري، وعبد الرحمن بن منده وطبقته بأصبهان، وبهمذان والكوفة وواسط، وعني بهذا الشأن، وكان موصوفًا بالحفظ والمعرفة وحسن السيرة، وكان به صمم فلما شاخ اشتد ذلك، سمع منه آحاد الطلبة واستوطن أصبهان.

قال إسماعيل الحافظ: هو حافظ للحديث متقن. قال أبو موسى المديني: ثنا الحافظ الزاهد العالم أبو الخير الهروي وكان ثقيل الأذن. قال: ومات في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة. وقال اليونارتي: صحب أبو الخير الحفاظ وثافنهم، ذو إتقان وطلب وحبّ للحديث وهو مقبل على شأنه.

1055- 23/15

الموتمن بن أحمد بن علي بن الحسين

الحافظ الحجة أبو نصر الربعي الديرعاقولي ثم البغدادي، المعروف بالساجي محدث بغداد.

سمع أبا الحسين بن النقور وعبد العزيز بن علي الأنماطي وأبا القاسم بن البسري وعبد الله بن الحسن الخلال وأبا نصر الزينبي وإسماعيل بن مسعدة وطبقتهم ببغداد، وكان أولا قد سمع من أبي بكر الخطيب بصور، ومن أبي عثمان بن ورقاء ببيت المقدس، والحسن بن مكي الشيزري بحلب، وسمع بأصبهان أبا عمرو بن منده وطبقته، وبنيسابور أبا بكر بن خلف وطبقته، وبهراة شيخ الإسلام أبا إسماعيل وطبقته، وبالبصرة أبا علي التستري وطبقته، وأكب على الطلب ببغداد مدة ثم تزهد وانقطع وأقبل على شأنه. روى عنه سعد الخير الأندلسي وابن ناصر وأبو المعمر الأنصاري ومحمد بن أبي بكر الشيحي وأبو طاهر السلفي وأبو سعد بن البغدادي ومحمد بن علي بن فولاد وآخرون. قال أبو الوقت: كان شيخ الإسلام إذا رأى المؤتمن قال: لا يمكن أحد أن يكذب على رسول الله ﷺ ما دام هذا حيا. وقال الضياء بن هبة الله: سألت السلفي عن المؤتمن الساجي فقال: حافظ متقن لم أر أحسن قراءة للحديث منه، تفقه في صباه على الشيخ أبي إسحاق وكتب الشامل بخطه عن بن الصباغ ثم خرج إلى الشام وسكن القدس زمانا، وقال لي: إنه سمع من الخطيب حديثًا واحدًا ولم يكن عنده به نسخة، انتفعت بصحبته، وقال أبو نصر الفاهي: أقام المؤتمن بهراة نحو عشر سنين وقرأ الكثير وكتب جامع الترمذي ست مرات وكان فيه صلف وقناعة وعفة واشتغال بما يعنيه. قال أبو بكر السمعاني: ما رأيت بالعراق من يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن ببغداد وإسماعيل التيمي بأصبهان.

وقال يحيى بن منده: قدم الساجي وسمع من أبي كتاب "معرفة الصحابة" وكتاب "التوحيد" و"الأمالي" وحديث بن عيينة لجدي، فلما أخذ في قراءة "غرائب شعبة" وبلغ إلى حديث عمر في لبس الحرير كان الوالد في حال الانتقال إلى الله وقضى نحبه عند انتهاء ذلك بعد العشاء الآخرة هذا ما رأينا، ثم قدم بن طاهر وقرأنا عليه جزءًا من مجموعاته فيه: سمعت أصحابنا بأصبهان يقولون: إنما تمم الساجي كتاب "معرفة الصحابة" على أبي عمرو بعد موته وذلك أنه كان يقرأ عليه وهو في النزع ومات وهو يقرأ وكان يصاح به تريد أن تغسل الشيخ، فلما سمعت هذه الحكاية قلت: ما جرى ذلك، يجب أن يصلح هذا فإنه كذب. وأما قراءة "معرفة الصحابة" فكان قبل موت الوالد بشهرين؛ وكان المؤتمن -والله- ورعًا زاهدًا صابرًا على الفقر، .

قال بن ناصر: سألت المؤتمن عن مولده فقال: في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة وتوفي في صفر سنة سبع وخمسمائة وصليت عليه، وكان عالمًا فهمًا ثقة مأمونًا.

سمعت أبا الحسين اليونيني أنا جعفر أنا السلفي، سمعت المؤتمن الساجي يقول: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من أبي بكر الخطيب. وسمعت المؤتمن يقول: كان أبو بكر -يعني الخطيب- يقول: من صنف فقد جعل عقله في طبق يعرضه على الناس.

1056- 24/15

===الأعمش الحافظ الإمام الأديب أبو العلاء حمد بن نصر بن أحمد بن محمد بن معروف الهمذاني، شيخ حافظ ثقة مكثر.

سمع بهمذان من عبيد الله بن الحافظ بن منده وأبي مسلم بن غزو النهاوندي وأبي محمد بن ماهلة وطبقتهم، وكان مولده في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

روى عنه أبو طاهر السلفي وأبو العلاء العطار والطائي وجماعة وكان مع بصره بهذا الشأن عارفًا بفقه أحمد بن حنبل ناصرًا للسنة عالمًا بالعربية وافر الجلالة بهمذان أملى عدة مجالس من حفظه.

قال أبو سعد السمعاني: أجاز لي مروياته وكان عارفًا بالحديث حافظًا ثقة سمع الكثير بنفسه وأملى وحدث، ثم سمى شيوخه.

قرأت على أحمد بن عبد الكريم بن عبد الأعلاقي أخبركم نصر بن جرو قال: أنا أحمد بن محمد الحافظ، سمعت حمد بن نصر الحافظ بهمذان، سمعت علي بن حميد الحافظ، سمعت طاهر بن عبد الله الحافظ، سمعت أحمد بن عمر الزجاج الحافظ يقول: لما أملى صالح بن أحمد الحافظ بهمذان كانت له أرض فباعها بسبعمائة دينار ونثرها على محابر أصحاب الحديث. حدث بهذه الحكاية أبو سعد السمعاني عن شيخ سماه عن السلفي فكأني سمعتها من أبي سعد. قال السمعاني: مات حمد في عاشر شوال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.

وفيها مات أمير المؤمنين المستظهر بالله أحمد بن المقتدي، وشمس الأئمة أبو الفضل بكر بن محمد بن علي الأنصاري الجابري البخاري الزرنجري مفتي ما وراء النهر وكان تلميذ شمس الأئمة السرخسي وشمس الأئمة الحلواني، وببغداد شيخ الحنفية أيضًا العلامة نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الهاشمي الزينبي راوي الصحيح عن كريمة المروزية، والعلامة الأصولى أبو القاسم سلمان بن ناصر الأنصاري النيسابوري عن سن عالية، والمسند المعمر أبو العلاء عبيد بن محمد القشيري النيسابوري عن خمس وتسعين سنة وهو خاتمة من روى عن عبد القاهر بن طاهر الأصولى، والمعمر أبو عبد الله عيسى بن شعيب السجزي والد أبي الوقت عن أزيد من مائة عام، تفرد بالسماع من علي بن بشري، والعلامة المعمر أبو عبد الله محمد بن عتيق التميمي القيرواني الأشعري المقرئ المعروف بابن أبي كدية قرأ على بن نفيس بمصر والحافظ محمود بن الفضل الأصبهاني.

أخبرتنا فاطمة بنت جوهر أنا بن الزبيدي أنا أبو الفتوح الطائي أنا زين الحفاظ حمد بن نصر أنا عبد الرحمن بن غزو العطار أنا أحمد بن فراس بمكة ثنا محمد بن إبراهيم الديبلي ثنا الحسين بن الحسن المروزي أنا محمد بن أبي عدي ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: أهديت لرسول الله ﷺ حلة من حرير فجعل أصحابه يلمسونها ويتعجبون من لينها، فقال رسول الله، ﷺ: "مناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل أو خير مما ترون". أخرجاه من حديث شعبة.

1057- 25/15

بن منده

الحافظ العالم المسند أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن الحافظ الشيخ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني العبدي.

سمع أباه وعميه: عبد الرحمن الحافظ وعبيد الله التاجر وأبا بكر بن ريذة صاحب الطبراني وأبا طاهر بن عبد الرحيم صاحب أبي الشيخ وأبا العباس أحمد بن محمد القصاص وأحمد بن محمود الثقفي ومحمد بن علي الجصاص وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه وأبا الفتح علي بن محمد الدليلي ومحمد بن علي بن الحسين والجوزداني وأبا بكر أحمد بن منصور المغربي وسعيدًا العيار وأبا الوليد الحسن بن محمد الدربندي وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الزاهد وأبا بكر البيهقي وخلقًا كثيرًا، وله إجازة من أبي طالب بن غيلان وجماعة، حج سنة ثمان وتسعين وأربعمائة وأملى ببغداد، ومن مسموعاته كتاب "المعجم الكبير" للطبراني من بن ريذة. حدث عنه عبد الوهاب الأنماطي ويحيى بن عبد الغافر بن الصباغ وعلي بن أبي تراب وابن ناصر والسلفي وعبد الحق اليوسفي وأبو محمد بن الخشاب وخلق، آخرهم موتا محمد بن إسماعيل الطرسوسي.

ذكره أبو سعد السمعاني وقال: هو جليل القدر وافر الفضل واسع الرواية ثقة حافظ مكثر صدوق كثير التصانيف حسن السيرة بعيد عن التكلف أوحد بيته في عصره خرج التاريخ لنفسه ولجماعة من شيوخنا وأجاز لي مسموعاته، وسألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فأثنى عليه ووصفه بالحفظ والمعرفة والدراية، وسمعت محمد بن أبي نصر الفتواني الحافظ يقول: بيت بني منده بدئ بيحيى وختم بيحيى. قرأت بخط اليونارتي: مولد يحيى بن منده في شوال سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وكتب إلى معمر بن الفاخر أنه توفي يوم النحر سنة إحدى عشرة، وقيل: توفي في ثاني عشر ذي الحجة.

وفيها مات شيخ القراء خطيب قرطبة أبو القاسم خلف بن إبراهيم بن النخاس عن أربع وثمانين سنة، وشيخ بغداد أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف اليوسفي، ومسند أصبهان أبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرحي الأصبهاني عن أربع وتسعين سنة، ومسند العراق أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكرجي الكاتب، خاتمة من سمع من بن شاذان.

أخبرنا محمد بن يوسف الأديب أنا عبد الوهاب بن طاهر أنا أبو طاهر السلفي ثنا يحيى بن عبد الوهاب الحافظ إملاء بانتخابي أنا أبو طاهر أحمد بن محمود أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الخازن نا أحمد بن عمر بن يوسف بن جوصا ثنا معاوية بن عمرو ثنا حريز بن عثمان قلت لعبد الله بن بسر: هل كان في رأس رسول الله ﷺ من شيب؟ قال: كان في رأسه شعرات بيض، كان إذا أدهن يتغيبن.

1058- 26/15

محمود بن الفضل بن محمود

الحافظ العالم مفيد الجماعة، أبو نصر الأصبهاني الصباغ، نزيل بغداد.

سمع عبد الرحمن بن منده وأخاه عبد الوهاب وأبا الفضل البزاني وأبا بكر بن ماجه وعائشة بنت الحسن الوركانية وطبقتهم، روى اليسير وقد كتب بخطه السريع الرفيع ما لا يوصف كثرة وكان حميد الطريقة مفيدًا للغرباء نسخ الكتب المطولة.

قال شيرويه الديلمي: قدم علينا همذان وكان حافظًا ثقة يحسن هذا الشأن حسن السيرة عارفًا بالأسماء والنسب مفيدًا للطلبة. وقال غيره: لحق ببغداد رزق الله التميمي وطرادًا الزينبي وطبقتهما وأصحاب أبي طالب بن غيلان فمن دونهم حتى كتب عن أصحاب أبي القاسم بن البسري ونحوه.

روى عنه بن ناصر وأبو الفتح بن عبد السلام الكاتب والمبارك بن كامل وغيرهم. قال السلفي: كان رفيقنا محمود بن الفضل يطلب الحديث ويكتب العالي والنازل فعاتبته في كتبه النازل فقال: والله إذا رأيت سماع هؤلاء لا أقدر على تركه؛ فرأيته بعد موته فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بهذا، وأخرج من كمه جزءًا. مات محمود بن الفضل في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.

1059- 27/15

ابن سكرة

الإمام الحافظ البارع، أبو علي الحسين بن محمد بن فيرة بن حيون الصدفي السرقسطي الأندلسي.

سمع القاضي أبا الوليد الباجي وطائفة، وببلنسية من أبي العباس بن دلهاث العذري، وبالمرية محمد بن سعدون القروي، ثم حج سنة إحدى وثمانين وأربعمائة فدخل على أبي إسحاق الحبال فأجاز له، ولم يقدر على السماع لمنع المصريين الخلفاء للحبال، وسمع بالبصرة من عبد الملك بن شغبة وحفص بن محمد العباداني وعدة، وببغداد علي بن الحسين بن قريش وعاصم بن الحسن ومالك بن أحمد البانياسي وأبا عبد الله الحميدي، وبواسط أبا المعالي محمد بن عبد السلام بن أحمولة، وبالأنبار أبا الحسن بن الأخضر الخطيب؛ وتفقه على أبي بكر الشاشي وأخذ بدمشق عن الفقيه نصر المقدسي، ورجع إلى الأندلس بعلم جم فنزل مرسية وتصدر للإفادة والإقراء بجامعها ورحل الناس إليه؛ وكان عالمًا بالقراءات تلا على أصحاب الحمامي؛ وله الباع الطويل في الرجال والعلل والأسماء والجرح والتعديل، مليح الخط متقن الضبط حافظًا للمتن والإسناد قائمًا على إقراء الصحيحين وجامع أبي عيسى.

ولي قضاء مرسية ثم استعفى منه وأقبل على نشر العلم وتأليفه وكان صالحًا عاملًا بعلمه حليمًا متواضعًا. قال ابن بشكوال: هو أجل من كتب إلي بالإجازة. قال القاضي عياض في أول المشيخة التي خرجها لأبي علي عن مائة وستين شيخًا: إن أبا علي أكره على القضاء فوليه ثم اختفى حتى أُعفي عنه. قال: وقرأ بروايات فتلا لقالون على رزق الله التميمي وقرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون وذكر أن الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي كتب عنه ثلاثة أحاديث.

قلت: روى عنه بن صابر الدمشقي وأخوه وأبو المعالي محمد بن يحيى القرشي والقاضي عياض فسمع منه عياض صحيح مسلم وقال: حدثنا به عن أبي العباس العذري عن أحمد بن الحسن بن بدران الرازي، إلى أن قال: واستشهد أبو علي في وقعة قندة بثغر الأندلس لست بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وخمسمائة، وله نحو من ستين سنة، وكان عيشه من كسب بضاعة مع ثقات إخوانه.

قلت: فيها توفي المسند أبو المعالي أحمد بن علي بن البخاري البغدادي البزاز يقال له: بن البخوري أو بن المبخر، كان يبخر الناس يوم الجمعة، عاش أبو المعالي أربعًا وثمانين سنة وعنده بن غيلان؛ ومقرئ الإسكندرية أبو علي الحسن بن خلف بن سمة القزويني، والعلامة أبو نصر عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري، ومقرئ الأندلس أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع المريي، ومسند دمشق أبو الحسن علي بن الحسين السلمي بن الموازيني، ومسند أصبهان أبو منصور محمد بن إسماعيل الصيرفي الأشقر الأصبهاني عن ثلاث وتسعين سنة، رحمهم الله تعالى.

أخبرنا القاضي معين الدين علي بن أبي العباس بالثغر قال: قرأت على الحافظ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الأنصاري سنة ست وأربعين وستمائة عن الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله أنا أبو الفضل عياض بن موسى القاضي ثنا حسين بن علي الصدفي أنا أبو الوليد سليمان بن خلف ثنا أبو ذر الحافظ ثنا أبو محمد السرخسي وأبو إسحاق وأبو الهيثم قالوا: ثنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا قتيبة ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا، حتى كنت من القرن الذي كنت منه". ووقع لنا في الصحيح أعلى بثلاث درج.

1060- 28/15

بن مفوز

الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوز المعافري الشاطبي.

حدث عن عمه طاهر الحافظ وأبي علي الغساني فأكثر جدًّا وعن محمد بن الفرج الطلاعي وأبي مروان بن سراج وطبقتهم، وله إجازة من أبي عمر بن الحذاء والقاضي أبي الوليد الباجي؛ وكان حافظًا عارفًا متقنًا ضابطًا عارفًا بالأدب وفنونه حدث بقرطبة وخلف شيخه أبا علي الحافظ في الإفادة؛ وله رد على بن حزم رأيته. مات في سنة خمس عشرة وخمسمائة عن اثنتين وأربعين سنة.

1061- 29/15

الدقاق

الحافظ المفيد الرحال، أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد الأصبهاني.

كان يقول: عرفت بين المحدثين بصديقي أبي علي الدقاق، سألوني: بأي شيء نكتب تعريف سماعك؟ فقلت: بالدقاق؛ ومولدي بمحلة جرواآن سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، وسمعت من أبي المظفر عبد الله بن شبيب وأحمد بن الفضل الباطرقاني وعبد الرحمن بن أحمد الرازي المقرئ وسعيد العيار وعبد الرحمن بن منده، وسمعت من ستة من أصحاب بن المقرئ، وأول ما أمليت بسرخس في سنة أربع وسبعين، سمعت من الإمام أبي عبد الله العميري، ودخلت لطلب الحديث طوس وهراة وبلخ ومرو وبخارى وسمرقند وكرمان وجرجان ونيسابور، فما زال يعد حتى سمى مائة وعشرين مكانا؛ ثم قال: فأما الذين كتبت عنهم بأصبهان فأكثر من ألف إن شاء الله والذين في الرحلة فأكثر من ألف أخرى. وكان الدقاق صالحًا فقيرًا متعففًا صاحب سنة واتباع إلا أنه كان يبالغ في تعظيم عبد الرحمن شيخه ويؤذي الأشعرية.

قال السلفي: سمعت إسماعيل بن محمد الحافظ يقول: ما أعرف أحدًا أحفظ لغرائب الأحاديث وغرائب الأسانيد من أبي عبد الله الدقاق. قلت: حدث عنه أبو طاهر السلفي وأبو سعيد محمد بن عبد الواحد الصائغ وخليل بن أبي الرجاء الرازي وطائفة. قال عبد الرحمن بن أبي الوفاء فيما أنبأنا بن الخلال عن كريمة سماعًا عنه قال: توفي الحافظ أبو عبد الله الدقاق ليلة الجمعة سادس شوال سنة ست عشرة وخمسمائة.

قلت: فيها مات المسند أبو علي الحسن بن محمد بن إسحاق الباخرحي ببغداد عن تسع وسبعين سنة، والمسند الكبير أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي عن بضع وثمانين سنة، والعلامة شيخ الأدب أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الحرامي البصري الحريري صاحب المقامات، وشيخ المقرئين أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف الصقلي مصنف "التجريد" بالإسكندرية، والحافظ أبو محمد السمرقندي، ومحيي السنة أبو محمد البغوي.

أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن خليل بن بدر أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ سماعًا في سنة خمس عشرة وخمسمائة أخبرني المفتي أبو بكر محمد بن محمد الزرنجري ببخارى أنا أبو سهل أحمد بن علي أنا بن حاجب ثنا بن مطر ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عبد السلام بن مطهر ثنا عمر بن علي عن معن بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى يبلغه ستين سنة". [5] وأخبرنا محمد بن عبد الرحيم القرشي أنا عبد الوهاب بن علي أنا أبو طاهر بن سلفة أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أنا عبد الواحد بن أحمد المؤدب أنا أبو أحمد بن يعقوب أنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم ثنا أحمد بن منيع ثنا هشيم أنا مغيرة عن الشعبي عن بن عباس أن رسول الله ﷺ شرب من ماء زمزم وهو قائم.

1062- 30/15

البغوي

الإمام الحافظ الفقيه المجتهد محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء الشافعي صاحب "معالم التنزيل" و"شرح السنة" و"التهذيب" و"المصابيح" وغير ذلك.

تفقه على القاضي حسين صاحب التعليقة وحدث عنه وعن أبي عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي وأبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ويعقوب بن أحمد الصيرفي وعلي بن يوسف الجويني وأبي الحسن محمد بن محمد الشيرزي.

روى عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطاري المعروف بحفدة، وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي وأهل مرو، وبورك له في تصانيفه لقصده الصالح فإنه كان عن العلماء الربانيين، كان ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير، وكان يأكل كسرة وحدها فعذلوه فصار يأكلها بزيت، وكان أبوه يعمل الفراء ويبيعها، ولعل محيي السنة بلغ ثمانين سنة، ويلقبونه أيضًا ركن الدين وآخر من روى عنه بالإجازة أبو المكلام فضل الله بن محمد النوقاتي شيخ حي إلى حدود الستمائة وأجاز لشيخنا الفخر علي المقدسي. وتوفي محيي السنة بمدينة مروالروذ في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة ودفن عنه شيخه القاضي حسين.

أخبرنا عمر بن إبراهيم بن حسين الكاتب وعبد الخالق بن عبد السلام الشافعي وأحمد بن محمد بن سعد وإسماعيل بن عبد الرحمن وأحمد بن عبد الرحمن وأحمد بن عبد الحميد بن قدامة وخديجة بنت الرضى قالوا: أنا محمد بن الحسين بن بهرام الصوفي أنا محمد بن أسعد العطاري سنة سبع وستين وخمسمائة أنا محيي السنة الحسين بن مسعود الفقيه أنا أبو الحسن محمد بن محمد أنا أبو علي زاهر بن أحمد أنا إبراهيم بن عبد الصمد أنا أبو مصعب عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري قال له: "إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوتك -أو صوت المؤذن- جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة"؛ [6] قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله، ﷺ.

1063- 31/15

شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرة

المحدث الحافظ مفيد همذان ومصنف تاريخها ومصنف كتاب "الفردوس".

سمع يوسف بن محمد بن يوسف المستملي وسفيان بن الحسين بن فنجويه وعبد الحميد بن الحسن الفقاعي وأبا الفضل محمد بن عثمان القومساني وأبا الفرج علي بن محمد الجريري وأحمد بن عيسى الدينوري وخلائق بهمذان، وعبد الوهاب بن منده وطبقته بأصبهان، وأبا منصور عبد الباقي بن محمد العطار وأبا القاسم بن البسري وخلقًا ببغداد، وبقزوين وأماكن؛ قال يحيى بن منده: هو شاب كيس حسن الخلق والخلق ذكي القلب صلب في السنة قليل الكلام قلت: هو حسن المعرفة، وغيره أتقن منه، روى عنه ابنه شهردار ومحمد بن الفضل الأسفراييني ومحمد بن أبي القاسم الساوي والحافظ أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل والحافظ أبو العلاء أحمد بن الحسن بن أحمد العطار والحافظ أبو موسى المديني وآخرون.

أخبرنا محمد بن قايماز أنا الحسين بن مبارك وعبد الله بن عمر قالا: أنا أبو الفتوح الطائي أنا شيرويه بن شهردار الديلمي الحافظ أنا إبراهيم بن محمد القفال أنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قولة أنا أبو سعيد بن الأعرابي بمكة أنا أحمد بن يحيى بن المنذر ثنا أبي ثنا أبو العطوف عن الزهري أن أبا سلمة أخبره عن أبي هريرة، سمعت النبي ﷺ يقول: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". توفي في تاسع عشر رجب سنة تسع وخمسمائة.

وفيها مات المحتسب أبو عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني صاحب المجالس، وخطيب صور ومحدثها أبو الفرج غيث بن علي الصوري الأرمنازي عن ست وستين سنة كتب عنه شيخه أبو بكر الخطيب، والمفيد أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي ببغداد أحد من رحل وتعب، ومعجمه في مجلد لكنه متهم.

1064- 32/15

النرسي

الحافظ محدث الكوفة، أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي المقرئ ويلقب بأبي النرسي.

سمع محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي ومحمد بن إسحاق بن فدويه وأبا طاهر محمد بن العطار ومحمد بن محمد بن حازم وعدة بالكوفة، وكريمة المروزية بمكة، وأبا إسحاق البرمكي وأبا عبد الله بن حبيب القادسي وأحمد بن محمد الزعفراني وأحمد بن محمد بن قفرجل وأبا منصور بن السواق وأبا القاسم التنوخي وطبقتهم ببغداد، ومن جماعة بالشام، ونسخ الكتب وصنف وخرج لنفسه المعجم.

روى عنه الفقيه نصر المقدسي والحميدي وابن الخاضبة والسلفي وابن ناصر ومعالي بن أبي بكر الكياني ومسلم بن ثابت النحاس ومحمد بن حيدرة بن عمر والزيدي وأبو الفرج بن كليب إجازة وخلق كثير، كان يقول: ما بالكوفة أحد من أهل السنة والحديث إلا أنا، وكان ينوب عن خطيب الكوفة ويتردد كثيرًا إلى بغداد؛ مولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة ورحل وهو بن عشرين سنة، وأول سماعه سنة اثنتين وأربعين. ذكره عبد الوهاب بن الأنماطي فوصفه بالحفظ والإتقان، وقال: كانت له معرفة ثاقبة. وقال محمد بن علي بن فولاد الطبري: سمعت أبا الغنائم الحافظ يقول: كنت أقرأ القرآن على المشايخ وأنا صبي فقيل لي: أنت أبي؛ لجودة قراءتي. قلت: قرأ لعاصم على شيخه العلوي عن قراءته على القاضي أبي عبد الله الجعفي، قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري. قال بن ناصر: كان النرسي حافظًا ثقة متقنا ما رأينا مثله، كان يتهجد ويقوم الليل، قرأ عليه بن سلفة حديثًا فأنكره وقال: ليس هذا من حديثي؛ فكلمه في ذلك فقال: أعرف حديثي كله لأني نظرت فيه مرارًا فما يخفى علي منه شيء، وكان يقدم كل سنة من سنة ثمان وتسعين في رجب ويقيم ببغداد إلى بعد العيد وينسخ بالأجرة يستعين بذلك على العيال، وكان أبو عامر العبدري يثني عليه ويقول: ختم هذا الشأن بأبي النرسي، .

مرض أبي ببغداد فحمل إلى الكوفة فأدركه الأجل بالحلة وحمل إلى الكوفة ميتًا فدفن بها في شعبان سنة عشر وخمسمائة. وفيها مات خميس الحوزي وأبو بكر السمعاني، ومسند خراسان أبو بكر عبد الغافر بن محمد الشيرازي التاجر خاتمة أصحاب أبي بكر الحيري، ومسند العراق أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز عن سبع وتسعين سنة، ومقرئ بغداد أبو الخير المبارك بن الحسين الغسال الأديب عن نيف وثمانين سنة، وفقيه بغداد أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني الأزجي الحنبلي صاحب التصانيف عن ثمان وسبعين سنة، ومسند الشام أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد الحنائي الدمشقي، ومسند أذربيجان أبو القاسم محمود بن سعادة الهلالي السلماسي وقد قارب المائة، ومسند هراة أبو الفتح نصر بن أحمد بن إبراهيم الحنفي الزاهد بقية المسندين، يقال: إن شيخ الإسلام خرج له ثلاث مجلدات.

أخبرنا عيسى بن أبي محمد أنا جعفر بن علي أنا أبو طاهر الحافظ أنا أبو الغنائم النرسي أنا محمد بن إسحاق أنا علي بن عبد الرحمن البكائي ثنا أبو جعفر الحضرمي وأبو حصين الوداعي إملاء سنة تسعين ومائتين قالا: ثنا أحمد بن يونس ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه قال: يا رسول الله، مررت برجل فلم يُقْرِني ولم يُضِفْني ثم مر بي فأجزيه أم أُقريه؟ قال: "بل أقرِه".

1065- 33/15

الحوزي

الحافظ الإمام محدث واسط أبو الكرم خميس بن علي بن أحمد الواسطي.

سمع علي بن محمد النديم وأبا القاسم بن البسري البندار وأبا نصر الزينبي وهبة الله بن الجلخت وطبقتهم بواسط وبغداد، وكتب وجمع وجرح وعدل، روى عنه أبو الجوائز سعد بن عبد الكريم وأحمد بن سالم المقرئ وعبد الوهاب بن الحسن الفرضي وأبو طاهر السلفي وأبو بكر عبد الله بن عمران الباقلاني مقرئ العراق وآخرون.

قال السلفي: سألت خميسًا الحوزي عن أهل واسط المتأخرين فأجابني؛ وكان السلفي يثني عليه ويقول: كان عالمًا ثقة يملي من حفظه على حال من أسأله عنه وكان لا يؤبه له، والحوز قرية شرقي واسط. قال بن نقطة: سمع من عبد العزيز بن علي الأنماطي وطبقته، وكان له معرفة بالحديث والأدب. قال: ومولده في شعبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ومات في شعبان أيضًا سنة عشر وخمسمائة، .

أخبرنا إسحاق بن أبي بكر الصفار أنا أبو الهاشم بن رواحة أنا أبو طاهر السلفي أنا خميس بن علي بواسط أنا عبد الباقي بن محمد بن غالب أنا أحمد بن محمد الجندي ثنا بن صاعد ثنا الحسين بن الحسن المروزي ثنا بن أبي عدي عن حميد عن أنس قال: واصل رسول الله ﷺ فواصل رجال من أصحابه فنهاهم، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا ثم رأوا الهلال فقال: "لو مد لي من الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إني لست مثلهم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني". هذا حديث صحيح.

1066- 34/15

بن السمرقندي

الحافظ الإمام الثقة أبو عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث مفيد بغداد، وأخو أبي القاسم إسماعيل.

مولده بدمشق ومنشؤه بها ثم ببغداد، سمع أبا بكر الخطيب وعبد العزيز الكتاني وأبا نصر بن طلاب وأبا الحسين بن النقور وطبقتهم، وبنيسابور من الفضل بن المحب وطائفة، وبأصبهان أبا منصور بن شكرويه، وعني بهذا الشأن وكتب وتعب وكان يفهم شيئًا كثيرًا من هذا العلم مع الصدق والإتقان وكان يقرأ للوزير النظام على الشيوخ ويفيده عنهم، عمل لنفسه المعجم في ثمانية أجزاء وروى الكثير، سئل عنه السلفي فقال: كان فاضلا عالمًا ثقة ذا ألسن، وكان أبو محمد قد رزق حظا من الأدب، إذا قرأ أعرب وأغرب.

قال عبد الغافر بن إسماعيل: شاب حافظ بالغ في الحفظ حديد الخاطر خفيف الروح لطيف المحاورة كان حافظ وقته. وقال الدقاق: صحب بن السمرقندي الخطيب وتلمذ له وكان ممن يتعصب للأشعرية. قلت: معلوم أنه سمع من الخطيب وأما أن يكون تلمذ له فلا يلحق هذا، وقد سمع بدمشق من أبي القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي ومحمد بن مكي الأزدي، روت عنه بنته كمال والسلفي، وذكر بن كامل ويحيى بن يوش، وآخرون. مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ومات ببغداد في ربيع الآخر سنة ست عشرة وخمسمائة. أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أنا نصر بن عبد الرزاق القاضي أنا محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق أنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن أبي الأشعث السمرقندي أنا أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد أنا جدي محمد بن جعفر السامري ثنا عمران بن موسى المؤذن ثنا محمد بن عمران ثنا سعيد بن عبيد الله الوصافي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي قال: دخل سواد بن قارب على عمر بن الخطاب فقال: ناشدتك الله يا سواد، هل تحسن من كهانتك شيئًا؟ قال: سبحان الله يا أمير المؤمنين، ما استقبلت أحدًا من جلسائك ما استقبلتني به؛ قال: سبحان الله يا سواد، ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، وذكر الحديث.

1067- 35/15

بن الحداد

الحافظ الإمام مفيد أصبهان، أبو نعيم عبيد الله بن الشيخ أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الأصبهاني.

سمع أبا عمرو بن منده وأبا طاهر أحمد بن محمد النقاش وحمد بن ولكيز وسليمان بن إبراهيم الحافظ وهذه الطبقة، ورحل فسمع أبا بكر بن خلف وموسى بن عمران الأنصاري وأبا عبد الله العميري ونجيب بن ميمون الواسطي وأبا الغنائم بن أبي عثمان وأبا عبد الله بن طلحة الثعالبي ورزق الله التميمي وخلقًا.

قال محمد بن عبد الواحد الدقاق في رسالته: وبأصبهان لي صديق وهو أبو نعيم بن الحداد أحد العلماء في فنون كثيرة، بلغ مبلغ الإمامة بلا مدافعة، وله عندي أيادٍ كثيرة وجمع ما لم يجمعه أحد من أقرانه من الكتب الكثيرة والسماعات، صدوق في جمعه وكتبه، أمين في قراءته. مولد عبيد الله سنة ثلاث وستين وأربعمائة، ومات في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وخمسمائة، روى عنه نويس قليل، ولعفيفة الفارقانية المعمرة إجازة منه بمروياته.

ومات معه في السنة مسند بغداد المقرئ أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن الطيوري أخو أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، والمسند أبو محمد حمزة بن العباس بن علي العلوي الحسيني الأصبهاني، والمسند أبو نهشل عبد الصمد بن أحمد العنبري الأصبهاني، وأبو الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله الخطيب، والمحدث المجود أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني البغدادي عن خمس وسبعين سنة، ومسند مصر أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني ثم المصري، والعالم المسند أبو عمران موسى بن أبي تليد الشاطبي.

أخبرنا جماعة إجازة عن عفيفة بنت أحمد ثنا أبو نعيم عبيد الله بن الحسن خطا ثنا عبد الرحمن بن أحمد الواحدي ثنا أبو عبد الرحمن السلمي أنا محمد بن عبد الله الأصبهاني الصفار ثنا أحمد بن مهدي ثنا ثابت بن محمد ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ﷺ قال: "لا يقطع الصلاة الكشر، ولكن تقطعها القرقرة". تفرد به ثابت وهو غريب.

أنبئت عن محمد بن مكي الأصبهاني الحنبلي قال: قيل: ناظر أبو نعيم الحداد شهردار بن شيرويه وكان قد تأخر عن أبي علي الحداد لسماع كتاب مسلم على أبي الحسن النيسابوري فقال: سبحان الله، تركت العوالي عند أبي واشتغلت بالنوازل؛ فقال: ليس عند أبيك صحيح مسلم وهو عال؛ فقال: نعم، ولكن عنده المخرج عليه لأبي نعيم وفيه عامة عواليه، فإذا سمعت تلك من أبي كأنك سمعتها من عبد الغافر الفارسي، ولو شئت أقول: كأنك سمعت بعضها من الجلودي، وإن شئت قلت: كأنك سمعتها من بن سفيان لم أكذب، وإن شئت قلت: كأنك سمعتها من مسلم. قال: وفيه أحاديث أعلى من هذا إذا سمعتها من أبي فكأنك والبخاري ومسلمًا قد سمعتموها من شيخ واحد، ومن جملتها حديث المستورد في شأن الزهراء، يعني: "إنما فاطمة بضعة مني".

1068- 36/15

السمعاني

الإمام الحافظ الأوحد، أبو بكر محمد بن أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي السمعاني المروزي، والد الحافظ أبي سعد.

سمع أباه العلامة أبا المظفر وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار وأبا القاسم الزهري وعبد الله بن أحمد الطاهري وأبا الفتح عبيد الله الهاشمي وعدة بمرو، وأبا علي نصر الله بن أحمد الخشنامي وعلي بن أحمد المؤذن وعبد الواحد بن أبي القاسم القشيري بنيسابور، وأبا الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري وثابت بن بندار البقال والمبارك بن الطيوري وطبقتهم ببغداد، وأبا البقاء الحبال وغيره بالكوفة، وبالحرمين وغير ذلك؛ وكان أحد فرسان الحديث، وعظ بالنظامية ببغداد وقرأ تاريخها على أبي محمد بن الآبنوسي، ثم ارتحل إلى همذان فسمع بها من شيوخها، وبأصبهان من أبي بكر أحمد بن محمد الحافظ بن مردويه وطبقته.

ذكر ولده له ترجمة حسنة وقال: رحل بي وبأخي سنة تسع وخمسمائة إلى نيسابور فسمعنا من الشيروي وقد أملى مائة وأربعين مجلسًا بجامع مرو وكل من رآها اعترف له أنه لم يسبق إلى مثلها، وكان يعظ ويروي في وعظه الحديث بأسانيده، وقد طلب مرة من أهل المجلس لقراء مجلسه فجاءه لهم من الحاضرين ألف دينار، وسمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل يقول: لو صرف والدك همته إلى هدم هذا الجدار لسقط. قال أبو سعد، وقيل له في مجلس الوعظ: إنه يضع -يعني الأسانيد- في الحال: فنحن لا نعرف؛ وكتبوا له بذلك رقعة؛ فنظر فيها وروى حديث: "من كذب عليّ متعمدًا" من نيف وتسعين طريقًا، ثم قال: إن كان أحد يعرف فقولوا له يكتب عشرة أحاديث بأسانيدها ويخلط الأسانيد ويسقط منها فإن لم أميزها فهو كما يدعي؛ ففعلوا ذلك امتحانا فرد كل اسم إلى موضعه. فهذا اليوم الذي طلب لقراء مجلسه فحصل لهم ألف دينار. قال: هذا معنى ما حدثنا به شيخنا محمد بن أبي بكر السنجي.

قلت: روى عنه رفيقه أبو طاهر السلفي وأبو الفتوح الطائي وأهل مرو، وقال ولده: نشأ في عبادة وتحصيل وبرع في الأدب وكان متصرفًا في فنون بما يشاء وبرع في الفقه والخلاف وزاد على أقرانه بعلم الحديث ومعرفة الرجال والأنساب والتاريخ وطرز فضله بمجالس تذكيره الذي يصدع صم الصخور عند تحذيره ونفق سوق تقواه عند الملوك والأكابر إلى أن قال: ومات في صفر سنة عشر وخمسمائة وله ثلاث وأربعون سنة.

ولما حج هو والسلفي ظفرا بأبي مكتوم عيسى بن أبي ذر فتهاونا فسارع في النفر الأول ورجع إلى موطنه سراة بني شبابة وفاتهما، فتحزن تاج الإسلام أبو بكر فأخذ السلفي يسليه ويقول: ما كان معه سوى صحيح البخاري وأنت في إسناده مثله. قلت: ولا كان البخاري معه، بل قد كان باعه لأمير مغربي سمعه منه فبذل له مالًا وأخذه منه.

أخبرنا محمد بن قايماز بقراءتي أنا أبو المنجي بن اللتي أنا أبو الفتوح محمد بن محمد الطائي أنا تاج الإسلام محمد بن منصور أنا عمر بن المبارك نا عبد الملك بن محمد نا عبد الله بن محمد بن إسحاق نا أبو يحيى بن أبي مسرة أنا خلاد بن يحيى أنا قطر بن خليفة عن القاسم بن أبي بزة، سمعت أبا الطفيل قال: قيل لعلي، : هل ترك رسول الله ﷺ كتابًا عندكم؟ قال: ما ترك كتابًا نكتمه إلا شيئًا في علاقة سيفي، فوجدنا صحيفة صغيرة فيها: "لعن الله من تولى غير مواليه، لعن الله من أهلَّ لغير الله، لعن الله من زحزح منار الأرض". أخرجه مسلم من حديث شعبة عن بن أبي بزة.

1069- 37/15

ابن عطية

الإمام الحافظ المتقن أبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عطية المحاربي الغرناطي الأندلسي، والد العلامة المفسر أبي محمد بن عبد الحق بن غالب.

قال ابن بشكوال: روى عن أبيه والحسن بن عبيد الله الحضرمي المقرئ ومحمد بن حارث النحوي ومحمد بن أبي غالب القروي ومحمد بن نعمة والحافظ أبي علي الغساني، وحج سنة تسع وستين وأربعمائة ولقي أبا مكتوم بن أبي ذر وأبا عبد الله الحسين بن علي الطبري فحمل عنهما الصحيحين، وأخذ بمصر عن أبي الفضل عبد الله بن الحسين الجوهري، وبالمهدية عن محمد بن معاذ التميمي، ورأى أبا عمر بن عبد البر، وكان حافظًا للحديث وطرقه وعلله، عارفًا بأسماء رجاله ونقلته، ذاكرًا لمتونه ومعانيه.

ثم قال: قرأت بخط بعض أصحابنا أنه سمع أبا بكر بن عطية يذكر أنه كرر على صحيح البخاري سبعمائة مرة، وكان أديبًا شاعرًا لغويًّا دينًا فاضلًا أكثر الناس عنه، وكف بصره في آخر عمره، وكتب إلينا بإجازة ما رواه، ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، قال: وتوفي بغرناطة في جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وخمسمائة.

قلت: كان آخر من روى عنه عبد الحق بن بونة.

قلت: وفيها توفي العلامة أبو الفضل أحمد بن محمد النيسابوري الميداني النحوي الأصولي صاحب التصانيف، ومسند سمرقند الخطيب أبو إبراهيم إسحاق بن محمد بن إبراهيم النحوي النسفي الحنفي، وشيخ الشافعية بمصر أبو الفتح سلطان بن إبراهيم بن مسلم المقدسي عن بضع وسبعين سنة، والمعمر أبو طاهر عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن الهيثم الأصبهاني الذهبي الصباغ المعروف بالدشتج، خاتمة أصحاب أبي نعيم الحافظ، ومسند نيسابور الشيخ أبو القاسم الفضل بن محمد بن أحمد أبي منصور الأبيوردي العطار.

مات ولده عبد الحق صاحب التفسير سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.

1070- 38/15

الإسحاقي

الحافظ العالم المحدث أبو العلاء صاعد بن سيار بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الهروي الدهان.

حدث لما حج ببغداد عن أبي سعيد عبد الرحمن بن أبي عاصم وأبي إسماعيل الأنصاري وأبي عامر الأزدي وعلي بن فضال المجاشعي الأديب وعبد الله بن عطاء البغاوزجاني وطبقتهم، قرأ عليه الحافظ بن ناصر جامع أبي عيسى فسمعه منه أبو الفتوح بن كليب؛ قال أبو سعد السمعاني: كان حافظًا متقنًا واسع الرواية كتب الكثير وجمع الأبواب وعرف الرجال ولي عنه إجازة، وحدثنا عنه بن ناصر وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل وأبو المعمر الأنصاري وجماعة، قال: ومات بقرية غورج على باب هرارة في ذي القعدة سنة عشرين وخمسمائة.

أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة عن أبي الفرج بن كليب أنا صاعد بن سيار الحافظ بجميع الجامع أنا أبو عامر الهروي وأبو الفضل المسعودي قالا: أنا عبد الجبار بن محمد ثنا أبو العباس المحبوبي أنا أبو عيسى الترمذي ثنا علي بن حجر نا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع يده في الجنة خير من الدنيا وما فيها". [7]

وقال أبو موسى المديني: أنا الحافظ أبو العلاء صاعد بن سيار الإسحاقي، قدم علينا أصبهان.

قلت: وفي سنته توفي مسندان شهيران بالأندلس؛ أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب القرطبي عن سبع وثمانين سنة لقي الكبار، وأبو بحر سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص الأسدي نزيل قرطبة، وقاضي الجماعة بقرطبة شيخ المالكية أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي صاحب التصانيف، والمعمر الإمام مسند مصر أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال السعيدي النحوي راوي الصحيح عن كريمة وله مائة سنة وأشهر، وشيخ المالكية بالثغر أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي عن سبعين سنة، رحمة الله عليهم أجمعين.

1071- 39/15

الشنتريني

الحافظ الإمام المحقق أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سليمان بن سعيد بن يربوع الأندلسي الشنتريني ثم الإشبيلي، محدث قرطبة.

سمع من محمد بن أحمد بن منظور صحيح البخاري، وسمع من حاتم بن محمد وأبي محمد بن خزرج وأبي مروان بن سراج وأبي علي الغساني وطبقتهم، وأجاز له أبو العباس بن دلهاث العذري. قال خلف بن بشكوال: كان حافظًا للحديث وعلله عارفًا برجاله وبالجرح والتعديل ضابطًا ثقة كثير الحديث، صحب أبا علي الغساني واختص به، وكان أبو علي يفضله ويصفه بالذكاء والمعرفة، صنف "الأقليد في بيان الأسانيد" و"كتاب معرفة أسانيد الموطأ" و"كتاب البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان" و"كتاب المنهاج" في رجال مسلم سمعت منه، ومات في صفر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وله ثمان وسبعون سنة.

قلت: وفيها مات عالم ما وراء النهر أبو علي الحسين بن علي بن أبي القاسم اللامشي السمرقندي الحنفي، ومسند نيسابور أبو القاسم سهل بن إبراهيم المسجدي الشيعي.

1072- 40/15

العبدري

الإمام الحافظ العلامة أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجي القرشي العبدري الميورقي الأندلسي نزيل بغداد.

وكان من أعيان الحفاظ ومن فقهاء الظاهرية، سمع أبا عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ورزق الله التميمي وأبا الفضل بن خيرون وطراد بن محمد الزينبي ويحيى بن أحمد السيبي وأبا عبد الله الحميدي وطبقتهم، قال القاضي أبو بكر بن العربي في معجمه: أبو عامر العبدري هو أنبل من لقيته.

وقال بن ناصر: كان فهمًا عالمًا متعففًا وكان يذهب إلى أن المناولة كالسماع. وقال السلفي في معجمه: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرفًا في فنون من العلوم أدبًا ونحوًا ومعرفة بالأنساب، وكان داودي المذهب قرشي النسب كتب عني وكتبت عنه، مولده بقرطبة. وقال أحمد بن أبي بكر البندنيجي: لما دفنوا أبا عامر العبدري قال بن ناصر: خلا لك الجو فبيضي واصفري، مات أبو عامر حافظ حديث رسول الله، ﷺ، من شاء فليقل ما شاء.

قال الحافظ بن عساكر: كان أبو عامر داوديًّا، وكان أحفظ شيخ لقيته ذكر أنه دخل دمشق، سمعته يقول وقد جرى ذكر الإمام مالك فقال: جلف جاف ضرب هشام بن عمار بالدرة. وقرأت عليه الأموال لأبي عبيد فقال: ما كان إلا حمارًا مغفلًا لا يعرف الفقه، فاجتمعنا عند بن السمرقندي في سماع الكامل فنقل فيه عن السعدي فقال العبدري: يكذب إنما هو إبراهيم الجوزجاني؛ فقلت: وهو السعدي؛ فقلت: كم يتحمل منك سوء الأدب؟ وعدد أقواله، فغضب وارتعد، وقال: كان بن الخاضبة والبرداني يخافانني فآل أمري إلى هذا؛ فقال السمرقندي: هذا بذاك؛ وقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمة، فقال: والله لقد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممن تقدم؛ وإني لأعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلما؛ فقلت مستهزئًا: فعلمك إذًا إلهام؛ وهاجرته قال: وكان سيئ الاعتقاد، يعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها، بلغني أنه قال في {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} وضرب على ساقه فقال: ساق كساقي هذه.

قلت: هذه حكاية منقطعة، وهذا قول الضلال المجسمة، وما أعتقد أن بلغ بالعبدري هذا. ثم قال: وبلغني أنه قال: إن أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي: في الإلهية، أما في الصورة فهو مثلي ومثلك. قلت: تعالى الله عن ذلك وتقدس وهذا لا يتفوه به مؤمن، فإن الله تعالى لا مثل له أبدًا. قال: ثم تلا قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} أي: في الحرمة، إلى أن قال بن عساكر: وكان شنيع الصورة، زري اللباس.

قال أبو سعد بن السمعاني: حافظ مبرز في صناعة الحديث داودي المذهب ونسخ الكثير وكان يسمع وينسخ. وقال بن ناصر: كان يتحدث وقت السماع ويقول: يكفيني حضور المجلس؛ ومذهبه في القرآن مذهب سوء، مات في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمسمائة.

قلت: حدث عنه الحافظ بن عساكر بعد ذاك الحط ويحيى بن يوش وأبو الفتح المندائي.

ومعه مات أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت الذي ادعى أنه المهدي المعصوم، ومات مسند أصبهان إسماعيل بن الفضل بن الإخشيد السراج، ومقرئ بغداد وشاعرها أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس البارع، ومسندة الوقت بأصبهان فاطمة بنت عبد الله بن أحمد أم الخير الجوزدانية خاتمة من روى عن بن ريزة، والمسند أبو الأعز قراتكين بن أسعد البغدادي، ومسند مرو المعمر أبو منصور محمد بن علي بن محمود المروزي الكراعي، ومحدث دمشق الأمير أبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاري بن الأكفاني جامع "الوفيات" وله ثمانون سنة، والمسند أبو سعد هبة الله بن القاسم بن عطاء المهراني النيسابوري.

أنبأنا أحمد بن سلامة الحداد عن يحيى بن أسعد أنا أبو عامر الحافظ سنة سبع عشرة "ح" وأنا سنقر الحلبي بها أنا عبد اللطيف بن يوسف والأنجب الحمامي ومحمد بن محمد بن السباك وعلي بن أبي الفخار وابن القبيطي قالوا: أنا أبو الفتح بن البطي قالا: أنا مالك بن أحمد ثنا أحمد بن محمد الصلتي ثنا إبراهيم بن عبد الصمد ثنا عبيد بن أسباط ثنا أبي ثنا الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب وكسب البغي.

1073- 41/15

عبد الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد

الحافظ المفيد اللغوي، الإمام أبو الحسن الفارسي ثم النيسابوري، مصنف تاريخ نيسابور وكتاب "مجمع الغرائب" و"المفهم لشرح مسلم".

كان من أعيان المحدثين بصيرًا باللغات فصيحًا بليغًا عذب العبارة؛ ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ولحق إجازة أبي سعيد الكنجرودي وجماعة، وأجاز له من بغداد أبو محمد الجوهري وسمع من جده لأمه الأستاذ أبي القاسم القشيري وأحمد بن منصور المغربي وأحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي وأبي حامد أحمد بن الحسن الأزهري والفضل بن المحب وأبي نصر عبد الرحيم بن علي التاجر ومحمد بن عبد الله الصرام وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري وجدته فاطمة بنت الدقاق وخلق كثير؛ تفقه بإمام الحرمين لزمه مدة أربع سنين، ورحل إلى خوارزم وإلى الهند ثم ولي خطابة نيسابور وعاش ثمانيًا وسبعين سنة، حدث عنه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار وطائفة، روى عنه أبو القاسم بن عساكر بالإجازة، مات سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

وفيها مات المحدث العلامة قاضي الجماعة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف بن الحجاج التجيبي القرطبي؛ عظمه ابن بشكوال.

1074- 42/15

الغازي

الحافظ الإمام محدث أصبهان، أبو نصر أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله: ولد بأصبهان في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. قال بن السمعاني.

ثقة دين حافظ واسع الرواية كتب الكثير وحصل الكتب، ما رأيت في شيوخي أكثر رحلة منه، سمع أبا الحسين بن النقور وعبد الرحمن بن منده وأبا عمرو بن منده وأبا القاسم بن البسري والفضل بن المحب النيسابوري وشيخ الإسلام الهروي وأبا عامر الأزدي وأبا علي التستري وأمثالهم؛ حدث عنه السمعاني والسلفي وأبو موسى المديني والمؤيد بن الأخوة ومحمود بن أحمد المصري وآخرون. قال أبو طاهر السلفي: كان من أهل المعرفة والحفظ سمعنا بقراءته كثيرًا وأملى شيئًا عليَّ. وقال السمعاني: سمعت عليه الكثير ونقلت من تاريخه وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على الحافظ إسماعيل بن محمد التيمي في الإتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحد لكنه كان أعلى سندًا من التيمي؛ وكان لا يفرق بشيء بين السماع والإجازة، يعني أنهما عنده في الاحتجاج سواء لا أنه يجعلها هي ذات السماع. ثم قال: وتوفي في ثالث رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.

قلت: وفيها مات الفقيه محدث الأندلس أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن حافظ الأندلس بقي بن مخلد القرطبي، والفقيه أبو سعد إسماعيل بن المحدث أبي صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، والإمام أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الأصبهاني الخلال الأديب، ورفيقه المسند أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي السمسار في الأملاك، والمسند أبو المظفر عبد المنعم بن الشيخ أبي القاسم القشيري، والأمير أبو منصور علي بن علي بن عبيد الله البغدادي بن سكينة، وفقيه الكرج أبو الحسن محمد بن عبد الملك بن محمد الكرجي الشافعي، ومحدث الأندلس أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث القرطبي عن خمس وثمانين سنة.

أخبرنا أحمد بن العماد عبد الحميد أنا أحمد بن محمد الفقيه أنا زاهر بن أبي طاهر أنا أبو نصر الحافظ أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو الحسن السكري ثنا حامد بن شعيب ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا بن علية عن أيوب عن قتادة عن أنس أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين.

1075- 43/15

التيمي

الحافظ الكبير شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي القرشي التيمي الطلحي الأصبهاني، الملقب بقوام السنة صاحب "الترغيب والترهيب" وغير ذلك.

ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. سمع أبا عمرو بن منده وعائشة بنت الحسن وإبراهيم بن محمد الطيار وأبا منصور بن شكرويه وابن ررا الإمام وأبا عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد وأصحاب بن منده وابن خرشيد قولة وأبا بكر بن مردويه، ورحل إلى بغداد فلقي أبا نصر الزينبي وطبقته، وبنيسابور أبا نصر محمد بن سهل السراج وطبقته، وسمع بعدة مدائن وجاور سنة وأملى وصنف وتكلم في الرجال وأحوالهم؛ حدث عنه أبو سعد السمعاني والسلفي وأبو القاسم بن عساكر وأبو موسى المديني ويحيى بن محمود الثقفي وعبد الله بن محمد بن حميد الخباز وأبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكوي وأبو نجيح فضل الله بن عثمان وأبو المجد زاهر الثقفي والمؤيد بن الأخوة وخلق.

قال أبو موسى: أبو القاسم الحافظ إمام أئمة وقته وأستاذ علماء عصره وقدوة أهل السنة في زمانه حدثنا عنه جماعة في حال حياته، أصمت في صفر سنة أربع وثلاثين ثم فلج بعد مدة، ومات يوم الأضحى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة واجتمع في جنازته جمع لم أر مثلهم كثرة، وكان أبوه أبو جعفر صالحًا ورعًا سمع من سعيد العيار وقرأ القرآن على أبي المظفر بن شبيب ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، إلى أن قال: ووالده من أولاد طلحة أحد العشرة، .

وقال أبو موسى: قال: وسمعت من عائشة وأنا بن أربع سنين، وسمع من أبي القاسم بن عليك سنة إحدى وستين. قال: ولا أعلم أحدًا عاب عليه قولا ولا فعلا ولا عانده أحد إلا ونصره الله، وكان نزه النفس عن المطامع لا يدخل على السلاطين ولا على من اتصل بهم، قد أخلى دارًا من ملكه لأهل العلم مع خفة ذات يده ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع عنده، أملى ثلاثة آلاف وخمسمائة مجلس وكان يملي على البديهة.

قال يحيى بن منده: كان حسن الاعتقاد جميل الطريقة قليل الكلام ليس في وقته مثله. قال عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل إلى بغداد بعد الإمام أحمد أحفظ وأفضل من الإمام إسماعيل. وقال أبو موسى المديني في ذكر من هو على رأس المائة الخامسة: لا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل الحديث إلا إسماعيل الحافظ. قلت: هذا تكلف فإن الرجل ما كان في رأس المائة قد اشتهر؛ وروي عن إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحدًا يحفظ حفظي. قال أبو موسى: وقد قرأ أبو القاسم بالروايات على جماعة من القراء، وأما التفسير والمعاني والإعراب فقد صنف فيه كتابًا بالعربية والفارسية، وأما علم الفقه فقد سرت فتاواه في البلد والرساتيق.

أبو المناقب محمد بن حمزة العلوي: حدثنا الإمام الكبير بديع وقته وقريع دهره أبو القاسم إسماعيل بن محمد، فذكر حديثًا. ويذكر عن أبي القاسم تعبده وتهجده.

قال أبو موسى: سمعت من يحكي عنه في اليوم الذي قدم بولده ميتًا وجلس للتعزية، جدد الوضوء في ذلك اليوم مرات نحو الثلاثين كل ذلك يصلي ركعتين. وسمعت بعض أصحابه أنه كان يملي شرح صحيح مسلم عند قبر ولده أبي عبد الله ويوم تمامه عمل مائدة وحلاوة كثيرة.

وكان ابنه أبو عبد الله ولد سنة خمسمائة ونشأ وصار إمامًا في اللغة والعلوم حتى ما كان يتقدمه أحد في الفصاحة والبيان والذكاء وكان أبوه يفضله على نفسه في اللغة وجريان اللسان، وكان أملى جملة من شرح الصحيحين، وله تصانيف كثيرة مع صغره، مات بهمذان سنة ست وعشرين وبعده أبوه، وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كنا مع الشيخ أبي القاسم فالتفت إلى أبي مسعود الحافظ فقال: أطال الله عمرك، فإنك تعيش طويلا ولا ترى مثلك. فهذا من كراماته، إلى أن قال أبو موسى: وله التفسير في ثلاث مجلدات سماه "الجامع" وله تفسير آخر في أربع مجلدات، و"الموضح" في التفسير في ثلاث مجلدات، وكتاب "المعتمد" في التفسير عشر مجلدات، وكتاب "السنة" مجلد، وكتاب "سيرة السلف" مجلد ضخم، وكتاب "دلائل النبوة" مجلد، و"المغازي" مجلد وأشياء كثيرة.

قال بن ناصر الحافظ: حدثني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أخي إسماعيل الحافظ حدثني أحمد الأسواري الذي تولى غسل عمي وكان ثقة، أنه أراد أن ينحي عن سوءته الخرقة لأجل الغسل قال: فجبذها إسماعيل بيده وغطى فرجه فقال الغاسل: أحياة بعد موت؟ قال أبو سعد السمعاني: هو أستاذي في الحديث وعنه أخذت هذا القدر وهو إمام في الحديث والتفسير واللغة والأدب عارف بالمتون والأسانيد، كنت إذا سألته عن المشكلات أجاب في الحال وذهب أكثر أصوله في آخر عمره وأملى بالجامع قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس، وكان أبي يقول: ما رأيت بالعراق من يعرف الحديث ويفهمه غير اثنين: إسماعيل الجوزي بأصبهان، والمؤتمن ببغداد.

قال أبو سعد: تلمذت له وسألته عن أحوال جماعة، وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه وقال: رأيته وقد ضعف وساء حفظه. قال الدقاق في رسالته: كان عديم النظير لا مثل له في وقته، كان ممن يضرب به المثل في الصلاح والرشاد. وقال السلفي: كان فاضلا في العربية ومعرفة الرجال. وقال أبو عامر العبدري: ما رأيت أحدًا قط مثل إسماعيل، ذاكرته فرأيته حافظًا للحديث عارفًا بكل علم متفننًا استعجل علينا بالخروج. سمع السلفي هذا القول من أبي عامر، ثم قال: وسمعت أبا الحسين بن الطيوري يقول: ما قدم علينا من خراسان مثل إسماعيل بن محمد، .

قلت: توفي معه في سنة خمس البديع أبو علي أحمد بن سعد العجلي الهمذاني الفقيه عن سبع وسبعين سنة، والعلامة أبو عبد الله جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب القيسي القرطبي اللغوي عن نيف وثمانين سنة، والمحدث أبو الحسن رزين بن معاوية بن عمار العبدري السرقسطي مؤلف جامع الصحاح، جاور بمكة وسمع من الطبري وابن أبي ذر، والمسند أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني البغدادي ويعرف بابن زريق القزاز، والمسند أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه بن أحمد الشاذياخي، والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة الأسدي العكبري، وأخوه أبو منصور عبد الجبار، ومسند الدنيا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري الحنبلي البزاز ويعرف بقاضي المرستان وبابن صهرهبة، وشيخ الصوفية أبو يعقوب يوسف بن أيوب الهمذاني نزيل مرو.

أخبرنا محمد بن عمر بن محمود الفقيه أنا محمد بن عبد الهادي ثنا يحيى بن محمود أنا جدي لأمي إسماعيل بن محمد الحافظ أنا عبد الرحمن بن محمد بن زياد أنا أحمد بن محمد بن المرزبان ثنا محمد بن إبراهيم بن الحكم ثنا محمد بن سليمان ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول الله، ﷺ: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد". [8]

1076- 45/15

الأنماطي

الحافظ العالم محدث بغداد أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد البغدادي.

ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وسمع أبا محمد بن هزارمرد الصريفيني وأبا الحسين بن النقور وأبا القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وعلي بن أحمد البندار فمن بعدهم، وكتب الكتب وسمع العالي والنازل حتى أنزف على بن الطيوري جميع ما عنده.

روى عنه بن ناصر والسلفي وابن عساكر وأبو موسى المديني وأبو سعد السمعاني وأبو الفرج بن الجوزي وأبو أحمد بن سكينة وعبد العزيز بن الأخضر وأحمد بن أزهر وعبد العزيز بن مينا وأحمد بن الديبقي وعبد الوهاب بن أحمد بن هدبة خاتمة أصحابه.

قال السمعاني: هو حافظ ثقة متقن واسع الرواية دائم البشر سريع الدمعة عند الذكر حسن المعاشرة، جمع الفوائد وخرج التخاريج، لعله ما بقي جزء مروي إلا وقد قرأه وحصل نسخته، ونسخ الكتب الكبار مثل "الطبقات لابن سعد" و"تاريخ الخطيب" وكان متفرغًا للحديث إما أن يقرأ عليه أو ينسخ شيئًا وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة وصنف في ذلك، قرأت عليه الجعديات ومسند يعقوب الفسوي والذي عنده من مسند يعقوب السدوسي وانتقاء البقال على المخلص.

قال السلفي: كان عبد الوهاب رفيقنا حافظًا ثقة لديه معرفة جيدة. قال بن ناصر: كان بقية الشيوخ سمع الكثير وكان يفهم، مضى مستورًا وكان ثقة ولم يتزوج قط. وقال بن الجوزي: كنت أقرأ عليه وهو يبكي فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته وكان على طريقة السلف انتفعت به ما لم أنتفع بغيره. وقال أبو موسى في معجمه: هو حافظ عصره ببغداد، مات في حادي عشر المحرم سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

قلت: وفيها مات ببغداد المسند أبو المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن البدن الصفار عن ست وثمانين سنة، ومسند أصبهان أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد الأصبهاني التاجر، والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن أحمد بن صرما الدقاق البغدادي بن عمة الحافظ بن ناصر، ومقرئ بغداد الخطيب أبو بكر محمد بن الخضر بن إبراهيم المحولي، وأبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر بن الشهرزوري الموصلي، وشيخ العربية والاعتزال أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري بخوارزم.

أخبرنا أبو الحسن بن البخاري في كتابه أنا عمر بن محمد أنا الحافظ عبد الوهاب أنا عبد الله بن محمد الخطيب أنا أبو القاسم عبيد الله بن حباية أنا أبو القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد ثنا يزيد بن إبراهيم التستري ثنا محمد بن سيرين أن أم عطية قالت: توفيت إحدى بنات رسول الله ﷺ فأمرنا أن نغسلها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن وأن نجعل في الغسلة الآخرة شيئًا من سدر وكافور. هذا حديث من عوالي الصحاح أخرجه النسائي بنزول عن عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده عن يحيى بن أيوب عن مالك بن أنس عن أيوب السختياني عن بن سيرين، فكأن شيخنا سمعه من النسائي وصافحه به.

1077- 45/15

أبو سعد بن البغدادي

الحافظ الإمام المحدث أحمد بن محمد بن الحسن بن علي الأصبهاني.

ولد سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وسمع أبا القاسم وأبا عمرو ابني أبي عبد الله بن منده وحمد بن ولكيز ومحمد بن أحمد بن ماجه الأبهري ومحمد بن أحمد بن أسد وأبا منصور بن شكرويه وطبقتهم، ورحل إلى بغداد وهو بن ست عشرة سنة مسارعًا لإدراك أبي نصر الزينبي فتلقاه نعيه فبكى وصاح ولطم على رأسه وقال: من أين لي علي بن الجعد عن شعبة؟ ثم سمع من عاصم بن الحسن ومالك البانياسي والموجودين وقد سمع من محمود بن جعفر الكوسج عن جده الحسن بن علي البغدادي، وأكبر شيخ له الشيخ عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ حدث عنه بن ناصر والسلفي وأبو موسى وابن الجوزي وعمر بن طبرزذ ومحمد بن علي القبيطي وخلق آخرهم وفاة محمد بن محمد بن بدر الراذاني.

قال أبو سعد السمعاني: ثقة حافظ دين خير حسن السيرة صحيح العقيدة على طريقة السلف تارك للتكلف كان ربما خرج إلى السوق وعلى رأسه طاقية رأيته في طريق الحج وقد تغير ويبس شدقه من الصوم في القيظ وكان يملي في بعض الأوقات وقد نزع قميصه. قال أبو سعد في معجمه: حافظ تام المعرفة يحفظ جميع صحيح مسلم وكان يملي الأحاديث من حفظه.

قال أبو سعد: قدم أبو سعد بن البغدادي مرة في الحج فاستقبله خلق كثير من أصبهان وهو على فرس، فكان يسير سيرهم حتى قارب أصبهان فركض الفرس وترك الناس إلى أن وصل البلد وقال: أردت السنة؛ وكان مطبوعًا حلو الشمائل استمليت عليه بالحرمين وكتب عني وخرج إليّ يومًا وقال: أوقفتك، قلت: الوقوف على باب المحدث عز؛ فقال: لك بهذه الكلمة أستاذ؟ قلت: لا، قال: فأنت أستاذها.

قال الحافظ عبد الله بن مرزوق: أبو سعد البغدادي شعلة نار. وقال معمر بن الفاخر: كان أبو سعد يحفظ صحيح مسلم وكان يتكلم على الأحاديث بكلام مليح. وقال بن النجار: أبو سعد إمام في الحديث وفي الزهد واعظ كتب عنه شجاع الذهلي، وكان إذا أكل طعامًا اغرورقت عيناه بالدموع، ثم يأكل ويقول: كان داود يأكل ويبكي.

قال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي: كنت ببغداد فاقترض مني أبو سعد البغدادي عشرة دنانير فاتفق أني دخلت على السلطان مسعود بن محمد فذكرت له ذلك فبعث معي إليه خمسمائة دينار ففرحت وجئته بها فأبى أن يأخذها. قال بن الجوزي: حج أبو سعد إحدى عشرة حجة وتردد مرارًا وسمعت منه كثيرًا ورأيت أخلاقه اللطيفة ومحاسنه الجميلة. قلت: حدث ببغداد بكتاب معرفة الصحابة لابن منده، أجازه لنا الإمام أبو زكريا يحيى بن الصيرفي بسماعه من القبيطي بسماعه منه. توفي في رجوعه من الحج بنهاوند في ربيع الأول سنة أربعين وخمسمائة وحمل إلى أصبهان.

وفيها توفي مسند نيسابور أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن البحيري صاحب البيهقي، والعلامة أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الجواليقي اللغوي إمام الخليفة المقتفي، وأبو عبد الله الحسين بن الحسن المقدسي الحنفي نزيل بغداد لحق أبا القاسم بن البسري.

أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه إجازة أنا علي بن محمد بن حمزة سنة سبع وستمائة ببغداد أنا أحمد بن محمد أنا أبو سهل أحمد بن أحمد بن ولكيز الصيرفي سنة ثمان وستين وأربعمائة ثنا محمد بن إسحاق الحافظ أنا أحمد بن سليمان بن أيوب ثنا أبو زرعة ثنا يحيى الوحاظي ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد بن رافع قال: قال رسول الله، ﷺ: "إياكم والحمرة، فإنها أحب الزينة إلى الشيطان". عبد الرحمن هذا مختلف في صحبته.

1078- 46/15

اليونارتي

الحافظ المجود أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني.

و"يونارت" قرية على باب أصبهان، كان أحد أئمة هذا الشأن، ذكره الحافظ بن عساكر فرجحه على إسماعيل بن محمد التيمي، كان سريع الكتابة حسن القراءة مليح التخريج، سمع أبا بكر بن ماجه الأبهري وأبا منصور بن شكرويه وطبقتهما ببلده، وأدرك أبا بكر بن خلف الشيرازي بنيسابور، ولقي بهراة أبا عامر محمود بن القاسم الأزدي وطبقته، وببلخ أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، ولقي ببغداد أبا عبد الله النعالي وأحمد بن عبد القادر اليوسفي والحسين بن علي بن البسري وطبقتهم. قال السمعاني: قال لي إسماعيل بن محمد الحافظ: ما كان لليونارتي كبير معرفة غير أنه كان لطيف الأجزاء. قال بن النجار: قدم اليونارتي بغداد سنة أربع وعشرين وخمسمائة وحدث بها بجامع الترمذي وأملى بها وجمع لنفسه المعجم في عدة أجزاء وكان موصوفًا بالمعرفة والدراية، روى عنه الفقيه أبو الفتح نصر بن فتيان بن المفتي وعرفة بن البقلي وأحمد بن صالح بن شافع ومظفر بن علي الخياط ولم يحدثني عنه سواه. قلت: وروت عنه فاطمة بنت سعد الخير. قال السمعاني: سمعت أبا علي بن الوزير يقول: ما سمعت صوتًا في قراءة الحديث أحسن ولا أطيب من صوت اليونارتي. قال السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ فقال: رحل اليونارتي إلى بن خلف الشيرازي وكان آخر من رحل إليه ثم رحل بعده عبد الرحمن بن أحمد الباغباني مع أبيه فقال: دخلت نيسابور وأنا أعدو إلى بيت أحمد بن خلف فلقيت اليونارتي فعاتبني وقال: تعال أطعمك أولا، فقدم طعامًا وأكلنا وأخرج لي مسموعاته من بن خلف وقال: مات ودفنته. قال عبد الرحمن: فكادت مرارتي تنشق. قال بن النجار: قرأت بخط معمر بن الفاخر على مجلس لأبي نصر اليونارتي: كان مجدا في السنة سريع الكتابة سريع القراءة حسن الخط حسن الخلق كثير الرحل كثير التلاوة حسن العارة كان يقرأ القرآن من سورة ويكتب القرآن ويقرأ من سورة أخرى. مولد اليونارتي في آخر سنة ست وستين وأربعمائة، ومات في شوال سنة سبع وعشرين وخمسمائة.

وفيها مات مسند بغداد أبو غالب أحمد بن أبي علي الحسن بن أحمد بن البناء البغدادي الحنبلي، والفقيه العلامة أبو العباس أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن الرطبي الكرخي تلميذ الإمامين بن الصباغ وأبي إسحاق، والإمام الكبير العلامة أبو الفتح أسعد بن أبي نصر الميهني الشافعي، والعلامة شيخ الحنابلة أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر الزاغوني، ومسند نيسابور أبو سعيد محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد الصاعدي الرئيس القاضي يروي عن عمر بن مسرور، والإمام المسند أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي مقرئ بغداد، والإمام أبو خازم محمد بن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم نا محمد بن عبد الواحد الحافظ أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير أنا الحسن بن محمد الحافظ أنا نجيب بن ميمون بهراة أنا منصور بن عبد الله الخالدي أنا عبد الله بن محمد بن موسى النيسابوري ثنا أليسع بن زيد بمكة سنة اثنتين وثمانين ومائتين ثنا سفيان عن حميد عن أنس قال: خدمت رسول الله ﷺ فما قال لي لشيء كسرته: لم كسرته؟ وذكر الحديث. تفرد به أليسع، وليس بمعتمد.

(تمت الطبقة الخامسة عشرة.)

هامش

رواه البخاري في الصلح باب 5. ومسلم في الأقضية حديث 17. وابن ماجه في المقدمة باب 2.

================

المقدمة

الطبقة الخامسة عشرة

المترجمون فيها ستة وأربعون

رواه البخاري في الجنائز باب 97. ومسلم في فضائل الصحابة حديث 221، 222. وأبو داود في السنة باب 10. والترمذي في البر باب 51.

رواه البخاري في الأضاحي باب 16. ومسلم في الأضاحي حديث 28، 29، 33. وأبو داود في الأضاحي باب 9. والنسائي في الجنائز باب 100.

رواه البخاري في الصلاة باب 60. ومسلم في المسافرين حديث 68-70. والترمذي في الصلاة باب 117، 118. والنسائي في المساجد باب 36.

رواه البخاري في الرقاق باب 5.

رواه البخاري في الأذان باب 5. والنسائي في الأذان باب 14. وأحمد في مسنده "3/ 35، 43".

رواه البخاري في الجهاد باب 5. والترمذي في فضائل الجهاد باب 17. وأحمد في مسنده "2/ 482، 483". ==

الطبقة 16.

محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر
البطروجي
ابن العربي
السلفي
عياض
الرشاطي
الجوزقاني
الفامي
ابن الدباغ
السبحي
كوتاه
السمعاني
معمر بن عبد الواحد
أبو الخير
أبو العلاء الهمذاني
ابن عساكر
أبو موسى المديني
الزاغولي
تذكرة الحفاظ/الطبقة السادسة عشرة
الطبقة السادسة عشرة
من كبار الحفاظ، والجملة خمس عشرة نفسًا:
1079- 1/16
محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر
الحافظ الإمام محدث العراق أبو الفضل السلامي.
توفي أبوه شابا وهذا صغير فكفله جده لأمه الفقيه أبو حكيم الخبري وأسمعه الحديث وأحفظه الختمة، مولده في سنة سبع وستين وأربعمائة، وسمع من أبي القاسم علي بن البسري وأبي طاهر بن أبي الصقر وعاصم بن الحسن ومالك البانياسي وأبي الغنائم بن أبي عثمان ورزق الله التميمي وطراد الزينبي وأبي عبد الله النعالي وابن البطر فمن بعدهم إلى أن ينزل إلى أصحاب الجوهري وابن المهتدي بالله، وعني بهذا الفن وبالغ في الطلب بعد أن برع في اللغة وحصل الفقه والنحو.
قال بن الجوزي: كان ثقة حافظًا ضابطًا من أهل السنة لا مغمز فيه تولى تسميعي وسمعت بقراءته مسند أحمد والكتب الكبار، وعنه أخذت علم الحديث وكان كثير الذكر سريع الدمعة. قال السمعاني: كان يحب أن يقع في الناس فردّ بن الجوزي على السمعاني وقبح قوله وقال: صاحب الحديث يجرح ويعدل أفلا يفرق بين الجرح والغيبة؟ ثم هو قد احتج بكلامه في كثير من التراجم في التاريخ. ثم أخذ بن الجوزي يحط على أبي سعد وينسبه إلى التعصب البارد على الحنابلة، وليس الأمر كذلك، ولا ريب أن بن ناصر متعصب في الحط على بعض الشيوخ فدع الانتصار، فأبو سعد أعلم بالتاريخ وأحفظ منك ومن شيخك، وقد قال في بن ناصر: إنه ثقة حافظ دين متقن ثبت لغوى عارف بالمتون والأسانيد كثير الصلاة والتلاوة غير أنه يحب أن يقع في الناس وهو صحيح القراءة والنقل. وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين من أبي طاهر الأنباري. قال بن النجار: كانت له إجازات قديمة من جماعة كابن النقور وابن هزارمرد الصريفيني والحافظ بن ماكولا وغيرهم أخذها له بن ماكولا في رحلته.
قرأت بخط الحافظ الضياء: أجاز لابن ناصر، أبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك في سنة ثمان وستين وأربعمائة، وأبو صالح المؤذن وفاطمة بنت الدقاق والفضل بن المحب، وسرد جماعة. قال بن النجار: كان ثقة ثبتًا حسن الطريقة متدينًا فقيرًا متعففًا نظيفًا نزهًا، وقف كتبه وخلف ثيابًا خليعة وثلاثة دنانير، ولم يعقب، سمعت بن سكينة وابن الأخضر وغيرهما يكثرون الثناء عليه ويصفونه بالحفظ والإتقان والديانة والمحافظة على السنن والنوافل، وسمعت جماعة من شيوخي يذكرون أن بن ناصر وابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على أبي زكريا التبريزي ويطلبان الحديث فكان الناس يقولون: يخرج بن ناصر لغوي بغداد، وابن الجواليقي محدثها، فانعكس الأمر وانقلب. قلت: قد كان بن ناصر أيضًا رأسًا في اللغة. قال: وسمعت بن سكينة يقول: قلت لابن ناصر: أريد أن أقرأ عليك ديوان المتنبي وشرحه لأبي زكريا، فقال: إنك دائمًا تقرأ علي الحديث مجانًا وهذا شعر ونحن نحتاج إلى نفقة. فأعطاني أبي خمسة دنانير فدفعتها إليه وقرأت عليه الكتاب.
وقال السلفي: سمع بن ناصر معنا كثيرًا وهو شافعي أشعري، ثم انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع ومات عليه، وله جودة حفظ وإتقان وحسن معرفة وهو ثبت إمام. وقال أبو موسى المديني: هو مقدم أصحاب الحديث في وقته ببغداد. بن النجار: قرأت بخط بن ناصر وأخبرنيه يحيى بن الحسين عنه سماعًا قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد أبي منصور الخياط واشتغلت بالأدب على التبريزي فجئت يومًا لأقرأ الحديث فقال: يا بني تركت قراءة القرآن واشتغلت بغيره عُدْ واقرأ عليّ ليكون لك إسناد؛ فعدت عليه في سنة اثنتين وتسعين ولبثت أقول كثيرًا: اللهم بين لي أي المذاهب خير؛ وكنت مرارًا قد مضيت إلى القيرواني المتكلم في كتاب التمهيد للباقلاني وكأن من يردني عن ذلك فرأيت في المنام كأني قد دخلت المسجد إلى أبي منصور وبجنبه رجل عليه ثياب بيض ورداء على عمامته يشبه الثياب الريقية دُري اللون عليه نور وبهاء فسلمت عليه وجلست بين يديهما، ووقع في نفسي للرجل هيبة وإنه رسول الله ﷺ فلما جلست التفت إليَّ وقال لي: عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ، ثلاث مرات، فانتبهت مرعوبًا وجسمي يرجف فقصصت ذلك على والدتي وبكرت إلى الشيخ لأقرأ عليه فقصصت عليه الرؤيا فقال: يا ولدي ما مذهب الشافعي إلا حسن ولا أقول لك اتركه، ولكن لا تعتقد اعتقاد الأشعري؛ فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، وأنا أشهدك وأشهد الجماعة أنني اليوم على مذهب أحمد بن حنبل في الأصول والفروع؛ فقال لي: وفقك الله؛ ثم أخذت في سماع كتب أحمد ومسائله والتفقه على مذهبه، وذلك في رمضان سنة ثلاث وتسعين.
قلت: روى عنه السلفي وابن عساكر وأبو موسى والسمعاني وابن الجوزي وابن سكينة وابن الأخضر وعبد الرزاق ويحيى بن الربيع الفقيه والكندي ومحمد بن البناء الصوفي ومحمد بن غنيمة الفقيه وداود بن ملاعب وعبد العزيز بن أحمد الناقد وموسى بن عبد القادر وأحمد بن ظفر بن هبيرة وأحمد بن صرما وأبو منصور بن عفيجة والحسن بن الأمير السيد وخلائق؛ وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المقير؛ ومما تخبط فيه بن مسدي المجاور أنه قرأ على بن المقير عن بن ناصر قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الواحد بن أحمد المليحي، فذكر من الجعديات. والمليحي فقد مات قبل مولد بن ناصر بأربع سنين.
توفي بن ناصر في ثاني عشر شعبان سنة خمسين وخمسمائة. وقال بن الجوزي: حدثني الفقيه أبو بكر بن الحضرمي قال: رأيت بن ناصر فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، وقال: قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في زمانك؛ لأنك رئيسهم وسيدهم.
قلت: وفي سنة خمسين مات أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن العصائدي بنيسابور في عشر التسعين، والمعمر الخطيب أبو الحسن علي بن محمد المشكاني راوي التاريخ الصغير للبخاري، والمسند أبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب ببغداد، ومقرئ العراق أبو الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري مصنف "المصباح" ومفتى خراسان الفقيه محمد بن يحيى صاحب الغزالي بل قبلها، وقاضي مصر أبو المعالي محمد بن جميع القرشي الشافعي مصنف كتاب "الذخائر" في المذهب، والواعظ أبو زكريا يحيى بن إبراهيم السلماسي بها.
أخبرتنا زينب بنت عمر ببعلبك عن أحمد بن ظفر أنا محمد بن ناصر الحافظ أنا محمد بن أحمد بن أبي الصقر سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة أنا الحسين بن ميمون الصدفي بمصر أنا محمد بن عبد الله النيسابوري ثنا أحمد بن شعيب الحافظ ثنا قتيبة ثنا الليث عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "ما من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة". [1]
1080- 2/16
البطروجي
العلامة الحافظ الثقة أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الباري الأندلسي.
حمل عن أبي علي الغساني ومحمد بن فرج الطلاعي وأبي الحسن القيسي وخازم بن محمد وخلف بن إبراهيم المقرئ وابن النخاس وطبقتهم، وتفنن في العلوم، روى عنه خلف بن بشكوال وأبو محمد بن عبيد الله الحجري وأبو الحسن محمد بن عبد العزيز الشقوري ومحمد بن إبراهيم بن الفخار ويحيى بن محمد الفهري وآخرون.
قال ابن بشكوال: كان من أهل الحفظ للحديث والفقه والرجال والتواريخ مقدمًا في ذلك على أهل عصره وقال غيره: له مصنفات مشهورة وكان عارفًا بالرجال وتراجمهم، وكان إذا سئل عن شيء فكأنما الجواب على طرف لسانه يورد المسألة بنصها لقوة حافظته، لم يكن في الأندلسيين في وقته مثله لكنه كان نزر العربية خاملا لخفة فيه.
قال ابن بشكوال: مات لثلاث بقين من المحرم سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
قلت: مات فيها الفقيه أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن علي الآبنوسي الشافعي الوكيل ببغداد وله تصانيف وعلو إسناد، والمسند أبو بكر أحمد بن علي بن الأشقر البغدادي الدلال، وشيخ القراء بالعراق أبو محمد دعوان بن علي بن حماد الجبي الضرير، والعلامة أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي الغرناطي المفسر، والمسند أبو القاسم علي ابن الإمام أبي نصر عبد السيد بن محمد بن الصباغ البغدادي، ومحدث بغداد أبو حفص عمر بن ظفر المغازلي الملقن عن إحدى وثمانين سنة، والمسند أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حسن الطرائفي في عشر المائة، ومحدث واسط القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب بن الجلابي، ومفيد بغداد أبو البقاء محمد بن محمد بن معمر بن طبرزذ، ومسند الشام العلامة أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي عن أربع وتسعين سنة ومحدث همذان أبو بكر هبة الله بن الفرج ابن أخي الطويل، ونحوي بغداد الشريف أبو السعادات هبة الله بن علي بن الشجري العلوي.
1081- 3/16
ابن العربي
العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي.
ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة، ورحل مع أبيه إلى المشرق، وسمع أبا عبد الله بن طلحة النعالي وطراد بن محمد الزينبي ونصر بن البطر وطبقتهم ببغداد، وأبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا الفضل بن الفرات وطبقتهما بدمشق، وخاله الحسن بن عمر الهوزني وطائفة بالأندلس، والقاضي أبا الحسن الخلعي ومحمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي وعدة بمصر، والحافظ مكي بن عبد السلام الرميلي ببيت المقدس؛ وتخرج بالإمام أبي حامد الغزالي والعلامة أبي زكريا التبريزي والفقيه أبي بكر الشاشي، وجمع وصنف وبرع في الأدب والبلاغة وبعد صيته.
روى عنه عبد الخالق بن أحمد اليوسفي وابن صابر الدمشقي وأخوه وأحمد بن خلف الإشبيلي القاضي والحسن بن علي القرطبي وأبو بكر محمد بن عبد الله ابن الجد الفهري ومحمد بن إبراهيم بن الفخار ومحمد بن يوسف بن سعادة ومحمد بن علي الكتامي ومحمد بن جابر الثعلبي ونخبة بن يحيى الرعيني والحافظ أبو القاسم السهيلي وعبد المنعم بن يحيى بن الحلوف الغرناطي وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي وخلق كثير، وآخر من روى عنه بالإجازة في سنة ست عشرة وستمائة أبو الحسن علي بن أحمد الشقوري وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر، وقد سمع بمكة من أبي عبد الله الحسين الطبري وأدخل الأندلس علمًا شريفًا وإسنادًا منيفًا، وكان متبحرًا في العلم ثاقب الذهن عذب العبارة موطأ الأكناف كريم الشمائل كثير الأموال، ولي قضاء إشبيلية فحمد وأجاد السياسة وكان ذا شدة وسطوة ثم عزل فأقبل على التصنيف ونشر العلم، أثنى عليه ابن بشكوال بأكثر من هذا وقال: أخبرني أنه رحل إلى المشرق سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وسمعت بإشبيلية منه وقرطبة كثيرًا.
وقال غيره: كان أبوه من علماء الوزراء فصيحًا مفوهًا شاعرًا ماهرًا اتفق موته بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين فرجع ولده أبو بكر إلى الأندلس وكان أبو بكر أحد من بلغ رتبة الاجتهاد فيما قيل. قال ابن النجار: حدث ببغداد بيسير، وصنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتواريخ، واتسع حاله وكثر إفضاله ومدحته الشعراء وعلى إشبيلية سور أنشأه من ماله.
وذكره أبو يحيى أليسع بن حزم وبالغ في تعظيمه وتقريظه قال: فولي القضاء فمحن، وجرى في إعراض الإمارة فلحق وأصبح تتحرك بآثاره الألسنة، ويأتي بما أجراه القدر عليه النوم والسنة، وما أراد إلا خيرًا نصب الشيطان عليه شباكه وسكن الإدبار حراكه، فأبداه للناس صورة تذم وسوءة تبلى لكونه تعلق بأذيال الملك ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحربهم بل داهن، ثم انتقل إلى قرطبة معظمًا مكرمًا حتى حول إلى العدوة فقضى نحبه.
قرأت بخط ابن مسدي في معجمه: أنا أحمد بن محمد بن مفرج البناني سمعت الحافظ ابن الجد وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية أبو بكر بن المرجي وفلان وفلان حضر معهم ابن العربي فتذاكروا حديث المغفر فقال ابن المرجي: لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري؛ فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاث عشرة طريقًا غير طريق مالك؛ فقالوا: أفدنا هذا؛ فوعدهم ولم يخرج لهم شيئًا وفي ذلك يقول خلف بن حبر الأديب:
يا أهل حمص ومن بها أوصيكم بالبر والتقوى وصية مشفق
فخذوا عن العربي أسمار الدجى وخذوا الرواية عن إمام متقي
إن الفتى حلو الكلام مهذب إن لم يجد خبرًا صحيحًا يخلق
قلت: هذه حكاية ساذجة لا تدل على جرح صحيح، ولعل القاضي وهم وسرى فكره إلى حديث فظنه هذا والشعراء يخلقون الإفك.
قال ابن بشكوال: توفي ابن العربي بالعدوة بفاس في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. وفيها أرخه الحافظ ابن المفضل والقاضي ابن خلكان، وفي تاريخ ابن النجار في نسخة نقلت منها: سنة ست وأربعين؛ والأول الصحيح.
وفي سنة ثلاث مات المعمر أبو تمام أحمد بن أبي العز محمد بن المختار ابن المؤيد بالله العباسي التاجر السفار المعروف بابن الخص بنيسابور وهو راوي "صفة المنافق" بتلك الديار، والفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي الرقي، والمحدث الرحال أبو علي الحسن بن مسعود ابن الوزير الدمشقي كهلا بمرو، والمسند أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الدمشقي، وقاضي القضاة الأكمل أبو القاسم علي بن نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي الهاشمي، وأبو غالب محمد بن علي ابن الداية صاحب ابن المسلمة، ومفيد بغداد المكثر الجماعة أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الظفري الخفاف عن ثلاث وخمسين سنة، والمسند أبو الدر ياقوت الرومي السفار الراوي عن الصريفيني، والزاهد الشهيد أبو الحجاج يوسف بن دوناس الفندلاوي المالكي المقبور بمقبرة باب الصغير.
أخبرنا محمد بن جابر أنا أبو العباس أحمد بن الغماز بقراءتي أنا أبو الربيع بن سالم الحافظ أنا عبد الرحمن بن محمد بن خنيس ثنا الحافظ أبو بكر محمد بن العربي أنا طراد بن محمد ثنا هلال بن محمد ثنا الحسين بن يحيى ثنا أبو الأشعث ثنا بشر بن المفضل ثنا شعبة عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال: "من جر ثوبًا من ثيابه من مخيلة، فإن الله لا ينظر إليه". وأخبرناه عاليًا إسماعيل بن عبد الرحمن أنا أبو محمد بن قدامة أنا خطيب الموصل وشهدة وتجني الوهبانية قالوا: أنا طراد.
1082- 4/16
السلفي
الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو طاهر عماد الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الجرواآني.
وجرواآن من محال أصبهان، وسلفة لقب لجده أحمد، ومعناه الغليظ الشفة، كان أبو طاهر لا يحرر عام مولده، وقد قال: كتبوا عني بأصبهان في أول سنة اثنتين وتسعين وأنا ابن سبع عشرة سنة أو نحوها، ليس في وجهي شعرة. وقال أيضًا: أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين وكنت ابن عشر.
قلت: أول سماعه في سنة ثمانين، سمع الرئيس القاسم بن الفضل الثقفي عبد الرحمن بن محمد بن يوسف القصري وسعيد بن محمد الجوهري ومكي بن منصور السلار ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني وأبا مطيع الصحاف وأبا العباس بن أشتة وخلائق بأصبهان، ورحل إلى بغداد سنة ثلاث وتسعين فسمع من نصر بن البطر، وفرح بلقيه، ومن أبي بكر الطوسي والحسين بن علي بن البسري وطبقتهم، وبالكوفة من أبي البقاء الحبال، وبمكة من الحسين بن علي الطبري، وبالمدينة أبا الفرج القزويني، وبالبصرة من محمد بن جعفر العسكري، وبزنجان من أبي بكر أحمد بن محمد بن زنجويه، وبهمذان من أبي غالب أحمد بن محمد العدل، وبالري من صاحب البحر أبي المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الشافعي، وبقزوين من إسماعيل بن عبد الجبار المالكي، وبمراغة من سعد بن علي المصري، وبدمشق من أبي طاهر الحنائي، وبنهاوند من أبي منصور محمد بن عبد الرحمن بن غزو، وبأبهر من أبي سعيد عبد الرحمن بن ملكان الشافعي، وبواسط من أبي نعيم بن زيزب، وبسلماس من محمد بن سعادة الهلالي، وبالحلة من محمد بن الحسن بن فدويه الكوفي، وبشهرستان من أبي الفتح أحمد بن محمد بن رشيد الأدمي، وبالإسكندرية من أبي القاسم بن الفحام الصقلي؛ وبقي في الرحلة بضع عشرة سنة، وسمع ما لا يوصف كثرة، ونسخ بخطه الصحيح السريع وهو في غضون ذلك يقرأ القرآن والفقه والعربية وغير ذلك وكان متقنًا متثبتًا دينًا خيرًا حافظًا ناقدًا مجموع الفضائل انتهى إليه علو الإسناد.
وروى الحفاظ عنه في حياته؛ وله ثلاثة معاجم؛ معجم لمشيخة أصبهان في مجلد يكونون أزيد من ستمائة شيخ، ومعجم لمشيخة بغداد وهو كبير، ومعجم لباقي البلاد سماه معجم السفر؛ ركب من بلد صور في البحر إلى الإسكندرية في سنة إحدى عشرة فاستوطنها خمسًا وستين سنة إلى أن مات ما خرج منها سوى خرجته إلى القاهرة للسماع من أبي الصادق مرشد بن يحيى المديني وطبقته.
سمع منه أبو علي البرداني الحافظ والكبار، وحدث عنه الحافظ محمد بن طاهر ومات قبله بستين عامًا والمحدث سعد الخير الأندلسي وأبو العز محمد بن علي المُلقاباذي والضياء بن هبة الله ابن عساكر ويحيى بن سعدون القُرطُبي وخلق مثلهم ممن مات قبله، وقد روى عنه القاضي عياض بالإجازة ومات قبله بدهر؛ وممن روى عنه الحافظ عبد الغني المقدسي وعلي بن المفضل وربيعة اليمني وعبد القادر الرهاوي؛ والشيوخ، ابن راحج المقدسي وعبد القوي بن الجباب وعبد الغافر المحلي والفخر الفارسي والحسن بن أحمد الأوقي ومحمد بن عماد ومرتضى بن حاتم وأبو القاسم الصفراوي وأبو الفضل الهمذاني وعبد الرحيم بن الطفيل ويوسف بن المخيلي ومنصور بن الدماغ والعلم بن الصابوني وعبد الوهاب بن رواح ويوسف الساوي وأبو الحسين بن الجميزي وأبو القاسم بن رواحة وأبو القاسم عبد الرحمن بن مكي سبط السلفي وخلائق، وأبو بكر محمد بن السفاقسي وعاش في حضور....... المسلسل بالأولية إلى سنة أربع وخمسين، وبقي بعدهم طائفة كعثمان ابن خطيب القرافة وغير واحد بالإجازة.
قال الأوقي: سمعته يقول: لي ستون سنة ما رأيت منارة الإسكندرية إلا من هذه الطاقة.
قال ابن المفضل: عدة شيوخ الحافظ بأصبهان فوق الستمائة شيخ، وخرج إلى بغداد وله عشرون سنة أو أقل أو أكثر فمشيخته في بغداد في خمسة وثلاثين جزءًا؛ قال: وله تصانيف كثيرة، وكان ينظم الشعر ويثيب من يمدحه، إلى أن قال: ولقي في القراءات ابن سوار وأبا منصور الخياط وأبا الخطاب بن الجراح، سمعته يقول: متى لم يكن الأصل بخطي لم أفرح به.
وكان جيد الضبط كثير البحث عما يشكل، وكان أوحد زمانه في علم الحديث وأعرفهم بقوانين الرواية والتحديث، جمع بين علو الإسناد وعلو الانتقاد وبذلك تفرد عن أبناء جنسه؛ قال السمعاني في الذيل: أبو طاهر ثقة ورع متقن ثبت فهم حافظ له حظ من العربية كثير الحديث حسن البصيرة فيه.
أنبأنا جماعة عمن سمع أبا سعيد عبد الكريم بن محمد الحافظ ثنا أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ، سمعت محمد بن طاهر المقدسي، سمعت أبا طاهر الأصبهاني وكان من أهل الصنعة يقول: كان أبو حازم العبدوي إذا روى عن أبي سعد الماليني يقول: ثنا أحمد بن حفص الحدثي، هذا أو نحوه.
قال أبو سعد: وقد صحب السلفي والدي ببغداد مدة ثم ركب من صور في البحر إلى مصر وأجاز لي. وعن ابن ناصر قال: كان السلفي ببغداد كأنه شعلة نار في التحصيل. قال عبد القاهر الرهاوي: كان له عند ملوك مصر الجاه والقوة والكلمة النافذة مع مخالفته لهم في المذهب، وكان لا يبدو منه جفوة لأحد ويجلس للحديث ولا يشرب ماء ولا يبزق ولا يتورك ولا يبدو له قدم وقد جاوز المائة، بلغني أن سلطان مصر حضر عنده ليسمع فشرع يتحدث مع أخيه فزبرهما وقال: أيش هذا؟ نقرأ الحديث وأنتما تتحدثان. وبلغني أنه مدة مقامه بالإسكندرية ما خرج إلى فرجة إلا مرة واحدة، وما تكاد تدخل إلا تراه مطالعًا في شيء وكان حليمًا.
ولما دخل الثغر رآه الفضلاء والكبراء فاستحسنوا علمه وأخلاقه وآدابه فأكرموه وخدموه. وحدثني بعض رفقائي عن ابن شافع قال: السلفي شيخ العلماء. وسمعت بعض فضلاء همذان يقول: السلفي أحفظ الحفاظ. قال ابن عساكر: سمعت بقراءة السلفي من جماعة ولم أظفر بالسماع منه.
تزوج في الإسكندرية امرأة ذات بستان وحصلت له ثروة بعد فقر وتصوف وصارت له بالثغر وجاهة وبنى له العادل علي بن إسحاق بن السلار أمير مصر مدرسة ووقف عليها. قال عبد القادر: كان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر أزال من جواره منكرات كثيرة، رأيته منع القراء بالألحان وقال: هذه القراءة بدعة، اقرءوا ترتيلا، فقرءوا.
نقلت من خط الحافظ عبد الغني نقل خطوط المشايخ للسلفي بالقراءات وأنه قرأ بحرف عاصم على أبي سعد المطرز، وقرأ لحمزة والكسائي على أبي محمد بن أبي نصر القصار، وقرأ لقالون على نصر بن محمد الشيرازي، ولقنبل على عبد الله بن أحمد الخرقي، وقد قرأ عليهم في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وبعدها. وقال ابن نقطة: كان السلفي جوالا في الآفاق حافظًا ثقة متقنًا أحضروا له نسخة سعد الخير بالمجتبى للنسائي ليرويه فاجتذبها من يد القارئ بغيظ وقال: لا أحدث إلا من أصلي.
قال ابن المفضل: حفظت أسماء وكنى ثم ذاكرت السلفي فجعل يذكرها حفظًا، وقال: ما هذا مليح، أنا شيخ كبير في هذه البلدة لا يذاكرني أحد وحفظي هكذا. قال العماد في الخريدة: طوف السلفي بلادًا وشدت إليه الرحال وتبرك به الملوك والأقيال وله شعر ورسائل ومصنفات.
قال الحافظ عبد العظيم: كان السلفي مغرى بجمع الكتب وما حصل له من المال يخرجه في ثمنها، كان عنده خزائن كتب لا يتفرغ للنظر فيها فعفنت وتلصقت لنداوة البلد فكانوا يخلصونها بالفأس فتلف أكثرها. ومما شوهد بخطه: مولدي سنة اثنتين وسبعين تخمينًا لا يقينًا. قال حماد بن هبة الله: سمعت السلفي يقول: دخلت بغداد في شوال سنة ثلاث وتسعين، فساعة دخولي لم يكن لي هم إلا ابن البطر فذهبت إليه وكان شيخًا عسرًا فقلت: قد جئت من أصبهان لأجلك، فقال: اقرأ، وجعل الراء غينًا، فقرأت عليه وأنا متكئ من دماميل، فقال: أبصر ذا الكلب، فاعتذرت بالدماميل وبكيت من قوله وقرأت سبعة عشر حديثًا وخرجت ثم قرأت عليه نحوًا من خمسة وعشرين جزءًا، ولم يكن بذاك.
أخبرنا ابن علان إجازة عن القاسم بن علي ابن عساكر أنا أبي أنشدنا أبو سعد السمعاني بدمشق أنشدنا أبو العز محمد بن علي أنشدنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ لنفسه بميافارقين:
إن علم الحديث علم رجال تركوا الابتداع للاتباع
فإذا جن ليلهم كتبوه وإذا أصبحوا غدوا للسماع أنشدنا بعلو أبو الحسين اليونيني أنا جعفر بن علي أنشدنا السلفي، فذكرهما. قال الوجيه عيسى بن عبد العزيز اللخمي: توفي السلفي صبيحة الجمعة خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة وله مائة وست سنين وحدث ليلة موته، وهو يرد اللحن الخفي على القارئ وصلى الصبح ومات فجأة. قلت: لم يبلغ مائة وست سنين بل مائة وسنتين أو نحو ذلك مع الجزم بأنه كمل المائة.
قال ابن خلكان القاضي: كانت ولادته سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة تقريبًا.
ومات معه في العام الشريف أبو المفاخر سعيد بن الحسين الهاشمي العباسي المامرني النيسابوري راوي صحيح مسلم بمصر، والمسند أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن صابر الأزدي الدمشقي بها، والمسند أبو الفهم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن أبي العجائز الأزدي بدمشق، والعلامة حجة العرب أبو الحسن علي بن عبد الرحيم بن الحسين العصار السلمي ببغداد وآخرون.
أخبرنا علي بن محمد الحافظ أنا أحمد بن محمد البصري أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا القاسم بن الفضل أنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد القاضي إملاء أنا عبد الله بن جعفر بن أحمد ثنا أحمد بن عصام ثنا أبو عامر العقدي ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله، ﷺ: "طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية". أخرجه مسلم من حديث الثوري.
1083- 5/16
عياض
بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض القاضي العلامة عالم المغرب، أبو الفضل اليحصبي السبتي الحافظ: مولده بسبتة في سنة ست وسبعين وأربعمائة وأصله أندلسي، تحول جده إلى فاس ثم سكن سبتة، أجازه القاضي الحافظ أبو علي الغساني، وكان يمكنه السماع منه وهو ابن عشرين سنة وإنما دخل القاضي إلى الأندلس بعد موته فأخذ عن محمد بن حمدين وأبي علي بن سكرة وأبي الحسين بن سراج وأبي محمد بن عتاب وهشام بن أحمد وأبي بحر بن العاص وخلق وتفقه بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله المسيلي، وصنف التصانيف التي سارت بها الركبان واشتهر اسمه وبعد صيته.
قال ابن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم استقضى بسبتة مدة طويلة حمدت سيرته فيها ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة فلم تطل مدته فيها وقدم علينا قرطبة فأخذنا عنه.
قال الفقيه محمد بن حمادة السبتي: جلس القاضي للمناظرة وله نحو من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة، فسار بأحسن سيرة، كان هينًا من غير ضعف صليبًا في الحق، تفقه على أبي عبد الله التميمي وصحب أبا إسحاق بن جعفر الفقيه ولم يكن أحد بسبتة في عصره أكثر تواليف منه.
وله كتاب "الشفاء في شرف المصطفى" وكتاب "ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك" وكتاب "العقيدة" وكتاب "شرح حديث أم زرع" وكتاب "جامع التاريخ" الذي أربى على جميع المؤلفات جمع فيه أخبار ملوك الأندلس والمغرب واستوعب فيه أخبار سبتة وعلماءها، وله كتاب "مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار" من الموطأ والصحيحين، إلى أن قال: وحاز من الرياسة في بلده ومن الرفعة ما لم يصل إليه أحد قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعًا وخشية لله، وله من المؤلفات الصغار أشياء لم نذكرها.
قال القاضي شمس الدين بن خلكان: هو إمام الحديث في وقته وأعرف الناس بعلومه وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، قال: ومن تصانيفه كتاب "الإكمال في شرح مسلم" كمل به كتاب "المعلم" للمازري ومنها كتاب "مشارق الأنوار" في تفسير غرائب الحديث، وكتاب "التنبيهات" فيه فوائد وغرائب، وكل تواليفه بديعة، وله شعر حسن، فمنه ما رواه عنه ابنه قاضي دانية أبو عبد الله محمد بن عياض:
انظر إلى الزرع وخاماته تحكى وقد ماست أمام الرياح
كتيبة خضراء مهزومة شقائق النعمان فيها جراح قلت: روى عنه خلق كثير منهم عبد الله بن محمد الأشيري وأبو جعفر بن القصير الغرناطي وأبو القاسم خلف بن بشكوال وأبو محمد بن عبيد الله الحجري ومحمد بن الحسن الجابري. قال ابن بشكوال: توفي القاضي عياض مغربًا عن وطنه في وسط سنة أربع وأربعين وخمسمائة. قال ولده محمد: توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخرة ودفن بمراكش.
قلت: وفيها مات العلامة أبو جعفر أحمد بن علي بن أبي جعفر البيهقي صاحب التصانيف، وقاضي تُستر القاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن حسين الأرجاني شاعر وقته، والمسند أبو المحاسن سعد بن علي بن الموفق الهروي، والإمام أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد المرادي القُرطُبي محدث حلب.
أخبرنا القاضي معين الدين علي بن أحمد بن أبي الحسن بالإسكندرية أنا محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري بقراءتي عن عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحافظ "ح" وأنا أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عمران الحضرمي أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي مرارًا أنا محمد بن عبد الله الأزدي أنا محمد بن الحسن بن عطية الجابري قالا: أنا عياض بن موسى الحافظ قال: ثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى التميمي وأبو الوليد هشام بن أحمد الفقيه قالا: ثنا أبو علي الغساني ثنا أبو عمر النمري ثنا ابن عبد المؤمن ثنا أبو بكر التمار ثنا أبو داود ثنا محمد بن سلمة ثنا ابن وهب عن حيوة وابن لهيعة وسعيد بن أبي أيوب عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي ﷺ يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلى عليَّ مرة صلى الله عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة". [2]
1084- 6/16
الرشاطي
عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن أحمد الحافظ النسابة أبو محمد اللخمي المري المعروف بالرشاطي.
قال أبو جعفر بن الزبير: روى عن أبي علي الغساني وأبي الحسن ابن أخي الدش وأبي علي الصدفي وابن فتحون وجماعة وألف كتابه الحافل المسمى ب "اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب رواة الآثار" وكتاب "الإعلام لما في المختلف والمؤتلف للدارقطني من الأوهام" وانتصاره من القاضي أبي محمد بن عطية وغير ذلك وكان ضابطًا محدثًا متقنًا إمامًا مفيدًا ذاكرًا للرجال حافظًا للتاريخ والأنساب فقيهًا بارعًا أحد الجلة المشار إليهم، روى عنه أبو محمد عبيد الله وأحمد بن حبر وابن مضا وابن خالد بن رفاعة وأبو محمد عبد الرحيم وأبو بكر بن أبي حمزة، واستشهد عند دخول العدو المرية في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وكان مولده في سنة ست وأربعمائة، وقال ابن عاف: في سنة خمس وستين وأربعمائة؛ والأول أصح.
1085
الجوزقاني
الحافظ الإمام أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن حسين بن جعفر الهمذاني مصنف كتاب "الأباطيل".
وهو محتوٍ على أحاديث موضوعة وواهية طالعته واستفدت منه مع أوهام فيه، وقد بين بطلان أحاديث واهية بمعارضة أحاديث صحاح لها، سمع عبد الرحمن بن حمد الدوني وهو أكبر شيخ له ويحيى بن أحمد الغضائري ومحمد بن طاهر المقدسي وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وشيرويه بن شهردار الديلمي وأحمد بن عباد البروجردي وأبا زكريا يحيى بن منده وعبد الملك بن بنجير وحمد بن نصر وطائفة سواهم، ومن صغار شيوخه عبد الخالق بن أحمد اليوسفي، روى هذا الكتاب عنه ابن أخته نجيب بن غانم الطيان فحدث به نجيب في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
وأما الجوزقاني صاحب الترجمة فلا أعلم متى توفي، ثم رأيته في تاريخ ابن النجاروان بن مشق ضبط وفاته في سادس عشر رجب سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. قال ابن النجار: وجوزقان ناحية من همذان كتب وحصل وصنف عدة كتب في علم الحديث منها كتاب "الموضوعات" أجاد تصنيفه روى لنا عنه عبد الرزاق الجيلي.
1086- 8/16
الفامي
الحافظ أبو النصر عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور الهروي محدث هراة.
ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة بهراة، وسمع أبا عبد الله محمد بن علي العميري ونجيب بن ميمون الواسطي وأبا عامر محمود بن القاسم الأزدي وشيخ الإسلام أبا إسماعيل الأنصاري وعدة، وفي الرحلة من أبي القاسم بن الحصين وهبة الله بن علي البخاري، ذكره السمعاني في تاريخه فقال: كان ببغداد حسن السيرة جميل الطريقة دمث الأخلاق كثير الصدقة والصلاة دائم الذكر متوددًا متواضعًا، له معرفة بالحديث والأدب يكرم الغرباء ويفيدهم عن الشيخ وكان ثقة مأمونًا كتبت عنه بهراة ونواحيها، مات في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمسمائة. قلت: لقبه ثقة الدين، وروى عنه الحافظان ابن عساكر والسمعاني وأبو روح عبد المعز الهروي، وله تاريخ صغير.
وفيها مات المسند أبو المعالي أحمد بن محمد بن عثمان المذاري ببغداد سمع أبا علي بن البناء، والمسند الفقيه أبو سعد عمر بن علي بن الحسين المحمودي البلخي صاحب الوخشى، والمسند نوشتكين بن عبد الله الرضواني البغدادي، ومسند خراسان الخطيب أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن أبي القاسم القشيري.
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء عن عبد المعز بن محمد أنا الحافظ ثقة الدين أبو النضر عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي أنا زيد بن الفضل أنا علي بن أبي طالب الخوارزمي أنا أبو علي الرفاء ثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا سفيان عن الزهري عن أنس أن النبي ﷺ نهى عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيه.
1087- 9/16
ابن الدباغ
الحافظ أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيرة، وقيل: إبراهيم بدل عمر، اللخمي الأندلسي الأندي محدث مرسية، لا بل محدث الأندلس.
استوعب أخباره ابن الزبير فقال: هو أحد الأئمة المهرة المتقنين في صناعة الحديث وجهابذة النقاد اعتمد أبا علي بن سكرة وأكثر عنه وعن أبي عبد الله أحمد بن محمد الخولاني وابن عتاب وخلف بن إبراهيم بن النحاس وعبد القادر بن محمد الصدفي، واعتمده الناس فيما قيد لإمامته وإتقانه، وعول عليه الجُلة، وكان من آخر أئمة المحدثين بالأندلس وكان سمحًا مؤثرًا على قلة ذات يده، نزه النفس، ولي خطابة مرسية وقتًا ثم ولي قضاء دانية.
قال أبو العطاء وهب بن نذير: هو خاتمة أئمة المحدثين، وله تواليف، أكثر عنه ابن بشكوال وأبو بكر بن أبي جمرة، وقال ابن بشكوال: روى عن أبي علي الصدفي كثيرًا ولازمه طويلا، وأخذ عنه جماعة من شيوخنا وكان من أنبل أصحابنا وأعرفهم بطريقة الحديث وأسماء الرجال وأزمانهم وضعفائهم وثقاتهم وأعمارهم وآثارهم، من أهل العناية الكاملة بتقييد العلم ولقاء الشيوخ، لقي منهم كثيرًا وكتب عنهم، شُوور في الأحكام ببلده ثم خطب به وقتًا، وقال لي: إن مولده سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
قلت: حدث عنه ابن بشكوال والوزير أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز التجيبي البلنسي وأحمد بن أبي المطرف البلنسي وأحمد بن سلمة اللورقي ومحمد بن أبي الحسن بن هذيل وآخرون. وله جزء لطيف في أسماء الحفاظ، عاش خمسًا وستين سنة رأيت برنامجه وفيه كتب كبار كثيرة من مروياته.
أخبرنا أبو الحسين اليونيني أنا أبو الخطاب عمر بن حسين الكلبي أنا القاضي أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز التجيبي ثنا الحافظ أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز اللخمي قال: الطبقة الأولى من أئمة المحدثين محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. قلت: فبدأ به إلى أن ختم الجزء بأبي طاهر السلفي. توفي ابن الدباغ في سنة ست وأربعين وخمسمائة كالذي قبله، وأعلى شيء عنده الموطأ قرأه على الخولاني في حدود سنة إحدى وخمسمائة بسماعه من عثمان بن أحمد القشطالي صاحب أبي عيسى بن عبد الله الليثي وسمع من ابن سكرة الصحيحين وسنن الدارقطني والموطأ وسنن أبي داود والعلل للدارقطني ومائة جزء من مسند يعقوب السدوسي ومسند البزار في تسعين جزءًا وجامع الترمذي وغير ذلك، الجميع سمعه من أبي علي حتى إنه سمع منه كتاب الغريبين للهروي والسنن للباجي ومعجم ابن قانع ومعظم تاريخ ابن أبي خيثمة، وسمع النسائي من ابن عتاب ومسند أبي بكر بن أبي شيبة سمعه من يونس بن مغيث. فأنبأني أحمد بن سلامة عن أبي جعفر أحمد بن علي القرطبي قال: أنا أبو الوليد بن الدباغ سماعًا لجميع الموطأ بقراءة أبي قال: قرأته على الخولاني بسنده، والكتاب سماع التاج بن أبي جعفر سمعه منه المحدث أبو محمد الحرائري.
1088- 10/16
السبحي
الحافظ الإمام محدث مرو وخطيبها أبو طاهر محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أبي سهل المروزي السبحي.
مولده بقرية سبح الكبيرة في حدود سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وسمع الكثير ورحل وتفقه أولا على العلامة أبي المظفر السمعاني وعبد الرحمن الزاز؛ قال أبو سعد السمعاني: كان إمامًا ورعًا متهجدًا متواضعًا سريع الدمعة، سمع إسماعيل بن محمد الزاهري ومحمد بن علي الشاشي الفقيه وعلي بن أحمد المديني الأخرم ونصر الله بن أحمد الخشنامي والشريف محمد بن عبد السلام الأنصاري وثابت بن بندار البقال وجعفر بن أحمد السراج وأبا البقاء المعمر بن محمد الحبال والحافظ أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه الأصبهاني وأبا سعد المطرز وعبد الرحمن بن أحمد الدوني وطبقتهم بخراسان وبغداد والكوفة والحجاز وأصبهان، وكان رفيق والدي في الرحلة ومن أخص أصحابه نسخ لنفسه ولغيره، وله معرفة بالحديث وهو ثقة دين قانع بما هو فيه كثير التلاوة حج مع والدي وسمعت من لفظه الكثير وكان يلي الخطابة في الجامع الأقدم.
قلت: سمع منه عبد الرحيم بن أبي سعد مع والده "صحيح مسلم" و"النسائي" و"الرقاق" لابن المبارك و"الحلية" لأبي نعيم والأحاديث الألف لشيخه أبي المظفر السمعاني، مات في شوال سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
وفيها مات شيخ الصوفية بمرو الخطيب أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكشميهني خاتمة من روى عن أبي الخير محمد بن عمران الروزي صحيح البخاري، وشيخ بغداد القدوة المعمر أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن أحمد بن الطلاية، ومفيد بغداد الإمام أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف اليوسفي عن أربع وثمانين سنة، والمحدث الصادق أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل الكروجي الهروي المجاور، والمسند أبو المعالي الفضل ابن المحدث سهل بن بشر الأسفراييني ثم الدمشقي الملقب بالأثير، والمسند أبو طالب محمد بن عبد الرحمن بن محمد الحيري الكنجرودي النيسابوري الجزباراني عن ست وثمانين سنة، ومسند بغداد أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن أبي شريك الحاسب صاحب ابن النقور، وبركة والشام القدة أبو الحسين بن أبي عبد الله بن حمزة الزاهد المقدسي بحلب، والمسند أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود السوسي بدمشق، وشاعر العصر العلامة أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير بن خالد القيسراني، والأديب البارع أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد الطرابلسي الرفاء الشاعر المحسن، والعلامة أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني صاحب الملل والنحل ومفتي خراسان الإمام أبو سعد محمد بن يحيى بن أبي منصور الشافعي النيسابوري ميحي الدين تلميذ الغزالي، فسبحانه ورث الأرض ومن عليها.
أخبرنا أحمد بن هبة الله بقراءتي عن عبد الرحيم بن عبد الكريم أنا أبو طاهر السبحي أنا فقيه الشاش أبو بكر محمد بن علي بن حامد قدم علينا أنا أبو الفضل الكاغذي أنا الهيثم بن كليب ثنا أبو قلابة ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله، ﷺ: "من سألكم فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه".
1089- 11/16
كوتاه
الحافظ الإمام المفيد أبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الأصبهاني الملقب بكوتاه.
سمع أبا بكر بن ماجه الأبهري ورزق الله التميمي والرئيس أبا عبد الله الثقفي وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني وطبقتهم فأكثر.
قال أبو موسى المديني: أوحد وقته في علمه مع حسن طريقته وتواضعه، حدثنا لفظًا وحفظًا على منبر وعظه سنة سبع عشرة، وقال لي: ولدت سنة ست وسبعين وأربعمائة.
قال السمعاني: هو من أولاد المحدثين حسن السيرة مكرم للغرباء فقير قنوع صحب والدي مدة مقامه بأصبهان وسمع بقراءته الكثير، وله معرفة بالحديث وهو من مقدمي أصحاب شيخنا إسماعيل الحافظ حضرت مجلس أماليه، وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه ثناء حسنًا ويفخم أمره ويصفه بالحفظ والإتقان. قلت: وسمع بنيسابور من عبد القاهر الشيروي، وببغداد من طائفة، وكان يقول: ينزل بذاته فهجره شيخه إسماعيل لإطلاق هذه العبارة، وقد روى عنه الحافظ ابن عساكر والحافظ يوسف الشيرازي، وبالإجازة كريمة الزبيرية.
أنبئونا عمن سمع أبا سعد الحافظ ثنا عبد الخالق بن زاهر ثنا صاعد بن سنان الحافظ ثنا عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بمدينة النبي ﷺ أنا روح بن محمد أنا أبو الحسن الجرجاني أنا ابن خُرَّزاد ثنا علي بن روحان ثنا أحمد بن سنان سمعت شيبان بن يحيى يقول: ما أعلم طريقًا إلى الجنة أقصد ممن يسلك طريق الحديث. وقد بقيت كريمة بعد صاعد مائة وعشرين سنة، وهذا يدخل في فن السابق واللاحق.
أخبرنا محمد بن الحسن الفقيه أخبرتنا كريمة أنا عبد الجليل بن محمد في كتابه أنا رزق الله بن عبد الوهاب أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب ثنا صالح بن موسى ثنا يحيى بن يحيى قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة المغرب، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون". [3]
توفي كوتاه الحافظ بأصبهان في شعبان سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
وفيها مات مسند زمانه الإمام أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي ببغداد عن خمس وتسعين سنة، والمسند أبو الحسن علي ابن عساكر بن سرور الدمشقي الخشاب بدمشق، والعلامة أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور بن الصفار النيسابوري، ومقرئ واسط وإمام جامعها أبو الفتح المبارك بن أحمد بن زريق الحداد الواسطي، والمسند الأديب أبو المحاسن مسعود بن محمد بن غانم الهروي وله إجازة القشيري.
1090- 12/16
السمعاني
الحافظ البارع العلامة تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم ابن الحافظ تاج الإسلام معين الدين أبي بكر محمد ابن العلامة المجتهد أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر التميمي السمعاني المروزي، صاحب التصانيف.
ولد في شعبان سنة ست وخمسمائة وحمله والده إلى نيسابور في آخر سنة تسع فلحق بحضوره المعمر عبد الغفار بن محمد الشيرازي، وعبيد بن محمد القشيري وعدة، وحضر بمرو على أبي منصور محمد بن علي نافلة الكراعي، فمات أبوه سنة عشر وتربى مع أعمامه وأهله وحفظ القرآن والفقه ثم حبب إليه هذا الشأن وعني به ورحل إلى الأقاليم النائية؛ وسمع من أبي عبد الله الفراوي وزاهر الشحامي وطبقتهما بنيسابور، والحسين بن عبد الملك الخلال وسعيد بن أبي الرجاء وطبقتهما بأصبهان، وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وطبقته ببغداد، وعمر بن إبراهيم العلوي بالكوفة، وأبي الفتح المصيصي بدمشق، وببخارى وسمرقند وبلخ؛ وعمل المعجم في عدة مجلدات، وكان ذكيًّا فهمًا سريع الكتابة مليحها درس وأفتى ووعظ وأملى وكتب عمن دب ودرج، وكان ثقة حافظًا حجة واسع الرحلة عدلًا دينًا جميل السيرة حسن الصحبة كثير المحفوظ.
قال ابن النجار: سمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ وهذا شيء لم يبلغه أحد، وكان مليح التصانيف كثير النشوار والأناشيد لطيف المزاح ظريفًا حافظًا واسع الرحلة ثقة صدوقًا دينًا سمع منه مشايخه وأقرانه وحدثنا عنه جماعة. قلت: روى عنه ولده عبد الرحيم مفتي مرو وأبو القاسم ابن عساكر وابنه القاسم وعبد الوهاب ابن سكينة وعبد الغفار بن منينا وأبو روح عبد العزيز بن محمد الهروي وأبو الضوء شهاب الشذباني والافتخار عبد المطلب الحلبي وأبو الفتح محمد بن محمد الصائغ وخلق.
ذكر تصانيفه: نقل أسماءها ابن النجار من خطه، منها "الذيل" على تاريخ الخطيب أربعمائة طاقة، "تاريخ مرو" خمسمائة طاقة، "أدب الطلب" مائة وخمسون طاقة، "الإسفار عن الأسفار" خمس وعشرون طاقة، "الإملاء والاستملاء" خمس عشرة طاقة، "معجم البلدان" خمسون طاقة، "معجم الشيوخ" ثمانون طاقة، "تحفة المسافر" مائة وخمسون طاقة، "الهداية" خمس وعشرون طاقة، "عز العزلة" سبعون طاقة، "الأدب واستعمال الحسب" خمس طاقات، "المناسك" ستون طاقة، "الدعوات" أربعون طاقة، "الدعوات النبوية" خمس عشرة طاقة، "غسل اليدين" خمس طاقات، "أفانين البساتين" خمس عشرة طاقة، "دخول الحمام" خمس عشرة طاقة، "صلاة التصبيح" عشر طاقات، "التحايا" ست طاقات، "تحفة العيد" ثلاثون طاقة، "فضل الديك" خمس طاقات، "الرسائل والوسائل" خمس عشرة طاقة، "صوم البيض" خمس عشرة طاقة، "سلوة الأحباب" خمس طاقات، "التحبير في المعجم الكبير" ثلاثمائة طاقة، "فرط الغرام إلى ساكني الشام" خمس عشرة طاقة، "مقام العلماء بين يدي الأمراء" إحدى عشرة طاقة، "المسارات والمصافحة" ثلاث عشرة طاقة، "ذكرى حبيب رحل، وبشرى مشيب نزل" عشرون طاقة، "الأمالي الخمسمائة" مائتا طاقة، ""فوائد الموائد" مائتا طاقة، "فضل الهر" ثلاث طاقات"، "ركوب البحر" سبع طاقات، "الهريسة" ثلاث طاقات، "وفيات المتأخرين" خمس عشرة طاقة، ""الأنساب" ثلاثمائة وخمسون طاقة"، "الأمالي" ستون طاقة، "بخار بخور البخاري" عشرون طاقة، "تقديم الجفان إلى الضيفان" سبعون طاقة، "صلاة الضحى" عشر طاقات، "الصدق في الصداقة"، "الريح في التجارة"، "رفع الارتياب عن كتابة الكتاب" أربع طاقات، "النزوع إلى الأوطان" خمس وثلاثون طاقة، "تخفيف الصلاة" في طاقتين، "لفتة المشتاق إلى ساكن العراق" أربع طاقات، "من كنيته أبو سعد" ثلاثون طاقة، "فضائل الشام" في طاقتين، "فضل ياسين" في طاقتين.
وقد ذهب أبو سعد إلى بيت المقدس وزاره والنصارى يومئذ ولاته، وذكر في كتاب التحبير تراجم شيوخه فأفاد وأجاد طالعته، مات في ربيع الأول في أوله سنة اثنتين وستين وخمسمائة بمرو، وله ست وخمسون سنة.
وفيها مات مسند هراة أبو محمد عبد الجليل بن أبي سعد المعدل راوي جزء بيبي الهرثمية عنها، وخطيب دمشق وفقيهها أبو البركات الخضر بن شبل بن عبد الحارثي الشافعي عن ست وسبعين سنة، ومسند سجستان الإمام أبو عروية عبد الهادي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مأمون السجستاني الذي ارتحل إليه عبد القادر الرهاوي، وفقيه دمشق وفرضيها جمال الأئمة علي بن الحسين بن الحسن بن الماسح الكلابي عن أربع وسبعين سنة، ومحدث المشرق المعمر أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي ثم البلخي الفقيه عن سبع وثمانين سنة، والشيخ أبو عاصم قيس بن محمد السويقى بأصبهان لقي في حجه أبا الحسن بن العلاف، وواعظ مصر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ثابت الكيزاني، ومسند بغداد أبو المعالي محمد بن محمد بن محمد بن الحباب اللحاس الحريمي العطار وله سماع في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، والشيخ أبو طالب المبارك بن علي بن خضير الصيرفي ببغداد، والمسند أبو الفضل المبارك بن المبارك بن صدقة السمسار سمع من طراد، والمسند أبو محمد عبد الواحد بن الحسين بن البارزي ببغداد سمع النعالي وعدة، والمسند أبو الحسن علي بن مهدي الهلالي الطيب بدمشق، ومسند العراق أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن هلال الدقاق عن إحدى وتسعين سنة، ومسند الوقت الرئيس أبو الفرج مسعود بن الحسن بن القاسم بن الفضل الثقفي الأصبهاني في رجب عن مائة سنة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا عبد المعز بن محمد إجازة أنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد أنا عبد الغافر بن محمد حضورًا أنا أبو بكر الحيري ثنا أبو العباس المعقلي ثنا زكريا بن يحيى ثنا ابن عيينة عن الزهري عن أنس قال: قال رجل: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال: "ما أعددتَ لها؟" فلم يذكر كبيرًا إلا أنه يحب الله ورسوله، قال: "فأنت مع من أحببتَ".
1091- 13/16
معمر بن عبد الواحد
بن رجاء بن عبد الواحد بن محمد بن الفاخر الحافظ الإمام مفيد أصبهان، أبو أحمد القرشي العبشمي السمري الأصبهاني المعدل الواعظ.
ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وسمع أبا الفتح أحمد بن محمد الحذاء وأبا المحاسن الروياني الفقيه وغانمًا البرجي وأبا علي الحداد وطبقتهم، وارتحل إلى بغداد فسمع أبا القاسم بن الحصين وأبا العز بن كادش وقاضي المرستان، وارتحل إلى بغداد سبع مرات وأسمع بها أولاده.
حدث عنه أبو سعد السمعاني وابن الجوزي والحافظ عبد الغني وابن قدامة والسهروردي وعمر بن جابر وابن الأخضر وأبو الحسن بن المقير وآخرون؛ وروى عنه بالإجازة الرشيد بن مسلمة؛ قال السمعاني: شاب كيس حسن العشرة سخي النفس متودد قاضٍ للحوائج أكثر ما سمعت بأصبهان كان بإفادته يدور معي من بكرة إلى الليل، شكر الله سعيه، ثم كان ينفذ إلي الأجزاء لأكتبها ويكتب لي وفاة الشيوخ وحدثني بجزء انتقاه لي عن شيوخه.
قال ابن الجوزي: كان معمر من الحفاظ الوعاظ له معرفة حسنة بالحديث كان يخرج ويملي سمعت منه بالمدينة النبوية. وقال ابن النجار: كان سريع الكتابة موصوفًا بالحفظ والمعرفة والصلاح والثقة والورع والمروءة، صنف كثيرًا في الحديث والتواريخ والمعاجم وكان معظمًا بأصبهان ذا قبول ووجاهة، مات ببادية الحجاز في ذي القعدة سنة أربع وستين وخمسمائة.
وفيها مات الواعظ أبو الحسن سعد الله بن نصر بن الدجاجي البغدادي المقرئ، والعالم المحدث الجوال أبو محمد عبد الخالق بن أسعد الدمشقي الحنفي صاحب المعجم، ومسند قرطبة أبو مروان عبد الرحمن بن محمد بن قزمان الفقيه عن خمس وثمانين سنة، وشيخ القراء العلامة القدوة أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل البلنسي عن ثلاث وتسعين سنة، وقاضي دمشق الإمام زكي الدين علي ابن القاضي المنتخب محمد بن الزكي بن يحيى بن علي بن عبد العزيز القرشي الشافعي عن سبع وخمسين سنة ببغداد بعد حجه، ومسند بغداد أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد البطي الحاجب عن سبع وثمانين سنة، وزاهد العراق أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقي العارف.
أخبرنا العز بن الفراء بدمشق والعماد عبد الحافظ بنابلس قالا: ثنا الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ست عشرة وستمائة أنا معمر بن عبد الواحد أنا أبو الفتح الحداد أنا ابن عبدكويه أنا الطبراني ثنا علي بن عبد العزيز ثنا القعنبي ثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "لله أشد فرحًا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها". [4]
1092- 14/16
أبو الخير
الحافظ المتقن عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن حمدان بن موسى الأصبهاني.
قال ابن النجار: كان من حفاظ الحديث، سمعت جماعة من أصبهان يقولون: إنه كان يحفظ الصحيحين، وكانوا يفضلونه على الحافظ أبي موسى بالحفظ. قال ابن النجار: سمع الكثير وقرأ بنفسه وكتب، وكان موصوفًا بالفضل ومعرفة الحديث قدم بغداد في شبابه وفي كبره، حدث عن غانم بن محمد البرجي وأبي علي الحداد وجعفر الثقفي ومحمد بن عبد الواحد الدقاق وعبد الواحد بن محمد الدشنج وهبة الله بن الحصين وأبي العز بن كادش وخلق، أملى بجامع القصر باستملاء شيخنا ابن الأخضر وسألته عنه فأثنى عليه ووصفه بالحفظ والمعرفة وقال: كانوا يفضلونه على معمر بن الفاخر. قلت: وحدث عنه الحافظ عبد الغني والشيخ الموفق.
قال ابن النجار: أخرج لي شيخنا أبو عبد الله الحنبلي بأصبهان محضرًا في أبي الخير بن موسى وطلب من المشايخ أن يكتبوا حاله فيه، ففيه خط إسماعيل بن محمد الحافظ وأبي نصر الغازي ومحمد بن أبي نصر اللفتواني وأبي مسعود كوتاه وغيرهم كلهم شهدوا أنه لا يحتج بنقله ولا يقبل قوله ولا يوثق به في ديانته وسوء سيرته.
وقرأت في جزء بخط عبيد الله بن محمد بن عبد اللطيف الخُجندي سؤالا سأله الحافظ أبو موسى المديني عن إجازات البغداديين لمسعود بن الحسن الثقفي وهم ابن المأمون وأبو الحسين بن المهتدي بالله وأبو بكر الخطيب وابن النقور وتمام العشرة الذين نقلهم عبد الرحيم بن موسى وأحال على مواضع فطلبت فلم توجد وتكلم الناس في ذلك وسأله أيضًا عن إجازات ابن هاجر، وكتب أبو موسى الجواب: اغترت الأغرار بهذه الإجازات وضيعوا أوقاتهم في القراءة بها وبتسويف المدعي لها بإظهارها إلى أن تحقق بطلانها بعد طول المدة، والرجوع إلى الحق أولى، فمن قرأ بإجازة هؤلاء على الرئيس فقد ضل سعيه وخاب أمله وبطل عمله، وقد أشهد الرئيس على نفسه ببطلان بعضها. قرأت بخط الحافظ الضياء سمعت الإمام عبد الله الجبائي يقول: كان أبو الخير يحفظ البخاري ويقول: من أراد أن يقرأ الإسناد حتى أقرأ المتن ومن أراد أن يقرأ المتن حتى أقرأ أنا الإسناد. ولد أبو الخير في صفر سنة خمسمائة، ومات في شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة.
وفيها مات مسند القراء أبو الفضل أحمد بن محمد بن سنيف الدارقزي، وجعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، وملك النجاة أبو نزار الحسن بن صافي؛ ومسند أصبهان أبو جعفر محمد بن الحسن بن الحسين الصيدلاني.
قرأت على عبد الحافظ بن بدران أخبركم عبد الله بن أحمد الفقيه أنا أبو الخير عبد الرحيم بن محمد أنا أبو علي الحداد أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر النردي أنا محمد بن إسحاق الحافظ وعلي بن أحمد بن هارون قالا: أنا محمد بن يعقوب أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب أخبرني سفيان الثوري سمع أيمن بن نابل يحدث أن قدامة بن عبد الله قال: رأيت رسول الله ﷺ يرمي الجمرة لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك لفظ على الأردستاني.
وقرأت بخط الشيخ الضياء: سمعت الإمام أبا عبد الله محمد بن سعيد بأصبهان يقول: أرسل إليّ ابن الحافظ أبي العلاء من همذان يسألني عن أبي الخير بن موسى: أيش صح عندك فيه من أجل الجرح؟ فأرسلت: عندي درج فيه تعديله، والتعديل والله أعلم أقرب. ثم قال: لأنه تكلم فيه أبو موسى الحافظ من أجل إجازات الرئيس مسعود فحسب، وقال: جاء الحافظ أبو موسى إلى جدي يعني المصلح فقال: تتكلم في أبي الخير؟ قال: لا أفعل، أو قال: لم يتبين لي جرحه، إنه يتتبع أمالي يعني غلطه.
1093- 15/16
أبو العلاء الهمذاني
الحافظ العلامة المقرئ شيخ الإسلام الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل العطار شيخ همذان.
مولده سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، قرأ بالروايات على أبي علي الحداد وأكثر عنه ولازمه مدة، وعلى مقرئ واسط أبي العز القلانسي وأبي عبد الله البارع وأبي بكر المزرفي وطائفة، وسمع من أبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان وابن الحصين وخلائق ببغداد، وأبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وطائفة بنيسابور؛ ثم رحل ثاني مرة إلى بغداد فأسمع ابنه، ثم قدم بعد الثلاثين وخمسمائة فأكثر، ثم بعد عام أربعين؛ قرأ عليه بالروايات أبو أحمد ابن سكينة وأبو الحسن بن الدباس ومحمد بن محمد بن الكيّال؛ وحدث عنه أبو المواهب بن صصرى والحافظ عبد القادر والحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي ومحمد بن محمود الحمامي، ومحمد والقاضي علي والقاضي عبد الحميد بنو ابن بنيمان، وهم أسباطه، وآخرون وخاتمة أصحابه بالإجازة أبو الحسن بن المقير.
قال أبو سعد السمعاني: حافظ متقن ومقرئ فاضل حسن السيرة مرضي الطريقة عزيز النفس سخي بما يملكه مكرم للغرباء يعرف القراءات والحديث والأدب معرفة حسنة سمعت منه.
وقال عبد القادر الحافظ: شيخنا أبو العلاء أشهر من أن يعرف بل تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغنا من السير، أربى على أهل زمانه في كثرة السماعات مع تحصيل أصول ما سمع، وجودة النسخ وإتقان ما كتبه بخطه، ما كان يكتب شيئًا إلا منقطًا معربًا، وأول سماعه من عبد الرحمن بن محمد الدوني في سنة خمس وتسعين وأربعمائة، برع على حفاظ عصره في حفظ ما يتعلق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسير، ولقد كان يومًا في مجلسه فجاءته فتوى في عثمان رضي الله عنه فكتب من حفظه ونحن جلوس درجًا طويلًا في إخباره، وله تصانيف منها "زاد المسافر" في خمسين مجلدًا، وكان إمامًا في القرآن وعلومه وحصل من القراءات ما أنه صنف فيه العشرة، والمفردات، وصنف في الوقف والابتداء وفي التجويد والماءات والعدد ومعرفة القراء وهو نحو من عشر مجلدات، استحسنت تصانيفه وكتبت ونقلت إلى خوارزم وإلى الشام. وبرع عنده جماعة كثيرة في القراءات، وكان إذا جرى ذكر القراء يقول: فلان مات عام كذا، مات فلان في سنة كذا، وفلان يعلو إسناده على فلان بكذا.
وكان إمامًا في النحو واللغة، سمعت أن من جملة ما حفظ "كتاب الجمهرة" وخرج له تلامذة في العربية أئمة يقرءون بهمذان، وبعض أصحابه رأيته، فكان من محفوظاته كتاب "الغريبين" للهروي، إلى أن قال: وكان مهينًا للمال باع جميع ما ورثه وكان من أبناء التجار فأنفقه في طلب العلم حتى سافر إلى بغداد وأصبهان مرات ماشيًا يحمل كتبه على ظهره.
سمعته يقول: كنت أبيت ببغداد في المساجد وآكل خبز الدخن. وسمعت أبا الفضل بن بنيمان الأديب يقول: رأيت أبا العلاء في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم؛ لأن السراج كان عاليًا، إلى أن قال: فعظم شأنه في القلوب حتى إن كان يمر في همذان فلا يبقى أحد رآه إلا قام ودعا له حتى الصبيان واليهود.
وربما كان يمضي إلى بلدة مشكان يصلي بها الجمعة فيتلقاه أهلها خارج البلد، المسلمون على حدة واليهود على حدة يدعون له إلى أن يدخل البلد، وكان يفتح عليه من الدنيا جمل فلم يدخرها بل ينفقها على تلامذته وكان عليه رسوم لأقوام وما كان يبرح عليه ألف دينار همذانية أو أكثر من الدين مع كثرة ما كان يفتح عليه.
وكان يطلب لأصحابه من الناس ويعز أصحابه ومن يلوذ به ولا يحضر دعوة حتى يحضر جماعة أصحابه، وكان لا يأكل من أموال الظلمة ولا يقبل منهم مدرسة قط ولا رباطًا وإنما كان يقرئ في داره ونحن في مسجده سكان، وكان يقرئ نصف نهاره الحديث ونصفه القرآن والعلم، وكان لا يغشى السلاطين ولا تأخذه في الله لومة لائم ولا يمكن أحدًا يعمل في مجلس منكر ولا سماعًا فكان ينزل كل إنسان منزلته حتى تألفت القلوب على محبته وحسن الذكر له في الآفاق البعيدة حتى أهل خوارزم الذين هم معتزلة مع شدته في الحنبلية.
وكان حسن الصلاة ولم أر أحدًا من مشايخنا أحسن صلاة منه، وكان متشددًا في أمر الطهارة لا يدع أحدًا يمس مداسه، وكان ثيابه قصارًا وأكمامه قصارًا وعمامته نحو سبع أذرع، وكانت السنة شعاره ودثاره اعتقادًا وفعلًا بحيث إنه كان إذا دخل مجلسه رجل فقدم رجله اليسرى كلفه أن يرجع فيقدم اليمنى، لا يمس الأجزاء إلا على وضوء، ولا يدعو شيئًا قط إلا مستقبل القبلة تعظيمًا لها، إلى أن قال: سمعت من أثق به عن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي أنه قال في الحافظ أبي العلاء لما دخل نيسابور: ما دخل نيسابور مثلك.
وسمعت الحافظ أبا القاسم علي بن الحسن يقول، وذكر رجلا من أصحابه رحل: إن رجع ولم يلق الحافظ أبا العلاء ضاعت رحلته.
مات أبو العلاء في جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة.
وفيها مات المسند النقيب أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر العلوي ببغداد، وأبو الحسن دهبل بن علي بن كارة الحريمي الحنبلي سمع الحسين بن البُسري، وشيخ العربية أبو محمد سعيد بن المبارك بن الدهان البغدادي، والمسند أبو محمد عبد الله بن هبة الله بن محمد بن النرسي، ومسند المغرب أبو الحسن علي بن أحمد بن أبي بكر بن حنين الكتاني القرطبي ثم الفاسي عن ثلاث وتسعين سنة وملك الشام العادل نور الدين محمود بن زنكي التركي.
أخبرنا أبو سعيد صبيح بن عبد الله فنى صواب بمصر أنا علي بن أبي عبد الله النجاد أنا أبو العلاء الهمذاني مكاتبة أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم الحافظ ثنا أحمد بن خلاد ثنا محمد بن غالب ثنا القعنبي عن مالك عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد أو عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل..." [5] وذكر الحديث.
أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا نصر بن عبد الرزاق ببغداد أنبأنا الحافظ أبو العلاء الهمذاني أنا أبو علي محمد بن محمد الهاشمي أنا عبد الله بن عمر أنا أبو بحر محمد بن الحسن أنا علي بن الفضل الواسطي أنا يزيد بن هارون أنا أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال: قال رسول الله، ﷺ: "المعروف كله صدقة، وإن آخر ما تعلق به الجاهلية من كلام النبوة: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت". [6]
1094- 16/16
ابن عساكر
الإمام الحافظ الكبير محدث الشام فخر الأئمة ثقة الدين، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي، صاحب التصانيف والتاريخ الكبير.
ولد في أول سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وسمع في سنة خمس وخمسمائة باعتناء أبيه وأخيه الإمام ضياء الدين هبة الله؛ فسمع أبا القاسم النسيب وقوام بن زيد وسبيع بن قيراط وأبا طاهر الحنائي وأبا الحسن بن الموازيني وطبقتهم بدمشق، ورحل في سنة عشرين فسمع أبا القاسم بن الحصين وأبا الحسن الدينوري وأبا العز بن كادش وأبا غالب بن البناء وأبا عبد الله البارع وقاضي المرستان وطبقتهم ببغداد، وعبد الله بن محمد الغزال بمكة، وعمر بن إبراهيم الزيدي بالكوفة، وأبا عبد الله الفراوي وهبة الله ابن السيدي وعبد المنعم بن القشيري وطبقتهم بنيسابور، وسعيد بن أبي الرجاء والحسين عبد الملك الخلال وطبقتهما بأصبهان، ويوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد بمرو، وتميم بن أبي سعيد الجرجاني وطبقته بهراة؛ وعمل الأربعين البلدانية، وعدد شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ، ونيف وثمانون امرأة.
سمع منه معمر بن الفاخر وأبو العلاء الهمذاني وأبو سعد السمعاني والكبار وحدث عنه ولده القاسم وأبو جعفر القرطبي وزين الأمناء أبو البركات ابن عساكر وأخوه الشيخ فخر الدين وابن أخيه عز الدين النسابة والحافظ عبد القادر الرهاوي وأبو القاسم بن صصرى ويونس بن محمد الفارقي الخطيب وأبو نصر الشيرازي ومحمد ابن أخي أبي البيان وأبو إسحاق إبراهيم بن الخشوعي وعبد العزيز أخوه ويونس بن منصور السقباني ومحمد بن رومي الجرداني ومحمد بن غسان الحمصي والمسلم بن أحمد المازني وذاكر الله الشعيري وعبد الرحمن بن راشد البيت سوائي وعمر بن عبد الوهاب بن البراذعي وعتيق السلماني والشيخ بهاء الدين علي بن الجميزي ورشيد الدين بن مسلمة وسديد الدين مكي بن علان وخلق كثير.
وقد روى عنه أبو سعد السمعاني ومات قبل ابن علان بسبعين سنة. عمل "تاريخ دمشق" في ثمانين مجلدًا، و"الموافقات" في ست مجلدات، و"الأطراف الأربعة" أربع مجلدات، و"عوالي مالك" في خمسين جزءًا، و"غرائب مالك" عشرة أجزاء، و"المعجم" مجلد، و"مناقب الشبان" خمسة عشر جزءًا، و"فضل أصحاب الحديث" مجلد، و"السباعيات" سبعة أجزاء، و"تبيين كذب المفتري" مجلد، و"فضل الجمعة" أربعة أجزاء، و"الأربعين الطوال" ثلاثة أجزاء، و"عوالي شعبة" مجلد، و"الزهادة في الشهادة" مجلد، و"عوالي الثوري" مجلد، و"أربعي الجهاد"، و"أربعي البلدان"، و"أربعي المساواة"، و"مسند أهل داريا" مجلد، و"من وافقت كنيته كنية زوجته" مجيليد، و"شيوخ النبل" مجلد، و"حديث أهل صنعاء الشام" مجيليد، و"حديث أهل البلاط" كذلك، و"فضل عاشوراء" ثلاثة أجزاء، و"كتاب الزلازل" ثلاثة أجزاء، و"المصاب بالولد" جزءان، و"قبض العلم" جزء، و"فضل مكة"، و"فضل المدينة"، و"فضل القدس"، و"فضل عسقلان"، "وتاريخ المزة"، و"فضل الربوة" و"فضل مقام إبراهيم"، و"جزء الحميريين" و"جزء كفر سوسية"، و"جزء كفر بطنا"، و"جزء المنيحة"، و"سعد"، و"عدة أجزاء القرى" هكذا، و"جزء حديث الهبوط"، و"الجواهر في الأبدال" ثلاثة أجزاء؛ وأملى في أبواب العلم أربعمائة مجلس وثمانية، وخرج لجماعة منهم رفيقه أبو سعد السمعاني، خرج له "أربعين المصافحات"، وللفراوي "أربعين مساواة" وعمل بعض "كتاب الأبدال" لنفسه ولو تم لجاء في عشرين مجلدًا.
قال السمعاني: أبو القاسم حافظ ثقة متقن دين خير حسن السمت جمع بين معرفة المتن والإسناد وكان كثير العلم غزير الفضل صحيح القراءة متثبتًا رحل وتعب وبالغ في الطلب وجمع ما لم يجمعه غيره وأربى على الأقران، دخل نيسابور قبلي بشهر، سمعت معجمه والمجالسة للدينوري، كان قد شرع في التاريخ الكبير لدمشق.
قال ابن الحاجب فيما قرأت بخطه: حدثني زين الأمناء قال: حدثني ابن القزويني عن والده مدرس النظامية أبي الخير قال: حكى لنا الفراوي قال: قدم ابن عساكر فقرأ علي ثلاثة أيام فأكثر وأضجرني وآليت على نفسي أن أغلق بابي، فلما أصبحنا قدم علي شخص فقال: أنا رسول رسول الله ﷺ إليك؛ قلت: مرحبًا بك، فقال: قال لي في النوم: "امض إلى الفراوي وقل له: قدم بلدكم رجل شامي أسمر اللون يطلب حديثي، فلا تمل منه".
قال القزويني: فوالله ما كان الفراوي يقوم حتى يقوم الحافظ. وقال المحدث بهاء الدين القاسم: كان أبي رحمه الله مواظبًا على الجماعة والتلاوة، يختم كل جمعة ويختم في رمضان كل يوم ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيي ليلة النصف والعيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب.
قال لي: لما حملت بي أمي قيل لها في منامها: تلدين غلامًا يكون له شأن. وحدثني أن أباه رأى رؤيا معناها يولد لك ابن يحيي الله به السنة، وحدثني أنه كان يقرأ على شيخ فقال: قدم علينا أبو علي ابن الوزير فقلنا: ما رأينا مثله. ثم قدم علينا ابن السمعاني فقلنا: ما رأينا مثله، حتى قدم علينا هذا فلم نر مثله.
قال سعد الخير: ما رأيت في سن ابن عساكر مثله.
قال القاسم ابن عساكر: سمعت التاج المسعودي يقول: سمعت أبا العلاء الهمذاني يقول لرجل استأذنه في الرحلة قال: إن عرفت أحدًا أفضل مني فحينئذ آذن لك أن تسافر إليه، إلا أن تسافر إلى ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب.
وحدثني أبو المواهب بن صصرى قال: لما دخلت همذان قال لي الحافظ أبو العلاء: أنا أعلم أنه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالق الناس ومازجهم كما أصنع إذًا لاجتمع عليه الموافق والمخالف. وقال لي يومًا: أي شيء فتح له؟ وكيف الناس له؟ قلت: هو بعيد من هذا كله لم يشتغل منذ أربعين سنة إلا بالجمع والتسميع حتى في نزهته وخلواته. قال: الحمد لله، هذا ثمرة العلم، إلا أنا حصل لنا هذا المسجد والدار والكتب، هذا يدل على قلة حظ أهل العلم في بلادكم ثم قال لي: ما كان يسمى أبو القاسم إلا شعلة نار ببغداد من ذكائه وتوقده وحسن إدراكه.
قال أبو المواهب: كنت أذاكر أبا القاسم الحافظ عن الحفاظ الذين لقيهم فقال: أما بغداد فأبو عامر العبدري، وأما أصبهان فأبو نصر اليونارتي، لكن إسماعيل بن محمد الحافظ كان أشهر. فقلت: فعلى هذا ما كان رأى سيدنا مثل نفسه؛ قال: لا تقل هذا، قال الله: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} قلت: فقد قال الله تعالى: {أَمَّا بنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} فقال: لو قال قائل: إن عيني لم تر مثلي لصدق.
ثم قال أبو المواهب: وأنا أقول: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأول إلا من عذر والاعتكاف في شهر رمضان وعشر ذي الحجة وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة وأباها بعد أن عرضت عليه، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم.
قال لي: لما عزمت على التحديث والله المطلع أني ما حملني على ذلك حب الرياسة والتقدم بل قلت: متى أروي كل ما سمعت؟ وأي فائدة في كوني أخلفه صحائف؟ فاستخرت الله واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد وطفت عليهم فكلهم قالوا: من أحق بهذا منك؟ فشرعت في ذلك منذ ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
قال القاسم: حدثني أبي قال: قال لي جدي القاضي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي: اجلس إلى سارية حتى يجلس إليك؛ فلما عزمت على ذلك مرض وعجز عن المجيء. سمعت أبا الحسين علي بن محمد الحافظ، سمعت الحافظ أبا محمد المنذري يقول: سألت شيخنا أبا الحسن علي بن المفضل الحافظ عن أربعة تعاصروا: أيهم أحفظ؟ فقال: من؟ قلت: الحافظ ابن ناصر وابن عساكر؟ فقال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو موسى المديني وابن عساكر؟ قال: ابن عساكر؛ فقلت: الحافظ أبو طاهر السلفي وابن عساكر؟ فقال: السلفي شيخنا. قلت: يعني أنه ما أحب أن يصرح بتفضيل ابن عساكر بل لوّح بتفضيل شيخه بأنه شيخه، ثم أبو موسى أحفظ من السلفي مع أن السلفي من بحور الحديث وعلمائه؛ وكان شيخنا أبو الحجاج المزي يميل إلى أن ابن عساكر ما رأى حافظًا مثل نفسه.
قال الحافظ عبد القادر: ما رأيت أحفظ من ابن عساكر. وقال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدثين في وقته، انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والثقة والمعرفة التامة وبه ختم هذا الشأن. فقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه أنا أبو القاسم الدمشقي الحافظ بمنى، وكان أحفظ من رأيت من طلبة الحديث والشبان وكان شيخنا إسماعيل بن محمد الإمام يفضله على جميع من لقيناهم، قدم أصبهان ونزل في داري، وما رأيت شابا أورع ولا أحفظ ولا أتقن منه، وكان مع ذلك فقيهًا أديبًا سنيًّا جزاه الله خيرًا وكثر في الإسلام مثله وإني كثيرًا سألته عن تأخره عن المجيء إلى أصبهان فقال: لم تأذن لي أمي.
قال القاسم: توفي أبي في حادي عشر رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ورئي له منامات حسنة ورثي بقصائد وقبره يزار بباب الصغير.
قلت: وفيها توفي شيخ شيزر العلامة مجد الدين أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد حفدة الطوسي العطاري الشافعي الأصولي الواعظ صاحب محيي السنة والغزالي، والمسند أبو حنيفة محمد بن عبيد الله الخطيبي الأصبهاني عن ثلاث وثمانين سنة، وفقيه واسط أبو جعفر هبة الله بن يحيى بن البوقي الواسطي العطار.
قرأت على أحمد بن هبة الله ابن تاج الأمناء أخبركم الفقيه أبو محمد عبد الجبار بن عبد الغني بن محمد الحرستاني سنة ثلاث وعشرين وستمائة أنا أبو القاسم الحافظ أنا زاهر بن طاهر أنا أبو بكر أحمد بن الحسين أنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل الصفار ثنا عبد الله بن محمد بن شاكر ثنا عفان أنا شعبة ثنا أبو إسحاق قال: اتقوا الله واعملوا خيرًا، فإنى سمعت عبد الله بن معقل يقول: سمعت عدي بن حاتم يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "اتقوا النار ولو بشق تمرة". متفق عليه من حديث شعبة وزهير بن معاوية.
1095- 17/16
أبو موسى المديني
الحافظ الكبير شيخ الإسلام محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر الأصبهاني صاحب التصانيف.
ولد في ذي القعدة سنة إحدى وخمسمائة وسمع حضورًا باعتناء أبيه، ثم سمع الكثير ورحل وعني بهذا الشأن، وحضوره عند أبي سعيد المطرز وهو ابن سنتين، وسمع من أبي منصور محمد بن عبد الله بن مندويه وغانم البرجى وأبي علي الحداد وأبي الفتح محمد بن عبد الله بن خوردست ومحمد بن عبد الله الشرابي بليزة وأبي الرجاء محمد بن أبي زيد ومحمد بن طاهر المقدسي الحافظ وأبي زكريا بن منده وهبة الله بن الحسن الأبرقوهي وهبة الله بن الحصين البغدادي وطبقتهم وتخرج بأبي القاسم التيمي وغيره؛ له التصانيف النافعة الكثيرة والمعرفة التامة والرواية الواسعة انتهى إليه تقدم في هذا الشأن مع علو الإسناد؛ حدث عنه أبو سعد السمعاني وأبو بكر محمد بن موسى الحازمي وعبد الغني بن عبد الواحد وعبد القادر بن عبد الله الرهاوي ومحمد بن مكي الأصبهاني وأبو نجيح محمد بن معاوية المقرئ والناصح عبد الرحمن بن الحنبلي وآخرون، وروى عنه بالإجازة عبد الله بن بركات الخشوعي وطائفة.
قال الدبيثي: عاش أبو موسى حتى صار أوحد وقته وشيخ زمانه إسنادًا وحفظًا. قال السمعاني: سمعت منه وكتب عني، وهو ثقة صدوق. وقال عبد القادر: حصل من المسموعات بأصبهان ما لم يحصل لأحد في زمانه وانضم إلى ذلك الحفظ والإتقان، وله التصانيف التي أربى فيها على المتقدمين مع الثقة والعفة له شيء يسير يترقح به وينفق منه ولا يقبل من أحد شيئًا قط، أوصى إليه غير واحد بمال فرده ويقال له: فرقه على من ترى، فيمتنع. وكان فيه من التواضع بحيث إنه يقرئ الصغير والكبير ويرشد المبتدئ، رأيته يحفظ الصبيان القرآن في الألواح، وكان يمنع من يمشي معه فعلت ذلك مرة معه فزبرني، وترددت إليه نحوًا من سنة ونصف فما رأيت منه ولا سمعت عنه سقطة تعاب عليه، وكان أبو مسعود كوتاه يقول: أبو موسى كنز مخفي.
ومن تصانيفه: كتاب "معرفة الصحابة" الذي استدرك به على أبي نعيم الحافظ، وكتاب "الطوالات" جودها ولم يسبق إلى مثلها مع كثرة ما فيها من الواهي والموضوع، وكتاب "تتمة الغريبين" يدل على براعته في لسان العرب، وكتاب "اللطائف"، وكتاب "عوالي التابعين"، وأشياء وفنون وقد عرض من حفظه كتاب "علوم الحديث" للحاكم على إسماعيل الحافظ.
قال الحسين بن بوحز الباوري: كنت في مدينة الخان فسألني سائل عن رؤيا فقال: رأيت كأن رسول الله ﷺ توفي؛ فقلت: إن صدقت رؤياك يموت إمام لا نظير له في زمانه، فإن مثل هذا المنام رئي حال وفاة الشافعي والثوري وأحمد بن حنبل. قال: فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى. وعن عبد الله بن محمد الخجندي قال: لما مات أبو موسى لم يكادوا أن يفرغوا حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، وكان الماء قليلًا بأصبهان.
قال محمد بن محمود الرويدشتي: توفي الحافظ أبو موسى في تاسع جمادى الأولى في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
قلت: وفيها توفي الحافظ السهيلي، والحافظ عبد الحق الأزدي، والحافظ أبو سعد محمد بن عبد الواحد الأصبهاني الصائغ عن أربع وثمانين سنة، والإمام أبو طاهر إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف الزهري العوفي الإسكندراني المالكي عن ست وتسعين سنة، والقدوة شيخ أهل حران حيوة بن قيس بن رحال الأنصاري الزاهد، والمسند أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن الحسين السبي ثم المصري الجيار ويعرف بابن نخيسة بمصر، والمسند أبو محمد عبد الرزاق بن نصر بن المسلم الدمشقي النجار عن أربع وثمانين سنة، ومسند العراق أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن نجا بن شاتيل البغدادي الدباس عن اثنتين وتسعين سنة، ومقرئ مصر أبو الجيوش عساكر بن علي بن إسماعيل الشافعي النحوي، والمحدث الإمام أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي الميانشي المجاور، ومسند دمشق أبو المجد الفضل بن الحسين بن إبراهيم الحميري المعروف بالبانياسي عن ست وثمانين سنة، والشيخ الزاهد أبو الفتح محمود بن أحمد بن علي المحمودي بن الصابوني بمصر.
أخبرنا محمد بن علي الصالحي أنا عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي سنة ثمان وعشرين وستمائة أنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ أنا أبو إسحاق بن حمزة أنا عبدان. "ح" وبه إلى أبي نعيم؛ وثنا الحسين بن محمد بن رزيق الخياط ثنا محمد بن محمد بن سليمان قالا: أنا هشام بن عمار أنا صدقة بن خالد أنا عبد الرحمن بن جابر أنا عيطة بن قيس عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري أخبرني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري، والله ما كذبني، أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم تروح عليهم سارحة فيأتيهم رجل لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم الله تعالى ويضع العلم عليهم ويمسخ آخرون قردة وخنازير إلى يوم القيامة" أخرجه البخاري عن هشام عن غير سماع، وأخرجه أبو داود من طريق بشر بن بكر التنيسي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بنحوه. والمعازف اسم لكل ما يعزف به، كالطنبور والزمر والشبابة وغير ذلك من آلات الملاهي.
1096- 18/16
الزاغولي
الحافظ البركة أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن يعقوب المروزي الأرزي.
وزاغول قرية أو محلة من بنجدية، ذكره أبو سعد السمعاني وأنه تفقه على أبي بكر السمعاني والموفق بن عبد الكريم الهروي، وسمع من أبي الفتح نصر بن إبراهيم الحنفي ومحيي السنة البغوي وعيسى بن شعيب السجزي وغيرهم، حدث عنه أبو سعد وولده أبو المظفر.
قال أبو سعد: كان صالحًا خشن العيش قانعًا باليسير عارفًا بالحديث وطرقه اشتغل بطلبه وجمعه طول عمره وجمع وصنف، وكان عارفًا باللغة كتب الكثير ورحل إلى هراة وسمعت منه وبقراءته وجمع كتابًا كبيرًا أكثر من أربعمائة مجلد يشتمل على التفسير والحديث والفقه واللغة سماه "قيد الأوابد". مولده بعد السبعين وقبل الثمانين وأربعمائة. وقال أبو سعد في معجم ولده: ولد سنة اثنتين وسبعين ومات في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
أنبأنا أحمد بن هبة الله فيما حدث به عن عبد الرحيم بن أبي سعد أنا عبد الله الأرزي لفظًا أنا أبو الفتح الحنفي بهراة أنا محمد بن عبد الرحمن الدباس ثنا أبو علي الرفاء أنا علي بن عبد العزيز ثنا داود بن عمرو ثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يجنب وينام ولا يمس ماءً.
(تمت الطبقة السادسة عشرة.)
هامش
انظر البخاري في الأدب باب 78. وسنن أبي داود في الأدب باب 6. وابن ماجه في الزهد باب 17. والموطأ في السفر حديث 14.
===================
المقدمة
الطبقة السادسة عشرة
رواه البخاري في الاعتصام باب 1. ومسلم في الإيمان حديث 239.
رواه البخاري في الأذان باب 7. ومسلم في الصلاة حديث 10، 11. والترمذي في الصلاة باب40. والنسائي في الأذان باب 35-37.
رواه البخاري في المواقيت باب 16. ومسلم في المساجد حديث 210. والنسائي في الصلاة باب 21. والموطأ في السفر حديث 82.
رواه البخاري في الدعوات باب 3. ومسلم في التوبة حديث 1-8. والترمذي في القيامة باب 49.
رواه البخاري في الأذان باب 26. ومسلم في الزكاة حديث 91. والترمذي في الزهد باب 53. والموطأ في الشعر حديث 14.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة 21. تذكرة وشيوخ صاحب التذكرة

  الطبقة 21. تذكرة  { ابن فرح         علي بن عبد الكافي         ابن جعوان         ابن الفوطي         الحارثي         ابن تيمية        ...