المصاحف

 مصاحف روابط 9 مصاحف  // / //

ب اوه

نوشيرك بريد /الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟ /وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام  /المقحمات ا. /قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا/ المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر / /ُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما /ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022

الطبقة13- الطبقة الثالثة عشرة والرابعة عشرة

 

الطبقة13-
الطبقة الثالثة عشرة

من كتاب تذكرة الحفاظ وقد سميت منهم بضعة وسبعين إمامًا، وقسمت الطبقة طبقتين أولاهما: ثمانٍ وأربعون، والثانية: خمس وعشرون نفسًا. [1]
928- 1/13/1
أبو زرعة الكشي
الحافظ الإمام محمد بن يوسف بن محمد الجنيد الجرجاني.
وكَشّ قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان، سمع أبا نعيم بن عدي وأبا العباس الدغولي ومكي بن عبدان وعبد الرحمن بن أبي حاتم وطبقتهم بخراسان والعراق والحرمين؛ روى عنه أبو العلاء محمد بن علي الواسطي وأبو القاسم الأزهري وعبد العزيز الأزجي؛ قال حمزة بن يوسف الحافظ: جمع أبو زرعة هذا الأبواب والمشايخ، وكان يحفظ ويفهم، أملى علينا بالبصرة ثم إنه جاور بمكة إلى أن توفي بها في سنة تسعين وثلاثمائة.
أخبرنا عيسى بن محمد المغازي أنا جعفر بن علي أنا أبو طاهر الحافظ أنا أبو طاهر الحنائي عن أبي الفضل محمد بن أحمد السعدي نا عبد الغني بن سعيد الحافظ حدثني أبو زرعة محمد بن يوسف الجرجاني بمكة بعد جهد وعناء قال: قرئ على محمد بن عبد الرحمن الدغولي وأنا أسمع حدثكم محمد بن مشكان نا يزيد بن أبي حكيم نا سفيان نا زائدة بن قدامة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن أبي أوفى قال: غزونا مع النبي ﷺ سبع غزوات نأكل الجراد فيها. غريب والمشهور حديث الثوري عن أبي يعفور العبدي عن ابن أبي أوفى، وأما حديثه عن زائدة ففرد.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا زين الأمناء الحسن بن محمد أنا سعيد بن سهل الخوارزمي نا علي بن أحمد المؤدب إملاء أنا أبو إسحاق الأسفراييني نا الإسماعيلي نا الفضل بن الحباب نا أبو الوليد والحوضي قالا: نا شعبة عن أبي يعفور سمع ابن أبي أوفى يقول: غزوت مع رسول الله ﷺ سبع غزوات نأكل معه الجراد.
929- 2/13/1
أبو زرعة اليمني
وهو أبو زرعة الأستراباذي محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن بندار الحافظ.
وعرف باليمني لسكناه باليمن مدة، سمع علي بن الحسين بن معدان القاري صاحب إسحاق بن راهويه، وسمع أبا العباس السراج وأبا عروبة الحراني وأبا القاسم ابن بنت منيع وطبقتهم، وله رحلة واسعة ومعرفة جيدة، روى عنه أبو سعد الإدريسي وحمزة السهمي وطائفة، وبقي إلى حدود التسعين وثلاثمائة وهو من أهل الطبقة الماضية وقياسه الذكر مع الإسماعيلي ونحوه وإنما عملته هنا لموافقته للكشي في الكنية.
أخبرنا محمد بن محمد بن السلم أنا الحسن بن محمد أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا محمد بن محمد المديني نا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن اليزدي أنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم بأستراباذ أنا أبو العباس السراج، قلت لقتيبة: أخبركم مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"؟ [2] فأقر به وقال: نعم.
930- 3/13/1
أبو زرعة الرازي الصغير
واسمه أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم.
من علماء الحديث والراحلين في علوه، سمع أبا عبد الله المحاملي وعبد الرحمن بن أبي حاتم ومحمد بن مخلد وأبا حامد بن بلال وعلي بن أحمد الفارسي نزيل بلخ وعبد الله بن محمد بن يعقوب شيخ بخارى وأبا العباس الأصم وأبا الفوارس السندي المصري وأبا الحسين محمد بن عبد الله الرازي والد تمام وخلائق، وعنه تمام الرازي والحسين بن محمد الفلاكي وعبد الغني بن سعيد الأزدي وحمزة بن يوسف السهمي وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي وأبو زرعة روح بن محمد وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي وعلي بن المحسن التنوخي وآخرون.
قال الخطيب: كان حافظًا متقنًا ثقة جمع الأبواب والتراجم، وقال ابن المحسن: سألته عن مولده فقال: رحلت إلى العراق أول مرة سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ولي أربع عشرة سنة. قلت: له تصانيف كثيرة يروي فيها المناكير كغيره من الحفاظ ولا يبين حالها وذلك مما يزري بالحافظ، وقد سأله حمزة السهمي عن أحوال الرواة. وبلغنا أنه مات بطريق مكة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، .
أخبرنا أبو الحسين اليونيني أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا المعمر بن محمد الحبال بالكوفة أنا أبو الطيب أحمد بن علي الجعفري أنا أبو زرعة أحمد بن الحسين الحافظ نا حامد بن حماد بن المبارك بنصيبين نا إسحاق بن سيار نا محمد بن عبد الملك بن جابر نا أبو الفضل قال: قال لي هشام بن عروة: تشرب النبيذ؟ قلت: نعم؛ قال: فلا تشربه؛ فإن أبي حدثني عن عائشة، أن رسول الله ﷺ قال: "كل مسكر حرام أوله وآخره". أبو الفضل لا أعرفه.
931- 4/13/1
أبو زرعة الرازي الأصغر
روح بن محمد القاضي.
سبط الحافظ أبي بكر بن السني، سمع أبا الحسين الصفار وجعفر بن عبد الله الفناكي وابن فارس اللغوي وأبا زرعة أحمد بن الحسين المذكور وإسحاق بن سعد النسوي وحسينك التميمي وأبا حامد أحمد بن الحسين المروزي وطائفة، قال الخطيب: قدم علينا فحدث ببغداد وكتبت عنه بالكرج أيضًا، وكان صدوقًا فهمًا أديبًا شافعيًّا، ولي قضاء أصبهان وبلغني موته في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة بالكرج، قلت: إنما كتبته استطرادًا، سمع السلفي من أصحابه.
932- 5/13/1- أبو زرعة الدمشقي الصغير هو المحدث محمد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي دجانة عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري، وهو ابن ابن أخي الحافظ أبي زرعة الدمشقي.
حدث عن الحسين بن محمد بن جمعة وإبراهيم بن دحيم وطائفة، روى عنه تمام الرازي وأبو علي بن مهنا. توفي قبل الستين وثلاثمائة. علقناه استطرادًا.
933- 6/13/1
أبو زرعة الأستراباذي
أحمد بن بندار بن محمد بن مهران العيشي القاضي الفقيه قاضي أسِتراباذ.
كتب بأردبيل عن حفص بن عمر بن زبلة الحافظ وتفقه ببغداد على ابن أبي هريرة فيما قال أبو سعد الإدريسي، مات سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
934- 7/13/1
محمد بن حارث بن أسد
الحافظ، أبو عبد الله الخشني القيرواني المغربي.
تحمل عن أحمد بن نصر وأحمد بن زياد وقاسم بن أصبغ بالأندلس وأحمد بن عبادة، استوطن الأندلس بقرطبة وتمكن من صاحبها الحكم بن عبد الرحمن المستنصر وصنف له كتبًا منها كتاب الاتفاق والاختلاف في مذهب مالك، وكتاب الفتيا، وكتاب تاريخ الأندلس، وكتاب تاريخ الإفريقيين، وكتاب النسب؛ قال أبو الوليد بن الفرضي: بلغني أنه صنف للمستنصر مائة ديوان، إلى أن قال: وكان شاعرًا بليغًا لكنه يلحن، وكان مُغرًى بالكيمياء واحتاج بعد موت الحكم إلى أن جلس في حانوت يبيع الأدهان. روى عنه أبو بكر بن حوبيل وغيره، ومات في صفر سنة إحدى وستين وثلاثمائة. هكذا في النسخة وهذا خطأ؛ فإن المستنصر عاش بعد هذا الوقت فلعلها سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة فيحرر هذا ويتقن.
935- 8/13/1
ابن السقاء
الحافظ الإمام أبو علي محمد بن علي بن الحسين الأسفراييني، تلميذ أبي عوانة الحافظ.
رحل وسمع أبا عروبة الحراني ومحمد بن زبان المصري ويحيى بن صاعد وأبا الحسن بن جوصاء وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي وطبقتهم، وكان فقيهًا شافعيًّا واعظًا صالحًا ديِّنًا؛ روى عنه الحاكم وغيره، وهو والد علي بن محمد السقاء شيخ البيهقي، روى عنه ابنه أيضًا وأبو سعيد محمد بن أحمد المروزي الكرابيسي؛ قال الحاكم: هو من المعروفين بكثرة الحديث والرحلة والتصنيف وصحبة الصالحين ومن الحفاظ الجوالين.
أخبرنا تاج الدين علي بن أحمد أنا ابن روزبة أنا أبو الوقت السجزي أنا أبو إسماعيل الأنصاري أنا أحمد بن محمد ببوشنج أنا أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن شاذان الحافظ إملاء بأسفرايين نا زكريا بن يحيى المقدسي بها نا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي نا محمد بن عبد الرحمن القشيري أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه رأى رجلًا ناوله رجل ريحانًا فرده فأخذه ابن عمر فقبله ووضعه على عينيه ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن هذه الرياحين الطيبة من نبت الجنة، فإذا نُووِل أحدكم منها شيئًا فلا يرده". هذا حديث منكر والقشيري تالف.
قلت: ومن طبقته سميه الحافظ محمد بن الحسين البلخي رحال، وروى عن محمد بن المعافى الصدراوي ونحوه، حدث عنه الحافظ محمد بن أحمد الجارودي.
مات ابن السقاء سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، رحمة الله عليه.
936- 9/13/1
يحيى بن مالك بن عائذ
الحافظ الكبير أبو زكريا الأندلسي.
سمع عبد الله بن يونس الفيري وأبا عمر بن عبد ربه القرطبي وطائفة، وارتحل فأدرك أبا سهل بن زياد القطان ودعلج بن أحمد وابن قانع وطبقتهم، حدث عنه الحسن بن رشيق شيخه ويحيى بن علي بن الطحان ومحمد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي وأبو الوليد بن الفرضي وآخرون، أملى بجامع قرطبة، قال التنوخي في نشواره: حضرت مجلس صاحب الأغاني أبي الفرج فقال: لم نسمع بمن مات فجأة على المنبر، فقال شيخ أندلسي قد لزم أبا الفرج اسمه يحيى بن عائذ: إنه شاهد في جامع بلده بالأندلس خطيب البلد وقد صعد يوم الجمعة ليخطب، فلما بلغ يسيرًا من الخطبة خرَّ ميتًا فوق المنبر، فأنزل وطلبوا في الحال من خطب. قال أبو إسحاق الحبال: مات ابن عائذ بالأندلس في شعبان سنة ست وسبعين وثلاثمائة، .
937- 10/13/1
بن ينال
الحافظ الإمام أبو الحسن بن علي محمد بن ينال العكبري.
سمع في الكبر من أحمد بن الفضل بن خزيمة ومحمد بن جعفر العسكري وعدة، روى عنه علي بن عبد العزيز بن علي الأزجي؛ قال عبد بن علي الأسدي: سمع بن ينال وتعلم الخط وهو كبير ورزقه الله من المعرفة والفهم شيئًا كثيرًا؛ توفي سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
938- 11/13/1
ابن الباجي
الحافظ الحجة العلامة محدث الأندلس، أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة بن رفاعة اللخمي الإشبيلي، ويعرف بابن الباجي.
سمع من محمد بن عبد الله بن الفوق وعبد الله بن يونس الفيري حمل عنه مصنف أبي بكر بن أبي شيبة وسيد أبيه الزاهد وسعيد بن جابر الإشبيلي ومحمد بن عمر بن لبابة وأسلم بن عبد العزيز ومحمد بن فطيس وعثمان بن جرير الإلبيري وطبقتهم، قال ابن الفرضي: كان حافظًا ضابطًا لم ألقَ مثله في الضبط، سمعت منه الكثير بقرطبة، ثم رحلت إليه إلى إشبيلية مرتين سنة ثلاث وسبعين والتي بعدها، وروى الناس عنه كثيرًا وسمع منه جماعة من أقرانه، توفي في شهر رمضان سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة، وله سبع وثمانون سنة.
أخبرنا عبد الله بن محمد الطائي فيما كتب إلي عن أبي القاسم أحمد بن يزيد عن شريح بن محمد عن أبي محمد بن حزم نا حمام بن أحمد نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا أحمد بن خالد نا عبيد بن محمد الكشوري نا محمد بن يوسف نا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن سالم قال: سئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها، فقيل له: إنك تخالف أباك، فقال: إن أبي لم يقل الذي يقولون، الحديث.
939- 12/13/1
ابن مسرور
الحافظ الجوال أبو الفتح عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن مسرور البلخي.
سمع الحسين بن محمد المطبقي وأقرانه ببغداد، وأبا بكر أحمد بن سليمان بن زبان وطبقتهم بدمشق، وأبا سعيد بن يونس وأبا عمر محمد بن يوسف الكندي وخلقًا بمصر، وكتب الكثير، روى عنه الحافظ عبد الغني الأزدي وعمر بن الخضر الثمانيني وأحمد بن عمر بن سعد بن قديد وآخرون، استوطن مصر مدة، ومات في ذي الحجة سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة، .
940- 13/13/1
ابن أبي ذهل
الحافظ المتقن الرئيس الأنبل، أبو عبد الله محمد بن العباس بن أحمد بن عصم الضبي الهروي العصمي.
سمع محمد بن معاذ الماليني ويحيى بن صاعد وحاتم بن محبوب وأبا عمرو بن محمد ومؤمل بن الحسن الماسرجسي وعبد الرحمن بن أبي حاتم وطبقتهم، ولحق البغوي وهو في الموت فلم يسمع منه، روى عنه الدارقطني وأبو الحسين الحجاجي وهما من أقرانه، وقد ذهبا في الطبقة الماضية، والحاكم وإسحاق بن أبي إسحاق القراب وأهل هراة، وكان صدرًا معظمًا كبير الشأن كثير الإفضال على المحدثين والأخيار كثير الأموال.
قال الحاكم: صحبته حضرًا وسفرًا فما رأيت أحسن وضوءًا ولا صلاة منه ولا رأيت في مشايخنا أحسن تضرعًا وابتهالًا منه، قيل لي: إن عشر غلته يبلغ ألف حمل، وحدثني أبو أحمد الكاتب أن النسخة التي بأسامي من يمونهم أبو عبد الله بن أبي ذهل بهراة تزيد على خمسة آلاف بيت، وعرضت عليه ولايات جليلة فأبى، قال أبو النضر الفامي: لأبي عبد الله صحيح خرجه على صحيح مسلم وتفقه ببغداد، ولم يجتمع لرئيس بهراة ما اجتمع له من السيادة.
قال الخطيب: كان ثقة نبيلًا من ذوي الأقدار العالية، سمعت البرقاني يقول: كان ملك هراة تحت أمر ابن أبي ذُهل لقدره وأبوته. قال الحاكم: مولده سنة أربع وتسعين ومائتين، واستشهد في صفر سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة، فأخبرني من صحبه أنه دخل الحمام فلما خرج ألبس قميصًا ملطخًا فانتفخ ومات شهيدًا . قال الخطيب: أول سماعه سنة تسع وثلاثمائة.
أخبرنا علي بن أحمد أنا علي بن روزبة أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الله بن محمد أنا أحمد بن محمد بن العالي سنة سبع عشرة وأربعمائة نا الرئيس محمد بن العباس العصمي إملاء نا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر القرشي نا أحمد بن مهران نا أبو إسحاق إسماعيل بن عمرو الكوفي نا سفيان الثوري عن الأجلح عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي ﷺ بعث عليًّا في سرية وبعث معه رجلًا يكتب الأخبار. غريب فرد.
941- 14/13/1
ابن مفرج
الحافظ الإمام القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرج الأموي مولاهم الأندلسي القرطبي. ويكنى أيضًا أبا بكر، ويعرف أيضًا بابن الفنتوري، نسبة إلى فنت أورية قرية بقرطبة.
سمع أبا سعيد بن الأعرابي بمكة، وقاسم بن أصبغ بقرطبة، وخيثمة بن سليمان بأطرابلس، ومحمد بن الصموت بمصر، وأبا الميمون بن راشد بدمشق، وبالمدينة وجدة وصنعاء وزبيد وبيت المقدس، وطبقتهم.
روى عنه الحافظ أبو سعيد بن يونس وهو شيخه وأبو الوليد بن الفرضي وإبراهيم بن شاكر وعبد الله بن الربيع التميمي وأبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي وخلق كثير. شيوخه مائتان وثلاثون نفسًا.
ذكر ابن الفرضي في تاريخه أن ابن مُفَرِّج اتصل بصاحب الأندلس وكان ذا مكانة عنده، صنف له عدة كتب فولاه القضاء. قال: وكان حفظًا بصيرًا بالرجال وأحوالهم أكثر الناس عنه. قال أبو عمر أحمد بن محمد بن عفيف: كان أبو عبد الله بن مفرج من أغنى الناس بالعلم وأحفظهم للحديث، ما رأيت مثله في هذا الفن، من أوثق المحدثين وأجودهم ضبطًا. قال الحميدي: هو القاضي أبو عبد الله، وقيل: أبو بكر، حافظ جليل مصنف له كتب في الفقه وفقه التابعين، فمما صنف كتاب فقه الحسن في سبع مجلدات، وفقه الزهري في عدة أجزاء، وجمع مسند قاسم بن أصبغ في مجلدات. قال ابن الفرضي: مات في رجب سنة ثمانين وثلاثمائة وله ست وستون سنة.
أنبأنا أحمد بن عبد السلام التميمي والمسلم بن محمد عن القاسم بن علي أنا أبي أنا نصر الله بن محمد الفقيه "ح" وأنبئت عن أبي القاسم بن صصرى عن نصر الله أن الفقيه نصر بن إبراهيم حدثه قال: أنا أبو القاسم صادق بن خلف أنا أبو بكر محمد بن الفراء الفقيه نا إبراهيم بن محمد بن حسين قال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج القاضي: أخبرك منصور بن أحمد الهروي نا أحمد بن جعفر السمسار حدثني عيسى بن موسى عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي حدثني بعض الحكماء قال: خرجت أريد الرباط حتى إذا كنت بالعريش إذا بمظلة فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه وبصره وإذا هو يقول: اللهم إني أحمدك حمدًا يوافي محامد خلقك، إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلًا، وذكر القصة. يونس عن أبي القاسم بن بقي أنا شريح بن محمد إذنًا عن أبي محمد بن حزم نا حمام بن أحمد نا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي نا أبو زيد المروزي "ح" وأخبرنا عاليًا يوسف بن أبي نصر وعبد الله بن قوام قالا: أنا الحسين بن أبي بكر أنا عبد الأول أنا أبو الحسن الداودي أنا عبد الله بن أحمد أنا الفربري أنا البخاري نا يحيى بن بكير نا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم أن ابن عمر قال: تمتع رسول الله ﷺ بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق الهدي من ذي الحليفة، الحديث.
942- 15/13/1
أحمد بن منصور بن ثابت
الحافظ الرحال العالم، أبو العباس الشيرازي.
حدث عن عبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهاني والقاسم بن القاسم السياري والطبراني وأبي محمد الرامهرمزي وعدة، روى عنه أبو نصر الإسماعيلي وتمام الرازي والحاكم أبو عبد الله وعدة، قال الحاكم: جمع هذا من الحديث ما لم يجمعه أحد وصار له القبول بشيراز بحيث يضرب به المثل. وقال الدارقطني: أدخل الشيرازي هذا بمصر على شيوخ أحاديث وأنا بمصر. قال يحيى بن منده الحافظ: الذي صنع ذلك آخر اسمه أحمد بن منصور، قال: كانا أخوين والغلط وقع في اسمه وعن أحمد بن منصور الحافظ قال: كتبت عن الطبراني ثلاثمائة ألف حديث.
وقال الحسين بن أحمد الشيرازي: لما مات أحمد بن منصور الحافظ جاء إلى أبي رجل فقال: رأيته في النوم وهو في المحراب واقف بجامع شيراز وعليه حلة وعلى رأسه تاج مكلل بالجوهر فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأكرمني وأدخلني الجنة؛ فقلت: بماذا؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول الله، ﷺ. مات سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
أنبأنا علي بن أحمد أنا عبد الصمد بن محمد أنا عبد الكريم بن حمزة أنا عبد العزيز بن أحمد أنا تمام بن محمد نا أبو العباس أحمد بن منصور بن محمد الشيرازي الحافظ نا الحسين بن أحمد بن المبارك الطوسي نا سيار بن الحسن أنا عبد الرحمن بن جبلة نا جعفر بن سليمان عن داود بن أبي هند عن أنس، وحميد عن أنس أن النبي ﷺ لبى بحجة عمرة معًا.
وقد مر سميه أحمد بن منصور الطوسي الحافظ مع الطبراني.
943- 16/13/1
المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد
الحافظ العلامة القاضي ذو الفنون، أبو الفرج النهرواني بن طراز الفقيه الجريري المفسر صاحب الكتب.
وكان على مذهب محمد بن جرير الطبري، سمع البغوي وابن أبي داود وابن صاعد وأبا حامد الحضرمي وأبا سعيد العدوي والمحاملي وخلائق، وقرأ بالروايات على ابن شنبوذ وغيره، قرأ عليه أحمد بن مسرور والخبازي وأبو ثعلب الملجم وأبو العلاء الواسطي وغيرهم. حدث عنه أبو القاسم الأزهري وأبو الطيب الطبري وأحمد بن عمر بن روح وأبو علي محمد بن الحسين الجازري وخلق.
قال الخطيب: كان من أعلم الناس في وقته بالفقه والنحو واللغة وأصناف الأدب، ولي القضاء بباب الطاق، كان على مذهب ابن جرير، وبلغنا عن أبي محمد البافي الفقيه أنه كان يقول: إذا حضر القاضي أبو الفرج فقد حضرت العلوم كلها. وروى الخطيب: نا القاضي أبو حامد الدلوي قال: كان أبو محمد البافي يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله لأعلم الناس، لوجب أن يدفع إلى المعافى.
قال الخطيب: سألت البرقاني عن المعافى فقال: كان أعلم الناس وكان ثقة لم أسمع منه. وقيل: كان المعافى قليل الشيء متعففًا. قال الحميدي: قرأت بخط المعافى بن زكريا قال: حججت وكنت بمنى فسمعت مناديًا ينادي: يا أبا الفرج! قلت: لعله يريدني، ثم نادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا! فهممت أن أجيبه، ثم إنه نادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني! فبادرت وقلت: لبيك ها أنا ذا؛ قال: لعلك من نهروان الشرق؟ قلت: نعم؛ قال: نحن نريد نهروان الغرب؛ فعجبت من هذا الاتفاق.
قلت: وللمعافى تفسير كبير في ست مجلدات فيه مخبئات وفوائد نفيسة. مات النهرواني في ذي الحجة وله خمس وثمانون سنة، وله كتاب الجليس والأنيس، فيه عجائب. مات سنة تسعين وثلاثمائة، .
وفيها مات مسند بغداد المقرئ أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني وله تسعون سنة، ومسند الأندلس أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن التجيبي القرطبي لحق ببغداد إسماعيل الصفار، والمسند أبو الحسين محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي الدقاق ببغداد، ومسند مصر الشيخ محمد بن جعفر بن رميل.
قرأت على عمر بن عبد المنعم عن زيد بن الحسن أنا محمد بن عبد الباقي أنا محمد بن أحمد بن محمد النرسي أنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد بن طراز نا أبو القاسم البغوي نا وهب بن بقية أنا خالد الشيباني عن عون بن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "إن في الجمعة لساعة لا يسأل الله فيها عبد مؤمن شيئًا إلا استجاب له".
944- 17/13/1
الرقي
الحافظ الجوال أبو بكر محمد بن يوسف بن يعقوب المفيد المؤرخ، ويقال أبو عبد الله.
سمع أبا سعيد بن الأعرابي بمكة، وعبد الله بن عمر بن شوذب بواسط، وخيثمة الأطرابلسي بالشام، وإسماعيل الصفار ببغداد، وأبا محمد بن فارس بأصبهان وطبقتهم؛ حدث عنه ابن جميع -وهو أكبر منه- في معجمه وأحمد بن الحسن الطيان والحافظ عبد الغني بن سعيد وأبو العلاء الواسطي وعبد العزيز الأزجي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي وآخرون؛ غمزه أبو بكر الخطيب ورماه بالكذب واتهمه بحديث رواه عن الطبراني بإسناد الصحاح متنه: "يجيء المحدثون يوم القيامة بأيديهم المحابر" وذكر الحديث، ثم إنه قال: الحمل في وضعه على الرَّقي. قلت: رواه أبو المحاسن الروياني: نا أبو محمد عبد الله بن جعفر الخياري الحافظ نا أبو بكر بصيداء نا الطبراني نا إسحاق نا عبد الرزاق نا معمر عن قتادة عن أنس مرفوعًا، فذكره. مات الرقي سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
أنبأنا أحمد بن أبي الخير أنبأنا هبة الله بن مسعود أنا علي بن الحسين الفراء أنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ نا عبد الغني بن سعيد الأزدي نا أبو بكر محمد بن يوسف الرقي أن سليمان بن أحمد حدثهم نا الدبري نا عبد الرزاق عن الثوري نا أبو سعيد البصري أنه سمع الحسن يذكر عن عقيل بن أبي طالب أنه تزوج امرأة من بني جشم فقيل: بالرفاء والبنين؛ فقال: لا تقولوا ذلك فإن رسول الله ﷺ نهى عن ذلك، وأمرنا أن نقول: "بارك الله لك وبارك عليك". قال عبد الغني: أبو سعيد البصري هو الحسن بن دينار، وقيل: هو يزيد بن إبراهيم.
945- 18/13/1
الجوزقي
الحافظ الإمام الأوحد أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني المعدل محدث نيسابور وصاحب الصحيح المخرج على صحيح مسلم، وهو ابن أخت المحدث أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي.
روى عن أبي العباس السراج شيئًا قليلًا وعن أبي نعيم بن عدي الجرجاني وأبي العباس الدغولي ومكي بن عبدان وأبي حامد بن الشرقي وأبي سعيد بن الأعرابي وإسماعيل الصفار وأبي حاتم الوسقندي وخلق كثير، وكان قد رحل مع خاله وبرع وتقدم وصنف.
قال الحاكم: انتقيت له فوائد في عشرين جزءًا ثم بعد ذا ظهر سماعه من السراج. قلت: روى عنه الحاكم وأبو سعيد الكنجرودي وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري ومحمد بن علي الخشاب وسعيد بن أبي سعيد العيار وأحمد بن منصور بن خلف المغربي وآخرون.
وجوزق قرية من قرى نيسابور. وله كتاب المتفق والمفترق، وله كتاب المتفق الكبير يكون ثلاثمائة جزء، رواه عنه أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وروى عن أبي بكر الجَوْزَقي قال: أنفقت في طلب الحديث مائة ألف درهم ما كسبت به درهمًا. قلت: وله أربعون حديثًا سمعناها بعلو. قال الحاكم: توفي في شوال سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة وله اثنتان وثمانون سنة.
أخبرتنا زينب بنت كندي ببعلبك عن زينب بنت أبي القاسم أن أبا المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري أخبرهم أنا أبو سعيد محمد بن علي أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي الحافظ أنا أبو العباس الدغولي ومكي بن عبدان وعبد الله بن محمد بن الشرقي قالوا: أنا عبد الله بن هاشم نا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم". [3]
946- 19/13/1
ابن الفرات
الحافظ الإمام البارع أبو الحسن محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات البغدادي.
سمع أبا عبد الله المحاملي ومحمد بن مخلد وابن البختري وطبقتهم فأكثر وجوَّد وجمع فأوعى حتى قال الخطيب: بلغني أنه كان عنده عن علي بن محمد المصري الواعظ وحده ألف جزء وأنه كتب مائة تفسير ومائة تاريخ، حدثنا عنه أحمد بن علي البادي ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة وأبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي وغيرهم. قال: وحدثني الأزهري أن ابن الفرات خلف ثمانية عشر صندوقًا مملوءة كتبًا أكثرها بخطه. ثم قال: وكتابه هو الحجة في صحة النقل وجودة الضبط ولم يزل يسمع إلى أن مات؛ وقال لي العتيقي: هو ثقة مأمون ما رأيت أحسن قراءة منه للحديث. وقال غيره: مات في شوال سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وعاش بضعًا وستين سنة.
قرأت بخط السلفي عام أربعة وثلاثين، سمعت جعفر بن أحمد السراج يقول: سمعت أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ يقول: أبو الحسن بن الفرات غاية في ضبطه، حجة في نقله.
947- 20/13/1
أحمد بن أبي الليث نصر بن محمد
الحافظ، أبو العباس النصيبي المصري.
لا أعرف هذا الرجل غير أن الحاكم قال: قدم نيسابور وهو باقعة في الحفظ شبهت مذاكرته بالسحر، وكان يتقشف ويجالس الصالحين، سمع أبا هاشم الكتاني وأحمد بن عبد الرحيم القيسراني بالشام، وأبا عبد الله الحليمي وأبا علي الصفار ببغداد، ومحمد بن يعقوب الأصم بنيسابور، وأصحاب يونس بن عبد الأعلى بمصر، إلى أن قال: مات سنة ست وثمانين وثلاثمائة، ذهب إلى ما وراء النهر وأقبل على الأدب والشعر ودخل في الأعمال السلطانية، ثم اجتمعت به هناك وحفظه كما كان، فكنت أتعجب منه. قلت: روى عنه الحاكم وغيره.
948- 21/13/1
الطوسي
الحافظ أبو الفضل نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب العطار. وهو ابن أبي نصر الطوسي.
ولد سنة عشر وثلاثمائة تقريبًا، وسمع أبا محمد عبد الله بن محمد بن الشرقي وأبا حامد بن بلال وأبا بكر محمد بن الحسين القطان ومحمد بن مخلد العطار وأبا عبد الله المحاملي وأبا العباس بن عقدة وطبقتهم، وبدمشق أيضًا أبا علي بن حبيب الحصائري وابن زبان الكندي، وبمكة أبا سعيد بن الأعرابي، وبمصر محمد بن وردان العامري، وبالرملة الربيع بن سلامة، وبمكة ومنبج وحران ومواضع، روى عنه الحاكم وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو نعيم وأبو سعيد الكنجرودي وآخرون.
قال الحاكم: هو أحد أركان الحديث بخراسان مع ما يرجع إليه من الدين والزهد والسخاء والتعصب لأهل السنة، أول رحلته كانت إلى مرو إلى الليث بن محمد، وما خلف بالطابران يوم مات مثله، وأما في علوم الصوفية وأخبارهم ولقي شيوخهم، فإنه توفي يوم توفي ولم يخلف بخراسان مثله في التقدم واللقي.
قلت: كان قد صحب الشبلي، ومات في المحرم سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة.
ومات فيها محدث بغداد الحجة المأمون أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسين بن شاذان البغدادي البزاز والد المحدث أبي علي بن شاذان، وأبو الحسن علي بن حسان الجديلي خاتمة أصحاب مطين، والعلامة أبو محمد عبد الله بن عطية الدمشقي المفسر إمام مسجد باب الجابية، وجعفر بن عبد الله بن فناكي راوية مسند الروياني عنه.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء أنبأنا عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا محمد بن عبد الرحمن أنا أبو الفضل نصر بن محمد بن أحمد العطار أنا أحمد بن الحسين بن محمد بن الأزهر بمصر نا يوسف بن يزيد الفراطيسي نا الوليد بن موسى نا منبه بن عثمان عن عروة بن رويم عن الحسن عن أنس عن النبي ﷺ قال: "إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب". فسألناه عن ثوابهم وعن مؤمنهم قال: "على الأعراف وليسوا في الجنة مع أمة محمد، ﷺ ". قلنا: وما الأعراف؟ قال: "حائط الجنة تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار والثمار". هذا حديث منكر جدًّا.
949- 22/13/1
ابن بكير
الحافظ الإمام أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي الصيرفي.
سمع أبا جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وأبا عمرو بن السماك وأبا بكر النجاد وطبقتهم، حدث عنه أبو حفص بن شاهين شيخه وأبو العلاء الواسطي وأبو القاسم التنوخي وعبيد الله الأزهري وأبو الحسين بن المهتدي بالله وآخرون، قال الأزهري: سمعت أبا عبد الله بن بكير يقول: هذا الحديث كتبه عني محمد بن إسماعيل الوراق وأبو الحسن الدارقطني. قال الأزهري: كنت أحضر عنده وبين يديه أجزاء فأنظر فيها فيقول: أيما أحب إليك، تذكر لي متن ما تريد من هذه الأجزاء حتى أخبرك بإسناده أو تذكر إسناده حتى أخبرك بمتنه؟ فكنت أذكر له المتون فيحدثني بأسانيدها كما هي حفظًا، فعلت هذا معه مرارًا كثيرة، وكان ثقة لكنهم حسدوه وتكلموا فيه. وقال ابن أبي الفوارس: كان يتساهل في الحديث ويلحق في بعض أصول الشيوخ ما ليس منها ويصل المقاطيع. مات ابن بكير في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، وله إحدى وستون سنة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا نصر بن عبد الرزاق القاضي قال: قرأت على شيخنا أبي الفتح نصر بن فتيان بن المثنى، أخبركم هبة الله بن الحصين أنا علي بن المحسن نا الحسين بن أحمد بن بكير أنا أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق نا عمي البهلول بن إسحاق، سمعت أبي، سمعت جدي حسان بن سنان يقول: رأيت أنس بن مالك بواسط فقال: من أين أنت؟ قلت: من الأنبار، قال: وفِيمَ قدمت؟ قلت: قدمت متظلمًا إلى الحجاج على عاملنا، فمسح يده على ظهري ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر".
950- 23/13/1
الخطابي
الإمام العلامة المفيد المحدث الرحال، أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف.
سمع أبا سعيد بن الأعرابي بمكة وإسماعيل بن محمد الصفار وطبقته ببغداد، وأبا بكر بن داسة بالبصرة، وأبا العباس الأصم وطبقته بنيسابور؛ روى عنه الحاكم وأبو حامد الأسفراييني وأبو نصر محمد بن أحمد البلخي الغزنوي وأبو مسعود الحسين بن محمد الكرابيسي وأبو عمرو محمد بن عبد الله الرزجاهي وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي وأبو عبيد الهروي اللغوي وأبو الحسين عبد الغافر الفارسي وخلق سواهم.
ووهم أبو منصور الثعالبي في اليتيمة حيث سماه أحمد بن محمد؛ أقام مدة بنيسابور يصنف، فعمل غريب الحديث، وكتاب معالم السنن، وكتاب شرح الأسماء الحسنى، وكتاب العزلة، وكتاب الغنية عن الكلام وأهله؛ وغير ذلك، وكان ثقة متثبتًا من أوعية العلم قد أخذ اللغة عن أبي عمر الزاهد ببغداد، والفقه عن أبي علي بن أبي هريرة والقفال، وله شعر جيد.
قرأت على شهدة العامرية أخبركم جعفر بن علي أنا السلفي نا أبو المحاسن الروياني، سمعت أبا نصر البلخي، سمعت أبا سليمان الخطابي، سمعت أبا سعيد بن الأعرابي ونحن نسمع عليه هذا الكتاب -يعني سنن أبي داود- يقول: لو أن رجلًا لم يكن معه من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله ثم هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شيء من العلم ألبتة.
أخبرنا أحمد بن سلامة إجازة عن عبد الغني بن سرور الحافظ أنا إسماعيل بن غانم أنا عبد الواحد بن إسماعيل أنا محمد بن أحمد نا حمد بن محمد بن إبراهيم أنا محمد بن بكر نا أبو داود أنا محمد بن حزابة نا إسحاق بن منصور نا أسباط عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن". [4]
قال القراب: توفي الخطابي ببست في شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة.
قلت: وفيها مات المحدث الإمام أبو النضر شافع بن محمد ابن الحافظ أبي عوانة الأسفراييني الرحال لقي ابن جوصاء وطبقته، ومحدث بروجرد القاضي أبو الحسين عبيد الله بن سعيد البروجردي لقي الباغندي وابن جرير الطبري، والشيخ أبو الفضل عبيد الله بن محمد الفامي النيسابوري شيخ العيار، ومقرئ مصر أبو حفص عمر بن عراك الحضرمي، ومقرئ العراق أبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، والعلامة الأديب أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي ببغداد، ومسند مرو القاضي أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي الفقيه عن مائة سنة، ومقرئ مصر وعالمها الإمام أبو بكر محمد بن علي الأدفوي المفسر، ومسند مكة أبو يعقوب يوسف بن الدخيل تلميذ العقيلي.
951- 24/13/1
ابن عابد
الحافظ الإمام أبو عمر أحمد بن محمد بن عابد الأسدي الأندلسي القرطبي.
سمع أحمد بن سعيد بن حزم ومحمد بن معاوية بن الأحمر وأحمد بن مطرف، وحدث باليسير فإنه مات في الكهولة.
قال ابن الفرضي: مات في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
قلت: وفيها مات محدث نيسابور أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي المعدل، وعالم سرخس الفقيه أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي وله ست وسبعون سنة، لحق البغوي في رحلته، وعالم المغرب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني صاحب الرسالة، ومقرئ مصر أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون الحلبي ومسند بغداد أبو القاسم عبيد الله بن محمد ابن حبابة، وراوية الصحيح أبو الهيثم محمد بن مكي الكشميهني المروزي، يوم عرفة.
952- 25/13/1
الزهري
الحافظ الناقد أبو محمد الحسن بن علي بن عمر البصري ويعرف بابن غلام الزُّهري.
كان في هذا الحين، سأله الحافظ حمزة السهمي عن الرجال والجرح والتعديل، لم أظفر له بترجمة، سمع من أبي القاسم البغوي وابن صاعد ومحمد بن الحسين بن مكرم والقاسم بن عباد وعلي بن عبد الله بن الفضل وخالد بن النضر وأحمد بن يعقوب المتوثي وطبقتهم، وكان حيًّا في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، روى عنه حمزة بن يوسف الحافظ أبو الحسن بن صخر الأزدي، ومحمد بن طلحة الخزاعي، وطائفة.
قرأت على أبي بكر بن عمر الفقيه أخبركم الحسن بن أحمد الزاهد ببيت المقدس أنا أبو طاهر السلفي نا أبو طاهر محمد بن محمد النهاوندي إملاء بالبصرة نا محمد بن طلحة بن المغيرة الخزاعي نا الحسن بن علي الحافظ نا أحمد بن يعقوب المتوثي نا بندار نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الولاء وعن هبته. رواه عدة عن سفيان الثوري، وقد أخرجه "خ" عن أبي نعيم عن الثوري، فوقع لنا بدلًا نازلًا بدرجة، ولله الحمد.
953- 26/13/1
ابن حنزابة
الوزير الكامل الحافظ المفيد الإمام، أبو الفضل جعفر ابن الوزير الكبير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن حسن بن الفرات البغدادي نزيل مصر.
وزر أبوه للمقتدر في آخر دولته، ووزر الحافظ أبو الفضل لصاحب مصر كافور الخادم، وحدث عن محمد بن هارون الحضرمي ومحمد بن زهير الأيلي والحسن بن محمد الداركي وأبي بكر الخرائطي ومحمد بن سعيد الحمصي وعدة، وكان يذكر أنه سمع من البغوي مجلسًا، ويذكر ويقول: من جاءني به أغنيته. وعزم على عمل المسند؛ ولذلك رحل إليه الدارقطني وأقام عنده مدة وأعطاه جملة، وللدارقطني في كتاب المدبج عنه أحاديث، ولعبد الغني عنه رواية. مولده سنة ثمان وثلاثمائة.
قال السلفي: كان من الحفاظ الثقات المتبجحين بصحبة المحدثين مع جلالة ورئاسة، يملي ويروي في حال الوزارة، عندي من أماليه ومن كلامه على الحديث وحسن تصرفه الدال على حدة فهمه ووفور علمه. وقد روى عنه حمزة الكتاني مع تقدمه، وقيل: إنه وزر بعد موت كافور وصادر وفعل ثم اضطربت عليه الأمور فاختفى ونهبت داره ثم صودر ونزح إلى الشام سنة ثمان وخمسين ثم بعد مدة رجع إلى مصر، وروى عنه الحافظ عبد الغني؛ وبلغنا أن أبا الفضل كان يفطر وينام نومة ثم ينهض ويتوضأ ويصلي إلى الغداة.
وقال المسبحي: لما غسل أبو الفضل جعل في فيه ثلاث شعرات من شعر النبي ﷺ أخذها بمال عظيم وكانت عنده في درج ذهب مختوم بمسك. والحنزابة أمه كانت أم ولد، والده الفضل، وفي اللغة الحنزابة هي القصيرة الغليظة، ونقل فدفن بالمدينة النبوية في دار اشتراها قريبة جدًّا من المسجد. قال ابن طاهر المقدسي: رأيت عند الحبال كثيرًا من الأجزاء التي خرجت لابن حِنْزَابة وفيها الجزء الموفى ألفًا من مسند كذا، والجزء الموفى خمسمائة من مسند كذا، أنفق أموالا عظيمة في البر. مات في ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
وفيها مات أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني خاتمة من روى الصحيح عن الفربري، وبمصر أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن حميد بن رزيق البغدادي عنده المحاملي وطبقته، وشاعر العراق أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج البغدادي صاحب المجون، وفقيه الظاهرية العلامة أبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخرزي، تخرج به البغاددة، قال الصيمري: ما رأيت فقيهًا أنظر منه ومن الشيخ أبي حامد، ومسند بغداد أبو القاسم عيسى بن علي الوزير صاحب تلك الأمالي، ومسند مصر المؤمل بن أحمد بن محمد الشيباني البغدادي البزاز سمع البغوي وثقه الخطيب.
954- 27/13/1
الأَصيلي
الحافظ الثبت العلامة أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمد الأندلسي.
تفقه بقرطبة وسمع من ابن المشاط ومحمد بن السليم ولقي وهب بن مسرة بوادي الحجارة، وبمصر القاضي أبا الطاهر الذهلي وابن حيويه النيسابوري والفقيه أبا إسحاق بن شعبان، وبمكة أبا بكر الآجري، وببغداد أبا بكر الشافعي وأبا علي بن الصواف، وأتقن، أخذ الصحيح عن أبي زيد المروزي، وتفقه على أبي بكر الأبهري ووعى علمًا جمًّا؛ قال القاضي عياض: قال الدارقطني: حدثني أبو محمد الأصيلي ولم أرَ مثله. ثم قال عياض: كان من حفاظ مذهب مالك ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله، وكان ينكر الغلو في كرامات الأولياء ويثبت منها ما صح ودعاء الصالحين؛ ولي قضاء سرقسطة ثم ترك وبقي على الشورى بقرطبة. قلت: وكان رأسًا في الحديث والسنن وفقه السلف، له كتاب كبير سماه: الدلائل في اختلاف العلماء. حمل الناس عنه وكان في خلقه حدة، . مات في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وشيَّعه الخلائق.
وفيها مات بمصر المحدث أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب صاحب كتاب المروءة، ومسند هراة أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري صاحب البغوي، ونحوي العراق أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، والعلامة القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني الشاعر المحسن، والمحدث الجوال أبو العباس الوليد بن بكر السرقسطي.
أنبأنا عبد الله بن محمد الطائي عن أبي القاسم بن بقي أنا شريح بن محمد أنا علي بن أحمد الحافظ إذنًا نا حمام بن أحمد نا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي نا أبو زيد المروزي "ح" وأخبرنا بعلو درجتين عبد الله بن قوام وطائفة قالوا: أنا الحسين بن المبارك أنا عبد الأول أنا أبو الحسن المظفري أنا عبد الله بن حمويه قالا: أنا أبو عبد الله الفربري أنا البخاري نا يحيى بن بكير نا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم أن ابن عمر قال: تمتع رسول الله ﷺ بالعمرة إلى الحج وساق الهدي من ذي الحليفة، الحديث.
955- 28/13/1
خلف بن القاسم بن سهل
الحافظ الإمام، أبو القاسم الأندلسي بن الدباغ.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، سمع محمد بن معاوية الأموي وأحمد بن الشامة، وبمصر أبا محمد بن الورد وسلمة بن الفضل والطبقة، وبمكة بكيرًا الحداد وأبا بكر الآجري وأبا الحسن الخزاعي، وبدمشق علي بن أبي العقب وأبا الميمون بن راشد. وكان من الحفاظ المحققين، صنف حديث مالك وحديث شعبة وكتابًا في الزهد، وقرأ بالروايات على جماعة منهم أحمد بن صالح صاحب ابن مجاهد؛ حدث عنه جماعة من الأندلسيين منهم أبو عمرو الداني وأبو عمر بن عبد البر وكان ابن عبد البر لا يقدم عليه أحدًا من شيوخه، توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
وفيها مات بأصبهان أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان الأبهري صاحب جزء لوين، والمقرئ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري ببغداد، وشيخ اللغة أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، ومسند بغداد أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن البغدادي المخلص، والسيد أبو الحسن محمد بن علي العلوي الهمذاني ببخارى.
أنبأنا طائفة قالوا: أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي أنا ابن ناصر أنا الحميدي أنبأنا أبو عمر الحافظ نا خلف بن القاسم نا محمد بن إبراهيم بن إسحاق نا محمد بن محمد الباهلي نا إسحاق بن أبي إسرائيل نا حماد بن زيد عن كثير بن شنظير عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله، ﷺ: "خمروا الآنية وأوكوا الأسقية وأجيفوا الأبواب وكفوا صبيانكم عند المساء، فإن للجن انتشارًا وخطفة". [5]
أخبرنا محمد بن عطاء الله بالإسكندرية أنا عبد الرحمن بن مكي أنا خلف بن عبد الملك في كتابه أنا أبو محمد عن أبي عمر الحافظ نا خلف بن القاسم نا محمد بن موسى نا أحمد بن علي بن شعيب نا محمد بن حفص نا الجراح بن يحيى نا عمر بن عمرو، سمعت عبد الله بن بسر يقول: قال رسول الله، ﷺ: "الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله وصلاة على رسول الله ﷺ ثم يدعو فيستجاب لدعائه". هذا حديث منكر.
956- 29/13/1
الكلاباذي
الحافظ الإمام أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين البخاري.
وكلاباذ محلة من بخارى، سمع الهيثم بن كليب الشاشي وعلي بن محتاج وأبا جعفر محمد بن محمد البغدادي الجمال وأبا يعلى عبد المؤمن بن خلف ومحمد بن محمود عنبر النسفيين وعبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي وخلقًا كثيرًا، روى عنه جعفر بن محمد المستغفري، وقال: هو أحفظ من كان بما وراء النهر في زمانه، مات في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة عن خمس وسبعين سنة.
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو نصر الكلاباذي الكاتب من الحفاظ حسن الفهم والمعرفة عارف بصحيح البخاري، كتب بما وراء النهر وبخراسان والعراق، ووجدت شيخنا الدارقطني قد رضي فهمه ومعرفته، وهو متقن ثبت لم يخلف بما وراء النهر مثله. ثم روى عنه الحاكم شيئًا، وحديثه قليل الوقوع لنا، وقد حدث عنه الدارقطني في كتاب المدبج، وله مصنف مشهور في معرفة من أخرج له البخاري في صحيحه.
قال الخطيب: ثقة حافظ حدث ببغداد في حياة الدارقطني، وكان يُثنَى عليه.
ومات معه في السنة البديع أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني الأديب مصنف المقامات، وشيخ همذان ومحدثها ومفتيها أبو بكر أحمد بن علي بن أحمد بن لال الشافعي، له رحلة لقي فيها ابن الأعرابي وعمر تسعين سنة، وصاحب تلك الأمالي القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون البغدادي الضبي، ومفتي بغداد أبو محمد عبد الله بن محمد البخاري المعروف بالبافي صاحب أبي علي بن أبي هريرة، وشاعر بغداد أبو الفرج عبد الواحد بن نصر المخزومي الببغاء، وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن الصيدلاني آخر الثقات من أصحاب ابن صاعد. قال السلفي: أنا بكتاب الإرشاد في معرفة رجال البخاري خالد التاجر بأصبهان عن عبد الملك بن الحسن بن سياوش الكازروني عن مؤلفه أبي نصر الكلاباذي.
أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن منير أنبأنا أبو طاهر السلفي أنا أبو العلاء أحمد بن عمر بن سهلويه أنا يوسف بن الحسين الرازي نا أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ نا أحمد بن نصر البخاري نا الحسين بن محمد القمي نا عبد الرحيم بن حبيب البغدادي نا بقية بن الوليد، سمعت الأوزاعي يقول: لبس الصوف في السفر سنة وفي الحضر بدعة.
957- 30/12/1
البصير
الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الرازي الضرير.
وكان ولد أعمى وكان يتوقد ذكاء، استملى على الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم وسمع من أحمد بن محمد بن حسين بن معاوية صاحب أبي زرعة وارتحل إلى بخارى وإلى نيسابور، وسمع أبا حامد بن بلال وأبا العباس الأصم.
وقد حدث ببغداد وانتخب عليه الدارقطني ووثقه الخطيب؛ روى عنه أبو القاسم الأزهري ومحمد بن عبد الملك بن بشران وحميد بن المأمون والفقيه سليم الرازي وآخرون؛ وكان عارفًا بهذا الشأن، قال الخليلي: سمعته يقول: كنت أستملي لابن أبي حاتم، إلى أن قال: وسمع ببلخ من الحافظ عبد الله بن محمد بن طرخان، وببخارى من محمود بن إسحاق صاحب أبي عبد الله البخاري، ومن أبي عبد الله الحارثي الأستاذ؛ قال: وكان عارفًا بأحاديثه حافظًا، وهو آخر من مات بالري من أصحاب ابن أبي حاتم. قلت: مات في رمضان سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
أخبرنا يوسف بن الوبار أنا محمد بن عبد الكريم القيسي أنا أبو المعالي بن صابر أنا أبو القاسم النسيب أنا سليم بن أيوب أنا أحمد بن محمد البصير أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم أنا أحمد بن سنان نا أبو معاوية نا الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله، ﷺ: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر" قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". متفق على ثبوته.
وفيها مات معه مسند أصبهان أبو علي الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان البغدادي نزيل أصبهان عن أربع وتسعين سنة، ومقرئ مصر أبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون مصنف التذكرة، ومسند زمانه أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي البغدادي الكاتب، وشيخ قرطبة القدوة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن أبي زمنين المري.
958- 31/13/1
الحليمي
العلامة البارع رئيس أهل الحديث بما وراء النهر، أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي.
صاحب وجوه حسان في المذهب، وكان من أذكياء زمانه ومن فرسان النظر، له يد طولى في العلم والأدب؛ أخذ عن الأستاذ أبي بكر القفال وأبي بكر الأردني، وسمع أبا بكر محمد بن أحمد بن خَنْب وخلف بن محمد الخيام وبكر بن محمد المروزي الدخمسيني وطائفة؛ مولده سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة فقيل: بجرجان فحمل ونشأ ببخارى، وقيل: بل ولد ببخارى، له تصانيف مفيدة، حدث عنه أبو عبد الله الحاكم مع تقدمه ونبله والحافظ أبو زكريا عبد الرحيم البخاري وأبو سعيد الكنجرودي وآخرون؛ وهو من فرسان هذا الشأن مع أن له فيه عملًا جيدًا؛ يقع لي حديثه عاليًا. توفي في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة، وفيها توفي أئمة كما سنورده.
أخبرنا المسند الجليل شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء سنة خمس وتسعين وستمائة بقراءة أبي الحجاج الحافظ عن عبد المعز بن محمد قال: أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو سعد أحمد بن عبد الرحمن النيسابوري أنا الإمام أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي أنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي نا أحيد بن الحسين نا مقاتل بن إبراهيم نا نوح بن أبي مريم عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله، ﷺ: "لصاحب القرآن دعوة مستجابة عند ختمه".
نوح الجامع مع جلالته في العلم ترك حديثه، وكذلك شيخه مع عبادته، فكم من إمام في فن مقصر عن غيره كسيبويه مثلًا إمام في النحو ولا يدري ما الحديث، ووكيع إمام في الحديث ولا يعرف العربية، وكأبي نواس رأس في الشعر عري من غيره، وعبد الرحمن بن مهدي إمام في الحديث لا يدري ما الطب قط، وكمحمد بن الحسن رأس في الفقه ولا يدري ما القراءات، وكحفص إمام في القراءة تالف في الحديث.
"وللحروب رجال يعرفون بها".
وفي الجملة: وما أوتوا من العلم إلا قليلًا، وأما اليوم فما بقي من العلوم القليلة إلا القليل في أناس قليل، ما أقل من يعمل منهم بذلك القليل، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
959- 32/13/1
ابن منده
الإمام الحافظ الجوال محدث العصر، أبو عبد الله محمد ابن الشيخ أبي يعقوب إسحاق ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي زكريا يحيى بن منده.
وهو إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن أستندار بن جهاربخت وقيل: اسم أستندار فيرزان وهو الذي أسلم وقت افتتاح الصحابة أصبهان وولاؤه لعبد القيس، وكان مجوسيًّا وكان من النواب على بعض أعمال أصبهان، الأصبهاني العبدي.
حدث منده بشيء يسير ومات في دولة المعتصم، وروى ولده يحيى الحديث وحفيده، وكان من الحفاظ، مات سنة إحدى وثلاثمائة، وقد مر، يروي عنه أبو الشيخ كثيرًا، وابنه إسحاق روى عن عبد الله بن محمد بن النعمان وجماعة، وابنه الحافظ صاحب الترجمة مكثر عنه، مات سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. ولد أبو عبد الله سنة عشر وثلاثمائة وقيل: في التي تليها، سمع أباه وعم أبيه عبد الرحمن بن يحيى وأبا علي الحسن بن أبي هريرة وطائفة بأصبهان، ومحمد بن الحسين القطان وعبد الله بن يعقوب الكرماني وأبا علي الميداني وأبا حامد بن بلال وخلقًا بنيسابور، وأبا سعيد بن الأعرابي بمكة، والهيثم بن كليب بسمرقند، وخيثمة بن سليمان وطبقته بالشام، وأبا جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وعدة ببغداد، وأبا الطاهر المديني وبابته بمصر، وغير ذلك، وعدة شيوخه الذين سمع وأخذ عنهم ألف وسبعمائة شيخ، وله إجازة من الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره، ولما رجع من الرحلة الطويلة كانت كتبه عدة أحمال حتى قيل: إنها كانت أربعين حملًا، وما بلغنا أن أحدًا من هذه الأمة سمع ما سمع ولا جمع ما جمع، وكان ختام الرحالين وفرد المكثرين مع الحفظ والمعرفة والصدق وكثرة التصانيف.
حدث عنه شيخه أبو الشيخ وأبو عبد الله الحاكم وأبو عبد الله غنجار وأبو سعد الإدريسي وتمام الرازي وحمزة السهمي وأبو نعيم وأحمد بن الفضل الباطرقاني وأحمد بن محمود الثقفي وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار وأبو عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء وأولاده عبد الرحمن وعبد الوهاب وعبيد الله وآخرون؛ قال الباطرقاني: نا أبو عبد الله إمام الأئمة في الحديث، لقاه الله رضوانه.
قلت: أول ما رأيت أنه سمع في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، وأول ارتحاله قبل الثلاثين أو فيها إلى نيسابور. قال الحاكم: التقينا ببخارى سنة إحدى وستين وقد زاد زيادة ظاهرة، ثم جاءنا إلى نيسابور سنة خمس وسبعين ذاهبًا إلى وطنه، قال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو منده أعلام الحفاظ في الدنيا قديمًا وحديثًا، ألا ترون إلى قريحة أبي عبد الله؟ وقيل: إن أبا نعيم ذكر له ابن منده فقال: كان جبلًا من الجبال.
قال أبو عبد الله بن أبي ذهل: سمعت أبا عبد الله بن منده يقول: لا يخرج الصحيح إلا من ينزل أو يكذب؛ يعني أن شيوخ المتأخرين لا يرتقون إلى درجة الصحة فيكذب المحدث إن خرج عنهم. وقيل: كان أبو عبد الله إذا قيل له: فاتك سماع كذا، يقول: ما فاتنا من البصرة أكثر. قلت: لم يدخلها؛ لأنه ارتحل إلى مسندها علي بن إسحاق الماذرائي فنُعِيَ إليه قبل دخولها فتألم ورجع عنها. وله كتاب معرفة الصحابة، قال الحافظ ابن عساكر: له فيه أوهام كثيرة.
قال أبو نعيم الحافظ في تاريخه في ترجمة ابن منده: هو حافظ من أولاد المحدثين اختلط في آخر عمره فحدث عن أبي أسيد وابن أخي أبي زرعة وابن الجارود بعد أن سمع منه أن له عنهم إجازة، وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالًا في المعتقدات لم يعرفوا بها؛ نسأل الله الستر والصيانة. قلت: لا يعبأ بقولك في خصمك للعداوة المشهورة بينكما، كما لا يعبأ بقوله فيك فقد رأيت لابن منده مقالًا في الحط على أبي نعيم من أجل العقيدة أقذع فيه، وكل منهما صدوق غير متهم بحمد الله في الحديث. قال أحمد الباطرقاني: كتب إمام دهره أبو أحمد العسال إلى ابن منده وهو بنيسابور في حديث أشكل عليه، فأجابه بإيضاحه وبيان علته. وحكى غير واحد عن أبي إسحاق بن حمزة قال: ما رأيت مثل أبي عبد الله بن منده.
أنبأنا الفخر علي وجماعة عن زاهر بن أحمد أنا الحسين بن عبد الملك قال: كتب إلي عبد الرحمن بن أبي عبد الله أن أباه كتب عن أربعة مشايخ أربعة آلاف جزء وهم: ابن الأعرابي والأصم وخيثمة والهيثم بن كليب. وسمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبعمائة. قال جعفر المستغفري: ما رأيت أحدًا أحفظ من أبي عبد الله بن منده، سألته يومًا: كم يكون سماعات الشيخ؟ قال: تكون خمسة آلاف منّ. قلت: المنّ يجيء عشرة أجزاء كبار.
وقال أحمد بن جعفر الحافظ: كتبت عن أزيد من ألف شيخ ما فيهم أحفظ من ابن منده. وقال أبو إسماعيل الأنصاري شيخ هراة: أبو عبد الله بن منده سيد أهل زمانه. قال الباطرقاني: سمعت أبا عبد الله يقول: طفت الشرق والغرب مرتين. ونقل أبو زكريا بن منده في تاريخه عن أبيه وعمه وغيرهم أن أبا عبد الله قال: ما افتصدت قط ولا شربت دواء قط وما قبلت من أحد شيئًا قط. قلت: مدائنه التي ارتحل إليها من الإسكندرية إلى الشاش، وما دخل البصرة ولا هراة ولا فارس ولا سجستان ولا أذربيجان. قال أبو زكريا بن منده: كنت مع عمي عبيد الله في طريق نيسابور فلما بلغنا بئر مجة "؟" حكى لي عمي قال: كنت أسير يومًا فعرض لي شيخ جمال فقال: كنت قافلًا عن خراسان مع أبي فلما وصلنا إلى هنا إذ نحن بأربعين وقرًا من الأحمال، فظننا أن ذلك ثياب فإذا خيمة صغيرة فيها شيخ وإذا هو والدك، فسأله بعضنا: ما هذه الأحمال؟ فقال: هذا متاع قلَّ من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله، ﷺ. ثم ذكر لي عمي بعد ذلك فقال: كنت قافلًا عن خراسان ومعي عشرون وقرًا من الكتب فنزلت فيها عند البئر اقتداء بالوالد.
قلت: توفي ابن منده في سلخ ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، أرخه أبو نعيم واستوفينا ذكر أبي عبد الله في كتاب آل منده، ولقد كنت أتحسر على لقي العلامة نجم الدين أبي عبد الله بن حمدان في سنة أربع وتسعين لأجل علو حديث ابن منده عنده ولم يقع لي بالاتصال.
فأنبأنا يحيى بن أبي منصور الفقيه في سنة أربع وتسعين وستمائة أنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ سنة خمس وستمائة أنا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي أنا أبو عمرو بن منده أنا أبي أنا أبو بكر محمد بن القاسم بن كوفي الكراني نا أبو صالح يحيى بن واقد نا هشيم عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال: سألت رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله، يأتيني الرجل فيسألني البيع وليس عندي ما أبيعه، أفأبتاعه له من السوق؟ فقال: "لا تبع ما ليس عندك".
فأهل الطبقة الثامنة من كتاب أربعين الطبقات للحافظ ابن المفضل هم ابن منده والحاكم وعبد الغني بن سعيد وأبو مسعود الدمشقي.
960- 33/13/1
السليماني
الحافظ المحدث المعمر أبو الفضل أحمد بن علي بن عمرو البيكندي البخاري شيخ ما وراء النهر.
ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، سمع محمد بن حمدويه بن سهل المروزي فكان آخر من روى في الدنيا عنه وعن غيره، وسمع من علي بن سحنويه وعلي بن إبراهيم بن معاوية وأبي العباس الأصم النيسابوريين، ومحمود بن إسحاق الخزاعي وصالح بن زهير ومحمد بن صابر ابن كاتب البخاريين وعلي بن إسحاق الماذرائي البصري وعبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهاني؛ وصنف وجمع وتقدم في الحديث، ذكره ابن السمعاني في الأنساب وقال: السليماني نسبة إلى جده لأمه أحمد بن سليمان البيكندي، له التصانيف الكبار، وكان يصنف في كل جمعة شيئًا ثم يدخل من قرية بيكند إلى بخارى ويحدث بما صنف، روى عنه الحافظ جعفر بن محمد المستغفري وولده أبو ذر محمد بن جعفر وجماعة بتلك الديار، إلى أن قال: وتوفي في ذي القعدة سنة أربع وأربعمائة وله ثلاث وتسعون سنة. قلت: وقفت له على تأليف في أسماء الرجال وعلقت منه.
وأخبرنا الحسن بن علي أنا عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الله بن محمد الحافظ أنا محمد بن محمد بن إسماعيل السيرجاني أنا أحمد بن علي الحافظ ببيكند نا محمد بن إبراهيم بن عيسى الخوارزمي الشافعي نا محمد بن إسحاق الدمشقي حدثني محمد بن حمدان البلخي نا محمد بن نهشل المروزي نا موسى بن مسعود عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير قال: ولد الزنى لا يكتب الحديث.
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد الرحيم بن السمعاني أنا عثمان بن علي البيكندي أنا أبو الخطاب محمد بن إبراهيم بن علي الكعبي إملاء سنة ثمانين وأربعمائة نا أبو سهل أحمد بن علي الأبيوردي نا أحمد بن عمرو السليماني أنا عبد العزيز بن أحمد السمرقندي نا أبو الفضل محمد بن إبراهيم السمرقندي ثنا عيسى بن ميناء نا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا يفتح أحد على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر".
961- 34/13/1
الشيرازي
الإمام الحافظ الفقيه أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث الكشي ثم الشيرازي، من كبار الأئمة ببلاد فارس.
ارتحل وسمع من إسماعيل الصفار وأبي جعفر بن البختري وعبد الله بن درستويه وجماعة ببغداد، ومن أبي العباس الأصم وأبي عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم بنيسابور، ومن الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي الحافظ بفارس.
ذكره أبو عبد الله الحاكم فأثنى عليه وقال: هو متقدم في معرفة القراءات حافظ للحديث رحال، قدم علينا أيام الأصم ثم قدم علينا سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وسمعت منه. وذكره أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية مختصرًا وقال: هو والد الليث وأبي بكر. وذكره أبو عبد الله الصفار في طبقات أهل شيراز وأثنى عليه كثيرًا ثم قال: ومن أصحابه زيد بن محمد بن خلف الحافظ ومحمد بن موسى الحافظ وأحمد بن عبد الرحمن المقرئ الحافظ. قلت: ولحق ابن طاهر المقدسي بشيراز أصحابه فسمع من علي بن محمد الشاهد عنه.
ثم قال: وتوفي في ثامن عشر رمضان سنة خمس وأربعمائة. قال: وابنه أبو بكر محمد بن الحسن الشيرازي سمع بأصبهان من أبي بكر بن المقرئ وبقي إلى سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وقيل: إن ابنه مات سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة. قلت: وكأنه الليث الولد الآخر.
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ أنا ابن خليل أنا مسعود الجمال أنا أبو علي الحداد أنا أبو طالب علي بن محمد بن بكر الغازي نا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث الصفار نا إسماعيل بن محمد نا سعدان بن نصر نا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله، ﷺ: "الكمأة من المن الذي أنزل على بني إسرائيل، وماؤها شفاء للعين". [6]
962- 35/13/1
الحاكم
الحافظ الكبير إمام المحدثين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري، المعروف بابن البيع صاحب التصانيف.
ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في ربيع الأول، طلب الحديث من الصغر باعتناء أبيه وخاله، فسمع سنة ثلاثين ورحل إلى العراق وهو ابن عشرين وحج ثم جال في خراسان وما وراء النهر، وسمع بالبلاد من ألفي شيخ أو نحو ذلك، وقد رأى أبوه مسلمًا.
روى عن أبيه ومحمد بن علي بن عمر المذكر وأبي العباس الأصم وأبي جعفر محمد بن صالح بن هانئ ومحمد بن عبد الله الصفار وأبي عبد الله بن الأخرم وأبي العباس بن محبوب وأبي حامد بن حسنويه والحسن بن يعقوب البخاري وأبي النضر محمد بن محمد بن يوسف وأبي الوليد حسان بن محمد وأبي عمرو بن السماك وأبي بكر النجاد وأبي محمد بن درستويه وأبي سهل بن زياد وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وعلي بن محمد بن عقبة الشيباني وأبي علي الحافظ وانتفع بصحبته، وما زال يسمع حتى سمع من أصحابه.
حدث عنه الدارقطني وأبو الفتح بن أبي الفوارس وأبو العلاء الواسطي ومحمد بن أحمد بن يعقوب وأبو ذر الهروي وأبو يعلى الخليلي وأبو بكر البيهقي وأبو القاسم القشيري وأبو صالح المؤذن والزكي عبد الحميد البحيري وعثمان بن محمد المحمي وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي وخلائق، وقد قرأ القراءات على ابن الإمام ومحمد بن أبي منصور الصرام وأبي علي بن النقار الكوفي وأبي عيسى بكار البغدادي، وقرأ المذهب على أبي علي بن أبي هريرة وأبي سهل الصعلوكي وأبي الوليد حسان بن محمد، وكان يذاكر الجعابي والدارقطني ونحوهما، وقد سمع منه من شيوخه أحمد بن أبي عثمان الحيري وأبو إسحاق المزكي، وأعجب ما رأيت أن أبا عمر الطلمنكي -وسيأتي في هذه الطبقة- قد كتب في علوم الحديث للحاكم ابن البيع في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة عن شيخ له عن آخر عن الحاكم.
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الأمناء أنبأنا أبو المظفر بن السمعاني أنا الحسين بن علي الشحامي وعبد الله بن محمد الصاعدي قالا: أنا أبو الفضل محمد بن عبيد الله الزاهد أنا محمد بن عبد الله الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب نا الحسن بن علي بن عفان أنا أبو أسامة عن الجريري عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة: أكان رسول الله ﷺ يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يقدم من مغيبه. أخرجه مسلم عن يحيى عن يزيد بن زريع عن الجريري، ورواه أيضًا من طريق كهمس عن عبد الله بن شقيق.
قرأت على الحسن بن علي الأمين أخبركم جعفر الهمداني أنا السلفي، سمعت إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين قال: سمعت الخليل بن عبد الله الحافظ يقول: فذكر الحاكم وقال: له رحلتان إلى العراق والحج، ناظر الدارقطني فرضيه وهو ثقة واسع العلم بلغت تصانيفه قريبا من خمسمائة جزء، إلى أن قال: وتوفي سنة ثلاث وأربعمائة. قلت: هذا وهم في وفاته ثم قال: سألني في اليوم الثاني لما دخلت عليه ويقرأ عليه في فوائد العراقيين: سفيان الثوري عن أبي سلمة عن الزهري عن سهل بن سعد، حدث الاستئذان، فقال: من أبو سلمة؟ قلت: هو المغيرة بن مسلم السراج؛ قال: وكيف يروي المغيرة عن الزهري؟ فبقيت؛ ثم قال: قد أمهلتك أسبوعًا؛ قال: فتفكرت ليلتي فلما وقعت في أصحاب الجزيرة تذكرت محمد بن أبي حفصة فإذا كنيته أبو سلمة؛ فلما أصبحت حضرت مجلسه وقرأت عليه نحو مائة حديث فقال لي: هل تذكرت فيما جرى؟ فقلت: نعم، هو محمد بن أبي حفصة؛ فتعجب وقال: أنظرت في حديث سفيان لأبي عمرو البحيري؟ فقلت: لا، وذكرت له ما أممت في ذلك، فتحير وأثنى علي. ثم كنت أسأله فقال لي: إذا ذاكرت في باب لا بد من المطالعة لكبر سني، فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرًا؛ وقال لي: اعلم أن خراسان وما وراء النهر لكل بلد تاريخ صنفه عالم منها ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئًا فدعاني ذلك إلى أن صنفت تاريخ النيسابوريين فتأملته ولم يسبقه إلى ذلك أحد.
قال الحاكم في علوم الحديث في أواخره: أخبرني خلف نا خلف نا خلف نا خلف نا خلف، فأولهم الأمير خلف بن أحمد السجزي، والثاني أبو صالح خلف بن محمد البخاري يعني الخيام، والثالث خلف بن سليمان النسفي صاحب المسند، والرابع خلف بن محمد الواسطي كردوس، والخامس خلف بن موسى بن خلف. قال الحاكم: وقد سمعته من أبي صالح بإسناده، لم يذكر المتن.
فقرأته على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا إسحاق بن عبد الرحمن قال: أنا الأمير خلف بن أحمد بن محمد بن خلف نا خلف بن محمد بن إسماعيل نا خلف بن سليمان نا خلف بن محمد كردوس نا خلف بن موسى العمي نا أبي عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله، ﷺ: "كل بني آدم حسود وبعض الناس أفضل في الحسد من بعض، ولا يضر حاسدًا حسده ما لم يتكلم بلسانه أو يعمل باليد". هذا حديث غريب منكر.
قال الخطيب أبو بكر: أبو عبد الله الحاكم كان ثقة، كان يميل إلى التشيع فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي وكان صالحًا عالمًا قال: جمع الحاكم أحاديث وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم منها: حديث الطير، و "من كنت مولاه فعلي مولاه"، فأنكرها عليه أصحاب الحديث فلم يلتفتوا إلى قوله.
قال الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، سمعت أبا عبد الرحمن الشاذياخي الحاكم يقول: كنا في مجلس السيد أبي الحسن، فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير فقال: لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي ﷺ.
قلت: ثم تغير رأي الحاكم وأخرج حديث الطير في مستدركه؛ ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شان المستدرك بإخراجها فيه. وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جدًّا قد أفردتها بمصنف ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل. وأما حديث: "من كنت مولاه..." فله طرق جيدة وقد أفردت ذلك أيضًا.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أبو عبد الله الحاكم هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفته. يقال له الضبي؛ لأن جدته هي سبطة عيسى بن عبد الرحمن الضبي، ووالدة عيسى هذا هي منوية بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه، وبيته بيت الصلاح والورع والتأذين في الإسلام، لقي أبا عبد الله الثقفي وأبا محمد بن الشرقي ولم يسمع منهما، وسمع من أبي طاهر المحمدآباذي وأبي بكر بن القطان ولم يقع بمسموعه منهما، وتصانيفه المشهورة تطفح بذكر شيوخه وقرأ على قراء زمانه، وتفقه على أبي الوليد وأبي سهل الأستاذ، واختص بصحبة إمام وقته أبي بكر الصبغي فكان يراجعه في السؤال والجرح والتعديل والعلل، وذاكر مثل الجعابي وأبي علي الماسرجسي، واتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبًا من ألف جزء من تخريج الصحيحين، والعلل، والتراجم، والأبواب، والشيوخ، ثم المجموعات مثل معرفة علوم الحديث ومستدرك الصحيحين وتاريخ نيسابور، وكتاب مزكي الأخبار، والمدخل إلى علم الصحيح، وكتاب الإكليل، وفضائل الشافعي، وغير ذلك، ولقد سمعت مشايخنا يذكرون أيامه ويحكون أن مقدمي عصره مثل الصعلوكي والإمام ابن فورك وسائر الأئمة يقدمونه على أنفسهم ويراعون حق فضله ويعرفون له الحرمة الأكيدة، ثم أطنب في تعظيمه وقال: هذه جمل يسيرة وهو غيض من فيض سيره وأحواله، ومن تأمل كلامه في تصانيفه وتصرفه في أماليه ونظره في طرق الحديث أذعن بفضله واعترف له بالمزية على من تقدمه وإتعابه من بعده وتعجيزه اللاحقين عن بلوغ شأوه، عاش حميدًا ولم يخلف في وقته مثله.
قال الحافظ أبو حازم العبدوي: سمعت الحاكم يقول، وكان إمام أهل الحديث في عصره: شربت ماء زمزم وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف. قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني: أيهما أفضل، ابن منده أو ابن البيع؟ فقال: ابن البيع أتقن حفظًا.
أبو صالح المؤذن أنا مسعود بن علي السجزي نا أبو بكر بن فورك نا محمد بن أحمد بن جعفر البحيري الحافظ أنا أحمد بن محمد بن الفضل بن مطرف الكرابيسي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة نا محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ نا النجاد نا محمد بن عثمان نا الحماني نا سعير بن الخمس عن عبيد الله عن القاسم عن عائشة عن النبي ﷺ قال: "إن بلالًا يؤذن بليل" الحديث. ثم قال السجزي: وأخبرناه الحاكم فذكره.
أبو موسى المديني الحافظ أنا هبة الله بن عبد الله نا أبو بكر الخطيب نا الأزهري نا الدارقطني حدثني محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري نا محمد بن جعفر النسوي نا الخليل بن محمد النسوي نا خداش بن مخلد نا يعيش بن هشام نا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعًا: "ما أحسن الهدية أمام الحاجة". هذا باطل، وإنما رواه الموقري الواهي عن الزهري مرسلًا.
سمعت أبا الحسين اليونيني أنا أبو محمد عبد العظيم الحافظ، سمعت علي بن المفضل الحافظ، سمعت أحمد بن محمد الحافظ، سمعت محمد بن طاهر الحافظ، سمعت سعد بن علي الزنجاني الحافظ بمكة وقلت له: أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم أحفظ؟ قال: من؟ قلت: الدارقطني ببغداد، وعبد الغني بمصر، وابن منده بأصبهان، والحاكم بنيسابور، فسكت فألححت عليه فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب، وأما ابن منده فأكثرهم حديثًا مع معرفة تامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفًا.
قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث رافضي خبيث، ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفًا عن معاوية وآله، متظاهرًا بذلك ولا يعتذر منه.
قلت: أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر، وأما أمر الشيخين فمعظم لهما بكل حال فهو شيعي لا رافضي، وليته لم يصنف المستدرك فإنه غض من فضائله بسوء تصرفه.
قال الحافظ أبو موسى: كان الحاكم دخل الحمام واغتسل وخرج فقال: آه، فقبض روحه وهو متزر لم يلبس قميصه بعد، وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري. توفي الحاكم في صفر سنة خمس وأربعمائة، .
963- 36/13/1
أبو عبد الرحمن السلمي
الحافظ العالم الزاهد شيخ المشايخ، محمد بن الحسين بن محمد بن موسى النيسابوري الصوفي، الأزدي الأب السلمي الأم، نسب إلى جده القدوة أبي عمرو إسماعيل بن نجيد ابن محدث نيسابور أحمد بن يوسف السُّلَمي.
سمع أبا العباس الأصم وأحمد بن محمد بن عبدوس ومحمد بن المؤمل الماسرجسي ومحمد بن أحمد بن سعيد الرازي صاحب ابن وارة والحافظ أبا علي النيسابوري وخلقًا كثيرًا وكتب العالي والنازل، وصنف وجمع وسارت بتصانيفه الركبان؛ حمل عنه القشيري والبيهقي وأبو صالح المؤذن ومحمد بن يحيى المزكي وأبو عبد الله الثقفي وعلي بن أحمد بن الأخرم المؤذن ومحمد بن إسماعيل التفليسي وخلق سواهم إلا أنه ضعيف؛ قال الخطيب: محله كبير وكان مع ذلك صاحب حديث مجودًا، جمع شيوخًا وتراجم وأبوابًا، وعمل دويرة للصوفية، وصنف للصوفية سننًا وتفسيرًا وتاريخًا. قلت: ألف حقائق التفسير، فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية، نسأل الله العافية.
قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري: كان السلمي غير ثقة، وكان يضع للصوفية الأحاديث. وقال عبد الغافر في تاريخ نيسابور: بلغ فهرست تصانيفه المائة أو أكثر، وكتب الحديث بمرو ونيسابور والعراق والحجاز، مولده في سنة ثلاثين وثلاثمائة. قلت: قد سأل أبا الحسن الدارقطني عن خلق من الرجال سؤال عارف بهذا الشأن. مات في شعبان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
أخبرنا بلال المغيثي أنا ابن رواح "ح" وأنا سنقر الزيني وأبو نصر الفارسي قالا: أنا علي بن محمود قالا: أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو القاسم بن الفضل أنا محمد بن الحسين أنا أبو أحمد محمد بن محمد بن حسين الشيباني نا أحمد بن حماد بن زغبة نا حامد بن يحيى البلخي نا سفيان حدثني عمرو بن دينار عن أبي سلمة عن أم سلمة أن الزبير خاصم رجلًا، فقضى رسول الله ﷺ للزبير فقال الرجل: إنما قضى له أنه ابن عمته؛ فأنزل الله هذه الآية: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية. تفرد به حامد البلخي بهذا الإسناد.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا عمي زين الأمناء "ح" وأنا محمد بن حازم أنا ابن غسان "ح" وأنا حسن بن علي أنا مكرم قالوا: أنا أبو المظفر الفلكي أنا علي بن أحمد المديني أنا أبو عبد الرحمن السلمي نا أحمد بن محمد بن عبدوس نا عثمان بن سعيد أنا القعنبي نا الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم إن شئت؛ ولكن ليعزم وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظم عليه شيء أعطاه".
964- 37/13/1
عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان
الحافظ الإمام المتقن النسابة، أبو محمد الأزدي المصري مفيد تلك الناحية.
سمع من عثمان بن محمد السمرقندي وأحمد بن بهزاذ السيرافي، سماعه منه في سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وإسماعيل بن يعقوب الجراب وعبد الله بن جعفر بن الورد وأحمد بن إبراهيم بن جامع وأحمد بن إبراهيم بن عطية ويعقوب بن مبارك وحمزة بن محمد الحافظ، وبالشام من أبي بكر الميانجي والفضل بن جعفر المؤذن وأبي سليمان بن زبر وطبقتهم. روى عنه محمد بن علي الصوري ورشا بن نظيف وأبو عبد الله القضاعي وعبد الرحمن بن أحمد البخاري وأبو علي الأهوازي وأبو إسحاق النعماني الحبال وخلق كثير.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وكان أبوه من كبار الفرضيين، قال البرقاني: سألت الدارقطني لما قدم من مصر: هل رأيت في طريقك من يفهم شيئًا من العلم؟ قال: ما رأيت في طول طريقي إلا شابًّا بمصر يقال له: عبد الغني، كأنه شعلة نار، وجعل يفخم أمره ويرفع ذكره. قال منصور بن علي الطرسوسي: لما أراد الدارقطني الخروج من عندنا من مصر، خرجنا نودعه وبكينا، فقال لنا: تبكون وعندكم عبد الغني بن سعيد وفيه الخلف؟ وقال عبد الغني: لما رددت على أبي عبد الله الحاكم الأوهام التي في المدخل إلى الصحيح، بعث إليَّ يشكرني ويدعو لي، فعلمت أنه رجال عاقل.
قال العتيقي: كان عبد الغني إمام زمانه في علم الحديث وحفظه ثقة مأمونًا، ما رأيت بعد الدارقطني مثله. قال البرقاني: ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني المصري. وقال الصوري: قال لي عبد الغني: ابتدأت بعمل كتاب "المؤتلف والمختلف" فقدم علينا الدارقطني فأخذت عنه أشياء كثيرة منه، فلما فرغت عنه سألني أن أقرأه ليسمعه مني فقلت: عنك أخذت أكثره، فقال: لا تقل هذا، فإنك أخذته عني مفرقًا وقد أوردته مجموعًا وفيه أشياء عن شيوخك؛ فقرأته عليه. ذكر عبد الغني، أبو الوليد الباجي فقال: حافظ متقن. فقلت لأبي ذر: أحدث عنه؟ فقال: لا، إن شاء الله على معنى التأكيد، وذلك لأنه كان له اتصال ببني عبيد.
قال الحبال: توفي في سابع صفر سنة تسع وأربعمائة؛ وقيل: كان لعبد الغني جنازة عظيمة تحدث بها الناس، ونودي له: هذا نافي الكذب عن رسول الله، ﷺ.
ومات معه في العام مسند العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن متيم الواعظ الذي قال الخطيب: لم أكتب عن أقدم سماعًا منه، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن الصلت الأهوازي ثم البغدادي، ومسند خراسان أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني الصوفي، ومسند واسط أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة الصيدلاني، ومسند قزوين أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب راوي سننن بن ماجه.
أخبرنا عيسى بن عبد الرزاق أنا جعفر بن علي أنا أبو طاهر بن سلفة، سمعت جعفر بن أحمد اللغوي، سمعت محمد بن علي الصوري الحافظ، سمعت عبد الغني بن سعيد الأزدي، سمعت أبا القاسم الحسين بن عبد الله القرشي، سمعت بيانًا الزاهد يقول: من كان يسره ما يضره متى يفلح؟
أنبأنا أحمد بن سلامة عن هبة الله بن علي أنا علي بن الحسين أنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ أنا عبد الغني بن سعيد أنا أبو حفص عمر بن محمد العطار نا إبراهيم بن دنوقا نا زكريا بن عدي نا بشر بن المفضل عن غالب القطان عن بكر عن أنس قال: كنا نصلي مع رسول الله ﷺ في شدة الحر، فإذا أراد أحدنا أن يسجد على الأرض بسط ثوبه فسجد عليه. غالب هو ابن خطاف، فتحه الدارقطني، أخرجه "خ" عن مسدد وغيره ومسلم عن يحيى بن يحيى جميعًا عن بشر نحوه.
965- 38/13/1
ابن مردويه
الحافظ الثبت العلامة، أبو بكر أحمد بن موسى بن مَرْدويه الأصبهاني، صاحب التفسير والتاريخ وغير ذلك: روى عن أبي سهل بن زياد القطان وميمون بن إسحاق وعبد الله بن إسحاق الخراساني ومحمد بن عبد الله بن علم الصفار وإسماعيل الخطبي ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني وأحمد بن عبد الله بن دليل وإسحاق بن محمد بن علي الكوفي ومحمد بن أحمد بن علي الأسواري وأحمد بن عيسى الخفاف وأحمد بن محمد بن عاصم الكراني وطبقتهم.
روى عنه أبو القاسم عبد الرحمن بن منده وأخوه عبد الوهاب وأبو الخير محمد بن أحمد بن ررا وأبو منصور محمد بن شكرويه وأبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن سليم وأبو عبد الله الثقفي الرئيس وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد المصري وخلق كثير، وعمل المستخرج على صحيح البخاري، وكان قيمًا بمعرفة هذا الشأن، بصيرًا بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف.
ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ومات لست بقين من رمضان سنة عشر وأربعمائة، يقع عواليه في الثقفيات وغيرها.
وفيها مات المسند إبراهيم بن مخلد الباقرحي البغدادي، ومسند دمشق أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر بن نصر الشيباني، ومسند نيسابور العلامة أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، وأبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه المزكي، لحق أبا بكر القطان، ومسند الوقت أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي ببغداد، ومحدث هراة العلامة القاضي أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله الأزدي، وصاحب الناسخ والمنسوخ أبو القاسم هبة الله بن سلامة البغدادي.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد أنا جعفر بن علي وأحمد بن محمد بن محمود وعلي بن سلامة وعبد الله بن الحسين قالوا: أنا أبو طاهر بن سلفة أنا القاسم بن الفضل نا أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ إملاء نا أبو علي أحمد بن محمد بن عاصم نا عمرو بن سعيد العسكري نا عباد بن صهيب نا موسى بن عبيدة نا محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله، ﷺ: "سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنه لا يسألها لي عبد مؤمن إلا كنت له شهيدًا يوم القيامة، أو شفيعًا وشهيدًا". [7]
966- 39/13/1
غنجار
الحافظ العالم محدث ما وراء النهر، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل البخاري، صاحب تاريح بخارى.
حدث عن خلف بن محمد الخيام وسهل بن عثمان السلمي وأبي عبيد أحمد بن عروة الكرميني ومحمد بن حفص بن أسلم وإبراهيم بن هارون الملاحمي والحسن بن يوسف بن يعقوب ومحمد بن محمد بن صابر وخلق كثير، ولم يرحل؛ حدث عنه أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي، ولم أظفر بترجمته كما ينبغي، ومات في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
وفيها مات المسند أبو عبد الله الحسين بن عمر بن برهان الغزال ببغداد، ومسند مرو أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد الله بن أبي الجراح الجراحي راوي جامع الترمذي، ومحدث بغداد أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزقويه البزاز، ومسند مصر أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن بن منير الخشاب العدل، لقي علي بن عبد الله بن أبي مطر الإسكندراني قال الحبال: ثقة، لا يجوز عليه تدليس.
أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر الهمداني أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو علي البرداني وأبو الحسين الصيرفي قالا: أنا هناد القاضي أنا محمد بن أحمد الحافظ أنا أبو يحيى أحمد بن محمد بن إبراهيم السمرقندي نا محمد بن نصر المروزي نا أبو جعفر عبد الله بن محمد المسندي نا حرمي بن عمارة نا شعبة عن واقد بن محمد، سمعت أبي يحدث عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله". [8]
وبه إلى محمد بن أحمد غُنْجار قال: أنا أبو نصر أحمد بن عمرو نا أحمد بن خالد بن الخليل نا محمد بن أحمد بن حفص نا أبي قال: قال أفلح بن محمد: قلت لابن المبارك: إني أكره الصفة يا أبا عبد الرحمن، عنى صفة الرب، عز وجل. فقال: أنا أشد الناس كراهة لذلك، ولكن إذا نطق الكتاب بشيء قلنا به، وإذا جاءت الآثار بشيء جسرنا عليه.
967- 40/13/1
ابن أبي الفوارس
الحافظ المجود، أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن فارس بن سهل البغدادي.
ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة، وسمع في سنة ست وأربعين من أحمد بن الفضل بن خزيمة وجعفر الخلدي ودعلج السجزي وأبي بكر النقاش وعيسى بن بكار المقرئ وأبي علي بن الصواف وطبقتهم، وارتحل إلى بلاد فارس وخراسان وأصبهان والبصرة، وجمع وصنف، قال الخطيب: كان ذا حفظ وأمانة، مشهورًا بالصلاح، انتخب على المشايخ، حدث عنه أبو بكر البرقاني وأبو سعد الماليني، وقرأت عليه قطعة من حديثه وكان يملي في جامع الرصافة، مات في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
قلت: وحدث عنه أبو علي بن البناء وأبو الحسين بن المهتدي بالله ومالك بن أحمد البانياسي وآخرون؛ قال أبو عبد الله الحاكم: أول سماع ابن أبي الفوارس من أبي بكر النجاد.
أنبأنا علي بن أحمد أنا عمر بن محمد أنا عبد الخالق بن عبد الصمد أنا عبد الواحد بن علي نا محمد بن أحمد بن أبي الفوارس إملاء أنا أبو عمرو بن حمدان نا الحسن بن سفيان نا محمد بن أبي بكر نا حماد عن ثابت عن أنس قال: جاء زيد يشكو زينب، فجعل رسول الله ﷺ يقول: "اتق الله وأمسك عليك زوجك". قال: وكانت تفخر على أزواج النبي ﷺ تقول: زوجكن أهلكن وزوجني الله من فوق سبع سموات. سمعناه في صحيح البخاري نازلًا قال: ثنا أحمد أنا محمد بن أبي بكر المقدمي فذكره.
أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عميرة الصالحي أنا الإمام أبو محمد بن قدامة أنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي أنا مالك بن أحمد نا أبو الفتح بن أبي الفوارس الحافظ إملاء ثنا أحمد بن جعفر بن سلم نا الأبار نا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت عبدان يقول: قال عبد الله بن المبارك: الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له: من حدثك؟ بقي.
968- 41/13/1
الجارودي
الحافظ الإمام أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد الهروي.
سمع حامد بن محمد الرفاء ومحمد بن عبد الله السليطي وأبا إسحاق القراب وعبد الله بن الحسين النضري وسليمان بن أحمد الطبراني وإسماعيل بن نجيد السلمي ومحمد بن علي بن حامد وأحمد بن محمد بن سلمويه النيسابوري وعمر بن محمد بن جعفر الأهوازي وخلائق، وله رحلة واسعة؛ روى عنه عطاء بن عبد الواحد المليحي وشيخ الإسلام عبد الله بن محمد الحافظ وأهل هراة، وكان شيخ الإسلام ربما روى عنه فيقول: أخبرنا إمام أهل المشرق أبو الفضل الجارودي.
قال أبو نصر الفامي: كان عديم النظير في العلوم خصوصًا في حفظ الحديث، وكان متقللًا من الدنيا متعففًا وحيدًا في ورعه، قد رأى بعض الناس رسول الله ﷺ في النوم فأوصاه بزيارة قبر الجارودي وقال: إنه كان فقيرًا سنيًّا. وقال بعض أهل العلم: الجارودي أول من سنَّ بهراة تخريج الفوائد وشرح حال الرجال والتصحيح. قال ابن طاهر: سمعت أبا إسماعيل الأنصاري يقول: سمعت الجارودي يقول: رحلت إلى الطبراني فقربني وأدناني وكان يتعسر في الرواية فقلت له: أيها الشيخ تتعسر عليَّ وتبذل للغير؟ قال: لأنك تعرف قدر هذا الشأن؛ مات الجارودي في شوال سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
وفيها مات محدث همذان أبو نصر حمد بن عمر الزجاج لقي أصحاب الكجي، وأبو القاسم صدقة بن محمد الدلم القرشي الدمشقي يروي عن أبي سعيد بن الأعرابي، وعالم الأندلس أبو المطرف عبد الرحمن بن مروان الأنصاري القنازعي المالكي، ومسند الأندلس في عصره الإمام المقرئ أبو القاسم عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن حواسي الفارسي ثم البغدادي عن اثنتين وتسعين سنة لقي إسماعيل الصفار وابن داسة، وملك الكتابة أبو الحسن علي بن هلال البغدادي ابن البواب، وإمام الرفض الشيخ المفيد، واسمه محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ابن المعلم، وأبو سهل محمود بن عمر العكبري.
أخبرنا الحسن بن علي أنا عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا أبو إسماعيل الحافظ ثنا محمد بن أحمد بن محمد الجارودي إملاء نا عبد الله بن عمر بن محمد القاضي بأصبهان نا محمد بن العباس الأخرم نا محمد بن منصور الطوسي نا زيد بن الحباب نا سفيان الثوري عن أسامة بن زيد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ لا يسرد سردكم هذا، يتكلم بكلام فصل يحفظه كل من سمعه.
وبه إلى الجارودي أخبرنا أبو إسحاق القراب نا أبو يحيى الساجي نا أبو داود السجزي نا أحمد بن حنبل نا الشافعي نا مالك عن ابن عجلان عن أبيه قال: إذا أغفل العالم لا أدري أصيبت مقاتله. هذا الأثر غالب إسناده حفاظ، وهم من أبي إسماعيل الأنصاري إلى ابن عجلان، والله أعلم.
969- 42/13/1
تمام
ابن الحافظ أبي الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الإمام الحافظ محدث الشام، أبو القاسم الرازي ثم الدمشقي.
ولد بدمشق سنة ثلاثين وثلاثمائة، وسمع أباه وخيثمة الأطرابلسي وأبا الحسن بن حذيم وأبا الميمون بن راشد وأبا علي أحمد بن محمد بن فضالة والحسن بن حبيب الحصائري وأبا يعقوب الأذرعي ومحمد بن حميد الحوراني وخلقًا كثيرًا، وتلا القرآن على أحمد بن عثمان غلام السباك، حدث عنه عبد الوهاب الكلابي شيخه وأبو الحسين الميداني وأبو علي الأهوازي والحسن بن علي اللباد وعبد العزيز بن أحمد الكتاني وأحمد بن محمد العتيقي وأحمد بن عبد الرحمن الطرائفي وآخرون؛ قال أبو علي الأهوازي: ما رأيت مثله في معناه، كان عالمًا بالحديث ومعرفة الرجال. وقال أبو بكر الحداد: ما لقينا مثله في الحفظ والخير.
وقال الحافظ الكتاني: توفي أستاذنا تمام الحافظ في ثالث المحرم سنة أربع عشرة وأربعمائة. قال: وكان ثقة لم أرَ أحفظ منه في حديث الشاميين.
قلت: وفيها توفي ببغداد المسند أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد المخزومي الغضائري، وبطرابلس محدثها أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل العبسي الطرابلسي المعدل، والمحدث أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن فنجويه الثقفي الدينوري بنيسابور، وشيخ الحرم أبو الحسن علي بن عبد الله بن فنجويه الثقفي الدينوري بنيسابور وشيخ الحرم أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمداني صاحب كتاب بهجة الأسرار، وشيخ أصبهان الفقيه القدوة أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن ميلة الأصبهاني الفرضي، وأبو القاسم علي بن محمد بن علي بن يعقوب الإيادي ببغداد، ومسند البصرة القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي من ولد جعفر بن سليمان الأمير، مات في ذي القعدة عن اثنتين وتسعين سنة، ومسند بغداد أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، ومسند نيسابور أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي صاحب الأمالي، وأبو سعيد النقاش، وستراه.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم أنا عبد الصمد بن محمد في كتابه أنا عبد الكريم بن حمزة سنة خمس وعشرين وخمسمائة أنا عبد العزيز بن أحمد الحافظ أنا تمام بن محمد الحافظ نا أبو علي الحسن بن حبيب أنا العباس بن الوليد البيروتي أنا محمد بن شعيب بن شابور نا معان بن رفاعة عن أبي الزبير عن جابر قال: أمر رسول الله ﷺ سعد بن معاذ أن يكتوي في أكحله حين رمته بنو النضير، فاكتوى. معان لين اختلف فيه.
970- 43/13/1
ابن الباجي
الحافظ الكبير العلامة، أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد علي اللخمي الإشبيلي، ويعرف بابن الباجي.
سمع من أبيه كتاب المصنف لابن أبي شيبة رواه له عن عبد الله بن يونس الفيري عن بقي بن مخلد عنه وارتحل بولده محمد إلى مصر فلقي أبا بكر المهندس وطبقته، مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
قال أبو عبد الله الخولاني: كان أبو عمر عارفًا بالحديث ووجوهه إمامًا مشهورًا لم تر عيني مثله محدثًا سمتًا ووقارًا، رحل ولقي شيوخًا جلة، ولي قضاء إشبيلية مدة يسيرة ثم ارتحل إلى قرطبة فسكنها ونشر بها العلم، أخذنا عنه كثيرًا، توفي في المحرم سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وشهدت جنازته في حفل عظيم. قال عبد الغني الأزدي في مشتبه النسبة: أبو عمر هذا كتب عني وكتبت عنه. قلت: وحدث عنه أيضًا أبو عمر بن عبد البر.
أنبئنا عن ابن الجوزي عن ابن ناصر عن الحميدي عن أبي عمر بن عبد البر، قرأت على أحمد بن عبد الله بن محمد أن الحسن بن إسماعيل حدثهم نا عبد الملك بن بحر، نا محمد بن إسماعيل بن سالم نا سنيد نا حجاج عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس أن النبي ﷺ اشترط عليهن فيما يمتحنهن ألا ينحن نياحة الجاهلية ولا يخلون بالرجال في البيوت. وقال: كان يحفظ غريبي الحديث لأبي عبيد وابن قتيبة حفظًا حسنًا وشُووِرَ في الأحكام وهو ابن ثماني عشرة سنة وجمع له أبوه علوم أهل الأرض فلم يحتج إلى أحد ورحل متأخرًا فلقي المهندس وأبا العلاء بن ماهان، إلى أن قال: وكان فقيه عصره وإمام زمانه، لم أر مثله، كملت عليه مصنف ابن أبي شيبة في سنة خمس وتسعين وكان إمامًا في الأصول والفروع. قلت: روى عنه ابنه محمد وهم بيت علم ورواية.
971- 44/13/1
النقاش
الحافظ الإمام أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي الأصبهاني الحنبلي.
سمع جده لأمه أحمد بن الحسن بن أيوب التميمي وعبد الله بن عيسى الخشاب وأبا محمد بن فارس وأحمد بن معبد السمسار وأبا أحمد العسال وطبقتهم، وببغداد أبا بكر الشافعي وابن مقسم وعمر بن سلم وأبا علي بن الصواف ونحوهم، وبالبصرة أبا إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي وفاروقًا الخطابي وحبيب بن الحسن القزاز، وبالكوفة نذير بن جناح المحاربي وصباح بن محمد النهدي وطبقتهم، وبمرو حاضر بن محمد الفقيه وعدة، وبجرجان أبا بكر الإسماعيلي وذويه، وبهراة أبا حامد أحمد بن محمد بن حسنويه، وبالدينور أبا بكر بن السني، وبالحرمين ونيسابور وهمذان ونهاوند، وجمع وصنف وأملى وروى الكثير مع الصدق والديانة والجلالة، رأيت له طبقات الصوفية، حدث عنه أحمد بن عبد الغفار بن أشتة والفضل بن علي الحنفي وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف وعدد كثير، وقع لنا غير جزء من أماليه وكتاب القضاء له، توفي في رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة عن نيف وثمانين عامًا، .
أخبرنا علي بن محمد بن علي وعبد الدائم بن أحمد وأحمد بن هبة الله قالوا: أنا علم الدين علي بن محمود أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا محمد بن عبد الواحد المصري أنا أبو سعيد محمد بن علي الحافظ سنة عشر وأربعمائة نا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي نا محمد بن الحسين الحنيني أنا عبد العزيز بن محمد الأزدي نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاث مرات، وليستعذ بالله من الشيطان، ولا يذكرها لأحد فإنه لن يضره". هذا حديث حسن غريب، وأصله محفوظ عن النبي ﷺ ولكن بدل "لا يذكرها" "ليتحول عن جنبه الذي كان عليه". فهذا التحول في حق من استفاق في الليل وهو يريد النوم، أما في حق من قام من نومه وتذكر الرؤيا في نهاره بعد قيامه فلا يبقى له انقلاب عن جانبه.
972- 45/13/1
ابن فطيس
الحافظ الثبت العلامة قاضي الجماعة أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ القرطبي.
حدث عن أبي عيسى الليثي وأبي عبد الله بن مفرج وأحمد بن عون الله وخلق من طبقتهم، وأجاز له من مصر الحسن بن رشيق، ومن بغداد القاضي أبو بكر الأبهري، وكان من جهابذة الحديث عارفًا بالرجال كان يملي من حفظه، وجمع من الكتب ما لم يجمعه أحد فقيل: إن كتبه بيعت بأربعين ألف دينار، روى عنه الصاحبان أبو إسحاق الطليطلي وأبو جعفر بن ميمون وأبو عبد الله بن عابد وسراج القاضي وأبو عمر بن عبد البر وأبو عمر بن الحذاء وعدد كثير.
صنف كتاب أسباب النزول في مائة جزء، وصنف كتاب فضائل الصحابة في مائة جزء، وكتاب معرفة التابعين في مائة وخمسين جزءًا، والناسخ والمنسوخ في ثلاثين جزءًا، وكتاب الإخوة في أربعين جزءًا، وكتاب دلائل الرسالة في عشرة أسفار، وأشياء يطول ذكرها بالأسانيد له.
ولد سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة وعمل الوزارة مرة. مات في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة، وله أربع وخمسون سنة.
وفيها مات الوزير الأديب أبو علي أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب الأندلسي والد الحافظ العلامة أبي محمد علي بن أحمد، والإمام أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجردي ببغداد عن نيف وثمانين سنة، وأبو محمد الحسن بن الحسين بن علي النوبختي الكاتب، والشيعي المعتزلي عبدة بن مبشر الواسطي، وزاهد العراق أبو عمرو عثمان بن عيسى الباقلاني، وخطيب دمشق المقرئ أبو الحسن علي بن داود الداراني، ومسند الشام المحدث الجوال أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن جميع الغساني الصيداوي بها عن ست وتسعين سنة، والنحوي المقرئ مسند العراق أبو الحسن محمد بن جعفر بن هارون بن النجار التميمي الكوفي آخر من روى عن محمد بن الحسين الأشناني عن مائة عام، وإمام الفرائض أبو الحسين محمد بن عبد الله بن اللبان المصري، وعالم الكوفة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي الهرواني وله سبع وتسعون سنة، ومسند الأندلس أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود القرطبي عرف بابن وجه الجنة عن ثمان وتسعين سنة وهو أكبر شيخ لابن حزم، وشيخ همذان أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن تركان التميمي الخفاف عن خمس وثمانين سنة، وفيها أو بعدها المعمر أبو العباس أحمد بن الحسين بن أحمد بن زنبيل راوي التاريخ الصغير للبخاري عن ابن الأشقر عنه.
973- 46/13/1
الإدريسي
الحافظ العالم أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الأستراباذي محدث سمرقند ومصنف تاريخها وتاريخ أستراباذ.
سمع أبا العباس الأصم وأبا نعيم محمد بن الحسن الأستراباذي وأبا سهل هارون بن أحمد وأبا أحمد بن عدي وطبقتهم، وألف الأبواب والشيوخ؛ روى عنه أبو علي الشاشي وأبو عبد الله الخبازي وأبو مسعود أحمد بن محمد البجلي وأبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الكنجرودي وأحمد بن محمد العتيقي وعلي بن المحسن التنوخي وآخرون، وثقه الخطيب. توفي سنة خمس وأربعمائة مع الحاكم.
وفيها مات مسند الحرم أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي بمكة عن ثلاث وتسعين سنة، ومسند بغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت القرشي العبدي المجبر وله إحدى وتسعون سنة، ومقرئ بغداد أبو بكر بن شاذان الواعظ ومسند أصبهان أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جولة الأبهري، وقاضي قضاة بغداد أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأسدي بن الأكفاني عن تسع وثمانين سنة، سمع المحاملي وطبقته، وشيخ الشافعية بالبصرة عبد الواحد بن حسين أبو القاسم الصيمري شيخ الماوردي، أظن وفاته في هذا الوقت، ومسند دمشق العدل أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي عن ست وتسعين سنة، وفقيه العصر بالدينور القاضي أبو القاسم يوسف بن أحمد بن كج من كان يضرب به المثل في حفظ مذهب الشافعي، ومحدث جرجان وصدرها أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الإسماعيلي لقي الأصم.
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن أبي روح الهروي أنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو سعيد الكنجرودي أنا عبد الرحمن بن محمد بن محمد قدم حاجًّا نا يوسف بن محمد بسمرقند نا القاسم بن حنبل السرخسي نا إسحاق بن إسماعيل السمرقندي نا معروف بن حسان السمرقندي عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله، ﷺ: "من ربى شجرة حتى تنبت كان له كأجر قائم الليل صائم النهار، وكأجر غازٍ في سبيل الله دهره". هذا باطل متنًا، ومعروف واه وإسناده ظلمات، والله أعلم.
974- 47/13/1
الأسفراييني
الحافظ البارع أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الحديثي الرحال.
وكانت رحلته في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، حمل عن أبي أحمد بن عدي وطبقته؛ قال أبو مسعود البجلي: سمعت الحاكم يقول: أشهد على أبي بكر الأسفراييني أنه يحفظ من حديث مالك وشعبة والثوري ومسعر أكثر من عشرين ألف حديث.
قلت: توفي سنة ست وأربعمائة وقد شاخ ولم يبلغنا إخباره كما في النفس وكان من فرسان الحديث.
وفيها مات شيخ الشافعية أبو حامد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الأسفراييني ببغداد عن اثنتين وستين سنة، وشيخ الصوفية بنيسابور الأستاذ أبو علي الحسن بن علي الدقاق، ومسند نيسابور أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي شيخ الطب، ومسند الحرم أبو القاسم عبيد الله بن محمد السقطي البغدادي، سمع ابن البختري والطبقة، وشيخ العراق أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ عنده المحاملي، ومسند أصبهان أبو الفرج عثمان بن أحمد البرجي، وعالم نيسابور أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني الأصولي، والشريف الرضي نقيب العلوية أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي الشيعي.
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا سعيد بن محمد البحيري سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الحافظ أنا أحمد بن إسحاق بأصبهان نا محمد بن زكريا الغزال نا عمر بن يحيى القرشي أنا شعبة عن ثور عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله، ﷺ: "قلوب ابن آدم تلين في الشتاء، وذلك أن الله خلق آدم من طين والطين يلين في الشتاء". هذا حديث غير صحيح مركب على شعبة وعمر بن يحيى لا أعرفه تركه أبو نعيم.
وبه إلى الأسفراييني أنا محمد بن عبد الرحمن الهمذاني نا محمد بن يونس نا بدل بن المحبر نا شعبة عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله، ﷺ: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". هذا حديث منكر عجيب ما أتى به سوى الكديمي وليس بعمدة.
975- 48/13/1
الشيرازي
الحافظ الإمام الجوال أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي صاحب كتاب الألقاب.
سمع أبا القاسم الطبراني بأصبهان، وأبا بحر البربهاري وطبقته ببغداد، وعبد الله بن عدي بجرجان، ومحمد بن الحسن السراج بنيسابور، وعبد الله بن عمر بن علك بمرو، وسعيد بن القاسم المطوعي ببلاد الترك، ومحمد بن محمد بن صابر ببخارى، وسمع بالبصرة وواسط وشيراز وعدة مدائن، روى عنه محمد بن عيسى الهمذاني وأبو مسلم بن عروة وحميد بن المأمون وآخرون.
قال شيرويه: أخبرنا عنه أبو الفرج البجلي قال: كان صدوقًا حافظًا يحسن هذا الشأن جيدًا، خرج من عندنا سنة أربع وأربعمائة إلى شيراز وأخبرت أنه مات بها في سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وذكره جعفر المستغفري فقال: كان يفهم ويحفظ كتبت عنه بنسف وسمعته يقول: وقع بيني وبين الحافظ ابن البيع منازعة فيمن قال عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة فقال: هما واحد؛ فحاكمته إلى أبي أحمد الحاكم فقلنا: ما يقول الشيخ فيمن قال: عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة واحد؟ فقال: من هذا الطفل الذي لا يفصل بينهما؟
وقال أبو القاسم بن منده: مات الشيرازي في شوال سنة سبع وأربعمائة.
قلت: فيها مات ببغداد أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف البزاز وكان يملي من حفظه، سمع محمد بن جعفر بن المطيري، وشيخ نيسابور الواعظ أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الخركوشي الزاهد صاحب التفسير والتصانيف.
أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا عبد السلام بن أبي الفرج السرقولي بأبرقوه سنة ثماني عشرة وستمائة وأنا حاضر أنا شهردار بن شيرويه أنا أحمد بن عمر البيع أنا أبو غانم حميد بن مأمون أنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الحافظ سنة خمس وتسعين وثلاثمائة أنا عبد الله بن عمر بن علك أنا الفضل بن محمد الشعراني نا سعدويه نا هشيم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عمرو بن سعيد بن العاص حدثني سيابة بن عاصم، سمعت النبي ﷺ يقول يوم حنين: "أنا ابن العواتك". فسألنا الفضل فقال: كان للنبي ﷺ ست جدات اسمهن عاتكة. هذا صحيح غريب.
طبقة أخرى صغرى
976- 1/13/2
خلف بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي
الحافظ الكبير صاحب الأطراف.
سمع أبا بكر القطيعي وطبقته ببغداد، وأبا بكر الإسماعيلي وطبقته بجرجان، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه وطبقته بهراة، وعبد الله بن محمد بن السقاء وغيره بواسط؛ قال الخطيب: كتب الناس بانتخابه وكان له فضل ومعرفة ثم تشاغل بالتجارة وترك النظر في العلم إلى أن مات، وكان رفيق أبي الفتح بن أبي الفوارس في الرحلة وله رحلة إلى مصر والشام. قلت: روى عنه أبو عبد الله الحاكم مع تقدمه وأبو علي الأهوازي وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري وجماعة، ثم استوطن الرملة وتعانى التجارة؛ جود تصنيف أطراف الصحيحين، وأفاد ونبه، وهو أقل أوهامًا من أطراف أبي مسعود الدمشقي؛ ذكره الحاكم فقال: كان حافظًا لحديث شعبة وغيره. وقال أبو نعيم: صحبناه بنيسابور وأصبهان. قلت: مات بعد عام أربعمائة. قال الخطيب: سمعت الأزهري يقول: كان خلف حافظًا وكان ابن أبي الفوارس أستاذه.
أخبرنا ابن علان وجماعة إجازة قالوا: أنا الكندي أنا الشيباني أنا أبو بكر الخطيب أخبرني عبد الله بن أبي الفتح أنا خلف بن محمد أنا الحسن بن أحمد بن محمد بن عيسى التستري بها أنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الطوسي نا أحمد بن صالح بن رسلان الفيومي بمكة نا ذو النون بن إبراهيم المصري نا فضيل بن عياض عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله، ﷺ: "تجافوا عن ذنب السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر عثرة".
977 2/13/2
أبو مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي
الحافظ. مصنف كتاب الأطراف، وأحد من برز في هذا العلم: سمع من محمد بن عبد الله بن محمد بن السقاء وغيره بواسط، ومن أصحاب مطين بالكوفة، ومن أبي بكر القباب وطبقته بأصبهان، ومن أصحاب أبي خليفة الجمحي بالبصرة، ومن أصحاب ابن خزيمة بنيسابور، ومن أبي بكر أحمد بن عبدان الشيرازي؛ قال الخطيب: سافر الكثير وكتب ببغداد عن أصحاب أبي سعيد الحراني وبالبصرة والأهواز وواسط وخراسان وأصبهان، وكان له عناية بالصحيحين روى قليلا على سبيل المذاكرة. قال: وكان صدوقًا دينًا ورعًا فهمًا صلى عليه أبو حامد الأسفراييني وكان وصيه، حدثني العتيقي أنه مات في سنة إحدى وأربعمائة.
قلت: حدث عنه أبو ذر الهروي وحمزة السهمي وأحمد بن محمد العتيقي وأبو القاسم اللالكائي وآخرون، وقلما روى لأنه مات في الكهولة، مات في رجب سنة أربعمائة، وقيل: في سنة إحدى وأربعمائة، . وقد وقفت على جزء له في أحاديث معللة تنبئ بحفظه ونقده.
أخبرنا أبو الغنائم بن علان وغيره إذنًا قالوا: أنا الكندي أنا القزاز أنا أبو بكر الخطيب أنا هبة الله بن الحسن الطبري نا إبراهيم بن محمد الحافظ أنا عبيد الله بن محمد المزني نا الوليد بن أبان الواسطي المقرئ نا النضر بن سلمة أنا عبد الله بن عمر الفهري عن عبد الله بن عمر عن أخيه يحيى بن عمر حدثني أخي عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ لما أتى وادي محسر حرك راحلته وقال : "عليكم بحصى الخذف". وبه قال الخطيب: ونا أبو العلاء الواسطي نا به المزني لكنه قال: ابن عمرو الفهري.
أنبأنا أحمد بن سلامة عن يحيى بن أسعد عن أحمد بن عبد الجبار الصيرفي قال: كتب إلي أحمد بن عبد الجبار العتيقي نا أبو مسعود الحافظ حدثني أبو بكر أحمد بن عبيد الله بن القاسم بنهر الدير نا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن حمويه بالبصرة سنة خمس وتسعين ومائتين نا أبو الوليد نا يعلى بن الحارث المحاربي نا إياس بن سلمة قال: قال أبي: كنا نصلي مع رسول الله ﷺ الجمعة وليس للحيطان فيء يستظل به. رواه "م" عن إسحاق الحنظلي عن أبي الوليد، تابعه وكيع عن يعلى.
978- 3/13/2
الماليني
الحافظ العالم الزاهد أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري الهروي الماليني الصوف،ي ويعرف أيضًا بطاوس الفقراء.
سمع بخراسان والشام والعراق ومصر وغير ذلك، حدث عن عبد الله بن عدي وأبي بكر القطيعي ومحمد بن عبد الله السليطي وإسماعيل بن نجيد السلمي وأبي الشيخ الحافظ والحسن بن رشيق المصري والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي ومحمد بن أحمد بن علي بن النعمان الرملي وطبقتهم، وجمع وحصل من المسانيد الكبار شيئًا كثيرًا وكان ثقة متقنًا صاحب حديث ومن كبار الصوفية، له كتاب أربعين الصوفية حدث عنه الحافظ عبد الغني وتمام الرازي وأبو حازم العبدوي وأبو بكر البيهقي وأبو بكر الخطيب وأبو نصر عبيد الله السجزي والقاضي أبو عبد الله القضاعي ومحمد بن أحمد بن شبيب الكاغذي وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي والقاضي أبو الحسن الخلعي وآخرون.
قال حمزة السهمي: دخل الماليني جرجان في سنة أربع وستين ورحل رحلات كثيرة إلى أصبهان وما وراء النهر ومصر والحجاز. ثم قال: وتوفي سنة تسع وأربعمائة. فوهم، بل توفي سنة اثنتي عشرة وقد ذكره ابن الصلاح في طبقات الشافعية.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد أنا جعفر الهمداني أنا أبو طاهر الحافظ أنا المبارك بن عبد الجبار، سمعت عبد العزيز بن علي الأزجي يقول: أخذت من أبي سعد الماليني أجرة النسخ والمقابلة خمسين دينارًا في دفعة واحدة.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي أنا محمد بن عماد أنا عبد الله بن رفاعة السعدي أنا علي بن الحسن الفقيه أنا أبو سعد الماليني أنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن خميرويه نا أحمد بن نجدة نا أحمد بن عبد الله بن يونس نا الليث عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ سابق بين الخيل يرسلها من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر وكان أمدها من الثنية إلى مسجد بني زريق وأن عبد الله بن عمر كان يسابق بها.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي الماليني يوم الثلاثاء السابع عشر من شوال سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
قلت: وفيها مات القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن رامين الأستراباذي ببغداد وجماعة قد ذكروا.
979- 4/13/2
العبدوي
الحافظ الإمام محدث نيسابور أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس بن علي بن عبد الله ابن الإمام عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المسعودي العبدوي النيسابوري الأعرج.
سمع إسماعيل بن نجيد ومحمد بن عبد الله بن عبدة السليطي وأبا عمرو بن مطر وأبا الحسن السراج وأبا بكر الإسماعيلي وأبا الفضل بن خميرويه وأبا أحمد الغطريفي، ارتحل إلى هراة وإلى جرجان ولحق ببغداد عيسى ابن الوزير وطبقته.
حدث عنه أبو الفتح بن أبي الفوارس وأبو القاسم التنوخي وأحمد بن عبد الواحد الوكيل وأبو صالح المؤذن وأبو بكر الخطيب وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة صادقًا حافظًا عارفًا. قلت: ومن آخر من روى عنه الرئيس أبو عبد الله الثقفي.
قال أبو علي الوخشي: مات يوم عيد الفطر سنة سبع عشرة وأربعمائة. قال أبو محمد السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب: يقول لم أر أحدًا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين أبي نعيم وأبي حازم العبدوي. قلت: كان أبوه أحمد قد أسمعه في الصبا من الصبغي وحامد الرفاء فلم يحدث عنهما تورعًا. وقد قال أبو صالح المؤذن: سمعت أبا حازم الحافظ يقول: كتبت بخطي عن عشرة من شيوخي عشرة آلاف جزء، عن كل واحد ألف جزء.
قلت: توفي معه في العام قاضي القضاة ببغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي وكان عفيفًا نزهًا رئيسًا عاش ثمانيًا وثمانين سنة امتنع من الرواية، وبدمشق أبو الحسين أحمد بن محمد بن سلامة الستيتي بن الطحان لقي خيثمة، وشيخ الشافعية بمرو أبو بكر عبد الله بن أحمد القفال المروزي، ومسند بغداد أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، ومقرئ العصر أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي ببغداد، والمعمر أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري البزاز راوي نسخة علي بن حرب، ومحدث دمشق أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون الغساني بن الجندي إمام الجامع ثقة يروي عن خيثمة.
أخبرنا علي بن عثمان اللمتوني أنا أحمد بن محمد الصابوني "ح" وأنا أبو الحسين اليونيني وغيره قالوا: أنا جعفر بن علي قالا: أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو عبد الله الثقفي أنا أبو حازم الحافظ إملاء نا أبو عمرو بن مطر نا إبراهيم بن علي نا يحيى بن يحيى قلت لمالك: حدثك عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة أن رسول الله ﷺ كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة رسول الله ﷺ من أبي العاص بن الربيع فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها؟ قال: نعم.
980- 5/13/2
البرقاني
الإمام الحافظ شيخ الفقهاء والمحدثين أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني الشافعي شيخ بغداد.
سمع من أبي العباس بن حمدان بخوارزم، ومن أبي علي بن الصواف وأبي بكر بن الهيثم وطبقتهم ببغداد، ومن أبي بكر الإسماعيلي بجرجان، ومن محمد بن عبد الله بن خميرويه بهراة، ومن أبي عمرو بن حمدان بنيسابور، ومن أبي بكر بن أبي الحديد بدمشق، ومن عبد الغني الأزدي وابن النحاس بمصر؛ وصنف التصانيف وخرج على الصحيحين؛ حدث عنه أبو عبد الله الصوري وأبو بكر البيهقي والخطيب وأبو إسحاق الشيرازي الفقيه وأبو القاسم بن أبي العلاء وسليمان بن إبراهيم الحافظ وأبو طاهر أحمد بن الحسن الكرخي وأبو الفضل بن خيرون ويحيى بن بندار ومحمد بن عبد السلام الشافعي الأنصاري وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة ورعًا ثبتًا لم نر في شيوخنا أثبت منه، عارفًا بالفقه له حظ من علم العربية كثير، صنف مسندًا ضمنه ما اشتمل عليه صحيح البخاري ومسلم، وصنف حديث الثوري وشعبة وعبيد الله بن عمر وعبد الملك بن عمير وبيان بن بشر ومطر الوراق، ولم يقطع التصنيف حتى مات، وكان حريصًا على العلم منصرف الهمة إليه، سمعته يقول لرجل من الفقهاء الصلحاء: ادع الله لي أن ينزع شهوة الحديث من قلبي، فإن حبه قد غلب عليَّ فليس لي اهتمام إلا به.
وقال أبو القاسم الأزهري: البرقاني إمام، إذا مات ذهب هذا الشأن. وقال الخطيب: سمعت محمد بن يحيى الكرماني الفقيه يقول: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني. وسألت الأزهري قلت: هل رأيت شيخا أتقن من البرقاني؟ قال: لا. وقال أبو محمد الخلال: هو نسيج وحده. وقال الخطيب: أنا ما رأيت شيخًا أثبت منه. وقال أبو الوليد الباجي: هو ثقة حافظ.
وذكر الشيخ أبو إسحاق في طبقات الشافعية فقال: ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وسكن بغداد وبها مات في أول رجب سنة خمس وعشرين وأربعمائة. ثم قال: تفقه في حداثته وصنف في الفقه ثم اشتغل في علم الحديث فصار فيه إماما. قال البرقاني: دخلت أسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم فضاعت الدنانير وبقي الدرهم فدفعته إلى خباز فكنت آخذ منه كل يوم رغيفين وآخذ من بشر بن أحمد جزءًا فأكتبه وأفرغه بالعشي، فكتبت ثلاثين جزءًا ونفد ما عند الخباز فسافرت. قال الخطيب: حدثني أحمد بن غانم وكان صالحًا قال: نقلت البرقاني من بيته فكان معه ثلاثة وستون سفطًا وصندوقان كل ذلك مملوء كتبًا.
قلت: وتوفي معه في السنة، سنة خمس وعشرين مسند العراق أبو علي الحسن بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان البغدادي البزاز وله سبع وثمانون سنة، ومسند همذان أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بندار بن شبانة، ومسند دمشق أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر الجوبري، ومحدث دمشق ومفيدها أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمران الجبان المزي الشروطي، قال الكتاني: توفي أستاذنا أبو نصر بن الجبان في شوال وصنف كتبًا كثيرة، ومسند أصبهان أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم بن مصعب التاجر.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن أنا أبو محمد بن قدامة أنا يحيى بن ثابت أنا أبي "ح" قال ابن قدامة: وأنا محمد بن عبد الباقي أنا أحمد بن الحسن قالا: أنا أبو بكر أحمد بن محمد الخوارزمي قرأت على أبي العباس بن حمدان: حدثكم الحسن بن علي السري نا أحمد بن يونس نا عاصم بن محمد حدثني واقد بن محمد حدثني سعيد بن مرجانة قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله، ﷺ: "أيما امرئ مسلم أعتق امرأً مسلمًا، استنقذ الله بكل عضو منه عضوًا من النار". [9]
قال سعيد: فانطلق بالحديث إلى علي بن الحسين فعمد إلى عبد له قد أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف فأعتقه. أخرجه البخاري عن محمد صاعقة عن داود بن رشيد عن الوليد بن مسلم عن محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن علي بن الحسين عن سعيد بن مرجانة. فكأن شيخنا سمعه من صاحب الفربري، عندي مصافحات البرقاني بالسماع العالي ولله المنة.
981- 6/13/2
ابن الفرضي
الحافظ الإمام الحجة أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر القرطبي صاحب تاريخ الأندلس.
أخذ عن أبي عبد الله بن مفرج الحافظ وأبي جعفر بن عون "الله" وخلف بن القاسم وعباس بن أصبغ وخلق كثير من أهل الجزيرة، وحج فسمع من أبي بكر أحمد بن محمد ابن المهندس والحسن بن إسماعيل الضراب وأبي مسلم الكاتب ويوسف بن الدخيل المكي وأبي محمد بن أبي زيد المغربي وأحمد بن نصر الداودي وطبقتهم؛ وله تصنيف مفرد في شعراء أهل الأندلس، وكتاب في المؤتلف والمختلف، وكتاب في مشتبه النسبة، وغير ذلك. روى عنه أبو عمر بن عبد البر وقال: كان فقيهًا عالمًا في جميع فنون العلم وفي الحديث والرجال، أخذت معه عن أكثر شيوخي وكان حسن الصحبة والمعاشرة قتلته البربر فيمن قتلوا وبقي ملقى في داره ثلاثة أيام.
وقال أبو مروان بن حيان: لم نر مثل ابن الفَرَضي بقرطبة في سعة الرواية وحفظ الحديث ومعرفة الرجال والافتنان في العلوم والأدب البارع، مولده سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وحج سنة اثنتين وثمانين، وجمع من الكتب كثيرًا، ولي قضاء بلنسية، وكان حسن البلاغة والخط، تقلد قراءة الكتب للدولة.
قال الحميدي: نا أبو محمد علي بن أحمد الحافظ أخبرني أبو الوليد بن الفرضي قال: تعلقت بأستار الكعبة وسألت الله الشهادة ثم انحرفت قال: فتفكرت في هول القتل فندمت وهممت أن أرجع فأستقيل الله فاستحييت. قال أبو محمد: فأخبرني من رآه بين القتلى ودنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف: لا يكلم أحد في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا، اللون لون الدم والريح ريح المسك، كأنه يعيد ذلك الحديث على نفسه، ثم قضى على أثر ذلك. وقال ابن حبان: قتل يوم أخذ قرطبة ثم ووري متغبرًا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة. وقال ابن حزم: هذا له:
إن الذي أصبحت طوع يمينه إن لم يكن قمرا فليس بدونه
ذلي له في الحب من سلطانه وسقام جسمي من سقام جفونه
وقال أبو عمر بن عبد البر: أنشدنا أبو الوليد لنفسه:
أسير الخطايا عند بابك واقف على وجل مما به أنت عارف
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها ويرجوك فيها فهو راج وخائف
ومن ذا الذي يرجى سواك ويتقى وما لك في فصل القضاء مخالف
فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي إذا نشرت يوم الحساب الصحائف
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما يصد ذوو ودي ويجفو المؤالف
لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي أرجى لإسرافي فإني لتالف
قتل سنة ثلاث وأربعمائة.
وفيها مات ببغداد المسند أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن هشام الصرصري أحد الثقات، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله الحسن بن حامد البغدادي الوراق، وصاحب التصانيف وعالم ما وراء النهر القاضي الحليمي، والمسند أبو علي الحسين بن محمد بن محمد الروذباري الطوسي راوي سنن أبي داود، وفقيه أهل المغرب أبو الحسن القابسي، وعالم العراق القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن الباقلاني الأصولي صاحب الكتب، وكان من أوعية العلم.
982- 7/13/2
القابسي
الحافظ المحدث الفقيه الإمام علامة المغرب، أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري الفروي.
أخذ بأفريقية عن ابن مسرور الدباغ ودارس بن إسماعيل، وبمصر عن حمزة بن محمد الحافظ وأبي زيد المروزي وهذه الطبقة، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وكان حافظًا للحديث والعلل بصيرًا بالرجال عارفًا بالأصلين رأسًا في الفقه وكان ضريرًا وكتبه في نهاية الصحة، كان يضبطها له ثقات أصحابه، والذي ضبط له الصحيح بمكة على أبي زيد صاحبه أبو محمد الأصيلي.
ذكره حاتم الطرابلسي فقال: كان زاهدًا ورعًا لم أر بالقيروان أحدًا إلا معترفًا بفضله، تفقه عليه أبو عمران الفاسي وأبو القاسم الكبيدي وعتيق السوسي وغيرهم، وله تواليف بديعة ككتاب الممهد في الفقه وأحكام الديانات، والمنقذ من شبه التأويل، وكتاب المنبه للفطن من غوائل الفتن، وملخص الموطأ، وكتاب المناسك، وعقائد، وسوى ذلك وإنما قيل له: القابسي لأن عمه كان يشد عمامته شد أهل قابس.
وممن روى عنه أبو محمد عبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري شيخ الرازي، والحافظ أبو عمرو الداني وقال: أخذ القراءة عرضًا عن أبي الفتح بن بدهن، وعليه كان اعتماد قراء أهل القيروان، ثم قطع الإقراء لما بلغه أن تلميذًا له أقرأ الوالي ثم أعمل نفسه في الفقه حتى صار إمام زمانه، كتبت عنه شيئًا كثيرًا، ارتحل سنة اثنتين وخمسين فغاب خمسة أعوام. قال حاتم: توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة بمدينة القيروان وبات عند قبره خلق كثير وضربت الأخبية لهم ورثته الشعراء، .
أخبرنا قاضي القضاة علم الدين محمد بن أبي بكر الشافعي أنا أحمد بن عمر بن جعفر الباهي أنا عثمان بن حسن الكلبي أنا خلف بن عبد الملك الحافظ أنا أبو محمد بن عتاب نا حاتم بن محمد أنا أبو الحسن القابسي أنا علي بن محمد بن مسرور أنا أحمد بن أبي سليمان نا سحنون بن سعيد نا عبد الرحمن بن القاسم نا مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أمه عن عائشة أن رسول الله ﷺ أمر أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت.
983- 8/13/2
الوليد بن بكر بن مخلد
الحافظ العالم الرحال، أبو العباس العمري الأندلسي السرقسطي.
رحل من أقصى الأندلس إلى خراسان وحدث بكتاب معرفة الرجال لأحمد بن عبد الله العجلي عن علي بن أحمد بن الخصيب، وحدث عن الحسن بن رشيق ويوسف الميانجي وأبي بكر الربعي وأحمد بن جعفر الرملي. روى عنه الحافظ عبد الغني المصري وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي وأبو الطيب أحمد بن علي الكوفي وأبو الحسن العتيقي وأبو سعد السمان وأحمد بن منصور بن خلف المغربي والحسن بن جعفر السلماسي وغيرهم، وله شعر جيد. قال أبو الوليد بن الفرضي: كان إمامًا في الحديث والفقه عالمًا باللغة والعربية، لقي في رحلته فيما ذكر أزيد من ألف شيخ، وكان أبو علي الفارسي يرفعه ويثني عليه خيرًا.
وقال أبو عبد الله الحاكم: سكن نيسابور مدة، وهو مقدم في الأدب شاعر فائق، توفي بالدينور في رجب سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. وقال الحافظ عبد الغني: هو الغمري بغين معجمة حدثنا بتاريخ العجلي. وقال الحسن بن شريح: هو عمري ولكنه دخل أفريقية وبقي ينقط العين حتى يسلم -يعني من دولة الرفض- قال: وهو مؤدبي وقال: إذا رجعت إلى الأندلس جعلت النقطة التي على العين ضمة. قال الخطيب: ثقة كثير السماع ذكره ابن الدباغ في طبقات الحفاظ.
أخبرنا قاضي القضاة أبو الربيع بن قدامة وعيسى بن أبي محمد العطار قالا: أنا جعفر بن أبي الحسن أنا أبو طاهر الحافظ أنا ثابت بن بندار المقرئ أنا الحسن بن جعفر السلماسي أنا الوليد بن بكر أنا علي بن أحمد الهاشمي نا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي حدثني أبي نا داود بن يحيى بن يمان عن أبيه عن سفيان قال: ما بالكوفة شاب أعقل من أبي أسامة. وحدثني أبي أحمد قال: مات أبو أسامة بالكوفة في شوال سنة إحدى ومائتين وحضرت جنازته وصلى عليه محمد بن إسماعيل بن علي الهاشمي وكبر عليه أربعًا. قلت: محمد هذا هو ابن عم المنصور.
984- 9/13/2
السرخسي
الحافظ الرحال أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر.
قال الخطيب: سمع وكتب الكثير ولم يروِ إلا اليسير، روى عن أبي محمد بن السقاء وكان ثقة.
أنبأنا أبو الغنائم العلاني أنا أبو اليمن الكندي أنا أبو منصور القزاز أنا أبو بكر الخطيب حدثني الخلال لفظًا أنا علي أحمد السرخسي الحافظ من حفظه وما كتبت عنه سواه نا عبد الله بن عثمان الواسطي "ح" وبه قال الخطيب، ونا القاضي نا عبد الله، سمعت أبا هاشم أيوب بن محمد خطيبنا بواسط، سمعت أبا عثمان المازني يقول: نا سيبويه عن الخليل بن أحمد عن ذر عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله، ﷺ: "أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة". قال الخطيب: والخليل لم يلحق ذرًَّا. قال الخلال: مات السرخسي في جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وثلاثمائة.
985- 10/13/2
البحيري
الحافظ الإمام الثقة أبو عمرو محمد ابن الشيخ أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير بن نوح النيسابوري المزكي.
سمع أباه صاحب ابن خزيمة والقاضي يحيى بن منصور وعبد الله بن محمد الكعبي ومحمد بن المؤمل بن الحسن وأبا بكر القطيعي وطبقتهم، وله أربعون حديثًا وقعت لي بعلو، وأربعون أخرى رواهما عنه ولده أبو عثمان البحيري؛ وحدث عنه أبو العلاء الواسطي ومحمد بن شعيب الروياني؛ قال الحاكم: كان من حفاظ الحديث المبرزين في المذاكرة، توفي في شعبان سنة ست وتسعين وثلاثمائة عن ثلاث وستين سنة.
قرأت على أحمد بن هبة الله عن زينب الشعرية أنا عبد المنعم بن القشيري أنا سعيد بن محمد أنا أبي أبو عمرو أنا أبو حامد أحمد بن الحسن الجلودي نا علي بن الحسن الدارابجردي نا عبد المجيد -هو ابن أبي رواد- نا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله، ﷺ: "يا أيها الناس إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه، فلا تستبطئوا الرزق، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم". [10]
986- 11/3/2
اللالكائي
الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي الحافظ الفقيه الشافعي محدث بغداد.
سمع جعفر بن عبد الله بن فناكي وأبا القاسم عيسى بن علي الوزير وأبا طاهر المخلص وأبا الحسن بن الجندي وعلي بن محمد القصار والعلاء بن محمد وطبقتهم، وتفقه بأبي حامد الأسفراييني؛ قال الخطيب: كان يفهم ويحفظ، وصنف كتابًا في السنة، وكتابًا في رجال الصحيحين، وكتابًا في السنن، وعاجلته المنية: خرج إلى الدينور فأدركه أجله بها في رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة.
قلت: حدث عنه أبو بكر الخطيب وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي وغير واحد، قال الخطيب: حدثني علي بن الحسين بن جد العكبري قال: رأيت هبة الله الطبري في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال كلمة خفية: بالسنة.
قلت: وفي سنته مات بأصبهان المسند أبو علي أحمد بن إبراهيم بن يزداذ غلام محسن، وبنيسابور العلامة الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأسفراييني صاحب التصانيف ركن الدين، والمسند الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله النيسابوري السراج، وبدمشق المحدث أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني، وقيل: إنه كتب بقنطار حبر، وقد ضعف؛ وبنسا مفتيها أبو بكر محمد بن زهير بن أخطل الشافعي، سمع الأصم وعدة، وببغداد المسند أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد بن الروزبهان صاحب علي بن الفضل السقوري، وبأصبهان شيخ الصوفية أبو منصور معمر بن أحمد بن محمد بن زياد، ومحدث دمشق أبو الحسن مكي بن محمد بن الغمر التميمي، لقي في رحلته القطيعي.
أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب التنوخي بالثغر أنا مظفر بن عبد الملك أنا أحمد بن محمد الحافظ "ح" وأنا العز بن الفراء أنا الشيخ الموفق سنة ست عشرة وستمائة أنا أبو الفتح بن البطي قالا: أنا أحمد بن علي الصوفي أنا هبة الله بن الحسن الحافظ أنا عبد الله بن مسلم وعمرو بن زكار قالا: نا أبو عبد الله المحاملي نا محمد بن عثمان بن كرامة نا خالد بن مخلد نا سليمان بن بلال حدثني شريك بن عبد الله عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "إن الله تعالى يقول: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب". [11]
وأخبرناه الأبرقوهي أنا ابن سابور أنا عبد العزيز الأدمي أنا رزق الله التميمي أنا ابن مهدي نا ابن مخلد نا ابن كرامة بهذا، وقال: فقد آذنني. رواه البخاري في صحيحه عن ابن كرامة، ورواه أبو العباس الثقفي عن ابن كرامة، فهؤلاء الأربعة من الثقات رووه عن محمد، وهو مما انفرد به وليس هو في مسند أحمد على كبره.
987- 12/13/2
اليزدي
الحافظ الإمام البارع أبو بكر أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن منجويه الأصبهاني اليزدي نزيل نيسابور.
سمع أبا بكر الإسماعيلي وأبا بكر بن المقرئ وأبا مسلم عبد الرحمن بن محمد بن شهدل وأبا عبد الله بن منده وأبا عمرو بن حمدان وهذه الطبقة، روى عنه الحسن بن ثعلب الشيرازي وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي وأبو القاسم عبد الرحمن بن منده وسعيد البقال وعلي بن أحمد الأخرم المؤذن وأبو بكر الخطيب وأبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤذن وعدة.
روى عنه أبو إسماعيل الأنصاري مرة فقال: أنا أبو بكر الأصبهاني، أحفظ من رأيت من البشر. وقال أيضًا: رأيت في حضري وسفري حافظًا ونصفًا، فالحافظ أحمد بن علي الأصبهاني وأما نصف حافظ فأحمد بن محمد الجارودي. قال أبو زكريا بن منده: كتب عنه عمي عبد الرحمن كتاب السنة له الذي خرجه على سنن أبي داود، وكان عمي يثني عليه كثيرا، وقد سمعت منه المسندات الثلاثة التي للحسن بن سفيان.
قلت: وقد صنف أيضًا على الصحيحين وعلى جامع أبي عيسى، وكان إمامًا في هذا الشأن واسع الحفظ ارتحل إلى بخارى وسمرقند وهراة وجرجان والري ونيسابور وما أراه وصل إلى العراق؛ مات في خامس المحرم سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة وله إحدى وثمانون سنة.
وفيها مات فقيه العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان البغدادي القدوري شيخ الحنفية، والعلامة أبو علي الحسن بن شهاب العكبري الحنبلي صاحب الخط البديع، قال: كنت أنسخ ديوان المتنبي وأبيعه بمائتي درهم، وشيخ الفلسفة الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا البخاري، مات بهمذان عن ثلاث وخمسين سنة، ومسند بغداد أبو عمرو عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف، ومحدث دمشق ومفيدها أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الحنائي الزاهد القدوة، ومفتي بغداد الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي الحنبلي مصنف الإرشاد، وشيخ الصوفية أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن باكويه بشيراز، وشاعر وقته أبو الحسن مهيار بن مرزويه الديلمي الكاتب.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حازم المقدسي أنا محمد بن غسان أنا سعيد بن سهل الزاهد أنا علي بن أحمد المديني المؤذن أنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أنا محمد بن أحمد النحوي أنا الحسن بن سفيان أنا أبو بكر بن أبي شيبة أنا إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء بن السائب عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه قال: قال رسول الله، ﷺ: "دعوا الناس فليرزق الله بعضهم من بعض، وإذا استنصح الرجل الرجل فلينصحه". هذا حديث فرد مداره على عطاء وليس لأبي يزيد سوى هذا الحديث. أخرجه أحمد بن حنبل وبقي بن مخلد في مسنديهما.
988
أحمد بن علي
الحافظ أبو بكر الرازي ثم الأسفراييني، ثقة مفيد.
خرج لجماعة من الشيوخ وعني بهذا الشأن وحدث عن زاهر بن أحمد الفقيه وشافع بن محمد وأبي محمد المخلدي وأبي الفضل محمد بن أحمد الخطيب المروزي. روى عنه أبو صالح المؤذن وغيره؛ مات قبل الثلاثين وأربعمائة.
قرأت على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا أبو القاسم المستملي أنا الإمام أحمد البيهقي أنا أبو حامد أحمد بن علي الأسفراييني أنا زاهر بن أحمد نا أبو بكر بن زياد نا عبد الرحمن بن بشر نا يحيى بن سعيد عن سليمان التيمي نا بكر بن عبد الله عن أبي رافع أن ليلى بنت العجماء مولاته قالت: هي يهودية وهي نصرانية وكل مملوك لها محرر إن لم يطلق امرأته، إن تفرق بينهما، فأبى فانطلقت معه إلى ابن عمر فقال ابن عمر: كفري عن يمينك وخلي بين الرجل وامرأته، الحديث.
989- 14/13/2
عطية بن سعيد
الحافظ شيخ الإسلام، أبو محمد الأندلسي المغربي القفصي الصوفي.
قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءات عن جماعة، وعرض بالأندلس على أبي الحسن علي بن محمد بن بشر، وبمصر على عبد الله بن الحسين -يعني السامري- ودخل الشام والعراق وخراسان وكتب الحديث الكثير وكان ثقة كتب معنا بمكة عن أحمد بن فراس. وقال الخطيب: قدم بغداد وحدث عن زاهر السرخسي وعلي بن الحسين الأذني حدثني عنه أبو الفضل بن المهدي وقال: كان زاهدًا لا يضع جنبه إنما ينام محتبيًا قلت: وسمع بما وراء النهر الصحيح من إسماعيل بن حاجب صاحب الفربري ورواه بمكة، وسمع بالأندلس من الإمام عبد الله بن محمد الباجي، وسمع بالقيروان من عبد الله بن خيران ونحوهم، فأكثر وبرع في هذا الشأن.
قال الحميدي: أقام بنيسابور مدة وكان صوفيًّا على قدم التوكل والإيثار، عاد إليه أصحاب السلمي. وقال عبد العزيز بن بندار الشيرازي: صحبته مدة ببغداد وكان من الإيثار والكرم على أمر عظيم يقتصر على فوطة ومرقعة، وكان قد جمع كتبًا حملها على بخاتي كثيرة فرافقته وخرجنا إلى الياسرية وليس معه إلا وطاؤه وركوته ومرقعته فعجبت من حاله، فلما بلغنا المنزلة ذهبنا نتخلل الرفاق فإذا شيخ خراساني حوله حشم فقال لنا: انزلوا بمجلسنا؛ فأحضر سفرة فأكلنا وقمنا، فلم يزل على هذه الحال يتفق لنا كل يوم من يطعمنا ويسقينا إلى مكة وما حملنا شيئًا. وحدث بصحيح البخاري بمكة وكان يتكلم على الرجال وأحوالهم فيتعجب من حضر، وتوفي بمكة سنة ثمان وأربعمائة أو نحوها. قال الحميدي: له كتاب في تجويز السماع فكان كثير من المغاربة يتحامونه لذلك، وصنف طرق حديث المغفر في أجزاء عدة. نا أبو غالب بن بشران نا عطية نا القاسم بن علقمة نا بهز، فذكر حديثًا. قلت: رزق القبول الوافر بنيسابور، وسكنها مدة.
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الأمناء أنا أبو المظفر بن السمعاني أنا عثمان بن علي البيكندي نا أبو الخطاب محمد بن إبراهيم الطبري إملاء سنة ثمانين وأربعمائة نا مكي بن عبد الرزاق نا عطية بن سعيد الزاهد بمكة نا علي بن الحسن الصقلي، سمعت عبد الواحد بن محمد الأصبهاني، سمعت أبا الحسن بن هند الفارسي يقول: اجتهد لا تفارق باب سيدك بحال؛ فإنه ملجأ للكل، فمن فارق تلك السدة لا يرى بعدها لقدميه قرارًا ولا مقامًا.
990- 15/13/2
حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن أحمد
الحافظ الإمام الثبت، أبو القاسم القرشي السهمي الجرجاني من ذرية هشام بن العاص، .
أول سماعه بجرجان كان في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة من أبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام، وأول رحلته كان في سنة ثمان وستين، دخل أصبهان والري وبغداد والبصرة والكوفة وواسط والأهواز والشام ومصر والحجاز وغير ذلك.
حدث عن ابن عدي والصرام والإسماعيلي وأبي بكر بن المقرئ وابن ماسي وأبي حفص الزيات والدارقطني وأحمد بن عبدان وأبي محمد بن غلام الزهري وأبي الفضل بن حنزابة الوزير وأبي زرعة محمد بن يوسف الكشي وأبي زرعة أحمد بن الحسين الرازي وأبي زرعة الأستراباذي وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي وخلائق، وصنف التصانيف، وجرح وعدل وصحح وعلل.
روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤذن وأبو القاسم القشيري وأبو القاسم إسماعيل بن مسعدة وأبو بكر بن خلف الشيرازي وإبراهيم بن عثمان الجرجاني والمفيد علي بن محمد الزبحي وروى الخطيب عن رجل عنه. توفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وبعضهم أرخه سنة ثمانٍ.
ومات في سنة سبع العلامة أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي المفسر في المحرم، والمحدث أبو عبد الله محمد بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي بنيسابور، سمع حامدًا الرفاء ورحل، والحافظ أبو الفضل علي بن الحسين الفلكي، وأخرته إلى الطبقة الآتية.
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز البزاز أنا زاهر بن طاهر نا علي بن محمد الجرجاني نا حمزة بن يوسف أنا محمد بن عبد الرحمن الطلقي نا أبو نعيم عبد الملك بن محمد أنا علي بن عثمان بن نفيل نا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفرًا من أصحاب رسول الله ﷺ فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عملنا به، فأنزل الله: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} قال عبد الله بن سلام: قرأها علينا رسول الله ﷺ هكذا، قال أبو سلمة: قرأها علينا ابن سلام وذكر سلسلة قراءتها إلى زاهر.
991- 16/13/ 2
الصاحبان الحافظان أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة الأموي الطليطلي المعروف بابن ميمون، ورفيقه ونظيره أبو إسحاق بن شنظير: سمع ابن ميمون بطليطلة من عبد الله بن أمية وخلق، وبقرطبة مع صاحبه أبي إسحاق من أبي جعفر بن عون الله وأبي عبد الله بن مفرج وعباس بن أصبغ وأبي محمد بن عبد المؤمن، وارتحلا إلى المشرق فحجا وسمعا من أبي بكر المهندس وأبي عدي عبد العزيز بن علي ابن المقرئ وأبي بكر الأدفوي وخلائق، ثم رجع ابن ميمون إلى بلده ورحل الناس إليه؛ قال ابن مظاهر: كان من أهل العلم والفهم حافظًا للفقه راوية للحديث دقيق الذهن في جميع العلوم ذا أخلاق وآداب مع الفضل والزهد الفائق والورع مقبلا على طريق الآخرة لم يتأهل، قلما يجوز عليه في كتبه مع كثرتها وهم ولا خطأ، كانت كتبه وكتب صاحبه أصح كتب بطليطلة، مات في شعبان سنة أربعمائة وصلى عليه صاحبه، عاش سبعًا وأربعين سنة.
992- 17/13/2
وصاحبه الحافظ الأوحد أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حسين بن شنظير الأموي.
قال ابن بشكوال: كانا كفرسي رهان في العناية الكاملة بالعلم والبحث على الرواية وضبطها، سمعا بطليطلة من لحق بها، وبقرطبة ومصر والحجاز، كان أبو إسحاق صوامًا قوامًا ورعًا غلب عليه علم الحديث ومعرفة طرقه، إلي أن قال: وكان سنيًّا منافرًا لأهل البدع، ما رئي أزهد منه ولا أوقر مجلسًا، رحل الناس إليهما ثم انفرد أبو إسحاق بالمجلس. توفي يوم النحر سنة اثنتين وأربعمائة وله خمسون عامًا.
993- 18/13/1
أبو نعيم
الحافظ الكبير محدث العصر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران المهراني الأصبهاني الصوفي الأحول، سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء.
ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وأجاز له مشايخ الدنيا سنة نيف وأربعين وثلاثمائة وله ست سنين، فأجاز له من واسط المعمر عبد الله بن عمر بن شوذب، ومن نيسابور شيخها أبو العباس الأصم، ومن الشام شيخها خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، ومن بغداد جعفر الخلدي وأبو سهل بن زياد وطائفة تفرد في الدنيا بإجازتهم، كما تفرد بالسماع من خلق، ورحلت الحفاظ إلى بابه لعلمه وحفظه وعلو أسانيده، أول ما سمع في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة من مسند أصبهان المعمر أبي محمد بن فارس، وسمع من أبي أحمد العسال وأحمد بن معبد السمسار وأحمد بن بندار العشار وأحمد بن محمد القصار وعبد الله بن الحسن بن بندار وأبي بكر بن الهيثم البندار وأبي بحر بن كوثر وأبي بكر بن خلاد النصيبي وحبيب القزاز وأبي بكر الجعابي وأبي القاسم الطبراني وأبي بكر الآجري وأبي علي بن الصواف وإبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم الكوفي وعبد الله بن جعفر الجابري وأحمد بن الحسن اللكي وفاروق الخطابي وأبي الشيخ بن حيان وخلائق بخراسان والعراق، فأكثر وتهيأ له من لقي الكبار ما لم يقع لحافظ؛ روى عنه كوشيار بن لياليزور الجيلي ومات قبله ببضع وثلاثين سنة، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني وأبو سعد الماليني والحفاظ: الخطيب وأبو صالح المؤذن وأبو علي الوخشي وأبو بكر محمد بن إبراهيم العطار وسليمان بن إبراهيم وهبة الله بن محمد الشيرازي ومحمد بن الحسن البكري بآمل، وبنجير بن عبد الغفار بهمذان، وأبو بكر محمد بن سباسي القاضي وجماعة بالري، وأبو بكر الأرموي بتنيس، وأبو بكر السمنطاري بصقلية، وأبو عمرو بن القنابط بالأندلس ونوح بن نصر الفرغاني ويوسف بن الحسن التفكري وأبو الفضل حمد الحداد وأخوه أبو علي المقرئ وعبد السلام بن أحمد القاضي المفسر ومحمد بن بيا وأبو سعد المطرز وغانم البرجي وأبو منصور محمد بن عبد الله الشروطي وخلق كثير سمع منهم السلفي، وأبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدشتي الذهبي خاتمة أصحابه.
قال الخطيب: لم أر أحدًا أطلق عليه اسم الحافظ غير أبي نعيم وأبي حازم العبدوي. قال علي بن المفضل الحافظ: قد جمع شيخنا السلفي أخبار أبي نعيم فسمى نحوًا من ثمانين نفسًا حدثوه عنه، وقال: لم يصنف مثل كتابه "حلية الأولياء" سمعناه على أبي المظفر القاشاني عنه سوى فوت يسير. قال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولًا إليه، لم يكن في أفق من الآفاق أحد أحفظ منه ولا أسند منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده وكل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريد إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء، وكان لا يضجر، لم يكن له غذاء سوى التسميع والتصنيف.
وقال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي الحافظ أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد شرقًا ولا غربًا أعلى إسنادًا منه ولا أحفظ منه، وكانوا يقولون: لما صنف كتاب الحلية حمل الكتاب في حياته إلى نيسابور فاشتروه بأربعمائة دينار، وقد روى الإمام أبو عبد الرحمن السلمي مع تقدمه في طبقات الصوفية له: أخبرنا عبد الواحد بن أحمد الهاشمي أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله أنا محمد بن علي بن حبيش ببغداد، فذكر حديثًا.
ومن هذا الأنموذج ما رواه بصور الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي قال: أنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن خنيس الفقيه بصور قال: أنا أبو بكر عتيق بن علي بن داود الصقلي السمنطاري الزاهد مؤلف كتاب "دليل القاصدين" أنا أبو نعيم، فذكر حديثًا رواه أبو الحجاج الحافظ.
أنا محمد بن عبد الخالق الأموي أنا علي بن المفضل الحافظ أنا عبد الوهاب بن محمد بن عبد العزيز البرقي أنا عمر بن يوسف القيسي بن الحذاء أنا عتيق بن علي أنا أبو نعيم نا ابن خلاد نا محمد بن غالب التمتام نا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله".
ويقع لنا أعلى بدرجات في موطأ أبي مصعب وفي نسخة أبي الجهم عن الليث بن سعد. السلفي: سمعت محمد بن عبد الجبار الفرساني يقول: حضرت مجلس أبي بكر بن أبي علي المعدل في صغري مع أبي، فلما فرغ من إملائه قال إنسان: من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم فليقم؛ وكان مهجورًا في ذلك الوقت بسبب المذهب، وكان بين الحنابلة والأشعرية تعصب زائد يؤدي إلى فتنة وقال وقيل وصداع، فقام إلى ذلك الرجل أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام وكاد أن يقتل.
قال أبو القاسم بن عساكر: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أن السلطان محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان أمَّر عليها واليًا ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي فقتلوه فرد إليها السلطان وأمنهم حتى اطمأنوا ثم هجم عليهم يوم الجمعة وهم في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة، فسلم أبو نعيم مما جرى عليهم وكان ذلك من كرامته، يعني أنه كان مختفيًا. قال الحافظ ابن طاهر المقدسي: سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: رأيت بخط أبي بكر الخطيب، سألت محمد بن إبراهيم العطار مستملي أبي نعيم عن جزء محمد بن عاصم: كيف قرأته على أبي نعيم؟ قال: أخرج إليَّ نسخته، وقال: هو سماعي؛ فقرأته عليه.
قال الخطيب: قد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أنه يقول في الإجازة: أخبرنا من غير أن يبين. قال الحافظ ابن النجار: جزء محمد بن عاصم قد رواه الأثبات عن أبي نعيم، والحافظ الصدوق إذا قال: هذا الكتاب سماعي، جاز أخذه عنه بإجماعهم.
قلت: وقول الخطيب: كان يتساهل في الإجازة، إلى آخره، فهذا ربما فعله نادرا فإني رأيته كثيرًا ما يقول: كتب إلى جعفر بن الخلدي، و:كتب إلى أبي العباس الأصم، و: أنا أبو الميمون بن راشد في كتابه، ولكني رأيته يقول: أنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه، فالظاهر أن هذا إجازة. وحدثني أبو الحجاج الحافظ أنه رأى بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي قال: وجدت أبي الحجاج يوسف بن خليل أنه قال: رأيت أصل سماع أبي نعيم بجزء محمد بن عاصم.
قلت: فبطل ما تخيله الخطيب. قال يحيى بن منده الحافظ: سمعت أبا الحسين القاضي يقول: سمعت عبد العزيز النخشبي يقول: لم يسمع أبو نعيم مسند الحارث بن أبي أسامة بتمامه من ابن خلاد فحدث به كله، قال ابن النجار: وهم في هذا فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة وعليها خط أبي نعيم يقول: سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن خلاد؛ فلعله روى باقيه بالإجازة؛ ثم تمثل ابن النجار ببيت:
لو رجم النجم جميع الورى لم يصل الرجم إلى النجم
ولأبي نعيم تصانيف مشهورة ككتاب معرفة الصحابة، وكتاب دلائل النبوة في مجلدين، وكتاب المستخرج على البخاري، والمستخرج على مسلم، وكتاب تاريخ أصبهان، وصفة الجنة، وكتاب الطب، وكتاب فضائل الصحابة، وكتاب المعتقد، وأشياء صغار سمعنا بعضها يعمل فيها الواهيات ويكاسر عنها كدأب غيره من المحدثين، والله الموعد. ولأبي عبد الله بن منده حط على أبي نعيم صعب من قبل المذهب، كما للآخر حط عليه لا ينبغي أن يلتفت إلى ذلك للواقع الذي بينهما.
مات أبو نعيم في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة، فهو والبرقان وأبو ذر والصوري أهل الطبقة التاسعة من أربعين الطبقات لابن المفضل.
وفيها مات مسند العراق الواعظ أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران البغدادي، والأديب أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث التميمي الأصبهاني بنيسابور، والمفسر أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير الذي قرأ عليه الخطيب صحيح البخاري في ثلاثة مجالس، وعالم المغرب أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي نزيل القيروان.
أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن مسعود بن أبي منصور "ح" وقرأت على أحمد بن محمد المؤدب أنا ابن خليل أنا مسعود أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم الحافظ نا أحمد بن جعفر السمسار نا أحمد بن عصام نا وهب بن جرير نا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ نهى عن آطام المدينة أن تهدم. غريب.
994- 19/13/2
الطلمنكي
الحافظ الإمام المقرئ أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله بن لب بن يحيى المعافري الأندلسي، عالم أهل قرطبة.
ولد سنة أربعين وثلاثمائة وأول ما وجدت له في سنة اثنتين وستين، روى عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله الليثي وأبي بكر الزبيدي وأبي عبد الله بن مفرج وأحمد بن عون الله وأبي محمد عبد الله بن محمد بن علي الباجي وخلف بن محمد الخولاني وابن بشر الأنطاكي، وحج فأخذ عن أبي طاهر محمد بن محمد العجيفي بمكة ويحيى بن الحسين المطلبي بالمدينة، وأبي بكر الأدفوي وأبي حفص بن عراك وأبي بكر المهندس وأبي الطيب بن غلبون وأبي القاسم الجوهري وأبي العلاء بن ماهان، وبدمياط عن محمد بن يحيى بن عمار، وبالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد وأحمد بن رحمون ورجع إلى الأندلس بعلم جمّ.
روى عنه أبو عمر بن عبد البر وأبو محمد بن حزم وعبد الله بن سهل الأندلسي وغيرهم، وكان رأسًا في علم القرآن: حروفه وإعرابه وناسخه ومنسوخه وأحكامه ومعانيه، وكان ذا عناية تامة بالحديث ومعرفة الرجال حافظًا للسنن إمامًا عارفًا بأصول الديانة عالي الإسناد ذا هدى وسمت واستقامة، قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضًا عن أبي الحسن الأنطاكي وأبي الطيب بن غلبون ومحمد بن الحسين بن النعمان، وسمع من الأدفوي ولم يقرأ عليه، وكان فاضلًا ضابطًا شديدًا في السنة؛ قال خلف بن بشكوال: كان سيفًا مجردًا على أهل الأهواء والبدع قامعًا لهم، غيورًا على الشريعة، شديدًا في ذات الله، أقرأ الناس الحديث محتسبًا ويسمع الحديث وأمَّ بمسجد "متعه؟" ثم خرج إلى الثغر فتجول فيه وانتفع الناس بعلمه وقصد بلده في آخر عمره فتوفي بها، أخبرني إسماعيل بن عيسى بن بقي الججاري عن أبيه خرج علينا الطَّلَمَنْكي يومًا ونحن نقرأ عليه فقال: اقرءوا وأكثروا، فإني لا أتجاوز هذا العام؛ قلنا: لمه، يرحمك الله؟ قال: رأيت البارحة من ينشدني في النوم:
اغتنموا البر بشيخ ثوى يرحمه السوقة والصيد
قد ختم العمر بعيد مضى ليس له من بعده عيد
فتوفي في ذلك العام في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة. قال: كان زعرًا في إنكار المنكر فقام عليه طائفة من المخالفين وشهدوا عليه بأنه حروري يرى وضع السيف في صالحي الناس وكانوا خمسة عشر شاهدًا من الفقهاء والنبهاء، فنصره قاضي سرقسطة في عام خمس وعشرين وهو القاضي محمد بن عبد الله بن فربون "؟" فأشهد على نفسه بإسقاط الشهود.
وتوفي معه في العام مقرئ بغداد أبو محمد الحسن بن علي بن الصقر البغدادي الكاتب عن أربع وتسعين سنة والأستاذ العلامة أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي بأسفرايين وكان يشتغل في سبعة عشر فنًّا، وشيخ الأندلس قاضي الجماعة أبو الوليد يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن الصفار القرطبي عن إحدى وتسعين سنة، ومقرئ مصر إسماعيل بن عمرو بن شداد الحداد.
أنبأنا عبد الله بن هارون الطائي أنا أحمد بن يزيد البقوي في كتابه عن شريح بن محمد عن أبي محمد بن حزم الحافظ أنا أحمد بن محمد الطلمنكي نا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج نا محمد بن أيوب بن الصموت نا أحمد بن عمرو البزار نا محمد بن المثنى نا معاذ بن هشام نا أبي عن قتادة عن الأسود بن سريع عن النبي ﷺ قال: "يعرض على الله الأصم والأحمق والهرم الذي مات في الفترة، فيقول الأصم: جاء الإسلام ولا أسمع شيئًا" [12] وذكر الحديث. هذا غريب منقطع. وجاء عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود، ولكن قتادة لم يلق الأحنف ولا سمع منه.
995
القراب
الحافظ الإمام محدث خراسان، أبو يعقوب إسحاق بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن السرخسي ثم الهروي.
له المصنفات الكبيرة الدالة على حفظه وسعة علمه، ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، وسمع العباس بن الفضل النضروي وجده لأمه محمد بن عمر بن حفصويه وأبا الفضل محمد بن عبد الله السياري وعبد الله بن أحمد بن حمويه وزاهر بن أحمد الفقيه وأحمد بن عبد الله النعيمي والخليل بن أحمد السجزي وأبا الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن حمزة والحسين بن أحمد الشماخي الصفار وأبا منصور محمد بن عبد الله البزاز فمن بعدهم حتى ينزل في الرواية إلى أصحابه؛ حدث عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي وأبو الفضل أحمد بن أبي عاصم الصيدلاني والحسين بن محمد بن مت وخلق، واحتج به أبو إسماعيل الأنصاري في الجرح والتعديل.
قال أبو النضر الفامي: زاد عدة شيوخه على ألف ومائتي شيخ وله تاريخ السنين في مجلدين، صنفه في وفيات أهل العلم من أيام النبي ﷺ إلى سنة موته وهي سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وله كتاب "نسيم المهج" وكتاب "الأنس والسلوة" وكتاب "شمائل العباد" إلى أن قال: وكان زاهدًا متقللًا من الدنيا .
أخبرنا الحسن بن علي الجوهري أنا عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا أبو إسماعيل الحافظ أنا أبو يعقوب الحافظ أنا الخليل بن أحمد نا ابن منيع نا طالوت بن عباد نا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن بلال بن يقطر عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ أُتي بدنانير من أرض فكان يقسمها وكان كلما قبض قبضة نظر عن يمينه كأنه يؤامر أحدًا وعنده رجل أسود مطموم الشعر عليه ثوبان أبيضان بين عينيه أثر السجود فقال: يا محمد ما عدلت هذا اليوم في القسمة؛ فغضب رسول الله ﷺ فقال: "من يعدل عليكم بعدي؟" فقالوا: يا رسول الله ألا نقتله؟ قال: "لا". ثم قال: "هذا وأصحابه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لا يتعلقون من الإسلام بشيء".
996- 21/13/2
المستغفري
الحافظ العلامة المحدث، أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح النسفي صاحب التصانيف.
روى عن زاهر بن أحمد السرخسي وإبراهيم بن لقمان وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي صاحب ابن الضريس وعلي بن محمد بن سعيد السرخسي وجعفر بن محمد البخاري وخلائق، وكان صدوقًا في نفسه لكنه يروي الموضوعات في الأبواب ولا يوهيها، حدث عنه الحسن بن أحمد السمرقندي والحسن بن عبد الملك النسفي وإسماعيل بن محمد النوحي الخطيب وآخرون.
له كتاب معرفة الصحابة، وكتاب تاريخ نسف، وتاريخ كش، وكتاب الدعوات، وكتاب المنامات، وكتاب الخطب النبوية، وكتاب دلائل النبوة، وكتاب فضائل القرآن، وكتاب الشمائل، مولده بعد الخمسين وثلاثمائة، ومات بنسف في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
وفيها مات زاهد الأندلس حماد بن عمار القرطبي عن مائة عام، سمع من أبي عيسى الليثي، وفقيه خراسان القاضي أبو العلاء صاعد بن محمد الأستوائي الحنفي، ومسند بغداد أبو القاسم عبد الباقي بن محمد بن أحمد الطحان، ومسند نيسابور أبو حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي، والمسند أبو بكر محمد بن عمر بن بكير النجار ببغداد.
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن أبي المظفر السمعاني نا عثمان بن علي البيكندي ببخارى أنا أبو علي الحسن بن عبد الملك النسفي أنا جعفر بن محمد بن المستغفر الحافظ أنا محمد بن أحمد بن علي نا محمد بن إسحاق بن خزيمة نا يعقوب الدورقي نا خلف بن الوليد نا إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال: كان النبي ﷺ يصلي نحوًا من صلاتكم لكنه كان يخفف الصلاة، كان يقرأ في صلاة الفجر بالواقعة ونحوها.
أخبرنا أبو الحسين الحافظ أنا جعفر المقرئ أنا أبو طاهر الحافظ أنا إسماعيل بن محمد الحافظ بأصبهان، سمعت الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، سمعت أبا العباس المستغفري الحافظ، سمعت ابن منده الحافظ يقول: إذا وجدت في إسناد زاهدًا، فاغسل يدك من ذلك الحديث.
997- 22/13/2
أبو ذر الهروي
الإمام العلامة الحافظ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري المالكي ابن السماك شيخ الحرم.
سمع أبا الفضل بن خميرويه وبشر بن محمد المزني وعدة بهراة، وأبا محمد بن حمويه وزاهر بن أحمد بسرخس، وأبا إسحاق المستملي ببلخ، وأبا الهيثم الكشميهني بمرو، وأبا بكر هلال بن محمد بن محمد وشيبان بن محمد الضبعي بالبصرة، وأبا الفضل الزهري وأبا الحسن الدارقطني وأبا عمر بن حيويه ببغداد، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي بدمشق، وأبا مسلم الكاتب بمصر، وجاور بمكة وألف معجمًا لشيوخه وعمل الصحيح وصنف التصانيف؛ روى عنه ولده عيسى وعلي بن محمد بن أبي الهول وموسى بن عيسى الصقلي وعبد الله بن الحسن التنيسي وأبو صالح النيسابوري المؤذن وعلي بن بكار الصوري وأحمد بن محمد القزويني وأبو الطاهر إسماعيل بن سعيد النحوي وأبو الحسين بن المهتدي بالله وأبو الوليد الباجي وعبد الله بن سعيد الشنتجالي وعبد الحق بن هارون السهمي وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي وأبو شاكر أحمد بن علي العثماني وخلائق، وبالإجازة أبو بكر الخطيب وأبو عمر بن عبد البر وأحمد بن عبد القادر اليوسفي وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن غلبون الخولاني. ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة تقريبًا.
قال الخطيب: قدم أبو ذر بغداد وأنا غائب فحدث بها وحج وجاور، ثم تزوج في العرب وسكن السروات فكان يحج كل عام ويحدث ويرجع، وكان ثقة ضابطًا دينًا. وقال أبو علي بن سكرة: توفي في عقب شوال سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. وقال الخطيب: في ذي القعدة. قال أبو الوليد الباجي في كتاب فرق الفقهاء عند ذكر أبي بكر الباقلاني: لقد أخبرني أبو ذر وكان يميل إلى مذهبه فسألته: من أين لك هذا؟ قال: كنت ماشيًا مع الدارقطني فلقينا القاضي أبا بكر فالتزمه الدارقطني وقبَّل وجهه وعينيه، فلما افترقا قلت: من هذا؟ قال: هذا إمام المسلمين والذابّ عن الدين، القاضي أبو بكر بن الطيب. فمن ذلك الوقت تكررت إليه.
قال الحسن بن بقي المالقني: حدثني شيخ قال: قيل لأبي ذر: أنت هروي فمن أين تمذهبت بمذهب مالك ورأي الأشعري؟ قال: قدمت بغداد، فذكر نحوًا مما تقدم، وقال: واقتديت بمذهبه. قال ابن المفضل الحافظ: روى لنا السلفي شيخنا عن أبي بكر الطريثيثي بسماعه منه عدة أحاديث، وعن أبي شاكر النعماني حديثًا واحدًا سمعه منه، وسمعنا من السلفي جميع الصحيح بإجازته من أبي مكتوم بن أبي ذر، وكان شيخنا أبو عبيد أحمد بن زيادة الله الغفاري سمع الكتاب بمكة من أبي مكتوم، فسمعت عليه أكثره وأجاز لي ما بقي من آخره. وآخر من حدث عن أبي مكتوم، أبو الحسن علي بن حميد بن عمار الأنصاري ولي منه إجازة. وقرأت الكتاب كله على شيخنا أبي طالب صالح بن سند بسماعه من الطرطوشي عن أبي الوليد الباجي عن أبي ذر، قال: وقرأته بكماله على أبي القاسم مخلوف بن علي القروي عن أبي الحجاج يوسف بن عبد العزيز بن نادر اللخمي عن علي بن سليمان النقاش عن أبي ذر.
قال أبو علي الغساني الحافظ: أنا أبو القاسم أحمد بن خلف الباجي أخبرني أبي أن الفقيه أبا عمران القابسي مضى إلى مكة وقد كان قرأ على أبي ذر شيئًا، فوافق أبا ذر في السراة موضع سكناه فقال لخازن كتبه: أخرج إليَّ من كتبه ما أنسخه ما دام غائبًا فإذا حضر قرأته عليه، فقال الخازن: لا أجترئ علي هذا؛ ولكن هذه المفاتيح إن شئت أنت فخذ وافعل ذلك؛ فأخذها وأخرج ما أراد فسمع أبو ذر بالسراة بذلك فركب وطرق إلى مكة وأخذ كتبه وأقسم ألا يحدثه، فلقد أخبرت أن أبا عمران كان بعد إذا حدث عن أبي ذر شيئًا مما كان حدثه قبل يروي عن اسم أبي ذر ويقول: أنا أبو عيسى، وبذلك كانت العرب تكنيه باسم ولده. قلت: هذه الحكاية تدل على زعارة الشيخ والصاحب.
وقال عبد الغافر في تاريخ نيسابور: كان أبو ذر زاهدًا ورعًا عالمًا سخيًّا لا يدخر شيئًا وصار من كبار مشيخة الحرم مشارًا إليه في التصوف، خرَّج على الصحيحين تخريجًا حسنًا وكان حافظًا كثير الشيوخ. قلت: وله أيضًا مستدرك لطيف في مجلد على الصحيحين -علقت كثيرًا منه- يدل على حفظه. قال القاضي عياض: لأبي ذر كتاب كبير مخرج على الصحيحين، وكتاب السنة والصفات، وكتاب الجامع، وكتاب الدعاء، وكتاب فضائل القرآن، وكتاب دلائل النبوة، وكتاب شهادة الزور، وكتاب فضائل مالك، وكتاب العيدين، ثم أرخ موته سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، والصواب سنة أربع.
أخبرنا أبو الحسن الغرَّافي أنا أبو الحسن بن روزبة أنا عبد الأول بن عيسى أنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد قال: عبد بن أحمد بن محمد بن السماك الحافظ صدوق تكلموا في رأيه، سمعت منه حديثًا واحدًا عن شيبان بن محمد عن أبي خليفة عن علي بن المديني حديث جابر بطوله في الحج، قال لي: اقرأه علي حتى تعتاد قراءة الحديث؛ وهو أول حديث قرأته على الشيخ وناولته الجزء، فقال: لست على وضوء فضعه.
قلت: توفي معه في عام أربعة: المسند شعيب بن عبد الله بن المنهال بمصر، وعالم المغرب أبو محمد عبد الله بن غالب بن تمام الهمداني المالكي بسبتة، ومسند الأندلس أبو البركات محمد بن عبد الواحد القرشي الزبيري المكي عن سبع وثمانين سنة، وشيخ القراء علي بن طلحة البصري ببغداد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود بن عبد اللطيف السلمي أنا أبي سنة أربع وثلاثين وستمائة حضورًا أنا القاضي أبو سعد عبد الله بن محمد التميمي أنا محمد بن الحسن المزرقي أنا أبو الحسين محمد بن علي الهاشمي أنا عبد بن أحمد الحافظ بقراءتي أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه أنا أحمد بن نجدة نا سعيد بن منصور نا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن جرير بن عبد الله قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من لم يرحم من في الأرض لم يرحمه من في السماء". صحيح الإسناد.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران أنا أحمد بن طاوس أنا حمزة بن كروس سنة خمسين وخمسمائة أنا نصر بن إبراهيم الفقيه أنا أبو ذر عبد بن أحمد كتابة أن بشر بن محمد المزني حدثهم إملاء نا الحسين بن إدريس نا العباس بن الوليد الدمشقي أنا الوليد بن الوليد نا ابن ثوبان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال: "إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى الحول المقبل، فإذا كان أول يوم من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش فشققت ورق الجنة عن الحور العين، فقلن: يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجًا تقر بهم أعيننا وتقر أعينهم بنا". قال الفقيه نصر: تفرد به الوليد بن الوليد العبسي وقد تركوه. قلت: وهاه الدارقطني وقوّاه أبو حاتم.
998- 23/12/1
الربعي
الحافظ المقرئ الإمام أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن ميمون الدمشقي، ويعرف بابن أبي زروان.
سمع الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي وأحمد بن عتبة بن مكين والعباس بن محمد بن حيان ومحمد بن علي بن أبي فروة وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي وطبقتهم، وقرأ القرآن تحريرًا لقراءة الشاميين على الإمام علي بن داود الداراني وعلي بن زهير، حدث عنه أبو سعد السمان الحافظ ونجاء بن أحمد وعبد العزيز الكتاني والحسن بن أبي الحديد وآخرون، وعاش ثلاثًا وسبعين سنة. ذكره الكتاني فقال: كان يحفظ ألف حديث بأسانيدها من حديث ابن جوصاء، ويحفظ كتاب غريب الحديث لأبي عبيد، وانتهت إليه الرياسة في قراءة الشاميين، وكان ثقة مأمونًا، إلى أن قال: ومات في صفر سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
قلت: فيها مات شيخ اللغة بالأندلس أبو غالب تمام بن غالب بن التياني القرطبي وشيخ الحنفية العلامة المحدث أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري ببغداد عن خمس وثمانين سنة، وعالم الإمامية أبو طالب علي بن الحسين بن موسى الحسيني الشريف المرتضى واضع كتاب نهج البلاغة، وفقيه الأندلس العلامة العابد أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن ميقل المرسي بها، وشيخ المعتزلة العلامة أبو الحسين البصري محمد بن علي بن الطيب ببغداد.
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء سنة أربع وتسعين وستمائة قال: كتب إلينا المؤيد بن محمد من نيسابور عن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أحمد السلمي أنا جدي في سنة خمس وسبعين وأربعمائة أنا علي بن الحسن الرَّبعي سنة ست وعشرين أنا الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي بحمص سنة سبع وثمانين وثلاثمائة أنا العباس بن الخليل بحمص أنا نصر بن خزيمة بن علقمة بن محفوظ بن علقمة أخبرني أبي عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ عن عبد الرحمن بن عائذ، حدثني جبير بن نفير قال: قال عوف بن مالك: قال النبي، ﷺ: "إن الأنبياء يتكاثرون بأممهم غير موسى، وأنا أرجو أن أكثره، ولقد أعطي خصلات، مكث يناجي ربه أربعين يومًا ولا ينبغي لمتناجيين أن يتناجيا أكثر من نحوها، ولا يصعق مع الناس".
999- 24/13/2
الخلال
الحافظ المفيد الإمام الثقة أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن بن علي البغدادي، وكنية أبيه أبو طالب.
ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، سمع أبا بكر القطيعي وأبا سعيد الحرفي وأبا الحسين بن المظفر وأبا بكر الوراق وأبا عبد الله بن العسكري وأبا عمر بن حيويه وأبا بكر بن شاذان وأبا علي محمد بن أحمد العطشي وأبا حفص عمر بن محمد الزيات وأبا الفتح القواس وأبا الحسن بن لؤلؤ الوراق وخلائق؛ روى عنه الخطيب وأبو الحسين بن الطيوري وأخوه أبو سعد وجعفر بن أحمد السراج والمعمر بن أبي عمامة الواعظ وجعفر بن المحسن السلماسي وعلي بن عبد الواحد الدينوري وآخرون.
أخبرنا أبو الحسن البعلي وأبو علي الأمين قالا: أنا جعفر أنا السلفي، سمعت المبارك بن عبد الجبار، سمعت محمد بن علي الصوري يقول: ما رأت عيناي بعد عبد الغني بن سعيد أحفظ من أبي محمد الخلال البغدادي. قال أبو بكر الخطيب: كتبنا عنه وكان ثقة له معرفة بينة، وخرج المسند على الصحيحين وجمع أبوابًا وتراجم كثيرة، ومات في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
قلت: فيها مات بدمشق المسند أبو علي الحسن بن علي بن الحسن بن شواش الكتاني المقرئ مشرف الجامع، وأبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري المحدث ببغداد، والمسند أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال المصري، ومسند الأندلس أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن عائذ المعافري القرطبي لقي في رحلته المهندس.
أخبرنا عيسى بن أبي محمد أنا جعفر بن منير نا أحمد بن محمد الحافظ أنا أبو سعيد محمد بن عبد الملك بن أسد أنا أبو محمد الخلال حدثني علي بن أحمد السرخسي الحافظ من حفظه نا عبد الله بن عثمان الواسطي، سمعت أبا هاشم أيوب بن محمد خطيبنا بواسط، سمعت أبا عثمان المازني يقول: ثنا سيبويه عن الخليل بن أحمد عن ذر بن عبد الله الهمداني عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله، ﷺ: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة".
كتب إليّ أبو حامد محمد بن عبد الكريم الأنصاري الخطيب أنا أبو البركات الحسن بن محمد الشافعي أنا عمي أبو الحسين هبة الله بن الحسن "ح" وقرأت على إسحاق بن أبي بكر الأسدي أخبركم يوسف بن خليل أنا عبد الخالق بن عبد الوهاب قالا: أنا علي بن عبد الواحد الدينوري نا أبو محمد الخلال إملاء أنا علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ أنا إبراهيم بن هاشم البغوي سنة ثلاث وتسعين ومائتين نا علي بن الحسن بن شقيق نا الحسين بن واقد نا عبد الله بن بريدة، سمعت أبي، سمعت رسول الله ﷺ يقول: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". [13] سقط منه شيخ البغوي.
1000- 25/13/2
ابن حمدان
الحافظ المجود، أبو طاهر محمد بن أحمد بن علي بن حمدان الخراساني، أحد الرحالين المصنفين.
صحب أبا عبد الله الحاكم وتخرج به، وسمع من أبي بكر الطرازي والحافظ أبي بكر الجوزقي وأبي الحسين القنطري وأبي طاهر بن خزيمة وزاهر بن أحمد الفقيه وإبراهيم بن محمد بن موسى السرخسي ونحوهم بنيسابور، وجعفر بن فناكي بالري، والحافظ أحمد بن علي السليماني ببيكند، ومحمد بن أحمد الغنجار ببخارى، وأبي سعد الإدريسي بسمرقند، وعلي بن محمد بن عمر الفقيه بالري، وأبي الفضل محمد بن أبي الحسين الحدادي بمرو؛ رأيت له مسند بهز بن حكيم وطرق حديث الطير، سمع منه أبو سعيد محمد بن أحمد بن حسين النيسابوري في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.
أخبرنا أحمد بن عبد الكريم بن الأغلاقي أنا نصر بن جرو أنا أبو طاهر السلفي أخبرنا محمد بن أبي منصور البزاز بالري أنا محمد بن أحمد بن حمدان الحافظ أنا محمد بن الحسين القاضي بمرو نا إسحاق بن إبراهيم التاجر العدل نا يوسف بن عيسى نا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي بكر، يعني ابن عمرو بن حزم، أنه سمع أنسًا يحدث عن النبي ﷺ أنه قال: "يتبع الميت ثلاث؛ أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله". [14]
1001- 26/13/2
النعيمي
الحافظ العلامة أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم البصري، نزيل بغداد.
روى عن أحمد بن محمد بن العباس الأسفاطي وأحمد بن عبيد الله النهرديري ومحمد بن عدي المنقري وأبي أحمد العسكري ومحمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ وعبد الله بن أليسع الأنطاكي وعلي بن عمر السكري وابن المظفر وخلق؛ قال الخطيب: كتبت عنه وكان حافظًا عارفًا متكلمًا شاعرًا.
أنبأنا أبو الغنائم القيسي أنا الكندي أنا الشيباني أنا الخطيب أخبرني علي بن أحمد النعيمي أنا محمد بن أحمد بن الفيض الأصبهاني -ثقة- نا علي بن عبد الحميد الغضائري نا الحسين بن الحسن المروزي نا بشر بن السري، عن سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول الله، ﷺ: "إنما جعل الطواف بالبيت والسعي لإقامة ذكر الله، عز وجل". رواه البرقاني عن النعيمي في جمعه لحديث الثوري، والصواب: عن الثوري عن عبيد الله بن أبي زياد عن القاسم، كذا يرويه وكيع وأبو نعيم عن الثوري.
قال الخطيب: حدثني الأزهري قال: وضع النعيمي على ابن المظفر حديثًا عن أشعث ثم تنبه أصحاب الحديث على ذلك، فخرج النعيمي عن بغداد وغاب حتى مات ابن المظفر ومات من عرف قصته ثم عاد إلى بغداد، وسمعت الصوري يقول: لم أر ببغداد أحدًا أكمل من النعيمي، قال: قد جمع معرفة الحديث والكلام والأدب ودرس شيئًا من فقه الشافعي. قال: وكان البرقاني يقول: هو كامل في كل شيء لولا بأو فيه. مات النعيمي في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وأظنه بلغ التسعين.
(تمت الطبقة الثالثة عشرة.)
هامش
رواه البخاري في الرقاق باب 42. ومسلم في الزهد حديث 5. والترمذي في الزهد: 46. والنسائي في الجنائز باب 52.
==============
المقدمة
الطبقة الثالثة عشرة
طبقة أخرى صغرى
القسم الأول من هذه الطبقة هكذا "13/ 1" والثاني "13/ 2". والمترجمون في الثاني ستة وعشرون أي: بزيادة واحد عما قال
رواه البخاري في الأذان باب 30. ومسلم في المساجد حديث 249. والنسائي في الإمامة باب 42. والموطأ في الجماعة حديث 1.
رواه البخاري في الجنائز باب 6. ومسلم في البر حديث 150. والترمذي في الجنائز باب 64. والنسائي في الجنائز باب 25.
رواه أبو داود في الجهاد باب 157. وأحمد في مسنده "1/ 166، 167" "4/ 91".
رواه البخاري في بدء الخلق باب 11، 16. وفي الأشربة باب 22. ومسلم في الأشربة حديث 97. وأبو داود في الأشربة باب 22. والترمذي في الأطعمة باب 15.
رواه البخاري في تفسير سورة 2 باب 4 وفي الطب باب 20. ومسلم في الأشربة حديث 158، 159، 162. والترمذي في الطب باب 22.
رواه مسلم في الصلاة حديث 11. وأبو داود في الصلاة باب 36. والترمذي في المناقب باب 1. والنسائي في الأذان باب 37.
رواه البخاري في الإيمان باب 17، 28. ومسلم في الإيمان حديث 32-36. وأبو داود في الجهاد باب 95. والنسائي في الزكاة باب 3.
رواه البخاري في العتق باب 1. ومسلم في العتق حديث 24. وأحمد في مسنده "2/ 525".
رواه ابن ماجه في التجارات باب 2.
رواه البخاري في الرقاق باب 38.
رواه أحمد في مسنده "4/ 24".
رواه الترمذي في الإيمان باب 9. والنسائي في الصلاة باب 8. وابن ماجه في الإقامة باب 77. وأحمد في مسنده "5/ 346". ==

الطبقة 14. تذكرة الحفاظ للذهبي

تذكرة الحفاظ/الطبقة الرابعة عشرة

الطبقة الرابعة عشرة

وهم ثلاثون حافظًا

1002- 1/14

الصوري

الحافظ العلامة الأوحد، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن محمد بن دحيم الساحلي.

سمع أبا الحسين بن جميع وأبا عبد الله بن أبي كامل الأطرابلسي ومحمد بن عبد الصمد الزرافي ومحمد بن جعفر الكلاعي وعدة بالشام، وعبد الغني بن سعيد الحافظ وعبد الرحمن بن عمر النحاس وعبد الله بن محمد بن بندار وخلقا بمصر، وصحب عبد الغني وتخرج به ولحق ببغداد أبا الحسن بن مخلد البزاز وأحمد بن طلحة المنقي وأبا علي بن شاذان وطبقتهم؛ حدث عنه أبو بكر الخطيب والقاضي أبو عبد الله الدامغاني وجعفر بن أحمد السراج وأبو القاسم بن بيان وأبو الحسين بن الطيوري وسعد الله بن صاعد الرحبي وآخرون، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو سعد بن الطيوري. مولده سنة ست أو سبع وسبعين وثلاثمائة، وسمع وقد كبر ولو طلب في الحداثة لأدرك إسنادًا.

قال الخطيب: وكان من أحرص الناس على الحديث وأكثرهم كتبًا له وأحسنهم معرفة به، ولم يقدم علينا أحد أفهم منه لعلم الحديث، وكان دقيق الخط صحيح النقل، حدثني أنه كان يكتب في الوجهة من ثمن الكاغذ الخراساني ثمانين سطرًا وكان مع كثرة طلبه صعب المذهب في الأخذ، ربما كرر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرات، وكان يسرد الصوم إلا الأعياد وذكر أن الحافظ عبد الغني كتب عنه أشياء في تصانيفه وصرح باسمه في بعضها ومرة قال: حدثني الورد بن علي.

قال الخطيب: كان صدوقًا كتب عني وكتبت عنه ولم يزل ببغداد حتى توفي بها. قال أبو الوليد الباجي: الصوري أحفظ من رأيناه. قال غيث بن علي الأرمنازي: رأيت جماعة من أهل العلم يقولون: ما رأينا أحفظ من الصوري. وقال عبد المحسن الشيحي: ما رأيت مثله، كان كأنه شعلة نار بلسان كالحسام القاطع. قال السلفي: كتب الصوري صحيح البخاري في سبعة أطباق من الورق البغدادي ولم يكن له سوى عين واحدة.

قال: وذكر أبو الوليد الباجي في كتاب فرق الفقهاء: نا أبو عبد الله محمد بن علي الوراق -وكان ثقة متقنًا- أنه شاهد أبا عبد الله الصوري وكان فيه حسن خلق ومزاح وضحك لم يكن وراء ذلك إلا الخير والدين ولكنه كان شيئًا جبل عليه ولم يكن في ذلك بالخارق للعادة، فقرأ يومًا جزءًا على أبي العباس الرازي وعنَّ له أمر أضحكه وكان بالحضرة جماعة من أهل بلده فأنكروا عليه وقالوا: هذا لا يصلح ولا يليق بعلمك وتقدمك أن تقرأ حديث رسول الله ﷺ وأنت تضحك؛ وكثروا عليه وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون بهذا. فقال: ما في بلدكم شيخ إلا يحب أن يقعد بين يدي ويقتدي بي، ودليل ذلك أني قد صرت معكم على غير موعد فانظروا إلى أيّ حديث شئتم من حديث رسول الله ﷺ اقرءوا إسناده لأقرأ متنه أو اقرءوا متنه حتى أخبركم بإسناده.

ثم قال الباجي: لزمت الصوري ثلاثة أعوام فما رأيته تعرض للفتوى. قال المبارك بن عبد الجبار: كتبت عن عدة فما رأيت فيهم أحفظ من الصوري، كان يكتب بفرد عين وكان متفننًا يعرف من كل علم، وقوله حجة، وعنه أخذ الخطيب علم الحديث. قلت: وله شعر رائق ومحبة في السنة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي أنا أبو الحسن علي بن إسماعيل بن جبارة الأديب بالقاهرة سنة اثنتين وثلاثين وستمائة أنا أبو طاهر أحمد بن أبي أحمد الحافظ أنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي أنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ أنا أبو محمد النحاس أنا أبو بكر محمد بن أحمد الحراني نا هاشم بن مرثد الطبراني نا المعافى -هو ابن سليمان- نا موسى بن أعين عن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "تجوزوا في الصلاة، فإن خلفكم الضعيف والكبير وذا الحاجة". [1] هذا حديث صحيح، وعبد الله هو ابن بشر إن شاء الله.

أخبرنا محمد بن علي الصالحي ومحمد بن علي السلمي قالا: أنا البهاء عبد الرحمن أنا أحمد بن الحسن بن سلامة المنبجي الفقيه أنا أبو القاسم بن بيان "ح" وأنبأنا أحمد بن أبي الخير عن ابن كليب عن ابن بيان أنا محمد بن علي الصوري أنا عبد الرحمن بن عمر التجيبي أنا أبو عمرو أحمد بن سلمة بن الضحاك الهلالي أنا المقدام بن داود الرعيني نا أبو زرعة عبد الأحد بن الليث بن عاصم القتباني عن عثمان بن الحكم الجذامي. "قال المقدام": وحدثني عمي سعيد بن عيسى نا الليث بن عاصم القتباني حدثني عثمان بن الحكم حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثني عروة عن عائشة قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبّب إليه الخلاء، فكان يلحق بغار حراء فيتحنث فيه -وهو التعبد- الأيام ذوات العدد، الحديث.

أخبرنا أبو الحسين اليونيني أنا جعفر أنا السلفي أنا المبارك بن عبد الجبار أنشدنا محمد بن علي الصوري الحافظ لنفسه:

قل لمن عاند الحديث وأضحى عائبا أهله ومن يدّعيه

أبعلم تقول هذا أبن لي أم بجهل فالجهل خلق السفيه

أيعاب الذين هم حفظوا الد ين من الترهات والتمويه

وإلى قولهم وما قد رووه راجع كل عالم وفقيه

قال الخطيب: توفي الصوري في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، .

1003- 2/14

ابن ماما

الحافظ الأوحد، أبو حامد أحمد بن محمد بن أحيد بن ماما الأصبهاني، صاحب تصانيف وبصر بالحديث.

وحدث عن عبد الرحمن بن شريح الهروي وأبي علي إسماعيل بن حاجب الكشاني وأبي نصر محمد بن أحمد الملاحمي والإمام أبي عبد الله الحليمي وطبقتهم، ولم يصل إلى العراق، له ذيل على تاريخ بخارى للغنجار، ويعز وقوع حديثه إلينا. توفي في شعبان سنة ست وثلاثين وأربعمائة ، أحسبه سكن ما وراء النهر.

1004- 3/14

مسعود بن علي بن معاذ بن محمد بن معاذ

الحافظ المفيد، الإمام أبو سعيد السجزي ثم النيسابوري الوكيل، تلميذ أبي عبد الله الحاكم.

وله عنه سؤالات وقد أكثر عنه جدًّا، سمع أبا محمد بن الرومي وأبا علي الخالدي وعبد الرحمن بن أبي إسحاق المزكي وطبقتهم. روى شيئًا يسيرًا ولم يطل عمره، روى عنه رفيقه مسعود بن ناصر السجزي الركاب، توفي سنة ثمان وثلاثين أو سنة تسع وأربعمائة. ذكر الشك هكذا عبد الغافر بن إسماعيل.

1005- 4/14

أبو نصر السجزي

الحافظ الإمام علم السنة، عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي البكري، نزيل الحرم ومصر وصاحب "الإبانة الكبرى" في مسألة القرآن.

وهو كتاب طويل في معناه، دال على إمامة الرجل وبصره بالرجال والطرق.

حدث عن أحمد بن فراس العبقسي وأبي عبد الله الحاكم وأبي أحمد الفرضي وحمزة المهلبي ومحمد بن محمد بن محمد بن بكر الهزاني وأبي عمر بن مهدي وعلي بن عبد الرحيم السوسي وأبي الحسين أحمد بن محمد المجبر وأبي محمد بن النحاس وأبي عبد الرحمن السلمي وعبد الصمد بن زهير بن أبي جرادة الحلبي صاحب ابن الأعرابي وهذه الطبقة. وكانت رحلته بعد الأربعمائة فسمع بخراسان والحجاز والشام والعراق ومصر، حدث عنه أبو إسحاق الحبال وسهل بن بشر الأسفراييني وأبو معشر المقرئ الطبري وإسماعيل بن الحسن العلوي وأحمد بن عبد القادر اليوسفي وجعفر بن يحيى الحكاك وجعفر بن أحمد السراج وخلق سواهم، وهو راوي الحديث المسلسل بالأولية.

قال ابن طاهر المقدسي: سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر السَّجْزي والصوري، أيهما أحفظ؟ فقال: كان السجزي أحفظ من خمسين مثل الصوري؛ ثم قال الحبال: كنت يومًا عند أبي نصر السجزي فدق الباب فقمت ففتحته فدخلت امرأة وأخرجت كيسًا فيه ألف دينار فوضعته بين يدي الشيخ وقالت: أنفقها كما ترى؛ قال: ما المقصود؟ قالت: تتزوجني ولا حاجة لي في الزوج ولكن لأخدمك؛ فأمرها بأخذ الكيس وأن تنصرف؛ فلما انصرفت قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم ومتى تزوجت سقط عني هذا الاسم، وما أوثر على ثواب طلب العلم شيئًا.

قلت: مات بمكة في المحرم سنة أربع وأربعين وأربعمائة ، وقد روينا المسلسل من طريقه في غير هذا الكتاب.

1006- 5/14

الداني

الحافظ الإمام شيخ الإسلام أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي مولاهم، القرطبي المقرئ صاحب التصانيف.

وعرف بالداني لسكناه بدانية، قال: ولدت سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وابتدأت بطلب العلم سنة ست وثمانين ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين فكنت بالقيروان أربعة أشهر ودخلت مصر في شوالها فمكثت بها سنة وحججت ورجعت إلى الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.

قلت: قرأ بالروايات على عبد العزيز بن جعفر الفارسي وغيره بقرطبة، وعلى أبي الحسن بن غلبون وخلف بن خاقان المصري وأبي الفتح فارس بن أحمد، وسمع من أبي مسلم الكاتب وهو أكبر شيخ له وأحمد بن فراس العبقسي وعبد الرحمن بن عثمان القشيري وحاتم بن عبد الله البزاز وأحمد بن فتح بن الرسان وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس المصري وأبي الحسن علي بن محمد القابسي وخلق كثير بالحجاز ومصر والمغرب والأندلس، تلا عليه خلق منهم أبو الدؤاد مفرج الإقبالي وأبو داود بن نجاح وأبو الحسين بن التنار وأبو الحسن بن الدوش، وحدث عنه خلق كثير منهم خلف بن إبراهيم الطليطلي.

قال أبو محمد بن عبيد الله الحجري الحافظ: أبو عمرو الداني ذكر بعض الشيوخ أنه لم يكن في عصره ولا بعد عصره أحد يضاهيه في حفظه وتحقيقه وكان يقول: ما رأيت شيئًا قط إلا كتبته ولا كتبته إلا حفظته ولا حفظته فنسيته. قال ابن بشكوال: كان أبو عمرو أحد الأئمة في علم القراءات ورواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه، وجمع في ذلك كله تواليف حسانًا، وله معرفة بالحديث وطرقه وأسماء رجاله، وكان حسن الخط والضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن، وكان أديبًا فاضلًا ورعًا سنيًّا. وقال المغامي: كان أبو عمرو مجاب الدعوة مالكي المذهب. وقال الحميدي: محدث مكثر ومقرئ متقدم. قلت: إلى أبي عمرو المنتهى في إتقان القراءات، والقراء خاضعون لتصانيفه واثقون بنقله في القراءات والرسم والتجويد والوقف والابتداء وغير ذلك، وله مائة وعشرون مصنفًا.

روى عنه بالإجازة رجلان: أحمد بن محمد بن عبد الله الخولاني وأبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي حمزة، وقد استوفيت أخباره في تاريخ القراء وفي تاريخي الكبير، وكانت وفاته بدانية في نصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، رحمة الله عليه. وقع لنا القراءات من طريقه تلاوة وسماعًا.

1007- 6/14

السمان

الحافظ الكبير المتقن، أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين بن زنجويه الرازي.

سمع عبد الرحمن بن محمد بن فضالة وأبا طاهر المخلص وأحمد بن إبراهيم بن فراس المكي وعبد الرحمن بن أبي نصر الدمشقي وأبا محمد بن النحاس المصري وطبقتهم. روى عنه أبو بكر الخطيب وعبد العزيز الكتاني وابن أخيه طاهر بن الحسين وأبو علي الحداد وآخرون.

قال المطهر بن علي العلوي المرتضى: سمعت أبا سعد السمان إمام المعتزلة يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام. وقال الكتاني: كان السمان من الحفاظ الكبار زاهدًا عابدًا يذهب إلى الاعتزال. وقال أبو القاسم بن عساكر: سألت أبا منصور بن عبد الرحيم بن المظفر بالري عن وفاة أبي سعد السمان فقال: سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة؛ قال: وكان عدلي المذهب يعني معتزليًّا؛ قال: وكان له ثلاثة آلاف وستمائة شيخ، وصنف كتبًا كثيرة، ولم يتأهل قط. قلت: هذا العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولا يمكن.

قال عمر العليمي: وجدت على ظهر جزء: مات الزاهد أبو سعد السمان شيخ العدلية وعالمهم ومحدثهم في شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكان إمامًا بلا مدافعة في القراءات والحديث والرجال والفرائض والشروط عالمًا بفقه أبي حنيفة وبالخلاف بينه وبين الشافعي وعالمًا بفقه الزيدية وكان يذهب مذهب أبي هاشم الجبائي، دخل الشام والحجاز والمغرب وقرأ على ثلاثة آلاف شيخ. قال: وكان يقال في مدحه: إنه ما شاهد مثل نفسه وكان تاريخ الزمان وشيخ الإسلام. قلت: بل شيخ الاعتزال ومثل هذا عبرة فإنه مع براعته في علوم الدين ما تخلص بذلك من البدعة.

قرأت على عيسى بن أبي محمد والحسن بن علي وسليمان بن أبي عمر الحاكم أخبركم جعفر الهمذاني أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو علي المقرئ أنا أبو سعد الحافظ أنا كوهي بن الحسن نا محمد بن هارون الحضرمي نا محمد بن سهل بن عسكر نا عبد الرزاق قال: ما رأيت أحسن صلاة من ابن جريج أخذ عن عطاء وأخذ عطاء عن ابن الزبير وأخذ ابن الزبير عن أبي بكر الصديق وأخذها أبو بكر عن النبي ﷺ وأخذها النبي ﷺ عن جبرائيل " " وأخذها جبرائيل عن الله، عز وجل.

أخبرنا الحسن بن علي سنة أربع وتسعين أنا جعفر بن علي أنا أحمد بن محمد أنا علي بن الحسين بن محمد بن مردك بالري سنة إحدى وخمسمائة أنا إسماعيل بن علي الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس بمكة أنا إسماعيل بن العباس الوراق نا علي بن حرب نا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي قال: خير هذه الأمة بعد نبيها ﷺ أبو بكر، وعمر.

1008- 7/14

الخليلي

القاضي الحافظ الإمام أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني، مصنف كتاب "الإرشاد في معرفة المحدثين".

سمع من علي بن أحمد بن صالح القزويني ومحمد بن إسحاق الكسائي والقاسم بن علقمة وأبي حفص الكتاني ومحمد بن سليمان بن يزيد الفامي وأبي طاهر المخلص وأبي الحسين الخفاف وأبي عبد الله الحاكم، وأجاز له أبو بكر بن المقرئ وأبو حفص بن شاهين وعلي بن عبد الرحمن البكائي من الكوفة، وأبو أحمد الغطريفي من جرجان، وأبو عمرو بن حمدان من نيسابور.

حدث عنه أبو بكر بن لال أحد شيوخه وابنه أبو زيد واقد بن الخليل وإسماعيل بن ماكي القزويني وآخرون، وكان ثقة حافظًا عارفًا بكثير من علل الحديث ورجاله عالي الإسناد كبير القدر، ومن نظر في كتابه عرف جلالته؛ سمعت كتابه من ابن الخلال عن الهمداني عن السلفي عن ابن ماكي عنه، وله فيه أوهام جمة كأنه كتبه من حفظه، توفي في آخر سنة ست وأربعين وأربعمائة.

أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن أبي الحسن أنا أبو طاهر السلفي أنا إسماعيل بن عبد الجبار أنا أبو يعلى الخليلي نا أحمد بن محمد الزاهد نا عبد الملك بن عدي نا الحسن بن محمد بن الصباح نا الشافعي نا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي ﷺ صلى بهم صلاة الكسوف ركعتين، كل ركعتين بركوعين وسجودين. تفرد به الشافعي.

وبه إلى الخليلي قال: نا الحسن بن عبد الرزاق نا علي بن إبراهيم بن سلمة القزويني نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي حدثني سليمان بن داود الهاشمي نا الشافعي، بإسناده مثله.

وتوفي مع الخليلي الرئيس أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي عمرو بن أبي الفراتي بنيسابور، ومقرئ الشام أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي، والإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن التيمي الأصبهاني بن اللبان، ومقرئ الأندلس أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن سعد القرطبي، ومسند دمشق أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي.

1009- 8/14

الفلكي

الحافظ البارع أبو الفضل علي بن الحسين بن أحمد بن الحسن الهمذاني المشهور بالفلكي.

رحال حافظ بصير بالفن، حدث عن أبي الحسن بن رزقويه وأبي الحسين بن بشران والقاضي أبي بكر الحيري وأبي سعيد الصيرفي وطبقتهم.

قال ابن شيرويه في الطبقات: حدثنا عنه الحسني والميداني، وكان حافظًا متقنًا يحسن هذا الشأن جيدًا جيدًا، صنف كتاب الطبقات في الرجال فجاء في ألف جزء، ومات بنيسابور قديمًا وما متع بما جمع فسمعت حمزة بن أحمد يقول: سمعت شيخ الإسلام أبا إسماعيل الأنصاري يقول: ما رأت عيناي من البشر أحدًا أحفظ من ابن الفلكي وكان صوفيًّا. قلت: مات بنيسابور في شعبان سنة سبع وعشرين وقيل: سنة ثمان وعشرين وأربعمائة كهلًا وقد كان جده محتشمًا بارعًا في علم الفلك والحساب؛ ولذا قيل له: الفلكي.

1010- 9/14

أبو مسعود البجلي

الحافظ الجوال أحمد ابن المحدث الصالح محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان الرازي.

مولده بنيسابور في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وأمه من طبرستان وأقام مدة بجرجان، سمع أبا عمرو بن حمدان وحسينك بن علي التميمي وزاهر بن أحمد السرخسي ومحمد بن الفضل بن أبي بكر بن خزيمة وأبا النضر محمد بن أحمد بن سليمان الشرمغولي وأبا بكر محمد بن محمد بن أحمد الطرازي وأبا الحسين القنطري الخفاف وأبا محمد المخلدي وأبا بكر بن لال وأبا الحسن بن فراس المكي وأبا الحسين بن فارس اللغوي وخلائق.

وجمع وصنف في الأبواب، ثم عالج التجارة والسفر؛ حدث عنه يحيى بن الحسن بن شراعة وعبد الواحد بن أحمد الخطيب الهمذانيان وأبو الحسن علي بن محمد الجرجاني وطريف النيسابوري وإسماعيل بن عبد الغافر وعبد الرحمن بن محمد التاجر وآخرون. وثقه جماعة.

أخبرنا محمد بن قايماز الطحان وفاطمة بنت جوهر قالا: أنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك، زاد محمد: وأبو المنجا عبد الله بن عمر قالا: أنا أبو الفتوح محمد بن محمد الطائي أنا أبو عمرو الفضل بن أحمد بن متويه الزاهد أنا الحافظ أبو مسعود أحمد بن محمد البجلي أنا أبو علي زاهر بن أحمد أنا محمد بن وكيع الطوسي الفازي -بفاء وزاي قرية من قرى طوس- نا محمد بن أسلم نا محمد بن عبيد نا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه. مات ببخارى في المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة.

وفيها مات شيخ الأدب أبو العلاء بن سليمان المعري، وشيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني، وأبو الحسن علي بن خلف بن بطال القرطبي صاحب شرح البخاري، ومقرئ خراسان أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد النيسابوري الخبازي، وشيخ الرفض أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي.

1011- 10/14

هبة الله محمد بن علي

الحافظ أبو رجاء الشيرازي الكاتب.

سمع من الحسن بن أحمد بن الليث الحافظ محدث شيراز، وبأصبهان من علي بن ميلة الفرضي وأبي سعيد النقاش، وببغداد من أبي الحسين بن بشران وابن الفضل القطان وطائفة واستوطن مصر؛ قال الخطيب: كان ثقة بفهم، مات في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة، .

1012- 11/14

الزهراوي

الحافظ الإمام محدث الأندلس، أبو حفص عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي الزهراوي.

كتب بقرطبة وإشبيلية والزهراء عن عبد الوارث بن سفيان وأبي محمد بن أسد وأبي المطرف بن فطيس وأبي عبد الله بن أبي زمنين وعبد السلام بن السمح وسلمة بن سعيد، وكتب إليه بالإجازة أبو الحسن القابسي، وكان معنيًّا بالرواية؛ حدث عنه محمد بن غياث وأبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ وأبو علي الغساني وآخرون؛ وكان ثقة متقنًا متصاونًا قاله ابن مهدي، ويقال: إنه اختلط في آخر عمره.

قال أبو مروان الطبني: حدثني أبو حفص الزهراوي قال: شددت في البيت ثمانية أحمال كتب لأنقلها فلم يتم حتى انتهبها البربر. مات في صفر سنة أربع وخمسين وأربعمائة وعاش ثلاثًا وتسعين سنة.

وفيها مات القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قاضي مصر وصاحب الشهاب، والإمام القدوة أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار الرازي المقرئ الجوال، والمقرئ أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس النيسابوري وله أربعون حديثًا، ومسند الآفاق أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري ببغداد وكان آخر أصحاب القطيعي، ونحوي مصر أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ الجوهري.

1013- 12/14

ابن عبد البر

الإمام شيخ الإسلام حافظ المغرب، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي.

ولد سنة ثمان وستين وثلاثمائة في ربيع الآخر وطلب الحديث قبل مولد الخطيب بأعوام، حدث عن خلف بن القاسم وعبد الوارث بن سفيان وعبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ومحمد بن عبد الملك بن صيفون وعبد الله بن محمد بن أسد الجهني ويحيى بن وجه الجنة وأحمد بن فتح الرسان وسعيد بن نصر والحسين بن يعقوب البجاني وأبي عمر أحمد بن الحسور وعدة، وأجاز له من مصر المسند أبو الفتح بن سيبخت والحافظ عبد الغني، ومن مكة أبو القاسم عبيد الله بن السقطي، وساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان.

قال أبو الوليد الباجي: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر في الحديث. وقال ابن حزم: التمهيد لصاحبنا أبي عمر لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلا فكيف أحسن منه، وكتاب الاستذكار وهو اختصار التمهيد، وله تواليف لا مثل لها في جمع معانيها، منها الكافي على مذهب مالك خمسة عشر مجلدًا، ومنها كتاب الاستيعاب في الصحابة ليس لأحد مثله، ومنها كتاب جامع بيان العلم وفضله. قلت: وله كتاب الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو، وكتاب بهجة المجالس نوادر وشعر، وله كتاب التفصي لحديث الموطأ، وكتاب الإنباه عن قبائل الرواة، وكتاب الانتقاء لمذاهب الثلاثة العلماء: مالك وأبي حنيفة والشافعي، والبيان في تلاوة القرآن، والأجوبة الموعبة، وكتاب الكنى، وكتاب المغازي، وكتاب القصد والأمم في أنساب العرب والعجم، وكتاب الشواهد في إثبات خبر الواحد، وكتاب الإنصاف في أسماء الله تعالى، وكتاب الفرائض، وغير ذلك. قال ابن سكرة: سمعت أبا الوليد الباجي يقول: أبو عمر أحفظ أهل المغرب.

أنبأنا أبو محمد الجزائري أنا عثمان بن حسن بن دحية قراءة أنا أبو عبد الله بن زرقون سماعًا أنا موسى بن أبي تليد قراءة عليه "ح" قال ابن دحية: وأنا خلف بن بشكوال وابن الجد قالا: نا أبو محمد بن عتاب قالا: ثنا أبو عمر بن عبد البر بكتاب التفصي. وقال الغساني: سمعت ابن عبد البر يقول: لم يكن أحد ببلدنا مثل قاسم بن محمد وأحمد بن خالد الجباب، قال الغساني: ولم يكن ابن عبد البر بدونهما ولا متخلفًا عنهما، وكان من النمر بن قاسط طلب وتقدم ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه ولزم أبا الوليد بن الفرضي ودأب في طلب الحديث وافتنَّ به وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم النسب والأخبار، جلا عن وطنه فكان في الغرب مدة ثم تحول إلى شرق الأندلس فسكن دانية وبلنسية وشاطبة وبها توفي، وذكر غير واحد أن أبا عمر ولي قضاء أشبونة مدة. قلت: أعلى ما عنده كتاب الزعفراني سمعه من ابن صيفون أنا ابن الأعرابي عنه، وسنن أبي داود سمعه من ابن عبد المؤمن أنا ابن داسة عن المؤلف، وانتهى إليه مع إمامته علو الإسناد.

حدث عنه أبو العباس الدلائي وأبو محمد بن أبي قحافة وأبو الحسن بن مفوز وأبو علي الغساني وأبو عبد الله الحميدي وأبو بحر سفيان بن العاص ومحمد بن فتوح الأنصاري وأبو داود سليمان بن أبي القاسم المقرئ وآخرون. وكان دينًا صينًا ثقة حجة صاحب سنة واتباع، وكان أولًا ظاهريًّا أثريًّا ثم صار مالكيًّا مع ميل كثير إلى فقه الشافعي. قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي، رحمة الله عليه.

قال أبو داود المقرئ: مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة، واستكمل خمسًا وتسعين سنة وخمسة أعوام.

قلت: وفيها مات الخطيب ببغداد، ومسند نيسابور أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري عن تسع وثمانين سنة، والرئيس الكبير أبو علي حسان بن سعيد المخزومي المتيعي المروروذي، ومسند مرو أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي الهروي، ومسند بغداد أبو الغنائم محمد بن علي بن علي بن الدجاجي، والمعمر أبو بكر بن أبي الهيثم عبد الصمد المروزي عن ست وتسعين سنة وهو آخر أصحاب أبي سعيد بن عبد الوهاب الرازي، والمسند أبو علي محمد بن وشاح مولى أبي تمام الزينبي، رافضي معتزلي عنده عوالٍ.

كتب إلينا أبو المجد عبد الرحمن بن عمر العقيلي الحاكم أنا عمر بن علي بن قسام الحنفي بحلب أنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري أنا أبو الحسن بن موهب أنا يوسف بن عبد الله النمري الحافظ أنا خلف بن القاسم نا الحسن بن رشيق أنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس أنا محمد بن عبد الأعلى ثنا سلمة بن رجاء عن الوليد بن جميل عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله، ﷺ: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الخير". هذا حديث غريب والوليد صاحب مناكير.

قرأت على أبي الحسين الحافظ أخبركم علي بن سلامة أنا أبو القاسم الرعيني أنا ابن هذيل نا أبو داود أنا أبو عمر بن عبد البر أنا سعيد بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن وضاح نا يحيى بن يحيى نا مالك عن يحيى بن سعيد أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده قال: بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.

1014- 13/14

البيهقي

الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي البيهقي، صاحب التصانيف.

ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة في شعبان، وسمع أبا الحسن محمد بن الحسين العلوي وأبا عبد الله الحاكم وأبا طاهر بن محمش وأبا بكر بن فورك وأبا علي الروذباري وعبد الله بن يوسف بن بانويه وأبا عبد الرحمن السلمي وخلقًا بخراسان، وهلال بن محمد الحفار وأبا الحسين بن بشران وابن يعقوب الإيادي وعدة ببغداد، والحسن بن أحمد بن فراس وطائفة بمكة، وجناح بن نذير وجماعة بالكوفة، ولم يكن عنده سنن النسائي ولا جامع الترمذي ولا سنن ابن ماجه، بل كان عنده الحاكم فأكثر عنه وعنده عوالٍ ومسانيد وبُورك له في علمه لحسن قصده وقوة فهمه وحفظه.

وعمل كتبًا لم يسبق إلى تحريرها؛ منها الأسماء والصفات وهو مجلدان، والسنن الكبير عشر مجلدات، والسنن والآثار أربع مجلدات، وشعب الإيمان مجلدان، ودلائل النبوة ثلاث مجلدات، والسنن الصغير مجلدان، والزهد مجلد، والبعث مجلد، والمعتقد مجلد، والآداب مجلد، ونصوص الشافعي ثلاث مجلدات، والمدخل مجلد، والدعوات مجلد، والترغيب والترهيب مجلد، وكتاب الخلافيات مجلدان، والأربعون الكبرى، والأربعون الصغرى، وجزء في الرؤية ومناقب الشافعي مجلد، ومناقب أحمد مجلد، وكتاب الأسرى، وكتب عديدة لا أذكرها.

قال عبد الغافر في تاريخه: كان البيهقي على سيرة العلماء قانعا باليسير متجملا في زهده وورعه. وعن إمام الحرمين أبي المعالي قال: ما من شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي، فإن له المنة على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه.

قال أبو الحسن عبد الغافر في ذيل تاريخ نيسابور: أبو بكر البيهقي الفقيه الحافظ الأصولي الدين الوَرِع واحد زمانه في الحفظ وفرد أقرانه في الإتقان والضبط من كبار أصحاب الحاكم ويزيد عليه بأنواع من العلوم. كتب الحديث وحفظه من صباه وتفقه وبرع وأخذ في الأصول وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز ثم صنف، وتواليفه تُقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه وبيان علل الحديث ووجه الجمع بين الأحاديث، طلب منه الأئمة الانتقال من الناحية إلى نيسابور لسماع الكتب، فأتى في سنة إحدى وأربعين وعقدوا له المجلس لسماع كتاب المعرفة وحضره الأئمة، وكان على سيرة العلماء قانعًا باليسير. وقال شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن البيهقي: نا أبي قال: حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب -يعني كتاب معرفة السنن والآثار- وفرغت من تهذيب أجزاء منه، سمعت الفقيه محمد بن أحمد وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة يقول: رأيت الشافعي في النوم وبيده جزء من هذا الكتاب وهو يقول: قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء أو قال: قرأتها ورآه يعيد ذلك. قال: وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني الشافعي قاعدًا في الجامع على سرير وهو يقول: استفدت اليوم من كتاب الفقيه حديث كذا وكذا؛ وأخبرنا والدي، سمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول: سمعت الفقيه محمد بن عبد العزيز المروزي يقول: رأيت في المنام كأنّ تابوتًا علا في السماء يعلوه نور فقلت: ما هذا؟ قال: هذه تصنيفات أحمد البيهقي. ثم قال شيخ القضاة: وسمعت الحكايات الثلاث من الثلاثة المذكورين.

أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد أنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن أنا محمد بن إسماعيل الفارسي أنا أبو بكر البيهقي أنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد أنا أبو بكر بن حجة نا أبو الوليد نا عمرو بن العلاء اليشكري عن صالح بن سرج عن عمران بن حطان عن عائشة قالت: قال رسول الله، ﷺ: "يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقضِ بين اثنين في تمرة قط".

قلت: حضر في أواخر عمره من بيهق إلى نيسابور، وحدث بكتبه، ثم حضره الأجل في عاشر جمادى الأولى من سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، فنقل في تابوت فدفن ببيهق، هي ناحية من أعمال نيسابور على يومين منها، وخُسروجِرد هي أم تلك الناحية.

حدث عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري بالإجازة وأبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد وولده إسماعيل بن أحمد وأبو عبد الله الفراوي وأبو القاسم الشحامي وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي وعبد الجبار بن عبد الوهاب الدهان وعبد الجبار بن محمد الخواري وأخوه عبد الحميد بن محمد وخلق كثير.

وفيها مات معه المسند أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمة الأصبهاني صاحب ابن المقرئ وفقيه العراق القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي وقد قارب الثمانين، والعارف فرج الزنجاني ويلقب بأخي، وصاحب المحكم أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي الضرير، فابن عبد البر والخطيب والبيهقي وابن ماكولا هم الطبقة العاشرة الأخيرة من كتاب الطبقات لابن المفضل، بدأ الأربعين بالزهري وختم بابن ماكولا.

1015- 14/14

الخطيب

الحافظ الكبير الإمام محدث الشام والعراق أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي، صاحب التصانيف.

ولد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وكان والده خطيب قرية درزيجان من سواد العراق ممن سمع وقرأ القرآن على الكتاني فحرص على ولده هذا وأسمعه في الصغر سنة ثلاث وأربعمائة ثم ألهم طلب هذا الشأن ورحل فيه إلى الأقاليم وبرع وصنف وجمع وسارت بتصانيفه الركبان وتقدم في عامة فنون الحديث.

سمع أبا الحسن بن الصلت الأهوازي وأبا عمر بن مهدي وأبا الحسين بن المتيم والحسين بن الحسن الجواليقي وابن رزقويه وابن أبي الفوارس وهلالًا الحفار وإبراهيم بن مخلد الباخرجي والموجودين ببغداد. وارتحل سنة اثنتي عشرة إلى البصرة فسمع أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي راوية السنن وعلي بن القاسم الشاهد والحسن بن علي النيسابوري وسمع بنيسابور أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج والقاضي أبا بكر الحيري وطبقتهما. وسمع بأصبهان أبا الحسن بن عبدكويه ومحمد بن عبد الله بن شهريار وأبا نعيم الحافظ وطبقتهم، وسمع بالدينور أبا نصر الكسار وطائفة، وبهمذان محمد بن عيسى وطائفة، وبالكوفة والري والحرمين ودمشق والقدس وصُور وغير ذلك، وكان مجيئه إلى دمشق سنة خمس وأربعين وأربعمائة ثم حج ثم قدم الشام سنة إحدى وخمسين فسكنها إحدى عشرة سنة.

روى عنه البرقاني شيخه وأبو الفضل بن خيرون والفقيه نصر المقدسي وأبو عبد الله الحميدي وعبد العزيز الكتاني وأبو نصر بن ماكولا، وعبد الله بن أحمد السمرقندي والمبارك ابن الطيوري ومحمد بن مرزوق الزعفراني وأبو بكر بن الخاضبة وأبي النرسي وأبو القاسم النسيب وهبة الله بن الأكفاني وعلي بن أحمد بن قيس الغساني ومحمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي وأبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي وعبد الكريم بن حمزة وطاهر بن سهل الأسفراييني وهبة الله بن عبد الله الشروطي وأبو السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي وعبد الرحمن بن محمد الشيباني القزاز، وأبو منصور بن خيرون المقرئ ويوسف بن أيوب الهمذاني نزيل مصر، وخلق يطول عدهم، وكان من كبار الشافعية، تفقه بأبي الحسن بن المحاملي، وبالقاضي أبي الطيب.

وقال: أول ما سمعت في المحرم سنة ثلاث واستشرت البرقاني في الرحلة إلى عبد الرحمن بن النحاس بمصر أو أخرج إلى نيسابور فقال: إن خرجت إلى مصر إنما تخرج إلى رجل واحد فإن فاتك ضاعت رحلتك، وإن خرجت إلى نيسابور ففيها جماعة، فخرجت إلى نيسابور وكنت كثيرًا أذاكر البرقاني بالأحاديث فيكتبها عني ويضمنها جموعه وحدث عني وأنا أسمع.

قال ابن ماكولا: كان أبو بكر الخطيب آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة وحفظًا وإتقانًا وضبطًا لحديث رسول الله ﷺ وتفننًا في علله وأسانيده وعلمًا بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحه. ثم قال: ولم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثله، وسألت الصوري عن الخطيب وأبي نصر السجزي ففضل الخطيب تفضيلًا بينًا. وقال مؤتمن الساجي: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني مثل الخطيب. وقال أبو علي البرداني: لعل الخطيب لم ير مثل نفسه. وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه: أبو بكر الخطيب يشبه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه.

قال أبو سعد السمعاني: كان الخطيب مهيبًا وقورًا ثقة متحببًا حجة حسن الخط كثير الضبط فصيحًا ختم به الحفاظ. قال: وقرأ بمكة على كريمة الصحيح في خمسة أيام، وخرج من بغداد بعد فتنة البساسيري لتشوش الحال إلى الشام، سمعت الخطيب مسعود بن محمد بمرو قال: سمعت الفضل بن عمر النسوي يقول: كنت بجامع صور عند الخطيب فدخل عليه علوي وفي كمه دنانير فقال: هذا الذهب تصرفه في مهماتك؛ فقطب وقال: لا حاجة لي فيه، فقال: كأنك تستقله ونفض كمه على سجادة الخطيب وقال: هي ثلاثمائة دينار، فخجل الخطيب وقام وأخذ سجادته وراح. فما أنسى عز خروجه وذل العلوي وهو يجمع الدنانير.

قال أبو زكريا التبريزي: كنت أقرأ على الخطيب بحلقته بجامع دمشق كتب الأدب المسموعة له وكنت أسكن منارة الجامع فصعد إليّ وقال: أحببت أن أزورك فتحدثنا ساعة ثم أخرج ورقة وقال: الهدية مستحبة اشترِ بهذه أقلامًا وقام فإذا خمسة دنانير؛ ثم صعد نوبة أخرى ووضع نحوًا من ذلك، وكان إذا قرأ الحديث يسمع صوته في آخر الجامع، كان يقرأ معربًا صحيحًا.

قال السمعاني: سمعت من ستة عشر من أصحابه سمعوا منه ببغداد سوى نصر الله المصيصي فسماعه منه بدمشق، وسوى يحيى بن علي الخطيب فسماعه منه بالأنبار، أبو محمد بن الآبنوسي: سمعت الخطيب يقول: كل من ذكرت فيه أقاويل الناس من جرح وتعديل فالتعويل على ما أخرت. قال ابن شافع: خرج الخطيب فقصد صور وبها عز الدولة أحد الأجواد وتقرب منه فانتفع به وأعطاه مالًا كثيرًا، انتهى إليه الحفظ والإتقان والقيام بعلوم الحديث.

قال ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحدث عن أبي الفضل بن خيرون أو غيره أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ثلاث حاجات أخذًا بالحديث: "ماء زمزم لما شرب له" فالحاجة الأولى أن يحدث بتاريخ بغداد بها، الثانية أن يملي الحديث بجامع المنصور، الثالثة أن يدفن عند بشر الحافي؛ فقضى الله له ذلك. قال غيث الأرمنازي: نا أبو الفرج الأسفراييني قال: كان الخطيب معنا في الحج فكان يختم كل يوم قريب الغياب قراءة ترتيل ثم يجتمع عليه الناس وهو راكب فيقولون: حدثنا، فيحدث. وقال عبد المحسن الشيحي: عادلت الخطيب من دمشق إلى بغداد فكان له في كل يوم وليلة ختمة.

قال السمعاني: له ستة وخمسون مصنفًا؛ التاريخ، الجامع، الكفاية، السابق واللاحق، شرف أصحاب الحديث مجيليد، المتفق والمفترق مجلد كبير، تلخيص المتشابه مجلد كبير، تالي التلخيص في أجزاء، الفصل والوصل مجلد، المكمل في المهمل مجلد، الموضح مجلد، التطفيل مجيليد، الأسماء المهمة مجلد، الفقيه والمتفقه مجلد، الرواة عن مالك مجلد، تمييز متصل الأسانيد مجلد، البخلاء مجيليد، الفنون مجيليد، كتاب البسملة وأنها من الفاتحة جزء، الجهر بها جزءان، غنية المقتبس في تمييز الملتبس مجلد، من وافقت كنيته اسم أبيه ثلاثة أجزاء، من حدث ونسي جزء، الحيل ثلاثة أجزاء، الأسماء المبهمة جزء، رواية الأبناء عن آبائهم جزء، المؤتنف لتكملة المؤتلف والمختلف، الرحلة جزء، اقتضاء العلم جزء، الاحتجاج بالشافعي جزء، مبهم المراسيل مجلد، مقلوب الأسماء مجلد، العمل بشاهد ويمين جزء، أسماء المدلسين أربعة أجزاء، تقييد العلم ثلاثة أجزاء، القول في النجوم جزء، ما روى الصحابة عن التابعين جزء، صلاة التسبيح جزء، صوم يوم الشك جزء، إجازة المجهول جزء.

قلت: ومعجم الرواة عن شعبة مجلد، المؤتلف والمختلف مجلد كبير، مسند محمد بن سوقة أربعة أجزاء، المسلسلات ثلاثة أجزاء، الرباعيات ثلاثة أجزاء، طرق قبض العلم ثلاثة أجزاء، غسل الجمعة ثلاثة أجزاء، وغير ذلك.

أنشدني أبو الحسين اليونيني أنشدنا أبو الفضل الهمداني أنشدنا السلفي لنفسه، وقد رواها السمعاني في الذيل عن يحيى بن سعدون عن السلفي قال:

تصانيف ابن ثابت الخطيب ألذ من الصبي الغض الرطيب

يراها إذ رواها من حولها رياضا للفتى اليقظ اللبيب

ويأخذ حسن ما قد ضاع منها بقلب الحافظ الفطن الأريب

فأية راحة ونعيم عيش توازي كتبها بل أي طيب

قال أبو الحسن الهمذاني: مات هذا العلم بوفاة الخطيب، وقد كان رئيس الرؤساء تقدم إلى الوعاظ والخطباء ألا يرووا حديًثا حتى يعرضوه على أبي بكر، وأظهر بعض إليهود كتابًا بإسقاط النبي ﷺ الجزية عن الخيابرة وفيه شهادة الصحابة، فعرضه الوزير على أبي بكر فقال: هذا مزوّر، قيل: من أين قلت هذا؟ قال: فيه شهادة معاوية، وهو أسلم عام الفتح بعد خيبر، وفيه شهادة سعد بن معاذ ومات قبل خيبر بسنين.

قال شجاع الذهلي: والخطيب إمام مصنف حافظ لم يدرك مثله.

قال سعيد المؤدب: قلت للخطيب عند لقائي له: أنت الحافظ أبو بكر؟ فقال: أنا أحمد بن علي الخطيب، انتهى الحفظ إلى الدارقطني. قال ابن الآبنوسي: كان الخطيب يمشي وفي يده جزء يطالعه؛ وقيل: كان الخطيب يقول: من صنف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس. قال ابن طاهر في المنثور: أخبرنا مكي الرميلي قال: كان سبب خروج الخطيب من دمشق أنه كان يختلف إليه صبي مليح فتكلم فيه الناس وكان أمير البلد رافضيًّا متعصبًا فجعل ذلك سببًا للفتك بالخطيب، فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب بالليل ويقتله وكان سنيًّا، فقصده تلك الليلة في جماعته فأخذه وقال له بما أمر به ثم قال: لا أجد لك حيلة إلا أنك تفر منا وتهجم دار الشريف بن أبي الحسن العلوي وأنا لا أطلبك وأرجع إلى الأمير فأخبره، ففعل ذلك، فأرسل الأمير إلى الشريف أن يبعث به فقال له: أيها الأمير أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله، وليس في قتله مصلحة وهو مشهور بالعراق، إن قتلته قتل به جماعة من الشيعة وخربت المشاهد، قال: فماذا ترى؟ قال: أرى أن تخرجه من بلدك؛ فأمر بإخراجه فذهب إلى صور واقام بها مدة.

وقال ابن السمعاني: خرج من دمشق في صفر سنة سبع وخمسين فقصد صور وكان يزور منها القدس ويعود، إلى أن سافر إلى العراق سنة اثنتين وستين وذهب إلى طرابلس ثم إلى حلب وبقي بها أيامًا. وقال المؤتمن الساجي: تحاملت الحنابلة على الخطيب حتى مال إلى ما مال إليه. وقال ابن عساكر: سعى بالخطيب حسين الدمنشي إلى أمير الجيوش وقال: هو ناصبي يروي فضائل الصحابة والعباس في جامع دمشق. وقيل: إن الخطيب قدم بغداد وظهر بجزء فيه سماع القائم بأمر الله فأتى دار الخلافة يستأذن في قراءة الجزء، فقال الخليفة: هذا رجل كبير وليس غرضه السماع فانظروا هل له حاجة؟ فسألوه ما حاجته؟ قال: أن يؤذن لي في أن أملي بجامع المنصور، وذكر القصة. قال ابن طاهر: سألت هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي: هل كان الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ قال: لا، كنا إذا سألنا عن شيء أجابنا بعد أيام وإن ألححنا عليه غضب، كانت له بادرة وحشة.

أخبرنا أبو علي بن الخلال أنا جعفر أنا أبو طاهر الحافظ نا محمد بن مرزوق الزعفراني نا الحافظ أبو بكر الخطيب قال: أما الكلام في الصفات فإن ما روي منها في السنن الصحاح مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والفصل إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين، ودين الله بين الغالي فيه والمقصر عنه، والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله، وإذا كان معلوم أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فإذا قلنا: لله يد وسمع وبصر فإنما هي صفات أثبتها الله تعالى لنفسه، ولا نقول: إن معنى اليد القدرة ولا إن معنى السمع والبصر العلم ولا نقول: إنها جوارح ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ونقول: إنما وجب إثباتها؛ لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.

وقال ابن النجار في ترجمة الخطيب: نشأ ببغداد وقرأ القرآن بالروايات وتفقه وعلق شيئًا من الخلاف، وآخر من حدث عنه بالسماع محمد بن عمر الأرموي القاضي. قلت: وآخر من حدث عنه بالإجازة مسعود بن الحسن الثقفي الذي انفردت بإجازته عجيبة بنت الباقِداري، ثم طعن أبو موسى المديني في نقل إجازة الخطيب لمسعود فتورع الرجل عنها.

قال أبو منصور علي بن علي الأمير: كتب الخطيب إلى القائم: إني إذا مت يكون مالي لبيت المال فليؤذن لي حتى أفرقه على من شئت، فأذن له ففرقها على المحدثين. قال ابن ناصر: حدثتني أمي أن أبي حدثها قال: دخلت على الخطيب في مرضه فقلت له يومًا: يا سيدي إن ابن خيرون لم يعطني من الذهب شيئًا الذي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث؛ فرفع الخطيب رأسه من المخدة وقال: خذ هذه بارك الله لك فيها، فكان فيها أربعون دينارًا.

وقال مكي الرميلي: مرض الخطيب في رمضان من سنة ثلاث وستين في نصفه إلى أن اشتد به الحال في أول ذي الحجة، ومات يوم سابعه وأوصى إلى أبي الفضل بن خيرون ووقف كتبه على يده وفرق ماله في وجوه البر وشيعه القضاة والخلق، وأمهم أبو الحسين بن المهتدي بالله ودفن بجنب بشر الحافي. قال ابن خيرون: دفن بباب حرب وتصدق بماله وهو مائتا دينار وأوصى بأن يتصدق بثيابه وكان بين يدي جنازته جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عن رسول الله، ﷺ، هذا الذي كان ينفي الكذب على رسول الله، ﷺ، هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله، ﷺ، وختم على قبره عدة ختمات.

وقال عبد العزيز الكتاني: ورد كتاب جماعة أن الحافظ أبا بكر مات في سابع ذي الحجة، وكان أبو إسحاق الشيرازي ممن حمل جنازته، قال إسماعيل بن أبي سعد الصوفي: كان أبو بكر بن زهراء الصوفي برباطنا قد أعد لنفسه قبرًا إلى جانب قبر بشر الحافي وكان يمضي إليه في كل أسبوع وينام فيه ويقرأ فيه القرآن كله، فلما مات الخطيب وكان أوصى أن يدفن إلى جنب بشر الحافي فجاء المحدثون إلى ابن زهراء، وسألوه أن يدفنوا الخطيب في قبره وأن يؤثره به فامتنع فجاءوا إلى أبي فأحضره وقال: أنا لا أقول لك أعطهم القبر، ولكن لو أن بشرًا الحافي في الأحياء وأنت إلى جانبه فجاء أبو بكر الخطيب ليقعد دونك أكان يحسن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أقوم وأجلسه؛ قال: فهكذا ينبغي أن يكون الساعة، فطاب قلبه وأذن لهم. قال علي بن الحسين بن جدا: رأيت بعد موت الخطيب كأن شخصًا قائمًا بحذائي فأردت أن أسأله عن الخطيب فقال لي ابتداء: انزل وسط الجنة حيث يتعارف الأبرار.

قال غيث الأرمنازي: قال مكي الرميلي: كنت ببغداد نائمًا في ليلة ثاني عشر في ربيع الأول سنة ثلاث وستين، فرأيت كأنا عند الخطيب لقراءة تاريخه على العادة والشيخ نصر بن إبراهيم المقدسي عن يمينه وعن يمين نصر رجل سألت عنه فقيل: هذا رسول الله ﷺ جاء ليسمع التاريخ، فقلت في نفسي: هذه جلالة لأبي بكر. قال غيث: أنشدنا الخطيب لنفسه:

إن كنت تبغي الرشاد محضًا لأمر دنياك والمعاد

فخالف النفس في هواها إن الهوى جامع الفساد

أخبرنا المسلم بن محمد ومؤمل بن محمد ويوسف الشيباني في كتابهم قالوا: أنا أبو اليمن الكندي أنا أبو منصور الشيباني أنا أبو بكر الحافظ أنا أحمد بن محمد بن أحمد الأهوازي أنا محمد بن جعفر المطيري نا الحسن بن عرفة نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن عبيد الله بن عمر عن أسامة بن زيد عن عراك بن مالك عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا أن في الرقيق صدقة الفطر".

1016- 15/14

ابن حزم

الإمام العلامة الحافظ الفقيه المجتهد، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد مولى يزيد بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الفارسي الأصل الأموي اليزيدي القرطبي الظاهري صاحب التصانيف.

كان جدهم خلف أول من دخل إلى الأندلس، ولد أبو محمد بقرطبة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وسمع من أبي عمر أحمد بن الحسور ويحيى بن مسعود بن وجه الجنة ويوسف بن عبد الله القاضي وحمام بن أحمد القاضي ومحمد بن سعيد بن نبات وعبد الله بن ربيع التميمي وعبد الله بن محمد بن عثمان وأبي عمر الطلمنكي وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد وعبد الله بن يوسف بن نامي وخلق سواهم.

روى عنه أبو عبد الله الحميدي فأكثر وابنه أبو رافع الفضل وطائفة، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن شريح بن محمد، وأول سماعه في سنة أربعمائة. وكان إليه المنتهى في الذكاء والحفظ وسعة الدائرة في العلوم، وكان شافعيًَّا ثم انتقل إلى القول بالظاهر ونفى القول بالقياس وتمسك بالعموم والبراءة الأصلية، وكان صاحب فنون فيه دين وتورع وتزهد وتحرّ للصدق، وكان أبوه وزيرًا جليلًا محتشمًا كبير الشأن.

وكان لأبي محمد كتب عظيمة لا سيما كتب الحديث والفقه وقد صنف كتابًا كبيرًا في فقه الحديث سماه: الإيصال إلى فهم كتاب الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام والحلال والحرام والسنة والإجماع، أورد فيه أقوال الصحابة فمن بعدهم والحجة لكل قول، وهو كبير جدًّا. وله كتاب الإحكام في أصول الأحكام مجلدان، وكتاب المحلى في الفقه على مذهبه واجتهاده مجلد، وشرحه هو المحلى في ثماني مجلدات، وكتاب الفصل في الملل والنحل ثلاث مجلدات، وكتاب إظهار تبديل اليهود والنصارى للكتابين التوراة والإنجيل، وكتاب التقريب لحد المنطق ولا مدخل إليه بألفاظ أهل العلم لا بألفاظ أهل الفلسفة ومثله بالأمثلة الفقهية. أخذ المنطق عن محمد بن الحسن المذحجي وأمعن فيه، فبقي فيه قسط من نحلة الحكماء.

قال أبو حامد الغزالي: وجدت في أسماء الله تعالى كتابًا ألفه أبو محمد بن حزم يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه. وقال صاعد بن أحمد: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان، ووفور حظه من البلاغة والشعر، ومعرفته بالسنن والآثار والأخبار، أخبرني ولده الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربعمائة مجلد تحتوي على نحو من ثمانين ألف ورقة. قال الحميدي: كان أبو محمد حافظًا للحديث وفقهه، مستنبطًا للأحكام من الكتاب والسنة، متفننًا في علوم جمة، عاملًا بعلمه ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين، وكان له في الأدب والشعر نفس واسع وباع طويل، ما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه، وشعره كثير جمعته على حروف المعجم.

قال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر أحمد من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر ثم وزر للمظفر بن المنصور ووزر أبو محمد للمستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام ثم نبذ الوزارة وأقبل على العلم وبرع في المنطق ثم أعرض عنه وأقبل على علوم الإسلام فنال ما لم ينله أحد. وقال أليسع بن حزم الغافقي: أما محفوظ أبي محمد فبحر عجاج وماء ثجاج يخرج من بحره مرجان الحكم وينبت بثجاجه ألفاف النعم في رياض الهمم، لقد حفظ علوم المسلمين وأربى على أهل كل دين، وألف الملل والنحل، كان أولا يلبس الحرير، ولا يرضى من المكانة إلا بالسرير، مدح المعتمد فأجاد وقصد بلنسية وبها المظفر أحد الأطواد، حدثني عنه عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي ببلنسية وهو يدرس المذهب إذا بأبي محمد بن حزم يسمعنا ويتعجب ثم سأل الحاضرين عن شيء من الفقه جووب عليه فاعترض فيه فقال له بعض الحضار: هذا العلم ليس من منتحلاتك، فقام وقعد ودخل منزله فعكف، ووكف منه وابل فما كف، وما كان بعد أشهر قريبة حتى قصدنا إلى ذلك الموضع فناظر أحسن مناظرة قال فيها: أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب.

قال القاضي أبو بكر بن العربي، وقد حط في كتاب القواصم والعواصم على الظاهرية: هي أمة سخيفة تسورت على مرتبة ليست لها وتكلمت بكلام لم تفهمه تلقفوه من إخوانهم الخوارج حيث تقول: لا حكم إلا لله، وكان أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلما عدت وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي ثم انتسب إلى داود ثم خلع الكل واستقل بنفسه وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع ويحكم ويشرع ينسب إلى دين الله ما ليس فيه ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرًا للقلوب عنهم وخرج عن طريق المشبهة في ذات الله تعالى وصفاته فجاء فيه بطوام واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل فإذا طالبهم بالدليل كاعوا فيتضاحك مع أصحابه منهم وعضدته الرياسة بما كان عنده من أدب ونسبة كان يوردها على الملوك فكانوا يحملونه ويحمونه لما كان يلقى إليهم في شبه البدع والشرك وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتى منهم طافحة ونار ضلالهم لائحة فقاسيتهم مع غير أقران وفي عدم أنصار إلى حسان "؟" يطئون عقبي، تارة تذهب لهم نفسي، وأخرى تنكسر لهم ضرسي، وأنا ما بين إعراض عنهم وتشغيب بهم وقد جاءني رجل بجزء لابن حزم سماه نكت الإسلام، فيه دواهٍ، فجردت عليه نواهي، وجاء آخر برسالة في الاعتقاد فنقضتها برسالة الغرة، والأمر أفحش من أن ينقض، يقولون: لا قول إلا ما قال الله ولا نتبع إلا رسول الله، فإن الله لم يأمر بالاقتداء بأحد ولا بالاهتداء بهدي بشر، فيجب أن يتحققوا أنهم ليس لهم دليل، وإنما هي سخافة وتهويل.

قال كاتبه: صدق القائل: لا تنهَ عن خلق وتأتي مثله، ثم قال: فأوصيكم بوصيتين ألا تستدلوا عليهم وطالبوهم بالدليل، فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب، وإذا طالبته بالدليل لم يجد إليه سبيلا.

فأما قولهم: لا قول إلا ما قال الله، فحق ولكن أرني ما قال الله. وأما قولهم: لا حكم إلا لله، فغير مسلم على الإطلاق بل من حكم الله أن يجعل الحكم لغيره مما قاله وأخبر به، فصح أن رسول الله ﷺ قال: "وإذا حاصرت أهل حصن فلا تُنزلهم على حكم الله، فإنك لا تدري ما حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك". وصح قوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء..." الحديث.

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم والمغني للشيخ الموفق. قال أبو الخطاب بن دحية: كان ابن حزم قد برص من أكل اللبان وأصابه زمانة وعاش اثنتين وسبعين سنة إلا أشهرًا.

قال أبو محمد عبد الله بن محمد بن العربي: أخبرني ابن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة فدخل المسجد فجلس ولم يركع، فقال له رجل: قم فصلِّ تحية المسجد، وكان ابن ست وعشرين سنة؛ قال: فقمت وركعت فلما رجعنا من الجنازة جئت المسجد فبادرت بالتحية فقال لي: اجلس ليس ذا وقت صلاة، يعني بعد العصر، فانصرفت حزينًا وقلت للأستاذ الذي رباني: دلني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون، فقصدته وأعلمته بما جرى عليَّ فدلني على الموطأ فبدأت عليه قراءة، ثم تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره ثلاثة أعوام وبدأت بالمناظرة.

ثم قال ابن العربي: صحبت ابن حزم سبعة أعوام وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب الفصل وقرأنا عليه من كتاب الإيصال سبع مجلدات في سنة ست وخمسين وهو أربعة وعشرون مجلدًا. قال أبو مروان بن حيان: كان ابن حزم حامل فنون، من حديث وفقه وجدل ونسب وما يتعلق بأذيال الأدب مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة، من المنطق والفلسفة، وله كتب كثيرة لم يخل فيها من غلط لجرأته في التسور على الفنون لا سيما المنطق، فإنهم زعموا أنه زل هنالك وضل في سلوك المسالك وخالف أرسطو واضعه مخالفة من لم يفهم غرضه، ولا ارتاض ومال أولًا في النظر إلى الشافعي، وناضل عنه حتى وسم به فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء وعيب بالشذوذ، ثم عدل إلى الظاهر فنقحه وجادل عنه ولم يكن يلطف صدعه بما عنده بتعريض ولا بتدريج، بل يصك به معارضه صك الجندل، وينشقه إنشاق الخردل، فينفر عنه القلوب، ويقع به الندوب، حتى استهدف إلى فقهاء وقته فتمالئوا عليه وأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه وحذروا سلاطينهم من فتنه، ونهوا عوامهم عن الدنو منه فطفق الملوك يقصونه ويسيرونه عن بلادهم إلى أن انتهوا به منقطع أثره وهي بلدة من بادية لبلة وهو في ذلك غير مرتدع ولا راجع، يبث علمه لمن ينتابه من بادية بلده من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون فيه الملامة، يسمعهم ويفقههم ويدارسهم. كمل من مصنفاته وقر بعير لم يجاوز أكثرها عتبة باديته لزهد الفقهاء فيها حتى لأحرق بعضها بإشبيلية ومزقت علانية وأكثر معايبه زعموا عند المنصف له جهله بسياسة العلم التي هي أعوص إيعابه وتخلفه عن ذلك على قوة سبحه في غماره، وعلى ذلك فلم يكن بالسليم من اضطراب رائه ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه إلى أن يحرك بالسؤال فيفجر منه بحر علم لا تكدره الدلاء.

قلت: هذا القائل منصف فأين كلامه من كلام أبي بكر بن العربي وهضمه لمعارف ابن حزم؟

وقال ابن حيان: وكان مما يزيد في شنآنه تشيعه لأمراء بني أمية ماضيهم وباقيهم واعتقاده بصحة إمامتهم حتى نسب إلى النصب، إلى أن قال: ومن تواليفه كتاب الصادع في الرد على من قال بالتقليد، وكتاب شرح أحاديث الموطأ، وكتاب الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد، وكتاب التلخيص والتخليص في المسائل النظرية، وكتاب منتقى الإجماع، وكتاب كشف الالتباس لما بين الظاهرية وأصحاب القياس.

قلت: وله السيرة النبوية في مجلد، وتصانيفه كثيرة فمنها أنه قال: صنفت كتابًا فيما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي جمهور العلماء وما انفرد به كل واحد، ولم يسبق إلى ما قاله. ذكر اسم هذا الكتاب هو في أثناء الفرائض من المحلى، ولا ريب أن الأئمة الكبار تقع لهم مسائل ينفرد المجتهد بها ولا يعلم أحد سبقه إلى القول بتلك المسألة، قد تمسك فيها بعموم أو بقياس أو بحديث صحيح عنده، والله أعلم.

وقد ذكر لابن حزم قول من يقول: أجل المصنفات الموطأ؛ فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم الصحيحان، وصحيح سعيد بن السكن، والمنتقى لابن الجارود، والمنتقى لقاسم بن أصبغ. ثم بعد هذه الكتب كتاب أبي داود، وكتاب النسائي، ومصنف قاسم بن أصبغ، ومصنف الطحاوي، ومسند البزار، ومسند ابن أبي شيبة، ومسند أحمد بن حنبل، ومسند ابن راهويه، ومسند الطيالسي، ومسند الحسن بن سفيان، ومسند سنجر، ومسند عبد الله بن محمد المسندي، ومسند يعقوب بن شيبة، ومسند علي بن المديني، ومسند ابن أبي غرزة، وما جرى مجرى هذه الكتب التي أفردت لكلام رسول الله ﷺ صرفًا. ثم بعدها التي فيها كلامه وكلام غيره، مثل مصنف عبد الرزاق، ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة، ومصنف بقي بن مخلد، وكتاب محمد بن نصر المروزي، وكتاب أبي بكر بن المنذر الأكبر والأصغر. ثم مصنف حماد بن سلمة، ومصنف سعيد بن منصور، ومصنف وكيع، ومصنف الفريابي، وموطأ مالك بن أنس، وموطأ ابن أبي ذئب، وموطأ ابن وهب، ومسائل أحمد بن حنبل، وفقه أبي عبيد، وفقه أبي ثور.

قلت: ابن حزم رجل من العلماء الكبار فيه أدوات الاجتهاد كاملة، تقع له المسائل المحررة والمسائل الواهية كما يقع لغيره، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ. وقد امتحن هذا الرجل وشدد عليه وشرد عن وطنه وجرت له أمور وقام عليه الفقهاء لطول لسانه واستخفافه بالكبار، ووقوعه في أئمة الاجتهاد بأفج عبارة وأفظ محاورة وأبشع رد، وجرى بينه وبين أبي الوليد الباجى مناظرة ومنافرة. قال أبو العباس بن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين.

وقال أبو بكر محمد بن طرخان التركي: قال لي الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن العربي: توفي ابن حزم بقريته وهي على خليج البحر الأعظم في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين. وقال غيره: مات ليومين بقيا من شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة، أرخه في سنة ست غير واحد.

وفيها مات مفتي الحنفية ببخارى العلامة شمس الأئمة أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني صاحب التصانيف في شعبان، والعلامة المتكلم أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري النحوي، ومسند بغداد أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي عن تسعين سنة، ومحدث نيسابور المفيد أبو سعيد محمد بن علي بن محمد النيسابوري الخشاب في عشر الثمانين.

كتب إلينا أبو محمد بن هارون من تونس سنة سبعمائة قال: أنبأنا أبو القاسم أحمد بن يزيد القاضي أنا أبو الحسن شريح بن محمد الرعيني إجازة عن أبي محمد بن حزم قال: أنا يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود أنا قاسم بن أصبغ نا إبراهيم بن عبد الله نا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "الصوم جنة".

1017- 16/14

الدربندي

الحافظ الإمام الجوال، أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي البلخي.

سمع أبا عبد الله الغنجار وأبا الحسين بن بشران ببغداد، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي بدمشق وطبقتهم فأكثر. حدث عنه أبو بكر الخطيب وأبو علي الحداد وأبو القاسم الشحامي وأبو عبد الله الفراوي وعبد المنعم بن القشيري وآخرون. توفي بسمرقند في شهر رمضان سنة ست وخمسين أيضًا.

قال ابن النجار: رحل من ما وراء النهر إلى الإسكندرية، وكان رديء الحفظ لكنه مكثر صدوق، وسمع ببلخ من علي بن محمد الخزاعي، وبنيسابور أبا زكريا المزكي، وبهراة أبا منصور الأزدي، وبأستراباذ بندار بن محمد، وبالبصرة أبا عمر الهاشمي، وبهمذان محمد بن عيسى، وبمصر ابن نظيف. قال عبد الغافر: طوف أبو الوليد البلاد، وحصل الأسانيد والغرائب.

أخبرنا أحمد بن تاج الأمناء عن أبي روح الهروي أنا زاهر بن طاهر أنا أبو الوليد الحسن بن محمد البلخي أنا أبو القاسم الحسن بن محمد الأنباري أنا محمد بن أحمد بن المسور نا أبو عمرو المقدام بن داود نا علي بن معبد العبدي أنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي عن حذيفة أن النبي ﷺ قال: "والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابًا من عنده ثم لتدعنّه، فلا يستجيب لكم". أخرجه الترمذي وحسنه من طريق إسماعيل والدراوردي.

1018- 17/14

النخشبي

الحافظ الإمام المفيد الرحال عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم، صاحب جعفر بن محمد المستغفري.

سمع منه وفي الرحلة من أبي طالب بن غيلان ومحمد بن حسين الحراني وأبي بكر بن ريذة وأبي الفرج الطناجيري وخلائق بخراسان والعراق وأصبهان ودمشق، ودخل أصبهان سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.

حدث عنه أبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي وسهل بن بشر الأسفراييني. قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد العزيز النخشبي فجعل يعظمه ويعظم أمره جدًّا ويقول: ذاك النخشبي، ذاك النخشبي، كان حافظًا كبيرًا. وقال السلفي: سألت المؤتمن الحافظ عن عبد العزيز النخشبي فقال: كان الحفاظ مثل الصوري والخطيب يحسنون الثناء عليه ويرضون فهمه، حصل له بأرض مصر وما والاها الإسناد. وقال الحافظ يحيى بن منده: كان عبد العزيز أوحد زمانه في الحفظ والإتقان، لم ير مثله في الحفظ في عصرنا، دقيق الخط سريع الكتابة والقراءة حسن الخلق. توفي بنخشب سنة سبع وخمسين وأربعمائة. قال أبو القاسم بن عساكر: توفي في سنة ست وخمسين بنخشب، وقيل: مات بسمرقند، .

1019- 18/14

عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق

الحافظ الإمام الجوال أبو زكريا التميمي البخاري.

سمع ببخارى وبخراسان والعراق والشام واليمن ومصر وأفريقية، حدث عن الإمام أبي عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي وأبي يعلى حمزة المهلبي وأبي عمر بن مهدي وأبي محمد بن البيع وهلال الحفار وتمام الرازي وعبد الغني بن سعيد الأزدي، وخلق كثير.

روى عنه عبد الوهاب بن عبد الله بن الحباب شيخه والفقيه نصر المقدسي ومشرف بن علي التمار، وجميل بن الحسن المادرائي وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي في مشيخته وآخرون، مولده سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. وأكبر شيخ لقيه إبراهيم بن محمد بن يزداذ بالري، حدثه عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، وذلك في مشيخة الرازي.

أنبأني ابن علان وجماعة قالوا: أنبأنا القاسم بن علي بن الحسن أنا أبي أنا علي بن المسلم أنا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله المري قال: حدثني عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري أنا أحمد بن علي بن نصر الكاتب أنا أبو نصر أحمد بن سهل أنا قيس بن أنيف نا محمد بن صالح نا محمد بن سليمان المكي نا عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي أن رسول الله ﷺ قال: "اغسلوا ثيابكم وخذوا من شعوركم واستاكوا وتزينوا؛ فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك، فزنت نساؤهم". هذا لا يصح وإسناده ظلمة.

قال السلفي: كان أبو زكريا من الحفاظ الأثبات، توفي سنة إحدى وستين وأربعمائة.

وفيها مات مسند مصر أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي، ومقرئ مصر أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الشيرازي، ومحدث بخارى أبو حفص عمر بن منصور البزاز، سمع من ابن حاجب الكشاني والكبار.

قرأت على الحسن بن علي أخبركم جعفر بن منير أنا عبد الله بن عبد الرحمن الديباجي أنا أبو جعفر أحمد بن يحيى بن الجارود نا الحافظ عبد الرحيم بن أحمد إملاء أنا محمد بن إبراهيم المصري ببيت المقدس نا أبو الحسن أحمد بن سلام الطرسوسي نا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الطرسوسي نا يعلى ومحمد ابنا عبيد قالا: أنا الأعمش عن خيثمة عن سويد بن غفلة سمعت عليًّا يقول: إذا حدثتكم عن رسول الله ﷺ بشيء، فإني والله لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أحب إليّ من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيننا فإن الحرب خدعة. رواه مسلم.

أخبرنا عبد الله ابن الحافظ أنا محمد بن إسماعيل أنا ابن ياسين أنا محمد بن أحمد أنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ أنا إبراهيم بن محمد بن يزداذ ببخارى أنا ابن أبي حاتم أنا أبو سعيد الأشج نا وكيع عن الأعمش عن "الشعبي عن" النعمان بن بشير عن النبي ﷺ قال: "مثل الواقع في حدود الله والمداهن فيها كمثل قوم ركبوا سفينة فاستهموا عليها فركب قوم علوها وقوم سفلها، فكانوا إذا استقوا آذوهم وأصابوهم بالماء فقالوا: قد آذيتمونا تمرون علينا فأعطوا رجلًا فأسًا ينقب عندهم نقبًا. قالوا: ما هذا؟ قالوا: تأذيتم بنا فننقب عندنا نقبا نستقي منه، فإن تركوهم هلكوا وهلكوا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا نجوا". هذا حديث صحيح غريب.

1020- 19/14

العطار

الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني المستملي العطار، مستملي أبي نعيم الحافظ.

سمع بالبصرة أبا عمر الهاشمي وعلي بن القاسم النجاد، وببغداد أبا القاسم الحرفى وطبقته، وبأصبهان أبا سعيد النقاش وأبا بكر بن مردويه وطبقتهم. قال أبو سعد السمعاني: هو حافظ عظيم الشأن عند أهل بلده، أملى عدة مجالس. وقال الدقاق في رسالته: كان من الحفاظ يملي من حفظه. قلت: حدث عنه سعيد بن أبي الرجاء والحسين بن عبد الملك الخلال وفاطمة بنت محمد البغدادي والمعمر إسماعيل بن علي الحمامي وعدة، توفي في صفر سنة ست وستين وأربعمائة.

وفيها توفي المسند أبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي النيسابوري صاحب أبي محمد المخلدي، ومسند مرو أبو سهل محمد بن أحمد بن عبيد الله الحفصي صاحب الكشميهني، وعالم صقلية ومفتيها عبد الحق بن محمد بن هارون المالكي بإسكندرية، ومحدث دمشق ومفتيها الحافظ عبد العزيز بن أحمد التميمي الكتاني الصوفي عن سبع وسبعين سنة. قال ابن ماكولا: مكثر متقن، والمحدث المفيد الجوال أبو مسلم عمر بن علي الليثي البخاري كهلًا.

أخبرنا إذنًا جماعة قالوا: أنا المؤيد بن عبد الرحيم أنا سعيد بن أبي الرجاء أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الحافظ سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة أنا أبو عمر الهاشمي نا عيسى بن إبراهيم نا أبو يوسف القلوسي نا عمرو بن سفيان القطعي نا الحسن بن عجلان عن ليث عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا جاء إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، إني حملت أمي على عنقي فرسخين في رمضاء شديدة لو ألقيت مضغة من لحم نضجت، فهل أديت شكرها؟ قال: "لعل ذلك أن يكون بطلقة واحدة". سمعه المزي والبرزالي من ابن محفوظ الرسعني بسماعه من عبد العزيز بن هلال سنة ثلاث عشرة وستمائة بسماعه من المؤيد سنة ست وستمائة.

أنا عبد الواسع بن عبد الكافي كتابة عن أحمد بن أبي نصر بن الصباغ وأبي الغنائم محمد بن شهريار قالا: أنا إسماعيل بن علي الحمامي أنا محمد بن إبراهيم بن علي العطار نا علي بن القاسم نا أبو روق الهزاني نا زياد بن يحيى نا مالك بن سعد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "إنما أنا رحمة مهداة". رواه وكيع عن الأعمش فوقفه.

وأخبرناه عاليًا أبو المعالي الأبرقوهي أنا المبارك بن أبي الجود أنا أحمد ابن أبي غالب أنا عبد العزيز بن علي أنا أبو طاهر المخلص نا يحيى بن محمد نا زياد بن يحيى، فذكره بزيادة: يا أيها الناس.

1021- 20/14

السكري

هو الحافظ أبو سعد علي بن موسى النيسابوري، المشهور بالسكري الذي انتخب لأبي سعيد الكنجرودي تيك الأجزاء الخمسة.

سمع من جده عبد الله بن عمر السُّكّري والقاضي أبي بكر الحيري ومحمد بن موسى الصيرفي وأبي حسان المزكي ومحمد بن إبراهيم وطبقتهم. حدث عنه إسماعيل بن أبي صالح المؤذن ويوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد وهبة الرحمن بن القشيري وغيرهم، وهو معدود في حفاظ خراسان، حج وتوفي في أيامه سنة خمس وستين وأربعمائة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا إسماعيل بن عثمان أنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، سمعت أبا سعد علي بن موسى السكري، سمعت أبا الفضل عمر بن إبراهيم، سمعت أبا أحمد الغطريفي، سمعت أبا خليفة، سمعت عبد الرحمن بن بكر، سمعت الربيع بن مسلم، سمعت محمد بن زياد، سمعت أبا هريرة، سمعت أبا القاسم ﷺ يقول: "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار". أخرجه مسلم عن عبد الرحمن.

1022- 21/14

المؤذن أبو صالح

أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد النيسابوري، الحافظ محدث وقته بخراسان.

سمع أبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني وأبا الحسن العلوي وأبا يعلى المهلبي وأبا طاهر بن محمش والحاكم أبا عبد الله وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وخلقًا كثيرًا من أصحاب الأصم، ثم ارتحل فسمع حمزة بن يوسف السهمي بجرجان، وأبا القاسم بن بشران ببغداد، والمسدد الأملوكي بدمشق، وأبا نعيم الحافظ بأصبهان، والحسن بن الأشعث بمنبج، وأبا ذر الهروي بمكة، وصحب الأستاذ أبا علي الدقاق وأحمد بن نصر الطالقاني وعمل مسودة لتاريخ مرو، روى عنه ولده إسماعيل بن أبي صالح وأبو القاسم الشحامي وأخوه وجيه وعبد الكريم بن الحسن البسطامي وأبو عبد الله الفراوي وعبد المنعم بن القشيري وأبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد وآخرون.

قال عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه: أبو صالح المؤذن الأمين المتقن المحدث الصوفي نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته، ما رأينا مثله في حفظ القرآن وجمع الأحاديث، سمع الكثير، وجمع الأبواب والشيوخ، وأذن حسبة سنين عدة، وكان يحث على معرفة الحديث ولم أتمكن من جمع هذا التاريخ إلا من مسوداته ومجموعاته، فهي المرجوع إليها، إلى أن قال: ولو ذهبت أشرح منه ما رأيت منه، لسودت أوراقًا جمة ولم أنتهِ إلى استيفاء ذلك، سمعت منه جميع الحلية لأبي نعيم ومعجم الطبراني ومسند الطيالسي. وقال زاهر الشحامي: خرج أبو صالح ألف حديث عن ألف شيخ له. وقال الخطيب: كتب عني أبو صالح وكتبت عنه وهو ثقة، قال لي: أول سماعي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. قلت: هو أعلى إسنادًا من الصوري المذكور في أول الطبقة.

وكان مولده في سنة ثمان وثمانين. قال أبو سعد السمعاني: هو صوفي حافظ متقن نسيج وحده في الجمع والإفادة، أذن مدة احتسابًا ووعظ في الليل وشيخ على المدرسة البيهقية، وكانت تحت يده وقاف الكتب والأجزاء الحديثية فيتعهد حفظها ويأخذ صدقات التجار والأكابر ويوصلها إلى المستحقين.

قال أبو بكر محمد بن يحيى المزكي: ما يقدر أحد أن يكذب في الحديث هنا وأبو صالح حي. وقال أبو المظفر منصور بن السمعاني: إذا دخلتم على أبي صالح فادخلوا بالحرمة، فإنه نجم الزمان ونسيج وقته. قال أبو سعد السمعاني: رأى أبا صالح بعض الصالحين ليلة موته وكان النبي ﷺ قد أخذ بيده وقال: "جزاك الله عنى خيرًا فنعما قمت بحقي ونعما نشرت من سنتي". قال عبد الغافر: توفي في سابع رمضان سنة سبعين وأربعمائة.

قلت: وفيها مات مسند العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور البغدادي البزاز عن تسعين سنة، والمعمر أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن حمدوه الرزاز المقرئ خاتمة من روى عن ابن سمعون، ومسند دمشق وخطيبها أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب القرشي، والمسند أبو القاسم عبد الله ابن الحافظ أبي محمد الخلال البغدادي عن خمس وثمانين سنة، وشيخ الحنابلة الشريف أبو جعفر عبد الخالق بن أبي موسى الهاشمي البغدادي عن تسع وخمسين سنة، ونحوي بغداد أبو الحسن محمد بن هبة الله بن الوراق الضرير، ومحدث أصبهان أبو القاسم بن منده، وسأذكره.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد أنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد سنة أربع وعشرين وستمائة أنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ سنة تسع وخمسين أنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن أنا والدي أنا أبو الحسن محمد بن الحسين أنا أبو القاسم عبيد الله بن إبراهيم المزكي نا محمد بن عبد الوهاب الفراء نا الحسين بن الوليد عن قيس عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال: قدم وفد جهينة على النبي ﷺ فقام غلام يتكلم فقال النبي، ﷺ: "أين الكبر؟" غريب جدًّا.

1023- 22/14

عبد الرحمن بن منده

هو الحافظ العالم المحدث، أبو القاسم عبد الرحمن ابن الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني.

ولد سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وانفرد بإجازة زاهر بن أحمد السرخسي، وسمع الكثير من أبيه، وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قولة وإبراهيم بن محمد الحلاب وأبي جعفر بن المرزبان الأبهري وأبي ذراين الطبراني وخلق بأصبهان، وأبي عمر بن مهدي وأبي محمد بن البيع وهلال الحفار ببغداد، وابن خزقة الواسطي بواسط، وأبي الحسن بن جهضم الصوفي بمكة، وأبي بكر الحيري، وأبي سعيد الصيرفي بنيسابور، لكنه لم يرو عن الحيري كما فعل شيخ الإسلام الهروي، وصنف كثيرًا وعني بهذا الشأن وتعب، وغيره أتقن منه وأحفظ.

قال أبو عبد الله الدقاق: مولد الشيخ السديد عبد الرحمن في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة في السنة التي مات فيها ابن المقرئ، وفضائله ومناقبه أكثر من أن تعد، إلى أن قال: وأقول أنا ومن أنا لنشر فضله: كان صاحب خلق وفتوة وسخاء وبهاء، والإجازة كانت عنده قوية، وكان يقول: ما رويت حديثًا إلا على سبيل الإجازة كي لا أوبق فأدخل في كتاب أهل البدعة، وله تصانيف كثيرة، وردود جمة على المبتدعين والمتحرفين في الصفات وغيرها.

قال أبو سعد السمعاني: لعبد الرحمن إجازة من زاهر بن أحمد ومحمد بن عبد الله الجوزقي وعبد الرحمن بن أبي شريح وجماعة، أخبرنا عنه أبو نصر الغازي وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي وأبو عبد الله الحسين بن الخلال وأبو بكر الباغبان وأبو عبد الله الدقاق وجماعة كثيرة. قال أبو علي الدقاق: سمعت أبا القاسم هبة الله يقول: قرأت ببغداد على أبي أحمد الفرضي جزءًا فأردت أخذ خطه بذلك فقال: يا بنى لو قيل لك بأصبهان: ليس هذا خط فلان؛ بم كنت أنت تجيبه؟ ومن كان يشهد لك؟ قال: فبعد ذلك لم أطلب من شيخ خطا.

قال أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب: كان عمي سيفًا على أهل البدع وهو أكبر من أن يثني عليه مثلي، كان والله آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر في الغدو والآصال ذاكرًا، ولنفسه في المصالح قاهرًا، أعقب الله من ذكره بالشر الندامة، وكان عظيم الحلم كثير العلم، ولد سنة ثلاث وثمانين. قرأت عليه قول شعبة: من كتبت عنه حديثًا فأنا له عبد؛ فقال: من كتب عني حديثًا فأنا له عبد. قال السمعاني: سمعت الحسين بن عبد الملك يقول: سمعت عبد الرحمن يقول: قد تعجبت من حالي مع الأقربين والأبعدين، فإني وجدت بالآفاق التي قصدتها أكثر من لقيته بها موافقًا كان أو مخالفًا دعاني إلى مساعدته على ما يقوله وتصديق قوله والشهادة له في فعله على قبول ورضا، فإن كنت صدقته سماني موافقًا وإن وقفت في حرف من قوله أو شيء من فعله سماني مخالفًا، وإن ذكرت في واحد منهما أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك سماني خارجيا، وإن رويت حديثًا في التوحيد سماني مشبهًا، وإن كان في الرؤية سماني سالميا؛ وأنا متمسك بالكتاب والسنة، متبرئ إلى الله من الشبه والمثل والضد والند والجسم والأعضاء والآلات، ومن كل ما ينسب إلي ويدعى علي من أن أقول في الله تعالى شيئًا من ذلك أو قلته أو أراه أو أتوهمه أو أتحراه أو أنتحله.

وقال الدقاق في رسالته: أول شيخ سمعت منه عبد الرحمن فرزقني الله ببركته، وحسن نيته فهم الحديث، وكان جذعًا في أعين المخالفين ولا يخاف في الله لومة لائم، إلى أن قال: ووصفه أكثر من أن يحصى. ذكر أبو بكر أحمد بن هبة الله اللوردجاني أنه سمع أبا القاسم الزنجاني بمكة يقول: حفظ الله الإسلام برجلين: عبد الرحمن بن منده، وعبد الله بن محمد الأنصاري الهروي.

قال السمعاني: سمعت الحسن بن محمد بن الرضى العلوي يقول: سمعت خالي أبا طالب بن طباطبا يقول: كنت أشتم أبدًا عبد الرحمن بن منده فرأيت عمر في المنام، وفي يده يد رجل عليه جبة زرقاء وفي عينيه نكتة، فسلمت عليه فلم يرد علي، وقال: لم تشتم هذا إذا سمعت باسمه؟ فقيل لي: هذا أمير المؤمنين عمر، وهذا عبد الرحمن بن منده، فانتبهت فأتيت أصبهان وقصدت الشيخ عبد الرحمن فلما دخلت عليه صادفته على النعت الذي رأيت في المنام وعليه جبة زرقاء، فلما سلمت عليه قال: وعليك السلام يا أبا طالب، وقبلها ما رآني ولا رأيته، فقال قبل أن أنطق: شيء حرمه الله ورسوله، يجوز لنا أن نحله؟ فقلت: اجعلني في حل، وناشدته الله وقبلت بين عينيه، فقال: جعلتك في حل فيما يرجع إليّ.

قال المؤيد ابن الإخوة: سمعت عبد اللطيف بن أبي سعد البغدادي، سمعت صاعد بن سيار الهروي، سمعت أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري يقول في عبد الرحمن بن منده: كانت مضرته في الإسلام أكثر من منفعته. قال السمعاني: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول، وسألته عن عبد الرحمن بن منده فتوقف ساعة فراجعته فقال: سمع الكثير وخالف أباه في مسائل، وأعرض عنه مشايخ الوقت، وما تركني أبي أسمع منه، كان أخوه خيرًا منه.

وقال يحيى بن منده: إن عمه عبد الرحمن مات في سادس شوال سنة سبعين وأربعمائة، وصلى عليه أبي وشيعه من لا يعلم عددهم إلا الله. وقد حدث في سنة سبع وأربعمائة، أخذ عنه علي بن مقرن.

أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن منير أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا يحيى بن عبد الوهاب العبدي أنا الإمام عمي أنا أحمد بن علي الأصبهاني أنا أبو أحمد الحافظ أنا محمد بن محمد بن يوسف البخاري القاضي نا محمد بن إسماعيل البخاري نا الفريابي نا إسرائيل عن أبي الجويرية عن معن بن يزيد السلمي قال: دفع أبي يزيد إلى رجل دنانير يتصدق بها فدخلت المسجد فأعطانيها فأتيت بها أبي فقال: ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله ﷺ فقال: "لك ما أخذت يا معن، ولك ما نويت يا يزيد".

أخبرنا القاسم بن مظفر عن محمود بن منده أنا مسعود بن الحسن سنة ست وخمسين أنا عبد الرحمن بن محمد إجازة أنا أحمد بن محمد بن موسى الأهوازي ببغداد أنا الحسين بن إسماعيل المحاملي أنا سلم بن جنادة أنا أبو معاوية وابن نمير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، ﷺ: "أيما مؤمن سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة". رواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه، وعند العز الصيقل حديث عن يوسف بن المبارك الخفاف أنا أبو سعيد أحمد بن محمد البغدادي، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن منده وأبو المظفر الكوسج وابن شكرويه ومحمد بن أحمد بن سلة قالوا: أنا أبو علي الحسن بن علي البغدادي نا أحمد بن موسى نا أحمد بن حرب نا مورق بن سخيت أنا أبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي، ﷺ قال: "الندم توبة". [2]

أخبرتنا زينب بنت يحيى أنا علي بن حجاج أنا علي بن الحسن الحافظ سنة سبع وخمسين وخمسمائة أنا محمد بن غانم بن أحمد الحداد أنا عبد الرحمن بن محمد أنا أبي أبو عبد الله أنا خيثمة نا سليمان بن عبد الحميد البهراني نا حيوة بن شريح نا بقية أخبرني ضبارة بن عبد الله بن مالك سمع أباه يحدث عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أن أباه حدثه عن سفيان بن أسد الحضرمي أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك بما هو لك مصدق، وأنت له كاذب". [3]

1024- 23/14

الكتاني

الإمام المحدث المتقن مفيد دمشق ومحدثها، أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن علي التميمي الدمشقي الصوفي.

سمع الكثير وجمع فأوعى ونسخ ما لا يوصف كثرة، سمع صدقة بن الدلم صاحب أبي سعيد بن الأعرابي وتمام بن محمد الرازي، وأبا نصر بن هارون وعبد الرحمن بن أبي نصر وطبقتهم ببلده، وسمع من أبي الحسن بن الحمامي ومحمد بن الروزبهان وعلي بن أحمد بن داود الرزاز وطبقتهم ببغداد، وأحمد بن الصباح وأخيه محمد ببلده، وسمع بالموصل ونصيبين ومنبج وأماكن، وألف وجمع ويحتمل أن يوصف بالحفظ في وقته، ولو كان موجودًا في زماننا لعد من الحفاظ.

حدث عنه أبو بكر الخطيب والحميدي وعمر الرواسي وأبو القاسم النسيب وهبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة وأبو القاسم بن السمرقندي وأحمد بن عقيل الفارسي ويحيى بن علي القرشي القاضي وآخرون، مولده سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وأول سماعه في سنة سبع وأربعمائة.

قال ابن ماكولا: كتب عني وكتبت عنه وهو مكثر متقن.

وقال الخطيب في فوائد النسب: ثقة أمين، ووصفه ابن الأكفاني بالصدق والاستقامة وسلامة المذهب ودوام التلاوة، وحدثني أن شيخه أبا القاسم عبيد الله الأزهري سمع منه ببغداد، ودخلت عليه في مرض موته فقال: أنا أشهدكم أني قد أجزت لكل من هو مولود الآن في الإسلام. قلت: قد حدث عنه بهذه الإجازة طائفة منهم محفوظ بن صصرى التغلبي. توفي في جمادى الآخرة سنة ست وستين وأربعمائة، ألف الوفيات على السنين.

أخبرنا الحسن بن علي الأمين أنبأتنا كريمة بنت عبد الوهاب بن علي القرشية أنا أبي أنا علي بن المسلم الفقيه لفظًا سنة خمس وعشرين وخمسمائة أنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأخبرنا المسلم بن أحمد الكعكي قالا: أنا عبد الرحمن بن عثمان التميمي أنا أحمد بن سليمان القاضي إملاء نا أبو زرعة نا أحمد بن صالح نا ابن وهب حدثني محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله، ﷺ: "من سعادة ابن آدم رضاه بما يقضي الله واستخارة الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما يقضي الله وتركه استخارة الله". تابعه جماعة عن محمد بن سعد بن أبي وقاص.

1025- 24/14

الوخشي

الحافظ الإمام الجوال أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن جعفر البلخي.

ووخش قرية من أعمال بلخ، سمع من تمام الرازي وطبقته بدمشق، ومن أبي عمر بن مهدي وطبقته ببغداد، ومن أبي عمر الهاشمي وطبقته بالبصرة، ومن أبي محمد بن النحاس ونحوه بمصر، ومن أبي بكر الحيري ونحوه بخراسان، ومن أبي القاسم علي بن أحمد الخزاعي ببلخ، ومن أبي نعيم الحافظ بأصبهان، روى عنه عمر بن محمد بن علي السرخسي وعمر بن علي المحمودى وجماعة، وحدث عنه الخطيب وهو من أقرانه.

قال الحافظ عبد العزيز النخشبي: كان الوخشي يتهم بالقدر وسئل عنه إسماعيل بن محمد التيمي فقال: حافظ كبير؛ وقد روى عنه الحسن بن علي البلخي الحسيني سنن أبي داود. قال أبو سعد السمعاني: كان الوخشي حافظًا فاضلا ثقة حسن القراءة رحل إلى العراق والجبال والشام والثغور ومصر وذاكر الحفاظ. قلت: والأجزاء الوخشيات الخمسة من انتقائه لأبي نعيم الحافظ، وقال عمر بن علي السرخسي: كنت مراهقًا وقت موت الوخشي فحضرته فلما وضع في القبر، سمعنا صيحة فقيل: خرجت الحشرات من المقبرة وكان في طرفها وادٍ انحدرت إليه، وأبصرت العقارب والخنافس وهي منحدرة في الوادي والناس ما يتعرضون لها.

قال السمعاني: توفي في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ببلخ عن ست وثمانين سنة وسمعت عمر السرخسي يقول: ورد نظام الملك علينا ببلخ فقيل له: إن بقرية يقال لها وخش شيخًا سمع الكثير وله رحلة ومعرفة، فاستدعاه وأقعده في المدرسة وقرأ عليه السنن لأبي داود وغير ذلك فقال الوخشي يومًا: سمعت ورحلت وقاسيت المشاق والذل ورجعت إلى وخش وما عرف أحد قدري ولا فهم ما حصلته فقلت: أموت ولا ينتشر ذكري ولا يترحم أحد عليّ، فسهل الله ووفق نظام الملك حتى بنى هذه المدرسة وأجلسني فيها حتى أحدث، لقد كنت بعسقلان أسمع من ابن مصحح وغيره فضاقت علي النفقة وبقيت أيامًا بلا أكل فأخذت لأكتب فعجزت فذهبت إلى دكان خباز وقعدت بقربه لأشم رائحة الخبز وأتقوى بها، ثم فتح الله تعالى عليّ. قال يحيى بن منده: الوخشي قدم أصبهان سنة سبع عشرة ورحل منها سنة إحدى وأربعين، كثير السماع قليل الرواية أحد الحفاظ عارف بعلوم الحديث خبير بأطراف من اللغة والنحو.

أخبرتنا زينب بنت كندي ببعلبك أنبأنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي في سنة أربع عشرة وستمائة قال: أنا القاضي بهاء الدين عمر بن علي المحمودي سنة ست وأربعين وخمسمائة نا القاضي أبو علي الحسن بن علي الحافظ من حفظه في صفر سنة إحدى وسبعين وأربعمائة أنا أبو القاسم تمام بن محمد الحافظ بدمشق أنا القاضي أبو الحسن أحمد بن أيوب بن حذلم نا أبو زرعة النصري نا عمر بن حفص بن غياث نا أبي نا الأعمش حدثني إبراهيم قال الأسود: كنا جلوسًا عند عائشة فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها فقالت عائشة، : لما مرض رسول الله ﷺ مرضه الذي مات منه فحضرت الصلاة فأوذن بها ﷺ فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" وذكر الحديث.

1026- 25/14

الزنجاني

الإمام الثبت الحافظ القدوة أبو القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين، شيخ الحرم الشريف.

سمع أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء والحسين بن ميمون الصدفي بمصر، وعلي بن سلامة بغزة، ومحمد بن أبي عبيد بزنجان، وعبد الرحمن بن يحيى بن ياسر الجوبري وأبا القاسم بن الطبيز بدمشق وهذه الطبقة، حدث عنه أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وأبو المظفر منصور بن عبد الجبار السمعاني ومكي بن عبد السلام الرميلي وهبة الله بن فاخر ومحمد بن طاهر المقدسي وعبد المنعم بن أبي القاسم القشيري وآخرون.

قال أبو سعد السمعاني: سمعت بعض مشايخا يقول: كان جدك أبو المظفر عزم أن يجاور بمكة في صحبة سعد الإمام فرأى ليلة والدته كأنها كاشفة رأسها تقول: يا بني بحقي عليك إلا رجعت إلى مرو، فإني لا أطيق فراقك، فانتبهت مغمومًا وقلت: أشاور سعد بن علي، فأتيته ولم أقدر من الزحام أن أكلمه فلما قام تبعته فالتفت إلي وقال: يا أبا المظفر العجوز تنتظرك، ودخل البيت؛ فعرفت أنه تكلم على ضميري فرجعت تلك السنة.

وعن ثابت بن أحمد قال: رأيت أبا القاسم الزنجاني في النوم فقال لي مرتين: إن الله يبني لأهل الحديث بكل مجلس يجلسونه بيتًا في الجنة.

قال أبو سعد: طاف الزنجاني الآفاق ثم جاور وصار شيخ الحرم وكان حافظًا متقنًا ورعًا كثير العبادة صاحب كرامات وآيات، إلى أن قال: وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف ويقبلون يده أكثر مما يقبلون الحجر الأسود. ابن طاهر مما سمعه السلفي منه: سمعت الحبال يقول: كان عندنا سعد بن علي ولم يكن على وجه الأرض مثله في عصره، سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول ذلك.

وقال محمد بن طاهر الحافظ: ما رأيت مثل الزنجاني، سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لم يكن في الدنيا مثل سعد بن علي في الفضل. قال الإمام أبو الحسن الكرخي الفقيه: سألت ابن طاهر عن أفضل من رأى فقال: سعد الزنجاني وعبد الله بن محمد الأنصاري. قلت: فأيهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متقنًا، وأما الزنجاني فكان أعرف بالحديث منه، وذلك أني كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجربه ففي بعض يرد وفي بعض يسكت، والزنجاني كنت إذا تركت اسم رجل يقول: تركت بين فلان وفلان فلانًا.

قال أبو سعد السمعاني: صدق، كان سعد أعرف بحديثه لقلته، وعبد الله كان مكثرًا. قال ابن طاهر: سمعت الفقيه هياج بن عبيد يقول: يوم لا أرى فيه سعدًا لا أعتد أني عملت خيرًا؛ وكان هياج يعتمر كل يوم ثلاث عمر.

قال ابن طاهر: لما عزم سعد على المجاورة عزم على نيف وعشرين خصلة أن يفعلها من العبادات، فبقي أربعين سنة ولم يخل منها بواحدة، وكان يملي الحديث بمكة ولم يكن غيره يملي حين حكم المصريون على مكة وإنما كان يملي سرا في بيته. قلت: لأنهم كانوا من خبثاء الرافضة وأعداء الحديث.

قال ابن طاهر: دخلت على الشيخ سعد وأنا ضيق الصدر من رجل شيرازي فقبلت يده فقال لي ابتداء: يا أبا الفضل لا يضيق صدرك، عندنا في بلاد العجم مثل يضرب يقال: بخل أهوازي، وحماقة شيرازي، وكثرة كلام رازي؛ ودخلت عليه في أول سنة سبعين لما عزمت على الخروج إلى العراق أودعه ولم يكن عنده خبر من عزمى فقال:

أراحلون فنبكي أم مقيمونا فقلت: ما أمر الشيخ لا نتعداه؛ فقال: علام عزمت؟ فقلت: أريد ألحق مشايخ خراسان؛ فقال: تدخل خراسان وتبقى بها ويفوتك مصر فيبقى في قلبك، فاخرج إليها ومنها إلى العراق وخراسان؛ ففعلت وكان في ذلك البركة. وسمعته يقول وقد جرى ذكر الصحيح الذي خرجه أبو ذر الهروي فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب وليس من شرط الصحيح.

سئل عنه إسماعيل الحافظ التيمي فقال: إمام كبير عارف بالسنة. مات الزنجاني في أول سنة إحدى وسبعين وأربعمائة أو في آخر التي قبلها، عاش تسعين عامًا فإنه ولد في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة أو التي قبلها. ولو سمع في الحداثة لأدرك إسنادًا عاليًا وإنما سماعاته في الكهولة.

ومات معه في السنة الوخشي المذكور، وعالم بغداد الفقيه أبو علي الحسين بن أحمد ابن البناء الحنبلي صاحب التواليف، ومسند بغداد أبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب الأزجي العطار وكيل الخليفة عن سبع وثمانين سنة، ومسند بغداد أيضًا أبو القاسم الأنماطي ابن بنت السكري عن ثلاث وثمانين سنة، وياعن المخلص، ومسند هراة أبو عاصم الفضل بن يحيى الفضيلي الهروي، وشيخ العربية أبو بكر عبد القاهر بن محمد الجرجاني، وعالم همذان أبو الفضل محمد بن عثمان بن زيرك القومساني، ومسند مرو أبو الحسين محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله الصفار راوي الصحيح عن الكشميهني.

أخبرنا أبو بكر بن عمر النحوي أنا الحسن بن أحمد الزاهد ببيت المقدس أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو القاسم مختار بن علي المقرئ بالأهواز سنة خمسمائة أنا سعد بن علي الحافظ بمكة أنا أبو القاسم عبد الحميد بن عبد القاهر الأرسوفي نا أبو أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم القيسراني حدثني عمي أحمد بن عبد الرحيم نا أحمد بن إسماعيل البزاز نا عبيد الله بن هانئ نا أبي عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي ﷺ قال: "من أصبح معافى في بدنه آمنًا في سربه عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا". هذا حديث غريب ما علمت في نقلته جرحًا لكني لا أعرف هانئًا، وأما المتن فمعروف.

وقد كان الحافظ سعد بن علي هذا من رءوس أهل السنة وأئمة الأثر وممن يعادي الكلام وأهله ويذم الآراء والأهواء، فنسأل الله أن يختم لنا بخير وأن يتوفانا على الإيمان والسنة، فلقد قل من يتمسك بمحض السنة بل تراه يثني على السنة وأهلها وقد تلطخ ببدع الكلام ويجسر على الخوض في أسماء الله وصفاته وبادر إلى نفيها وبالغ "بزعمه" في التنزيه، وإنما كمال التنزيه تعظيم الرب -عز وجل- ونعته بما وصف به نفسه تعالى. وله قصيدة في السنة أولها:

تدبر كلام الله واعتمد الخبر ودع منك رأيًا لا يلائمه الأثر

ونهج الهدى فالزمه واقتد بالألى هم شهدوا التنزيل علك تنجبر

وكن موقفا أنا وكل مكلف أمرنا بقفو الحق والأخذ بالحذر

فمن خالف الوحي المبين بعقله فذاك امرؤ قد خاب حقا وقد خسر

وفي ترك أمر المصطفى فتنة فذر خلاف الذي قد قال واسأله واعتبر

وما أجمعت فيه الصحابة حجة فتلك سبيل المؤمنين لمن سبر

ففي الأخذ بالإجماع فاعلم سعادة كما في شذوذ القول نوع من الخطر

1027- 26/14

الباجي

الحافظ العلامة ذو الفنون، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعيد بن أيوب بن وارث التجيبي القرطبي الذهبي، صاحب التصانيف.

أصله من مدينة بطليوس فانتقل جده إلى باجة المدينة التي بقرب إشبيلية فنسب إليها وليس هو من باجة القيروان التي ينسب إليها الحافظ أبو محمد الباجي المذكور؛ ولد أبو الوليد سنة ثلاث وأربعمائة، وحمل عن يونس بن عبد الله القاضي ومكي بن أبي طالب ومحمد بن إسماعيل وأبي بكر محمد

بن الحسن بن عبد الوارث؛ وارتحل سنة ست وعشرين فحج وجاور ثلاثة أعوام ملازمًا لأبي ذر الحافظ وكان يسافر معه إلى سراة بني شبابة ويخدمه، ثم رحل إلى بغداد ودمشق ففاته أبو القاسم بن بشران وسمع أبا القاسم بن الطبيز وعلي بن موسى السمسار والسكن بن جميع الصيداوي وأبا طالب عمر بن إبراهيم الرهري وأبا طالب بن غيلان وأبا القاسم عبيد الله الأزهري ومحمد بن علي الصوري وطبقتهم، وتفقه بالقاضي أبي الطيب الطبري والقاضي أبي عبد الله الحسين الصيمري وأبي الفضل بن عمروس المالكي وأقام بالموصل سنة على أبي جعفر السمناني فأخذ عنه علم العقليات فبرع في الحديث وعلله ورجاله، وفي الفقه وغوامضه وخلافه، وفي الكلام ومضايقه، ورجع إلى الأندلس بعد ثلاثة عشر عامًا بعلم جم حصله مع الفقر والتعفف.

روى عنه الحافظان أبو بكر الخطيب وأبو عمر بن عبد البر وهما أكبر منه وأبو عبد الله الحميدي وعلي بن عبد الله الصقلي وأحمد بن علي بن غزلون والحافظ أبو علي الصدفي وولده الإمام أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد الزاهد وأبو بكر الطرطوشي وأبو علي بن سهل السبتي وأبو بحر سفيان بن العاص ومحمد بن أبي الخير القاضي وخلق سواهم، وتفقه به الأصحاب.

قال القاضي عياض: آجر أبو الوليد نفسه ببغداد لحراسة درب وكان لما رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذهب للغزل ويعقد الوثائق، قال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للإقراء وفي يده أثر المطرقة؛ إلى أن فشا علمه وهيئت الدنيا له وعظم جاهه وأجزلت صلاته حتى مات عن مال وافر وكان يستعمله الأعيان في ترسلهم ويقبل جوائزهم، ولي القضاء بمواضع من الأندلس، وصنف كتاب المنتقى في الفقه، وكتاب المعاني في شرح الموطأ، جاء في عشرين مجلدًا عديم النظير. قال: وقد كان صنف كتابًا كبيرًا جامعًا بلغ فيه الغاية سماه: كتاب الاستيفاء، وله كتاب الإيماء في الفقه خمس مجلدات، وكتاب السراج في الخلاف لم يتم، ومختصر المختصر في مسائل المدونة، وله كتاب اختلاف الموطآت، وكتاب في الجرح والتعديل، وكتاب التسديد إلى معرفة التوحيد، وكتاب الإشارة في أصول الفقه، وكتاب أحكام الفصول في أحكام الأصول، وكتاب الحدود، وكتاب شرح المنهاج، وكتاب سنن الصالحين وسنن العابدين، وكتاب سبيل المهتدين، وكتاب فرق الفقهاء، وكتاب التفسير لم يتم، وكتاب سنن المنهاج، وترتيب الحجاج.

وقال أبو نصر بن ماكولا: أما الباجي ذو الوزارتين أبو الوليد ففقيه متكلم أديب شاعر سمع بالعراق ودرس الكلام وصنف، إلى أن قال: وكان جليلا رفيع القدر والخطر قبره بالمرية.

وقال أبو علي بن سكرة: ما رأيت مثل أبي الوليد الباجي وما رأيت أحدًا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه، ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاة الشامي فقلت له: أدام الله عزك هذا ابن شيخ الأندلس؛ فقال: لعله ابن الباجي؟ قلت: نعم؛ فأقبل عليه.

قال القاضي عياض: كثرت القالة في أبي الوليد لمداخلته للرؤساء، ولي قضاء أماكن تصغر عن قدره كأربولة فكان يبعث إليها خلفاءه وربما أتاها المرة ونحوها، وكان في أول امره مقلا حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره واستجار نفسه مدة مقامه ببغداد فيما سمعته مستفيضًا لحراسة درب؛ وقد جمع ابنه شعره وكان ابتدأ كتاب الاستيفاء في الفقه لم يصنع منه سوى كتاب الطهارة في مجلدات. قال: ولما قدم الأندلس وجد لكلام ابن حزم طلاوة إلا أنه كان خارجًا عن المذهب ولم يكن بالأندلس من يشتغل بعلمه فقصرت ألسنة الفقهاء عن مجادلته وكلامه واتبعه على رأيه جماعة من أهل الجهل وحل بجزيرة ميورقة فرأس بها واتبعه أهلها، فلما قدم أبو الوليد كلموه في ذلك فرحل إليه وناظره وشهر باطله، وله معه مجالس كثيرة؛ ولما تكلم أبو الوليد في حديث الكتابة يوم الحديبية الذي في البخاري قال بظاهر لفظه، فأنكر عليه الفقيه أبو بكر بن الصائغ وكفره بإجازة الكتب على رسول الله ﷺ النبي الأمي وأنه تكذيب بالقرآن، فتكلم في ذلك من لم يفهم الكلام حتى أطلقوا عليه الفتنة وقبحوا عند العامة ما أتى به وتكلم به خطباؤهم في الجمع، وقال شاعرهم:

برئت ممن شرى دنيا بآخرة وقال إن رسول الله قد كتبا وصنف أبو الوليد رسالة بين فيها أن ذلك غير قادح في المعجزة فرجع بها جماعة. قلت: ما كل من عرف أن يكتب اسمه فقط بخارج عن كونه أميًّا؛ لأنه لا يسمى كاتبًا، وجماعة من الملوك قد أدمنوا في كتابة العلامة وهم أميون، والحكم للغلبة لا للصورة النادرة، فقد قال، : "إنا أمة أمية"؛ أي: أكثرهم كذلك لندور الكتابة في الصحابة، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ}. قلت: وهو القائل:

إذا كنت أعلم علمًا يقينًا بأن جميع حياتي كساعة

فلم لا أكون ضنينا بها وأجعلها في صلاح وطاعة

وأما الحافظ ابن عساكر فذكر أن أبا الوليد قد كان أتى من باجة القيروان تاجرًا يختلف إلى الأندلس. قلت: هذا أقوى مما ابتدأنا به وسار الباجيان نسبتهما إلى مكان واحد. قال ابن سكرة: مات بالمرية في تاسع عشر رجب سنة أربع وسبعين وأربعمائة، رحمة الله عليه.

أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الوهاب بن إسماعيل بن مكي الزهري الفقيه بقراءتي أنا جدي أبو طاهر بن عوف أنا أبو بكر محمد بن الوليد الفهري أنا القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف أنا يونس بن عبد الله الصفار مناولة أنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله الليثي أنا عم أبي عبيد الله بن يحيى بن يحيى أنا أبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "إن الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله". متفق عليه من حديث مالك.

وسمعت عاليًا من أحمد بن هبة الله عن المؤيد الطوسي أنا هبة الله السندي أنا سعيد بن محمد البحيري أنا زاهر بن أحمد الفقيه نا أبو إسحاق الهاشمي نا أبو مصعب الزهري نا مالك، بهذا.

وسمعناه عاليًا من عدة، فقرأته بنابلس على عبد الحافظ بن بدران أنا ابن الزبيدي وموسى بن عبد القادر قالا: أنا أبو الوقت أنا محمد بن أبي مسعود أنا ابن أبي شريح أنا أبو القاسم البغوي نا العلاء بن موسى نا ليث بن سعد عن نافع عن عبد الله عن رسول الله ﷺ أنه قال: "إن الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".

ومات في سنة أربع وسبعين معه المقرئ الجليل أبو محمد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان الدقاق أخو أبي الغنائم، والمعمر أبو بكر أحمد بن هبة الله بن محمد بن صدقة الرحبي الدباس عن مائة وأربع سنين، وكان يذكر أن أصوله على ابن سمعون والمخلص ذهبت في النهب، ومسند العراق أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري البندار، وعالم المالكية أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن العجوز الكتامي السبتي، ومحدث نيسابور العالم المفيد أبو بكر محمد بن أبي زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي النيسابوري وكان يروي عن خمسين من أصحاب الأصم.

1028- 27/14

شيخ الإسلام الحافظ الإمام الزاهد أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن جعفر بن منصور بن مت الأنصاري الهروي، من ذرية أبي أيوب الأنصاري .

ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وسمع جامع أبي عيسى من عبد الجبار بن محمد الجراحي وسمع من أبي منصور محمد بن محمد الأزدي والحافظ أبي الفضل محمد بن أحمد الجارودي وأبي منصور أحمد بن أبي العلاء ويحيى بن عمار السجستاني ومحمد بن جبريل الماحي وأحمد بن علي بن منجويه الحافظ وأبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي وعلي بن محمد بن محمد الطرازي وأحمد بن محمد السليطي أصحاب الأصم، ومن القاضي أبي بكر الحيري ولم يحدث عنه وأكثر عن أبي يعقوب القراب وطبقته، وصنف الأربعين، وكتاب الفاروق، في الصفات، وكتاب ذم الكلام وأهله، وكتاب منازل السائرين، وأشياء، وكان سيفًا مسلولًا على المخالفين وجذعًا في أعين المتكلمين وطودًا في السنة لا يتزلزل وقد امتحن مرات.

قال ابن طاهر: وسمعته يقول بهراة: عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك؛ فأقول: لا أسكت؛ وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث أسردها سردًا. قال أبو النضر الفامي: كان إسماعيل بكر الزمان وواسطة عقد المعاني وصورة الإقبال في فنون الفضائل وأنواع المحاسن منها نصرة الدين والسنة من غير مداهنة ولا مراقبة لسلطان ولا وزير، وقد قاسى بذلك قصد الحساد في كل وقت وسعوا في روحه مرارًا وعمدوا إلى إهلاكه أطوارًا، فوقاه الله شرهم وجعل قصدهم أقوى سبب لارتفاع شأنه.

قلت: تخرج به خلق كثير وفسر القرآن مدة وفضائله كثيرة؛ ورأيت أهل الاتحاد يعظمون كلامه في منازل السائرين، ويدعون أنه موافقهم ذائق لوجدهم ورامز لتصوفهم الفلسفي، وأنى يكون ذلك وهو من دعاة السنة وعصبة آثار السلف؟ ولا ريب أن في منازل السائرين أشياء من محط المحو والفناء وإنما مراده بذلك الفناء الغيبة عن شهود السوي ولم يرد عدم السوي في الخارج.

وفي الجملة هذا الكتاب لون آخر غير الأنموذج الذي أصفق عليه صوفية التابعين ودرج عليه نساك المحدثين، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. وله قصيدة في السنة سمعناها، غالبها جيد. وله مجلد في مناقب الإمام أحمد بن حنبل سمعناه من ابن القواس عن الكندي إجازة عن الكروجي عنه.

حدث عنه المؤتمن الساجي وابن طاهر المقدسي وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي وعبد الصبور بن عبد السلام الهروي وعبد الملك الكروجي وحنبل بن علي البخاري وأبو الفتح محمد بن إسماعيل الفامي وعبد الجليل بن أبي سعد المعدل وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وآخرون، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الفتح نصر بن سيار.

قال السلفي: وسألت المؤتمن عن أبي إسماعيل الأنصاري فقال: كان آية في لسان التذكير والتصوف من سلاطين العلماء، سمع ببغداد من أبي محمد الخلال وغيره، يروي في مجالسه أحاديث بالأسانيد وينهى عن تعليقها عنه وكان بارعًا في اللغة حافظًا للحديث. قرأت عليه كتاب ذم الكلام وقد روى فيه حديثًا عن علي بن بشرى عن أبي عبد الله بن منده عن إبراهيم بن مرزوق، فقلت له: هذا هكذا؟ قال: نعم؛ وإبراهيم هو شيخ الأصم وطبقته، وهو إلى الآن في كتابه على الخطأ كذا قلت: وهكذا سقط عليه رجلان من حديثين مخرجين من جامع الترمذي نبهت عليهما في نسختي وهو على الخطأ في غير نسخة. قال المؤتمن: وكان يدخل على الأمراء والجبابرة فما يبالي بهم ويرى الغريب من المحدثين فيبالغ في إكرامه، قال لي مرة: هذا الشأن شأن من ليس له شأن سوى هذا الشأن، يعني طلب الحديث؛ وسمعته يقول: تركت الحيري لله؛ قال: وإنما تركته؛ لأني سمعت منه شيئًا يخالف السنة.

قال الحسين بن علي الكتبى: خرج شيخ الإسلام لجماعة الفوائد بخطه إلى أن ذهب بصره فكان يأمر فيما يخرجه لمن يكتبه عنه ويصحح هو، وقد تواضع بأن خرج لي فوائد ولم يبق أحد ممن خرج لي سواه. قال ابن طاهر: سمعته يقول: إذا ذكر التفسير فإنما أذكره من مائة وسبعة تفاسير؛ وسمعته ينشد على منبره:

أنا حنبلي ما حييت وإن أمت فوصيتي للناس أن يتحنبلوا

وسمعته يقول: قصدت أبا الحسن الخرقاني الصوفي ثم عزمت على الرجوع فوقع في نفسي أن أقصد أبا حاتم بن خاموش الحافظ بالري وألتقيه وكان مقدم أهل السنة بالري، وذلك أن السلطان محمودًا لما دخل الري وقتل بها الباطنية منع الكل من الوعظ غير أبي حاتم، وكان من دخل الري يعرض اعتقاده عليه، فإن رضيه أذن له في الكلام على الناس وإلا منعه؛ فلما قربت من الري كان معي رجل في الطريق من أهلها فسألني عن مذهبي فقلت: حنبلي، فقال: مذهب ما سمعت به وهذه بدعة، وأخذ بثوبي وقال: لا أفارقك إلى الشيخ أبي حاتم، فقلت: حيرة. فذهب بي إلى داره وكان له ذلك اليوم مجلس عظيم فقال: هذا سألته عن مذهبه فذكر مذهبًا لم أسمع به قط؛ قال: وما ذاك؟ قال: قال: أنا حنبلي؛ فقال: دعه فكل من لم يكن حنبليًّا فليس بمسلم، فقلت: الرجل كما وصف لي؛ ولزمته أيامًا وانصرفت.

قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا أن السلطان ألب أرسلان قدم هراة معه وزيره نظام الملك، فاجتمع إليه أئمة الفريقين الحنفية والشافعية للشكوى من الأنصاري ومطالبته بالمناظرة، فاستدعاه الوزير فلما حضر قال: إن هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك فإن يكن الحق معك رجعوا إلى مذهبك، وإن يكن الحق معهم فإما أن ترجع أو تسكت عنهم؛ فقام الأنصاري وقال: أناظر على ما في كمى؛ قال: وما في كمك؟ قال: كتاب الله، وأشار إلى كمه اليمين؛ وسنة رسول الله، وأشار إلى كمه اليسار، وكان فيه الصحيحان فنظر الوزير إليهم مستفهمًا لهم فلم يكن فيهم من ناظره من هذه الطريق، وسمعت أحمد بن أميرجة خادم الأنصاري يقول: حضرت مع الشيخ للسلام على الوزير نظام الملك وكان أصحابنا كلفوه الخروج إليه وذلك بعد المحنة ورجوعه من بلخ "قلت: كان قد غرب إلى بلخ" قال: فلما دخل عليه أكرمه وبجله وكان هناك أئمة من الفريقين فاتفقوا عني أن يسألوه بين يدي الوزير فقال العلوي الدبوسي: يأذن الشيخ لإمام أن أسأل، قال: سل، قال: لم نلعن أبا الحسن الأشعري؟ فأطرق الوزير، فلما كان بعد ساعة قال له الوزير: أجبه؛ قال: لا أعرف أبا الحسن وإنما ألعن من لم يعتقد أن الله في السماء وأن القرآن في المصحف وأن النبي اليوم ليس بنبي؛ ثم قام وانصرف فلم يمكن أحدًا أن يتكلم من هيبته؛ فقال الوزير للسائل: هذا أردتم؛ أن نسمع ما كان يذكره بهراة بآذاننا وما عسى أن أفعل به؟ ثم بعث إليه بصلة وخلع فلم يقبلها وسار من فوره إلى هراة.

قال: وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه ودخلوا على أبي إسماعيل وسلموا عليه وقالوا: ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج ونسلم عليه فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطئوا على أن حملوا معهم صنمًا من نحاس صغيرًا وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ وخرجوا وقام إلى خلوته ودخلوا على السلطان واستغاثوا من الأنصاري وأنه مجسم وأنه يترك في محرابه صنما يزعم أن الله على صورته وإن بعث الآن السلطان يجده فعظم ذلك على السلطان وبعث غلامًا ومعه جماعة فدخلوا الدار وقصدوا المحراب فأخذوا الصنم ورجع الغلام بالصنم فبعث السلطان من أحضر الأنصاري، فأتى فرأى الصنم والعلماء والسلطان قد اشتد غضبه؛ فقال السلطان له: ما هذا؟ قال: هذا صنم يعمل من الصفر شبه اللعبة؛ قال: لست عن ذا أسألك؟ قال: فعم يسألني السلطان؟ قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول: إن الله على صورته، فقال الأنصاري بصولة وصوت جهوري: سبحانك هذا بهتان عظيم، فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه، فأمر به فأخرج إلى داره مكرمًا، وقال لهم: اصدقوني، وهددهم فقالوا: نحن في يد هذا الرجل في بلية من استيلائه علينا بالعامة، فأردنا أن نقطع شره عنا، فأمر بهم ووكل بكل واحد منهم وصادرهم وأهانهم.

قال أبو الوقت عبد الأول: دخلت نيسابور وحضرت على الأستاذ أبي المعالي الجويني فقال: من أنت؟ قلت: خادم الشيخ أبي إسماعيل الأنصاري فقال: ، قلت: اسمع ترضي هذا الإمام عن هذا الإمام، وإياك وسماع سب هذا الإمام من الإنعام. قال ابن طاهر: سمعت أبا إسماعيل يقول: كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم قلت: ولم؟ قال: لأنهما لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبينها فيصل إلى فائدته كل فقيه وكل محدث.

قال ابن السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن عبد الله بن محمد الأنصاري فقال: إمام حافظ.

وقال عبد الغافر بن إسماعيل: كان على حظ تام من معرفة العربية والحديث والتواريخ والأنساب إمامًا كاملًا في التفسير حسن السيرة في التصوف غير مشتغل بكسب مكتفيًا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في العام مرة أو مرتين على رأس الملأ فيحصل على ألوف من الدنانير وأعداد من الثياب والحلي فيأخذها ويفرقها على اللحام والخباز وينفق منها، ولا يأخذ من السلاطين ولا من أركان الدولة شيئًا، وقلما يرى عنهم ولا يدخل عليهم ولا يبالي بهم فبقي عزيزًا مقبولا قبولا أتم من الملك مطاع الأمر نحوًا من ستين سنة من غير مزاحمة، وكان إذا حضر المجلس لبس الثياب الفاخرة وركب الدواب الثمينة ويقول: إنما أفعل هذا إعزازًا للدين ورغمًا لأعدائه حتى ينظروا إلى عزي وتجملي فيرغبوا في الإسلام؛ ثم إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المرقعة والقعود مع الصوفية في الخانقاه يأكل معهم ولا يتميز بحال. وعنه أخذ أهل هراة التبكير بالفجر وتسمية أولادهم في الأغلب بعبد المضاف إلى أسماء الله تعالى.

قال أبو سعد السمعاني: كان مظهرًا للسنة داعيًا إليها محرضًا عليها وكان مكتفيًا بما يباسط به المريدين، ما كان يأخذ من الظلمة شيئًا وما كان يتعدى إطلاق ما ورد في الظواهر من الكتاب والسنة معتقدًا ما صح وغير مصرح بما يقتضيه تشبيه؛ وقال: من لم ير مجلسي وتذكيري فطعن فيّ، فهو مني في حل.

وقال أبو النضر الفامي: توفي أبو إسماعيل في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وقد جاوز أربعًا وثمانين سنة.

قلت: فيها توفي راوي الجامع أبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي الهروي، ومسند خراسان أبو عمرو عثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي المزكي، ومسند أصبهان أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن ماجه الأبهري.

قرأت على محمد بن قايماز الدقيقي والحسن بن علي القلانسي وعلى أبي محمد الحافظ: أخبركم عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الله بن محمد الأنصاري أنا عبد الجبار بن الجراح أنا محمد بن أحمد بن محبوب نا أبو عيسى الترمذي نا قتيبة ثنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر وسالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: قال رسول الله، ﷺ: "لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لم أجد هذا في كتاب الله". هذا حديث حسن غريب تفرد به ابن عيينة أخرجه "د ت ق" ولكن رواه "ق" عن نصر بن علي فلم يجود إسناده عن سفيان فقال: عن سالم أو زيد بن أسلم عن عبيد الله عن أبيه.

1029- 28/14

الحبال

الحافظ الإمام المتفنن محدث مصر، أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني مولاهم التجيبي بن أبي الطيب الفراء الكتبي الوراق المصري.

قال ابن سكرة: حدثني أنه ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وأنه سمع من الحافظ عبد الغني سنة سبع وأربعمائة. قلت: وسمع من أحمد بن عبد العزيز بن شرثال صاحب المحاملي، وهو أكبر شيخ له، وعبد الرحمن بن عمر النحاس ومحمد بن أحمد بن شاكر القطان ومحمد بن ذكوان التنيسي ابن بنت عثمان بن محمد السمرقندي وأحمد بن الحسين بن جعفر النخالي العطار وأحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي ومنير بن أحمد الخشاب والخطيب بن عبد الله ومحمد بن محمد النيسابوري صاحب الأصم وأبي عبد الله بن نظيف وخلق سواهم، وجمع لنفسه عوالي سفيان بن عيينة وغير ذلك، وهو من أولاد عبيد القاضي ابن النعمان العبيدي وكان يتعانى التجارة في الكتب ولهذا حصل عنده من الأصول والأجزاء ما لا يوصف كثرة.

روى عنه أبو عبد الله الحميدي وإبراهيم بن الحسن العلوي النقيب وعبد الكريم بن سوار التككي وعطاء بن هبة الله الإخميمي ووفاء بن دينار النابلسي ويوسف بن محمد الأردبيلي ومحمد بن محمد بن جماهر الطليطلي ومحمد بن إبراهيم البكري الطليطلي وأبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسي وأبو الفضل محمد بن بيان الأنباري وأبو بكر محمد بن عبد الباقي قاضي المرستان وخلق سواهم، وروى عنه بالإجازة الخطيب وأبو علي الصدفي وابن الأكفاني وإسماعيل بن السمرقندي وآخرون، وعمل له الشريف عز الدين ترجمة في جزء كبير، وآخر من روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر الحافظ، وكان المصريون الباطنية قد منعوه من الرواية وأخافوه وتهددوه فلم ينتشر من حديثه كثير شيء، قال أبو علي بن سكرة الصدفي: منعت من الدخول عليه إلا بشرط أن لا يسمعني ولا يكتب إجازة فأول ما فاتحته الكلام خلط في كلامه وأجابني على غير سؤالي حذرًا من أن أكون مدسوسًا عليه حتى باسطته وأعلمته أني من أهل الأندلس أريد الحج فأجاز لي لفظًا وامتنع من غير ذلك.

قال ابن ماكولا: كان الحبال ثقة ثبتًا ورعًا خيرًا، ذكر أنه مولى لابن النعمان قاضي القضاة ثم حدث عنه ابن ماكولا وذكر أنه ثبته في غير شيء، وروى عنه أبو بكر الخطيب بالإجازة ثم قال: وحدثني عنه أبو عبد الله الحميدي. وقد أتى إلى أبي إسحاق طالب حديث قبل أن يمنع ليسمعوا منه جزءًا فأخرج به عشرين نسخة وناول كل واحد نسخة يعارض بها، قال محمد بن طاهر الحافظ: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: كان عندنا بمصر رجل يسمع معنا الحديث وكان متشددًا وكان يكتب السماع على الأصول فلا يكتب اسم أحد حتى يستحلفه أنه سمع الجزء ولم يذهب عليه منه شيء، وسمعته يقول: كنا يومًا نقرأ على شيخ جزءًا فقرأنا قوله، : "لا يدخل الجنة قتات"، وكان في الجماعة رجل يبيع القت -وهو علف الدواب- فقام وبكى وقال: أتوب إلى الله؛ فقيل له: ليس هو ذاك؛ لكنه النمام الذي ينقل الحديث من قوم إلى قوم؛ فسكن وطابت نفسه.

ثم قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبال لا يخرج أصله من يده إلا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطالب فيكتب منه قدر جلوسه، وكان له بأكثر كتبه نسخ عدة، ولم أر أحدًا أشد أخذًا منه ولا أكثر كتبًا منه. وكان مذهبه في الإجازة أن يقدمها على الإخبار يقول: أجاز لنا فلان ولا يقول: أخبرنا فلان إجازة؛ يقول: ربما سقط إجازة فيبقى إخبارًا فإذا بدأ بها لم يقع شك؛ وسمعته يقول: خرج الحافظ أبو نصر السجزي على أكثر من مائة لم يبق منهم غيرى، قال ابن طاهر: خرج له عشرين جزءًا في وقت الطلب وكتبها في كاغذ عتيق فسألت الحبال، فقال: هذا من الكاغذ الذي كان يحمل إلى الوزير من سمرقند وقع إلي من كتبه قطعة فكنت إذا رأيت ورقة بيضاء قطعتها إلى أن اجتمع لي هذا القدر. قال ابن طاهر: لما قصدت الحبال وكانوا وصفوه لي بحليته وسيرته وأنه يخدم نفسه فكنت في بعض الأسواق ولا أهتدي إلى أين أذهب، فرأيت شيخًا على الصفة واقفًا على دكان عطار وكمه ملأى من الحوائج فوقع في نفسي أنه هو، فلما ذهب سألت العطار: من هذا الشيخ؟ قال: وما تعرفه؟ هذا أبو إسحاق الحبال؛ فتبعته وبلغته رسالة سعد بن علي الزنجاني، فسألني عنه وأخرج من جيبه جزءًا صغيرًا فيه الحديثان المسلسلان أحدهما المسلسل بالأولية فقرأهما علي وأخذت عليه الموعد كل يوم في جامع عمرو بن العاص إلى أن خرجت. قلت: لقيه في سنة سبعين، وسمع منه القاضي أبو بكر في سنة ست وسبعين، وإنما منعوه من التحديث بعد ذلك. توفي سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، عن إحدى وتسعين سنة.

وفيها مات رئيس نيسابور وقاضيها أبو نصر أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد الصاعدي، يروي عن أبي بكر الحيري وطبقته، ومفتي سرخس الإمام أبو حامد أحمد بن محمد بن محمد الشجاعي، والخطيب أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي بكر بن أبي الحديد السلمي الدمشقي، ومسند أصبهان القاضي أبو منصور محمد بن أحمد بن شكرويه، والخطيب أبو الخير محمد بن أحمد بن عبد الله بن ررا الأصبهاني، ومؤلف كتاب بستان العارفين المحدث أبو الفضل محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطبسي.

أخبرنا أبو الفهم تمام بن أحمد السلمي أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن قدامة الفقيه سنة سبع عشرة وستمائة "ح" وأخبرنا سنقر الحلبي أنا عبد اللطيف بن يوسف، قالا: أنا محمد بن عبد الباقي الحاجب أنا محمد بن أبي نصر الحافظ حدثني إبراهيم بن سعيد النعماني ويده على كتفي أنا أبو سعد أحمد بن محمد الحافظ ويده على كتفي، فذكر حديثًا لا أحب أن أرويه لأنه موضوع، متنه: حدثني رسول الله ﷺ ويده على كتفي، حدثنا الصادق الناطق ويده على كتفي، جبرائيل، .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وعلي بن أحمد كتابة قالا: أنا عمر بن محمد أنا محمد بن عبد الباقي سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة قال: قرأت على أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد بمصر سنة خمس وسبعين أنا أحمد بن عبد العزيز بن أحمد سنة سبع وأربعمائة نا القاضي أبو عبد الله المحاملي نا العباس بن يزيد البحراني نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله، ﷺ: "تدرون ما الشجرة الطيبة؟" فأردت أن أقول: هي النخلة، فنظرت فإذا أنا أصغر القوم فسكتُّ، فقال النبي، ﷺ: "هي النخلة".

أخبرنا أحمد بن يحيى بن طي وإبراهيم بن حاتم ببعلبك قالا: أنا سليمان بن رحمة أنا أبو القاسم البوصيري أنا مرشد بن يحيى أنا أبو إسحاق الحبال لفظًا أنا عبد الرحمن بن عمر أنا إسماعيل بن يعقوب بن الجراب سنة "339" نا إسماعيل القاضي نا محمد بن المثنى نا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عبد الله بن الحارث أن أبا حليمة معاذًا كان يصلي على النبي ﷺ في القنوت.

1030- 29/14

ابن شغبة

الحافظ المحدث الزاهد، أبو القاسم عبد الملك بن علي بن خلف بن محمد بن النضر بن شَغَبة -بالتحريك- الأنصاري البصري.

حدث عن أبي عمر الهاشمي والحسن بن بشار النيسابوري ويوسف بن غسان وعلي بن هارون التميمي وغيرهم، روى عنه أبو علي بن سكرة والمحدث أبو نصر الغازل وجابر الأنصاري، وأبو نصر بن ماكولا وعبد الله بن السمرقندي وأبو غالب الماوردي وآخرون.

قال السمعاني: شيخ حافظ متقن ثقة مكثر حضر ابن ماكولا مجلس إملائه؛ وقال ابن سكرة: أدركته وقد ترك كل شيء وأقبل على العبادة، صادفته يدعو ويبكي بعد الصبح فقرأت عليه شيئًا من الحديث، ورزق الشهادة في آخر عمره وكان عنده جملة من سنن أبي داود عن الهاشمي. قلت: قتل في سنة أربع وثمانين وأربعمائة.

وفيها مات أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي الذكواني الأصبهاني عن تسعين سنة، والمسند أبو الحسن علي بن الحسن بن قريش ببغداد سمع ابن الصلت الأهوازي، وشيخ القراء بمرو أبو نصر محمد بن أحمد بن علي بن حامد الكركانجي صاحب الحمامي، ومسند قزوين أبو منصور محمد بن الحسين بن الهيثم المقومي، وقاضي القضاة بنيسابور أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسين الناصحي الحنفي سمع الحيري.

ويقع لنا حديث ابن شغبة نازلا قرأت على يوسف بن أبي الزهر الحافظ أخبركم إبراهيم بن نمر القرشي أنا عبد الرحمن بن سالم أنا عبد القادر الحافظ نا المبارك بن عبد الله بن محمد البرذعي أنا محمد بن محمد ابن أخي طلحة ثنا عبد الملك بن شغبة نا علي بن أحمد البزاز نا محمد بن أحمد بن محمويه نا محمد بن إبراهيم الصوري "..." الفريابي عن ابن ثوبان عن حسان بن عطية عن أبي كبشة عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله، ﷺ: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". أخرجه الترمذي عن محمد بن يحيى عن الفريابي فوقع لنا نازلا بدرجتين.

1031- 14/30

سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان

الحافظ الإمام محدث أصبهان، أبو مسعود الأصبهاني الملنجي.

ولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، وسمع أبا عبد الرحمن الجرجاني وأبا سعد أحمد بن محمد الماليني وأبا بكر بن مردويه وعبد الله بن أحمد بن جولة الأبهري وأبا نعيم الحافظ وخلائق بأصبهان، انفرد عن بعضهم، وأبا بكر بن هارون المنقي وأبا القاسم الحرفي وأبا علي بن شاذان والبرقاني وطبقتهم ببغداد؛ سمع منه شيخه أبو نعيم وحدث عنه إسماعيل بن محمد التيمي وأبو سعد البغدادي وأبو نصر الغازي وهبة الله بن طاوس المقرئ وشرف بن عبد المطلب الحسيني وأبو جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني ومحمد بن عبد الواحد المغازلي ورجاء بن حامد المعداني ومسعود الثقفي وآخرون، وبقي أصحابه إلى قريب السبعين وخمسمائة، وقد حدث عنه من القدماء أبو بكر الخطيب في تاريخه ومات قبله ببضع وعشرين سنة. وقال السمعاني: كانت له معرفة بالحديث جمع الأبواب وصنف التصانيف واستخرج على الصحيحين، وسألت عنه أبا سعد البغدادي فقال: لا بأس به، ووصفه بالرحلة والجمع والكثرة، وقال: كنا يومًا في مجلسه وهو يملي فقام سائل وطلب فقال: من شؤم السائل أن يسأل أصحاب المحابر. وقال السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فقال: حافظ، وأبوه حافظ؛ وقال أبو عبد الله الدقاق في رسالته: سليمان بن إبراهيم الحافظ له الرحلة والكثرة، وأبوه إبراهيم يعرف بالفهم والحفظ، وهما من أصحاب أبي نعيم، تكلم في إتقان سليمان، والحفظ هو الإتقان لا الكثرة. قال السمعاني: وسألت أبا سعد البغدادي مرة أخرى عن سليمان فقال: شنع عليه أصحاب الحديث في جزء ما كان له به سماع وسكت أنا عنه.

وقال الحافظ أبو زكريا بن منده: في سماعه كلام، سمعت من الثقات أن له أخًا يسمى إسماعيل كان أكبر منه فحك اسمه وأثبت اسم نفسه مكانه وهو شيخ شره لا يتورع لحان وقاح؛ قلت: الظاهر أن سليمان صدوق وينبغي أن يتأنى في كلام أصحاب ابن منده في أصحاب أبي نعيم، فبينهم إحن.

أجاز لنا المسلم بن محمد والمؤمل بن محمد وغيرهما قالوا: أنا الكندي أنا الشيباني أنا أبو بكر الحافظ أنا سليمان بن إبراهيم نا محمد بن إبراهيم نا محمد بن الحسين القطان نا إبراهيم بن الحارث البغدادي نا يحيى بن أبي بكير نا زهير نا أبو إسحاق عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله ﷺ قال: والله ما ترك رسول الله ﷺ عند موته دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا، إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضًا جعلها صدقة. وأخبرناه محمد بن حسن الأرموي أخبرتنا كريمة عن محمد بن الحسن الصيدلاني أنا سليمان الحافظ، مثله.

أخرجه البخاري عن إبراهيم بن الحارث، توفي سليمان في شهر ذي القعدة سنة ست وثمانين وأربعمائة عن تسعين سنة.

وفيها مات أبو الفضل حمد بن أحمد بن الحسن الأصبهاني الحداد أخو أبي علي المقرئ، وقيل: في سنة ثمان، ومسند بغداد أبو الفضل عبد الله بن علي بن زكري الدقاق الكاتب عن ست وثمانين سنة، وشيخ الشام الزاهد الفقيه أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي الشيرازي الحنبلي الواعظ، والملقب بشيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الأموي الهكاري، والمسند أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف آخر أصحاب ابن أبي الفوارس، وخطيب الأنبار أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الأخضر الأنباري خاتمة من روى عن أبي أحمد الفرضي، ومسند نيسابور أبو المظفر موسى بن عمران الأنصاري خاتمة أصحاب أبي الحسن العلوي، وأبو الليث نصر بن الحسن الشكتي بسمرقند وقد حدث بالأندلس بصحيح مسلم.

1032- 31/14

الحسكاني

القاضي المحدث أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي العامري النيسابوري الحنفي الحاكم، ويعرف بابن الحذاء الحافظ.

شيخ متقن ذو عناية تامة بعلم الحديث، وهو من ذرية الأمير عبد الله بن عامر بن كريز الذي افتتح خراسان زمن عثمان وكان معمرًا عالي الإسناد، صنف "في الأبواب" وجمع وحدث عن جده "أحمد" وعن أبي الحسن العلوي وأبي عبد الله الحاكم وأبي طاهر بن محمش وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وأبي الحسن بن عبدان وابن فنجويه الدينوري وأيى الحسن علي بن السقاء وأبي عبد الله بن باكويه وخلق، وينزل إلى أبي سعيد الكنجرودي ونحوه، اختص بصحبة أبي بكر بن الحارث الأصبهاني النحوي وأخذ عنه. وأخذ أيضًا عن الحافظ أحمد بن علي بن منجويه، وتفقه على القاضي أبي العلاء صاعد بن محمد، وما زال يسمع ويجمع ويفيد، وقد أكثر عنه المحدث عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي وذكره في تاريخه لكن لم أجده ذكر له وفاة. وقد توفي بعد السبعين وأربعمائة؛ ووجدت له مجلسًا يدل على تشيعه وخبرته بالحديث وهو تصحيح خبر رد الشمس لعلي وترغيم النواصب الشمس.

فأما أبو سعد عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حسكويه فشيخ لعبد الخالق الشحامي تأخر إلى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ووالده أبو بكر صاحب الخفاف فشيخ لوالد عبد الخالق بن زاهر المذكور.

أخبرنا إسحاق بن يحيى الآمدي أنا الحسن بن عباس بن أبي طاهر التميمي سنة خمس وخمسين وستمائة أنا أبو سعد عبد الواحد بن علي بن محمد بن حمويه بالسميساطية أنا وجيه بن طاهر سنة ثمان وخمسمائة أنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني الحذاء أنا عبد الله بن يوسف الأصبهاني أنا عبد الرحمن بن يحيى الزهري بمكة نا مسعود بن مسروق نا وكيع عن القاسم بن حبيب عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله، ﷺ: "صنفان من أمتي ليس تنالهم شفاعتي: المرجئة والقدرية" قاسم واهٍ.

هامش

رواه أبو داود في الأدب 71. وأحمد في مسنده "4/ 183".

================

المقدمة

الطبقة الرابعة عشرة

رواه البخاري في الأدب 75. والدارمي في الصلاة باب 46. وأحمد في مسنده "2/ 472" "5/ 273".

رواه ابن ماجه في الزهد باب 30. وأحمد في مسنده "1/ 376، 423".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة 21. تذكرة وشيوخ صاحب التذكرة

  الطبقة 21. تذكرة  { ابن فرح         علي بن عبد الكافي         ابن جعوان         ابن الفوطي         الحارثي         ابن تيمية        ...