بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى
الله عليه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قال الشيخ أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي
رحمه الله الحمد لله الذي جل عن شبه الخليقة وتعالى عن الأفعال القبيحة وتنزه عن
الجور وتكبر عن الظلم وعدل في أحكامه وأحسن إلى عباده وتفرد بالبقاء وتوحد
بالكبرياء ودبر بلا وزير وقهر بلا معين الأول بلا غاية والآخر بلا نهاية الذي عزب
عن الأفهام تحديده وتعذر على الأوهام تكييفه وعميت عن إدراكه الأبصار وتحيرت في
عظمته الأفكار الشاهد لكل نجوى السامع لكل شكوى والكاشف لكل بلوى الذي لا يحويه مكان
ولا يشتمل عليه زمان ولا ينتقل من حال إلى حال القادر الذي لا يدركه العجز والعالم
الذي لا يلحقه الجهل والجواد الذي لا ينزح والعزيز الذي لا يخضع والجبار الذي قامت
السموات بأمره ورجفت
الجبال من خشيته والحمد لله الذي بعث محمدا صلى الله
عليه وسلم بالدلائل الواضحة والحجج القاطعة والبراهين الساطعة بشيرا ونذيرا وداعيا
إليه بإذنه وسراجا منيرا فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونهض بالحجة ودعا إلى الحق وحض
على الصدق صلى الله عليه وسلم
ثم أما بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على خير البشر
صلى الله عليه وسلم فإني لما رأيت العلم أنفس بضاعة أيقنت أن طلبه أفضل تجارة
فاغتربت للرواية ولزمت العلماء للدراية ثم أعملت نفسي في جمعه وشغلت ذهني بحفظه
حتى حويت خطيره وأحرزت رفيعه ورويت جليله وعرفت دقيقه وعقلت شارده ورويت نادره
وعملت غامضه ووعيت واضحه ثم صنته بالكتمان عمن لا يعرف مقداره ونزهته عن الإذاعة
عند من يجهل مكانه وجعلت غرضي أن أودعه من يستحقه وأبديه لمن يعلم فضله وأجلبه إلى
من يعرف محله وأنشره عند من يشرفه وأقصد به من يعظمه إذ بائع الجوهر وهو حجر يصونه
بأجود صوان ويودعه أفضل مكان ويقصد به من يجزل ثمنه ويحمله إلى من يعرف قدره على
أنه لا يستحق بسببه أن يوصف بالفضل بائعه ولا مشتريه ولا يستوجب أن يحمد من أجل
المبالغة في ثمنه مقتنيه والعلم يذكر بالرجاحة طالبه وينعت بالنباهة صاحبه ويستحق الحمد
عند كل العقلاء حاويه ويستوجب الثناء من جميع الفضلاء واعيه ويفيد أسنى الشرف
مشرفه ويكتسب أبقى الفخر معظمه فغبرت برهة ألتمس لنشره موضعا ومكثت دهرا أطلب
لإذاعته مكانا وبقيت مدة أبتغي له مشرفا وأقمت زمنا أرتاد له مشتريا حتى تواترت
الأنباء المتفقة وتتابعت الصفات الملتئمة التي لا تخالجها الشكوك ولا تمازجها
الظنون بأن مشرفه في عصره أفضل من ملك الورى وأكرم من جاد باللهى وأجود من تعمم
وارتدى وأمجد من ركب ومشى وأسود من أمر ونهى سمام العدى فياض الندى ماضي العزيمة
مهذب الخليقة محكم الرأي
صادق الوأى بذال الأموال محقق الآمال مفشي المواهب معطي
الرغائب أمير المؤمنين وحافظ المسلمين وقامع المشركين ودامغ المارقين وابن عم خاتم
النبيين محمد صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن محمد محي المكارم ومبتني المفاخر
الذي إذا رضي أغنى وإذا غضب أردى وإذا دعي أجاب وإذا استصرخ أغاث وأن معظمه
ومشتريه وجامعه ومقتنيه ربيع العفاه وسم العداه ذو الفضل والتمام والعقل والكمال
المعطي قبل السؤال والمنيل قبل أن يستنال الحكم ولي عهد المسلمين وابن سيد
العالمين أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد الإمام العادل والخليفة الفاضل الذي لم
ير فيما مضى من الأمراء شبهه ولا نشأ في الأزمنة من الكرماء مثله ولا ولد النساء
من الأجواد نظيره ولا ملك العباد من الفضلاء عديله فخرجت جائدا بنفسي باذلا
لحشاشتي أجوب متون القفار وأخوض لجج البحار وأركب الفلوات وأتقحم الغمرات مؤملا أن
أوصل العلق النفيس إلى من يعرفه وأنشر المتاع الخطير ببلد من يعظمه وأشرف الشريف
باسم من يشرفه وأعرض الرفيع على من يشتريه وأبذل الجليل لمن يجمعه ويقتنيه فمن
الله جل وعز بالسلامة وحبا تعالى ذكره بالعافية حتى حللت بعصرة الخواف وعصمة
المضاف والمحل الممرع والربيع المخصب فناء أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد المبارك
الطلعة الميمون الغرة الجم الفواضل الكثير النوافل الغيث في المحل الثمال في الأزل
البدر الطالع الصبح الساطع الضوء اللامع السراج الزاهر السحاب الماطر الذي نصر
الدين وأعز المسلمين وأذل المشركين وقمع الطغاه وأباد العصاه وأطفأ نار النفاق
وأهمد جمر الشقاق وذلل من الخلق من تجبر وسهل من الأمر ما توعر ولم الشعث وأمن السبل
وحقن الدماء أبقاه الله سالما في جسمه معافى في بدنه مسرورا بأيامه مبتهجا بزمانه
وخصه بطول المدة وتتابع النعمة وأبقى خلافته وأدام عافيته وتولى حفظه ولا أزال
عناظله وصحبت
الحيا المحسب والجواد المفضل الذي إذا وعد وفى وإذا أوعد
عفا وإذا وهب أسنع وإذا أعطى أفنع الحكم فرأيته أيده الله أجل الناس بعد أبيه خطرا
وأرفعهم قدرا وأوسعهم كنفا وأفضلهم سلفا وأغزرهم علما وأعظمهم حلما يملك غضبه فلا
يعجل ويعطي على العلات فلا يمل مع فهم ثاقب ولب راجح ولسان عضب وقلب ندب فتابعا
لدي النعمة وواترا علي الإحسان حتى أبديت ما كنت له كاتما ونشرت ما كنت له طاويا
وبذلت ما كنت به ضنينا ومذلت بما كنت عليه شحيحا فأمللت هذا الكتاب من حفظي في
الأخمسة بقرطبه وفي المسجد الجامع بالزهراء المباركة وأودعته فنونا من الأخبار
وضروبا من الأشعار وأنواعا من الأمثال وغرائب من اللغات على أني لم أذكر فيه بابا
من اللغة إلا أشبعته ولا ضربا من الشعر إلا اخترته ولا فنا من الخبر إلا انتخلته
ولا نوعا من المعاني والمثل إلا استجدته ثم لم أخله من غريب القرآن وحديث الرسول
صلى الله عليه وسلم على أنني أوردت فيه من الإبدال ما لم يورده أحد وفسرت فيه من
الإتباع ما لم يفسره بشر ليكون الكتاب الذي استنبطه إحسان الخليفة جامعا والديوان الذي
ذكر فيه اسم الإمام كاملا وأسأل الله عصمة من الزيغ والأشر وأعوذ به من العجب
والبطر وأستهديه السبيل الأرشد والطريق الأقصد
قال أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي قرأ أبو عمرو بن
العلاء / < ما ننسخ من آية أو ننسأها > / على معنى أو نؤخرها والعرب تقول
نسأ الله في أجلك وأنسأ الله أجلك أي أخر الله أجلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم
من سره النساء في الأجل والسعة في الرزق فليصل رحمه والنساء التأخير يقال بعته
بنساء وبنسيئة أي بتأخير وأنسأته البيع وقال الله عز وجل { إنما النسيء زيادة في الكفر
} والمعنى فيه على ما حدثني أبو بكر بن الأنباري رحمه الله أنهم كانوا إذا صدر
واعن منى قام رجل من بني كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة فقال أنا الذي لا أعاب ولا
يرد لي قضاء فيقولون له أنسئنا شهرا أي أخر عنا حرمة
المحرم فاجعلها في صفر وذلك أنهم كانوا يكرهون أن تتوالى
عليهم ثلاثة أشهر لا تمكنهم الإغارة فيها لأن معاشهم كان من الإغارة فيحل لهم
المحرم ويحرم عليهم صفرا فإذا كان في السنة المقبلة حرم عليهم المحرم وأحل لهم
صفرا فقال الله عز وجل إنما النسئ زيادة في الكفر وقال الشاعر
( ألسنا الناسئين على معد ** شهور الحل نجعلها حراما )
وقال الآخر ( وكنا الناسئين على معد **
شهورهم الحرام إلى الحليل ) وقال الآخر ( نسؤا الشهور
بها وكانوا أهلها ** من قبلكم والعز لم يتحول )
قال أبو بكر بن الأنباري رحمه الله معنى قوله عز وجل { ولتعرفنهم
في لحن القول } أي في معنى القول وفي مذهب القول وأنشد للقتال الكلابي
( ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا ** ووحيت وحيا ليس
بالمرتاب )
معناه ولقد بينت لكم واللحن بفتح الحاء الفطنة وربما
أسكنوا الحاء في الفطنة ورجل لحن أي فطن قال لبيد يصف كاتبا
( متعود لحن يعيد بكفه ** قلما على عسب ذبلن وبان ) ومن
اللحن الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلين اختصما إليه في
مواريث وأشياء قد درست فقال صلى الله عليه وسلم لعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من
الآخر فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فقال كل واحد من الرجلين
يا رسول الله حقي هذا لصاحبي فقال لا ولكن اذهبا فتوخيا ثم استهما ثم ليحلل كل
واحد منكما صاحبه ومنه قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله عجبت لمن لاحن الناس كيف
لا يعرف جوامع الكلم أي فاطنهم وحدثني أبو بكر عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال
يقال قد لحن الرجل يلحن لحنا فهو لاحن إذا أخطأ ولحن يلحن لحنا فهو لحن إذا
أصاب وفطن وأنشد
( وحديث ألذه هو مما ** تشتهيه النفوس يوزن وزنا )
( منطق صائب وتلحن أحيانا ** وخير الحديث ما كان لحنا )
معناه وتصيب أحيانا وحدثني أيضا قال حدثنا إسماعيل بن
إسحاق قال أخبرنا نصر ابن علي قال أخبرنا الأصمعي عن عيسى بن عمر قال قال معاوية
للناس كيف ابن زياد فيكم قالوا ظريف على أنه يلحن قال فذاك أظرف له ذهب معاوية إلى
اللحن الذي هو الفطنة وذهبوا هم إلى اللحن الذي هو الخطأ واللحن أيضا اللغة ذكره
الأصمعي وأبو زيد ومنه قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه تعلموا الفرائض
والسنن واللحن كما تعلمون القرآن فاللحن اللغة وروى شريك عن أبي إسحاق عن ميسرة
أنه قال في قوله عز وجل { فأرسلنا عليهم سيل العرم } العرم المسناة بلحن اليمن أي
بلغة اليمن وقال الشاعر ( وما هاج هذا الشوق إلا حمامة ** تغنت على خضراء سمر
قيودها )
( صدوح الضحى معروفة اللحن لم تزل ** تقود الهوى من مسعد
ويقودها )
وقال الآخر
( لقد تركت فؤادك مستجنا ** مطوقة على فنن تغنى )
( يميل بها وتركبه بلحن ** إذا ما عن للمحزون أنا )
( فلا يحزنك أيام تولى ** تذكرها ولا طير أرنا )
وقال الآخر
( وهاتفين بشجو بعدما سجعت ** ورق الحمام بترجيع وإرنان )
( باتا على غصن بان في ذرى فنن ** يرددان لحونا ذات
ألوان )
معناه يرددان لغات وصرف أبو زيد منه فعلا فقال لحن الرجل
يلحن لحنا إذا تكلم بلغته قال ويقال لحنت له لحنا إذا قلت له قولا يفهمه عنك ويخفى
على غيره ولحنه عني لحنا أي فهمه وألحنته أنا إياه إلحانا وهذا مذهب أبي بكر بن دريد
في تفسير قول الشاعر
منطق صائب وتلحن أحيانا
قال يريد تعوص في حديثها فتزيله عن جهته لئلا يفهمه
الحاضرون ثم قال
وخير الحديث ما كان لحنا
أي خير الحديث ما فهمه صاحبك الذي تحب أفهامه وحده وخفي
على غيره قال وأصل اللحن أن تريد الشيء فتوري عنه بقول آخر كقول رجل من بني العنبر
كان أسيرا في بكر بن وائل فسألهم رسولا إلى قومه فقالوا له لا ترسل إلا بحضرتنا لأنهم
كانوا أزمعوا غزو قومه فخافوا أن ينذر عليهم فجيء بعبد أسود فقال له أتعقل قال نعم
إني لعاقل قال ما أراك عاقلا ثم قال ما هذا وأشار بيده إلى الليل فقال هذا الليل
فقال أراك عاقلا ثم ملأ كفيه من الرمل فقال كم هذا فقال لا أدري وإنه لكثير فقال
أيما أكثر النجوم أو النيران فقال كل كثير فقال أبلغ قومي التحية وقل لهم ليكرموا
فلانا يعني أسيرا كان في أيديهم من بكر بن وائل فإن قومه لي مكرمون وقل لهم أن
العرفج قد أدبى وقد شكت النساء وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء فقد أطالوا ركوبها
وأن يركبوا جملي الأصهب بآية ما أكلت معكم حيسا واسألوا الحرث عن خبري فلما أدى
العبد الرسالة إليهم قالوا لقد جن الأعور والله ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملا
أصهب ثم سرحوا العبد ودعوا الحرث فقصوا عليه القصة فقال قد أنذركم أما قوله قد
أدبى العرفج فإنه يريد أن الرجال قد استلأموا أي لبسوا الدروع وقوله شكت النساء أي
اتخذن الشكاء للسفر وقوله ناقتي الحمراء أي ارتحلوا عن الدهناء واركبوا الصمان وهو
الجمل الأصهب
وقوله بآية ما أكلت معكم حيسا يريد أخلاطا من الناس قد
غزوكم لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط فامتثلوا ما قال وعرفوا فحوى كلامه وأخذ
هذا المعنى أيضا رجل من بني تميم كان أسيرا فكتب إلى قومه
( حلوا عن الناقة الحمراء أرحلكم ** والبازل الأصهب
المعقول فاصطنعوا )
( إن الذئاب قد اخضرت براثنها ** والناس كلهم بكر إذا
شبعوا )
يريد أن الناس كلهم إذا أخصبوا عدو لكم كبكر بن وائل قال
أبو علي ومعنى صائب على مذهب أبي العباس في معنى البيت قاصد كما قال جميل
( وما صائب من نابل قذفت به ** يد وممر العقدتين وثيق )
فيكون معنى قوله منطق صائب أي قاصد للصواب وإن لم يصب
وتلحن أحيانا أي تصيب وتفطن ثم قال وخير الحديث ما كان لحنا أي إصابة وفطنة
قال أبو علي ومعنى قوله عز وجل { وغدوا على حرد قادرين }
أي على قصد قال الجميج
( أما إذا حردت حردي فجرية ** ضبطاء تسكن غيلا غير مقروب )
أي قصدت قصدي وقال الآخر
( أقبل سيل جاء من أمر الله ** يحرد حرد الجنة المغله )
أي يقصد قصدها وقال أبو عبيدة معنى قوله على حرد أي على
غضب وحقد وأجاز ما ذكرناه قال ويجوز أن يكون على حرد معناه على منع واحتج بقول
العباس بن مرداس السلمي
( وحارب فإن مولاك حارد نصره ** ففي السيف مولى نصره لا
يحارد )
وحارد عندي في هذا البيت بمعنى قل يقال حاردت الإبل إذا
قلت ألبانها قال الكميت
( وحاردت النكد الجلاد ولم يكن ** لعقبة قدر المستعيرين
معقب )
ويقال حرد الرجل حردا بفتح الراء ومن العرب من يقول حرد
الرجل حردا بتسكين الراء إذا غضب وأنشد أبو عبيدة للأشهب بن رميلة
( أسود شرى لاقت أسود خفية ** تساقوا على حرد دماء
الأساود )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا إسماعيل بن
أحمد بن حفص سمعان النحوي قال حدثنا أبو عمر الضرير قال حدثنا عباد بن حبيب بن
المهلب عن موسى بن محمد بن إبراهيم التميمي عن أبيه عن جده قال بينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم ذات يوم جالس مع أصحابه إذ نشأت سحابة فقالوا يا رسول الله هذه
سحابة فقال كيف ترون قواعدها قالوا ما أحسنها وأشد تمكنها قال وكيف ترون رحاها
قالوا ما أحسنها وأشد استدراتها قال وكيف ترون بواسقها قالوا ما أحسنها وأشد
استقامتها
قال وكيف ترون برقها أوميضا أم خفيا أم يشق شقا قالوا بل
يشق شقا قال فكيف ترون جونها قالوا ما أحسنه وأشد سواده فقال صلى الله عليه وسلم
الحيا فقالوا يا رسول الله ما رأينا الذي هو منك أفصح قال وما يمنعني من ذلك فإنما
أنزل القران بلساني لسان عربي مبين
قال أبو علي قواعدها أسافلها واحدتها قاعدة فأما القواعد
من النساء فواحدتها قاعد وهي التي قعدت عن الولد وذهب حرم الصلاة عنها ورحاها
وسطها ومعظمها وكذلك رحى الحرب وسطها ومعظمها حيث استدار القوم قال الشاعر
( فدارت رحانا بفرسانهم ** فعادوا كأن لم يكونوا رميما )
وبواسقها ما علا منها وارتفع واحدتها باسقة وكل شيء
ارتفع وطال فقد بسق يقال قد بسقت النخلة قال الله عز وجل { والنخل باسقات } وكذلك
بسق النبت فكثر في كلامهم حتى قالوا بسق فلان على قومه أي علاهم في الشرف والكرم
والوميض اللمع الخفي قال امرؤ القيس
( أعني على برق أراه وميض ** يضئ حبيا في شمارخ بيض )
ويقال أومض البرق يومض إيماضا إذا لمع لمعا خفيا وأومض
بعينه إذا غمز بعينه
والخفي البرق الضعيف قال أبو عمرو خفى البرق يخفي خفيا
إذا برق برقا ضعيفا وقال الكسائي خفا يخفو خفوا
وجونها أسودها والجون من الأضداد يكون الأسود ويكون
الأبيض قال الأصمعي وأتي الحجاج بدرع وكانت صافية بيضاء فجعل لا يرى صفاءها فقال
له رجل وكان فصيحا
قال أبو عمر وهو أنيس الجرمي إن الشمس جونة يعني شديدة
البريق والصفاء فقد غلب صفاؤها بياض الدرع وأنشد
( يبادر الآثار أن تؤبا ** وحاجب الجونة أن يغيبا )
وأنشد أبو عبيدة
( غير يا بنت الحليس لوني ** طول الليالي واختلاف الجون )
وسفر كان قليل الأون
أي الفتور وقال الفرزدق يصف قصرا أبيض
( وجون عليه الجص فيه مريضة ** تطلع منها النفس والموت
حاضره ) والحيا مقصور الغيث والخصب وجمعه أحياء قال الأخطل
( ربيع حيا ما يستقل بحمله ** سؤوم ولا مستنكش البحر
ناضبه )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله
( إنا ملوك حيا للتابعين لنا ** مثل الربيع إذا ما نبته
نضرا )
وقرئ على أبي بكر يوسف بن يعقوب بن إسحق بن البهلول
الأزرق في مسجد الرصافة وأنا أسمع قال حدثنا حميد قال حدثنا عبد الله بن نمير قال
حدثنا عثمان بن حكيم قال أخبرنا عامر بن سعد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها وقال المدينة خير
لهم لو كانوا يعلمون لا يخرج منها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه
ولا يصبر أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت شهيدا أو شفيعا يوم القيامة هكذا سمعت
بلاله
قال أبو علي الابة واللوبة الحرة فمن قال لابة قال في
جمعها لاب ومن قال لوبة قال في الجمع لوب قال سلامة ابن جندل
( حتى تركنا وما تثنى ظعائننا ** يأخذن بين سواد الخط
فاللوب )
والعضاه كل شجر له شوك يعظم ومن أعرف ذلك الطلح والسلم
والسيال والعرفط والسمر والشبهان والكنهبل والواحدة عضة قال الراعي
( وخادع المجد أقوام لهم ورق ** راح العضاه به والعرق
مدخول )
واللأواء الشدة قال رؤبة
لأواءها والأزل والمظاظا
الأزل الضيق والمظاظ المشارة يقال ماظظت فلانا مماظة
ومظاظا
قال أبو علي وقرئ على الأزرق وأنا أسمع قال حدثنا بشر
ابن مطر قال حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار فقلت إني أفعل ذلك فقال إنك إن فعلت ذلك هجمت عيناك ونفهت نفسك إن لعينك حقا ولأهلك حقا ولنفسك حقا فقم ونم وصم وأفطر
قال أبو علي قال أبو عمرو الشيباني هجمت عينه وخوصت وقدحت ونقنقت عينه نقنقة كل ذلك إذا غارت
وقال الأصمعي حجلت عينه وهجمت كلاهما غارت
وجاء حاجلة عينه وأنشد
( وأهلك مهر أبيك الدواء ** ليس له من طعام نصيب )
( فتصبح حاجلة عينه ** لحنواسته وصلاه غيوب )
وحاجلة من حجلت بالتخفيف والأكثر حجلت بالتشديد فهي محجلة
ونفهت أعيت ويقال للمغي نافة ومنفه وجمع النافه نفه قال رؤبة
( به تمطت غول كل ميله ** بنا حراجيج المهاري النفه ) والميله الذي يوله سالكه أي يحيره
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله عن عمه عبد الملك بن قريب قال سمعت أعرابيا يدعو الله وهو يقول هربت إليك بنفسي يا ملجأ الهاربين بأثقال الذنوب أحملها على ظهري لا أجد شافعا إليك إلا معرفتي بأنك أكرم من قصد إليه المضطرون وأمل فيما لديه الراغبون يا من فتق العقول بمعرفته وأطلق الألسن بحمده وجعل ما امتن به من ذلك على خلقه كفاء لتأدية حقه لا تجعل للهوى على عقلي سبيلا ولا للباطل على عملي دليلا
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن
عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال لما قتل عبد الملك مصعب بن الزبير دخل الكوفة فصعد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال أيها الناس
إن الحرب صعبة مرة وإن السلم أمن ومسرة وقد زبنتنا الحرب وزبناها فعرفناها
وألفناها فنحن بنوها وهي أمنا
أيها الناس فاستقيموا على سبل الهدى ودعوا الأهواء
المردية وتجنبوا فراق جماعات المسلمين
ولا تكلفونا أعمال المهاجرين الأولين وأنتم لا تعملون
أعمالهم ولا أظنكم تزدادون بعد الموعظة إلا شرا ولن نزداد بعد الإعذار إليكم
والحجة عليكم إلا عقوبة فمن شاء منكم أن يعود بعد لمثلها فليعد فإنما مثلي ومثلكم
كما قال قيس بن رفاعة
( من يصل ناري بلا ذنب ولا ترة ** يصل بنار كريم غير
غدار )
( أنا النذير لكم مني مجاهرة ** كي لا ألام على نهي
وإنذار )
( فإن عصيتم مقالي اليوم فاعترفوا ** أن سوف تلقون خزيا
ظاهر العار )
( لترجعن أحاديثا ملعنة ** لهو المقيم ولهو المدلج
الساري )
( من كان في نفسه حوجاء يطلبها ** عندي فإني له رهن
بأصحار )
( أقيم عوجته إن كان ذا عوج ** كما يقوم قدح النبعة
الباري )
( وصاحب الوتر ليس الدهر مدركه ** عندي وإني لدراك
بأوتار )
قال أبو علي قوله زبنتنا الحرب وزبناها أي دفعتنا
ودفعناها والزبن الدفع ومنه اشتقاق الزبانية لأنهم يدفعون أهل النار إلى النار
ومنه قيل حرب زبون قال الشاعر
( عدتني عن زيارتها العوادي ** وحالت دونها حرب زبون )
عدتني صرفتني والعوادي الصوارف
والزبون من النوق التي ترمح عند الحلب
والخزي الهوان يقال خزي يخزى خزيا والخزاية الاستحياء
يقال خزي يخزى خزاية
والمدلج الذي يسير من أول الليل يقال أدلجت أي سرت من
أول الليل فأنا مدلج وادلجت أي سرت في آخره فأنا مدلج والدلجة والدلج بفتح الدال
سير آخر الليل والإدلاج من أول الليل ويقال الدلج والدلجة سير الليل كله قال
الراجز
( كأنها وقد براها الإخاس ** ودلج الليل وهاد قياس **
شرائج النبع براها القواس )
والدلجة بضم الدال من آخره ومن الناس من يجيز الدلجة
والدلجة في كل واحد منهما كما قالوا برهة من الدهر وبرهة قال زيد الخيل
( يا بني الصيداء ردوا فرسي ** إنما يفعل هذا بالذليل )
( عودوه مثل ما عودته ** دلج الليل وإيطاء القتيل )
ويروى دلج جمع دلجة
والساري الذي يسير بالليل يقال سريت فأنا سار أي سرت
ليلا وأسريت أيضا ويروى بيت النابغة على وجهين
( سرت عليه من الجوزاء سارية ** تزجي الشمال عليه جامد
البرد )
وأسرت والسرى سير الليل
والحوجاء الحاجة
والعوج في كل ما كان منتصبا مثل الإنسان والعصا وما
أشبههما والعوج في الدين والأمر وما أشبههما
والوتر الذحل بكسر الواو لا غير والوتر بفتح الواو
وكسرها الفرد ويقرأ والشفع والوتر والوتر الفتح لغة أهل الحجاز والكسر لغة تميم
وأسد وقيس ويقولون في الوتر الذي هو الفرد أوترت فأنا أوتر إيتارا وفي الذحل وترته
فأنا أتره وترا وترة
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو عثمان قال أخبرني العتبي
عن أبيه أن عبد الملك بن مروان رحمه الله كان يوجه إلى مصعب جيشا بعد جيش فيهزمون
فلما طال ذلك عليه واشتد غمه أمر الناس فعسكروا ودعا بسلاحه فلبسه فلما أراد
الركوب قامت إليه أم يزيد ابنه وهي عاتكة بنت يزيد بن معاوية فقالت يا أمير
المؤمنين لو أقمت وبعثت إليه لكان الرأي فقال ما إلى ذلك من سبيل فلم تزل تمشي معه
وتكلمه حتى قرب من الباب فلما يئست منه رجعت فبكت وبكى حشمها معها فلما علا الصوت
رجع إليها عبد الملك فقال وأنت أيضا ممن يبكي قاتل الله كثيرا كأنه كان يرى يومنا
هذا حيث يقول
( إذا ما أراد الغزو لم تثن همه ** حصان عليها نظم در
يزينها )
( نهته فلما لم تر النهي عاقه ** بكت فبكى مما شجاها
قطينها )
ثم عزم عليها بالسكوت وخرج
وقال أبو علي وبعد هذين البيتين يقول
( ولم يثنه يوم الصبابة بثها ** غداة استهلت بالدموع
شؤونها
( ولكن مضى ذو مرة متثبت ** بسنة حق واضح مستبينها )
وفي عبد الملك يقول كثير
( أحاطت يداه بالخلافة بعدما ** أراد رجال آخرون
اغتيالها )
وفي هذه القصيدة يقول فيه أيضا
( فما أسلموها عنوة عن مودة ** ولكن بحد المشرفي
استقالها )
( وكنت إذا نابتك يوما ملمة ** نبلت لها أبا الوليد
نبالها )
( سموت فأدركت العلاء وإنما ** يلقى عليات العلا من سما
لها )
( وصلت فنالت كفك المجد كله ** ولم تبلغ الأيدي السوامي
مصالها )
وحدثني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا السكن بن
سعيد عن محمد بن عباد عن هشام قال قال العباس بن الوليد بن عبد الملك لمسلمة بن
عبد الملك
( ألا تقنى الحياء أبا سعيد ** وتقصر عن ملاحاتي وعذلي )
( فلولا أن أصلك حين تمنى ** وفرعك منتمى فرعي وأصلي )
( وأني إن رميتك هضت عظمي ** ونالتني إذا نالتك نبلي )
( لقد أنكرتني إنكار خوف ** يضم حشاك عن شتمي وأكلي )
( كقول المرء عمر وفي القوافي ** لقيس حين خالف كل عدل )
( عذيري من خليلي من مراد ** أريد حياته ويريد قتلي )
يريد عمرو بن معد يكرب وقيس بن مكشوح
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال حدثني
من سمع أعرابيا يقول لصديق له دع ما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره
فليس من حكى عنك نكرا توسعه فيك عذرا قال وأخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال
أعرابي كبير السن أصبحت والله تقيدني الشعره وأعثر بالبعره وقد أقام الدهر صعري بعد
أن أقمت صعره
قال أبو علي الصعر الميل
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه قال
أنشدنا بعض أهل المدينة لخارجة ابن فليح المللي
( ألا طرقتنا والرفاق هجود ** فباتت بعلات النوال تجود )
( ألا طرقت ليلى لقى بين أرحل ** شجاه الهوى والنأي فهو
عميد )
( فليت النوى لم تسحق الخرق بيننا ** وليت الخيال
المستراث يعود )
( إذا لأقاد النفس من فجعة الهوى ** بليلى وروعات الفؤاد
مقيد )
( كأن الدموع الواكفات بذكرها ** إذا أسلمتهن الجفون
فريد )
( إذا أدبرت بالشوق أعقاب ليلة ** أتاك بها يوم أغر جديد )
حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال كتب
عبد الملك بن مروان إلى الحجاج أنت عندي كسالم فلم يدر ما هو فكتب إلى قتيبة يسأله
فكتب إليه أن الشاعر يقول
( يديرونني عن سالم وأديرهم ** وجلدة بين الأنف والعين
سالم )
ثم كتب إليه مرة أخرى أنت عندي قدح ابن مقبل فلم يدر ما
هو فكتب إلى قتيبة يسأله وكان قتيبة قد روى الشعر فكتب إليه أن ابن مقبل نعت قدحا
له فقال
( غدا وهو مجدول وراح كأنه ** من المش والتقليب بالكف
أفطح )
( خروج من الغمى إذا صك صكة ** بدا والعيون المستكفة
تلمح )
قال أبو علي المش المسح والمشوش المنديل قال امرؤ القيس
( نمش بأعراف الجياد أكفنا ** إذا نحن قنا عن شواء مضهب )
والغمى الشدة التي تغم أي تغطي والمستكفة من قولهم
استكففت الشيء إذا وضعت يدك على حاجبك تنظر هل تراه كالذي يستظل من الشمس
وقال الأصمعي من أمثال العرب العير أوقى لدمه يقال ذلك
للرجل أي أنه أشد إبقاء على نفسه ويقال الرباح مع السماح يريد أن المسامح أحرى أن
يربح ويقال عبد صريخه أمة يضرب مثلا للضعيف يستصرخ بمثله
وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر
( ولقد مررت على قطيع هالك ** من مال أشعث ذي عيال مصرم )
( من بعد ما اعتلت علي مطيتي ** فأزحت علتها فظلت ترتمي )
القطيع السوط
والهالك الضائع
والمصرم المقل المخف يقول كانت ناقتي قد اعتلت علي فلما
أصبت السوط فضربتها به ظلت ترتمي أي تترامى في سيرها
وحدثنا أبو عبد الله قال أخبرني أحمد بن يحيى عن ابن
الأعرابي عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال مكتوب في الحكمة يا بني لتكن
كلمتك طيبة ووجهك بسطا تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء وأنشدنا أبو عبد الله
( وكم من مليم لم يصب بملامة ** ومتبع بالذنب ليس له ذنب )
( وكم من محب صد من غير بغضة ** وإن لم يكن في ود خلته
عتب )
وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عمي عن
أبيه عن ابن الكلبي قال قالت عجوز من العرب لثلاث بنات لها صفن ما تحببن من
الأزواج
فقالت الكبرى أريد أروع بساما أحذ مجذاما سيد ناديه
وثمال عافيه ومحسب راجيه فناؤه رحب وقياده صعب
وقالت الوسطى أريده عالي السناء
مصمم المضاء
عظيم نار
متمم أيسار يفيد ويبيد
ويبدئ ويعيد
هو في الأهل صبي
وفي الجيش كمي
تستعبده الحليله
وتسوده الفضيلة
وقالت الصغرى أريده بازل عام
كالمهند الصمصام
قرانه حبور
ولقاؤه سرور
إن ضم قضقض
وإن دسر أغمض
وإن أخل أحمض
قالت أمها فض فوك لقد فررت لي شرة الشباب جذعة
قال أبو علي قال أبو زيد الأروع والنجيب واحدوهما الكريم
وقال غيره الأروع الذي يروعك جماله
والأحذ ههنا الخفيف السريع والأحذ أيضا الخفيف الذنب
ومنه قيل قطاة حذاء
وقال أبو بكر بن دريد الحذذ الخفة والسرعة والقطاة
الحذاء السريعة الطيران ويقال القليلة ريش الذنب وحذ الشيء يحذه حذا إذا قطعه قطعا
سريعا والحذة القطعة من اللحم وأنشد الأعشى
( تكفيه حذة فلذان ألم بها ** من الشواء ويروى شربه
الغمر )
قال ويروى حزة فلذ وقال أبو عبيدة في قول عتبة بن غزوان
حين خطب الناس فقال
( أن الدنيا قد ادنت بصرم وولت حذاء ** فلم يبق منها
الإصبابة كصبابة الأناء )
قال عمرو وغيره الحذاء السريعة الحفيفة التي قد انقطع
آخرها ومنه قيل للقطاة حذاء لقصر ذنبها مع خفتها وقال النابغة الذبياني
( حذاء مدبرة سكاء مقبلة ** للماء في النحر منها نوطة
عجب )
قال ومن هذا قيل للحمار القصير الذنب أحذ قال أبوعلى أصل
هذه الكلمة عندي الخفة ولم أسمع في بيت أعشى باهلة حذة فلذ بالذال إلا من أبى بكر
رفإن صحت هذه الرواية فلا تكون الحذه إلا القطعة الخفيفة والمجذام مفعال من الجذم والجذم
القطع تريد أنه قطاع للأمور
والنادي والندى المجلس
والثمال الغياث وثمال القوم غياتهم ومن يقوم بأمرهم يقال
فلان ثمال لبني فلان إذا كان يقوم بأمرهم ويكون أصلالهم وغياثا ويقال هو يثملهم
والمرأة تمثل الصبيان أي تكون أصلالهم قال الحطيئة
( فدى لابن حصن ما أريح فإنه ** ثمال اليتامى عصمة في
المهالك )
والثمل ساكنة الميم المقام والخفض يقال ليست دارنا بدار
ثمل قال أسامة بن الحرث الهذلي
( كفيت النسا نسال حدوديقة ** إذا سكن الثمل الظباء
الكواسع )
كفيت النسا أي سريع العدو وتلخيص معناه أن تقول الكفيت
السريع والنسا عرق في الفخذ يجري إلى الساق فكأنه قال سريع الرجل وإذا كان سريع
الرجل كان سريع العدو والكواسع التي تكسع بأذنابها من الذباب ويقال اختار فلان دار
الثمل أي دار الخفض والمقام وثمل فلان فما يبرح والثميلة البقية تبقى من العلف
والماء في بطن البعير وغيره والجميع الثمائل قال ذو الرمة
( وأدرك المتبقى من ثميلته ** ومن ثمائلها واستنشئ الغرب )
والثميلة البقية تبقى من الماء في الصخرة أو الوادي وقد
قالوا الثميل الماء الذي يبقى في الوادي
بعد مضي السيل عنه قال الأعشى
( بناجية كأتان الثميل ** تقضي السرى بعد أين عسيرا )
والأتان الصخرة تكون في الماء وإذا كانت في الماء القليل
فأصابتها الشمس صلبت والثمالة رغوة اللبن يقال حقنت الصريح وثملت الرغوة يريد بقيت
قال مزرد
( إذا مس خرشاء الثمالة أنفه ** ثنى مشفريه للصريح
فأقنعا )
وقال الأصمعي الثمالة ما بقي في العلبة من الرغوة خاصة
والثمالة ما بقي في الحوض من الماء وهو أيضا ما بقي في البطن من الماء والطعام
ويقال سقاه المثمل يريد سقاه السم
قال أبو نصر ونرى أنه أنقع فبقي وثبت وسيف ثامل أي باق
في أيدي أصحابه زمانا كذا قال الأصمعي وقال أبو عمرو قديم لا عهد له بالصقال وقال
خالد بن كلثوم هو الذي فيه بقية قال ابن مقبل
( لمن الديار عرفتها بالساحل ** وكأنها ألواح سيف ثامل )
والثملة الصوفة تجعل في الهناء ثم يطلى بها البعير أنشد
الأصمعي
( ممغوثة أعرضهم ممرطله ** كما تلاث في الهناء الثمله )
والثملة ساكنة الميم الحب والتمر والسويق يكون في الوعاء
إلى نصفه فما دونه والجماع الثمل والثملة ما أخرجت من أسفل الركية من التراب
والطين وهذان الحرفان رويناهما عن أبي عبيد بضم الثاء وعن أبي نصر بفتح الثاء ويقال
ثمل يثمل ثملا إذا أخذ الشراب فيه
وعافيه الذين يعفونه أي يأتونه يقال عفاه يعفوه واعتفاه
يعتفيه وعراه يعروه واعتراه يعتريه واعتره يعتره وعره يعره ومحسب كاف أنشدنا أبو
بكر بن الأنباري لامرئ القيس
( فتملأ بيتنا أقطا وسمنا ** وحسبك من غنى شبع ورى )
أي يكفيك الشبع والري وفناؤه رحب أي واسع ويقال فناء
الدار وثناؤها والسناء من الشرف ممدود من الضوء مقصور والمصمم من الرجال الذي يمضي
في الأمور
لا يرد عزمه شيء والمصمم من السيوف الذي يمضي في الضرائب
لا يحبسه شيء وأيسار جمع يسر وهو الذي يدخل مع القوم في القداح وهو مدح وقال
الشاعر
( وراحلة نحرت لشرب صدق ** وما ناديت أيسار الجزور )
والبرم الذي لا يدخل مع القوم في الميسر وهو ذم وجمعه
أبرام قال متمم
( ولا برم تهدي النساء لعرسه ** إذا القشع من برد الشتاء
تقعقعا )
ويقال كان رجل برما فجاء إلى امرأته وهي تأكل لحما فجعل
يأكل بضعتين بضعتين فقالت له امرأته أبرما قرونا فأرسلتها مثلا
وقال أبو زيد الكمي الجريء المقدم كان عليه سلاح أو لم
يكن وقال غيره الذي يكمي شجاعته في نفسه أي يسترها وقال ابن الأعرابي الكمي الشجاع
وسمى كميالأنه يتكمى الأقران لا يكع ولا يجبن عن قرنه أي يقصد وكل ما اعتمدته فقد
تكميته وأنشد
( بل لو شهدت الناس اذتكموا ** بقدر حم لهم وحموا )
( وغمة لو لم تفرج غموا ** )
وحليلة الرجل امرأته وحليلته أيضا جارته التي تحاله
وتنزل معه قال الشاعر
( ولست بأطلس الثوبين يصبى ** حليلته إذا هجع النيام )
وعرس الرجل امرأته أيضا قال امرؤ القيس
( كذبت لقد أصبى على المرء عرسه ** وأمنع عرسي أن يزن
بها الخالي )
وهو أيضا عرسها وهي حنته قال كثير
( فقلت لها بل أنت حنة حوقل ** جرى بالفرى بيني وبينك
طابن )
والفرى جمع فرية وقال الشاعر
( ما أنت بالحنة الودود ولا ** عندك خير يرجى لملتمس )
وهي طلته أيضا قال الشاعر
( وإن امرأ في الناس كنت ابن أمه ** تبدل مني طلة لغبين )
( دعتك إلى هجري فطاوعت أمرها ** فنفسك لا نفسي بذاك
تهين )
وقال الآخر
( ألا بكرت طلتي تعذل ** وأسماء في قولها أعذل )
( تريد سليماك جمع التلاد ** والضيف يطلب ما يأكل )
وربضه وربضه أيضا والربض كل ما أويت إليه قال الشاعر
( جاء الشتاء ولما أتخذ ربضا ** يا ويح كفى من حفر
القراميص )
والقرموص حفرة يحتفرها الصائد إلى صدره فيدخل فيها إذا
اشتد عليه البرد والقرموص أيضا مبيض القطاة وقعيدة الرجل أيضا امرأته قال الأسعر
الجعفي
( لكن قعيدة بيتنا مجفوة ** باد جناجن صدرها ولها غنى )
وزوجه أيضا قال الأصمعي ولا تكاد العرب تقول زوجته وقال
يعقوب يقال زوجته وهي قليلة قال الفرزدق
( وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي ** كساع إلى أسد الشرى
يستبيلها )
وهي بعله أيضا وبعلته وأنشد الفراء
( شر قرين للكبير بعلته ** تولغ كلبا سؤره أو تكفته )
يعني أن امرأته قد تقذرته حين كبر فإذا شرب لبنا وبقى
سؤره والسؤر بقية الشراب في الإناء تولغه كلبا أو تكفته أي تقلبه على الأرض وبيته
أيضا قال الراجز
( أقول إذ حوقلت أو دنوت ** وبعض حيقال الرجال الموت )
( مالي إذا أنزعها صأيت ** أكبر غيرني أم بيت )
وشهلته أيضا أنشدني أبو بكر الأنباري
( له شهله شابت وما مس جيبها ** ولا راحتيها الششنتين
عبير )
والشهلة أيضا العجوز قال الراجز
( باتت تنزى دلوها تنزيا ** كما تنزى شهلة صبيا )
وجثلته ومعزبته امرأته وقال غيره وحوبته أيضا وقال أبو
زيد والحوبة القرابة من قبل الأم وكذلك كل ذي رحم محرم قال أبو يعقوب الحوبة الأم والفصيلة
رهط الرجل الأدنون وقال ابن الكلبي الشعب أكثر من القبيلة ثم القبيلة ثم العمارة
ثم البطن ثم الفخذ وأسرة الرجل رهطه الأدنون وكذلك فصيلته
وقولها أريده بازل عام أي تام الشباب كامل القوة لان
البعير أتم ما يكون شبابا وأكمله قوة إذا كان بازل عام قال الأصمعي إذا وضعت الناقة
فولدها سليل وقبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى فإذا علم فإذا علم فإن كان ذكرا فهو سقب
وأمه مسقب وإن كانت أنثى فهي حائل وأمها أم حائل قال الهذلي
( فتلك التي لا يبرح القلب حبها ** ولا ذكرها ما أرزمت
أم حائل )
وهي مؤنث وقد آنثت أي جاءت بأنثى وقد أذكرت فهي مذكر إذا
جاءت بذكر فإن كان من عادتها أن تضع الإناث فهي مئناث وكذلك مذكار إذا كان من
عادتها أن تضع الذكور فإذا قوي ومشى مع أمه فهو راشح والأم مرشح فإذا حمل في سنامه
شحما فهو مجذ ومكعر ثم هو ربع قال الأصمعي حدثني عيسى بن عمر قال سألت جبر بن حبيب
أخا امرأة العجاج عن الهبع والربع فقال الربع ما نتج في أول النتاج والهيع ما نتج
في آخر النتاج فإذا مشى الهبع مع الربع أبطره ذرعا فهبع بعنقه أي استعان به ثم هو
حوار فإذا فصل عن أمه والفصال الفطام فهو فصيل والجمع فصلان وفصلان ومنه الحديث لا
رضاع بعد فصال فإذا أتى عليه حول فهو ابن مخاض وإنما سمي ابن مخاض لأن أمه لحقت
بالمخاض وهي الحوامل وإن لم تكن حاملا فإذا استكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة
فهو ابن لبون والأنثى بنت لبون وإنما سمي ابن لبون لأن أمه كانت من المخاض في
السنة الثانية ثم وضعت في الثالثة فصار لها لبن لبون وهو ابن لبون فلا يزال كذلك
حتى يستكمل الثالثة فإذا دخل في الرابعة فهو حينئذ حق والأنثى حقه وإنما قيل لها
حقه لأنها قد استحقت أن يحمل عليها وتركب فإذا استكمل الرابعة ودخل في الخامسة فهو
جذع والأنثى جذعة فإذا دخل في السادسة فهو ثني والأنثى ثنية فإذا دخل في السابعة
فهو رباع والأنثى
رباعية فإذا دخل في الثامنة فهو سديس وسدس والأنثى سديسة
فإذا دخل في التاسعة وبزل نابه فهو بازل يقال بزل نابه يبزل بزولا وشقأ نابه يشقأ
شقوأ وشقأ وشقى أيضا وشق يشق شقوقا وفطر يفطر فطورا وبزغ وصبأ وعرد يعرد عرودا
فإذا دخل في العاشرة فهو مخلف ثم ليس له اسم بعد الأخلاف ولكن يقال بازل عام وبازل
عامين ومخلف عام ومخلف عامين وقضقض أي حطم كما يقضقض الأسد الفريسة وهو أن يحطمها
وينفصها فتسمع لعظامها صوتا والأسد القضقاض الحطام قال رؤبة
( كم جاوزت من حية نضناض ** وأسد في في غيله قضقاض )
( ليث على أقرانه رباض ** يلقي ذراعي كلكل عرباض )
والعرباض الثقيل العظيم ودسر دفع ومنه قول ابن عباس رضي
الله عنهما في العنبر إنما هو شيء دسره البحر أي لا زكاة فيه
قال وقرأنا على أبي بكر بن دريد رحمه الله قول الشاعر
( فأصبحت من سلمى كذى الداء لم يجد ** طبيبا يداوى ما به فتطببا )
( فلما اشتفى مما به عل طبه ** على نفسه من طول ما كان
جربا )
يقول لما لم يجد إليها سبيلا داوى نفسه بالهجران فلما
رأى ذلك قد نفعه عل الهجران أي فعله ثانية
وحدثنا الأخفش قال أنبأني أبو الفياض بن أبي شراعة عن
أبي شراعة قال حدثني عبد الله بن محمد بن بشير البصري قال علق أبي جارية لبعض
الهاشميين فبعثت إليه أمي تعاتبه فكتب إليها
( لا تتبعن لوعة إثرى ولا هلعا ** ولا تقاسن بعدي الهم
والجزعا )
( بل أئتسى تجدي إن ائتسيت أسا ** بمثل ما قد فجعت اليوم
قد فجعا )
( ما تصنعين بعين عنك طامحة ** إلى سواك وقلب عنك قد
نزعا )
( إن قلت قد كنت في ود تكرمة ** فقد صدقت ولكن ذاك قد
منعا )
( وأي شيء من الدنيا سمعت به ** إلا إذا صار في غاياته
انقطعا )
( لم تبق عينا حسين عند لحظهما ** لغيرها في فؤادي بعدها
طمعا )
( ومن يطيق مذك عند صبوته ** ومن يقوم لمستور إذا خلعا )
وأنشدنا الأخفش قال قرأت على أبي العباس الأحول الأعرابي
( يا منشر الموتى أقدني من التي ** بها نهكت نفسي سقاما
وعلت )
( لقد بخلت حتى لو أنى سألتها ** قذى العين من ضاحى
التراب لظنت )
( فا أم بو هالك بتنوفة ** إذا ذكرته آخر الليل حنت )
( بأكثر مني لوعه غير أنني ** أطامن أحشائي على ما أجنت )
وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله
( أبت الروادف والثدى لقمصها ** مس البطون وأن تمسى
ظهورا )
( وإذا الرياح مع العشى تناوحت ** نبهن حاسدة وهجن غيورا )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي
المعروف بنفطويه وأنشدنا الأخفش أيضا قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب
النحوي
( فلم أرهالكا كبنى صريم ** تلفهم التهائم والنجود )
( أجل جلالة وأعز فقدا ** وأقضى للأمور وهم قعود )
( وأكثرنا ناشئا وأعز فقدا ** وأقضى للأمور وهم قعود )
( وأكثرنا ناشئا مخراق حرب ** يعين على السيادة أو يسود )
وأنشدنا إبراهيم أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( وكنت مجاورا لبني سعيد ** فأفقد نيهم ريب الزمان )
( فلما أن فقدت بني سعيد ** فقدت الود إلا باللسان )
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن
الكلبي قال وفد علبة بن مسهر الحرثي والمنتشر أحد فوارس الأرباع الذين يقول لهم
الأجدع الهمداني
( وسألتني بركائبي ورحالها ** ونسيت قتل فوارس الأرباع )
إلى ذي فائش الملك الحميري وكان ذو فائش يحب اصطناع
سادات العرب ويقرب مجالسهم
ويقضى حوايجهم وكان علبة شاعرا حدثا طريفا فقال له الملك
يا علبة ألا تحدثني عن أبيك وأعمامك وتصف لي أحوالهم فقال بلى ايها الملك وهم
أربعة زياد ومالك وعمرو ومسهر فأما زياد فما استل سيفه مذ ملكت يده قائمه الا أغمدة
في جثمان بطل أو شوامت جمل وكان إذا حملق النجيد وصلصل الحديد وبلغت النفس الوريد
اعتصمت بحقويه الأبطال اعتصام الوعول بذرى القلال فذاد عنهم الأبطال ذياد القروم
عن الأشوال وأما مالك فكان عصمة الهوالك إذا شبهت الأعجاز بالحوارك يفرى الرعيل
فرى الأديم بالازميل ويخبط البهم خبط الذئب نقاد الغنم وأما عمرو فكان إذا عصبت
الأفواه وذبلت الشفاه وتفادت الكماه خاض ظلام العجاج وأظفأ نار الهياج وألوى
بالاعراج وأردف كل طفلة مغناج ذات بدن رجراج ثم قال لأصحابه عليكم النهاب والأموال
الرغاب عطاء لا ضنين شكس ولاحقلد عكس وأما مسهر فكان الدعاف الممقر والليث المخدر
يحيي الحرب ويسعر ويبيح النهب فيكثر ولا يحتجن ولا يستأثر فقال له الملك لله أبوك
مثلك فليصف أسرته
قال أبو علي الحدث الحسن الحديث والحديث الكثير الحديث
والحدث الشاب فإذا ذكروا السن قالوا حديث السن ولم يقولوا حدث السن والحدث الذي يتحدث
إلى النساء يقال هو حدث نساء وزير نساء إذا كان يكثر زيارتهن قال مهلهل
( فلو نبش المقابر عن كليب ** فيخبر بالذنائب اي زير )
أراد فيخبر بالذنائب أى زيرأنا وذلك أن كليبا كان يعيره
فيقول إنما أنت زير نساء وهو تبع نساء إذا كان يتبعهن وخلب نساء أي يلصق بقلوبهن
ويحل منهن محل الخلب قال أبو زيد الخلب حجاب القلب ومنه قيل إنه لخلب نساء أي
يحببنه وأنشد غيره
( يا بكرين ويا خلب الكبد ** أصبحت منى كذراع من عضد )
ويقول أهل اليمن هو خلم نساءوا لخلم الصديق وجمعه أخلام
وزادني أبو عمرو عن أبي العباس عن ابن الأعرابي وعجب نساء أي يعجب النساء وقوله في
جثمان بطل قال الأصمعي
الجثمان الشخص والجثمان جماعة الجسم وهو التجاليد أيضا
أنشدنا أبو بكر عن أبي حاتم عن الأصمعي
( ينبى تجاليدي وأقتادها ** ناو كراس الفدن المؤيد )
والأجلاد التجاليد قال الأسود بن يعفر
( أما تريني قد بليت وشفنى ** ما غيض من بصري ومن أجلادي )
( يريد ما نقص من بصري ومن جسمي ** ويقال لشخص الإنسان
الطلل )
والآل والسمامة ويقال لأعلى شخصه السماوة والشبح والشبح
جميعا الشخص قال الشاعر يصف ظليما
( هجوم عليها نفسه غير أنه ** متى يرم في عينيه بالشج
ينهض )
( والشدف الشخص وجمعه شدوف قال ساعدة بن جؤية
( موكل بشدوف الصوم ينظرها ** من المغارب مخطوف الحشازرم )
يصف ثورا قال الأصمعي الصوم شجر يشبه الناس فهو يرقبه
يخشى أن يكون ناسا ويقال قامة الإنسان وقومية الإنسان قال العجاج صلب القناة سلهب
القومية وقومته وقوامه ويقال هو قوام هذا الأمر بكسر القاف إذا كان يقوم به والأمة
القامة وجمعها أمم قال الأصمعي وصف أعرابي رجلا فقال إنه لحسن الوجه حليف اللسان
طويل الأمة والحليف الحديد من كل شيء يقال لسان حليف وسنان حليف الغرب قال الأعشى
( وإن معاوية الأكرمين ** حسان الوجوه طوال الأمم )
وقال أبو عبيدة الطن القامة وقوله أوشوامث جمل فالشوامت
القوائم يريد أنه يعقر الإبل للضيفان وحملق انقلب حملاقه والحملاق باطن الجفن
والنجيد الشجاع يقال نجد الرجل ينجد نجدة فهو نجيد والنجد الشجاع وكذلك النجد
والنجدة الشجاعة هذا قول أبي نصر صاحب الأصمعي وتابعه على ذلك يعقوب في بعض
المواضع ثم قال في موضع
آخر النجد السريع الإجابة إلى الداعي إذا دعاه إلى خير
أو شر وهو النجد ويقال ما كان نجدا ولقد نجد ينجد نجاده وأنجدته إنجادا فأما
النجدة فالفزع في أي وجه كان وهذا قول أبي زيد ويقال استنجد فلان فلانا فأنجده أي
أعانه
وقال أبو عبيدة نجدت الرجل أنجده غلبته وأنجدته أعنته
والنجد ما ارتفع من الأرض وبه سميت نجد لأنها ارتفعت عن تهامة وسميت تهامة لأنها
انخفضت عن نجد فتهم ريحها أي تغير يقال تهم الدهن وتمه إذا تغير والنجد الطريق في
الجبل والتنجيد التزيين يقال نجدت البيت تنجيدا قال ذو الرمة
( حتى كأن رياض القف ألبسها ** من وشي عبقر تجليل وتنجيد )
والنجود ما ينجد به البيت واحدها نجد والنجود من الحمر
الحائل ويقال الطويلة والنجاد حمائل السيف والأنجاد الأخذ في بلاد نجد والنجد
العرق يقال نجد الرجل ينجد نجدا إذا عرق قال النابغة
( يظل من خوفه الملاح معتصما ** بالخيزرانة بعد الأين
والنجد )
والمنجود المكروب قال أبو زبيد
( صاديا يستغيث غير مغاث ** ولقد كان عصرة المنجود )
وصلصل صوت والوريدان حبلا العنق والأشوال جمع شول وهي
التي جفت ألبانها وواحد الشول شائلة فأما الشائل فالتي شالت بذنبها اللقاح وجمعها
شول والرعيل جماعة الخيل والأزميل الشفرة قال عبدة بن الطبيب
( عيهمة ينتحى في الأرض منسمها ** كما انتحى في أديم
الصرف إزميل ) العيهمة التامة الخلق ويقال السريعة وينتحى يعتمد والصرف صبغ أحمر
وقال الأصمعي الصرف صبغ يعل به الأديم فيحمر والبهم واحدها بهمة وهو الشجاع الذي
لا يدرى من أين يؤتى له ويقال حائط مبهم إذا لم يكن فيه باب وا لأبهم من كل شيء
المصمت الذي لا صدع فيه ولا خلط والبهيم من الخيل الذي ليس به وضح والنقاد جمع
نقد وهي صغار الغنم ويقال نقد الضرس إذا ائتكل ونقد
الحافر إذا تقشر وحافر نقد ويقال النقد عند الحافرة أى عند أول كملة وقال بعض
اللغويين كانت الخيل أفضل ما يباع فإذا اشترى الرجل الفرس قال له صاحبه النقد عند
الحافر أى عند حافر الفرس في موضعه قبل أن يزول وقال الله تعالى أئنا لمردودن في الحافرة
اي إلى خلقنا الأول وأنشدنا ابن الأنباري
( أحافرة على صلع وشيب ** معاذا الله من سفه وعار )
أي أأرجع إلى الصبا بعد ما شبت وصلعت
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثني عمى عن أبيه
عن ابن الكلبي قال قال لي أعرابي ما معنى قول الله تعالى { أئنا لمردودون في
الحافرة } فقلت الخلق الأول قال فما معنى قوله تعلى { عظاما نخرة } قلت التي تنخر فيها
الريح فقال أما سمعت قول صاحبنا يوم القادسية
( أقدم أخانهم على الأساوره ** ولاتهولنك رجل نادره )
( فانما قصرك ترب الساهره ** حتى تعود بعدها في الحافره )
( من بعدها صرت عظاما ناخره ** )
وعصب الريق إذا غلظ ولصق بالفم ويبس وأنشدنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله
( يعصب فاه الريق أي عصب ** عصب الجباب بشفاه الوطب )
ويقال تفادى القوم إذا استتر بعضهم ببعض قال الحطيئة
( تفادى كماة الخيل من وقع رمحه ** تفادى خشاش الطير من
وقع أجدل )
وألوى أذهب والأعراج جمع عرج وهي نحو خمسمائة من الإبل
والطفلة الناعمة الرخصة يقال بنان طفل والطفلة الحديثة
السن والحقلد الشيء الخلق كذا قال يعقوب والعكس والعكص بالسين والصاد العسر
الأخلاق والذعاف السم السريع القتل والممقر عند بعضهم الشديد المرارة وعند بعضهم
الشديد
الحموضة والمقر الصبر ويحتجن يحتكر ويخفي وأنشدنا أبو
بكر بن دريد رحمه الله لأبي زبيد
( لها صواهل في صم السلام كما ** صاح القسيات في أيدي
الصياريف )
( كأنهن بأيدي القوم في كبد ** طير تكشف عن جون مزاحيف )
وصف مساحي
والسلام الحجارة
والصياريف الصيارفة ثم شبه المساحي في أيدي الحفارين
الذين يحفرون قبر عثمان رضي الله عنه بطير تطير عن إبل جون مزاحيف
والجون السود
والمزاحيف المعيية وإنما جعلها جونا لأنهم حفروا له في
حرة فشبه الحرة بالإبل السود
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال سألت عبد الرحمن
يوما فقلت له إن رأيت أن تنشدني من أرق ما سمعته من عمك من أشعار العرب فضحك وقال
والله لقد سألت عمي عن ذلك فقال يا بني وما تصنع برقيق أشعارهم فوالله إنه ليفرح القلوب
ويحث على الصبابة ثم أنشدني للعلاء بن حذيفة الغنوي
( يقولون من هذا الغريب بأرضنا ** أما والهدايا إنني
لغريب )
( غريب دعاه الشوق واقتاده الهوى ** كما قيد عود بالزمام
أديب )
( وماذا عليكم إن أطاف بأرضكم ** مطالب دين أو نفته حروب )
( أمشي بأعطان المياه وأبتغي ** قلائص منها صعبة وركوب )
فقلت أريد أحسن من هذا فأنشدني
( لعمري لئن كنتم على النأي والغنى ** بكم مثل ما بي
إنكم لصديق )
( فما ذقت طعم النوم منذ هجرتكم ** ولا ساغ لي بين الجوانح
ريق )
( إذا زفرات الحب صعدن في الحشا ** كررن فلم يعلم لهن
طريق )
قال أبو علي يفرح يجرح قال الهذلي
( لا يسلمون قريحا حل وسطهم ** يوم اللقاء ولا يشوون من
قرحوا )
أي جرحوا وقرأ أبو عمرو إن يمسسكم قرح وقال القرح الجراح
والقرح كأنه
ألم الجراح
وأطاف ألم وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا عبد
الرحمن عن عمه قال أنشدتني عشرقة المحاربية وهي عجوز حيزبون زولة
( جريت مع العشاق في حلبه الهوى ** ففقتهم سبقا وجئت على
رسلي )
( فما لبس العشاق حلل الهوى ** ولا خلعوا إلا الثياب
التي أبلى )
( ولا شربوا كأسا من الحب مرة ** ولا حلوة إلا شرابهم
فضلى )
قال أبو علي قال أبو بكر الحيزبون التي فيها بقية من
الشباب والزولة الظريفة والزول الظريف وقوم أزوال والزول أيضا الداهية والزول
العجب
وقال لي غير أبي بكر الحيزبون العجوز ولم يحد لها وقتا
وأنشدني أبو المياس القطامي
( إلى حيزبون توقد النار بعدما ** تلفعت الظلماء من كل
جانب )
وأنشدني أبو عمرو عن أبي العباس عن ابن الأعرابي
( لقد علمت سمراء أن حديثها ** نجيع كما ماء السماء نجيع )
( إذا أمرتني العاذلات بصرمها ** هفت كبد عما يقلن صديع )
( وكيف أطيع العاذلات وحبها ** ** يؤرقني والعاذلات هجوع )
قال أبو علي أنشدني ابن الأعرابي البيتين الأولين
وأنشدنا أبو بكر بالإسناد الذي تقدم عن الأصمعي عن عشرقة البيت الثاني والثالث
وأنشدنا الأخفش علي بن سليمان قال أنشدني إبراهيم بن المدبر لنفسه
( ما دمية من مرمر صورت ** أو ظبية في خمر عاطف )
( أحسن منها يوم قالت لنا ** والدمع من مقلتها ذارف )
( لأنت أحلى من لذيذ الكرى ** ومن أمان ناله خائف )
فأنشدته قول الآخر
( الله يعلم والدنيا مولية ** والعيش منتقل والدهر ذو
دول )
( لأنت عندي وإن ساءت ظنونك بي ** أحلى من الأمن عند
الخائف الوجل )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة المعروف
بنفطويه قال أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب
( أعلى ماماء الفرات وبرده ** منى على ظما وفقد شراب )
( بألذ منك وان نأيت وقلما ** يرعى النساء أمانة الغياب )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم
عن الأصمعي لأبي نخيلة
( أمسلم إني يا ابن كل خليفة ** ويا فارس الهيجا ويا قمر
الأرض )
( شكرتك أن الشكر حبل من التقى ** وما كل من أوليته نعمة
يقضي )
( وألقيت لما أن أتيتك زائرا ** على لحافا سابغ الطول
والعرض )
( ونوهت من ذكرى وما كان خاملا ** ولكن بعض الدكر أنبه
من بعض )
وحدثنا على بن سليمان الأخفش قال أنشدنا أبو العباس محمد
بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي قال أنشدني عبد الصمد بن المعذل لمرة
( تمارضت كى أشجى وما بك علة ** تريدين قتلى قد رضيت
بذلك )
( لئن ساءني أن نلتنى بمساءة ** لقد سرني أني خطرت ببالك )
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه
قال قيل لكثير مالك لا تقول الشعر أجلبت فقال والله ما كان ذلك ولكن فقدت الشباب
فما أطرب ورزئت عزة فما أنسب ومات ابن ليلى فما أرغب يعني عبد العزيز بن مروان
قال أبو على قوله أجبلت أي انقطعت عن قول الشعر أخذه من
قولهم أجبل الحافر إذا انتهى إلى جبل فلم يمكنه الحفر وأنشدنا أبو عبد الله
ابراهيم بن محمد بن عرفة المعروف بنفطويه النحوي يوم الأحد في سوق الثلاثاء على
باب الكلواذاني صاحب ديوان السواد لكثير
( ألا تلك عزة قد أصبحت ** تقلب للهجر طرفا غضيضا )
( تقول مرضنا فاعدتنا ** وكيف يعود مريض مريضا )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله عن عبد الرحمن عن عمه
لأعرابي
( إذا وجدت أوار الحب ظاهره ** فمن لحر على الأحشاء يتقد )
وحدثنا أبو الحسن جحظة البرمكي عن حماد بن اسحق الموصلى
وحدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال
حدثنا حماد عن أبيه قال دخلت يوما على الرشيد فقال لي يااسحق أنشدني شيأ من شعرك فأنشدته
( وآمره بالبخل قلت لها اقصرى ** فذلك شيء ما إليه سبيل )
( أرى الناس خلان الجواد ولا أرى ** بخيلا له في
العالمين خليل )
( ومن خير حالات الفتى لو علمته ** إذا نال شيأ أن يكون
ينيل )
( فإنى رأيت البخل يزرى بأهله ** فأكرمت نفسي أن يقال
بخيل )
( عطائي عطاء المكثرين تجملا ** ومالي كما قد تعلمين
قليل )
( وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ** ورأى أمير المؤمنين
جميل )
فقال لا كيف إن شاء الله يا فضل أعطه مائة ألف درهم ثم
قال لله در أبيات تأتينا بها يا اسحق ما اتقن أصولها وأحسن فصولها وزاد جحظة وأقل
فضولها فقلت كلامك يا أمير المؤمنين أحسن من شعري فقال يا فضل أعطه مائة ألف أخرى فكان
أول مال اعتقدته
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن
عن عمه قال نظر أعرابي إلى قوم يلتمسون هلال شهر رمضان فقال والله لئن آثرتموه
لتمسكن منه بذنابى عيش أغبر وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملي أبي العباس
المبرد وحدثنا الأخفش وابن السراج وغير واحد من أصحاب المبرد قالوا كلهم أنشدنا
أبو العباس قال أنشدنا الزيادي لأعرابي هذه الأبيات وكان يستحسنها
( ما لعيني كحلت بالسهاد ** ولجنبي نابيا عن وسادي )
( لا أذوق النوم إلا غرارا ** مثل حسو الطير ماء الثماد )
( أبتغي إصلاح سعدى بجهدي ** وهي تسعى جهدها في فسادي )
( فتتاركنا على غير شيء ** ربما أفسد طول التمادي )
وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله تعالى
( أقول لصاحبي والعيس تخدي ** بنابين المنيفة فالضمار )
( تمتع من شميم عرار نجد ** فما بعد العشية من عرار )
( ألا يا حبذا نفحات نجد ** وريا روضه بعد القطار )
( وأهلك إذ يحل الحي نجدا ** وأنت على زمانك غير زار )
( شهور ينقضين وما شعرنا ** بأنصاف لهن ولا سرار )
وأنشدنا الأخفش للعطوي يرثي أخاه
( لقد باكرته بالملام العواذل ** فمارقأت منه الدموع
الهواطل )
( أيقني جميل الصبر من هدركنه ** وهيض جناحاه وجد
الأنامل )
( أمن بعد ما ذاق المنية أحمد ** تطيب لنا الدنيا وتصفو
المناهل )
( كأن لم يكن لي خير خل وصاحب ** وخير خطيب تتقيه
المقاول )
( كأن أبا العباس لم يلق ضيفه ** ببشر ولم يرحل بجدواه
راحل )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي
قال أنشدنا أحمد بن يحي ثعلب لابن أبي مرة المكي
( إن وصفوني فناحل الجسد ** أو فتشوني فأبيض الكبد )
( أضعف وجدي وزاد في سقمي ** أن لست أشكو الهوى إلى أحد )
( آه من الحب آه من كمدي ** إن لم أمت في غد فبعد غد )
( جعلت كفى على فؤادي من ** حر الهوى وانطويت فوق يدي )
( كأن قلبي إذا ذكرتكم ** فريسة بين ساعدي أسد )
( يدي بحبل الهوى معلقة ** فان قطعت الهوى قطعت يدي )
وأنشدني جماعة من أصحاب أبي العباس المبرد منهم ابن
السراج وابن درستويه والأخفش قالوا أنشدنا أبو العباس قال أنشدنا بعض البصريين
وأنشدنا أيضا أبو بكر ابن الأنباري عن المظفر
( هل من جوى الفرقة من واقي ** أم هل لداء الحب من راقى )
( أم من يداوي زفرات الهوى ** إذ جلن في مهجة مشتاق )
( يا كبدا أفنى الهوى جلها ** من بعد تلذيع إحراق )
( حتى إذا انفسها ساعة ** كرت يد البين على الباقي )
قال أبو علي البيتان الأولان رواهما أبو بكر بن الأنباري
خاصة وشارك أصحاب أبي العباس في رواية البيتين الآخرين وأنشدني أبو بكر بن دريد
لأعرابي
( وأنى لأهواها وأهوى لقاءها ** كما يشتهي الصادي الشراب
المبردا )
( علاقة حب لج في زمن الصبا ** فأبلى وما يزداد إلا
تجددا )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد لنفسه
( بنا لابك الوصب المؤلم ** ونفسك من صرفه تسلم )
( لئن نال جسمك نهك الضنى ** لقد ضنى السودد الأعظم )
( فحاشاك من سقم عارض ** ولكن أكبادنا تسقم )
( فأنت السماء التي ظلها ** إذا زال أعقبه الصيلم )
( وأنت الصباح الذي نوره ** به ينجلى الحادث المظلم )
( وأنت الغمام الذي سيبه ** ينال الثراء به المعدم )
يخاطب عنك لسان العلا ** إذا ذكر المفضل المنعم )
( فمن نال من كرم رتبة ** فيومك من دهره أكرم )
( إذا ما تخطاك صرف الردى ** فركن المكارم لا يهدم )
( فبالله أقسم رب الورى ** ولله غاية ما يقسم )
( لو أن السماء حمت قطرها ** لكنت حيا سيبه مثجم )
قال أبو علي يقال أنجمت السماء وأغبطت وألثت وألظت اذا
دام مطرها ولم ينقطع وفي الحديث ألظوا بياذا لجلال والإكرام أى الزموا هذه الدعوة
وأغضنت وأدجنت فإذا أقلعت قيل أنجمت وأفصت وأفصمت ومنه أفصى الشاعر إذا انقطع عن قول
الشعر وأفصت الدجاجة اذا انقطع بيضها ويقال أصفت الدجاجة وأصفى في الشعر وهو من
المقلوب
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه
عن أبي عمرو بن العلاء قال رأيت باليمن غلاما من جرم ينشد عنزا فقلت صفها يا غلام
قال حسراء مقبلة شعراء مدبرة ما بين غثرة الدهسة وقنوء الدبسة سجعاء الخدين خطلاء
الأذنين فشقاء الصورين كأن زغيتها تتواقلسية يالها أم عيال وعال مال قوله ينشد
يطلب والناشد الطالب يقال نشدت الضالة فأنا أنشدها إذا طلبتها وأنشدتها عرفتها
فأنا منشد وأنشدني أبو بكر بن دريد
( يصيخ للنبأة أسماعه ** إصاخة الناشد للمنشد )
وقوله خسراء مقبلة يعني أنها قليلة شعر المقدم قد انحسر
شعرها وشعراء مدبرة يعني أنها كثيرة شعر المؤخر والغثرة غبرة كدره والدهسة لون
كلون الدهاس
قال الأصمعي والدهاس من الرمل كل لين لا يبلغ أن يكون
رملا وليس بتراب ولا طين قال ذو الرمة يذكر فراخ النعام
( جاءت من البيض زعرا لا لباس لها ** إلا الدهاس وأم برة
وأب )
وقال أبو زيد الصدآء من المعز السوداء المشربة حمرة
والدهساء أقل منها حمرة والقنوء شدة الحمرة والعرب تقول
أحمر قانىء وقد قنأ يقناقنوأ وأحمر ذريحى وأحمر بأحرى بحراني وقائم أي شديد الحمرة
وناصع والناصع الخالص من كل لون ويانع
وناكع بين النكعة وقال ابن الأعرابي ويقال أحمر كالنكعة
وهو ثمر النقاوى وهو كالنبقة وأنشد
( إليكم لا تكون لكم خلاة ** ولا نكع النقاوى إذ أحالا )
وقال أبو عبيدة قال أعرابي يقال له أبو مرهب لآخر قبح
الله نكعة أنفك كأنها نكعة الطرثوث يريد حمرة أنفه ونكعة الطرثوث رأسه وهو نبت
يشبه القثاء وقال أبو عمرو الشيباني وأحمر نكع وهو الذي يخالط حمرته سواد وقال
غيره وأحمر سلغد أى أشقر وأحمر أسلغ وأحمر أقشر وهو الشديد الحمرة
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال حدثني أبو
عثمان أخبرني أبو محمد عبد الله بن هرون التوزى قال أخبرني أبو عبيدة قال تزوج رجل
من بني عامر بن صعصعة امرأة من قومه فخرج في بعض اسفاره ثم قدم وقد ولدت امرأته
وكان خلفها حاملا فنظر إلى ابنه فإذا هو أحمر غضب أزب الحاجبين فدعاها وانتصى
السيف وأنشأ يقول
( لا تمشطي رأسي ولا تفليني ** وحاذرى ذا الريق في يميني )
( واقتربي دونك أخبريني ** ما شأنه أحمر كالهجين )
( خالف ألوان بني الجون ** )
فقالت تجبيبه
( إن له من قبلي أجدادا ** بيض الوجوه كرما أنجادا )
( ما ضرهم إن حضر وامجادا ** أو كا فحوا يوم الوغى
الأندادا )
( أن لا يكون لونهم سوادا ** )
وأحمرأ كلف وهو الكدر الحمرة وأحمر فقاعي وهو الذي يخلط
حمرته بياض وأحمر قرف وكالقرف وهو الأديم الأحمر وأنشدنا اللحياني ( أحمر كالقرف
وأحوى أدعج ** ) قال ويقال أنه لأحمر كالصربة والصربة الصمغة الحمراء وجمعها
صرب
وأحمر كالمصعة وهو ثمر العوسج
وأبيض يقق ولهق وصرح ولياح ولياح ووابص وحضي وقهب وهو
الذي يخالط بياضه حمرة وقهد أيضا
وأسود حانك وحالك وحلكوك وحلكوك ومحلنكك ومحلولك وسحكوك
ومسحنكك قال الراجز
( تضحك مني شيخة ضحوك ** واستنوكت وللشباب نوك )
( وقد يشيب الشعر السحكوك ** )
وحلبوب أيضا قال الشاعر
( أما تريني اليوم نضوا خالصا ** أسود حلبوبا وكنت وابصا )
والوابص الذي يبص من شدة بياضه
وأسود فاحم للشديد السواد وهو مشتق من الفحم ويحموم
وحندس ودجوجي وخداري وغدا في وغربيب ومدلهم وغيهم وغيهب
وأخضر ناضر وباقل ومدهام
وأصفر فاقع وفقاعي كما قالوا في الأحمر فقاعي ووارس
وأرمك رادني وأورق خطباني إذا كان خالصا
والأورق الرماد والورقة لون الرماد والأرمك دون ذلك
والدبسة حمرة يعلوها سواد وقال أبو عبيدة الدبسة شقرة
يعلوها سواد
وقوله سجعاء الخدين أي سهلة الخدين حسنتهما ومن هذا
قالوا أسخح أي أحسن قال الشاعر
( معاوي إننا بشر فأسجح ** فلسنا بالجبال ولا الحديدا )
أي أحسن وسهل
وخطلاء طويلة الأذنين مضطربتهما ومنه قيل لكلاب الصيد
خطل وقوله فشقاء أي منتشرة متباعدة وقرأت على أبي بكر بن دريد لرؤبة
( فبات والنفس من الحرص الفشق ** في الزرب لو يمضغ شريا
ما بصق ) يقول بات هذا الصائد في القترة وهي الناموس والزرب أيضا وقد أبصر وحشا
فانتشرت نفسه فلو مضغ شريا ما بصق لثلا ينفر الوحش
والشرى الحنظل
والصوران القرنان واحدهما صور وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري
( نحن نطحناهم غداة الغورين ** بالضابحات في غبار
النقعين ** نطحا شديد إلا كنطح الصورين
)
والزغتان الهنيتان المتعلقتان ما بين لحي العنز والتتوان
ذؤابتا القلنسوة واحدهما تتو وفي القلنسوة لغات يقال قلنسوة وقلنسية وقلنساة
وقلساة وقال أحمد بن عبيد وقليسية تصغير قلساة قال وجمع قلساة قلاسي وحكى عن
الزبيدي ما أعجب هذه القلاسي التي أراها على رؤسكم وروى أبو عبيدة عن الاصمعي وأبي
زيد قليسية وجمعها قلاس وقرأت على أبي بكر بن الأنباري في الغريب المصنف قال
أنشدنا أبو زيد
( إذا ما القلاسي والعمائم أخنست ** ففيهن عن صلع الرجال
حسور ** )
وقوله ثمال مال أي أصل مال والثميلة ما يبقى في بطن البعير
من العلف
وقيل لأعرابي اشرب فقال اني لا أشرب الاعلى ثميلة
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه
قال مررت بحمى الربذة فإذا صبيان يتقامسون في الماء وشاب جميل الوجه ملوح الجسم
قاعد فسلمت عليه فرد على السلام وقال من أين وضح الراكب قلت من الحمى قال ومتى عهدك
به قلت رائحا قال وأين كان مبيتك قلت أدنى هذه المشاقر فألقى نفسه على ظهره وتنفس
الصعداء فقلت تفسأ حجاب قلبه وأنشأ يقول
( سقى بلدا أمست سليمى تحله ** من المزن ما تروى به
وتسيم )
( وإن لم أكن من قاطنيه فإنه ** يحل به شخص علي كريم )
( ألا حبذا من ليس يعدل قربه ** لدي وإن شط المزار نعيم )
( ومن لا مني فيه حميم وصاحب ** فرد بغيظ صاحب وحميم )
ثم سكت سكتة كالمغمى عليه فصحت بالأصبية فأتوا بماء
فصببته على وجهه فأفاق وأنشأ يقول
( إذا الصب الغريب رأى خشوعي ** وأنفاسي تزين بالخشوع )
( ولي عين أضربها التفاتي ** إلى الأجراع مطلقه الدموع )
( إلى الخلوات تأنس فيك نفسي ** كما أنس الوحيد إلى
الجميع )
قوله يتقامسون يتغاطون يقال قمسته في الماء ومقلته
وغمسته وغططته
وقال لي أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى المشاقر منابت
العرفج
وقال غيره المشاقر الرمال واحدها مشقر وأنشدني لذي الرمة
( كأن عرى المرجان منها تعلقت ** على أم خشف من ظباء
المشاقر )
وقوله تفسأ حجاب قلبه يقال تفسأ الثوب وتهمأ إذا تشقق
وتهتأ إذا انشق من البلى ويقال تسلسل الثوب وأسمل وجرد وانجردوا أسحق وانسحق وأنهج
ومح وأمح وهمد كله إذا أخلق والسمل والجرد والسحق والنهج الخلق قال ذو الرمة
( قف العنس في أطلال مية فاسأل ** رسوما كأخلاق الرداء
المسلسل )
وقال كثير
( فاسحق برداه ومح قيصه ** فأثوابه ليست لهن مضارج )
وقال العجاج
( ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا ** من طلل كالأتحمي أنهجا )
وقال الأعشى
( قالت قتيلة ما لجسمك شاحبا ** وأرى ثيابك باليات همدا )
والحشيف الخلق أيضا قال الهذلي
( أتيح لها أقيدر ذو حشيف ** إذا سامت على الملقات ساما )
وكذلك الدرس والدريس قال المتنخل
( قد حال دون در يسيه مؤوبة ** نسع لها بعضاه الأرض
تهزيز )
مؤوبة ريح جاءت مع الليل
ونسع ومسع اسم من أسماء الشمال والهدمل
الثوب الخلق قال تأبط شرا
( نهضت إليها من جثوم كأنها ** عجوز عليها هدمل ذات خيعل )
والهدم الخلق قال الكميت
( فأصبح باقي عيشنا وكأنه ** لواصفه هدم الخباء المرعبل )
( إذا حيص منه جانب راع جانب ** بفتقين يضحى فيهما
المتظلل )
والمرعبل الممزق وحيص خيط والطمر الخلق وأنشدنا أبو بكر
بن الأنباري رحمه الله عن أبيه عن أحمد بن عبيد لشاعر قديم
( وعاذلة هبت بليل تلومني ** ولم يغتمرني قبل ذاك عذول )
( تقول انئدلا يدعك الناس مملقا ** وتزري بمن يا ابن
الكرام تعول )
( فقلت أبت نفس على كريمة ** وطارق ليل غير ذاك يقول )
( ألم تعلمي يا عمرك الله أنني ** كريم على حين الكرام
قليل )
( وإني لا أخزى إذا قيل مملق ** سخي وأخزى أن يقال بخيل )
( فلا تتبعي العنن الغوية وانظري ** إلى عنصر الأحساب
أين يؤول )
( ولا تذهبن عيناك في كل شرمح ** له قصب جوف العظام أسيل )
( عسى أن تمنى عرسه أنني لها ** به حين يشتد الزمان بديل )
( إذا كنت في القوم الطوال فضلتهم ** بعارفة حتى يقال
طويل )
( ولا خير في حسن الجسوم وطولها ** إذا لم يزن حسن
الجسوم عقول )
( وكائن رأينا من فروع طويلة ** تموت إذا لم يحيهن أصول )
( فإن لا يكن جسمي طويلا فإنني ** له بالفعال الصالحات (
وصول )
( ولم أر كالمعروف أما مذاقه ** فحلو وأما وجهه فجميل )
قال أبو علي الشرمح الطويل وكذلك الشوقب
وقال أبو بكر بن الأنباري
رحمه الله تعالى العارفة النفس الصابرة وأنشدنا بعض
أصحابنا العلى بن العباس الرومي
( وذخرته للدهر أعلم أنه ** كالحصن فيه لمن يؤول ما آل )
( ورأيته كالشمس إن هي لم تنل ** فضياؤها والرفق منه
ينال )
وأنشدني أيضا مثل هذا المعنى لسعيد بن حميد الكاتب
( أهاب وأستحيى وارقب وعده ** فلا هو يبداني ولا أنا
أسأل )
( هو الشمس مجراها بعيد وضوءها ** قريب وقلبي بالبعيد
موكل )
وحدثنا أبو بكر بن دريد الأزدي قال أخبرنا عبد الرحمن عن
عمه قال رأيت بالبادية امرأة على راحلة لها تطوف حول قبر وهي تقول
( يامن بمقلته زهى الدهر ** قد كان فيك تضاءل الأمر )
( زعموا قتلت ومالهم خبر ** كذبوا وقبرك مالهم عذر )
( يا قبر سيدنا المجن سماحة ** صلى الأله عليك يا قبر )
( ما ضر قبرا فيه شلوك ساكن ** أن لا يمر بأرضه القطر )
( فلينعن سماح جودك في الثرى ** وليورقن بقربك الصخر )
( وإذا غضبت تصدعت فرقا ** منك الجبال وخافك الذعر )
( وإذا رقدت فأنت منتبه ** وإذا انتبهت فوجهك البدر )
( والله لوبك لم أدع أحدا ** الا قتلت لفاتني الوتر )
قال فدنوت منها لأسألها عن أمرها فإذا هي ميتة
وأنشدنا الأخفش قال أنشدنا أحمد ابن يحيى ومحمد بن الحسن
( لله ذر ثقيف أي منزلة ** حلوا بها بين سهل الأرض
والجبل )
( قوم تخير طيب العيش رائدهم ** فأصبحوا يلحفون الأرض
بالحلل )
( ليسوا كمن كانت الترحال همته ** أخبث بعيش على حل
ومرتحل )
وقرأت على أبي بكر بن دريد لبعض الأعراب
( سأشكر عمرا ان تراخت منيتي ** أيادي لم تمنن وان هي
جلت )
( فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ** ولا مظهر الشكوى إذا
النعل زلت )
( رأى خلتي من حيث يخفى مكانها ** فكانت قذى عينيه حتى
تجلت )
وأنشدنا الأخفش أيضا قال أنشدنا بعض أصحابنا
( فما تزود مما كان يجمعه ** الإحنوطا غداة البين مع خرق )
( وغير نفحة أعواد شببن له ** وقل ذلك من زاد لمنطلق )
( لا تأسين على شيء فكل فتى ** إلى منيته يستن في عنق )
( بأيما بلدة تقدر منيته ** إن لا يسارع إليها طائعا يسق )
وأنشدني أبو بكر التاريخي للبحتري
( دنوت تواضعا وبعدت قدرا ** فشأناك انحدارا وارتفاع )
( كذاك الشمس يبعد أن تسامى ** ويدنو الضوء منها والشعاع )
( وأنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله لبعض الأعراب
( إني حمدت بني شيبان إذ خمدت ** نيران قومي وفيهم شبت
النار )
( ومن تكرمهم في المحل أنهم ** لا يعرف الجار فيهم أنه
جار )
( حتى يكون عزيزا من نفوسهم ** أو أن يبين جميعا وهو
مختار )
( كأنه صدع في رأس شاهقة ** من دونه لعتاق الطير أوكار )
وأنشدني أيضا
( نزلت على آل المهلب شاتيا ** غريبا عن الأوطان في زمن
المحل )
( فمازال بي إكرامهم وافتقادهم ** والطافهم حتى حسبتهم
أهلى )
قال أبو علي ويروى واقتفاؤهم وهو الإيثار
وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي
عن أبيه عن ابن الكلبي قال ابتاع شاب من العرب فرسا فجاء
إلى أمه وقد كف بصرها فقال يا أمي إني قد اشتريت فرسا فقالت صفه لي قال إذا استقبل
فظبى ناصب وإذا استدبر فهقل خاضب وإذا استعرض فسيد قارب مؤلل المسمعين طامح الناظرين
مذعلق الصبيين قالت أجودت ان كنت أعربت قال أنه مشرف التليل سبط الخصيل وهواه
الصهيل قالت أكرمت فارتبط
قال أبو على الناصب الذي نصب عنقه وهو أحسن ما يكون
والهقل الذكر من النعام والانثى هقلة والخاضب الذي أكل الربيع فاحمرت ظنبوباه
وأطراف ريشه والسيد الذئب ومؤلل محدد والألة الحربة وجمعها إلال والأل العهد والال
القرابة قال حسان بن ثابت رضي الله عنه
( لعمرك إن إلك من قريش ** كال السقب من رأل النعام )
والال الله تبارك وتعالى وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه
هذا كلام لم يخرج من إل ومنه قولهم جبرئل والأل الأول وأنشدنا أبو بكر بن دريد
رحمه الله
( لمن زحلوقة زل ** بها العينان تنهل )
( ينادي الآخر الال ** ألاحلوا الاحلوا )
الزحلوقة آثار تزلج الصبيان من فوق إلى أسفل وأهل
العالية يقولون زحلوفة بالفاء وتميم يقولون زحلوقة بالقاف والأل السرعة أنشدنا
يعقوب
( مهر أبى الحجاب لا تشلى ** بارك فيك الله من ذي أل )
وطامح مشرف وقال قطرب بن المستنير الذعلوق نبت يشبه
الكراث يلتوي وهو طيب للأكل والصبيان مجتمع لحبية من مقدمهما وقال أبو عبيدة
الصبيان العظمان المنحنيان من حرفي وسط اللحيين من ظاهرهما عليهما لحم والتليل
العنق والخصيل كل لحمة مستطيلة وجمعها خصائل وقال أبو عبيدة الخصيلة كل ما انماز من
لحم الفخذ
بعضه من بعض والوهوهة صوت يقطعه
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد
الرحمن عن عمه قال وصف أعرابي نساء فقال يلتثمن على السبائك ويتشحن على النيازك
ويأتزرن على العوانك ويرتفقن على الأرائك ويتهادين على الدرانك ابتسامهن وميض عن
وليع كالاغريض وهن إلى الصباصور وعن الخنى نور
قال أبو زيد اللثام على الفم واللفام على طرف الأنف يقال
تلثمت المرأة وتلفمت المرأة والسبائك ههنا الأسنان شبهها لبياضها بالسبائك
والنيازك واحدها نيزك وهو الرمح القصير والعوانك واحدها عانك وهو رمل منعقد يشقى
فيه البعير لا يقدر على السير فيقال حينئذ قد أعتنك والأرائك السرر واحدها أريكة
وقال قوم الفرش ويتهادين يمشين مشيا ضعيفا قال الأعشى تهادى كما قد رأيت البهيرا
** والدرانك الطنافس واحدها درنوك والوميض اللمعان الخفي والاغريض والوليع الطلع
وصور موائل ومنه قيل للمائل العنق أصور ونور نفر من الريبة واحدها نوار وأنشدنا
أبو بكر بن دريد فيما أملاه علينا من معاني الشعر
( إذا ما اجتلى الراني إليها بطرفه ** غروب ثناياها أنار
وأظلما )
الغروب حد الأسنان واحدها غرب والراني المديم النظر
وقوله أنار وأظلم أي أصاب ضوأ وظلما والظلم ماء الأسنان وأنشدنا أبو بكر قال
أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأعرابي
( أيا عمرو كم من مهرة عربية ** من الناس قد بليت بوغد
يقودها )
( يسوس وما يدري لها من سياسة ** يريد بها أشياء ليست
تريدها )
( مبتلة الأعجاز زانت عقودها ** بأحسن مما زينتها عقودها )
( خليلي شدا بالعمامة واحزما ** على كبد قد بان صدعا
عمودها )
( خليلي هل ليلى مؤدية دمي ** إذا قتلتني أو أمير يقيدها )
وكيف تقاد النفس لم تقل ** قتلت ولم يشهد عليها شهودها )
( ولن يلبث الواشون أن يصدعوا العصا ** إذا لم يكن صلبا
على البري عودها )
( نظرت إليها نظرة ما يسرني ** بها حمر أنعام البلاد
وسودها )
( ولي نظرة بعد الصدود من الهوى ** كنظرة ثكلى قد أصيب
وحيدها )
( فختامتي هذا الصدود إلى متى ** لقد شف نفسي هجرها
وصدودها )
( فلو أن ما أبقيت منى معلق ** بعود ثمام ما تأود عودها )
ومما اخترته ودفعته إلى أبي بكر فقرأه علي
( يلقى السيوف بوجهه وبنحره ** ويقيم هامته مقام المغفر )
( ويقول للطرف اصطبر لشبا القنا ** فعقرت ركن المجدان لم
تعقر )
( وإذا تأمل شخص ضيف مقبل ** متسربل أثواب عيش أغبر )
( أوما إلى الكوماء هذا طارق ** نحرتني الأعداء إن لم
تنحري )
وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحي النحوي
( لقد هزئت مني بنجران أن رأت ** مقامي في الكبلين أم
أبان )
( كأن لم ترى قبلي أسيرا مقيدا ** ولا رجلا يرمى به
الرجوان )
( خليلي ليس الرأي في صدر واحد ** أشيرا علي اليوم ما
تريان )
( أ أركب صعب الأمر إن ذلوله ** بنجران لا يقضى لحين
أوان )
وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عمي عن
أبيه عن ابن الكلبي قال مر منسر من العرب بغلام يرعى غنيمة له وبينه وبين أهله شعب
أو نقب فترك غنمه وأسند في الجبل فأتى قومه فأنذرهم فقالوا له ما رأيت قال رأيت
سبعة كالرماح على سبعة كالقداح غائرة العيون لواحق البطون ملس المتون جريها انبتار
وتقريبها انكدار وإرخاؤها استعار وعهدي بهم قد لاذوا بالضلع وكأنكم بغبارهم قد سطع
فلم يفرغ من كلامه حتى رأوا الغبرة فاستعدوا وصادفهم القوم
حاذرين فأدبر وا عنهم
قال أبو علي المنسر جماعة الخيل والمنسر بكسر الميم
منقار الطائر لأنه ينسر به أي ينتف به وأحسب النسر من هذا لأنه ينسر اللحم أي
ينتفه قال الأصمعي منسر في الخيل والمنقار بكسر الميم وتابعه على ذلك يعقوب وقال
الأصمعي إنما سمى منسرا لأنه ينسر به كل ما مر به أي ينتفه ويأخذه والشعب أكبر من
اللصب وهو الشق في الجبل والنقب الطريق في الجبل قال عمرو بن الأيهم التغلبي
( وتراهن شربا كالسعالي ** يتطلعن من ثغور النقاب )
( قال أبو علي الانبتار الشدة في العدو لأنه انقطع عن
التقريب والإرخاء وانكدار انفعال من قولهم انكدر إذا أسرع بعض الإسراع والتقريب
تقريبان فالتقريب الأدنى أن يجمع يديه ورجليه عند الحضر والتقريب الأعلى أن يجمع يديه
مع رجليه ويحزئل متنه وهذا هو الإرخاء الأدنى فأما الإرخاء الأعلى فهو أن يدعه
وسومه من الحضر والضلع الجبيل الصغير وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله
( ولست بصادر عن بيت جاري ** صدور العير غمره الورود )
( ولست بسائل جارات بيتي ** أغياب رجالك أم شهود )
( ولا ألقي لذي الودعات سوطي ** لألهيه وريبته أريد )
أي لا أصدر عن بيت جاري مثل العير الذي قد تغمر أي لم
يرو وفيه حاجة إلى العودة يقول فأنا لا آتي بيت جاري هكذا أريد الريبة وذو الودعات
الصبي يقول لا ألهي الصبي بالسوط وأخلو أنا بأمه ومثله قول مسكين الدارمي
( لا آخذ الصبيان ألثمهم ** والأمر قد يعزى به الأمر )
قال أبو علي وحدثني محمد بن السرى وابن درستويه والأخفش
قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أخبرنا عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير
قال وقع بين أعمامي وأخوالى لحاء في أرض فتراضوا عند حاكم لهم يشيخ منهم ورضوا
بيمينه مع الشهادة
فكان إذا استحلف بالمشي إلى مكة حلف بالمشي إلى جدة وإذا
استحلف بطلاق امرأة حلف بطلاق اربع وإذا استحلف بعتاق عبد حلف بعتاق مائه وكنت أحب
أن يظهر أعمامي على أخوالي فظهروا عليهم فقلت
( لاشيء يدفع حق خصم شاغب ** إلا كحلف عبيدة بن سميذع )
( يمضي اليمين على اليمين لجاجة ** عض الجموح على اللجام
المقدع )
( وإذا يذكر حلفة أصغى لها ** وإذا يذكر بالتقى لم يسمع )
( سهل اليمين إذا أردت يمينه ** بخدائع السفراء غير مخدع )
( يهتز حين تمر حجة خصمه ** خوف الهضيمة كاهتزاز الأشجع )
( يغشى مضرته لنفع صديقه ** ما خير ذي حسب إذا لم ينفع )
وقريء على أبي بكر بن دريد وأنا أسمع لرجل ذكر دارا ووصف
ما فيها فقال
( إلا رواكد بينهن خصاصة ** سفع المناكب كلهن قد اصطلى )
( ومجوفات قد علا أجوازها ** أسار جرد مترصات كالنوى )
رواكد ثوابت يعني أثافي والخصاصة الفرجة والسفعة سواد
تعلوه حمرة ومجوفات يعني نعاما والتجويف أن يبلغ البياض البطن وقوله علا أجوازها
أي علا التجويف أوساطها وأسار بقايا الواحد سؤر وجرد خيل قصار شعر الأبدان واحدتها
جرداء وذلك من عتقها يقول قد طردت الخيل هذه النعام فقتلت بعضها وبقي بعض فهذه
البقايا بقايا هذه الخيل ومترصات محكمات كالنوى أي صلاب ويجوز أن يكون في ضمرهن
وحدثنا أبو عبد الله نفطويه قال أخبرنا أبو العباس أحمد
بن يحيى النحوي قال أخبرنا الزبير قال أخبرنا عبد الملك قال قال لي أبو السائب يا
ابن أخي أنشدني للأحوص فأنشدته قوله
( قالت وقلت بحرجي وصلى ** حبل امرىء بوصالكم صب )
( صاحب اذا بعلى فقلت لها ** ألغدر شيء ليس من ضربي )
( ثنتان لا أدنو لوصلهما ** عرس الخليل وجارة الجنب )
( أما الخليل فلست فاجعه ** والجار أوصاني به ربي )
( عوجا كذا نذكر لغانية ** بعض الحديث مطيكم صحبى )
( ونقل لها فيم الصدود ولم ** نذنب بل أنت بدأت بالذنب )
( ان تقبلى نقبل وننزلكم ** منا بدار الود والرحب )
( أو تدبرى تكدر معيشتنا ** وتصدعى متلائم الشعب )
فقال لي يا ابن أخي هذا المحب عينالا الذي يقول
( وكنت إذا جبيت رام صرمي ** وجدت وراي منفسحا عريضا )
اذهب فلا صحبك الله ولا وسع عليك
قال أبو علي اسمعيل بن القاسم البغدادي وأخبرنا أبو بكر
قال أخبرنا السكن بن سعيد قال أخبرنا على بن نصر الجهضمي قال دخل كثير على عبد
الملك بن مروان رحمه الله فقال عبد الملك بن مروان أأنت كثير عزة قال نعم قال أن تسمع
بالمعيدي خير من أن تراه فقال يا أمير المؤمنين كل عند محله رحب الفناء شامخ
البناء عالي السناء ثم أنشأ يقول
( ترى الرجل النحيف فتزدريه ** وفي أثوابه أحد أسد هصور )
( ويعجبك الطرير اذا تراه ** فيخلف ظنك الرجل الطرير )
( بغاث الطير أطولها رقابا ** ولم تطل البزاة ولا الصقور )
( خشاش الطير أكثرها فراخا ** وأم الصقر مقلات نزور )
( ضعاف الأسد أكثرها زئيرا ** وأصرمها اللواتي لا تزير )
( وقد عظم البعير بغير لب ** فلم يستغن بالعظم البعير )
( ينوخ ثم يضرب بالهراوى ** فلا عرف لديه ولا نكير )
( يقوده الصبى بكل أرض ** وينحره على الترب الصغير )
( فاعظم الرجال لهم بزين ** ولكن زينهم كرم وخير )
فقال عبد الملك لله دره ما أفصح لسانه وأضبط جنانه وأطول
عنانه والله إني لأظنه كما وصف نفسه وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه وأبو الحسن
الأخفش وأبو بكر بن دريد والألفاظ مختلطة لعبد الله بن سبرة الجرشي وكانت قطعت يده
في بعض غزواته الروم فقال يرثيها
( ويل أم جار غداة الروع فارقني ** أهون علي به اذبان
فانقطعا )
( يمنى يدي غدت مني مفارقة ** لم أستطع يوم فلطاس لها
تبعا )
( وما ضننت عليها أن أصاحبها ** لقد حرصت على أن نستريح
معا )
( وقائل غاب عن شأني وقائلة ** هلا اجتنبت عدو الله إذ
صرعا )
( وكيف أركبه يسعى بمنصله ** نحوي وأعجز عنه بعد ما وقعا )
( ما كان ذلك يوم الروع من خلقي ** ولو تقارب مني الموت
فاكتنعا )
( ويل أمه فارسا أجلت عشيرته ** حامي وقد ضيعوا الأحساب
فارتجعا )
( يمشي إلى مستميت مثله بطل ** حتى إذا أمكنا سيفيهما
امتصعا )
( كل ينوء بماضي الحدذي شطب ** جلى الصياقل عن ذريه
الطبعا )
( حاسيته الموت حتى اشتف آخره ** فما استكان لما لاقى
ولاجزعا )
( كأن لمته هداب مخملة ** أحم أزرق لم يشمط وقد صلعا )
( فإن يكن أطربون الروم قطعها ** فقد تركت بها أوصاله
قطعا )
( وإن يكن أطربون الروم قطعها ** فإن فيها بحمد الله
منتفعا )
( بنانتين وجذمورا أقيم بها ** صدر القناة إذا ما آنسوا
فزعا )
قال أبو علي الجذمور الأصل ويقال أخذت الشيء بجذاميره
وأنشدنا إبراهيم قال أنشدنا أحمد بن يحي قال أنشدنا الزبير لجرير الديلي
( كأنما خلقت كفاه من حجر ** فليس بين يديه والندى عمل )
( يرى التيمم في بر وفي بحر ** مخافة أن يرى في كفه بلل )
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي
عبيدة عن يونس قال كنت عند أبي عمرو بن العلاء فجاءه شبيل بن عروة الضبعي فقام
إليه أبو عمرو فألقى إليه لبدة بغلته فجلس عليها ثم أقبل عليه يحدثه فقال شبيل يا
أبا عمرو وسألت رؤبتكم هذا عن اشتقاق اسمه فما عرفه قال يونس فلما ذكر رؤبة لم أملك
نفسي فزحفت إليه فقلت لعلك تظن أن معد بن عدنان أفصح من رؤبة وأبيه فأنا غلام رؤبة
فما الروبة والروبة والروبة والروبة والرؤبة فلم يحر جوابا وقام مغضبا فأقبل علي
أبو عمرو بن العلاء وقال هذا رجل شريف يقصد مجالسنا ويقضي حقوقنا وقد أسأت فيما
واجهته به فقلت لم أملك نفسي عند ذكر رؤبه ثم فسر لنا يونس فقال الروبة خميرة
اللبن والروبة قطعة من الليل وفلان لا يقوم بروبة أهله أي بما أسندوا إليه من
أموالهم ومن حوائجهم والروبة جمام ماء الفحل والرؤبة مهموزة القطعة تدخلها في
الإناء تشعب بها الإناء وأنشدنا أبو بكر رحمه الله تعالى عن أبي حاتم عن الأصمعي
وأبي عبيدة للاحيمر أحد لصوص بني سعد
( وقالت أرى ربع القوام وشاقها ** طويل القناة بالضحاء
نؤوم )
( فإن أك قصدا في الرجال فإنني ** إذا حل أمر ساحتي
لجسيم )
وزادني أبو عبيدة بعد هذين البيتين
( تعيرني الاعدام والبدو معرض ** وسيفي بأموال التجار
زعيم ) قال ثم تاب فقال
( أشكو إلى الله صبري عن زواملهم ** وما ألاقي إذا مروا
من الحزن )
( قل للصوص بني اللخناء يحتسبوا ** بز العراق وينسوا
طرفة اليمن )
( فرب ثوب كريم كنت آخذه ** من القطار بلا نقد ولا ثمن )
وأنشدنا أبو بكر عن أبي حاتم عن الأصمعي وأنشدني أيضا
الأخفش قال أنشدنا بعض أصحابنا هذه الأبيات
( حللنا آمنين بخير عيش ** ولم يشعر بنا واش يكيد )
( ولم نشعر بجد البين حتى ** أجد البين سيار عنود )
( وحتى قيل قوض آل بشر ** وجاءهم ببنهم البريد )
( وأبرزت الهوادج ناعمات ** عليهن المجاسد والعقود )
( فلما ودعونا واستقلت ** بهم قلص هواديهن قود )
( كتمت عواذلي ما في فؤادي ** وقلت لهن ليتهم بعيد )
( فجالت عبرة أشفقت منها ** تسيل كأن وابلها فريد )
( فقالوا قد جزعت فقلت كلا ** وهل يبكي من الطرب الجليد )
( ولكني اصاب سواد عيني ** عويد قذى له طرف حديد )
( فقالوا ما لدمعهما سواء ** أكلتا مقلتيك اصاب عود )
( لقبل دموع عينك خبرتنا ** بما جمجمت زفرتك الصعود )
( فقم وانظر يزدك مطال شوق ** هنالك منظر منهم بعيد )
وحدثنا أبو معاذ عبدان الخولي المتطبب قال دخلنا يوما
بسر من رأى على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده وقد فلج فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول
المتوكل فيه فقال وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل ولعاب سائل ثم أقبل علينا فقال
ما تقولون في رجل له شقان أحدهما لوغرز بالمسال ما أحس والشق الآخر يمربه الذباب
فيغوث وأكثر ما أشكوه الثمانون ثم أنشدنا أبياتا من قصيدة عوف بن محلم الخزاعي قال
أبو معاذ وكان سبب هذه القصيدة أن عوفا دخل على عبد الله بن طاهر فسلم عليه عبد
الله فلم يسمع فأعلم بذلك فزعموا أنه ارتجل هذه القصيدة ارتجالا فأنشده
( يا ابن الذي دان له المشرقان ** طرا وقد دان له
المغربان )
( إن الثمانين وبلغتها ** قد أحوجت سمعى إلى ترجمان )
( وبدلتني بالشطاط انحنا ** وكنت كالصعدة تحت السنان )
( وبدلتني من زماع الفتى ** وهمتي هم الجبان الهدان )
وقاربت مني خطالم تكن ** مقاربات وثنت من عنان )
( وأنشأت بيني وبين الورى ** عنانة من غير نسج العنان )
( ولم تدع في لمستمتع ** إلا لساني وبحسبي لسان )
( أدعو به الله واثني به ** على الأمير المصعبي الهجان )
( فقرباني بأبي أنتما ** من وطني قبل اصفرار البنان )
( وقبل منعاي إلى نسوة ** أوطانها حران والرقتان )
وقرأنا على أبي بكر بن دريد رحمه الله لذي الرمة
( رمى الادلاج أيسر مرفقيها ** بأشعث مثل أشلاء اللجام )
يقول أدلج فأعيا فإذا نام توسد يسرى ذراعي ناقته فيعني
أن الادلاج هو الذي فعل بها ذلك وأسلاء اللجام بقاياه من حديده وسيوره ويعني
بالأشعث نفسه
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه
قال سمعت أعرابيا بصف خيلا فقال سباط الخصائل ظماء المفاصل شداد الأباجل قب
الأياطل كرام النواجل قال أبو على الخصائل واحدتها خصيلة وهي كل قطعة من اللحم
مستطيلة أو مجتمعة وقال أبو عبيدة الخصائل ما انماز من لحم الفخذ بعضه من بعض
وظماء ضمر والأباجل جمع أبجل وهو من الفرس بمنزلة الأكحل من الإنسان يريد أنها شداد
القوائم قب ضمر والأياطل جمع أيطل والأيطل والاطل والصقل والقرب والكشح واحد
والنواجل جمع ناجلة وهي التي نجلته أي ولدته
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه
قال سمعت أعرابيا يصف ابلا فقال إنها العظام الحناجر وسباط المشافر كوم بهازر نكد
خناجر أجوافها رغاب وأعطانها رحاب تمنع من البهم وتبذل للجمم
قال أبو علي الحناجر واحدها حنجور وهو الحلقوم والكوم
جمع أكوم وكوماء وهي العظام الأسنمة والبهازر العظام واحدها بهزرة والنكد العزيزة
اللبن في هذا الموضع والنكد أيضا التي لا يبقى لها ولد وقال الأصمعي
الصفى والخنجور واللهموم والرهشوش كل هذه الغزيرة اللبن
والرغاب الواسعة وأعطانها مباركها عند الماء والبهم جمع بهمة وهو الشجاع الذي لا
يدري من أين يؤتى من شدة بأسه والجمم واحدها جمة وهم القوم يسألون في الديات
وأنشدنا أبو بكر
( وجمة تسألني أعطيت ** وسائل عن خبر لويت )
( وقلت لا أدرى وقد دريت ** )
وأنشدني أبو بكر قال أنشدني الرياشي
( لو قد تركتك لم تنخ بك جمة ** ترجو العطاء ولم يزرك
خليل )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه
قال قلت لاعرابي بحمى الربذة ألك بنون قال نعم وخالقهم لم تقم عن مثلهم منجبة فقلت
صفهم لي فقال جهم وما جهم ينضى الوهم ويصد الدهم ويفرى الصفوف ويعل السيوف قلت ثم من
قال عشمشم وما غشمشم ماله مقسم وقرنه مجرجم جذل حكاك ومدره لكاك قلت ثم من قال
عشرب وما عشرب ليث محرب وسمام مقشب ذكره باهر وخصمه عاثر وفناؤه رحاب وداعيه مجاب
قلت فصف لي نفسك فقال ليث أبو ريابل ركاب معاضل عساف مجاهل حمال أعباء نهاض ببزلاء
قوله ينضى يهزل والنضو المهزول والوهم الضخم العظيم من الإبل قال ذو الرمة
( كأنها جمل وهم وما بقيت ** إلا النحيزة والألواح
والعصب )
ويصد يكف والدهم العدد الكثير ويفرى يشق يقال فريت الشىء
إذا شققته للإصلاح وأفريته إذا قطعته للإفساد ويعل يوردها الدماء ثانية مأخوذ من العلل
في الشرب والمجرجم المصروع والجذل أصل الشجرة وذلك أن الابل الجرب تحتك به فتجد له
لذة وإنما قال جذل حكاك أي أنه ممن يستشفى به في الأمور بمنزلة ذاك الجذل الذي
يستشفى به الابل والمدره لسان القوم و المتكلم عنهم والدافع عنهم يقال درهته عني
ودرأته عني دفعته والتدرأ مثل المدره واللكاك الزحام
يقال التك القوم على الماء إذا ازدحموا والمحرب المغضب الذي قد اشتد غضبه واحتد
وحربت السكين إذا أحددته ومقشب مخلوط وباهر غالب وريابل جمع ريبال وهو الأسد قال
أبو علي روينا الريايل في هذا الخبر غير مهموز وروينا في الغريب المصنف الريابل
واحدها ريبال يهمز ولا يهمز والمعاضل الدواهي والعساف الذي يركب الطريق على غير
هداية والأعباء الأثقال واحدها عبء والبزلاء الرأي الجيد الذي يبزل عن الصواب أي
الذي يشق عنه قال الراعي
( من رأي ذي بدوات لا تزال له ** بزلاء يعيابها الجثامة
اللبد )
وحدثنا أبو عبد الله نفطويه قال حدثنا أبو العباس أحمد
بن يحي النحوي قال قدم علينا أعرابي فسمع غناء حمائم بستان إبراهيم بن المهدي
فاشتاق إلى وطنه فقال
( أشاقتك البوارق والجنوب ** ومن علوي الرياح لها هبوب )
( أتتك بنفحة من شيح نجد ** تضوع والعرار بها مشوب )
( وشمت البارقات فقلت جيدت ** حبال النشر أو مطر القليب )
( ومن بستان إبراهيم غنت ** حمائم بينها فنن رطيب )
( فقلت لها وقيت سهام رام ** ورقط الريش مطعمها الجنوب )
( كما هيجت ذا حزن غريبا ** على أشجانه فبكى الغريب )
وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدني عمي عن أبيه عن
ابن الكلبي لحجيه بن المضرب يمدح يعفر بن زرعة أحد الاملوك أملوك ردمان
( إذا كنت سألآ عن المجد والعلى ** وأين العطاء الجزل
والنائل الغمر )
( فنقب عن الأملوك واهتف بيعفر ** وعش جار ظل لا يغالبه
الدهر )
( أولئك قوم شيد الله فخرهم ** فما فوقه فخروان عظم
الفخر )
( أناس إذا ما الدهر أظلم وجهه ** فأيديهم بيض وأوجههم
زهر )
يصونون أحسابا ومجدا مؤثلا ** ببذل أكف دونها المزن
والبحر )
( سموا في المعالي رتبة فوق رتبة ** أحلتهم حيث النعائم
والنسر )
( أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت ** لنورهم الشمس المنيرة
والبدر )
( فلولا مس الصخر الأصم أكفهم ** لفاضت ينابيع الندى ذلك
الصخر )
( ولو كان في الأرض البسيطة منهم ** لمختبط عاف لما عرف
الفقر )
( شكرت لكم آلاءكم وبلاءكم ** وما ضاع معروف يكافئه شكر )
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال أملى علينا أبو العباس
أحمد بن يحي النحوي أو قرأ الشك من أبي علي على باب داره ثم أنشدناه في المسجد
الجامع يقرؤه على عبد الله بن المعتز قال أنشدني بعض أصحابنا عن النضر بن جرير عن الأصمعي
( سقى دمنتين ليس لي بهما عهد ** بحيث التقى الدارات
والجرع الكبد )
( فيا ربوة الربعين حييت ربوة ** على النأي منا واستهل
بك الرعد )
( قضيت الغواني غير أن مودة ** لذلفاء ما قضيت آخرها بعد )
( إذا ورد المسواك ظمآن بالضحى ** عوارض منها ظل يخصره
البرد )
( وألين من مس الرخامات يلتقي ** بمارنه الجادي والعنبر
الورد )
( فرى نائبات الدهر بيني وبينها ** وصرف الليالي مثل ما
فري البرد )
( فإن تدعي نجدا ندعه ومن به ** وإن تسكني نجدا فيا حبذا
نجد )
( وإن كان يوم الوعد أدنى لقائنا ** فلا تعذليني أن أقول
متى الوعد )
وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أحمد بن يحي
لأبي الهندي وهو من بني رياح
( قل للسري أبي قيس أتهجرنا ** ودارنا أصبحت من داركم
صددا )
( أبا الوليد أما والله لو عملت ** فيك الشمول لما
فارقتها أبدا )
( ولا نسيت حمياها ولذتها ** ولا عدلت بها مالا ولا ولدا )
وحدثني جحظة قال حدثني حماد بن إسحاق الموصلي قال حدثني
أبي قال كتبت إلي زهراء الأعرابية وقد غابت عني كتابا فيه
( وجدي بجمل على أنى أحجمجه ** وجد السقيم يبرء بعد
إدناف )
( أووجد ثكلى أصاب الموت واحدها ** أووجد مشتعب من بين
ألاف )
فكتبت إليها
( أما أويت لمن قد بات مكتئبا ** يذري مدامعه سحا
وتوكافا )
( اقر السلام على الزهراء إذ شحطت ** وقل لها قد أذقت
القلب ما خافا )
( فما وجدت على ألف أفارقه ** وجدي عليك فقد فارقت ألافا )
وأنشدنا الأخفش
أقول لصاحبي بأرض نجد ** وجد مسيرنا ودنا الطروق )
( أرى قلبي سينقطع اشتياقا ** وأحزانا وما انقطع الطريق )
وأنشدنا جحظة عن حماد عن أبيه
( طربت إلى الأصيبية الصغار ** وهاجك منهم قرب المزار )
( وأبرح ما يكون الشوق يوما ** إذا دنت الديار من الديار )
وقرأت على أبي بكر لطفيل الغنوي
( أناس إذا ما أنكر الكلب أهله ** حموا جارهم من كل
شنعاء مضلع )
قال ويروى مفظع قوله أنكر الكلب أهله أي اذا البسوا
السلاح وتقنعوا لم يعرف الكلب أهله وحدثني بعض شيوخنا أن ابن حبيب قال إذا ما غزوا
فصار معهم أعداؤهم في ديارهم فتواثبوا أنكرهم الكلب اذ ذاك لتغيرهم عن حالهم
والشنعاء الداهية المشهورة ومضلع شديدة يقال أضلعني الأمر إذا اشتد على وغلبني وقرأت
على أبي عبد الله لذي الرمة
( إذا نتجت منها المهارى تشابهت ** على العوذ الا
بالأنوف سلائله )
العوذ الحديثات النتاج واحدها عائذ وإنما قيل لها عائذ
لان ولدها عاذبها وكان القياس أن يكون هو عائذا بها ولكنه لما كانت متعطفة عليه
قيل لها عائذ يقول تشابه عليها أولادها الا أن تشمها بأنوفها وذلك أنها من نجار
واحد وفحل واحد وقد تقاربت في الوضع فهي تشبه بعضها بعضا والسلائل الاولاد واحدها
سليل
وحدثنا أبو المياس الراوية قال حدثني أحمد بن عبيد عن
بعض شيوخه قال كانت وليمة في قريش تولى أمرها مقاس الفقعسى فأجلس عمارة الكلبي فوق
هشام بن عبد الملك فأحفظه ذلك وآلى على نفسه أنه متى أفضت الخلافة اليه عاقبه فلما
جلس في الخلافة أمر أن يؤتى به وتقلع أضراسه وأظفار يديه ففعل ذلك به فأنشأ يقول
( عذبوني بعذاب ** قلعوا جوهر راسى )
( ثم زادوني عذابا ** نزعوا عني طساسي )
( بالمدى حزز لحى ** وبأطراف المواسي )
قال أبو على قال أبو العباس قال لي أبو المياس الطساس
الأظفار ولم أر أحدا من أصحابنا يعرفه ثم أخبرني رجل من أهل اليمن قال يقال عندنا
طسه اذا تناوله بأطراف أصابعه وأنشدنا أبو المياس وكان من أروى الناس للرجز وهو من
أهل سر من رأى لدكين بن رجاء الراجز
( لم أر بؤسا مثل هذا العام ** أرهنت فيه للشقا خيتامى )
( وحق فخري وبني أعمامي ** ما في القروف حفنتا حتام )
قال أبو على أرهنت ورهنت جميعا يقالان قال ويقال خاتم
وخاتام وخيتام وخاتم وقال أبو المياس القروف الجراب وأحسبه غلطا انما هو القروف
جمع قرف وهو الجراب والحتام البقية من كل شيء
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن
الكلبي قال خرج رجل من العرب في الشهر الحرام طالبا حاجة فدخل في الحل فطلب رجلا
يستجيربه فدفع إلى أغيلمة يلعبون فقال لهم من سيدهذا الحواء فقال غلام منهم أبيه
قال ومن أبوك قال باعث بن عويص العاملى قال صف لي بيت أبيك من الحواء
قال بيت كأنه حرة سوداء أو غمامة حماء بفنائه ثلاثة
أفراس أما أحدها فمفرع الأكتاف متماحل الأكناف مائل كالطراف وأما الآخر فذيال جوال
صهال أمين الأوصال أشم القذال وأما الثالث فغار مدمج محبوك محملج كالقهقر الأدعج
فضى الرجل حتى انتهى إلى الخباء ففقد زمام ناقته ببعض أطنابه وقال يا باعث جار
علقت علائقه واستحكمت وثائقه فخرج إليه باعث فأجاره
قال أبو على المفرع المشرف والفرعة والفرعة بفتح الراء
وتسكينها أعلى الجبل وجمعها فراع يقال ائت فرعة من فراع الجبل فأنزلها ومنه قيل
جبل فارع ونقى فارع إذا كان أطول مما يليه وبه سميت المرأة فارعة ويقال انزل
بفارعه الوادي وأحذر أسفله وتلاع فوارع أي مشرفات المسايل وقال أبو نصر يقال فرع
فلان قومه اذا علاهم بشرف أو جمال أو غيره ولقيه ففرع رأسه بالعصا يريد علاه وقال
أبو زيد يقال تفرع فلان القوم إذا ركبهم وشتمهم وقال غيره تفرعت الشيء علوته وقال
أبو نصر فرع إذا علا وفرع وأفرع إذا انحدر قال الشماخ
( فان كرهت هجائي فاجتنب سخطى ** لا يدركنك إفراعي
وتصعيدي )
واصابته دبرة على فروع كتفيه يريد على أعاليهما ويقال
فرعت بين القوم أي حجزت وأفرع بينهما أي احجز وفرعت فرسي أفرعه أي قدعته قال
الشاعر
( نفرعه فرعا ولسنا نعتله ** وأفرعت المرأة إذا حاضت )
ومنه قول الأعشى
( صددت عن الأعداء يوم عباعب ** صدود المذاكى أفرعتها
المساحل )
والمساحل اللجثم واحدها مسحل يعني أن المساحل أدمتها كما
أفرع الحيض المرأة بالدم وافترعت المرأة اقتضضتها والفرع ذبح كان في الجاهلية وهو
أول النتاج كان إذا انتجت الناقة في أول نتاجها ذبح يتبركون به قال أوس بن حجر
( وشبه الهيدب العبام من ** الأقوام سقبا مجللا فرعا )
قال أبو عمرو الفرع القسم أيضا وقد أفرع القوم أيضا إذا
نتجت إبلهم وقال أبو نصر يقال بئس ما أفرعت به أي بئس ما ابتدأت به والفرع من
القسي ما كان من طرف القضيب والفرعة القملة العظيمة ومنه قيل حسان ابن الفريعة
وقوله متماحل الأكناف المتماحل الطويل والاكناف النواحي يريد أنه طويل العنق والقوائم
وذلك مدح والماثل القائم المنتصب والماثل اللاطئ بالأرض وهو من الأضداد ويقال رأيت
شخصا ثم مثل أي ذهب فلم أره قال الهذلي
( يقربه النهض اننجيح لما يرى ** فمنه بدومرة ومثول )
بدو ظهور ومثول ذهاب والطراف بيت من أدم والذيال الطويل
الذنب قال النابغة الذبياني
( وكل مدجح كالليث يسمو ** على أوصال ذيال رفن )
والأوصال واحدها وصل قال ذو الرمة
( إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته ** فقام بفأس بين وصليك
جازر )
وأشم مرتفع والشمم الارتفاع والقذال معقد العذار والمغار
الشديد الفتل يريد أنه شديد البدن والعرب تقول أغرت الحبل إذا شددت فتله قال امرؤ
القيس
( فيا لك من ليل كأن نجومه ** بكل مغار الفتل شدت بيذبل )
وغار الرجل يغور غورا إذا أتى الغور وزاد اللحياني وأغار
أيضا وأنشد بيت الأعشى
( نبي يرى ما لا ترون وذكره ** أغار لعمري في البلاد
وأنجدا )
فهذا على ما قال اللحياني وكان الكسائي يقول هو من
الإغارة وهي السرعة وكان الأصمعي يقول أغار ليس هو من الغور إنما هو بمعنى عدا
وقال اللحياني يقال للفرس أنه لمغوار أي شديد العدو والجمع مغاوير والتفسير الأول
الوجه لأنه قال وأنجدا فإنما أراد أتى الغور وأتى نجدا والغور تهامة وغار الماء يغور
غورا قال الله عز وجل { إن أصبح ماؤكم غورا } أي غائرا وزاد أبو نصر غؤورا وغارت
عينه تغور غثوورا
وغارت الشمس تغور غؤورا أيضا والغور والاسم يقول سقطت في
الغور يعني الشمس وغار فلان على أهله يغار غيرة رجل غيور من قوم غير وامرأة غيري
من نسوة غيارى وقال الأصمعي فلان شديد الغار على أهله أي شديد الغيرة وزاد
اللحياني والغير وقال أبو نصر أغار فلان على بني فلان يغير إغارة وقال اللحياني
يقال للرجل إنه لمغوار أي شديد الإغارة والجمع مغاوير وقال أبو نصر يقال غارهم
يغيرهم إذا مارهم والغيار المصدر قال الهذلي
( ماذا يغير ابنتي ربع عويلهما ** لا ترقدان ولا بؤسي
لمن رقدا )
وقال اللحياني غارهم الله بمطر يغيرهم ويغورهم والاسم
الغيرة ويقال هذه أرض مغيرة ومغيورة قال والغير التغيير يقال مغ الغير الغيار ولا
يقال منه فعلت بالتخفيف إنما يقال غيرت عليه بالتثقيل قال وأنشدنا أبو شبل
( أقول بالسبت فويق الدير ** إذ أنا مغلوب قليل الغير )
أراد التغيير والغاران الجيشان يقال لقي غار غارا وقال
أبو عبيدة الغار الجمع الكثير من الناس قال ويروى عن الأحنف أنه قال في انصراف
الزبير وما أصنع به إن كان جمع بين غارين من الناس ثم تركهم وذهب
قال أبو علي فقول الأحنف من الناس يدل على أن الغار يكون
الجمع من غير الناس وقال أبو نصر الغاران البطن والفرج يقال المرء يسعى لغاريه أي
لبطنه وفرجه وقال أبو عبيدة يقال لفم الإنسان وفرجه الغاران وقال أبو نصر الغار
كالكهف في الجبل ويقال عسى الغوير أبؤسا وهو تصغير غار يريد عسى أن يكون جاء البأس
من الغار وقال اللحياني يقال غرت في الغار والغور أغور غورا أو غؤرا وأغرت أيضا فيهما
جميعا قال أبو علي قوله غؤرا نادر شاذ والغار شجرة طيبة الريح قال عدي بن زيد
( رب نار بت أرمقها ** تقضم الهندي والغارا )
وقال الأصمعي يقال غار النهار إذا اشتد حره وغور القوم
تغويرا إذا قالوا من القائلة
والغائرة القائلة وقال اللحياني غور الماء تغويرا إذا
ذهب في العيون ويقال غرت فلانا من أخيه أغيره غيرا وقال أبو عبيدة غارني الرجل
يغيرني ويغورني إذا وداك من الدية والاسم الغيرة وجمعها غير أي أعطيته الدية وقال
أبو نصر أغار الرجل إغارة الثعلب إذا أسرع ودفع في عدوه وأنشد لبشر
( فعد طلابها وتعد عنها ** بحرف قد تغير إذا تبوع )
وقال خالد بن كلثوم غاريت وعاديت بين اثنين أي واليت
ومنه قول كثير
( إذا قلت أسلو غارت العين بالبكا ** غراء ومدتها مدامع
حفل )
قال معنى غارت فاعلت من الولاء وقال أبو عبيدة هي فاعلت
من غريت بالشيء أغرى به ومحبوك موثق مشدود يقال حبكت الشيء إذا شددته فهو محبوك
وحبيبك ويقال جاد ما حبك هذا الثوب أي نسج قال الهذلي
( فرميت فوق ملاءة محبوكة ** وأبنت للأشهاد حزة أدعي )
يقول ابنت لهم قولي خذها وأنا ابن فلان وحزة يعني ساعة
أدعي ومنه قولهم أحتبك بازاره أي احتزم به ومحملج مفتول والقهقر الحجر الصلب
والأدعج الأسود قال الأصمعي يقال رجل أدعج أي أسود وليل أدعج والدعج شدة سواد
الحدقة وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرني يونس قال
كان لرجل من بني ضبة في الجاهلية بنون سبعة فخرجوا بأكلب لهم يقتنصون فأووا إلى
غار فهوت عليهم صخرة فأتت عليهم جميعهم فلما استراث أبوهم اخبارهم اقتفر آثارهم
حتى انتهى إلى الغار فانقطع عنه الأثر فأيقن بالشر فرجع وأنشأ يقول
( أسبعة أطواد أسبعة أبحر ** أسبعة آساد أسبعة أنجم )
( رزئتهم في ساعة جرعتهم ** كؤس المنايا تحت صخر مرضم )
( فمن تك أيام الزمان حميدة ** لديه فإني قد تعرقن أعظمى )
( بلغن نسيسي وارتشفن بلالتي ** وصلينني جمر الأسى
المتضرم )
( أحين رماني بالثمانين منكب ** من الدهر منح في فؤادي
بأسهم )
( رزئت بأعضادي الذين بأيدهم ** أنوء وأحمي حوزتي وأحتمي )
( فإن لم تذب نفسي عليهم صبابة ** فسوف أشوب دمعها بعد
بالدم )
ثم لم يلبث بعدهم إلا يسيرا حتى مات كمدا قال أبو علي
اقتفر اتبع يقال قفرت الأثر واقتفرته إذا اتبعته ومرضم منضد بعضه على بعض قال
الأصمعي يقال بنى فلان دارا فرضم فيها الحجارة رضما وذلك إذا نضد الحجارة بعضها
على بعض ومنه قيل رضم البعير بنفسه إذا رمى بها فلم يتحرك وتعرقن أخذن ما عليه من اللحم
يقال عرقت العظم وتعرقته إذا أخذت ما عليه من اللحم والنسيس بقية النفس قال الشاعر
فقد أودى إذا بلغ النسيس وارتشفن امتصصن والبلالة الرطوبة وحدثنا أبو بكر رحمه
الله تعالى قال حدثنى أبو عثمان الأشناندانى قال حدثنى التوزى عن أبي عبيدة قال
لما مات حصين بن الحمام سمعوا صارخا يصيح من جبل ويقول
( ألا ذهب الحلو الحلال الحلاحل ** ومن عقده حزم وعزم
ونائل )
( ومن قوله فصل إذا القوم أفحموا ** تصيب مرادي قوله ما
يحاول )
فلما سمعه معية أخوه قال هلك والله حصين وأنشأ يقول
( نعيت حيا الأضياف في كل شتوة ** ومدره إذ حرب تخاف
الزلازل )
( ومن لا ينادى بالهضيمة جاره ** إذا أسلم الجار الألف
المواكل )
( فمن وبمن نستدفع الضيم بعده ** وقد صممت فينا الخطوب
النوازل )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن وأبو
حاتم والأشنانداني والرياشي قالوا كلهم سمعنا الأصمعي يقول كنت بالبادية فرأيت
امرأة عند قبر وهي تبكي وتقول
( فمن للسؤال ومن للنوال ** ومن للمقال ومن للخطب )
( ومن للحماة ومن للكماه ** إذا ما الكماة جثوا للركب )
( إذا قيل مات أبو مالك ** فتى المكرمات قريع العرب )
( فقد مات عز بني آدم ** وقد ظهر النكد بعد الطرب )
قال فملت إليها فقلت لها من هذا الذي مات هؤلاء الخلق
كلهم بموته فقالت أو ما تعرفه قلت اللهم لا فأقبلت ودمعتها تنحدر وإذا هي مقاء
برشاء ثرماء فقالت فديتك هذا أبو مالك الحجام ختن أبي منصور الحائك فقلت عليك لعنة
الله والله ما ظننت إلا أنه سيد من سادات العرب قال أبو علي قريع الشول فحلها والقريع
الفحل من الرجال الشجاع والمقاء الطويلة والأمق الطويل والمقق الطول والثزماء التي
قد سقطت ثنيتاها وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
لأعرابي
( يقر بعيني أن أرى من مكانه ** ذرى عقدات الأبرق
المتقاود )
( وأن أرد الماء الذي شربت به ** سليمى وقد مل السرى كل
واحد )
( وألصق أحشائي ببرد ترابه ** وإن كان مخلوطا بسم
الأساود )
قال وأنشدني عبد الرحمن عن عمه
( أمس العين ما مست يداها ** لعل العين تبرأ من قذاها )
( يقول الناس ذو رمد معنى ** وما بالعين من رمد سواها )
قال وأنشدنا أبو بكر ولم يسم قائله ولا عزاه إلى أحد
( ال ليلى إن ضيفكم ** ضائع في الحي مذ نزلا )
( أمكنوه من ثنيتها ** لم يرد خمرا ولا عسلا )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم
عن أبي زيد
( إن كان غرك إطرافي أبا حسن ** فالسيف يطرق حينا قبل
هزته )
( والحية الصل لا تغررك هدأته ** فكم سليم وموقوذ لنكزته )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدني عمي عن
أبيه عن ابن الكلبي وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري عن أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن
الأعرابي
( يامر ياخير أخ ** نازعت در الحمله )
( يا خير من أوقدلك ** أضياف نارا حجمه )
( يا جالب الخيل إلى الخيل ** تعادى أضمه )
( يا قائد الخيل ومجتاب الدلاص الدرمه )
( سيفك لا يشقى به ** إلا العسير السنمه )
( جاد على قبرك غيث ** من سماء رزمه )
( ينبت نورا أرجا ** جرجاره والينمه )
قال أبو على الحمله طرف الثدى والدرمة اللينة التي لا
حجم لها واضمة غضابى يقال أضم عليه أضما أي غضب عليه قال الأخطل
( أضما وهزلهن رمحى رأسه ** أن قد أتيح لهن موت أحمر )
وضمد عليه يضمد ضمدا إذا هاج وغضب قال النابغة
( ومن عصاك فعاقبه معاقبة ** تنهى الظلوم ولا تقعد على
ضمد )
وحرب حربا إذا هاج وغضب وحربته أنا فهو محرب قال الهذلي
( كأن محربا من أسدترج ** ينازلهم لنابيه قبيب )
وأضم وأتضم قال الشاعر
( ومؤتضم علي لأن جدي ** يبذ جدوده المتقدمينا )
ويقال أغذ عليه إغدادا وأصله من غدة البعير فهو مغد
واسمغد فهو مسمغد إذا انتفخ من الغضب وورم وضرم عليه ضرما وأصله من اضطرام النار
واحتدم عليه إذا تحرق عليه وأصله من احتدام الحر وأسف عليه يأسف قال الله تعالى {
فلما آسفونا انتقمنا منهم } وعبد عليه يعبد وحشم عليه يحشم حشما وهؤلاء حشم فلان للذين
يغضب لهم وأحشمته أنا وحشمته وحكى الأصمعي إن ذلك لمما
يحشم بني فلان أي يغضبهم وكت يكت وأصله من كتيت القدر قال رؤبة
( وطامح النخوة مستكت ** طأطأ من شيطانه التعتي )
( صكى عرانين العدى وصتي ** )
ومعض يمعض معضا قال رؤبة
( وقد ترى ذا حاجه مؤتضا ** ذا معض لولا يرد المعضا )
قال أبو عمرو وازمهراز مهرارا إذا غضب وأنشد
( أبصرت ثم جامعا قدهرا ** ونثرا لجعبة وازمهرا )
( وكان مثل النار أو أحرا ** )
ويقال قد رقرطب إذا غضب فهو مقرطب وأنشد
( إذا رآني قد أتيت قرطبا ** وجال في حجاشه وطرطبا )
ويقال اصطخم قال ذو الرمة
( ظلت ثقالا وظل الجوب مصطخما ** كأنه بتناهي الروض
محجوم )
ورزمة مصوتة قال أبو علي ومما اخترته وقرأته على أبي بكر
بن دريد
( قوم إذا اشتجر القنا ** جعلوا القلوب لها مسالك )
( اللابسين قلوبهم ** فوق الدروع لدفع ذلك )
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا الرياشي عن ابن سلام
عن غرير بن طلحة بن عبد الله عن عمه هند بن عبد الله قال بينا أنا مع أبي بسوق
المدينة إذ أقبل كثير فلما رأى أبي عدل إليه وتحدث معه ساعة فقال له أبي هل قلت
بعدي شيأ يا أبا صخر قال هند فأقبل علي وقال احفظ هذه الأبيات وأنشدني
( وكنا سلكنا في صعود من الهوى ** فلما توافينا ثبت وزلت )
( وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا ** فلما تواثقنا شددت
وحلت )
( فواعجبا للقلب كيف اعترافه ** وللنفس لما وطئت كيف ذلت )
( وللعين أسراب إذا ما ذكرتها ** وللقلب وسواس إذا العين
ملت )
( وإني وتهيامي بعزة بعدما ** تخليت مما بيننا وتخلت )
( لكا لمرتجي ظل الغمامة كلما ** تبوأ منها للمقيل
اضمحلت )
( فإن سأل الواشون فيم هجرتها ** فقل نفس حر سليت فتسلت )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن
عن عمه قال بيناأنا بحمى ضرية إذ وقف علي غلام من بني أسد في أطمار ما ظننته يجمع
بين كلمتين فقلت ما اسمك فقال حريقيص فقلت أما كفى أهلك أن يسموك حرقوصا حتى حقروا
اسمك فقال إن السقط ليحرق الحرجة فعجبت من جوابه فقلت أتنشد شيأ من أشعار قومك قال
نعم أنشدك لمرارنا قلت افعل فقال
( سكنوا اشبيثا والأحص وأصبحوا ** نزلت منازلهم بنو
ذبيان )
( وإذا يقال أتيتم لم يبرحوا ** حتى تقيم الخيل سوق طعان )
( وإذا فلان مات عن أكرومة ** رقعوا معاوز فقره بفلان )
قال فكادت الأرض تسوخ بي لحسن إنشاده وجودة الشعر فأنشدت
الرشيد هذه الأبيات فقال وددت يا أصمعي أن لو رأيت هذا الغلام فكنت أبلغه أعلى
المراتب قال أبو علي السقط ما يسقط من الزند إذا قدح وقال أبو عبيدة في سقط النار وسقط
الولد وسقط الرمل ثلاث لغات الضم والفتح والكسر وزناد العرب من خشب وأكثر ما يكون
من المرخ والعفار ولذلك قال الأعشى
( زنادك خير زناد الملوك ** صادف منهن مرخ عفارا )
وإنما يؤخذ عود قدر شبر فيثقب في وسطه ثقب لا ينفذ ويؤخذ
عود آخر قدر ذراع فيحدد طرفه فيجعل ذلك المحدد في ذلك الثقب وقد وضعه رجل بين
رجليه فيديره ويفتله فيورى
نارا فالأعلى زند والأسفل زتدة والحرجة الشجر الكثير
الملتف وجمعه حراج وأحراج قال العجاج
( عاين حيا كالحراج نعمه ** يكون أقصى شله محرنجمه )
يقول عاين هذا الجيش الذي أياتا حيا ويعني بالحي قومه
بني سعد والنعم الابل وأقصى أبعد وشله طرده ومحرنجمه مبركه حيث يجتمع بعضه إلى بعض
والمعنى أن الناس اذا فوجؤا بالغارة طردوا إبلهم وقاموا هم يقاتلون فان انهزموا كانوا
قد نجوا بها يقول فهؤلاء من عزهم ومنعتهم لا يطردونها ولكن يكون أقصى طردهم أن
ينيخوها في مبركها ثم يقاتلوا عنها والمعاوز الثياب الخلقان وحدثنا أبو بكر بن
دريد قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن العباس بن هشام عن أبيه قال كان
حضرمي بن عامر عاشر عشرة من اخوته فماتوافورثهم فقال ابن عم له يقال له جزء من
مثلك مات إخوتك فورثتهم فأصبحت ناعما جذلا فقال حضرمي
( يزعم جزء ولم يقل سددا ** أنى تروحت ناعما جذلا )
( ان كنت أزننتني بها كذبا ** جزء فلاقيت مثلها عجلا )
( أفرح أن أرزأ الكرام وأن ** أورث ذودا اشصائصا نبلا )
( كم كان في إخوتي إذا احتضن الأقوام تحت العجاجة الأسلا ** )
( من واجد ماجد أخى ثقة ** يعطى جزيلا ويضرب البطلا )
( ان جئته خائفا أمنت وان ** قال سأجبوك نائلا فعلا )
فجلس جزء على شفير بئر وكان له تسعة أخوة فانخسفت باخوته
ونجا هو فبلغ ذلك حضرميا فقال انا لله وانا إليه راجعون كلمة وافقت قدرا وأبقت حقد
قال أبو علي الشصائص التي لا ألبان لها واحدتها شصوص قال الأصمعي يقال أشصت فهي شصوص
وهو على غير القياس وقال الكسائي شصت والنبل الصغار ههنا والنيل الكبار وهو من
الأضداد
والواجد الغني الذي لجد وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو
حاتم عن الأصمعي ليزيد بن الحكم الثقفي
( تكاشرني كرها كأنك ناصح ** وعينك تبدي أن صدرك لي دوى )
( لسانك ما ذي وغيبك علقم ** وشرك مبسوط وخيرك منطوى )
( فليت كفافا كان خيرك كله ** وشرك عني ما ارتوى الماء
مرتوى )
( عدوك يخشى صولتي إن لقيته ** وأنت عدوي ليس ذاك بمستوى )
( تصافح من لاقيت لي ذا عداوة ** صفاحا وغي بين عينيك
منزوى )
( أراك إذا لم أهو أمرا هويته ** ولست لما أهوى من الأمر
بالهوى )
( أراك اجتويت الخير منى وأجتوي ** أذاك فكل يجتوى قرب
مجتوى )
( وكم موطن لولاي طحت كما هوى ** بأجرامه من قلة النيق
منهوى )
( إذا ما ابتنى المجد ابن عمك لم تعن ** وقلت ألا يا ليت
بنيانه خوى )
( فإنك إن قيل ابن عمك غانم ** شج أو عميد وأخو مغلة لوى )
( تملأت من غيظ علي فلم يزل ** بك الغيظ حتى كدت بالغيظ
تنشوى )
( وما برحت نفس حسود حسبتها ** تذيبك حتى قيل هل أنت
مكتوى )
( وقال النطاسيون إنك مشعر ** سلالا ألا أنت من حسد ذوى )
( جمعت وفحشا غيبة ونميمة ** خصالا ثلاثا لست عنها
بمرعوى )
( أفحشا وجبنا واختتاء عن الندى ** كأنك أفعى كدية فر
محجوى )
( فيدحو بك الداحي إلى كل سوأة ** فيا شر من يدحو بأطيش
مدحوى )
( بدا منك غش طال ما قد كتمته ** كما كتمت داء ابنها أم
مدوى )
قال أبو علي الاختتاء التقبض قال وقال أبو بكر محجوى
منطوى والمدوى الذي يأخذ الدواية وهي جلدة رقيقة تركب اللبن يقال دوى اللبن يدوى
فهو مدو وأقبل الصبيان على اللبن يدوونه أي يأخذون ما عليه من الجلدة وجاء غلام من
العرب إلى أمه وعندها أم خطبه فقال يا أماه أدوي فقالت
اللجام معلق بعمود البيت توري بذلك وترى القوم أنه إنما سألها عن اللجام وأنه صاحب
خيل وركوب والمجتوي الكاره والماذي العسل الأبيض ومنه قيل درع ماذية وأنشدنا أبو
بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
( أذكر مجالس من بني أسد ** بعدوا فحن إليهم القلب )
( الشرق منزلهم ومنزلنا ** غرب وأني الشرق والغرب )
( من كل أبيض جل زينته ** مسك أحم وصارم عضب )
( ومدحج يسعى بشكته ** وعقيرة بفنائه تحبو )
قال أبو علي عقيرة معقورة وحدثنا أبو بكر بن دريد قال
أخبرنا الرياشي عن ابن سلام قال بلغني أن الأجوص دخل على يزيد بن عبد الملك فقال
له يزيد لو لم تمت إلينا بحرمة ولا توسلت بدالة ولا جددت لنا مدحا غير أنك مقتصر
على بيتيك لاستوجبت عندنا جزيل الصلة ثم أنشد يزيد
( وإني لأستحييكم أن يقودني ** إلى غيركم من سائر الناس
مطمع )
( وأن اجتدى للنفع غيرك منهم ** وأنت إمام للبرية مقنع )
وقال الرياشي وإنما قال هذين البيتين في عمر بن عبد
العزيز رضي الله عنه وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر
( إني رأيتك كالورقاء يوحشها ** قرب الأليف وتغشاه إذا
نحرا )
الورقاء دويبة تنفر من الذئب وهو حي وتغشاه إذا رأت به
الدم وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحي وأبو العباس
محمد بن يزيد لأبي حية النميري يزيد بعضهم على بعض وأنشدنا أيضا أبو بكر بن دريد واللفظ
والترتيب على ما أنشدناه أبو عبد الله
( بدا يوم رحنا عامدين لأرضها ** سنيح فقال القوم مرسنيح )
فهاب رجال منهم وتقاعسوا ** فقلت لهم جاري إلي ربيح )
( عقاب بأعقاب من الدار بعدما ** جرت نية تسلي المحب
طروح )
( وقالوا حمامات فحم لقاؤها ** وطلح فزيرت والمطي طليح )
( وقال صحابي هدهد فوق بانة ** هدى وبيان بالنجاح يلوح )
( وقالوا دم دامت مواثيق بيننا ** ودام لنا حلو الصفاء
صريح )
( لعيناك يوم البين أسرع واكفا ** من الفنن الممطور وهو مروح )
( ونسوة شحشاح غيور يخفنه ** أخي ثقة يلهون وهو مشيح )
( يقلن وما يدرين عني سمعته ** وهن بأبواب الخيام جنوح )
( أهذا الذي غنى بسمراء موهنا ** أتاح له حسن الغناء
متيح )
( إذا ما تغنى أن من بعد زفرة ** كما أن من حر السلاح
جريح )
( وقائلة يادهم ويحك إنه ** على غنة في صوته لمليح )
( وقائلة أو لينه البخل إنه ** بما شاء من زور الكلام
فصيح )
( فلو أن قولا يكلم الجلد قد بدا ** بجلدي من قول الوشاة
جروح )
وحدثنا الأخفش قال حدثني بعض أصحابنا قال حدثني أبو عبد
الله محمد بن القاسم ابن خلاد البصري المعروف بأبي العيناء قال أنشدنا ابن أبي فنن
في مجلس علي بن الجهم فكتبت لي وله
( ولما أبت عيناي أن تكتما البكا ** وأن تحبسا سح الدموع
السواكب )
( تثاءبت كي لا ينكر الدمع منكر ** ولكن قليلا ما بقاء
التثاؤب )
( أعرضتماني للهوى وغمتما ** علي لبئس الصاحبان لصاحب )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال أنشدنا
أحمد بن يحي النحوي
( يقولون ليلى بالمغيب أمينة ** بلى وهو راع عهدها
وأمينها )
( فإن تك ليلى استودعتني أمانة ** فلا وأبى أعدائها لا
أخونها )
( أأرضي بليلى الكاشحين وأبتغي ** كرامة أعدائي لها
واهينها )
( معاذة وجه الله أن أشمت العدى ** بليلى وإن لم تجزني ما
أدينها )
( سأجعل عرضي جنة دون عرضها ** وديني فيبقى عرض ليلى
ودينها )
وأنشدنا أبو الحسن جحظة البرمكي قال أنشدنا حماد بن
إسحاق قال أنشدني أبي لنفسه
( لاح بالمفرق منك القتير ** وذوى غصن الشباب النضير )
( هزئت أسماء مني وقالت ** أنت يا ابن الموصلي كبير )
( ورأت شيبا علاني فأنت ** وابن ستين بشيب جدير )
( إن ترى شيبا علاني فإني ** مع ذاك الشيب حلو مزير )
( قد يفل السيف وهو جراز ** ويصول الليث وهو عقير )
قال أبو علي المزير المعظم المكرم يقال مزرت الرجل إذا
عظمته وكرمته كذا قال علي بن سليمان الأخفش وقال النضر بن شميل المزير الظريف وقال
لي أبو بكر بن دريد المزارة الزيادة في جسم أو عقل يقال مزر يمزر مزارة فهو مزير والجراز
الماضي في الضريبة قال الجعدي
( يصمم وهو مأثور جراز ** إذا اجتمعت بقائمه اليدان )
وقرأت على أبي بكر بن الأنباري للأسود بن يعفر
( وكنت إذا ما قرب الزاد مولعا ** بكل كميت جلدة لم تؤسف )
( مداخلة الأقراب غير ضئيلة ** كميت كأنها مزادة مخلف )
كميت يعني تمرة وجلدة غليظة اللحاء لم تؤسف لم تقشر
وأقرابها نواحيها وإنما هو مثل والقربان الخاصرتان والضئيلة الدقيقة والمخلف
المستقى يريد كأنها
من امتلائها مزادة وقرأت على أبي بكر بن الأنباري قال
قرأت على أبي لهدبة بن خشرم
( طربت وأنت أحيانا طروب ** وكيف وقد تعلاك المشيب )
( يجد النأي ذكرك في فؤادي ** إذا ذهلت عن النأي القلوب )
( يؤرقني اكتئاب أبي نمير ** فقلبي من كآبته كئيب )
( فقلت له هداك الله مهلا ** وخير القول ذو اللب المصيب )
( عسى الكرب الذي أمسيت فيه ** يكون وراءه فرج قريب )
( فيأمن خائف ويفك عان ** ويأتي أهله النائي الغريب )
( ألا ليت الرياح مسخرات ** بحاجتنا تباكر أو تؤوب )
( فتخبرنا الشمال إذا أتتنا ** وتخبر أهلنا عنا الجنوب )
( فإنا قد حللنا دار بلوى ** فتخطئنا المنايا أو تصيب )
( فإن يك صدر هذا اليوم ولى ** فإن غدا لناظره قريب )
( وقد علمت سليمى أن عودي ** على الحدثان ذو أيد صليب )
( وإن خليقتي كرم وأني ** إذا أبدت نواجذها الحروب )
( أعين على مكارمها وأغشى ** مكارهها إذا كع الهيوب )
( وقد أبقى الحوادث منك ركنا ** صليبا ما تؤيسه الخطوب )
( على أن المنية قد توافي ** لوقت والنوائب قد تنوب )
قال أبو علي قوله تؤيسه تؤثر فيه قال المتلمس
( ألم تر أن الجون أصبح راسيا ** تطيف به الأيام ما
يتأيس )
وقال الطريف العنبري
( إن قناتي لنبع ما يؤيسها ** عض الثقاف ولا دهن ولا نار )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال أخبرني عمي
عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال
اجتمع طريف بن العاصي الدوسي وهو جد طفيل ذي النورين بن
عمرو بن طريف والحرث ابن ذبيان بن لجا بن منهب وهو أحد المعمرين عند بعض مقاول
حمير فتفاخرا فقال الملك للحرث يا حارث ألا تخبرني بالسبب الذي أخرجكم عن قومكم حتى
لحقتم بالنمر بن عثمان فقال أخبرك أيها الملك خرج هجينان مناير يرعيان غنما لهما
فتشاولا ولا بسيفهما فأصاب صاحبهم عقب صاحبنا فعاث فيه السيف فنزف فمات فسألونا
أخذ دية صاحبنا دية الهجين وهي نصف دية الصريح فأبى قومي وكان لنارباء عليهم
فأبينا إلا دية الصريح وأبو إلا دية الهجين فكان اسم هجيننا دهين بن زبراء واسم
صاحبهم عنقش بن مهيرة وهي سوداء أيضا فتفاقم الأمر بين الحيين فقال رجل منا
( حلومكم باقوم لا تعزبنها ** ولاتقطعوا أرحامكم بالتدابر )
( وأدوا إلى الأقوام عقل ابن عمهم ** ولا ترهقوهم سبة في
العشائر )
( فإن ابن زبراء الذي فاد لم يكن ** بدون خليف أو اسيد
بن جابر )
( فإن لم تعاطوا الحق فالسيف بيننا ** وبينكم والسيف
أجور جائر )
فتظافروا علينا حسدا فأجمع ذوو الحجى منا أن نلحق بأمنع
بطن من الأزد فلحقنا بالنمر بن عثمان فوالله ما فت في أعضادنا فأبنا عنهم ولقد
أثأرنا صاحبنا وهم راغمون فوثب طريف بن العاصي من مجلسه فجلس بإزاء الحرث ثم قال تالله
ما سمعت كاليوم قولا أبعد من صواب ولا أقرب من خطل ولا أجلب لقذع من قول هذا والله
أيها الملك ما قتلوا بهجينهم بذجا ولا رقوابه درجا ولا أنطوا به عقلا ولا اجتفؤ به
خشلا ولقد أخرجهم الخوف عن أصلهم وأجلاهم عن محلهم حتى استلانوا خشونة الازعاج
ولجؤا إلى أضيق الولاج قلاوذلا فقال الحرث أتسمع يا طريف إني والله ما إخالك كافا
غرب لسانك ولا منهها شرة نزوانك حتى أسطو بك سطوة تكف طماحك وترد جماحك وتكبت
تترعك وتقمع تسرعك فقال طريف مهلا يا حارث لا تعرض لطحمة أستناني وذرب سناني وغرب
شبابي وميسم سبابي فتكون كالأظل الموطوء والعجب الموجوء
فقال الحرث إياي تخاطب بمثل هذا القول فوالله لو وطئتك
لأسختل ولو وهصتك لأوهطتك ولو نفحتك لأفدتك فقال طريف متمثلا
( وإن كلام المرء في غير كنهه ** لكالنبل تهوى ليس فيها
نصالها )
أما والأصنام المحجوبة وألأنصاب المنصوبة لئن لم تربع
على ظلعك وتقف عند قدرك لأدعن حزنك سهلا وغمرك ضحلا وصفاك وحلا فقال الحرث أما
والله لو رمت بالحضيض وأغصصت بالجريض وضاقت عليك الرحاب وتقطعت بك الأسباب لألفيت
لقى تهاداه الروامس بالسهب الطامس فقال طريف دون ما ناجتك به نفسك مقارعة أبطال وحياض
أهوال وحفزة إعجال يمنع معه تطامن الأمهال فقال الملك إيها عنكما فما رأيت كاليوم
مقال رجلين لم يقصبا ولم يثلبا ولم يلصوا ولم يقفوا قال أبو علي المقاول والأقيال
هم الذين دون الملك الأعظم تشاولا تضاربا وعاث أفسد والعيث الفساد ونزف الرجل إذا
سال دمه حتى يضعف والهجين الذي أبوه عربي وأمه ليست بعربية والمقرف الذي أمه عربية
وأبوه ليس بعربي والصريح الخالص والرباء الزيادة يقال أربى فلان على فلان في
السباب يربى إرباء إذا زاد عليه وأربى يربي من الربا وهو مقصور والرباء ممدود
الربا أيضا وتفاقم الأمر اشتد والعقل الدية يقال عقلت فلانا إذا غرمت ديته وعقلت
عن فلان إذا غرمت عنه دية جنايته والمرأة تعاقل الرجل إلى ثلث ديتها يريد أن
موضحتها وموضحته سواء فإذا بلغ العقل ثلث الدية صارت دية المرأة على النصف من دية الرجل
وقال الأصمعي سألت أبا يوسف القاضي بحضرة الرشيد عن الفرق بين عقلته وعقلت عنه فلم
يفهم حتى فهمته ويقال للقوم الذين يغرمون دية الرجل العاقلة ويقال بنو فلان على
معاقلهم الأولى يريد على حال الديات التي كانوا عليها في الجاهلية واحدها معقلة
ويقال صار دم فلان معقلة على قومه أي غرما يؤدونه من أموالهم وعقل الظل إذا قام
قائم الظهيرة وعقل الرجل يعقل عقلا في العقل وعقل الظبي يعقل
عقولا إذا صعد في الجبل فامتنع فيه والمكان الممتنع فيه
يسمى المعقل وبه سمى الرجل معقلا ويقال وعل عاقل إذا عقل في الجبل فامتنع فيه وعقل
البعير يعقله عقلا إذا ثنى وظيفة مع ذراعه فشدهما جميعا في وسط الذراع ونحوه وعقل
الطعام بطنه يعقله عقلا إذا شده ويقال أعطني عقولا أشر به فيعطيه دواء يمسك بطنه
وبالدههناء خبراء يقال لها معقلة سميت بذلك لأنها تمسك الماء كما يعقل الدواء
البطن ويقال جاء فلان وقد اعتقل رمحه إذا وضعه بين ركابه وساقه واعتقل شاته إذا
وضع رجلها بين ساقه وفخذه إذا حلبها ويقال صارع فلان فلانا فاعتقله الشغزبية وهو
ضرب من الصراع ولفلان عقلة يعقل بها الناس وذلك إذا صارعهم عقل أرجلهم ويقال على
بني فلان عقالان يريد بذلك صدقة عامين ويقال جار عليهم العامل فأخذ منهم النقد ولم
يأخذ العقال أي الفريضة بعينها ويقال يكره أن تشترى الفريضة حتى يعقلها الساعي وهو
المصدق والعقال أيضا الحبل الذي يعقل به البعير والعقال هو أن بعض الخيل إذا مشى
يظلع ساعة ثم ينبسط والعقل التواء في الرجل يقال بعير أعقل وناقة عقلاء والعقيلة
كريمة الحي وكريمة الإبل والعقل ضرب من الوشي يقال جللوا هوادجهم بالعقل والرقم
ويقال ماله جول ولا معقول أي عقل يمسكه وقال الأصمعي أرهقت الرجل أدركته وقال أبو
زيد أرهقته عسرا أي كلفته ذلك وأرهقته إثما حتى رهقه وقال الأصمعي رهقته أي غشيته
وفي فلان رهق أي غشيان للمحارم والمرهق الذي يغشاه السؤال والأضياف ويقال فاد يفود
إذا مات قال لبيد
( رعى خرزات الملك عشرين حجة ** وعشرين حتى فادوا الشيب
شامل )
وفاد يفيد إذا تبختر وكذلك راس يريس وماس يميس وماح يميح
وفت أوهن وأضعف واثأرنا افتعلنا من الثأر والخطل الخطأ والقذع الكلام القبيح يقال
أقذع له إذا أسمعه كلاما قبيحا والبذج الخروف وهو فارسي معرب وكذلك البرق فارس
معرب وهو الحمل وأنطوالغة في أقطوا وقرأت على أبي بكر بن دريد في شعر الأعشى
( جيادك في الصيف في نعمة ** تصان الجلال وتنطى الشعيرا )
واجتفؤا صرعوا قال أبو زيد جفأه صرعه وخفأه أيضا والخشل
والخشل محرك ومسكن واحدتهما خشلة وخشلة شجر المقل وهذه أمثال كلها يريد أنهم لم
ينالوا ثأره والقل القلة والدل الذلة والنزوان الوثوب والتترع التسرع إلى الشر
يقال ترع ترعا فهو ترع إذا كان سريعا إلى الشر ويقال ترع ترعا إذا اقتحم الأمور مرحا
ونشاطا قال الشاعر
( الباغي الحرب يسعى نحوها ترعا ** حتى إذا ذاق منها
جاحما بردا )
أي ثبت فلم يتقدم كذا فسره بعضهم وهو صحيح أي خمدت حدته
فسكن وهذا مثل وطحمة السيل وطحمته بالضم والفتح دفعته والذرب الحدة والأظل أسفل خف
البعير والعجب أصل الذنب ووهصتك كسرتك يقال وهصه ووطسه ووقصه إذا كسره وأوهطتك صرعتك
قال أبو زيد يقال ضربه فقحزته وجحدله وأوهطه إذا صرعه قال ألأموي هو أن يصرعه صرعة
لا يقوم منها وقال غيره أوهطه أهلكه وأنشد
( أوهطته لما علا إيهاطا ** بكل ماض يبتك النياطا )
وتربع تكف وترفق يقال ربع يربع ربعا إذا كف ورفق والظلع
الغمر والضحل الماء القليل وكذلك الضحضاح والفراش أقل منه والضهل القليل من الماء
ومنه يقال ما ضهل إليه منه شيء والشول القليل من الماء يكون في أسفل القربة والسقاء
قال الأعشى
( حتى إذا لمع الربىء بثوبه ** سقيت وصب سقاتها أشوالها )
والنزفة القليل من الماء والشراب أيضا وجمعها نزف قال ذو
الرمة
( يقطع موضوع الحديث ابتسامها ** تقطع ماء المزن في نزف
الخمر )
والدفاف البلل قال أبو ذؤيب
( يقولون لما جشت البئرأ وردوا ** وليس بها أدنى ذفاف
لوارد )
والصفا جمع صفاة الصخرة وهي أيضا الصفواء والصفوان
والحضيض القرار إذا انصل بالجبل وفي الحديث إن العدو بعرعرة الجبل ونحن بحضيضه
فالعرعرة أعلاه والحضيض أسفله ولقى ملقى والروامس الرياح التي ترمس أي تدفن والسهب
المستوى من الأرض والطامس والطاسم جميعا الدارس يقال طمس وطسم والحفز الدفع يقال حفزه
يحفزه حفزا ومنه سمى الحرث بن شريك الحوفزان وذلك أن قيس بن عاصم حفزه بالرمح حين
خاف أن يفوته وقد فخر بذلك سوار بن حبان المنقري فقال
( ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة ** سقته نجيعا من دم الجوف
أشكلا )
وقال أبو زيد إيها نهي وإيه أمر وقال غيره ويها إغراء
وأنشد للكميت
( وجاءت حوادث في مثلها ** يقال لمثلي ويها فل )
وقال أبو بكر بن الانبارى واها تعجب قال الراجز
( واها لريا ثم واها واها ** ياليت عيناها لنا وفاها )
( بثمن نرضي به أباها ** )
لم يقصبا لم يشتما يقال قصبه يقصبه إذا وقع فيه وأصل
القصب القطع ومنه قيل للجزار قصاب ولم يلصوا قال أبو علي كذا رواه لم يلصوا وقال
الأصمعي لصاه يلصيه لصيا إذا قذفه وأنشد الأصمعي للعجاج عف فلالاص ولا ملصى ويقال
قفاه يقفوه إذا قذفه بأمر عظيم كذلك قال يعقوب بن السكيت ويمكن أن يكون يلصوا لغة
وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لرجل من بني كلاب
( سقى الله دهرا قد تولت غياطله ** وفارقنا إلا الحشاشة
باطله )
( ليالي خدني كل أبيض ماجد ** يطيع هوى الصابي وتعصي
عواذله )
( وفى دهرنا والعيش إذ ذاك غرة ** ألا ليت ذاك الدهر
تثنى أوائله )
( بما قد غنينا والصباجل همنا ** يمايلنا ريعانه ونمايله )
( وجر لنا أذياله الدهر حقبة ** يطاولنا في غيه وتطاوله )
( فسقيا له من صاحب خذلت بنا ** مطيتنا عنه وولت رواحله )
( أصد عن البيت الذي فيه قاتلي ** وأهجره حتى كأني قاتله )
قال أبو علي الغياطل جمع غيطلة وهي الظلمة والغيطلة
اختلاط الأصوات والغيطلة الشجر الملتف والغيطلة البقرة قال زهير
( كما استغاث بسي فزغيطلة ** خاف العيون فلم ينظر به
الحشك )
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا عبد
الله بن خلف قال حدثنا محمد بن أبي السرى قال حدثنا الهيثم بن عدي قال كنا نقول
بالكوفة انه من لم يروهذه الأبيات فلا مروأة له وهي لأيمن بن خريم بن فاتك الأسدي
قال وأنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي عن ابن الأعرابي والالفاظ في الروايتين
مختلطة
( وصهباء جر جانية لم يطف بها ** حنيف ولم تنغر بها ساعة
قدر )
( ولم يحضر القس المهينم نارها ** طروقا ولم يشهد على
طنجها حبر )
( أتاني بها يحي وقد نمت نومة ** وقد غابت الشعرى وقد
جنح النسر )
( فقلت أغتبقها أو لغيري فاسقها ** فما أنا بعد الشيب
ويبك والخمر )
( تعففت عنها في العصور التي خلت ** فكيف التصابي بعد ما
كلأ العمر )
( اذا المرء وفى الأربعين ولم يكن ** له دون ما يأتي
حياء ولا ستر )
( فدعه ولا تنفس عليه الذي ارتأى ** وأن جرأ أسباب
الحياة له الدهر )
قال أبو على كلا أنتهى إلى آخره وأقصاه ويقال بلغ الله
بك أكلا العمر أى آخره وارتأى افتعل من الرأى وأنشدنا أبو عمرو بن المطرز غلام
ثعلب قال أنشدنا أبو العباس قال أنشدنا عبد الله بن شبيب لابن الدمينة
( ألا حب بالبيت الذي أنت هاجره ** وأنت بتلماح من الطرف
زائره )
( فانك من بيت لعيني معجب ** وأحسن في عيني من البيت
عامره )
( أصد حياء أن يلج بي الهوى ** وفيك المنى لولا عدو
أحاذره )
( وكم لائم لولا نفاسة حبها ** عليك لما باليت أنك خابره )
( أحبك ياليلى على غير ريبة ** وما خير حب لا تعف سرائره )
( وقد مات قبلى أول الحب فانقضى ** فان مت أضحى الحب قد
مات آخره )
( فلما تناهى الحب في القلب واردا ** ** أفام وأعيت بعد
ذاك مصادره )
( وقد كان قلبي في حجاب يكنه ** وحبك من دون الحجاب
يساتره )
( فاذا الذي يشفى من الحب بعدما ** تشربه بطن الفؤاد
وظاهره )
وأنشدنا الاخفش قال أنشدنا أبو الطريف شاعر كان مع
المعتمد لنفسه
( أتهجرون فتى أغرى بكم يتها ** حقا لدعوة صب أن تجيبوها )
( أهدى اليكم على نأى تحيته ** حيوا بأحسن منها أو
فردوها )
( شيعتهم فاسترابوني فقلت لهم ** إنى بعثت مع الأجمال
أحدوها )
( قالوا فما نفس يعلوك ذا اصعد ** وما لعينك لا ترقا
مآقيها )
( قلت التنفس من تدآب سيركم ** والعين تذرف دمعا من قذى
فيها )
( حتى اذا ارتحلوا والليل معتكر ** خفضت في جنحه صوتي
أناديها )
( يا من بها أنا هيمان ومختبل ** هل لي إلى الوصل من
عقبى أرجيها )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قصيدة له أولها
( قلب تقطع فاستحال نجيعا ** فجرى فصار مع الدموع دموعا )
( ردت إلى أحشائه زفراته ** ففضضن منه جوانحا وضلوعا )
( عجبا لنار ضرمت في صدره ** فاستنبطت من جفنه ينبوعا )
( لهب يكون اذا تلبس بالحشا ** قيظا ويظهر في الجفون
ربيعا )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال
أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحي
( أما والذي لا خلد إلا لوجهه ** ولم يك في العز المنيع
له كفو )
( لئن كان طعم الصبر مرا فعفته ** لقد يجتنى من غبه
الثمر الحلو )
وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر
( نسي الأمانة من مخافة لقح ** شمس تركن بضيعه مجزولا )
أي نسي الأمانة من مخافة هذه اللقح يعني السياط شبهها
إذا ارتفعت بأيدي الرجال بأذناب الإبل إذا لقحت فرفعت أذنابها وشمس فيها شماس لا
تستقر وبضيعه لحمه ومجزول مقطوع وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا السكن
بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال كان قيل من أقيال حمير منع
الولد دهرا ثم ولدت له بنت فبنى لها قصرا منيفا بعيدا من الناس ووكل بها نساء من
بنات الأقيال يخدمنها ويؤدبنها حتى بلغت مبلغ النساء فنشأت أحسن منشأ وأتمه في
عقلها وكمالها فلما مات أبوها ملكها أهل مخلافها فاصطنعت النسوة اللواتي ربينها
وأحسنت إليهن وكانت تشاورهن ولا تقطع أمرا دونهن فقلن لها يوما يا بنت الكرام لو
تزوجت لتم لك الملك فقالت وما الزوج فقالت إحداهن الزوج عز في الشدائد وفي الخطوب
مساعد إن غضبت عطف وإن مرضت لطف قالت نعم الشيء هذا فقالت الثانية الزوج شعاري حين
أصرد ومتكى حين أرقد وأنسي حين أفرد فقالت إن هذا لمن كمال طيب العيش فقالت
الثالثة الزوج لما عناني كاف ولما شفني شاف يكفيني فقد الألاف ريقه كالشهد وعناقه
كالخلد لا يمل قرانه ولا يخاف حرانه فقالت أمهلنني أنظر فيما قلتن فاحتجبت عنهن
سبعا ثم دعتهن فقالت قد نظرت فيما قلتن فوجدتني أملكه رقي وأبثه باطلي وحقي فإن كان
محمود الخلائق مأمون البوائق فقد أدركت بغيتي وإن كان غير ذلك فقد طالت شقوتي على
أنه لا ينبغي إلا أن يكون كفؤا كريما يسود عشيرته ويرب فصيلته لا أتقنع به عارا في
حياتي ولا أرفع به شنارا لقومي بعد وفاتي فعليكنه فابغينه وتفرقن
في الأحياء فأيتكن أتتنى بما أحب فلها أجزل الحباء وعلي
لها الوفاء فخرجن فيما وجهتهن له وكن بنات مقاول ذوات عقل ورأي فجاءتها إحداهن وهي
عمرطة بنت زرعة بن ذي خنفر فقالت قد أصبت البغية فقالت صفيه ولا تسميه فقالت غيث
في المحل ثمال في الأزل مفيد مبيد يصلح النائر وينعش العاثر ويغمر الندي ويقتاد
الأبي عرضه وافر وحسبه باهر غض الشباب طاهر الأثواب قالت ومن هو قالت سبرة بن عوال
بن شداد بن الهمال ثم خلت بالثانية فقالت أصبت من بغيتك شيئا قالت نعم صفيه ولا
تسميه قالت مصامص النسب كريم الحسب كامل الأدب غزير العطايا مألوف السجايا مقتبل
الشباب خصيب الجناب أمره ماض وعشيره راض قالت ومن هو قالت يعلى بن هزال بن ذي جدن
ثم خلت بالثالثة فقالت ما عندك قال وجدته كثير الفوائد عظيم المرافد يعطي قبل السؤال
وينيل قبل أن يستنال في العشيرة معظم وفي الندي مكرم جم الفواضل كثير النوافل بذال
أموال محقق آمال كريم أعمام وأخوال قالت ومن هو قالت رواحة بن خمير بن مضحى بن ذي
هلاهلة فاختارت يعلى بن هزال فتزوجته فاحتجبت عن نسائها شهرا ثم برزت لهن فأجزلت
لهن الحباء وأعظمت لهن العطاء قال أبو علي إسماعيل المخلاف الكورة وأصرد أبرد ويرب
يجمع ويصلح وأنشدنا أبو بكر لرجل يصف إبلا
( تربعت في حرض وحمض ** جاءت تهض الأرض أي هض )
( يدفع عنها بعضها عن بعض ** مثل العذارى شمن عين المغضي )
تربعت أقامت في الربيع والحرض الأشنان والحمض ما ملح من
النبات وتهض تدق وقوله يدفع عنها بعضها عن بعض أي هي مستوية حسان كلها ليست فيها
واحدة تبينها فتسبق إليها العين ولكن إذا قيل هذه أحسن قيل لا هذه فيدفع بعضها عن بعض
العين أن تعينها وشمن فتحن عين المغضي فينظر إليهن وهن مثل العذارى في
الحسن وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو
حاتم عن الأصمعي لسلمي ابن ربيعة
( حلت تماضر غربة فاحتلت ** فلجا وأهلك باللوى فالحلة )
( فكأن في العينين حب قرنفل ** أو سنبلا كحلت به فانهلت )
زعمت تماضر أنني إما أمت ** يسدد أبينوها الأصاغر خلتي )
( تربت يداك وهل رأيت لقومه ** مثلي على يسري وحين تعلتي )
( رجلا إذا ما النائبات غشينه ** أكفى لمضلعة وإن هي جلت )
( ومناخ نازلة كفيت وفارس ** نهلت قناتي من مطاه وعلت )
( وإذا العذارى بالدخان تقنعت ** واستعجلت هزم القدور
فملت )
( دارت بأرزاق العفاة مغالق ** بيدي من قمع العشار الجلة )
( ولقد رأبت ثأى العشيرة بينها ** وكفيت جانبها اللتيا
والتى )
( وصفحت عن ذي جهلها ورفدتها ** نصحي ولم تصب العشيرة
زلتي )
( وكفيت مولاي الأجم جريرتي ** وحبست سائمتي على ذي
الخلة )
قال وروى عن أبي زيد مولاي الأحم بالحاء قال أبو علي
لمضلعة أمر شديد تضلع صاحبها أي تميله للوقوع والهزم الصوت يريد صوت الغليان
والمغالق يريد بها القداح التي يغلق بها الرهن والقمع الأسنمة واحدتها قمعة
والعشار جمع عشراء وهي التي أتت عليها عشرة أشهر من حملها ثم لا يزال ذلك اسمها
حتى تضع وبعد ما تضع أياما والثأي الفساد وأصل ذلك الثأى في الخزر وهو أن تنخرم الخرزتان
فتصيرا واحدة يقال أثأيت الخرز إذا خزمته ورأبت أصلحت والأجم الذي لا رمح معه وأما
الأحم بالحاء فالأقرب والحميم القريب والأعزل الذي لا سلاح معه والأكشف الذي لا
ترس معه والأميل الذي لا سيف معه والأميل أيضا الذي لا يثبت على الخيل قال الأعشى
( غير ميل ولا عواوير في الهيجا ولا عزل ولا أكفال )
قال أبو علي الميل جمع أميل والعواوير جمع عوار وهو
الجبان والعزل جمع أعزل والأكفال جمع كفل وهو أيضا الذي لا يثبت على الخيل مثل
الأميل غير أن الأميل الذي يميل إلى جانب والكفل الذي يزول عن متن الفرس إلى كفله
والخلة بالفتح الحاجة والخلة بالضم الصداقة وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال
أنشدنا عبد الرحمن عن عمه قال أنشدني رجل من بني فزارة
( لا يبعد الله قوما إن سألتهم ** أعطوا إن قلت يا قوم
انصروا نصروا )
( وإن أصابتهم نعماء سابغة ** لم يبطروها وإن فاتتهم
صبروا )
( الكاسرون عظاما لا جبور لها ** والجابرون فأعلى الناس
من جبروا )
فقلت من يقول هذا فقال الذي يقول
( إذا نشرت نفسي تذكرت ما مضى ** وقومي اذنحن الذرى
والكواهل )
( وإذلي منهم جنة أتقي بها ** وجرثومة فيها حفاظ ونائل )
( وإذ لا ترود العين عنا لبغيه ** ولا يتخطانا المروع
الموائل )
( ولا يجد الأضياف عنا محولا ** إذا هب أرواح الشتاء
الشمائل )
( إذا قيل أين المشتفى بدمائهم ** وأين الروابي والفروع
المعاقل )
( أشير السنا أو رأى الناس أننا ** لهم جنة إن قال بالحق
قائل )
( فأصبحت مثل النسر تحت جناحه ** قوادم صارتها إليه
الحبائل )
( فلو أن قومي أكرموني وأتاقوا ** سجالابها أسقي الذين
أساجل )
( كففت الأذى ما عشت عن حلمائهم ** وناضلت عن أعراضهم من
يناضل )
( ولكن قومي عزهم سفهاؤهم ** على الرأي حتى ليس للرأي
حامل )
( تظوهر بالعدوان واختيل بالغنى ** وشورك في الرأي
الرجال المائل )
ثم قام مغضبا متصاعرا كأن المحاجم على أخدعيه وأنشدنا
أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم ولم يسنده
( تود عدوي ثم تزعم أنني ** صديقك إن الرأي عنك لعازب )
( وليس أخي من ودني رأي عينه ** ولكن أخي من ودني وهو
غائب )
وأنشدنا أبو عبد الله نفطوبه قال أنشدنا أحمد بن يحي
النحوي ثعلب
( أحب بلاد الله ما بين منعج ** إلي وسلمي أن يصوب
سحابها )
( بلاد بها حل الشباب تمائمي ** وأول أرض مس جلدي ترابها )
وأنشدنا أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحي النحوي
( منعمة يحار الطرف فيها ** كأن حديثها سكر الشباب )
( من المتصديات لغير سوء ** تسيل إذا مشت سيل الحباب )
وأنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله في خبر طويل
( وكنت إذا ما زرت سعدى بأرضها ** أرى الأرض تطوى لي
ويدنو بعيدها )
( من الخفرات البيض ود جليسها ** متى ما انقضت أحدوثة لو
تعيدها )
وأنشدنا بعض أصحابنا في حسن الحديث
( فبتنا على رغم الحسود وبيننا ** حديث كمثل المسك شيبت
به الخمر )
( حديث لو أن الميت نوجي ببعضه ** لأصبح حيا بعد ما ضمه
القبر )
قال أبو علي وقرأت في نوادر ابن الأعرابي عن أبي عمر
المطرز قال أنشدنا أحمد بن يحي النحوي عن ابن الأعرابي لأعرابي
( وحديثها كالقطر يسمعه ** راعي سنين تتابعت جدبا )
( فأصاخ يرجو أن يكون حيا ** ويقول من فرح هياربأ )
وأحسن في هذا المعنى على بن العباس الرومي أنشدناه
الناجم قال أنشدنا علي بن العباس نفسه
( وحديثها السحر الحلال لو أنه ** لم يجن قتل المسلم
المتحرز )
( إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ** ود المحدث أنها لم
توجز )
( شرك العقول ونهزة ما مثلها ** للمطمئن وعقلة المستوفز )
وأنشدنا بعض أصحابنا لبشار
( وكأن رصف حديثها ** قطع الرياض كسين زهرا )
( وكأن تحت لسانها ** هاروت ينفث فيه سحرا )
( وتخال ما جمعت عليه ** ثيابها ذهبا وعطرا )
( وكأنها برد الشراب ** صفا ووافق منك فطرا )
وقرأت على أبي بكر بن دريد من خط إسحاق بن إبراهيم
لأعرابي
( أمر مجنبا عن بيت ليلى ** ولم ألمم به وبي الغليل )
( أمر مجنبا وهواي فيه ** فطرفي عنه منكسر كليل )
( وقلبي فيه مقتتل فهل لي ** إلى قلبي وساكنه سبيل )
( أؤمل أن أعل بشرب ليلى ** ولم أنهل فكيف لي العليل )
وأنشدنا الأخفش لأبي علي البصير
( غناؤك عندي يميت الطرب ** وضربك بالعود يحي الكرب )
( ولم أرقبلك من قينة ** تغني فأحسبها تنتحب )
( ولا شاهد الناس إنسية ** سواك لها بدن من خشب )
( ووجه رقيب على نفسه ** ينفر عنه عيون الريب )
( فكيف تصدين عن عاشق ** يودك لو كان كلبا كلب )
( ولو مازج النار في حرها ** حديثك أخمد منها اللهب )
وأنشدنا ابن الأنباري قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء
( فديتك ليلى مذ مرضت طويل ** ودمع لما لاقيت فيك همول )
( أ أشرب كأسا أم أسر بلذة ** ويعجبني ظبي أغن كحيل )
( وتضحك سني أو تجف مدامعي ** وأصبو إلى لهو وأنت عليل )
( ثكلت إذا نفسي وقامت قيامتي ** وغالت حياتي عند ذلك
غول )
قال أبو علي ومن أحسن ما سمعت في القسم قول الأشتر
النخعي رحمه الله
( بقيت وفري وانحرفت عن العلى ** ولقيت أضيافي بوجه عبوس )
( إن لم أشن على ابن هند غارة ** لم تخل يوما من نهاب
نفوس )
( خيلا كأمثال السعالي شزبا ** تعدو ببيض في الكريهة شوس )
( حمي الحديد عليهم فكأنه ** لمعان برق أو شعاع شموس )
وأنشدني بعض أصحابنا
( ولكن عبد الله لما حوى الغنى ** وصار له من بين اخوانه
مال )
( رأى خلة منهم تسد بماله ** فساهمهم حتى استوت فيهم
الحال )
وحدثني أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال أخبرنا
أحمد بن عبيد عن أبي الحسن المدائني عمن حدثه عن مولى لعنبسة بن سعيد بن العاصي
قال كنت أدخل مع عنبسة بن سعيد بن العاصي إذا دخل على الحجاج فدخل يوما فدخلت
إليهما وليس عند الحجاج أحد إلا عنبسة فأقعدني فجيء الحجاج بطبق فيه رطب فأخذ الخادم
منه شيئا فجاءني به ثم جيء بطبق آخر حتى كثرت الأطباق وجعل لا يأتون بشيء إلا
جاءني منه بشيء حتى ظننت أن ما بين يدي أكثر مما عندهما ثم جاء الحاجب فقال امرأة
بالباب فقال له الحجاج أدخلها فدخلت فلما رآها الحجاج طأطأ رأسه حتى ظننت أن ذقنه
قد أصاب الأرض فجاءت حتى قعدت بين يديه فنظرت فإذا امرأة قد أسنت حسنة الخلق ومعها
جاريتان لها وإذا هي ليلى الأخيلية فسألها الحجاج عن نسبها فانتسبت له فقال لها يا
ليلى ما أتى بك فقالت إخلاف النجوم وقلة الغيوم وكلب البرد وشدة الجهد وكنت لنا
بعد الله الرفد فقال لها صفي لنا الفجاج فقالت الفجاج مغبره والأرض مقشعره
والمبرك معتل وذو العيال مختل والهالك للقل والناس مسنتون
رحمة الله يرجون وأصابتنا سنون مجحفة مبلطه لم تدع لنا هبعا ولا ربعا ولا عافطة
ولا نافطة أذهبت الأموال ومزقت الرجال وأهلكت العيال ثم قالت إني قلت في الأمير
قولا قال هاتي فأنشأت تقول
( أحجاج لا يفلل سلاحك إنها ** المنايا بكف الله حيث
تراها )
( أحجاج لا تعطي العصاة مناهم ** ولا الله يعطي للعصاة
مناها )
( إذا هبط الحجاج أرضا مريضة ** تتبع أقصى دائها فشفاها )
( شفاها من الداء العضال الذي بها ** غلام إذا هز القناة
سقاها )
( سقاها فرواها بشرب سجاله ** دماء رجال حيث مال حشاها )
( إذا سمع الحجاج رز كتيبة ** أعدلها قبل النزول قراها )
( أعدلها مسمومة فارسية ** بأيدى رجال يحلبون صراها )
( فما ولد الأبكار والعون مثله ** ببحر ولا أرض يجف
ثراها )
قال فلما قالت هذا البيت قال الحجاج قاتلها الله والله
ما أصاب صفتي شاعر مذ دخلت العراق غيرها ثم التفت إلى عنبسة بن سعيد فقال والله
إني لأعد للأمر عسى أن لا يكون أبدا ثم التفت إليها فقال حسبك قالت إني قد قلت
أكثر من هذا قال حسبك ويحك حسبك ثم قال يا غلام اذهب إلى فلان فقل له اقطع لسانها
فذهب بها فقال له يقول لك الأمير اقطع لسانها قال فأمر بإحضار الحجام فالتفتت إليه
فقالت ثكلتك أمك أما سمعت ما قال إنما أمرك أن تقطع لساني بالصلة فبعث إليه
يستثبته فاستشاط الحجاج غضبا وهم بقطع لسانه وقال ارددها فلما دخلت عليه قالت كاد
وأمانة الله يقطع مقولي ثم أنشأت تقول
( حجاج أنت الذي ما فوقه أحد ** إلا الخليفة والمستغفر
الصمد )
( حجاج أنت شهاب الحرب إن لقحت ** وأنت للناس نور في
الدجى يقد )
ثم أقبل الحجاج على جلسائه فقال أتدرون من هذه قالوا لا
والله أيها الأمير الا أنا لم نرقط
أفصح لسانا ولا أحسن محاورة ولا أملح وجها ولا أرصن شعرا
منها فقال هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجى من حبها ثم التفت إليها فقال
أنشدينا ياليلى بعض ما قال فيك توبة قالت نعم أيها الأمير هو الذي يقول
( وهل تبكين ليلى إذا مت قبلها ** وقام على قبري النساء
النوائح ) كما لو أصاب ليلى بكيتها ** وجاد لها دمع من العين سافح )
( وأغبط من ليلى بمالا أناله ** بلى كل ما قرت به العين
طائح )
( ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ** على ودوني جندل وصفائح )
( لسلمت تسليم البشاشة أوزقا ** إليها صدى من جانب القبر
صائح
فقال زيدينا من شعره ياليلى قالت هو الذي يقول
( حمامة بطن الواديين ترنمى ** سقاك من الغر الغوادي
مطيرها )
( أبيني لنا لازال ريشك ناعما ** ولازلت في خضراء غض
نضيرها )
( وكنت اذا مازرت ليلى تبرقعت ** فقدر رابني منها الغداة
سفورها )
( وقد رابني منها صدود رأيته ** واعراضها عن حاجتي
وبسورها )
( وأشرف بالقور اليفاع لعلنى ** أرى نار ليلى أو يراني
بصيرها )
( يقول رجال لا يضيرك نأيها ** بلى كل ما شف النفوس
يضيرها )
( بلى قد يضير العين أن تكثر البكا ** ويمنع منها نومها
وسرورها )
( وقد زعمت ليلى بأني فاجر ** لنفسي تقاها أو عليها
فجورها )
فقال الحجاج ياليلى ما الذي رابه من سفورك فقالت أيها
الأمير كان يلم بي كثيرا فأرسل إلي يوما إني آتيك وفطن الحى فأرصدوا له فلما أتاني
سفرت عن وجهي فعلم أن ذلك لشر فلم يزد على التسليم والرجوع فقال لله درك فهل رأيت منه
شيأ تكرهينه فقالت
لا والله الذي اسأله أن يصلحك غير أنه قال مرة قولا ظننت
أنه قد خضع لبعض الأمر فانشأت تقول
( وذي حاجة قلنا له لا تبح بها ** فليس اليها ما حييت
سبيل )
( لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ** وأنت لأخرى صاحب وخليل )
فلا والله الذي أسأله أن يصلحك ما رأيت منه شيأ حتى فرق
الموت بيني وبينه قال ثم مه قالت ثم لم يلبث أن خرج في غزاة له فاوصى ابن عم له
اذا أتيت الحاضر من بني عبادة فناد بأعلى صوتك
( عفا الله عنها هل أبيتن ليلة ** من الدهر لا يسري إلى
خيالها )
وأنا أقول
( وعنه عفا ربي وأحسن حاله ** فعزت علينا حاجة لا ينالها )
قال ثم مه قالت ثم لم يلبث أن مات فأتانا نعيه فقال
أنشدينا بعض مراثيك فيه فأنشدت
( لتبك العذارى من خفاجة نسوة ** بماء شؤون العبرة
المتحدر )
قال لها فأنشدينا فانشدته
( كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ ** قلائص يفحصن الحصى
بالكراكر )
فلما فرغت من القصيدة قال محصن الفقعسي وكان من جلساء
الحجاج من الذي تقول هذه هذا فيه فو فوالله إنى لأظنها كاذبة فنظرت اليه ثم قالت
أيها الأميران هذا القائل لو رأى توبة لسره أن لاتكون في داره عذراء الا هي حامل
منه فقال الحجاج هذا وأبيك الجواب وقد كنت عنه غنيا ثم قال لها سلى ياليلى تعطى قالت
أعط فمثلك أعطى فأحسن قال لك عشرون قالت زد فمثلك زاد فأحمل قال لك أربعون قالت زد
فمثلك زاد فأكمل قال لك ثمانون قالت زد فمثلك زاد فتمم قال لك مائة واعلمي أنها
غنم قالت معاذ الله أيها الأمير أنت أجود جودا وأمجد مجدا وأورى زندا من أن تجعلها
غنما قال فما هي ويحك ياليلى قالت مائة من الابل برعاتها فأمر لها بها ثم قال ألك
حاجة بعدها قالت تدفع إلى النابغة الجعدي قال قد فعلت وقد كانت تهجو ويهجوها فبلغ
النابغة ذلك
فخرج هاربا عائذا بعبد الملك فاتبعته إلى الشام فهرب إلى
قتيبة بن مسلم بخراسان فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة فماتت بقومس
ويقال بحلوان قال أبو علي قولها إخلاف النجوم تريد أخلفت النجوم التي يكون بها المطر
فلم تأت بمطر وكلب البرد شدته وهذا مثل لأن الكلب السعار الذي يصيب الكلاب والذئاب
والرفد المعونة والرفد العطية ويقال رفدته من الرفد وأرفدته إذا أعته على ذلك وقال
الأصمعي الرفد بكسر الراء القدح والرفد بالفتح مصدر رفدته والرفود من الإبل التي تملأ
الرفد وقال أبو عبيدة الرفد بفتح الراء القدح وأنشد قول الأعشى
( رب رفد هرقته ذلك اليوم ** وأسرى من معشر أقتال )
قال والرفد بالكسر المعونة وروى الأصمعي رب رفد بكسر
الراء والفجاج جمع فج والفج كل سعة بين نشازين كذا قال أبو زيد وقولها والمبرك
معتل أرادت الإبل فأقامت المبرك مكانها العلم المخاطب ايجاز او اختصار كما قالوا
نهاره صائم وليله قائم وقولها وذو العيال مختل أي محتاج والخلة الحاجة وقولها
والهالك للقل أى من أجل القلة وقولها مستنون أي مقحطون والسنة القحط والسنون القحوط
ومجحفة قاشرة وقولها مبطلة أى ملزقة بالبلاط والبلاط الأرض الملساء وقال الأصمعي
أبلط الرجل فهو مبلط اذا لزق بالأرض وحكى يعقوب عن غيره أبلط فهو مبلط وهو الهالك
الذي لا يجد شيأ وقولها لم تدع لنا هبعا ولا ربعا فالهبع ما نتج في الصيف والربع
ما نتج في الربيع وقولها ولا عافطة ولا نافطة أى لم تدع لنا ضائنة ولا ماعزة
والعافطة الضائنة والعفط الضرط يقال عفطت تعفط عفطا اذا ضرطت فهي عافطة والنافطة
الماعزة والنفط العطاس يقال نفطت تنفط اذا عطست فهي نافطة ومما يقال في هذا المعنى
ما له سبد ولا لبد أى ماله ذو سيد وهو الشعر ولا ذو لبد وهو الصوف فمعناه ماله شاة
ولا عنز وماله سارحة ولا رائحة أى ماله ماشية تسرح أو تروح وماله ثاغية ولا راغية فالثاغية
الشاة والراغية الناقة لأنه يقال لأصوات الشاء الثغاء وقد ثغت تثغو ولأصوات الإبل
الرغاء
وقد رغت ترغو والعرب تقول ما أثغاني ولا أرغاني أي ما
أعطاني ثاغية ولا راغية وما أجلني ولا أحشاني أى ما أعطاني من جلة إبله ولا من
حواشيها والحواشي واحدتها حاشية وهي صغار الإبل وماله دقيقة ولا جليلة لدقيقة
الشاة والجليلة الناقة وماله حانة ولا آنة فالحانة الناقة تحن إلى ولدها والآنة
الأمة تئن من شدة التعب أو من علة وماله هارب ولا قارب فالهارب الصادر عن الماء
والقارب الطالب للماء وماله عاو ولا نابح أى ماله غنم يعوى بها الذئب أو ينبح فيها
الكلب فاذا نفى عنه العاوى والنابح فقد نفى عنه الغنم وماله هلع ولا هلعة أى ماله
جدى ولا عناق وماله زرع ولا ضرع وماله قد ولا قحف فالقد اناء من جلود والقحف اناء
من خشب وماله أقذ ولا مريش فلأقذ السهم الذي لا قذة له وهي الريش وجمعها قذذ والمريش
الذي عليه الريش وماله سعنة ولا معنة أى ماله قليل ولا كثير قال النمر بن تولب
( ولاضيعته فألام فيه ** فان ضياع مالك غير معن )
أى غير يسير ولا هين قال أبو العباس فدل هذا على أن
المعن القليل والسعن الكثير وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال أخبرنا
محمد بن الحكم عن قطرب قال يقال ماله سعن ولا معن فالسعن الودك والمعن المعروف
وأنشد بيت النمر وقد مضى في الباب وماله دارا ولا عقار فالعقار والنخل وماله ستر ولا
حجر فالستر الحياء قال زهير
( الستر دون الفاحشات ولا ** يلقاك دون الخير من ستر )
والحجر العقل وانما سمى حجرا لأنه يحجر صاحبه عن القبيح
وماله اثر ولا عثير فالعثير الغبار قال الشاعر أثرن عليهم عثيرا بالحوافر قال أبو
العباس أحمد بن يحيى ومعناه أنه لا يغزو راجلا فيتبين أثره ولا فارسا فيثير الغبار
فرسه وماله حس ولا بس أى ماله حركة فالحس ما يحس به والبس من قولهم أبست بالناقة
اذا قلت لها بس بس لتدر وكسروا الباء ليكون على مثال حس وقال أبو عبيدة يقال قدم
فلان
فما جاء بهلة ولا بلة فهلة فرح وبله أدنى بلل من الخير
وأنشدنا أبو بكر بن دريد عن أبي عثمان عن النوزى عن أبي عبيدة لرجل من بني تميم
( ولما رأين بني عاصم ** دعون الذي كن أنسينه )
( فوارين ما كن حسرنه ** وأخفين ما كن يبدينه )
يصف نساء سبين فأنسين الحياء فأبدين وجوههن وحسرن رؤسهن
فلما رأين بني عاصم أيقن أنهن قد استنقذن فراجعن حياءهن فسترن وجوههن وغطين رؤسهن
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد الجرموزي عن محمد بن عباد عن ابن
الكلبي عن أبيه قال كان مرثد الخير بن ينكف بن نوف بن معد يكرب بن مضحى قيلا وكان
حدبا على عشيرته محبا لصلاحهم وكان سبيع بن الحرث أخو علس وعلس هو ذو جدن وميثم بن
مثوب بن ذي رعين تنازعا الشرف حتى تشاحنا وخيف أن يقع بين حييهما شر فيتفانى جذما
هما فبعث اليها مرثد فأحضرهما ليصلح بينهما فقال لهما ان التخبط وامتطاء الهجاج
واستحقاب اللجاج سيقفكما على شفاهوة في توردها بوار الأصليه وانقطاع الوسيلة
فتلافيا أمر كما قبل انتكاث العهد وانحلال العقد وتشتت الألفة وتباين السهمة
وأنتما في فسحة رافهه وقدم واطده والمودة مثرية والبقيا معرضه فقد عرفتم انباء من
كان قبلكم من العرب ممن عصى النصيح وخالف الرشيد وأصغى إلى التقاطع ورأيتم ما آلت
اليه عواقب سوء سعيهم وكيف كان صيور أمورهم فتلافوا القرحة قبل تفاقم الثأى
واستفحال الداء وإعواز الدواء فانه اذا سفكت الدماء استحكمت الشحناء وإذا استحكمت
الشحناء تقضبت عرى الابقاء وشمل البلاء فقال سبيع أيها الملك ان عداوة بني العلات لا
تبرئها الأساه ولا تشفيها الرقاه ولا تستقل بها الكفاه والحسد الكامن هو الداء
الباطن وقد علم بنو أبينا هؤلاء أنالهم ردء اذا رهبوا وغيث اذا أجدبوا وعضد اذا
حاربوا ومفزع اذا نكبوا وانا وإياهم كما قال الأول
( اذا ماعلوا قالوا أبونا وأمنا ** وليس لهم عالين أم
ولا أب )
فقال ميثم أيها الملك إن من نفس على ابن أبيه الزعامة
وجدبه في المقامة واستكثر له قليل الكرامة كان قرفا بالملامة ومؤنبا على ترك
الاستقامة وإنا والله ما نعتدلهم بيد إلا وقد نالهم منا كفاؤها ولا نذكرلهم حسنة
الا وقد تطلع منا إليهم جزاؤها ولا يتفيأ لهم علينا ظل نعمة الا وقد قوبلوا
بشرواها ونحن بنو فحل مقرم لم تقعد بنا الأمهات ولا بهم ولم تنزعنا أعراق السوء ولا
إياهم فعلام مط الخدود وخزر العيون والجحيف والتصعر والبأو والتكبر ألكثرة عدد أم
لفضل جلد أم لطول معتقد وإنا وإياهم لكما قال الأول
( لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ** عنى ولا أنت دياني
فتخزوني )
ومقاطع الأمور ثلاثة حرب مبيرة أو سلم قريره أو مداجاة
وغفيره فقال الملك لا تنشطوا عقل الشوارد ولا تلقحوا العون القواعد ولا تؤرثوا
نيران الأحقاد ففيها المتلفة المستأصلة والجائحة والأليله وعفوا بالحلم أبلاد
الكلم وأنيبوا إلى السبيل الأرشد والمنهج الأقصد فان الحرب تقبل بزبرج الغرور وتدبر
بالويل والثبور ثم قال الملك
( ألا هل أتى الأقوام بذلى نصيحة ** حبوت بها مني سبيعا
وميثما )
( وقلت اعلما أن التدابر غادرت ** عواقبه للذل والقل
جرهما )
( فلا تقد حازند العقوق وأبقيا ** على العزة القعساء أن
تتهدما )
( ولا تجنياحر باتجر عليكما ** عواقبها يوما من الشر
أشأما )
( فإن جناة الحرب ولا تجنياحر للحين عرضة ** تفوقهم منها
الذعاف المقشما )
( حذار فلا تستنبثوها فانها ** تغادر ذا الأنف الأشم
مكشما )
فقالا لا ايها الملك بل نقبل نصحك ونطيع أمرك ونطفىء
النائرة ونحل الضغائن
ونثوب إلى السلم قال أبو علي قوله تشاحنا من الشحناء وهي
العداوة والجذم الأصل قال أوس بن حجر
( غني تأوى بأولادها ** ليهلك جذم تميم بن مر )
وكذلك الجذر وجذور الحساب منه وقال أبو عمرو الشبياني
الجذر بكسر الجيم وقال أبو بكر التخبط ركوب الرجل رأسه في الشر خاصة قال أبو علي
ولم أسمع هذه الكلمة من غيره فأما التخمط بالميم فالتكبر وأنشد يعقوب
( وخطيب قوم قدموه أمامهم ** ثقة به متخمط تياح )
وقال أبو بكر يقال ركب الرجل هجاجه إذا لج ومحك
والاستحقاب استفعال من الحقيبة أو من الحقاب فأما الحقيبة فما يجعل فيه الرجل
متاعه من خرج أو غيره وحقيبة الجمل التي تكون وراء الرجل تحشى تبنا أو حشيشا وقول
نصيب في سليمان ابن عبد الملك رحمهما الله تعالى
( أقول لركب قافلين لقيتهم ** قفاذات أو شال ومولاك قارب )
( قفوا خبرونا عن سليمان إنني ** لمعروفه من ال ودان
طالب )
( فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ** ولو سكتوا أثنت عليك
الحقائب )
من الحقيبة والحقاب بريم تشد به المرأة وسطها والبريم
خيط فيه لونان وهذا مثل إما أن يكون أراد أنه احتزم باللجاج أو جعله في وعائه
والهوة الجوبة والبوار الهلاك وقال أبو زيد الأصيلة والأصل واحد والانتكاث
الانتقاض والأنكاث واحدها نكث وهو ما نقض من الأخبية والحبال ليعاد ثانية ومنه
بشير بن النكث والسهمة القرابة ورافهة ناعمة من الرفاهية وواطدة ثابتة ومثرية متصلة
مأخوذة من الثرى وهو التراب الندي يقال ثريث التراب إذا بللته قال جرير
( فلا ثوبسوا بيني وبينكم الثرى ** فإن الذي بيني وبينكم
مثري )
ويقال قد ثريت بك أي كثرت بك وثرى بنو فلان بني فلان أي
صاروا أكثر منهم
وأثرى الرجل يثرى إثراء اذا كثر ماله وانه لمثر والثراء
والثروة جميعا كثرة المال وقد تكون الثروة كثرة العدد وينشد بيت ابن مقبل
( وثروة من رجال لوء رايتهم ** لقلت احدى حراج الجرمن
أقر )
فالثروة ههنا كثرة العدد ويروى وثورة من رجال وهم الذين
يثورون في الحرب ومعرضة ممكنة قد أمكنت من عرضها أى من جنبها وناحيتها يقال قد
أعرض لك الظبى فارمه أى قد أمكنك من عرضه قال الأصمعي صار يصير صيرورة ومصيرا والصيور
الأمر الذي يرجع اليه واستفحال الداء اشتداده وهو أن يصير مثل الفحل وتقضبت تقطعت
وشمل البلاء عم وشمل يشمل أفصح وقال أبو عبيدة شمل يشمل وأنشدنا
( كيف نومي على الفراش ولما ** تشمل الشأم غارة شعواء )
والأساة الأطباء واحدهم آس قال البعيث
( اذا قاسها الآسى النطاسى أدبرت ** غثيثتها وازداد وهيا
هز ومها )
الغثيثة ما سال من الجرح من مدة أو قيح والاساء الدواء
والردة العون قال الله عز وجل { فأرسله معي ردءا يصدقني } والزعامة والعامة
الرياسة ويقال السلاح وهي ههنا الرياسة قال لبيد
( تطير عدائد الأشراك شفعا ** ووترا والزعامة للغلام )
وجدبه عابه وفي حديث عمر رضي الله عنه أنه جدب السمر بعد
عتمة أى عابه قال ذو الرمة
( فيالك من خد أسيل ومنطق ** رخيم ومن خلق تعلل جادبه )
والمقامة المجلس قال الأصمعي المجلس الناس وأنشد بيت
مهلهل
( نبئت أن النار بعدك أوقدت ** واستب بعدك يا كليب
المجلس )
قرفا قال أبو علي هكذا أملاه قرفا على فعل أى خليقا وكان
ابن الأعرابي
يقول يقال أنت قرف من كذا ولا يقال قريف ولا قرف ويقال
إنه لخليق لكذا وكذا وقد خلق خلاقة وإنه لجدير بكذا وكذا وقد جدر جدارة وانه لحرى
وحرى وحر لذلك وانه لقمين بكذا وكذا وقمن وقمن وإنه لعس أن يفعل ذلك ويثنى ويجمع وليس
يقال فيه يعسو ولا يعسا وإنه لجج به وقد حجى يحجا حجى ولا يقال أنت حجى بكذا ولا
عسى ويقال في هذا كله ما أخلقه وأجدره وأحراه وأعساه وأقمنه وأحجاه وما أقرفه
ويقال في هذا كله أفعل به أعس به أقرف به قال أبو علي وقد روينا من غير طريق ابن
الأعرابي أنت قرف بكذا وحجى بكذا وهما عندنا جائزان وقال أبو علي ويقال قرف عليه
يقرف قرفا اذا بغى عليه وقرف فلان فلانا اذا وقع فيه كأنه يقشره وقرفت القرحة اذا
قشرتها ويقال تركتهم على مثل مقرف الصمغة أى مقشرها والقرف القشر والقرف القشر
والقرفة القشرة ولهذا سمى هذا التابل قرفة لانه لحاء شجر ويقال صبغ ثوبه بقرف
السدر وقال الأصمعي أقرف الرجل وغيره اذا دانى الهجنة فهو مقرف ويقال أخشى عليه
القرف أى مداناة المرض ويقال قرف فلان بسوء فهو مقروف ومن قرفتك من القوم أى من
تتهم والمقارفة الجماع وفي حديث عائشة رضي الله عنها إن كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليصبح جنبا عن قراف غير احتلام ويقال اقترف اذا اكتسب والقروف الأوعية واحدها
قرف وشرواها مثلها والمط والمد والمت بمعنى واحد والخزر أن ينظر الرجل إلى أحد عرضيه
يقال إنه ليتخاز رلى اذا نظر إليه بمؤخر عينه ولم يستقبله بنظره وأنشدني أبو بكر
بن دريد
( اذا تخازرت وما بي من خزر ** ثم كسرت العين من غير عور )
( ألفيتني ألوى بعيد المستمر ** أحمل ما حملت من خير وشر )
وقال أبو عبيدة الجخيف التكبر قال أبو علي حدثنا بعض
مشايخنا عن ابي العباس أحمد بن يحيى أنه قال بلغني أنه قيل للأصمعي قال أبو عبيدة
الجخنف التكبر
والبأ والتكبر قال أما البأ وفنعم وأما الجخيف فلا وحدثني
أبو بكر بن دريد قال حدثني أبو حاتم قال قلت للأصمعي أتقول في التهدد أبرق وأرعد
فقال لا لست أقول ذلك إلا أن أرى البرق أو اسمع الرعد فقلت فقد قال الكميت
( ابرق وأرعد يا يزيد ** فما وعيدك لي بضائر )
فقال الكميت جر مقاني من أهل الموصل ليس بحجة والحجة
الذي يقول
( إذا جاوزت من ذات عرق ثنية ** فقل لأبي قابوس ما شئت
فارعد )
فأتيت أبا زيد فقلت له كيف تقول من الرعد والبرق فعلت
السماء فقال رعدت وبرقت فقلت فمن التهدد قال رعد وبرق وأرعد وأبرق فأجاز اللغتين
جميعا وأقبل أعرابي محرم فأردت أن أسأله فقال لي أبو زيد دعني فأنا أعرف بسؤاله
منك فقال يا أعرابي كيف تقول رعدت السماء وبرقت أو أرعدت وأبرقت فقال رعدت وبرقت
فقال أبو زيد فكيف تقول للرجل من هذا فقال أمن الجخيف تريد يعني التهدد قلت نعم
فقال أقول رعد وبرق وأرعد وأبرق وتخزوني تقهرني وتسوسني وقال يعقوب خزوته قهرته
والمداجاة المساترة قال الأصمعي دجا الليل يدجو إذا ألبس كل شيء وأنشد غيره
( فما شبه عمرو غيرأغتم فاجر ** أبى مذ دجا الإسلام لا
يتحنف )
يعني ألبس كل شيء وقال بعض العرب ترى الحبارى الصقر
فينتفش ريشها فإذا سكن روعها دجا ريشها أي ركب بعضه بعضا وقيل لأعرابي بأي شيء
تعرف حمل الشاة فقال بأن تستفيض خاصرتاها وتدجو شعرتها ويحشف حياؤها وقوله غفيرة
أي غفران والعرب تقول ليست فيهم غفيرة أي لا يغفرون ويقال جاؤا جما غفيرا والجماء الغفير
والغفر زئبر الثوب والغفر الشعر الذي على ساق المرأة والغفر منزل من منازل القمر
كلها مسكنة الفاء مفتوحة الغين والغفر ولد الأروية والجمع أغفار والغفارة السحابة
تراها كأنها فوق السحابة والغفارة الجلدة التي تكون على رأس
القوس في الحز يجري عليها الوتر والغفارة خرقة تلبسها المرأة
تحت مقنعتها توقى بها الخمار من الدهن ويقال غفر الرجل يغفر غفرا إذا برأ من مرضه
وغفر إذا نكس قال الشاعر
( خليلي إن الدار غفر لذي الهوى ** كما يغفر المحموم أو
صاحب الكلم )
وغفر الجرح يغفر غفر اذا افسد وغفر الرجل المناع في
الوعاء يغفره غفرا ويقال اصبغ ثوبك بالسواد فانه أغفر للوسخ أى أغطى له وقال
الأصمعي نشطت العقدة عقدتها وأنشطتها حللتها وأما قوله ولا تلقحوا العون فانما هو
مثل وأصله في الإبل يقال لقحت الناقة اذا حملت وألقحها الفحل ثم ضرب ذلك مثلا للحرب
اذا ابتدأت والعون جمع عوان وهي الثيب يقال للحرب عوان اذا كان قد قوتل فيها مرة
بعد مرة وتؤرثوا تذكوا قال أبو زيد يقال أرناك تأرية أى عظمها ونمها تنمية مثله
وكذلك ذك نارك تذكية أى ألق عليها حطبا أو بعرا التهيج واسم الذي يلقى عليها من
الحطب أو البعر الذكية وأرث نارك تأريثا مثله واسم ماتؤرث به النار الاراث
والأليلة الثكل والجائحة الاستئصال أنشدني أبو بكر
( فهي الأليلة إن قتلت خؤولتي ** وهي الأليلة إن هم لم
يقتلوا )
والأليل الأنين قال ابن مياده
( وقولا لها ما تأمرين لوامق ** له بعد نومات العيون
أليل )
أى أنين ويقال سمعت أليل الماء وخريره وقسيبه أى صوت
جريه والأبلاد الآثار واحدها بلد وكذلك الندوب واحدها ندب والحبار والحبر والعلوب
الآثار والدعس الأثر والعاذر الأثر قال ابن أحمر
( أزاحمهم بالباب اذ يدفعونني ** وبالظهر مني من قرأ
الباب عاذر )
والزبرج السحاب الذي تسفره الريح وهذا قول الأصمعي وقال
أبو بكر بن دريد رحمه الله لا يقال زبرج الا أن تكون فيه حمرة والقل القلة والذل
الذلة
والقعساء الثابتة وتفوقهم تسقيهم الفواق والفواق ما بين
الحلبتين كأنه يحلب حلبة ثم يسكت ثم يحلب أخرى والمقشم والمقشب واحد وهو المخلوط
ولا تستنبثوها مثل أي لا تخرجوا نبيتها وهو ما يخرج من البئر إذا حفرت يريد لا تثيروا
الحرب ومكشم مقطوع وقرئ على أبي بكر بن دريد لأبي العميثل عبد الله بن خالد وأنا
أسمع
( لقيت ابنة السهمي زينب عن عفر ** ونحن حرام مسى عاشرة
العشر )
( وإنا وإياها لحتم مبيتنا ** جميعا وسيرانا مغذوذ وفتر )
قوله عن عفر عن بعد أي بعد حين يقال ما ألقاه إلا عن عفر
أي بعد حين ونحن حرام أي محرمون مسى عاشرة العشر يعني أنه لقيها بعرفات عشية عرفة
وهو مسي عاشرة العشر وقوله حتم مبيتنا يقول مبيت الناس بالمزدلفة لا يجاوزها أحد وسيرانا
أى سيرى أنا مغذ أى مسرع وسيرها وفتر أى ذو فتور وسكون لأنها ترفق بها وأنشدنا أبو
بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم ولم يسم قائله في طول الليل
( ألا هل على الليل الطويل معين ** اذا نزحت دار وحن
حزين )
( أكابد هذا الليل حتى كأنما ** على نجمه أن لا يغور
يمين )
( وبالله مافارقتكم قاليا لكم ** ولكن ما يقضى فسوف يكون )
وقرأت على أبي بكر لحندج بن حندج
( في ليل صول تناهى العرض والطول ** كأنما ليله بالليل
موصول )
( لا فارق الصبح كفى ان ظفرت به ** وان بدت غرة منه
وتحجيل )
( لساهر طال في صول تململه ** كانه حية بالسوط مقتول )
( متى أرى الصبح قد لاحت مخايله ** والليل قد مزقت عنه
السرابيل )
( ليل تحير ما ينحط في جهة ** كأنه فوق متن الأرض مشكول )
( نجومه ركد ليست بزائلة ** كأنما هن في الجو القناديل )
( ما أقدر الله أن يدني على شحط ** من داره الحزن ممن
داره صول )
( الله يطوي بساط الأرض بينهما ** حتى يرى الربع منه وهو
مأهول )
وأنشدنا بعض أصحابنا لبشار
( خليلى ما بال الدجى لا تزحزح ** وما لعمود الصبح لا
يتوضح
( أضل النهار المستنير طريقه ** أم الدهر ليل كله ليس
يبرح )
( وطال على الليل حتى كأنه ** بليلين موصول فما يتزحزح )
قال أبو على وأحسن على بن الرقاع في هذا المعنى فقال
( وكأن ليلى حين تغرب شمسه ** بسواد آخر مثله موصول )
ولبعضهم في طول الليل
( ما لنجوم الليل لا تغرب ** كأنها من خلفها تجذب )
( رواكدا ما غار في غربها ** ولا بدا من شرقها كوكب )
وقد ذكر الفرزدق العلة في طول الليل فقال
( يقولون طال الليل والليل لم يطل ** ولكن من يبكى من
الشوق يسهر )
وقال بشار في هذا المعنى
( لم يطل ليلى ولكن لم أنم ** ونفى عني الكرى طيف ألم )
( واذا قلت لها جودى لنا ** خرجت بالصب عن لا ونعم )
( نفسى يا عبد عنى واعلمى ** أنني يا عبد من لحم ودم )
( ان في بردى جسما ناحلا ** لو توكأت عليه لا نهدم )
( ختم الحب لها في عنقى ** موضع الخاتم من أهل الذمم )
ولقد أحسن على بن بسام في هذا المعنى أنشدني ابنه أبو
على عن أبيه
( لا أظلم الليل ولا أدعى ** أن نجوم الليل ليست تغور )
( ليلى كما شاءت فإن لم تجد ** طال وان جادت فليلى قصير )
وحدثنا أبو بكر بن الأنبارى قال حدثنا عبد الله بن خلف
قال حدثنا أبو بكر بن الوليد البزار قال كان علي بن الجهم يستنشدني كثيرا شعر خالد
الكاتب فأنشده فيقول ما صنع شيأ ثم أنشدته يوما له
( رقدت ولم ترث للساهر ** وليل المحب بلا آخر )
( ولم تدر بعد ذهاب الرقا ** دما صنع الدمع من ناظرى )
فقال قاتله الله لقد أدمن الرمية حتى أصاب الغرة وأنشدنا
بعض أصحابنا لعلي بن العباس الرومي في طول الليل
( رب ليل كأنه الدهر طولا ** قد تناهى فليس فيه مزيد )
( ذي نجوم كأنهن نجوم الشيب ** ليست تزول لكن تزيد )
ولسعيد بن حميد في طول الليل
( ياليل بل يا أبد ** أنائم وعنك غد )
( ياليل لو تلقى الذي ** ألقى بها أو تجد )
( قصر من طولك أو ** ضعف منك الجلد )
( أشكو إلى ظالمة ** تشكو الذي لا تجد )
وقف عليها ناظري ** وقف عليها السهد )
قال أبو زيد تقول العرب في مثل لها خبأة خير من يفعة سوء
أي بنت تلزم البيت تخبأ فيه نفسها خير من غلام سوء لا خير فيه قال ويقال للرجل اذا
ولدت له جارية هنيئا لك النافجة وذلك أنه يزوج بنته فيأخذ مهرها ابلا إلى ابله فتنفجها
قال ويقال أضب القوم إضبابا إذا تكلموا وصاح بعضهم إلى بعض وأضبأ على الشيء إضباء
فهو
مضىء اذا كتمه وقال الأصمعي ضبأ فهو ضابى اذا لصق بالأرض
قال الأعشى
( أهوى لها ضابىء في الأرض مفتحص ** للحم قدما خفى طال
ما خشعا )
قال وأنشدنا أبو على للعباس بن الأحنف
( أيها الراقدون حولي أعينوني ** على الليل حسبة وأتجارا )
( حدثوني عن النهار حديثا ** أوصفوه فقد نسيت النهارا )
وأملى علينا الأخفش وقرأتها على ابن الأنباري لسويد بن
أبي كاهل
( وإذا ما قلت ليل قد مضى ** عطف الأول منه فرجع )
( يسحب الليل نجوما طلعا ** فيواليها بطيئات التبع )
( ويزجيها على إبطائها ** مغرب اللون إذا الليل انقشع )
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عمي عن أبيه عن هشام
بن محمد الكلبي عن عبد الرحمن بن أبي عبس الأنصاري قال عاش الأوس بن حارثة دهرا
وليس له ولد إلا مالك وكان لأخيه الخزرج خمسة عمرو وعوف وجشم والحرث وكعب فلما
حضره الموت قال له قومه قد كنا نأمرك بالتزويج في شبابك فلم تزوج حتى حضرك الموت فقال
الأوس لم يهلك هالك ترك مثل مالك وإن كان الخزرج ذا عدد وليس لمالك ولد فلعل الذي
استخرج العذق من الجريمة والنار من الوثيمة أن يجعل لمالك نسلا ورجالا بسلا يا
مالك المنية ولا الدنية والعتاب قبل العقاب والتحلد لا التبلد واعلم أن القبر خير
من الفقر وشر شارب المشتف وأقبح طاعم المقتف وذهاب البصر خير من كثير من النظر ومن
كرم الكريم الدفاع عن الحريم ومن قل ذل ومن أمر فل وخير الغنى القناعة وشر الفقر
الضراعة والدهر يومان فيوم لك ويوم عليك فإذا كان لك فلا تبطر وإذا كان عليك فاصبر
فكلاهما سينحسر فإنما تعز من ترى ويعرك من لا ترى ولو كان الموت يشترى لسلم منه
أهل الدنيا ولكن
الناس فيه مستوون الشريف الأبلج واللئيم المعلهج والموت
المفيت خير من أن يقال لك هبيت وكيف بالسلامة لمن ليست له إقامة وشر من المصيبة
سوء الخلف وكل مجموع إلى تلف حياك إلهك قال فنشر الله من مالك بعدد بنى الخزرج أو نحوهم
قال أبو علي قوله فلعل الذي استخرج العذق من الجريمة العذق النخلة نفسها بلغة أهل
الحجاز والعذق الكباسة والجريمة النواة والونيمة هي الموثومة المربوطة يريد به قدح
حوافر الخيل النار من الحجارة والعرب تقسم بهذا الكلام فتقول لا والذي أخرج العذق
من الجريمة والنار من الوثيمة لا فعلت كذا وكذا ومن أيمانهم لا والذي شقهن خمسا من
واحدة يعنون الأصابع ويقولون لا والذي أخرج قائبة من قوب يعنون فرخا من بيضة
ويقولون لا والذي وجهي زمم بيته أي قصده وحذاءه والبسل الشجعان واحدهم باسل
والبسالة الشجاعة قال الفراء الباسل الذي حرم على قرنه الدنو منه لشجاعته أي لشدته
لأنه لا يمهل قرنه ولا يمكنه من الدنو منه أخذ من البسل وهو الحرام وقال غيره الباسل
الكريه المنظر وإنما قيل للأسد باسل لكراهة وجهه وقبحه يقال ما أبسل وجه فلان قال
أبو ذؤيب
( فكنت ذنوب البئر لما تبسلت ** وسر بلت أجفاني ووسدت
ساعدي )
تبسلت فظع منظرها وكرهت وقال شيخنا أبو بكر بن الأنباري
قال الأصمعي الباسل المر وقد بسل الرجل يبسل بسالة إذا صار مرا والمشتف المستقصي
يقال استشف ما في إنائه واشتف إذا شرب الشفافة وهي البقية تبقى في الإناء والمقتف
الآخذ بعجلة ومنه سمى القفاف وأمر كثر عدده يقال أمر القوم يأمرون إذا كثر عددهم
قال لبيد
( نعلوهم كلما ينمي لهم سلف ** بالمشرفي ولولا ذاك قد
أمروا )
وأنشدنا أبو زيد أم جوار ضنؤها غير أمر ضنؤها نسلها وأمر
المال وغيره يأمر أمرة وأمر إذا كثر قال الشاعر
( والإثم من شر ما يصال به ** والبر كالغيث نبته أمر )
ويقال في مثل في وجه مالك تعرف أمرته وأمرته أي نماءه
وكثرته وقال الله تعالى
{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها } أي كنزنا
وقال أبو عبيدة يقال خير المال سكة مأبوره أو مهرة مأموره فالمأمورة الكثيرة الولد
من من آمرها الله أي كثرها وكان ينبغي أن يقال مؤمرة ولكنه اتبع مأبورة والسكة
السطر من النخل وقال الأصمعي السكة الحديدة التي يفلح بها الارضون والمأبورة المصلحة
يقال أبرت النحل آبره أبرا إذا لقحته وأصلحته وقد قرئ أمرنا مترفيها على مثال
فعلنا أخبرنا القالي عن ابن كيسان أنه قد يقال أمره بمعنى آمره يكون فيه لغتان فعل
وأفعل وتعز تغلب ويقال عز فلان فلانا عزا وعز يعز عزا وعزة من العز وعز على أهله
عزازة من العز والمعلهج المتناهي في الدناءة واللؤم وكان أبو بكر يقول هو اللئيم
في نفسه وآبائه والهبيت الأحمق الضعيف قال طرفة
( الهبيت لا فؤاد له ** والثبيت ثبته فهمه )
وكان أبو بكر بن الأنباري يرويه قيمه وحدثنا أبو بكر
رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت امرأة من العرب تخاصم
زوجها وهي تقول والله إن شربك لاشتفاف وإن ضجعتك لانجعاف وإن شملتك لالتفاف وإنك
لتشبع ليلة تضاف وتنام ليلة تخاف فقال لها والله إنك لكرواء الساقين قعواء الفخذين
مقاء الرفغين مفاضة الكشحين ضيفك جائع وشرك شائع قال أبو علي الانجعاف الانصراع
يقال ضربه فجأفه وجعفه وحفأه وكوره وجوره وجعفله وقطره إذاألقاه على أحد قطريه قال
طفيل
( وراكضة ما تستجن بجنة ** بعير حلال غادرته مجعفل )
وقال لبيد رضي الله عنه
( فلم أر يوما كان أكثر باكبا ** وحسناء قامت عن طراف
مجور )
وقال ابن قيس الرقيات
( كالشارب النشوان قطره ** شمل الزقاق تفيض عبرتيه )
واتكأه اذا ألقاه على هيئته المتكئ وقال أبو زيد ضربه
فقحزنه وجحد له إذا صرعه وقال الأصمعي وابن الأعرابي بركعه صرعه وأنشد لرؤبة
( ومن همزنا عزة تبركعا ** على استه زوبعة أو زوبعا )
وقال غيرهما البركعة القيام على أربع ويقال تبركعت
الحمامة لذكرها أي بركت والكرواء الدقيقة الساقين والكرا دقة الساق والكرى النوم
والكرا بمعنى الكروان وكراء ممدود موضع وقال أبو بكر القعواء المتباعدة مابين
الفخذين ولم أسمع هذا من غيره والذي ذكره اللغويون في كتبهم فيما قرأته الفجواء المتباعدة
ما بين الفخذين وقوله مقاء قال أبو زيد المقاء الدقيقة الفخذين وكذلك الرفغاء وقال
الأصمعي المقاء الطويلة والمقق الطول ورجل أمق طويل قال رؤبة
( لواحق الأقراب فيها كالمقق ** تفليل ما قارعن من سمر
الطرق ) يصف أتنا والمفاضة المسترخية والكشحان الخاصرتان وهما الأيطلان والاطلان والقربان
والصقلان واحدهما قرب وصقل وكشح وإطل وأيطل وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال
حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال دخل أبو جويرية الشاعر على خالد بن عبد الله
يمدحه فقال له خالد ألست القائل
( ذهب الجود والجنيد جميعا ** فعلى الجود والجنيد السلام )
( أصبحا ثاويين في بطن مرو ** ما تغنى على الغصون الحمام )
اذهب إلى الجود حيث دفنته فاستخرجه قال أبو جويرية أنا
قائل هذا وأنا الذي
أقول بعده فوثب إليه الحرس ليدفعوه فقال خالد دعوه لا
نجمع عليه الحرمان ونمنعه الكلام فأنشأ يقول
( لو كان يقعد فوق الشمس من كرم ** قوم بأولهم أو مجدهم
قعدوا )
( أو خلد الجود أقواما ذوي حسب ** فيما يحاول من آجالهم
خلدوا )
( قوم سنان أبوهم حين تنسبهم ** طابوا وطاب من الأولاد
ما ولدوا )
( جن إذا فزعوا إنس إذا أمنوا ** مرزؤن بهاليل إذا
احتشدوا )
( محسدون على ما كان من نعم ** لا ينزع الله عنهم ماله
حسدوا )
قال فخرج من عنده ولم يعطه شيأ وقرأت على أبي بكر بن
دريد للشماخ
( أعائش ما لأهلك لا أراهم ** يضيعون الهجان مع المضيع )
( وكيف يضيع صاحب مدفأآت ** على أثباجهن من الصقيع )
يعني أن عائشة قالت له لم تشدد على نفسك في المعيشة
وتلزم الإبل والتعزب فيها فرد عليها ما لأهلك أراهم يتعهدون أموالهم ويصلحونها
وأنت تأمرينني بإضاعة مالي ثم أقبل على إبله يمدحها فقال وكيف يضيع صاحب مدفآت
أدفئن بكثرة الوبر على أثباجهن والاثباج الأوساط قال قال الأصمعي ثبج كل شيء وسطه وغيره
يقول ظهره وروى أبو عبيد عن الأصمعي الكتد ما بين الكاهل إلى الظهر والثبج نحوه
وهذه الأقوال متقاربه في المعنى والصقيع البرد والندى ويقال الجليد وقال الأصمعي
من أمثال العرب إنه ليسر حسوا في ارتغاء يضرب مثلا للرحل يريك أنه يعمل أمرا وهو
يريد غيره والارتغاء شرب الرغوة يقال رغوة رغوة ورغوة يقول فهو يظهر ذاك وهو يحسو
اللبن ويقال سقط العشاء به على سرحان يضرب مثلا للرجل يطلب الأمر التافه فيقع في
هلكة وأصل المثل أن دابة طلبت العشاء فهجمت على الأسد والسرحان الأسد بلغة هذيل
وبلغة غيرهم من العرب الذئب ويقال سبق السيف العذل يضرب مثلا للأمر الذي قد تفاوت
تفوت وأصل هذا المثل أن الحرث بن ظالم ضرب رجلا
بالسيف فقتله فأخبر بعذره فقال سبق السيف العذل قال أبو
زيد العرب تقول إن كنت كاذبا فحلبت قاعدا أى ذهبت ابلك فحلبت الغنم وتقول ان كنت
كذوبا فشربت غبوقا باردا أى ذهب لبنك فشربت الماء البارد والغبوق ما اغتبقت حارا
بالعشى وقرأت على أبي بكر للشماخ
( اذا ما استافهن ضربن منه ** مكان الرمح من أنف القذوع )
( فقد جعلت ضغائنهن تبدو ** بماقد كان نال بلا شفيع )
استافهن شمهن يعني الحمار فاذا فعل ذلك ضربن منه أعلى
خيشومه وهو مكان الرمح اذا قدعت به أنف الفرس لانهن قد حملن منه والقدوع الذي يقدع
ويرد بالرمح وهو أن يرفع رأسه من عزة نفسه أومن فرق أولا يرضى للفحلة فيضرب أنفه وينحى
عن الطروقة وهو وان كان يقدع فهو قدوع كما قالوا لما يحلب ويركب حلوبة وركوبة
وضغائنهن ما في قلوبهن أى كن يمكنه ولا يحتاج إلى شفيع فلما حملن أبدين ضغائنهن
المخبوأة وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو الحسن الأسدي قال كتب أحمد بن
المعذل إلى أخيه عبد الصمد بن المعذل أنى أرى المكروه من حيث يرتجى المحبوب وقد
شمل عرك وعم أذاك وصرت فيك كابي الابن العاق ان عاش نغصه وان مات نقصه وقد خشنت
بقلب حبيبه لك ناصح والسلام فكتب إليه عبد الصمد
( أطاع الفريضة والسنة ** فتاه على الانس والجنة )
( كأن لنا النار من دونه ** وأفرده الله بالجنه )
( وينظر نحوى اذا زرته ** بعين حماة إلى كنه )
وأنشدنا أبو بكر بن الانباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد
بن يحيى النحوي للأضبط بن قريع وقال وبلغني أن هذه الأبيات قيلت قبل الإسلام بدهر
طويل وهي
( لكل هم من الهموم سعه ** والمسى والصبح لا فلاح معه )
( ما بال من سره مصابك لا ** يملك شيأ من أمره وزعه )
( أذود عن حوضه ويدفعني ** يا قوم من عاذري من الخدعه )
( حتى إذا ما انجلت عمايته ** أقبل يلحى وغيه فجعه )
( قد يجمع المال غير آكله ** ويأكل المال غير من جمعه )
( فأقبل من الدهر ما أتاك به ** من قرعينا بعيشه نفعه )
( وصل حبال البعيد إن وصل الحبل ** وأقص القريب إن قطعه )
( ولا تعاد الفقير علك أن ** تركع يوما والدهر قد رفعه )
قال أبو العباس وكان الأصمعي ينشد فصل حبال البعيد إن
وصل الحبل قال أبو علي تقول العرب لعلك وعلك ولعنك ولغنك سمعه عيسى بن عمر من
العرب ورواه الأصمعي عنه قال أبو علي قرأت على أبي بكر بن دريد في شعر أبي النجم
قال عيسى بن عمر سمعت أبا النجم ينشد ( اغد لعلنا في الرهان نرسله ** ) وأنشدني أبو
بكر بن دريد رحمه الله لمحمود الوراق
( فاجاك من وفد المشيب نذير ** والدهر من أخلاقه التغيير )
( فسواد رأسك والبياض كأنه ** ليل تدب نجومه وتسير )
( وأنشدني بعض أصحابنا قال أنشدني أبو يعقوب بن الصفار
لداود بن جهوة
( أقاسي البلالا أستريح إلى غد ** فيأتي غد إلا بكيت على
أمس )
( سأبكي بدمع أو دم أشتفى به ** فهل لي عذر إن بكيت على
نفسي )
( سلام على الدنيا ولذة عيشها ** سلام غدو أو رواح إلى
رمسي )
( وأنكرت شمس الشيب في ليل لمتي ** لعمري لليلي كان أحسن
من شمسي )
( كأن الصبا والشيب يطمس نوره ** عروس أناس مات في ليلة
العرس )
وأنشدنا أبو محمد عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا
المبرد لمحمود الوراق
( أليس عجيبا بأن الفتى ** يصاب ببعض الذي في يديه )
( فمن بين باك له موجع ** وبين معز مغذ إليه )
( ويسلبه الشيب شرخ الشباب ** فليس يعزيه خلق عليه )
وأنشدنا الأخفش للعكوك على جبلة
( جلال مشيب نزل ** وأنس شباب رحل )
( طوى صاحب صاحبا ** كذاك اختلاف الدول )
( أعاذلتي أقصري ** كفاك المشيب العذل )
( بدا بدلا بالشباب ** ليت الشباب البدل )
( جلال ولكنه ** تحاماه حور المقل )
وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه لأبي دلف العجلي
( نظرت إلي بعين من لم يعدل ** لما تمكن طرفها من مقتلي )
( لما تبسم بالمشيب مفارقي ** صدت صدود مفارق متحمل )
( فجعلت أطلب وصلها بتعطف ** والشيب يغمزها بأن لا تفعلي )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال أنشدنا
أبو العباس أحمد بن يحي النحوي
( أرى بصري عن كل يوم وليلة ** يكل وخطوي عن مدى الخطو
يقصر )
( ومن يصحب الأيام تسعين حجة ** يغيرنه والدهر لا يتغير )
( لعمري لئن أمسيت أمشى مقيدا ** لما كنت أمشي مطلق
القيد أكثر )
وأنشدني بعض أصحابنا
( حنتني حانيات الدهر حتى ** كأني خاتل أدنو لصيد )
( قريب الخطو يحسب من رآني ** ولست مقيدا أني بقيد )
وقال رجل لشيخ رآه يمشي من قيدك يا شيخ قال الذي خلفته
يفتل في قيدك يعني الدهر وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج النحوي
( وعائب عابني بشيب ** لم يعد لما ألم وقته )
( فقلت اذعابني بشيبى ** يا عائب الشيب لا بلغته )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا عبد الله بن خلف
( نصول الشيب طوقني بطوق ** يلوح على من تحت السواد )
( اذا أبصرته فكأن وخزا ** بأطراف الأسنة في فؤادي )
قال وأنشدنا أبي قال أنشدني أبو عبد الله بن المطيخي
( إن الكبير اذا تناهت سنه ** أعيت رياضته على الرواض )
( وإذا دفعت إلى الصغير فانما ** تكفيه منك إشارة
الإيماض )
( وعليك من نسج الزمان عمامة ** خضب المشيب سوادها ببياض )
( فالوعظ ينبو عن صفاتك راجعا ** مثل السهام نبت عن
الأغراض )
وممن مدح الشيب من الشعراء فأحسن دعبل حيث يقول
( أهلا وسهلا بالمشيب فانه ** سمة العفيف وحلية المتحرج )
( وكأن شيبى نظم درزاهر ** في تاج ذي ملك أغر متوج )
وممن مدح الخضاب فأحسن عبد الله بن المعتز حيث يقول
( وقالوا النصوب مشيب جديد ** فقلت الخضاب شباب جديد )
( إساءة هذا باحسان ذا ** فان عاد هذا فهذا يعود )
وأنشدني أبو معاذ عبدان المتطبب قال أنشدني أبو هفان
لنفسه
( تعجبت در من شيبى فقلت لها ** لا تعجبي فبياض الصبح في
السدف )
( وزادها عجبا أن رحت في سمل ** وما درت در أن الدر في
الصدف )
قال أبو زيد يقال عام أوطف وأغلف وأقلف اذا كان خصيبا
وقال العقيليون عام مجاعة ومجوعة ومجوعة وقال أبو زيد الأ طرة ما حول الأظفار من
اللحم وقال ابن الاعرابي عيش أغرل وأرغل وأغضف وأغطف وأوطف وأغلف اذا كان
مخصبا وهذه كلها تقال في العام وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري رحمه الله قال أنشدني أبي لرجل من خزاعة
( قد كنت أفزع للبيضاء أبصرها ** من شعر رأسي وقد أيقنت
بالبلق )
( الآن حين خضبت الرأس زايلني ** ما كنت ألتذ من عيشي
ومن خلقي )
( إن الشباب إذا ما الشيب حل به ** كالغصن يصفر فيه ناعم
الورق )
( شيب تغيبه عمن تغر به ** كبيعك الثوب مطويا على حرق )
( فإن سترت مشيبا أو غررت به ** فليس دهر أكلناه بمسترق )
( أفنى الشباب الذي أفنيت ميعته ** مر الجديدين من آت
ومنطلق )
( لم يتركا منك في طول اختلافهما ** شيأ يخاف عليه لذعة
الحرق )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا السكن بن سعيد عن
العباس بن هشام الكلبي قال صعد خالد بن عبد الله القسري يوما المنبر بالبصرة ليخطب
فأرتج عليه فقال أيها الناس إن الكلام ليجيء أحيانا فيتسبب سببه ويعزب أحيانا فيعز
مطلبه فربما طولب فأبى وكوبر فعصى فالتأنى لمجيه أصوب من التعاطي لأبيه ثم نزل فما
رؤى حصر أبلغ منه وقرأت على أبي بكر بن دريد لنفسه
( أرى الشيب مذجاوزت خمسين دائبا ** يدب دبيب الصبح في
غسق الظلم )
( هو السقم إلا أنه غير مؤلم ** ولم أر مثل الشيب سقما
بلا ألم )
وأنشدني بعض أصحابنا لعلي بن العباس الرومي
( يا بياض المشيب سودت وجهي ** عند بيض الوجوه سود
القرون )
( فلعمري لأخفينك جهدي ** عن عياني وعن عيان العيون )
( ولعمري لأمنعنك أن تظهر ** في رأس آسف محزون )
( بسواد فيه ابيضاض لوجهي ** وسواد لوجهك الملعون )
وأنشدنا الأخفش لمنصور النمري
( ما واجه الشيب من عين وان ومقت ** إلالها نبوة عنه
ومرتدع )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبي
( رأيت الشيب تكرهه الغواني ** ويحببن الشباب لما هوينا )
( فهذا الشيب نخضبه سوادا ** فكيف لنا فنسترق السنينا )
وفي الخضاب
( إن شيأ صلاحه بالخضاب ** لعذاب موكل بعذاب )
( ولعمر الإله لولا هوى البيض ** وأن تشمئز نفس الكعاب )
( لأرحت الخدين من وضر الخطر ** وأذعنت لانقضاء الشباب )
ومن أحسن ما قيل في مدح الشيب
( والشيب أن يحلل فإن وراءه ** عمرا يكون خلاله متنفس )
( لم ينتقص مني المشيب قلامة ** ألآن حين بدا ألب وأكيس )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبي
( لايرعك المشيب يا ابنة عبد الله ** فالشيب جلة ووقار )
( إنما تحسن الرياض إذا ما ** ضحكت في خلالها الأنوار )
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبو الحسن بن
البراء قال قال أبو الحسن الأسدي مات رجل كان يعول اثني عشر ألف إنسان فلما حمل
على النعش صر على أعناق الرجال فقال رجل في الجنازة
( وليس صرير النعش ما تسمعونه ** ولكنه أعناق قوم تقصف )
( وليس فتيق المسك ما تجدونه ** ولكنه ذاك الثناء المخلف )
قال أبو علي وقرأت على أبي بكر بن دريد لبعض العرب
( دببت للمجد والساعون قد بلغوا ** جهد النفوس وألقوا
دونه الأزرا )
( وكابدوا المجد حتى مل أكثرهم ** وعانق المجد من أوفى
ومن صبرا )
( لا تحسب المجد تمرا أنت آكله ** لن تبلغ المجد حتى
تلعق الصبرا )
وأنشدنا غير واحد من أصحاب أبي العباس منهم ابن السري
والأخفش وابن درستويه قالوا أنشدنا أبو العباس المبرد لعبد الصمد بن المعذل فيه
( سألنا عن ثمالة كل حي ** فقال القائلون ومن ثماله )
( فقلت محمد بن يزيد منهم ** فقالوا زدتنا بهم جهالة )
( فقال لي المبرد خل عني ** فقومي معشر فيهم نذاله )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدني سعيد بن هرون
( فلو أبصرت دارك في محل ** يحل الحزن فيه والسرو )
( رأيت مناد حالم يرع فيها ** ملال مذنأيت ولا فتور )
وقال يخاطب امرأة يقول لو رأيت محلك في قلبي فلم يستقم
له الشعر فقال دارك وقوله يحل الحزن فيه والسرور يعني القلب لان الحزن والسرور فيه
يكونان وقوله منادحا يعني متسعا وقوله لم يرع فيها ملال مذنأيت ولا فتور مثل وحدثنا
أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا أبو زيد قال بينا أنا في المسجد
الحرام إذ وقف علينا أعرابي فقال يا مسلمون ان الحمد لله والصلاة على نبيه إني
امرؤ من أهل هذا الملطاط الشرقي المواصي أسياف تهامة عكفت على سنون محش فاجتبت
الذرى وهشمت العرى وجمشت النجم وأعجت البهم وهمت الشحم والتحبت اللحم واحجنت العظم
وغادرت التراب مورا والماء غورا والناس أوزاعا والنبط قعاعا والضهل جزاعا والمقام
جعجاعا يصبحنا الهاوي ويطرقنا العاوي فخرجت لا أتلفع بوصيده ولا أتقوت هبيده
فاليخصات وقعه والركبات زلعه والأطراف قفعه والجسم مسلهم والنظر مدرهم أعشو فأغطش
وأضحى فأخفش أسهل ظالعا وأحزن راكعا فهل من آمر بمير أوداع بخير وقاكم الله سطوة
القادر وملكة الكاهر وسوء
الموارد وفضوح المصادر قال فأعطيته دينارا وكتبت كلامه
واستفسرته مالم اعرفه قال أبو علي قال أبو بكر الملطاط أشد انخفاضا من الغائط
وأوسع منه وحكى اللحياني عن الأصمعي أنه قال الملطاط كل شفير نهر أوواد والمواصي
والمواصلى واحد يقال تواصى النبت اذا اتصل بعضه ببعض واسياف جمع سيف وهو ساحل
البحر وعكفت أقامت والسنون الجدوب ومحش جمع محوش وهي التي تمعش الكلا أى تحرقه
واجتبت افتعلت من الجب يقال جببت السنام اذا قطعته وكل شيء استأصلته فقد جببته
وهشمت كسرت والعرى جمع عروة والعروة القطعة من الشجر لا يزال باقيا على الجدب
ترعاه أموالهم قال التغلبي يروى
( خلع الملوك وسار تحت لوائه ** شجر العراو عراعر
الأقوام )
ويروى وعراعروهم السادة وجمشت احتلقت قال رؤبة أو
كاحتلاق النورة الجموش والنجم ما نجم ولم يستقل على ساق وأعجت أي جعلتها عجايا
والعجى السيىء الغذاء المهزول قال الشاعر
( عداني أن أزورك أن بهمي ** عجايا كلها إلا قليلا )
وهمت أذابت قال أبو علي العرب تقول همك ما أهمك أي أذابك
ما أحزنك قال وقال أبو بكر التحبت اللحم عرقته عن العظم وأحجنت العظم أي عوجته
فصيرته كالمحجن والمور الذي يجىء ويذهب قال اسمعيل والمور الطريق رواه أبو عبيدة والمور
بضم الميم الغبار بالريح قال أبو بكر الغور الغائر وأوزاع فرق والنبط الماء الذي
يستخرج من البئر أول ما تحفر قال الشعر
( قريب ثراه لا ينال عدوه ** له نبطا عند الهوان قطوب )
والقعاع الماء الملح المر والضهل القليل من الماء ومنه
قيل ما ضهل إليه منه شيء والجزاع أشد المياه مرارة قال اسمعيل قال يعقوب ويقال ماء
ملح فاذا
اشتدت ملوحته قيل زعاق وقعاع وأجاج وحراق أي يحرق أوبار
الماشية من شدة ملوحته قال ويقال ماء ملح يفقأعين الطائر اذا بولغ في ملوحته وماء
خمجرير اذا كان ثقيلا وقال ابن الأعرابي يقال ماء مخضرم وخمجر يرو مخضم اذا لم يكن
عذبا والجعجاع المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه قال أبو علي قال الأصمعي الجعجاع
المحبس وأنشد
( إذا حعجعوا بين الأناخة والحبس ** ) وقال أبو عمرو
الشيباني الجعجاع الأرض وكل أرض جعجاع وقال أبو بكر الهاوي الجراد والعاوي الذئب
والتلفع الإشتمال وقال أبو علي هو اشتمال الصماء عند العرب وهو أن لا يرفع جانبا
منه فتكون فيه فرجة والوصيدة كل تسيجة والهبيد حب الحنظل يعالج حتى يطيب فيختبز
والبخصات واحدها بخصة وهي لحم باطن القدم ووقعة من قولهم وقع الرجل اذا اشتكى لحم
باطن قدمه قال الراجز
( ياليت لي نعلين من جلد الضبع ** وشركامن استهالا تنقطع )
( كل الحذاء يحتذى الحافى الوقع ** )
وزلعة متشققة وأنشد
( وغملى نصى بالمتان كأنها ** ثعالب موتى جلدها قد تزلعا )
قال أبو علي غملى فعلى وهو الذي قد تراكب بعضه على بعض
وقفعة ومقفعة واحد وهي التي قد تقبضت ويبست وقال أبو بكر المسلهم الضامر المتغير
قال أبو على وقال أبو زيد المسلهم المدبر في جسمه وتفسير أبي بكر أحسبه كلام
الأصمعي والمدرهم الضعيف البصر الذي قد ضعف بصره من جوع أو مرض قال أبو علي ولم يذكر
هذه الكلمة أحد ممن عمل خلق الانسان وأعشو أنظر يقال عشوت إلى النار إذا أحددت
نظرك اليها وأنشد
( متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ** تجد خير نار عندها خير
موقد )
وقوله فأغطش أي أصير غطشا والغطش ضعف في البصر يقال رجل
اغطش وامرأة غطشى وأسهل ظالعا يقول اذا مشيت في السهول
ظلعت أي غمزت واخزن راكعا أي اذا علوت الحزن ركعت أي كبوت لوجهي والمير العطية من
قولهم مارهم يميرهم قال أبو علي الكاهر والقاهر واحد وقد قرأ بعضهم فاما اليتيم
فلا تكهر
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال
أعرابي لرجل ما اتهمت حسن ظنى بك منذ توجه رجائي نحوك ولا قعدت بجد فائل باعتمادي عليك
ولا استدعتني رغبة عنك إلى من سواك ولاأراني الأختبار غيرك عوضا منك قال أبو على
الفائل المخطىء يقال رجل فال الرأي وفائل الرأي وفيل الرأي وفيل الرأى اذا كان
مخطىء الرأي وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا ذكر
رجلا فقال كان والله للإخاء وصولا وللمال بذولا وكان الوفاء بهما عليه كفيلا ومن
فاضله كان مفضولا وقال أبو زيد من أمثال العرب لم يهلك من مالك ما وعظك أي اذا
أفسدت بعض مالك فوعظك الذي أفسدت فأصلحت بعد فكأن الذي أفسدت لم يهلك ويقال ذليل
عاذ بقرملة وهي شجرة صغيرة يقال ذلك لمن عاذ بمن هو أذل منه أو مثله ويقال قد تحلب
الضجورالعلبة أي قد تصيب من السيى الخلق اللين ويقال لا تعدم ناقة من أمها حنة أي
لا تعدم شبها يقال ذلك لمن أشبه أباه أوأمه وأنشدنا ابو بكر بن دريد وقرأنا أيضا عليه
( أقبلن من أعلى فياف بسحر ** يحملن صلالا كأعيان البقر )
قوله يحملن صلالا أي يحملن فحما يصل اي يصوت وأعيان جمع
عين وقرأنا عليه أيضا لزيد الخيل
( نصول بكل أبيض مشرفي ** على اللاتي بقى فيهن ماء )
( عشية نؤثر الغرباءفينا ** فلاهم هالكون ولا رواء )
يعني أنهم يفتظون الإبل فيأخذون ما بقي في كروشها من
الماء ومثله
( وشربة لوح لم أجد لشفائها ** بدون ذباب السيف أو شفره
حلا )
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال بينما
أنا سائر بناحية بلاد بني عامر إذا مررت بحلة في غائط يطؤهم الطريق وإذا رجل ينشد
في ظل خيمة له وهو يقول
( أحقا عباد الله أن لست ناظرا ** إلى قرقري يوما
وأعلامها الغبر )
( كأن فؤادي كلما مر راكب ** جناح غراب رام نهضا إلى وكر )
( إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ** دعاك الهوى واهتاج
قلبك للذكر )
( فيا راكب الوجناء أبت مسلما ** ولا زلت من ريب الحوادث
في ستر )
( إذا ما أتيت العرض فاهتف بجوه ** سقيت على شحط النوى
سبل القطر )
( فإنك من واد إلي مرجب ** وإن كنت لا تزدار إلا على عفر )
قال فأذنت له وكان ندي الصوت فلما رآني أومأ إلي فأتيته
فقال أأعجبك ما سمعت فعلت إي والله فقال من أهل الحضارة أنت قلت نعم قال فمن تكون
قلت لا حاجة لك في السؤال عن ذلك فقال أو ما حل الإسلام الضغائن وأطفأ الأحقاد قلت
بلى قال فما يمنعك إذا قلت أنا أمر ؤ من قيس فقال الحبيب القريب من أيهم قلت أحد
بني سعد بن قيس ثم أحد بني أعصر بن سعد فقال زادك الله قربا ثم وثب فأنزلني عن
حماري وألقى عنه إكافه وقيده بقراب خيمته وقام إلى زند فاقتدح وأوقد نارا وجاء
بصيدانة فألقى فيها تمرا وأفرغ عليه سمنا ثم لفته حتى التبك ثم ذر عليه دقيقا
وقربه إلي فقلت إني إلى غير هذا أحوج قال وما هو قلت تنشدني فقال أصب فإني فاعل
فلقمت لقيمات وقلت الوعد فقال ونعمي عين ثم أنشدني
( لقد طرقت أم الخشيف وإنها ** إذا صرع القوم الكرى
لطروق )
( فيا كبدا يحمى عليها وإنها ** مخافة هيضات النوى لخفوق )
( أقام فريق من أناس يودهم ** بذات الغضا قلبي وبان فريق )
( بحاجة محزون يظل وقلبه ** رهين ببضات الحجال صديق )
( تحملن إن هبت لهن عشية ** جنوب وإن لاحت لهن بروق )
( كأن فضول الرقم حين جعلنها ** غديا على أدم الجمال
عذوق )
( وفيهن من بخت النساء ربحله ** تكاد على غر السحاب تروق )
( هجان فأما الدعص من أخرياتها ** فوعث وأما حصرها فدقيق )
قال ففارقته وأنا من أشد الناس ظمأ إلى معاودة إنشاده
قال أبو علي العرض واد باليمامة وكل واد يقال له عرض يقال أخصب ذلك العرض وأخصبت
أعراض المدينة والعرض أيضا الريح يقال فلان طيب العرض وفلان منتن العرض أي الريح والعرض
أيضا ما ذم من الانسان أو مدح يقال فلان نقى العرض أي هو بريء من أن يشتم أو يعاب
واختلف فيه فقال أبو عبيدة عرضه آباؤه وأسلافه وخالفه ابن قتيبة فقال عرضه جسده
واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في صفة أهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون
إنما هو عرق يجري من أعراضهم مثل المسك يعني من أبدانهم ونصر شيخنا أبو بكر بن
الأنباري أبا عبيد فقال ليس هذا الحديث حجة له لأن الأعراض عند العرب المواضع التي
تعرق من الجسد قال والدليل على غلط ابن قتيبة في هذا التأويل وصحة تأويل أبي عبيد
قول مسكين الدارمي
( رب مهزول سمين عرضه ** وسمين الجسم مهزول الحسب )
فمعناه رب مهزول البدن والجسم كريم الآباء قال وأما
احتجاجه ببيت حسان بن ثابت
( فإن أبي ووالده وعرضي ** لعرض محمد منكم وقاء )
في أن العرض الجسم فليس كما ذكر لان معناه فإن أبي
ووالده وآبائي فأتى بالعموم بعد الخصوص ذكر الأب ثم جمع الآباء كما قال الله عز
وجل { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } فخص السبع ثم أتى بالقرآن
العام بعد ذكره إياها والذي قاله ابن قتيبة قد قاله غيره ويمكن من ينصر ابن قتيبة أن
يقول بيت مسكين مثل ومعناه رب مهزول الجسم سمين الحسب أي عظيم الشرف وسمين الجسم
مهزول الحسب أي ضعيف
الشرف والعرض ما خالف الطول والعرض من المال ما ليس بنقد
والجمع عروض يقال أقبل مني عرضا أي دابة أو متاعا والعرض سفح الجبل أي ناحيته قال
ذو الرمة
( أدنى تقاذفه تقريب أو خبب ** كما تدهدى من العرض
الجلاميد )
ويقال للجيش إذا كان كثيرا ما هو إلا عرض من الأعراض
يشبه بناحية الهبل قال رؤبة
( إنا إذا قدنا لقوم عرضا ** لم نبق من بغي الأعادي عضا )
والعض الداهية والعرض مصدر عرضته على البيع أعرضه عرضا
والعرض مصدر عرضت العود على الأناء أعرضه عرضا والعرض مصدر عرضت له من حقه ثوبا
فإنا أعرضه عرضا إذا أعطيته ثوبا مكان حقه هذه كلها مفتوحة العين مسكنة الراء
وكذلك مصدر عرضت له حاجة وعرضت عليه الحاجة والعرض بضم العين الناحية يقال ضربت به
عرض الحائط ويقال خرجوا يضربون الناس عن عرض يريدون عن شق وناحية لا يبالون من
ضربوا ومنه استعراض الخوارج الناس إذا لم يبالوا من قتلوا ويقال قد أعرض لك الظبي
أي أمكنك من عرضه أي من ناحيته والعرض مفتوح الراء حطام الدنيا وما يصيب منها
الإنسان يقال إن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر والعرض أيضا الأمر يعرض
للإنسان من مرض أو كسر أو غيرهما مما يبتلى به ويقال عرض له عارض مثل عرض ولا تزال
عارضة تعرض والعارض الأسنان التي بعد الثنايا وهي الضواحك وجمعه عوارض يقال امرأة
نقية العارض ومصقولة العارض قال جرير
( أتذكر يوم تصقل عارضيها ** بعود بشامة سقي البشام )
والعارض الخد كذا قال أبو نصر وقال غيره سئل الأصمعي عن
العارضين من اللحية فوضع يده على ما فوق العوارض من الأسنان ويقال للنحل والجراد
إذا كثر مر منه عارض قد ملأ الأفق ويقال للجبل عارض وبه سمى عارض اليمامة والعارضة
الشاة أو البعير يصيبه الداء أو السبع أو كسر وجمعه عوارض
يقال بنو فلان أكالون للعوارض ويقال فلان شديد العارضة أي الناحية ويقال أخذ في
عروض ما تعجبني أي في طريق وناحية وعرفت ذلك في عروض كلامه ويقال لمكة والمدينة
واليمن العروض ويقال ولي فلان العراق وولي فلان العروض والعروض عروض الشعر والعروض
البعير الصعب والعروضان الجانبان والعروض من الأبل والغنم الذي يعترض الشوك فيأكله
يقال غنم فلان تعرض إذا اعترضت الشوك فأكلته وعريض عروض والعريض من المعزى الذي
أتى عليه نحو من سنة ونب وأراد السفاد وجمعه عرضان وقال اللحياني قال بعضهم العريض
من الظباء الذي قد قارب الأثناء والعريض عند أهل الحجاز الخصي والجميع العرضان قال
ويقال أعرضت العرضان إذا خصيتها ويقال فلان عرضة للشر أي قوي عليه وفلانة عرضة
للزوج أي قوية عليه وفرس عرضة للميدان وجمل عرضة للحمل الثقيل والعراضة الهدية
يقال ما عرضتهم أي ما أهديت إليهم وأطعمتهم قال الشاعر
( حمراء من معرضات الغربان ** يقدمها كل علاة عليان )
يقول عليها التمر فتأتي الغربان فتأكل مما عليها
والعراضة الشيء يطعمه الركب من استطعمهم من أهل المياه والعراضة والعريضة واحد
وجاء في بعض الحديث إذا طلعت الشعرى سفرا ولم تر فيها مطرا فلا تغذون إمرة ولا
إمرا وأرسل العراضات أثرا يبغينك في الأرض معمرا فالعراضات الإبل العريضة الآثار ويقال
قوس عراضة أي عريضة والمعراض السهم الذي لا ريش عليه والمعرض الثوب الذي تعرض فيه
الجارية وجمعه معارض ويقال لقحت الناقة عراضا والعراض أن يعارضها الفحل فيتنوخها
فيضربها فذلك الضراب هو العراض وإذا لقحت الناقة كذلك قيل لقحت يعارة قال الراعي
( نجائب لا يلقحن إللا يعارة ** عراضا ولا يشرين إلا
غواليا )
ويقال جاءت فلانة بولد عن معارضة وعن عراض وذلك إذا لم يكن
له أب يعرف ويقال أعرضت فلانة بأولادها إذا ولدتهم عراضا طوالا من الرجال ويقال
أعرض النيء إذا صار ذا عرض قال ذو الرمة
( عطاء فتى بنى وبنى أبوه ** فأعرض في المكارم واستطالا )
أي تمكن من طولها وعرضها وأعرض فلان عن فلان يعرض إعراضا
إذا لم يلتفت إليه ويقال عرض فلان وطال إذا ذهب عرضا وطولا ويقال عرضته للخير
تعريضا وزاد اللحياني وأعرضته وعارضت الشيء بالشيء قابلته به وخرج يعارض الريح إذا
لم يستقبلها ولم يستدبرها ويقال في فلان عرضية أي صعوبة وكذلك ناقة عرضية أي فيها
صعوبة والعرضنة أن يمشي مشية في شق فيها بغي ويقال هو يتعرض في الجبل إذا أخذ
يمينا وشمالا قال عبد الله ذو البجادين يخاطب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم
( تعرضي مدارجا وسومي ** تعرض الجوزاء للنجوم )
( هذا أبو القاسم فاستقيمى ** )
المدارج الثنايا الغلاظ ومرجب معظم وهو مأخوذ من ترجيب
النخلة وذلك أنها إذا كرمت على أهلها وعظم حملها رجبوها والترجيب أن تعمد برجبه
وهي بناء يبنى كالعمود تحتها تعمد به قال الشاعر
( ليست بسنهاء ولارجبية ** ولكن عرايا في السنين الجوائح )
وكان أبو بكر بن دريد ينشد رجبية بتشديد الياء فقط
وأنشدنا أبو بكر بن مجاهد المقري عن أحمد بن يوسف التغلبي رجبية بتشديد الجيم
والياء وكذلك أقرأني أبو بكر بن الأنباري في الغريب المصنف بتشديد الجيم والياء
وقوله على عفر أي على بعد من اللقاء وقال أبو زيد بعد عفر بعد شهر وقال غيره بعد حين
والحين مثل البعد في المعنى وقوله أذنت له معناه استمعت له قال قعنب بن أم صاحب
( صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ** وإن ذكرت بسوء عندهم
أذنوا )
وقراب وقريب واحد مثل كبار وكبير وجسام وجسيم وطوال
وطويل والصيدانة القدر العظيمة وقال الأصمعي الحضارة والبداوة للحضر والبدو بكسر
الباء وفتح الحاء وقال أبو زيد البداوة والحضارة بفتح الباء وكسر الحاء قال أبو
علي وهما عندي لغتات الحضارة والحضارة والبداوة والبداوة ولفته لواه واللفيتة العصيدة
وانما سميت لفيتة لأنها تلفت أى تلوى والتبك اختلط يقال لبكت الشىء وبكلته اذا
خلطته قال أمية ابن أبي الصلت
( له داع بمكة مشمعل ** وآخر فوق دارته ينادي )
( إلى ردح من الشيزى ملاء ** لباب البر يلبك بالشهاد )
أي يخلط بالشهد يعني الفالوذ وقال أبو زيد الربحلة
اللعيمة الجيدة الجسم في طول ورجل ربحل والسبحلة الطويلة العظيمة ورجل سبحل وقال
الأصمعي نعتت امرأة من العرب ابنتها فقالت
( سجلة ربحلة ** تنمي نبات النخله )
ويقال سقاء سبحل وسجلل وسجبل أي عظيم وقال الجنوب لينة
تؤلف السحاب وتكثفه والشمال تفرقه فيسمون الشمال محوة لانها تمحو السحاب والوعث
اللين الوطىء كذا قال الأصمعي وقال أبو زيد نحو هذا وقال هو الذي تسوخ فيه أخفاف
الإبل وهو شديد عليها وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني أبو محمد
بن سعيد قال كان يحيى بن طالب الحنفي شيخا كريما يقرى الأضياف ويطعم الطعام فركبه
الدين الفادح فجلا عن اليمامة إلى بغداد يسأل السلطان قضاء دينه فأراد رجل من أهل
اليمامة الشخوص من بغداد إلى اليمامة فشيعه يحيى بن طالب فلما جلس الرجل في الزورق
ذرفت عينا يحيى وأنشأ يقول
( أحقا عباد الله أن لست ناظرا ** إلى قرقرى يوما
وأعلامها الخضر )
( اذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ** دعاك الهوى واهتاج
قلبك للذكر )
( أقول لموسى والدموع كأنها ** جداول ماء في مسار بها
تجري )
( الاهل لشيخ وابن ستين حجة ** بكى طربا نحو اليمامة من
عذر )
( كأن فؤادي كلما مر راكب ** جناح غراب رام نهضا إلى وكر )
( يزهدني في كل خير صنعته ** إلى الناس ما جربت من قلة
الشكر )
( فيا حزنا ماذا أجن من الهوى ** ومن مضمر الشوق الدخيل
إلى حجر )
( تعربت عنها كارها فتركتها ** وكان فراقيها أمر من
الصبر )
( لعل الذي يقضى الأمور بعلمه ** سيصرفني يوما اليها على
قدر )
( فتفتر عين ما تمل من البكا ** ويصحو قلب ما ينهنه
بالزجر )
قال أبو بكر بن الأنباري حجر قصبة اليمامة قال فغنى هارون
الرشيد بشعر يحيى بن طالب
( ايا أثلات القاع من بطن توضح ** حنيني إلى أطلالكن
طويل )
( ويا أثلات القاع قدمل صحبتي ** مسيري فهل في ظلكن مقيل )
( ويا أثلات القاع قلبي موكل ** بكن وجدوى خيركن قليل )
( الاهل إلى شم الخزامى ونظرة ** الى قرقرى قبل الممات
سبيل )
( فأشرب من ماء الحجيلاء شربة ** يداوى بها قبل الممات
سبيل )
( أحدث عنك النفس أن لست راجعا ** إليك فحزني في الفؤاد
دخيل )
( اريد هبوطا نحو كم فيردني ** اذا رمته دين على ثقيل )
فقال هارون الرشيد يقضى دينه فطلب فإذا هو قد مات قبل
ذلك بشهر وحدثنا ابن الأنباري قال حدثنا أحمد بن يحيى النحوى قال أراد الفضل بن
يحيى أو جعفر بن يحيى سفرا فقال قاتل الله جميلا ما أشعره حيث يقول
( لما دنا البين بين الحى واقتسموا ** حبل النوى فهو في
أيديهم قطع )
( جادت بأدمعها ليلى وأعجلني ** وشك الفراق فما أبقي وما
أدع )
( يا قلب ويحك ما عيشي بذي سلم ** ولا الزمان الذي قد مر
مر تجع
( أكلما بان حى لا تلائمهم ** ولا يبالون أن يشتاق من
فجعوا )
( علقتني بهوى منهم فقد جعلت ** من الفراق حصاة القلب
تنصدع )
وقرأت هذه الأبيات في شعر جميل على أبي بكر بن دريد مكان
فما أبقي فما أبكى ومكان عيشى عيش ومكان بهوى منهم بهوى مرد وقال الأصمعي من
أمثالهم جاء يفرى الفراو يقد اذا جاء يعمل عملا محكما ومثله جاء يفري الفرى ويقال
الحق أبلج والباطل لجلج يراد أن الحق منكشف والباطل ملتبس ويقال ماء ولا كصداء مثل
جمراء بئر طيبة الماء جدا وكان أبو العباس محمد بن يزيد يقول كصدآء على وزن صدعاء
يقول هذا ماء ولا بأس به وليس كصداء يضرب مثلا لمن حمد بعض الحمد ويفضل عليه غيره
ويقال فتى ولا كمالك مثله ومرعى ولا كالسعدان مثله وأنشدنا ابن دريد عن عبد الرحمن
عن عمه لرجل من بني كلاب
( فلما قضينا غصة من حديثنا ** وقد فاض من بعد الحديث
المدامع )
( جرى بيننا منار سيس يزيدنا ** سقاما اذا ما استيقنته
المسامع )
( كأن لم يجاورنا أمام ولم نقم ** بفيض الحمى اذا أنت
بالعيش قانع )
( فهل مثل أيام تسلفن بالحمى ** عوائد أوغيث الستارين
واقع )
( فان نسيم الريح من مدرج الصبا ** لأوراب قلب شفه الحب
نافع )
قال أبو علي الرس الشىء من الخبر والرسيس مثله قال
الأفوه الأودى
( بهمه مالأنيس به ** حس وما فيه له من رسيس )
وقال أبو زيد رسوت عنه حديثا أرسوه رسوا حدثت عنه وقال
غيره رست الحديث في نفسي ارسه رسا اذا حدثت به نفسك قال الأصمعي رسست بين القوم
أصلحت بينهم والأوراب واحدها ورب وهو فساد يكون في القلب وفي غير ذلك والعرب تقول
إنه لذو
عرق ورب أى فاسد وأنشدنا أبو بكر بن دريد عن عبد الرحمن
عن عمه لرجل من بني كلاب أيضا
( تحن إلى الرمل اليماني صبابة ** وهذا لعمرى لو رضيت
كثيب )
( فأين الأراك الدوح والسدر والغضا ** ومستخبر عمن تحب
قريب )
( هناك تغنينا الحمام ونجتني ** جنى اللهو يحلولي لنا
ويطيب )
قال أبو زيد قال الكلابيون سمعت سرا فاجأيته مثال جعيته
أى لم أكمه وفلان لا يجأى سرا أي لا يكتمه والمصدر الجأى والسقاء لا يجأى الماء أى
لا يحبسه والراعي لا يجاى غنمه اذا لم يحفظها فتفرقت وفلان لا يحجو سرا أي لا
يكتمه والمصدر الحجو والسقاء لا يحجو الماء أي لا يحبسه والراعي لا يحجو غنمه أي لا
يحفظها قال الأصمعي يقال طمح في السوم اذا استام بسلعته أكثر مما تساوي وتشحى في
السوم وأبعط في السوم وشحط في السوم وذلك أن يتباعد قال ويقال مصع الظبى ولألأ اذا
حرك ذنبه ومثل من أمثالهم لا آتيك لألأت الفور والعفر أي ماحركت أذنابها أى لا
آتيك أبدا قال والأعفر الأحمر من الظباء والفور السود وقال لي أبو بكر بن دريد قال
الأصمعي الفور و الظباء لا واحدلها وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو
العباس أحمد بن يحيى النحوي
( رفعنا الخموش عن وجوه نسائنا ** إلى نسوة منهم فأبدين
مجلدا )
قال أبو العباس الخموش الخدوش وهذا رجل قتل من قومه قتلى
فكان نساؤهم يخمشن وجوههن عليهم فأصابوا بعد ذلك منهم قتلى فصار نساء الاخرين
يخمشن وجوههن عليهم يقول لما قتلنا منهم قتلى بعد القتلى الذين كانوا قتلوا منا حولنا
الخموش عن وجوه نسائنا إلى وجوه نسائهم قال وهذا مثل قول عمروبن معدى كرب
( عجت نساء بني زبيد عجة ** كعجيج نسوتنا غداة الأرنب )
قال أبو العباس العجة الصوت والأرنب موضع والمجلد جلدة
تمسكها النائحة بيدها وربما أشارت بها إلى وجهها كأنها تلطمه بها وأنشد
( خرجن حريرات وأبدين مجلدا ** ودارت عليهن المقرمة
الصفر )
قال أبو العباس حريرات حارات الأجواف من الحزن وقوله
دارت عليهن المقرمة الصفر يقول سبين فأجيلت عليهن القداح ليؤخذن أسهما قال ويروى المكتبة
الصفر يعني السهام التي عليها أسماء أصحابها مكتوبة ولم يفسر أبو العباس مقرمة ولا
أبو بكر قال أبو علي وأنا أقول مقرمة معضضة وذلك أن الرجل كان يعلم قدحه بالعض
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن هشام بن محمد عن أبي
مخنف عن أشياخ من علماء قضاعة قالوا كان ثلاثة أبطن من قضاعة مجتورين بين الشحر
وحضرموت بنو ناعب وبنو داهن وبنو رئام وكانت بنو رئام أقلهم عددا وأشجعهم لقاء
وكانت لبني رئام عجوز تسمى خويلة وكانت لها أمة من مولدات العرب تسمى زبراء وكان
يدخل على خويلة أربعون رجلا كلهم لها محرم بنو إخوة وبنو أخوات وكانت خويلة عقيما
وكان بنو ناعب وبنو داهن متظاهرين على بني رئام فاجتمع بنو رئام ذات يوم في عرس
لهم وهم سبعون رجلا كلهم شجاع بئيس فطعموا وأقبلوا على شرابهم وكانت زبراء كاهنة
فقالت لخويلة انطلقي بنا إلى قومك أنذرهم فأقبلت خويلة تتوكأ على زبراء فلما
أبصرها القوم قاموا إجلالا لها فقالت يا ثمر الأكباد وأنداد الأولاد وشجا الحساد هذه
زبراء تخبركم عن أنباء قبل انحسار الظلماء بالمؤيد الشنعاء فاسمعوا ما تقول قالوا
وما تقولين يا زبراء قالت واللوح الخافق والليل الغاسق والصباح الشارق والنجم
الطارق والمزن الوادق إن شجر الوادي ليأدو ختلا ويحرق أنيابا عصلا وأن صخر الطود
لينذر ثكلا لا تجدون عنه معلا فوافقت قوما أشارى سكارى فقالوا ريح خجوج بعيدة ما
بين الفروج أتت زبراء بالأبلق النتوج فقالت زبراء مهلا يا بني الأعزة والله إني
لأشم ذفر الرجال تحت الحديد فقال لها فتى منهم يقال له هذيل بن منقذ يا خذاق والله
ما تشمين إلا دفر إبطيك فانصرفت
عنهم وارتاب قوم من ذوي أسنانهم فانصرف منهم أربعون رجلا
وبقى ثلاثون فرقدوا في مشربهم وطرقتهم بنو داهن وبنو ناعب فقتلوهم أجمعين وأقبلت
خويلة مع الصباح فوقفت على مصارعهم ثم عمدت إلى خناصرهم فقطعتها وانتظمت منها
قلادة وألقتها في عنقها وخرجت حتى لحقت بمرضاوي بن سعوة المهري وهو ابن أختها
فأناخت بفنائه وأنشأت تقول
( يا خير معتمد وأمنع ملجا ** وأعز منتقم وأدرك طالب )
( جاءتك وافدة الثكالى تغتلي ** بسوادها فوق الفضاء
الناضب )
( عيرانة سرح اليدين شملة ** عبر الهواجر كالهزف الخاضب )
( هذي خناصر أسرتي مسرودة ** في الجيد مني مثل سمط
الكاعب )
( عشرون مقتبلا وشطر عديدهم ** صيابة ملقوم غير أشايب )
( طرقتهم أم اللهيم فأصبحوا ** تستن فوقهم ذيول حواصب )
( جزرا لعافية الجوامع بعدما ** كانوا الغياث من الزمان
اللاحب )
( قسمت رجال بني أبيهم بينهم ** جرع الردى بمخارص وقواضب )
( فابرد غليل خويلة الثكلى التي ** رميت بأثقل من صخور
الصاقب )
( وتلاف قبل الفوت ثأري إنه ** علق بثوبي داهن أو ناعب )
فقال حجر على مرضاوي الأعذبان والأحمران أو يقتل بعدد
رئام من داهن وناعب ثم قال
( أخالتنا سر النساء محرم ** علي وتشهاد الندامى على
الخمر )
( كذاك وأفلاذ الفئيد وما ارتمت ** به بين جاليها الوثية
ملوذر )
( لئن لم أصبح داهنا ولفيفها ** وناعبها جهرا براغية
البكر )
( فواري بنان القوم في غامض الثرى ** وصوري إليك من قناع
ومن ستر )
( فأني زعيم أن أروي هامهم ** وأظمئ هاما ما انسرى الليل
بالفجر )
ثم خرج في منسر من قومه فطرق ناعبا وداهنا فأوجع فيهم
قال أبو علي المؤيد الداهية والأمر العظيم والنفنف واللوح والسكاك والسكاكة
والسحاح والكبد والسمهى الهواء بين السماء والأرض يقال لأفعلن ذلك ولو نزوت في
اللوح ولو نزوت السكاك واللوح بفتح اللام العطش وقال أبو زيد أدوت له آدو أدوا إذا
ختلته قال الشاعر
( أدوت له لآخذه ** فهيهات الفتى حذرا )
ويقال دأيت له أيضا ودألت له بمعنى واحد وحرق أنيابه إذا
حك بعضها ببعض والعرب تقول عند الغضب يغضبه الرجل على صاحبه هو يحرق علي الأرم أي
الأسنان والعصل المعوجة واحدها أعصل والمعل المنجا والججوج السريعة المرة والأبلق
لا يكون نتوجا والعرب تضرب هذا مثلا للشيء الذي لا ينال فتقول طلب الأبلق العقوق فلما
فاته أراد بيض الأنوق والأنوق الذكر من الرخم ولا بيض له هذا قول بعض اللغويين
وعامتهم يقولون الأنوق الرخمة وهي تبيض في مكان لا يوصل فيه إلى بيضها إلا بعد
عناء فيراد بهذا المثل أنه طلب ما لا يقدر عليه فلما لم ينله طلب ما يجوز أن يناله
هذا على القول الثاني فأما على القول الأول فإنه طلب ما لا يمكن فلما لم يجد طلب
أيضا ما لا يكون ولا يوجد والعقوق الحامل يقال أعقت الفرس فهي عقوق ولم يقولوا معق
تركوا القياس فيه وهذا هو قول الأصمعي وقد قال بعض اللغويين يقال عقوق ومعق والذفر
يكون في النتن والطيب وهو حدة الريح والذفر بفتح الفاء لا يكون إلا في النتن ومنه
قيل للدنيا أم ذفر وللامه دفار فأما الدفر بتسكين الفاء فالدفع يقال دفر في عنقه
وخذاق كناية عما يخرج من الإنسان يقال خذق ومزق وزرق وهذا قول ابن الأعرابي
والمغالاه المباعدة في الرمي وقال الأصمعي الناضب البعيد ومنه نضب الماء أي بعد عن
أن ينال وعيرانه تشبه العير لصلابتها والسرح السهلة رجع اليدين والشملة السريعة
الخفيفة ويقال ناقة عبر أسفار إذا كانت قوية على السفر وعبر الهواجر إذا كانت قوية
على الحر وأصل
هذا كأنه يعبر بها الهواجر والأسفار والهزف والهجف
الظليم الجافي والخاضب الذي قد أكل الربيع فاحمرت طنبوباه وأطراف ريشه والظنبوب
مقدم عظم الساق ومسرودة مشكوكة ومقتبل مستأنف الشباب وأشايب أخلاط من الناس
والصيابة صميم القوم وخالصهم وأم اللهيم الداهية والحواصب الرياح التي تسفي
الحصباء والخوامع الضباع واللاحب القاشر لحبت الشيء قشرته والمخارص واحدها مخرص
وهو سكين كبير مثل المنجل يقطع به الشجر وخريص البحر خليج منه كأنه مخروص أي مقطوع
من معظمه والصاقب جبل معروف وحجر حرام والأعذبان النكاح والأكل والأحمران اللحم
والخمر والسر النكاح قال الأعشى
( فلا تنكحن جارة إن سرها ** عليك حرام فانكحن أو تأبدا )
والأفلاذ واحدها فلذ ويقال أعطيته حزة من لحم وفلذة من
لحم وحذية من لحم كل هذا ما قطع طولا فإذا أعطاه مجتمعا قيل أعطاه بضعة وهبرة وذرة
وفذرة والفئيد الشواء وهو فعيل بمعنى مفعول يقال فأدت اللحم إذا شويته والمفأد السفود
والمفتأد المشتوى والجالان الناحيتان من أعلاهما إلى أسفلهما يقال جال البئر وجول
البئر ويقال رجل ماله جول ولا معقول إذا كان ضعيف الرأي أحمق والوئية القدر
العظيمة وصوري ميلي وزعيم ضامن وكذلك قبيل وحميل وكفيل وضمين واحد ويقال من القبيل
قبلت به أقبل قبالة وقوله أروى هاما كانت العرب تقول إذا قتل الرجل فلم يدرك بثأره
خرج من هامته طائر يسمى الهامة فلا يزال يقول اسقوني اسقوني حتى يقتل قاتله فيسكن
قال ذو الإصبع العدواني
( يا عمرو إللا تدع شتمي ومنقصتي ** أضربك حيث تقول
الهامة اسقوني )
وحدثنا أبو بكر أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا
ذم رجلا فقال تسهر والله زوجته جوعا إذا سهر شبعا ثم لا يخاف مع ذلك عاجل عار ولا
آجل نار كالبهيمة
أكلت ما جمعت ونكحت ما وجدت قال أبو علي قوله إذا سهر
شبعا يعني من شدة الكظة والامتلاء وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد
بن عباد عن ابن الكلبي قال قيل لرجل من حمير ما العز فيكم قال حوط الحريم وبذل
الجسيم ورعاية الحق وقول الصدق وترك التحلي بالباطل والصبر على المناكل واجتناب
الحسد وتعجيل الصفد وحدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال حدثنا ابن جوان
صاحب الزيادي قال قال ابن محلم كنت آتي عبد الله بن طاهر في كل سنة وكانت صلتي
عنده خمسة آلاف درهم فأتيته آخر ما أتيته فشكوت إليه ضعفي ثم أنشدته
( أفي كل عام غربة ونزوح ** أما للنوى من ونية فتريح )
( لقد طلح البين المشت ركائبي ** فهل أرين البين وهو
طليح )
( وأرقني بالري نوح حمامة ** فنحت وذو الشجو الحزين ينوح )
( على أنها ناحت ولم تذر دمعة ** ونحت وأسراب الدموع
سفوح )
( وناحت وفرخاها بحيث تراهما ** ومن دون أفراخي مهامه
فيح )
( عسى جود عبد الله أن يعكس النوى ** فتضحي عصا التسيار
وهي طريح )
( فإن الغنى مدني الفتى من صديقه ** وعدم الفتى
بالمقترين نزوح
)
فتوجع له عبد الله وقال صلتك عشرة آلاف درهم في كل سنة
ولا تتعبنى إلينا فإنها توافيك في منزلك إن شاء الله ففعل وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري وأبو بكر بن دريد يزيد كل واحد منهما على صاحبه من قصيدة توبة بن الحمير
( يقول أناس لا يضيرك نأيها ** بلى كل ما شف النفوس
يضيرها )
( بلى قد يضر العين أن تكثر البكا ** ويمنع منها نومها
وسرورها )
( أرى اليوم يأتي دون ليلى كأنما ** أتت حجج من دونها
وشهورها )
( لكل لقاء نلتقيه بشاشة ** وإن كان حولا كل يوم أزورها )
( وكنت إذا ما زرت ليلى تبرقعت ** فقد رابني منها الغداة
سفورها )
( وقد رابني منها صدود رأيته ** وإعراضها عن حاجتي
وبسورها )
( حمامة بطن الواديين ترنمي ** سقاك من الغر الغوادي
مطيرها )
( أبيني لنا لا زال ريشك ناعما ** وبيضك في خضراء غض
نضيرها )
( واشرف بالقور اليفاع لعلني ** أرى نار ليلى أو يراني
بصيرها )
( وقد زعمت ليلى بأني فاجر ** لنفسي تقاها أو عليها
فجورها )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي
( ألا قاتل الله الحمامة غدوة ** على الأيك ماذا هيجت
حين غنت )
( تغنت غناء أعجميا فهيجت ** جواي الذي كانت ضلوعي أكنت )
( نظرت بصحراء البر يقين نظرة ** حجازية لو جن طرف لجنت )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم للعوام بن عقبة بن
كعب
( أأن سجعت في بطن واد حمامة ** تجاوب أخرى ماء عينيك
غاسق )
( كأنك لم تسمع بكاء حمامة ** بليل ولم يحزنك إلف مفارق )
( ولم تر مفجوعا بشيء يحبه ** سواك ولم يعشق كعشقك عاشق )
( بلى فأفق عن ذكر ليلى فانما ** أخو الصبر من كف الهوى
وهو تائق ) قال وأنشدنا أبو حاتم لرجل من بني نهشل
( ألام على فيض الدموع وانني ** بفيض الدموع الجاريات
جدير )
( أيبكي حمام الأيك من فقد إلفه ** واصبر عنها إنني
لصبور )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي عن الأصمعي قال
أنشدني منتجع بن نبهان لرجل من بني الصيداء
( دعت فوق أفنان من الأيك موهنا ** مطوقة ورقاء في
إثرآلف )
( فهاجت عقابيل الهوى اذ ترنمت ** وشبت ضرام الشوق تحت
الشراسف )
( بكت بجفون دمعها غير ذارف ** وأغرت جفوني بالدموع
الذوارف )
وقال الأصمعي من أمثالهم أينما أذهب ألق سعدا قال كان
غاضب الأضبط بن قريع سعدا فجاور في غيرهم فاذوه فقال أينما أذهب ألق سعدا أي قوما
ألقى منهم مثل ما لقيت من سعد قال ويقال محسنة فهيلي يقال ذلك للرجل يسىء في أمر يفعله
فيؤمر بذلك على سبيل الهزءبه وقال الأصمعي ومن أمثال العرب لا يرحلن رحلك من ليس
معك أى لا تدخلن في أمرك من ليس نفعه نفعك ولا ضرره ضررك ويقال المرء يعجز لا
المحالة يقول ان العجز أتى من قبله فأما الحيلة فواسعة
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد
بن يحيى
( سفيرا خروج أدلجالم يعرسا ** ولم تكتحل بالنوم عين
تراهما )
( فلم أر محتالين أحسن منهما ** ولا نازلا يقري غدا
كقراهما )
قال أبو العباس سفيرا خروج يعني غيثين والسفير المتقدم
وخروج يعني من السحاب وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي
( تذكرني أم العلاء حمائم ** تجاوبن اذ مالت بهن غصون )
( تملأ طلا ريشكن من الندى ** وتخضر مما حولكن فنون )
( الا يا حمامات اللوى عدن عودة ** فانى إلى أصواتكن
حزين )
( فعدن فلما عدن كدن يمتنني ** وكدت بأشجاني لهن ابين )
وأنشدني جحظة
( وكدت بأسرارى لهن أبين ** )
( وعدن بقرقار الهدير كأنما ** شربن حيا أو بهن حنون )
( فلم تر عيني مثلهن حمائما ** بكين ولم تدمع لهن عيون )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدني أبي
( دع ذكرهن فما تزال تشبه ** ورقاءتركب حانيا ميادا )
( تدعو حمائم أيكة بهديلها ** يخضعن حين يجبنها الأجيادا )
( ياويحهن حمائما هيجن لي ** شوقا يكاد يصدع الأكبادا )
قال أبو علي وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا أبو
حاتم عن الأصمعي لحميد بن ثور ولم يروه الأصمعي في شعر حميد
( اذا نادى قرينته حمام ** جرى لصبابتي دمع سفوح )
( يرجع بالدعاء على غصون ** هتوف بالضحى غرد فصيح )
( هفا لهديله منى اذاما ** تغردسا جعا قلب قريح )
( فقلت حمامة تدعو حماما ** وكل الحب نزاع طموح )
وأنشدني أبو بكر
( كاد يبكي أو بكى جزعا ** من حمامات بكين معا )
( ذكرته عيشة سلفت ** قطعت أنفاسه قطعا )
وأنشدنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي
قال أنشدني أبو العباس محمد بن يزيد الثمالي لعوف بن محلم
( ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ** وغصنك مياد ففيم تنوح )
( أفق لا تنح من غير شيء فانني ** بكيت زمانا والفؤاد
صحيح )
( ولوعا فشطت غربة دار زينب ** فها أنا أبكي والفؤاد
جريح )
وحدثني أبو بكر بن دريد قال خرجنا من عمان في سفر لنا
فنزلنا في أصل نخلة فنظرت فإذا فاختتان تزقوان في فرعها فقلت
( أقول لورقاوين في فرع نخلة ** وقد طفل الأمساء أو جنح
العصر )
( وقد بسطت هاتالتلك جناحها ** ومال على هاتيك من هذه
النحر )
( ليهنكما أن لم تراعا بفرقة ** ومادب في تشتيت شملكما
الدهر )
( فلم أر مثلى قطع الشوق قلبه ** على أنه يحكى قساوته
الصخر )
وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن
أبيه قال كان خنافر بن التوأم الحميري كاهنا وكان قد أوتي بسطة في الجسم وسعة في
المال وكان عاتيا فلما وفدت
وفود اليمن على النبي صلى الله عليه وسلم وظهر الاسلام
أغار على ابل لمراد فاكتسحها وخرج بأهله وماله ولحق بالشحر فخالف جودان بن يحيى
الفرضمي وكان سيدا منيعا ونزل بواد من أودية الشحر مخصبا كثير الشجر من الأيك
والعرين قال خنافر وكان رئي في الجاهلية لا يكاد يتغيب عني فلما شاع الإسلام فقدته
مدة طويلة وساءني ذلك فبينا أنا ليلة بذلك الوادي نائما اذهوى هوى العقاب فقال
خنافر فقلت شصار فقال اسمع أقل قلت قل اسمع فقال عه تغنم لكل مدة نهايه وكل ذي أمد
إلى غاية قلت أجل فقال كل دولة إلى أجل ثم يتاح لها حول انتسخت النحل ورجعت إلى
حقائقها الملل إنك سجير موصول والنصح لك مبذول وانى آنست بأرض الشام نفرامن آل
العذام حكاما على الحكام يذبرون ذار ونق من الكلام ليس بالشعر المؤلف ولا السجع
المتكلف فأصغيت فزجرت فعاودت فظلفت فقلت بم تهينمون وإلام تعتزون قالوا خطاب كبار جاء
من عند الملك الجبار فاسمع ياشصار عن أصدق الأخبار واسلك أوضح الآثار تنج من أوار
النار فقلت وما هذا الكلام فقالوا فرقان بين الكفر والايمان رسول من مضر من أهل
المدر ابتعث فظهر فجاء بقول قد بهر وأوضح نهجا قددثر فيه مواعظ لمن اعتبر ومعاذ
لمن ازدجر ألف بالآى الكبر قلت ومن هذا المبعوث من مضر قال أحمد خير البشر فان آمنت
أعطيت الشبر وان خالفت أصليت سقر فآمنت يا خنافر وأقبلت اليك أبادر فجانب كل كافر
وشايع كل مؤمن طاهر وإلا فهو الفراق لاعن تلاق قلت من أين أبغي هذا الدين قال من
ذات الآحرين والنفر اليمانين أهل الماء والطين قلت أوضح قال الحق بيثرب ذات النخل
والحرة ذات النعل فهناك أهل الطول والفضل والمواساة والبذل ثم أملس عني فبت مذعورا
أراعي الصباح فلما برق لي النور امتطيت راحلتي وآذنت أعبدي واحتملت بأهلى حتى وردت
الجوف فرددت الإبل على أربابها بحولها وسقابها وأقبلت أريد صنعاء فأصبت بها معاذ
بن جبل أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فبايعته على الإسلام وعلمني سورا من القرآن فمن الله على
بالهدى بعد الضلاله والعلم بعد الجهاله وقلت في ذلك
( الم ترأن الله عاد بفضله ** فأنقذ من لفح الزخيخ
خنافرا )
( وكشف لي عن حجمتى عماهما ** وأوضح لي نهجي وقد كان
داثرا )
( دعاني شصار للتي لورفضتها ** لأصليت جمرا من لظى الهوب
واهرا )
( فأصبحت والإسلام حشو جوانحي ** وجانبت من أمسى عن الحق
نائرا )
( وكان مضلى من هديت برشده ** فله مغو عاد بالرشد آمرا )
( نجوت بحمد الله من كل قحمة ** تؤرث هلكا يوم شايعت
شاصرا )
( وقد أمنتنى بعد ذاك يحابر ** بما كنت أغشى المنديات
يحابرا )
( فمن مبلغ فتيان قومي ألوكة ** بأني من أقتال من كان
كافرا )
( عليكم سواء القصد لافل حدكم ** فقد أصبح الإسلام للكفر
قاهرا )
قال أبو علي اكتسحهاكنسها يقال كسحت البيت وقممته وخممته
وسفرته كلهابمعنى واحد والمقمة والمخمة والمكسحة والمسفرة كلها المكنسة والخمامة
والسباطة والكساحة والقمامة والكبا مقصور كل ما كنسته من البيت فألقيته من قماش وتراب
والكباء ممدود البخور يقال قد كباثوبه اذا بخره وفي رئى لغتان يقال رئى ورئى وهو
ما يتراءى للإنسان من الجن والحول التحول والسجير الصديق والشجير بالشين معجمة
الغريب وقد قال بعض اللغويين يقال السجير والشجير للصديق وآنست أبصرت قال الله عز
وجل { فإن آنستم منهم رشدا } والعذام قبيلة من الجن كذا قال أبو بكر ويقال ذبرت
الكتاب اذا قرأته وزبرته اذا كتبته وقد قالوا ذبرته وزبرته بمعنى واحد اذا كتبته
وظلفت منعت قال الشاعر
( ألم أظلف عن الشعراء عرضي ** كما ظلف الوسيقة بالكراع )
والأوارشدة الحر والشبر الخير وحرك للسجع كما حركه
العجاج لا قامة الشعر قال
( الحمد لله الذي أعطى الشبر ** موالي الخير إن المولى
شكر )
وقال الأصمعي جمع الحرة حرار وحرون وإحرون والنعل المكان
الغليظ من الحرة وآذنت أعلمت والحول جمع حائل وهي الانثى من أولاد الإبل والسقاب
جمع سقب وهو الذكر وقال أبو بكر الزخيخ بلغة أهل اليمن النار والجحمتان العينان بلغتهم
قال شاعرهم وأكل أمه الذئب
( فيا حجمتا بكى على أم واهب ** أكيلة قلوب ببعض المذانب )
والقلوب والقليب بلغتهم الذئب والهوب النار بلغتهم
والواهر الساكن مع شدة الحر وكل هذه الأحرف من لغتهم ونائر نافر والقحمة الشدة
والأقتال الأعداء والأقتال الأقران واحدهم قتل قال أبو على التفسير لأبي بكر من
قوله والزخيخ بلغة أهل اليمن النار إلى قوله نائر وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال
أنشدنا أبو الحسن بن البراء قال أنشدني ابراهيم بن سهل لقيس بن ذريح قال والناس
ينحلونها غيره وبعضهم يصححها له وأنشدنا أبي عن أحمد بن عبيد عن أبي عمرو
والشيباني عن قيس المجنون
( سأصرم لبنى حبل وصلك مجملا ** وان كان صرم الحبل منك
يروع )
( وسوف اسلى النفس عنك كما سلا ** عن البلد النائي
البعيد نزيع )
( وان مسنى للضر منك كآبة ** وان نال جسمي للفراق خشوع )
( سقى طلل الدار التي أنتم بها ** بشرقى لبنى صيف وربيع )
( يقولون صب بالنساء موكل ** وما ذاك من فعل الرجال بديع )
( مضى زمن والناس يستشفعون بي ** فهل لي إلى لبنى الغداة
شفيع )
( أياحرجات الحى حيث تحملوا ** بذي سلم لا جادكن ربيع )
( وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوى ** بلين بلى لم تبلهن
ربوع )
( إلى الله أشكو نية شقت العصا ** هي اليوم شتى وهى أمس
جميع )
( وما كاد قلبي بعد ايام جاوزت ** إلى بأجراع الثدى يريع )
( فان انهمال العين بالدمع كلما ** ذكرتك وحدى خاليا
لسريع )
( فلو لم يهجني الظاعنون لها جنى ** حمائم ورق في الديار
وقوع )
( تجاوبن فاستبكين من كان ذا هوى ** نوائح ما تجري لهن
دموع )
( لعمرك اني يوم جرعاء مالك ** لعاص لأمر المرشدين مضيع )
( ندمت على ما كان منى فقدتنى ** كما يندم المغبون حين
يبيع )
( اذا مالحاني العاذلات بحبها ** أبت كبد مما أجن صديع )
( وكيف أطيع العاذلات وحبها ** يؤرقني والعاذلات هجوع )
( عدمتك من نفس شعاع فانني ** نهيتك عن هذا وأنت جميع )
( فقربت لي غير القريب وأشرقت ** هناك ثنايا مالهن طلوع )
( فضعفني حبيك حتى كأنني ** من الأهل والمال والتلاد
خليع )
( وحتى دعاني الناس أحمق مائقا ** وقالوا مطيع للضلال
تبوع )
( قال وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا عبد الله
بن خلف لقيس المجنون
( راحوا يصيدون الظباء وإنني ** لأرى تصيدها على سعراما )
( أشبهن منك سوالفا ومدامعا ** فأرى على لها بذاك ذماما )
( أعززعلى بأن أروع شبيهها ** أو أن يذقن على يدى حماما )
قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى
قال ذكر أعرابي رجلا فقال ماله لمج أمه فرفعوه إلي السلطان فقال إنما قلت ملج أمه
قال أبو بكر قال أبو العباس لمجها نكحها وملجها رضعها وقرأت على أبي عمرو عن أبي
العباس
عن ابن الأعرابي قال اختصم شيخان غنوي وباهلي فقال
أحدهما لصاحبه الكاذب محج أمه قال الآخر انظروا ما قال لي الكاذب محج أمه أي جامع
أمه فقال الغنوي كذب ما قلت له هكذا إنما قلت له الكاذب ملج أمه يقال ملج يملج
وملج يملج ولمج يلمج إذا رضع قال أبو علي يقال محجها ومخجها ونخجها وهو مأخوذ من قولهم
مخجت الدلو في البئر إذا حركتها لتمتلئ ونخجتها أيضا بالنون وأنشدنا أبو بكر قال
أنشدنا أبو العباس لمسكين بن عامر الحنظلي
( أصبحت عاذلتي معتلة ** قرمت بل هي وحمي للصخب )
( أصبحت تتفل في شحم الذرى ** وتعد اللوم درا ينتهب )
( لا تلمها إنها من نسوة ** ملحها موضوعة فوق الركب )
قال أبو العباس الوحم الشهوة على الحمل فجعله ههنا للصخب
قال أبو علي قال أبو بكر عن أبي العباس قوله تتفل في شحم الذرى يعني أنها تتفل على
إبلي وتعوذها من العين لتعظمها في عيني فلا أهبها وتعد اللوم درا ينتهب أي من حرصها
عليه وقوله ملحها موضوعة فوق الركب حكى عن الأصمعي أنه قال كانت زنجية حبشية
والملح السمن يقال تملح وتحلم إذا سمن فيقول سمنها فوق ركبتيها أي في عجيزتها وقال
أبو عمرو الشيباني ملحها موضوعة فوق الركب أي أنها بخيلة تضع ملحها فوق ركبتيها
فهي تأمرني بذلك وقال غيرهما من اللغويين قوله ملحها موضوعة فوق الركب أي أنها
سريعة الغضب يقال للسريع الغضب ملحه فوق ركبتيه وكذلك غضبه على طرف أنفه وحدثنا
أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال وقف علينا أعرابي ونحن برملة اللوى فقال
رحم الله امرأ لم تمجج أذناه كلامي وقدم معاذة من سوء مقامي فإن البلاد مجدبه
والحال مسغبه والحياء زاجر يمنع من كلامكم والفقر عاذر يدعو إلى أخباركم والدعاء
أحد الصدقتين فرحم الله
امرأ أمر بمير أو دعا بخير فقلت ممن أنت يرحمك الله فقال
اللهم غفرا سوء إلاكتساب يمنع من الانتساب وحدثنا أبو بكر قال حدثنا العكلي عن
الحرمازي عن ابن الكلبي أن رجلا أغلظ لعمرو بن سعيد بن عمرو بن العاص فقال له عمرو
مهلا عمرو ليس بحلو المذاقه ولا رخو الملاكه ولا الخسيس ولا المخسوس ولا النكس
الشكس الهالك فهاهه الجاهل سفاهه والله ما أنا بكهام اللسان ولا كليل الحدو لاعي
الخطاب ولا خطل الجواب أيهات جاريت والله الأسنان وجرستني الأمور ولقد علمت قريش
أني ساكن الليل داهية النهار لا أنهض لغير حاجتي ولا أتبع أفياء الظلال وإنك أيها
الرجل لأبيض أملود رقيق الشعره نقي البشره صاحب ظلمات ووثاب جدرات وزوار جارات قال
أبو علي المجرس والمضرس والمقتل والمنجد الذي قد جرب الأمور وعرفها والفه العي الكليل
اللسان كذا قال أبو زيد قال ويقال جئت لحاجة فأفهني عنها فلان حتى فههت إذا
أنساكها والأملود الناعم قال ذو الرمة
( خراعيب أملود كأن بنانها ** بنات النقى تخفى مرارا
وتظهر )
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت
أعرابيا يذكر قومه فقال كانوا والله إذا اصطفوا تحت القتام خطرت بينهم السهام
بوفود الحمام وإذا تصافحوا بالسيوف فغرت المنايا أفواهها فرب يوم عارم قد أحسنو
أدبه وحرب عبوس قد ضاحكتها أسنتهم وخطب شيز قد ذللوا مناكبه ويوم عماس قد كشفوا ظلمته
بالصبر حتى ينجلي إنما كانوا البحر الذي لا ينكش غماره ولا ينهنه تياره قال أبو
علي قوله فغرت فتحت قال حميد بن ثور
( عجبت لها أنى يكون غناؤها ** فصيحا ولم تفغر بمنطقها
فما )
والشئز المقلق والشأز والشأس الأرض الغليظة قال العجاج
( أن ينزلوا بالسهل بعد الشأس ومنه سمى الرجل شأسا
والعماس الشديد وينكش
ينزح ويقال قليب عيلم لا يغضغض ولا يؤبى ولا ينكف ولا
ينكش ولا يفتح ولا يغرض ولا ينزح ولا ينزف قال أبو علي يجوز فتح الغين الثانية
وكسرها من يغضغض وفتح الراء وكسرها من يغرض ولا يجوز في يؤبى إلا كسر الباء فقط
كذا قال لي أبو عمرو المطرز حدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد قال قيل لرجل
من حمير مالداء العضال قال هوى محرض وحسد ممرض وقلب طروب ولسان كذوب وسؤال كديد
ومنع حجيد ورشد مطرح وغنى ممتنح قال أبو علي الحرض الساقط الذي لا يقدر على النهوض
يقال أحرضه الله إحراضا والكديد الذي يكد لا المسؤل وحجيد يابس لا بلل فيه قال أبو
زيد يقال رجل حجد وقد حجد اذا كان قليل الخير وأرض حجدة يابسة قليلة الخير
والممتنح المستعار وأصله من المنحة والمنيحة وهو أن يعطى الرجل الرجل الشاة أو
الناقة يحتلبها وينتفع بصوفها إلى مدة ثم يردها إلى صاحبها قال أبو زيد من أمثال
العرب من أجدب انتجع يقوله الرجل عند كراهته المنزل والجوار وقلة ماله قال أبو علي
ومن أمثالهم الحجش لما بذك الأعيار يقول عليك بالحجش اذا فانتك الأعيار يضرب مثلا
للرجل يطلب الأمر غير الخسيس فيفوته فيقول له اطلب دون ذلك ومن أمثالهم ياحبذا التراث
لولا الذلة زعموا أن رجلا مات فبعث أخوه إلى أمرأته أن ابعثى إلى بعشاء أخى فبعثت
به فرآه كثيرا فقال يا حبذا التراث لولا الذلة يقول التراث حلو لولا أن أهل بيته
يقلون ويقال أصلح غيث ما أفسد برده يضرب مثلا للرجل يكون فاسدا ثم يصلح وأنشدنا
ابن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( بكيت إلى سرب القطا إذا مررت بي ** وقلت ومثلى بالبكاء
جدير )
( أسرب القطا هل من يعير جناحه ** لعلى إلى من قد هويت
أطير )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
لأبي المطرز العنبري
( ايا أبرقى مغنى بثينة أسعدا ** فتى مقصدا بالشوق فهو
عميد )
( ليالي منا زائر متهالك ** وآخر مشهور ففيه صدود )
( على أنه مهدي السلام وزائر ** إذا لم يكن ممن يخاف
شهود )
( وقد كان في مغنى بثينة لو بدت ** عيون مها تبدو لنا
وخدود )
وأنشدنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي
قال أنشدنا محمد بن الحسن بن الحرون
( ولما رأت أن النوى أجنبية ** وأن خليلا من غد سيبين )
( بكت فبكى من لاعج الشوق والأسى ** وكل بكل أن يبين
ضنين )
( فقلت ولم أملك سوابق عبرة ** على الخد مني فالدموع
هتون )
( لقد كنت أبكي قبل أن تشحط النوى ** فكيف إذا ما غبت
عنك أكون )
قال أبو محمد وأنشدنا أيضا
( ولما رأت أن قد عزمت وراعها الفراق ** بكت والالف يبكي
من البين )
( لعمري لئن أبكيت بالسير عينها ** لقد طالما أبكت
بأعراضها عيني )
قال الأصمعي يقال بنى سافا وسطرا وسطرا أو مدماكا كله
بمعنى واحد وهو السطر من الطين واللبن وأنشدنا بعض أصحاب أبي العباس المبرد لأبي
العباس
( أقسم بالمبتسم العذب ** ومشتكى الصب إلى الصب )
( لو كتب النحو عن الرب ** ما زاده إلأ عمى قلب )
قال أبو علي فحكى لنا أن أبا العباس ثعلبا أنشد هذين
البيتين فقال متمثلا
( أسمعني عبد بني مسمع ** فصنت عنه النفس والعرضا )
( ولم أجبه لاحتقاري له ** ومن يعض الكلب إن عضا )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم أو عبد الرحمن عن
الأصمعي الشك من أبي علي
( اقرأ على الوشل السلام وقل له ** كل المشارب مذ هجرت
ذميم )
( سقيا لظلك بالعشي وبالضحى ** ولبرد مائك والمياه حميم )
( لو كنت أملك منع مائك لم يذق ** ما في قلاتك ما حييت
لئيم )
قال أبو علي القلات جمع قلت والقلت النقرة تكون في
الصخرة وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لهلال المازني واغترب عن
قومه
( أقول لناقتي عجلي وحنت ** إلى الوقبى ونحن على جراد )
( أتاح الله يا عجلي بلادا ** هواك بها مربات العهاد )
( وأسقاها فرواها بودق ** فخارجة كأطراف مراد )
( فما عن بغضة منا وزهد ** تبدلنا بها عليا مراد )
( ولكن الحوادث أجهضتنا ** عن الوقبي وأطراف الثماد )
قال أبو علي أجهضتنا أخرجتنا يقال أجهضت الناقة إذا ألقت
ولدها لغير وقته قال الأصمعي ومن أمثال العرب هذا ولما تردي تهامه يضرب مثلا للرجل
يجزع قبل وقت الجزع ويقال عرف حميق جمله يضرب مثلا للرجل قد عرف الرجل فاجترأ عليه
ويقال من استرعى الذئب ظلم يراد به من ولى غير الأمين فالظلم جاء من عنده ويقال
خرقاء وجدت صوفا يضرب مثلا للرجل المفسد يقع في يده مال فيعيث فيه وقال يعقوب بن
السكيت العرب تقول للأقيمن ميلك وجنفك ودرأك وصغاك وصدغك وقذلك وضلعك كله بمعنى
واحد يقال ضلع فلان مع فلان أي ميله وقال غيره فأما الضلع فحلقة تكون في الإنسان
وقرأت على أبي بكر بن دريد لأبي كبير الهذلي ( نضع السيوف على طوائف منهم ** فنقيم
منهم ميل ما لم يعدل )
الطوائف النواحي الأيدي والأرجل والرؤوس وقوله ميل ما لم
يعدل قال ميله فضله وزيادته وإنما يريد أن هؤلاء القوم كانوا غزوهم فقتلوهم فكأن
ذلك القتل ميل على هؤلاء القوم ثم إن هؤلاء القوم المقتولين غزوهم بعد فقتلوهم
فكأن قتلهم لهم قيام للميل
وهذا كقول ابن الزبعرى وأقمنا ميل بدر فاعتدل يقولها في
يوم أحد يقول اعتدل ميل بدر إذ قنلنا مثلهم يوم أحد يروى
( تقع السيوف على طوائف منهم ** فيقام منهم ميل ما لم
يعدل )
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا السكن بن سعيد عن
العباس بن هشام عن أبيه قال كان مصاد بن مذعور القيني رئيسا قد أخذ مرباع قومه
دهرا وكان ذا مال فند ذود من أذواد له فخرج في بغائها قال فإني لفي طلبها إذ هبطت
واديا شجيرا كثيف الظلال وقد تفسخت أينا فأنخت راحلتي في ظل شجرة وحططت رحلي ورسغت
بعيري واضطجعت في بردي فإذا أربع جوار كأنهن اللآلي يرعين بهما لهن فلما خالطت
عيني السنة أقبلن حتى جلسن قريبا مني وفي كف كل واحدة منهن حصيات تقلبهن فخطت
إحداهن ثم طرقت فقالت قلن يا بنات عراف في صاحب الجمل النياف والبرد الكثاف والجرم
الخفاف ثم طرقت الثانية فقالت مضل أذواد علا كد كوم صلاخد منهن ثلاث مقاحد وأربع
جدائد شسف صمارد ثم طرقت الثالثة فقالت رعين الفرع ثم هبطن الكرع بين العقدات
والجرع فقالت الرابعة ليهبط الغائط الأفيح ثم ليظهر في الملا الصحصح بين سدير
وأملح فهناك الذود رتاع بمنعرج الأجرع قال فقمت إلى جملي فشددت عليه رحله وركبت
ووالله ما سألتهن من هن ولا ممن هن فلما أدبرت قالت إحداهن أبرح فتى إن جد في طلب
فماله غيرهن نشب وسيثوب عن كثب ففزع قلبي والله قولها فقلت وكيف هذا وقد خلفت
بوادي عرجا عكامسا فركبت السمت الذي وصف لي حتى انتهيت إلى الموضع فإذا ذودي رواتع
فضربت أعجازهن حتى اشرفت على الوادي الذي فيه إبلي فإذا الرعاء تدعو بالويل فقلت
ما شأنكم قالوا أغارت بهراء على إبلك فأسحفتها فأمسيت والله مالي مال غير الذود
فرمى الله في نواصيهن بالرغس وإني اليوم لأكثر بني القين مالا وفي ذلك أقول
( هو الدهر آس تارة ثم جارح ** سوانحه مبثوثة والبوارح )
( فبينا الفتى في ظل نعماء غضة ** تبا كره أفياؤه وتراوح )
( إلى أن رمته الحادثات بنكبة ** تضيق به منها الرحاب
الفسائح )
( فأصبح نضوا لا ينوء كأنما ** بأعظمه مما عراه القوادح )
( فما خلتني من بعد عرج عكامس ** أقسسى أذوادا وهن روازح )
( حدابير ما ينهضن إلا تحاملا ** شواسف عوج أسأرتها
الجوائح )
( فيا واثقا بالدهر كن غير آمن ** لما تنتضيه الباهظات
الفوادح )
( فلست على أيامه بمحكم ** إذا فغرت فاها الخطوب الكوالح )
( مجيرك منه الصبران كنت صابرا ** وإلا كما يهوى العدو
المكاشح )
قال أبو علي المرباع ربع الغنيمة قال الأصمعي يقال ربع
فلان في الجاهلية وخمس في الإسلام وذلك أن أهل الجاهلية كان الرئيس منهم يأخذ ربع
الغنيمة وأنشد غير الأصمعي
( منا الذي ربع الجيوش لصلبه ** عشرون وهو يعد في
الأحياء )
وأنشدنا الأصمعي
( لك المرباع منها والصفايا ** وحكمك والنشيطة والفضول )
قال ويقال ربع الجيش يربعه رباعة إذا أخذ ربع الغنيمة وربع الوتر يربعه ربعا إذا
فتله على أربع قوى وربع القوم يربعهم ربعا إذا كانوا ثلاثة فصار رابعهم وربع الحجر
ربعا إذا احتمله وقال غيره ربعت عليه إذا عطفت ويقال ربعت رفقت قال الحطيئة
( لعمري لعزت حاجة لو طلبتها ** أمامي وأخرى لو ربعت لها
خلفي )
وربعت عن الأمر كففت عنه قال رؤبة هاجت ومثلي نوله أن
يربعا وقال أبو نصر ربع عليه فهو يربع ربعا إذا كف عنه يقال اربع على نفسك يريد كف
وارفق